رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الفوضى تحكم فرع التأمين الصحى بالجيزة وشمال الصعيد

عيادة الهرم للتأمين
عيادة الهرم للتأمين الصحى

عيادة الهرم للتأمين الصحى واحد من أشهر الصروح الطبية فى مصر وخاصة فى محافظة الجيزة، حيث يخدم هذا الصرح أكثر من «خمسة ملايين مواطن» بمختلف فئاتهم من الموظفين، أصحاب المعاشات، الأرامل، المعيلات، طلبة المدارس، والمواليد، ويعتبر هذا المستشفى من أهم مستشفيات التأمين الصحى فى مصر، فهو المستشفى الأكبر والأشهر فى الجيزة وشمال الصعيد.
 

ورغم توجيهات الرئيس السيسى بتطوير المنظومة الطبية لخدمة المواطن المصرى، فإن المسئولين يستجيبون لهذه التوجيهات، وما زالت معاناة المرضى داخل المستشفيات الحكومية مستمرة.
 

وتعد عيادة الهرم من أكبر عيادات هيئة التأمين الصحى، حيث يعمل بها العديد من الاستشاريين والإخصائيين فى الرمد، أنف وأذن، مسالك، عظام، نساء، أطفال، أسنان، أورام، أشعة، تحاليل، وبها أيضا لجنة أورام، لجنة قلب، لجنة روماتيزم، لجنة أمراض دم، ولجنة عظام، ولذلك يتوافد عليها آلاف المرضى يومياً.
الفوضى تحكم فرع التأمين الصحى بالجيزة وشمال الصعيد

ورغم وجود عدد من الصيدليات بالعيادة لتخفيف زحام المرضى وتوفير لجنة مشكلة لحقوق المرضى وبحث الشكاوى والمقترحات، ومواعيد الأطباء معلنة على أبواب غرف الكشف «الميعاد، اسم الطبيب، والتخصص»، فإن الزحام والتكدس هما السمة السائدة فى المستشفى.

الأطباء حولوا المستشفى إلى «ترانزيت» لعياداتهم الخاصة.
 

وقد كشفت جولة «الوفد» فى هذه العيادة أن كل ما تعلن عنه وزارة الصحة من توفير خدمات واستشاريين لتقديم خدمة طبية متكاملة للمرضى ما هو إلا كلام للدعاية فقط حيث يسود الاهمال المستشفى وطال جميع أركانها، تكدس المواطنون فى طوابير الانتظار ومنهم من جلس على سلالم المستشفى بعد امتلاء الكراسى والممرات بل إن بعض المرضى غلبهم النوم من شدة التعب والإرهاق وبسبب طول الانتظار الذى يصل إلى 8 ساعات، والأمر اللافت للنظر أن المرضى يقومون بعمل الموظفين، حيث يقوم أحدهم متطوعاً بجمع البطاقات العلاجية الخاصة بالمرضى، وآخر يسجل أسماءهم وفقًا لأسبقية الحضور، وأحياناً تكون الغلبة لأصحاب القوى الجسدية والصوت المرتفع الذين يتصارعون أمام شبابيك حجز عيادة الكشف للدخول للطبيب للموافقة على صرف العلاج الشهرى.
 

المشهد الآخر الذى لفت انتباهنا فى العيادة هو إجماع المرضى على أن العلاج يصرف من الصيدلية «بالبركة»ً بينما تتدخل الواسطة لصرف الأنسولين المستورد للمحظوظين، وشاهدنا المرضى بعد صرف العلاج يقارنون شكل العلاج الذى تسلموه العلاج المستورد الذى حصل عليه البعض فيجدون العلاج مختلفاً رغم أن المرض واحد.
 

مخزن الموت

وتنفرد عيادة الهرم للتأمين الصحى بطريقة غريبة وفريدة فى تخزين الأدوية، يندر أن تراها فى أى مستشفى آخر، حيث تتراكم كراتين الأدوية فى مخزن صغير فوق بعضها، فيما يشبه تخزين السلع بطريقة عشوائية، وكل فترة يدخل شخص إلى هذا المخزن، ويقوم بإخراج بعض كراتين العلاج لصرفها للمرضى دون النظر إلى تواريخ الصلاحية أو مدى تأثير سوء التخزين ودرجة حرارة الغرفة على سلامة الدواء.
 

زحام وفوضى

ووسط زحام المواطنين وتكدس المرضى ينتشر باعة الشاى فى كل دور وينادون وسط المرضى بصوت مرتفع «شاى، قهوة، حاجة ساقعة، بيبسى» مسببين ضوضاء وإزعاج المرضى وكأنهم فى محطة قطار وليسوا فى مستشفى، بل إن الامر يصل إلى دخول هؤلاء الباعة إلى عيادات الأطباء للترويج لمنتجاتهم داخلها.
 

وأثناء جولتنا بالمستشفى التقينا مع المواطنة منة. أ، 35 عامًا، من سكان الجيزة مستشارة قانونية، والتى جاءت لمساعدة إحدى قريباتها وهى سيدة مسنة تبلغ من العمر 62 عامًا مصابة بمرض السكر المزمن أكثر من 30 عاماً، وقالت منة: حضرت إلى مستشفى التأمين الصحى فرع الجيزة وشمال الصعيد لصرف علاج السكر الخاص بقريبتى وفوجئت بالروتين المبالغ فيه للحصول على العلاج المدعم، وواجهتنا أول مشكلة وهى أن الحجز فى شبابيك الكشف يبدأ من الساعة السادسة والنصف صباحا، بينما يتم توقيع الكشف على عدد محدد من المرضى رغم الزحام الشديد، وبعد الساعات الاولى من الصباح اكتفى الشباك بعدد من المرضى ولم يصبنا الدور، ووقتها اشتعلت المشاجرات بين المرضى وموظف الشباك بسبب رفض استقبال المزيد من المرضى، وتحولت المشاجرات إلى صرخات لعدم استطاعة معظم المرضى صرف العلاج الشهرى، وتوجهت إلى مدير المستشفى وبعد تحايل وإلحاح من المرضى قام المدير بإصدار تعليماته لموظف شباك الحجز لصرف العلاج، وقام الموظف بتوزيع المرضى على العيادات بشكل عشوائى.
الفوضى تحكم فرع التأمين الصحى بالجيزة وشمال الصعيد

وكشفت أن بعض المرضى يدفعون مبالغ تصل إلى 150 جنيهاً للحصول على الانسولين المستورد كل ثلاثة أشهر كفرق فى السعر، مشيرة إلى أن العيادة تصرف لجميع مرضى السكر انسولين تركيز 100 رغم أن الأطباء يصفون لهم تركيز 30 أو 70 وهو ما قد يؤدى إلى إصابتهم بالهبوط بالإضافة إلى حدوث مشاكل صحية أخرى.

وأضافت عندما قلت لمسئول الصيدلية إن الأنسولين 100 لا يناسب جميع المرضى قال: إن هذا النوع يتم صرفه للجميع، وهذه النسبة مناسبة للمرضى ومفعولها أفضل من ذلك الأنسولين الذى يباع فى الصيدليات الخاصة، وأشارت منة إلى أن الانسولين متوفر داخل صيدلية المستشفى بالنسب المختلفة ولكنه يصرف لأشخاص بأعينهم ولأصحاب الاكراميات والوسائط.

الحجز من السادسة صباحاً.. والكشف لمدة ساعة واحدة فقط.
الفوضى تحكم فرع التأمين الصحى بالجيزة وشمال الصعيد

وطالبت منة بتدخل هيئة الرقابة الادارية لكشف محتكرى الأدوية المدعمة فى المستشفى، ووقف صرف العلاج للمستحقين بالإضافة إلى المعاملة السيئة وصرف علاج لأمراض اخرى ليس لها علاقة بالمريض وكأنهم يصرفون العلاج بالبركة.
 

ترانزيت للعيادات الخاصة

وفى وسط الزحام همست لى منار سيد محمد، 65 عامًا من سكان الهرم قائلة: «هنعمل إيه يا ابنى احنا قاعدين من الساعة 5 صباحًا منتظرين الدور للدخول للطبيب للسماح بصرف العلاج، وحتى الساعة الواحدة ظهراً لم يحضر الأطباء، ومع ذلك فنحن فى انتظارهم على أمل الحضور بدلاً من العودة فى صباح اليوم التالى والانتظار والنتيجة غير مضمونة».
 

وأضافت قائلة حضرت قبل ذلك إلى العيادة للكشف وفوجئت بالطبيب يقول لى: تعالى إلى عيادتى الخاصة وأنا أكشف عليكى كويس» وبالفعل ذهبت إليه ودفعت 250 جنيهاً قيمة الكشف ووصف لى روشتة علاج وقال لى: «هتجيلى بكرة التأمين وأنا هكتبلك روشتة تصرفى بيها نص العلاج من المستشفى بالمجان والنصف الآخر من الصيدليات على نفقتك الخاصة، وكان سعر العلاج الخارجى يتخطى

الألف جنيه شهرياً، وبكل حزن قالت: «دواء القلب غالى اوى وغير متوافر بصيدلية مستشفى التأمين الصحى» وأضافت قائلة: الأطباء بيتاجروا فينا عشان إحنا غلابة وصوتنا مش مسموع ولا هنقدر نعترض على حاجة» مشيرة إلى أن بعض أطباء مستشفى التأمين الصحى لا يقومون بتوقيع الكشف على المريض ويقومون بتكرار العلاج فقط، حتى لو شكا المريض من أعراض جديدة، ولكى يكشف الطبيب لابد أن نتوجه إلى عيادته الخاصة، ودللت على كلامها بإخراج روشتة من الطبيب بتاريخ 18/5/2022، حيث زارته فى عيادته الخاصة وجاءت للتأمين الصحى لصرف العلاج.
 

وأضافت السيدة المسنة أن هذه ليست كل مشاكل التأمين الصحى فهناك أيضاً مشكلة سوء المعاملة قائلة: «بيعاملونا معاملة سيئة ولسة فرد امن قايلى انتى كل يوم هتتعبينى روحى موتى».
الفوضى تحكم فرع التأمين الصحى بالجيزة وشمال الصعيد

خمسة فقط

ولفت انتباهى عيادة تجمع كل التخصصات الطبية ويقف على بابها فرد أمن يرفض دخول المرضى وبجواره ممرضة تصرخ فى المرضى قائلة: «مفيش دكتور جمعولى البطاقات واكتبولى الأسماء بالدور» وقفت فى الدور وسألت فرد الأمن عن تخصص العيادة فقال انها عيادة «تكرار العلاج لكل الأمراض»، وقالت سيدة 66 عامًا إن تكرار العلاج داخل مستشفى التأمين الصحى بالجيزة يتم بدون كشف أو تحاليل طبية تحدد تطورات الحالة المرضية، فنحن اموات داخل منظومة التأمين الصحى بسبب تناول العلاج بشكل عشوائى، فالمريض لا بد أن يحضر كل ثلاثة أشهر على أمل توقيع الكشف عليه من استشاريين كبار وتحديد العلاج المناسب، ولكن الحقيقة أننا نحضر مثل المساجين لينظر إلينا الطبيب، ويعيد تكرار نفس العلاج بدون كشف، وإذا تجرأ مريض وقال أنا تعبان أو عايز اعمل تحاليل أو حاسس باى أعراض جديدة يطلب الطبيب منه الحضور إلى عيادته الخاصة ويمتنع عن صرف الأدوية له.
 

وبكت السيدة المسنة قائلة: «أنا باخد علاج لأمراض الضغط والقلب والسكر والمخ ويتم تكراره باستمرار، ولا يتم إجراء تحاليل للسكر عند تكرار العلاج ولا أحد يفكر فى الاطمئنان على وظائف الكلى أو عمل رسم قلب للتعرف على تطور الحالة المرضية، ويكتفى الطبيب فى كل مرة بتكرار العلاج فقط، وفى الصيدلية يطلبون منا دفع نصف ثمن العلاج، رغم أنه من المفترض أنه علاج مجانى 100%، وإذا لم أحضر فى الصباح الباكر لا يتم توقيع الكشف على لأن الطبيب يقوم بالكشف على 5 مواطنين فقط.
الفوضى تحكم فرع التأمين الصحى بالجيزة وشمال الصعيد

ممنوع من الصرف

والتقينا بسعيدة أحمد من سكان الجيزة وهى تتوسل إلى أحد المديرين للتدخل لحل ازمتها حيث تم سحب البطاقة العلاجية الخاصة بها، وقالت ابنتها أسماء أن حالة والدتها تسوء يوماً بعد يوم بسبب رفض الهيئة صرف العلاج لها، رغم أن آخر كشفت مسجل فى البطاقة كان منذ أسبوعين فقط، وأضافت الابنة أن والدتها تشكو من ضعف فى عضلة القلب وهى مريضة حساسية مزمنة، وتتناول علاج للضغط والسكر منذ 6 أعوام بعد وفاة زوجها، ولكنها فوجئت بتوقف البطاقة العلاجية دون سبب، وأشارت إلى أنها لم تسطع صرف العلاج الذى يقدر ثمنه بأكثر من 1000 جنيه، ولذلك قامت بشراء علاج السكر من الصيدليات الخارجية خوفًا من اصابة والدتها بغيبوبة سكر ولا تستطيع تحمل العبء الإضافى فأسعار العلاج مرتفعة ومبلغ المعاش لا يكفى شيئاً، وقالت الابنة: «إن الموظف المسئول سحب البطاقة العلاجية بالقوة وصرخ فى وجه أمى قائلاً: «إنتى ملكيش تأمين صحى أصلاً واستصدر قراراً من الإدارة المركزية لتكنولوجيا المعلومات ودعم القرار بهيئة التأمين الصحى بأن المريضة تعتبر من الفئات غير المنتفعة بالتأمين الصحى رغم صرف علاج لأكثر من 6 سنوات وتطالب سعيدة المسئولين بإعادة تشغيل البطاقة العلاجية لانقاذها من الموت المحقق.
 

ساعة فقط

وبسؤال الموظف المسئول عن شباك الاستعلامات عن موعد حضور أطباء الرمد قال إن الدكتور يحضر من الساعة الواحدة حتى الساعة الثانية ظهراً، وهذه المواعيد ثابتة فى أيام السبت والاثنين والأربعاء من كل أسبوع، فالطبيب يحضر لمدة ساعة واحدة وهذا هو حال معظم الأطباء فى العيادة.