عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

الشوارع... «جراجات» مفتوحة

بوابة الوفد الإلكترونية

 

 

تعد مشكلة تكدس السيارات فى الشوارع واحدة من أهم المشكلات التى يعانى منها الشارع المصرى فى كل المحافظات تقريباً، ومع اختفاء «الجراجات» التى نص القانون على ضرورة وجودها أسفل العمارات، ما زالت مشكلة ركن السيارات مستمرة، حيث يلجأ المواطنون إلى ركن سياراتهم فى الشوارع ما يتسبب فى حدوث الاختناقات المرورية ونشوب النزاعات بينهم وبين بعضهم البعض، وفى ظل الاتجاه إلى ضبط حركة العمران وتحسين المظهر الحضارى للقاهرة والمحافظات أصبح إيجاد حل لهذه المشكلة واحداً من أهم العوامل التى يجب أن تسعى الحكومة لها لتحقيق النقلة الحضارية التى يرنو إليها الجميع.

مَن يتجول فى شوارع القاهرة والمحافظات المختلفة ستواجهه ظاهرة ركن السيارات فى الشوارع، فلا يكاد يخلو شارع رئيسى أو خلفى من وجود سيارات على صفيه، بالإضافة إلى ركنها صف ثانى وثالث أحياناً ما يعيق حركة المرور، ما حول معظم الشوارع إلى جراجات مفتوحة، وغالباً ما تتعطل حركة المرور فى الشوارع بسبب هذه السيارات، ويتطور الأمر فى كثير من الأحيان لحدوث مشكلات بين المواطنين بسبب صعوبة الحركة فى الشوارع، أو الخلاف

وجدير بالذكر أنه تم الإعلان فى العام الماضى عن تطبيق قانون البناء الموحد لسنة 2008، لتنظيم عمليات البناء العمرانى وآلية استصدار التراخيص وحالات سحبه، فضلاً عن إيضاح الالتزامات الواجبة على المواطنين فيما يخص إنشاء المبانى أو إجراء أى نوع من التعديلات بها، حيث نصت المادة (48) على أن يلتزم طالب الترخيص بتوفير أماكن مخصصة لإيواء السيارات يتناسب عددها والمساحة اللازمة لها وتصميمها مع الغرض من المبنى، وذلك وفقًا للاشتراطات التخطيطية للمنطقة وأحكام كود الجراجات فى الكود المصرى لاشتراطات الأمان للمنشآت متعددة الأغراض، ووفقًا للقواعد التى تبينها اللائحة التنفيذية لهذا القانون.

وبالرغم من ذلك النص الصريح، فإن الأحياء والمدن والمحليات تتعمد التغاضى عن تنفيذ القانون، كما أن الجراجات التى يتم إنشاؤها فى حالة الالتزام بالقانون غالباً ما تكون غير مطابقة للمواصفات، فنجد مثلاً الجراج به فتحة واحدة تستخدم لدخول وخروج السيارات، فى حين أن القانون يشترط ضرورة إقامة فتحتين واحدة للدخول والأخرى للخروج، الأمر الذى ينتج عنه فى النهاية لجوء المواطنين إلى استخدام الشارع كجراج، وبالتالى حدوث تكدس مرورى، بالإضافة إلى ظهور مجموعة من البلطجية الذين يتحكمون فى الشارع وفقا لأهوائهم، بالإضافة إلى تأخر الكثيرين عن مواعيد العمل بسبب الارتباك الشديد وضياع الوقت فى البحث عن مكان لركن سيارتهم.

ويقول أبوعبدالله، موظف حكومى، إنه دائمًا ما يعانى من التأخير عن عمله، بسبب البحث عن ركنة مناسبة لسيارته، مطالبًا بوجود جراجات ضمن رخصة البناء، ومنع تحويلها إلى محال تجارية على مرأى ومسمع من المسئولين، أو أنشطة سكنية وتجارية بالشكل الذى يهدد سلامة وأمن العقار كله، ومنعًا لحدوث تكدسات مرورية يتذمر منها المواطنون، بسبب تحويل الشوارع الرئيسية والفرعية إلى جراجات عامة وساحات انتظار عشوائية، وهو ما يهدد السلم الاجتماعى مع ظهور أعمال البلطجة بسبب فتوات تلك الجراحات المفتوحة.

ويضيف إبراهيم خالد أنه دائمًا ما يرى المشاحنات والمشاجرات أسفل البناء الذى يعيش فيه فى منطقة دار السلام، فالشارع الذى يقيم فيه تركن السيارات على جانبيه، ويحتل الباعة الجائلون جزءاً كبيراً منه، ولا يتبقى للمشاة إلا مكان صغير يتشاحنون ويتشاجرون على السير فيه، مؤكدًا أن هذه المشكلة ليست مشكلة دار السلام وحدها إنما هذا هو حال معظم شوارع وأحياء ومراكز المحافظات عموماً، مؤكدًا على أن الحل الأساسى والرئيسى يكمن فى تطبيق القانون ـ بشدة ـ على أصحاب العمارات والأبراج، التى لا تحتوى على جراجات للسيارات، خاصة وأنه يعتبر شرطاً من شروط الحصول على التراخيص فى قانون البناء الموحد. 

فى حين تقول دعاء المتولى، إنها تسكن فى فيصل، وعند ذهابها إلى أى مكان بسيارتها ترى حوادث ومشاكل متكررة بسبب الجراجات، لافتة إلى أن الجراجات العشوائية، أصبحت سرطاناً منتشراً فى كل مكان، يحكمها عدد من البلطجية والخارجين على القانون، والذين ليس لديهم عمل، يفرضون إتاوات على أصحاب السيارات مقابل ركن سياراتهم، يقومون بالاستيلاء

على منطقة معينة فى شارع او ميدان، ويحتكرونها، ويحولونها إلى «جراج ملاكى» وكأن هذه الأرض ملك لهم بدون رقيب او حسيب.

 

ومن هذا المنطلق يقول دكتور صالح عزب، أستاذ الاقتصاد البيئى، ومستشار وزير البيئة الأسبق، أنه عبر عقود من التجريف الثقافى فقد المواطن الإحساس بالانتماء للوطن، وأصبح لا يفكر إلا فى مصلحته الخاصة فقط، أما المصلحة العامة فلا يعتقد بوجودها، فضاع احترام الفضاء العام، وأصبح انتهاك الملكية العامة أمراً مقبولاً ومستساغاً، كما ظهرت مشكلة الجراجات فى ظل غياب دور الهيئات الحكومية وخاصة الأحياء، لذا من المفترض حماية الملكية العامة التى لا تخص شخصاً بمفرده، وإنما تخدم مجموع الشعب وتؤثر فى جمال وهدوء ونظافة الشارع المصرى.

وأكد «عزب» أن البعض استغل فترات غض البصر عن تطبيق القانون على مدار سنوات وارتكبوا مخالفات تغيير نشاط الجراجات واستغلوها فى غير الأغراض المخصصة لها، ولم تعد تؤدى دورها المنوط فى إيواء السيارات، بل تحولت لأنشطة تجارية واستقر وضعها بصور وأشكال عديدة، مشيرًا إلى أن حماية الملكية العامة هو دور الحكومة والأحياء بالذات، ولكن من المعروف أن الأحياء تغلغلت فيها الرشوة والمحسوبيات، وهو ما يفسر حالة الفوضى التى تعم الشارع.

وأشار استاذ الاقتصاد البيئى إلى أن المسئولية الأخطر تقع على عاتق رجال الشرطة وخاصة المرور، فلو أن هناك رقابة مستمرة وتواجداً مستديماً لعناصرها، مع الحزم فى تطبيق القوانين، ما سادت فوضى المرور بالشوارع، لافتًا إلى أنه إذا كانت سيارات الشرطة نفسها يمكن ان تسير عكس اتجاه الشارع، او تركن فى الممنوع، فكيف نطلب من المواطن احترام قواعد لا يحترمها المسئولون عن تطبيقها.

أما عن الرقابة على الأحياء، فهناك عدة جهات أولها الرقابة الادارية ولكنها لا تراقب الملكيات الخاصة، بل تراقب القطاعات والهيئات الادارية لكنها تركز على الرشوة والاختلاس فقط لأنها تزيد من موارد الحكومة، ولا تهتم مطلقاً بكفاءة أداء المهام الوظيفية، أما الجهات الأخرى، مثل مديريات الإسكان ومديرى الإدارات الهندسية المسئولين عن عمليات البناء وإصدار التراخيص ومواجهة المخالفات البنائية، والإدارات الهندسية بمديريات الإسكان والمحافظين ورؤساء الأحياء فلهم دور فى متابعة وإنفاذ القانون بالتعاون مع الإدارات العامة للمرور بالمحافظات، ولكن الأحياء هى هى المسئولة عن متابعة رخصة الجراج وتنفيذه، وإذا ما استخدمه صاحبه لمصلحته الخاصة، ما يضطر السكان لترك سياراتهم فى الشارع.

واختتم مستشار وزير البيئة الأسبق حديثه قائلًا: إن المسئول الفعلى عن هذه المشكلة هو الأحياء وشرطة المرور التى لا تهتم سوى بعمل كمائن تسد الشوارع وتعيق الحركة فيها لمجرد تحصيل مخالفات لزيادة الإيرادات، وكل ضابط يحاول تصريف دفتر المخالفات بأقصى سرعة لينتهى من مهمته ويذهب لبيته، وتظل فوضى المرور بالشوارع.