رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

«البيه السايس».. بلطجى بصفارة !!

بوابة الوفد الإلكترونية

 

بعد إقرار قانون تنظيم مهنة السايس، اعتقد البعض أن هذه المهنة التى تحولت إلى بلطجة مقننة انتهت إلى غير رجعة، ولكن واقع الحال أكد أنها لم تنته بل إنها فى تزايد مستمر، ففى كل شارع نجد شخصاً يحمل فى يده «صافرة» أو فوطة صفراء، يظهر فجأة حينما تحاول أن تسير بسيارتك التى ركنتها من قبل دون مساعدة منه، وفى الشوارع المزدحمة خاصة فى وسط القاهرة تجد شخصاً أو أكثر يقومون بهذه المهمة، حيث قسموا الشوارع إلى مناطق حماية فرضوا سيطرتهم عليها مستغلين عدم وجود أماكن محددة لركن السيارات فى وسط العاصمة، ليحصلوا على مئات الجنيهات يومياً دون أى مجهود.

«صافرة ترهب المحيطين به فى فمه - فوطة برتقالية اللون– صوت عال مع بعض السباب لإرهاب مالكى السيارات، وطوبة أو فردة كاوتش، بهذه الأدوات يمكن لأى شخص أن يحتل مساحة من الشارع، وكأنها إرث له، يمسك دفتر تذاكر فى يده، لإيهامك بأنه يعمل رسمياً وبشكل قانونى»، وفى المقابل يحصل على آلاف الجنيهات أسبوعياً، فهذا الشخص لا يتركك إلا إذا دفعت مقدماً مبلغ يتراوح بين 20 و40 جنيهاً لركن سيارتك، حسب شطارته وقدرته على إقناعك بمهمته العظيمة!

فقد تحول هؤلاء من مهنة حراسة السيارات فى الشوارع إلى بلطجية، يفرضون على المواطنين دفع مبالغ مقابل ركن سيارتهم وفى حالة عدم الحصول على المبلغ المطلوب يقومون بإتلاف السيارات، ورغم صدور قانون ينظم عملهم، فإنه أصبح حبراً على ورق.

وكان المجتمع المصرى يتوقع نهاية البلطجة مع قانون السايس الجديد، الذى ينص على أن يعاقب من يعمل فى مهنة السايس دون الحصول على رخصة، بالحبس مدة لا تزيد على 6 أشهر وغرامة لا تزيد على 10 آلاف جنيه ومع تحديد أماكن وأوقات انتظار السيارات فى بعض الأماكن زاد الأمل فى التخلص من هذه المهنة الدخيلة التى أرّقت المجتمع طوال السنوات الماضية، حيث بدأت محافظة الجيزة تطبيق هذه التجربة فى العجوزة والدقى، حيث تم اعتماد اللائحة فى العام الماضى وهى 10 جنيهات للانتظار المؤقت للسيارة الملاكى، و20 جنيهاً للسيارة نصف النقل، و30 جنيهاً للانتظار المؤقت للحافلات الكبيرة، و300 جنيه شهريًا للمبيت أسفل العقار.

 

واشترط القانون فيمن يرخص له بمزاولة نشاط تنظيم انتظار المركبات، إجادة القراءة والكتابة، وألا تقل سنه عن ۲۱ سنة حينما يقدم طلب الترخيص للجنة المختصة، وأن يكون قد أدى الخدمة العسكرية أو أعفى من أدائها قانوناً، وأن يكون حاصلاً على رخصة قيادة سارية، والحصول على شهادة صحية من الطب الشرعى أو المعامل المركزية بوزارة الصحة تفيد عدم تعاطيه المواد المخدرة، وألا يكون قد سبق الحكم عليه بعقوبة جناية أو فى جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة أو فى إحدى جرائم المخدرات أو التعدى على النفس، ما لم يكن قد رد إليه اعتباره، وتقدم طلبات استخراج رخصة مزاولة نشاط تنظيم انتظار المركبات إلى اللجنة المختصة لتتولى فحصها واتخاذ القرارات فى شأنها، وفقاً للإجراءات التى تحددها اللائحة التنفيذية لهذا القانون، وتسرى الرخصة لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد، ويجب على المرخص له تقديم طلب التجديد خلال الشهر الأخير من مدة الترخيص، وتئول نسبة (٧٠٪) من حصيلة تلك الرسوم لصالح المحافظات وأجهزة المدن التابعة لهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، لكن للأسف الشديد رغم صدور القانون 150 لسنة 2020 إلا أنه لم يدخل حيز التنفيذ إلا بنسبة تتراوح بين 5% إلى 7 % وينعدم تماماً هذا القانون فى الأقاليم والمحافظات التى بها كثافة سكانية عالية.

 اقتربنا من المشهد أكثر وتحدثنا مع أصحاب السيارات الملاكى الذين يشغلون الشارع بسياراتهم، ليقول محمد عطا: «أحس بأننى أحمل عبئاً ثقيلاً على ظهرى حينما أصل الى العمل ولا أجد مكاناً لركن السيارة وأضطر للف والدوران حول المصلحة عدة مرات بحثاً عن مكان، ولكن السايس يمكنه بسهولة إيجاد هذا المكان»، وأضاف أن هذه عشوائية منظمة تحكمها المادة أو ثمن «الركن» والحل كما يرى عطا هو تفعيل القانون وبسط الأحياء سيطرتها على المواقف وإيجاد مساحات لإنشاء العديد من الجراجات العامة حتى نتخلص من بلطجة السايس.

فيما قال هشام أيوب، موظف، «دى مافيا كبيرة وفى شوارع كتير ممنوع الانتظار فيها بمجرد إنك تدفع لهم بتبقى متأمن من أى مخالفة أو رفع السيارة بالونش»، لافتًا إلى أنه فى وسط البلد وخاصة بجوار المصالح الحكومية نرى ما يسمى بـ«السايس» الذى

يفرض عليك إتاوة كلما أردت ركن سيارتك فى الشارع أمام موقع عملك أو أى مكان تقصده، ووصف ظاهرة السايس بأنها أحدث وأخطر صور البلطجة، وليس من المقبول أبداً أن تترك الدولة رعاياها فى قبضة شاب أو كهل لا عمل له سوى ارتداء قميص أصفر أو أخضر، ووضع صافرة فى فمه.

 

وفى منطقة باب الشعرية، يقول حلمى بكر، مواطن يمتلك سيارة، إن تسعيرة الركنة الواحدة قد تصل إلى 50 جنيهاً على حسب نوع السيارة، ولأن عمله دائمًا ما يتطلب الشراء من تلك المنطقة فإنه يتكلف دائمًا الكثير لركن سيارته، لافتًا إلى أن «السايس»، يستغل الغياب الأمنى لفرض بلطجته على أصحاب السيارات، وفى حالة اعتراض أحد على عدم دفع المبلغ المطلوب، إما أن يمنع من الوقوف بالمنطقة، وإما تهشيم سيارته ثم يدعى السايس أنه لا يعلم عن هذا الفعل أى شىء.

«حسبنا الله ونعم الوكيل دول عالم معندهمش ضمير».. بهذه الكلمات استهل شريف السعيد، صاحب سيارة ملاكى من سكان منطقة الدقى كلامه قائلاً: إنه يدفع فى الركنة الواحدة 30 جنيهاً، فى حين فى مناطق أخرى يصل المبلغ إلى 50 جنيهاً، مثل مصر الجديدة ومدينة نصر.

ووافقه الرأى هانى على، صاحب سيارة ملاكى من سكان منطقة المقطم قائلًا: برغم القانون الجديد، فإنه لم يتم تنفيذه فى كل المناطق، مشيرًا إلى أن «السُيّاس» لا يحكمهم سوى قانون الشارع ورغم علم الحكومة بتجاوزاتهم فإنَّ الظاهرة فى ازدياد مستمر يوماً بعد يوم.

وأضاف كمال طاهر، صاحب سيارة ملاكى، إنه يدفع بشكل يومى ما لا يقل عن الـ100 جنيه لركنات سيارته بسبب كثرة تجوله بحكم عمله مندوب مبيعات، مشيراً إلى أنه فى عدد من المناطق تصل قيمة الركنة الواحدة إلى 30 جنيهاً للساعة.

 

ولحل تلك المشكلة من جذورها، حدثنا اللواء الدكتور أحمد توفيق استاذ إدارة الأزمات، قائلًا: «فى بادئ الأمر يجب أن نعلم أن مشكلة السايس لا توجد إلا فى مصر، بل إنها انتشرت وبشدة وتحولت إلى بلطجة».

وتابع «توفيق» أن أغلبية من يمتهنون المهنة تحولوا إلى بلطجية وتحكمهم مافيا كبرى، وهم من يقومون بتوزيع الأشخاص وفرض الأموال على المواطنين حسب المنطقة، ومن يرفض الدفع يواجه تتعرض سيارته للتخريب، لافتًا إلى أن الدولة سعت إلى حل الأزمة بوضع قانون يقنن عمل السايس

 

وأكد استاذ إدارة الأزمات، أن الحل متواجد فى الدول العربية والأجنبية، ويمكن تطبيقه فى مصر، خاصة أنه كان متواجداً فى الماضى فى شوارع وسط البلد، وهى «ماكينات الركنة بالساعة» التى تم منعها لأسباب غير معلومة، وما زالت بقاياها متواجدة فى شوارع وسط البلد، مشيرًا إلى أن تلك الماكينات يمكن أن تعمل بالطاقة الشمسية، والأموال التى يتم تحصيلها ستصب فى مصلحة الدولة وليس فى يد البلطجية، كما أن هذا النظام سيوفر الراحة للمواطن، بالإضافة إلى حماية المواطنين من بلطجة السايس، فضلًا عن زيادة موارد الدولة.