عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

«الوفد» ترصد رحلة الذهب الأصفر من الأرض إلى الصوامع

بوابة الوفد الإلكترونية

مع أول شعاع لضوء الشمس يرتدى رضا محمد أحد مزارعى القمح بمدينة قها، ملابسه ليتابع حرث أفدنته التى زرعها بمحصول القمح فى فصل الشتاء، مثل كل فلاحى مصر ممن ينتظرون حصاد سنابل القمح، واليوم قد جاء دوره حسب الجدول الذى اتفق عليه مع صاحب جرار دراس القمح ليبدأ فى حصد محصوله ليبيعه للتاجر الذى اتفق معه على شرائه مقابل 850 جنيها للإردب.

منذ عهد الفراعنة ويحتفل الفلاح المصرى بموسم حصاد القمح، وينسج له طقوسا خاصة يشرف عليها الملك، كما غنى الموسيقار الراحل محمد عبدالوهاب «القمح الليلة ليلة عيده.. يارب تبارك وتزيده» لوصف فرحة الفلاح المصرى بموسم الحصاد، واليوم فى عصر التكنولوجيا بدأ الفلاحون فى حصاد جهد وتعب أشهر، خاصة وأن هذا الموسم على حد وصفهم كان «موسم خير»، حيث حصد الكثيرون منهم القمح بزيادة تتراوح ما بين 5 إلى 10 إرادب للفدان الواحد بالمتوقع للفدان الواحد ما بين 18 إلى 24 إردب، ولكن هذا العام وصلت فى بعض القرى إلى 30 إردبا للفدان الواحد.

تستهلك مصر سنويا 18 مليون طن قمح، وتعد أكبر مستورد على مستوى العالم، وتأمل مصر فى إنتاج قرابة 5 ملايين طن قمح هذا العام مع إعطاء حوافز للمزارعين من أجل تشجيعهم على توريد أكبر كمية، حيث اشترطت توريد 12 إردب للفدان الواحد، ويمنح الفلاح ميزة صرف السماد المدعم فى العام المقبل، وتراوحت أسعار القمح هذا العام ما بين 865 جنيها لدرجة نقاوة 22.5 قيراط وحتى 885 جنيها لدرجة نقاوة 23.5 قيراط.

«الوفد» اتجهت إلى محافظة القليوبية لترصد عن قرب موسم حصاد القمح وتلتقى بالفلاحين والتجار وترصد حصاد القمح من الأراضى وصولا إلى الصوامع.

على بعد أمتار من مدخل مدينة قها التقينا بـ«عصام عبدالرحمن» حيث بدأ اللون الذهبى يكسو أراضيه، وحينما توجهنا إليه وألقينا السلام وسألناه عن محصول القمح هذا العام سرعان ما ارتسمت على جهه السعادة، فمحصول هذا العام على حد وصفه خير بزيادة ووصف سعادته قائلا: «قمت بزراعة صنف «مصر1» وهو من الأصناف الجيدة وأعطى نتائج مبشرة، فالمعتاد أن أجمع ما بين 15 إلى 18 إردبا للفدان، أما هذا العام فكان المحصول وفيرا، حيث جمعت 20 إردبا للفدان. وعن طرق توريد القمح أوضح عصام قائلا «إن هناك تاجرا يأتى إليهم قبل الحصاد ويجمع البطاقات الشخصية للفلاحين، أو بطاقة الحيازة الزراعية من أجل توريد القمح إلى الصوامع.

وأشار عصام قائلا «معظم التجار قاموا بشراء المحصول بسعر 850 جنيها للإردب، ويتعامل التجار على أساس أن الإردب يساوى 155 كيلو وليس كما تشتريه الحكومة 150 كيلو، وهنا يستفيد التاجر من 5 كيلو جرامات لكل إردب، بالإضافة أن معظمنا لا يتعامل مع الشون والصوامع بسبب تكاليف النقل».

على بعد خطوات من عصام التقينا رضا محمد، حيث أكد أن القمح هذا العام يختلف عن العام السابق، حيث اتجه العديد من الفلاحين إلى زراعة أصناف جديدة من القمح وأكدوا أنها تعطى إنتاجا أكبر، وتحدث رضا لـ«الوفد» قائلا «معظم الفلاحين بمدخل قها يزرعون فى أراض تابعة لوزارة الأوقاف، ويتم استئجار الفدان مقابل 12 ألف جنيه فى العام، ولا يتم حساب الفدان بالمساحات الدارجة، حيث يتراوح الفدان ما بين 18 إلى 20 قيراطا فقط، ومع ذلك فالإنتاج يتجاوز فى بعض الأفدنة 24 إردبا».

وأضاف رضا أن الفلاح يستهلك 3 شكاير ملح حسب قوله ويقصد بها الأسمدة، حيث يحصل عليها من الجمعية الزراعية بسعر مدعم مقابل 250 جنيها للشيكارة الواحدة، ولكن الفدان يحتاج إلى أكثر لذلك نشترى من السوق السوداء بسعر 500 جنيه للشيكارة، وهو ما يمثل تكاليف أخرى على الإنتاج، لذلك نتمنى أن يتم توفير حصة أكبر من الأسمدة للفلاحين، كما أن ماكينة الدراس يتم استجارها بألف جنيه للفدان الواحد».

وعن طريق التعامل مع التجار أخبرنا رضا قائلا «يأتى التاجر إلى المزارع ويشترى القمح حسب القيراط، وهى نسبة نقاء وجودة القمح ويتعامل الجميع على نسبة 22.5 قيراط بسعر 850 جنيها، ويحصل التاجر على صورة من البطاقة الشخصية للفلاح فى حالة عدم وجود مستندات حيازة ليبيع الإنتاج إلى الصوامع».

وتابع رضا قائلا «معظمنا يعتمد على الرى من المياه الجوفية ولا توجد وصلات مياة، بالإضافة إلى أننا نرغب فى عودة الدورة الزراعية مرة أخرى حتى تستعيد التربة خصوبتها خاصة أن بعد الزراعات تستهلك أسمدة كثيرة تسبب ملوحة بالتربة».

منطقة الأملاك، والتى أشار علينا الفلاحون بالذهاب إليها لرصد نجاح الفلاحين فى تحقيق إنتاج وفير يصل إلى 25 و30 إردبا للفدان الواحد.. أمام ماكينة الدراس وقف حسين عطية يتابع عملية تجميع القمح وإلقائه داخل الماكينة ليرصد حجم إنتاجه هذا العام، وكيف اختلف عن العام السابق.

هذا العام كان صنف «أكاسيد» هو أكثر الأصناف إقبالا لدى الفلاحين حيث يعطى إنتاجية تصل فى بعض الأراضى إلى 30 إردبا للفدان الواحد، هكذا وصف حسين  فرحتة بالإنتاج العالى هذا العام قائلا «قمت بزراعة صنف قمح من نوع أكاسيد تمت زراعته العام الماضى كنوع من التجربة وعلى مساحات صغيرة من بعض الفلاحين، وكان هناك تخوف من زراعته، وكان الفلاح وضع أمام عينيه فى حالة ضعف الإنتاج إن يتم إلقاء الإنتاج فى صورة علف للمواشى ولكن الجميع تفاجأ بوفرة الإنتاج لذلك اتجه الكثيرون إلى رزاعته».

وأشار حسين إلى أن معظمنا حاول الحصول على هذا النوع من القمح كتقاوى لزراعته فى العام الماضى ولكننا لم نجده وأخبرنا البعض أنه لم يسجل حتى الآن بوزارة الزراعة، ولكنه من أجود الأصناف، وطالب حسين بأن تقوم وزارة التموين بمتابعة التجار حتى لا يتم التلاعب فى حجم التوريدات».

وكشف حسين عن ألاعيب التجار قائلا: «من المفترض أن هناك تجارا معتمدين لدى وزارة التموين وهم المنوط بهم جمع الأقماح من الفلاحين وتوريدها للصوامع، إلا أن بعضهم يدعى أنه تاجر معتمد ومعظم المزارعين بسطاء فيقوم ببيع المحصول له ويقوم التاجر بتوريد المحصول للمصانع الخاصة مقابل ألف جنيه للإردب».

اتجهنا إلى إحدى الصوامع الخاصة لنسأل عن ألاعيب التجار فى التربح من زراعة القمح، وكشف مصدر رفض ذكر اسمه أن القمح هو أحد أهم الأعلاف المربحة للتجار، وهناك نوعان من المطاحن، الأولى تحمل رقم 82 وهى مطاحن خاصة وأخرى تحمل رقم 72 وهى تتبع القطاع العام بوزارة التموين وهى المسئولة عن جمع الأقماح من الفلاحين، وأشار إلى أن هناك حيازات وهمية يقوم بها الفلاحون، وذلك بسبب غياب الرقابة، حيث يقوم بعض الفلاحين بإيهام الجمعية الزراعية أنهم قاموا بزراعة قمح وهو غير الواقع تماما.

وأشار المصدر إلى أن التجار يشترون القمح بأسعار أعلى من الحكومة حيث يصل الإردب إلى 1000 جنيه، وذلك لبيعه للمصانع الخاصة أو تهريبه، ولذلك على الدولة التصدى للتجار الوهميين وللحيازات الوهمية.

اتجهنا إلى صومعة بنها حيث وقفت سيارات محملة بأطنان من القمح وتمت عملية أخذ العينات بصورة عشوائية عن طريق عصاه حديدية مجوفة من الداخل يخترق بها أجولة القمح لجمع عينات من أجل نخلها وتقييمها من المسئول عن الفرز.

أمام الصومعة التقينا جبر جمال أحد التجار الموردين للقمح أكد لـ«الوفد» قائلا: «الإنتاج هذا العام مرتفع ولكن التوريد أقل ولا نعلم السبب فبعض الفلاحين قاموا بتخزين المحصول من أجل بيعه بأعلى سعر، فالسعر الذى وضعته الحكومة أقل من تكاليف الزراعة، ومعظم الفلاحين كانوا يتمنون أن يصل السعر إلى ألف جنيه للإردب».

التقينا المهندس محمد عوض الله المسئول عن صومعة بنها حيث أكد لـ«الوفد» أن الحكومة وفرت جميع الأساليب والطرق لسهولة استلام الأقماح من الفلاحين، إما عن طريق الحيازة أو عن طريق بطاقة الرقم القومى لمن لا يملك حيازة، كما نتعامل مع أصحاب الحيازات المجمعة ويقصد بها المساحات الصغيرة المزروعة من القمح، كما أضافت حافزا إضافيا، حيث كان سعر بيع الإردب 820 جنيها ثم تمت إضافة مبلغ 65 جنيها كحافز إضافى ليرتفع السعر إلى 885، وذلك حسب جودة القمح ويستمر التوريد هذا العام من شهر إبريل وحتى نهاية أغسطس بزيادة فى فترة التوريد شهرا عن العام الماضى.

وأشار عوض الله إلى أن هناك 32 صنفا من الأقماح فى مصر ويختلف كل صنف حسب طبيعة التربة والجو المزروع بها القمح، وهذا العام إنتاجية القمح مرتفعة، وهناك نوع يسمى «أكاسيد» وجاء بنسبة تصل إلى 30 إردبا للفدان الواحد، ولكنها غير مسجلة حتى الآن، وتستقبل الصومعة يوميا 120 طنا وتقل بعض الشىء، وذلك بسبب انتشار نقاط الاستقبال، والتى ارتفعت من 150 نقطة إلى 400 نقطة فى مختلف المحافظات.

وأوضح عوض الله أن فور دخول السيارات إلى الصومعة يتم وزن الشحنة ويتم أخذ عينات من الجوالات، خاصة أن الشحنة يمكن أن تحتوى على عدة أصناف، ويتم حساب المتوسط حسب الجودة عن طريق أخذ عينات عشوائية، ويتم فرزها أمام مندوب هيئة سلامة الغذاء للوقوف على مدى جودتها.

استقبال الأقماح بالصومعة وتعمل بسعة 200 طن فى الساعة ومجهزة بفلتر لسحب الأتربة الخفيفة من القمح، ثم يتم الدخول على سير يحتوى على مغناطيس دوار يقوم بتنقية القمح من الشوائب المعدنية، ثم يتم خروجه إلى سير آخر للتنقية من الشوائب والطين، ثم يتم التخزين لحين صرفة إلى المطاحن.

وأوضح عوض الله أن عملية التخزين تتم آليا دون تدخل أيادٍ بشرية وفق نظام أتوماتيكى للتحكم فى فتح واستقبال القمح، عن طريق أجهزة تقوم بتقييم درجة نقاء القمح وخلوه من الأمراض سواء كان قمحا محليا أو مستوردا.