رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

عودة الروح للكتاتيب

الأزهر يعيد الكتاتيب
الأزهر يعيد الكتاتيب

رواق الأطفال بالأزهر يستقبل الدارسين من 5 إلى 13 سنة والدراسة مجانية.

كانت «الكتاتيب» منبر العلم للمصريين فى السنوات الماضية، وكانت لها مهابة ومكانة علمية، وكانت العائلات تتفاخر بإرسال أبنائها لحفظ القرآن فيها، يتخرجون روادًا وعلماء فى مختلف المجالات، ولكنها اختفت منذ سنوات طويلة وانعكس اختفاؤها على عدم اهتمام الكثيرين بحفظ القرآن الكريم، كما تأثرت اللغة العربية التى ضاعت وسط غياب التعليم الحقيقى وهجمة اللغات الأجنبية و«الفرانكو» المنتشرة على السوشيال ميديا.
 

وفى محاولة لإعادة الهيبة للغة العربية وتشجيع الأطفال على حفظ القرآن الكريم قرر الأزهر الشريف إعادة فتح الكتاتيب مرة أخرى وهو الأمر الذى قوبل بالترحاب الشديد من الجميع.
 

ويعيد المؤرخون بداية ظهور «الكتاتيب» إلى العام الثانى من الهجرة النبوية ليكون أول مدرسة فى الإسلام، وذلك حينما جعل النبى صلى الله عليه وسلم فداء بعض أسرى بدر، ممن لا مال لهم، أن يُعلّم الواحد منهم الكتابة لـ10 غلمان ليخلى سبيله، وقد تم تعميم فكرة الكُتّاب بأمر نبوى، حين أمر بأن يتعلّم الناس الكتابة، يقول عبادة بن الصامت: «فعلمت ناسًا من أهل الصُّفة - فقراء كانوا يسكنون المسجد النبوى - الكتابة والقرآن».
 

ومنذ الفتح الإسلامى لمصر، انتشرت الكتاتيب لتحفيظ القرآن وتعليم اللغة ومبادئ الحساب، وأوقف لها الأغنياء «الأوقاف»، فيقول الدكتور سيد محروس، الأستاذ بجامعة الأزهر، فى كتابه «الكتاتيب»: إن عددها فى مصر تجاوز 30 ألفًا فى القرى والكفور، حيث كان يوجد فى كل قرية من 6 إلى 8 دور لتحفيظ القرآن، وقد زاد الاهتمام بالكتاتيب خلال عهود الزنكيين والأيوبيين والمماليك، وظلت تؤدى دورها حتى تولى محمد على حكم مصر، عام 1805، فبدأ بنشر التعليم الحديث مما أثّر كثيراً على وضع الكتاتيب والإقبال عليها.

الدكتور أحمد عوض: حفظ القرآن الكريم ينعكس على تلقى العلوم الأخرى.
 

وتقول الباحثة المصرية الدكتورة حليمة النوبى على، فى كتابها النشاط الاقتصادى والاجتماعى للنوبيين: إن الكتاتيب انتشرت فى ربوع مصر بوجه عام، بفضل حرص المصريين على أن يكون أطفالهم من حفظة القرآن الكريم، وأن ينشأوا نشأة تربوية إسلامية والذى لقى فى بداياته دعما كبيرا من الدولة على مر العصور، وفى العام 1868 ميلادية، ومع ظهور ما سمى بـ «مجلس شورى النواب» رأى نواب البرلمان آنذاك، أن نهضة الأمة ونمو الوعى يحتاج إلى إحداث نهضة فى قطاع التعليم الشعبى، أى «الكتاتيب»، فقرر على مبارك ناظر - وزير - المعارف آنذاك تحسين حال الكتاتيب عبر وضعها تحت إشراف نظارة المعارف، مع إصلاح المبانى والأساس وتطوير مناهج الدراسة.

وكانت تلك الخطوة هى الأولى التى تضع فيها مصر مؤسسات تعليم أهلية تحت اشراف حكومى بجانب المدارس النظامية الرسمية – أى المدارس الحكومية – آنذاك.

ومن اللافت ان وزارة المعارف فى ذلك الوقت، قررت تقديم دعم مالى حكومى بلغ 700 جنيه للكتاتيب التى كانت تضم عددا كبيرا من التلاميذ ثم وصل ذلك المبلغ لاحقا إلى ألف جنيه فى العام.
 

وكان أمام الخريجين من تلاميذ الكتاتيب أن يتجهوا إلى استكمال تعليمهم فى الأزهر الشريف، أو فى المساجد الكبرى التى كانت تعد الدراسة بها آنذاك دراسة جامعية عالية. وبنظرة سريعة على أعداد تلاميذ الكتاتيب فى ذلك الوقت يكفينا أن نعلم أن تلاميذ تلك الكتاتيب قد بلغ فى منطقة واحدة هى قرى النوبة فى اسوان، أكثر من 9 آلاف و700 تلميذ سنة 1897 ميلادية.
 

ومن مشاهير من حفظوا القرآن داخل الكتاتيب المصرية: مثل الراحل الكبير الشيخ عبد الباسط عبد الصمد، قارىء القرآن الشهير، الذى ولد بقرية المراعزة بمركز ارمنت التابعة لمحافظة قنا آنذاك، عام 1927 وحفظ القرآن الكريم وتعلم القراءة والكتابة فى كتاتيب قريته أرمنت الحيط فى طفولته، ثم انطلق

فى دراسة علوم القرآن وأصول التجويد، حتى اعتمد قارئًا بالإذاعة المصرية عام 1951. وتمكن من تلاوة القرآن الكريم فى أكثر من 40 دولة فى العالم وكرمه عدد من رؤساء وملوك دول العالم وتوفى فى 31 تشرين ثان/نوفمبر عام 1988.
 

وهناك فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، الذى التحق بالكتاتيب فى سن صغيرة، قبيل أن ينتقل للدراسة بالمعاهد الأزهرية بمختلف مراحلها الابتدائية والاعدادية والثانوية، إلى أن التحق بجامعة الأزهر التى صار رئيسا لها ثم صار مفتيا ثم شيخا للأزهر الشريف.
 

وشهدت الكتاتيب إهمالاً كبيرًا بعد انتشار المدارس العمومية والمعاهد الأزهرية، وبات وجودها حبرًا على ورق، فما بين قرارات وزارية بإلغائها أو إعادتها من جديد دونما أى خطوات على الأرض.
 

ولكن فى خطوة تعيد الأمل إلى عودة «الكتاتيب» أعلن الأزهر الشريف عن فتح 507 أفرع مجانية تماماً لتحفيظ القرآن الكريم للأطفال من سن خمس سنوات إلى ثلاث عشرة سنة بجميع المحافظات، ويقوم رواق الطفل بالجامع الأزهر الذى أنشئ بقرار من فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، بتحفيظ القرآن الكريم للأطفال وذلك وفق الشروط والضوابط التالية: ألَّا يقل عمر الطفل المتقدم فى أى مستوى عن خمس سنوات ولا يزيد على ثلاث عشرة سنة عند التقديم، وأن يُعْقَدَ اختبارٌ للطفل المتقدم؛ لتحديد المستوى، وأن يلتزم الطفل بالحضور إلى الرواق، بنسبة لا تقل عن 80%. مع الالتزام بآلية التقييم والاختبارات المتبعة بالرواق: «اختبار شهرى – اختبار نهاية المستوى – اختبار نهاية البرنامج»،  ولا يتم الانتقال من مستوى إلى المستوى الذى يليه، إلا بعد اجتياز الطفل للاختبار المعد لذلك.
 

وقال الدكتور أحمد عوض، أستاذ الشريعة والفقه بجامعة الأزهر، إن عودة الكتاتيب مرة أخرى إلى سابق عهدها، والعمل على تحسينها هو عمل جيد وجهد مبارك للأزهر الشريف، مضيفا أن الأساس فى تعليم الأزهر هو حفظ القرآن الكريم، لافتا إلى أن إدارة الأزهر الشريف أحسنت صنعًا عندما عملت على عودة الكتاتيب لتحفيظ القرآن الكريم والتجويد، مؤكدا أن الطالب يكون متميزًا فى العلوم الأخرى بفضل حفظة للقران الكريم وتعلم الفقه، مضيفا أن عدم الاهتمام بالقرآن يخلق مشاكل بعد ذلك بعدم الاهتمام بالعلوم الإسلامية.
 

وعن عدم الاهتمام بالكتاتيب فى السنوات الماضية، قال إن الأزهر والأوقاف هما الراعيان للكتاتيب لتحفيظ القرآن الكريم، مضيفا أن الأمر يتحسن يوما بعد الآخر، مضيفا أن الأزهر والأوقاف مهتمان بالقرآن الكريم على مدار سنوات.