رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

المستريح الإلكترونى.. آخر صيحة فى عالم النصب!!

بوابة الوفد الإلكترونية

 

كغيرها من الأنشطة يحاول أصحابها تطويرها لمواكبة العصر، فبعد القبض على عدد من المستريحين فى العديد من المحافظات خاصة فى محافظة أسوان، فكر آخرون ممن حالفهم الحظ حتى الآن ولم يلق القبض عليهم فى تطوير أنفسهم ليكونوا بعيدًا عن أعين رجال الأمن، فقاموا بتدشين صفحات على السوشيال ميديا هدفها العلنى الترويج لبعض المنتجات أما هدفها الحقيقى فهو جمع أموال المواطنين الذين يبحرون فى أوقات فراغهم على الانترنت، لتطفو على سطح الأحداث ظاهرة جديدة وهى «المستريح الإلكترونى» الذى يغرى المواطنين بالأرباح الوفيرة ليستولى على «تحويشة العمر» التى أصبحت مطمعاً للنصابين سواء على أرض الواقع أو فى الفراغ الإلكترونى.

«رؤية مصر.. 2030» إحدى الصفحات على «فيسبوك»، ادعى أصحابها أن منشأها هو الصين، وتهدف إلى ترويج الأدوات الطبية، مثل الكمامات والمستلزمات الطبية وعلاج فيروس كورونا، بالإضافة إلى ترويج بعض المنتجات الأخرى مثل الخبز.

«ادفع 300 جنيه وبعد ثلاثة أيام تربح 380 جنيهاً» رسالة أغرت الكثيرين من رواد السوشيال ميديا، فكيف يمكن تحقيق ربح بهذه الصورة فى ذلك الوقت القصير دون جهد أو عناء وهو جالس فى منزله، وانهالت عليها التعليقات للاستفسار عن طبيعة النشاط، ووقع الكثيرون فى الفخ، وكانت إيمان محمد، ربة منزل، واحدة من ضحايا المستريح الإلكترونى، وبررت إيمان ما حدث قائلة: «إن ظروف الحياة الصعبة تدفع الكثير من المواطنين للبحث عن أى مصدر دخل يحقق الربح بعيدًا عن طبيعة العمل الذى يكلف صاحبه مصاريف مواصلات وملبس ومأكل وغيرها».

وأضافت قائلة: «كعادتى كنت بتصفح الفيس بوك ولقيت صفحة رؤية مصر 2030 تدعو لترويج بعض المنتجات الطبية ففكرت هى وزوجها فى الاشتراك مع أصحاب هذه الصفحة، خاصة أن الفكرة جيدة وتروج لمنتجات يحتاجها الكثيرون وأرباحها غير معقولة فى وقت قصير.

وقامت إيمان وزوجها بشراء مستلزمات طبية بقيمة 300 جنيه لكل منهما على وعد أنه لن تمر الثلاثة أيام حتى يحصلا على أموالهما، بالإضافة إلى أرباح تقدر بـ80 جنيهاً عن كل 300 جنيه قاما بدفعها، والمبلغ سيصلهما عن طريق خدمة «الموبايل كاش» وهى الخدمة المتفق على تحويل الأموال من خلالها.

وقد لاقت هذه الصفحة إقبالاً شديداً من المواطنين، حينما عرضت الصفحة فكرة ترويج الخبز، على أن يقوم الشخص بدفع مبلغ ألف جنيه تتضاعف خلال 3 أيام لتصبح 3 آلاف جنيه، وهو ما أغرى الآلاف بالمشاركة فيها خاصة بعد المحادثات التى رصدتها «الوفد» بين مسئولى الصفحة وروادها قبل إغلاقها، حيث أدت هذه المحادثات إلى إقناع الكثيرين بالمشاركة فى هذه العمليات المشبوهة، وفقاً لما قالته الضحية إيمان فإن همزة الوصل بين الضحايا وبين أصحاب الصفحة كانت فتاة عشرينية تدعى آمال محمد، وحصلت الوفد على محادثة من محادثاتها مع بعض الضحايا، والتى أكدت فيها أنها ستأتى إلى مصر فى شهر يونيو لتدشين مقر الشركة على أرض الواقع، وهكذا توالت عمليات النصب على المواطنين حتى تمكن أصحاب الشركة من جمع ملايين الجنيهات من المواطنين ثم أغلقوا الصفحة بعد ذلك.

وكانت الصفحة قد وضعت لروادها مواعيد لإيداع الأموال حيث حددت بداية الشراء فى يوم السبت من كل أسبوع على أن يتم تحويل الأموال والأرباح يوم الاثنين، ومع نهاية الشهر فوجئ الجميع بتعطل الصفحة قبل سحب الأرباح، وحينما تساءل الضحايا وصلتهم رسالة تخبرهم بأن هناك «عطلاً فنياً فى الصفحة» هذه الرسالة تم إرسالها لجميع الضحايا قبل أن يتيقنوا بوقوعهم فى فخ النصب والاحتيال.

وليد عباس فؤاد، أحد ضحايا الصفحة، قال إنه كان يسعى كغيره من المواطنين للبحث عن مصدر دخل آخر بجانب عمله الصباحى، وبالصدفة البحتة عثر على صفحة «رؤية مصر 2030» على فيسبوك، وكانت تعلن عن تحقيق أرباح سريعة دون عناء، فدفعه حب الفضول للتواصل مع الصفحة للاستعلام عن تفاصيل التعاملات وكيفية تحقيق الربح السريع.

«مرحبًا.. أنا من هونج كونج.. اسمى أماندا مدير خدمة العملاء» كان هذا هو أول حديث بين الضحية ومسئولى الصفحة، وبدأت أماندا تسرد تفاصيل العمليات التجارية ذات الربح السريع، من خلال استثمار 300 جنيه يحصل بعدها الشخص على أرباح تصل إلى 600 جنيه بعد 15 يومًا، وفى حالة دفع 1000 جنيه يمكنك استعادتها 3600 بعد 60 يومًا.

كغيره من المواطنين وقبل خوض التجربة حاول وليد الغوص أكثر فى أعماق الصفحة ليجد الكثير من المصريين قد خاضوا التجربة قبله وحققوا أرباحاً بالفعل ما زاد حالة الثقة لديه وبدأ التعامل معهم.

وقال وليد: «بدأت رحلة جديدة من العروض الترويجية للمنتجات الاستثمارية الطبية ومنتجات الـvip، ووجدت باقات استثمارية على شهر وثلاثة شهور ونصف عام وعام كامل» بالإضافة إلى الاستثمارات قصيرة المدة التى تبدأ من يوم واحد إلى ثلاثة أيام وأسبوع ونصف شهر، وأضاف أن هذه العروض زادت فى الشهر ونصف الأخير، وما زاد من طمأنينة المواطنين لهذه الصفحة الإعلان أكثر من مرة عن وجود شخصية تابعة لجهاز أمنى فى مصر ضمن المستثمرين».

ونوه وليد إلى وجود شخص يدعى «حمدينو م. ش» من محافظة كفر الشيخ كان هو المسئول عن التواصل مع الأعضاء على الجروب وشرح كل ما يواجههم فى كيفية التسويق والحصول على الأرباح، وبعد إغلاق الصفحة اختفى هذا الرجل دون أن يعلم أحد مصيره حتى حصل أحد أعضاء الجروب على صورة من بطاقته الشخصية التى كانت موجودة بالصدفة ضمن استعلامات صفحة «رؤية مصر 2030».

ضحايا الصفحة جاءوا من مختلف المحافظات، منهم محمد نشأت من محافظة الإسكندرية والذى قال إنه تعامل مع صفحة رؤية مصر 2030 وبدلاً من تحقيق الأرباح التى كان يحلم بها فقد ماله، وأكد محمد أنه نادم على خوض هذه التجربة، محذراً المواطنين من الانسياق وراء أى صفحات تدعو للربح السريع حتى إن كانت هناك تجارب تدعى أنها ناجحة فهى مجرد طعم للضحايا.

وقال إن سيدة تدعى آمال محمد كانت تروج للمنصة وتتواصل مع المواطنين، ترسل لهم أبلكيشن خاصاً بالصفحة يكون لكل فرد «USER NAM وباسورد»، ومن خلالها يتمكن الشخص من الدخول إلى الصفحة، وتابع: «آمال كانت معايا خطوة بخطوة لحد ما شكيت فى

الصفحة وفضلت أسألها عن صاحب الشركة وغيره ولما حست أنى قلقان دخلتى على جروب الواتس».

ظل «محمد» يراقب جروب الواتس فى صمت حتى وجد أن جميع التعاملات تتم بشفافية تامة، ومن هنا بدأت فكرة المشاركة بأمواله تراوده فقرر خوض التجربة، وتواصل مع آمال مرة أخرى والتى أرسلت له الأبلكيشن الخاص بالصفحة ليشاهد كل ما يوجد عليها من منتجات بدءاً من المنتجات الطبية وحتى المنازل والذهب والنفط أيضاً.

وأضاف: «كانت المنتجات تبدأ من 300 جنيه، والجميع يربحون كما هو واضح على الواتس، وبعدها بدأ مسئولة أخرى تدعى هبة عزت فى التواصل معى، وشرحت له بالتفصيل كيفية تحقيق الأرباح، وبعد مدة قليلة جداً حصلت على بعض الأرباح فعلاً، وفى آخر مرة تم تحويل مبلغ لى تعدى الـ7 آلاف جنيه، وبعدها فوجئت بإغلاق الصفحة دون الحصول على أى شىء.

عدد كبير من الضحايا قاموا بتحرير محاضر ضد الصفحة المذكورة فى مباحث الإنترنت بعدد من المحافظات، ونظم عدد منهم أيضاً وقفات أمام مكتب النائب العام مطالبين بضرورة تحريك هذه المحاضر وضبط المسئولين عن هذه الصفحة خاصة أن كثيراً من الضحايا كانوا قد دفعوا قيمة تجاوزت 200 ألف جنيه قبل إغلاقها.

احتياجات الضحايا

الدكتورة نادية جمال، استشارى الصحة النفسية قالت إن المستريح عادة ما يعزف على أوتار احتياجات الضحايا سواء مادية أو معنوية، ومنهم من يبحث جيدًا فى أوضاع السوق ويحاول أن يطور نفسه وأسلوبه فى استقطاب الضحايا.

وأضافت الدكتورة نادية أن المستريح الإلكترونى لديه مهارات عديدة بخلاف المستريح الذى يتعامل وجهاً لوجه مع المواطنين، وذلك بسبب تعامله بالمفردات فقط دون المواجهة، ولهذا لا بد أن يكون على دراية كبيرة فى كيفية استقطاب المواطنين بالكلمات، وفى هذا النموذج المذكور بشأن إنشاء صفحة ترويجية قام أصحابها بدراسة السوق واحتياجات المواطنين ومستواهم المادى، وقاموا بعرض بعض المنتجات التى يعتقد المواطنون بأنها عالية الجودة، وفى نفس الوقت تعتبر أقل من إمكاناتهم المادية ولذلك يشعرون بقيمتها ويقبلون عليها بشغف، فضلاً عن استعراض تجارب المواطنين الذين تعاملوا معهم من قبل ليمنحوا غيرهم الثقة فى التعامل.

وأشارت الاستشارى النفسى إلى أن انتقاء الألوان الخاصة بالفئة المستهدفة وبعض المفردات التى تناسب ثقافتهم والإعلان عن الربح السريع بدون عناء وبجانب ما يستعرضونه من تجارب سابقة للمواطنين الذين ربحوا وما زالوا يمارسون النشاط جميعها آليات لاستقطاب الضحايا بطريقة سهلة.

السجن فى انتظارهم

وأكد أيمن محفوظ، المستشار القانونى أن التكنولوجيا أصبحت وسيلة لتحقيق الربح الحرام واستخدامها لخدمة أغراض الجريمة، ولهذا ظهر ما يعرف بمصطلح «المستريح الإلكترونى» الذى يسلب الناس أموالهم لتحقيق أرباح وهمية يعد بها ضحاياه، ولكن القانون تصدى لتلك الجريمة سواء فى الواقع الفعلى أو فى العالم الافتراضى، مشيراً إلى قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018 الذى يواجه مثل هذه الجرائم سواء فى الداخل أو فى الخارج إذا كان الضحية مصرياً، أو حتى لو تم ارتكابها على وسيلة نقل جوية أو بحرية أو برية تحمل علم مصر.

وأشار إلى أن أصحاب مثل هذه الصفحات يتعرضون لعقوبة قد تصل إلى 3 سنوات وغرامة 300 ألف جنيه، لأنهم ارتكبوا جريمة النصب طبقاً لنص المادة 336 عقوبات، كما أنهم ارتكبوا جريمة توظيف الأموال التى تتفوق على جريمة النصب، حيث بنص القانون على أن «كل من يتلقى أموال خارج إطار القانون أو بدون ترخيص من المواطنين ويمتنع عن ردها يعاقب بالسجن المشدد وغرامة ضعف ما تلقاه» طبقاً لنص المادة 21 من القانون رقم 146 لسنة 1988، وتصل العقوبة إلى السجن 15 عاماً والغرامة 100 ألف جنيه وقد تصل إلى رد ضعفى الأموال التى تلقاها الجانى، فضلاً عن رد قيمة ما تحصل عليه من أموال الضحايا.

وأضاف قائلاً: أن القانون هنا يحمى المغفلين خاصة أن إثبات وقوع جريمة النصب أو توظيف الأموال لا تحتاج إلى أوراق لإثباتها، ويمكن إثباتها بعدة طرق مثل تحريات الجهات الأمنية أو شهادة الشهود أو أى دليل يمكن أن يؤكد على ارتكاب المتهم للجريمة.