رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

عمال مصر.. أزمات وإنجازات

بوابة الوفد الإلكترونية

مايو شهر العمال.. مطلعه عيدهم، وأيامه كلها مخصصة أغلبها فى مناقشات قضايا العمال، والتحديات التى تواجههم، والإنجازات التى حققوها، وأحلامهم وآمالهم.

ويأتى عيد عمال 2022 فى ظل ظروف مختلفة عن الأعوام الماضية، لأن العمال فى انتظار خروج قانون العمل الجديد إلى النور هذا العام، بعد سنوات من المناقشات والاجتماعات والحوارات المجتمعية، من أجل الوصول إلى صيغة توافقية تحقق التوازن بين أطراف العمل والعملية الإنتاجية. 
فقد كان من المنتظر صدور قانون العمل فى البرلمان الماضى الذى بدأ عمله فى 2015، وظل القانون ومناقشاته مستمرة فى مجلس النواب لأكثر من خمس سنوات دون أن يرى النور، إلا أن مجلس الشيوخ وافق على مشروع القانون فى شهر فبراير الماضى، وأحاله إلى مجلس النواب، لاتخاذ الخطوات الأخيرة لإصداره رسميا. 
الموافقة جاءت متضمنة العديد من المميزات والمكتسبات الخاصة بالعمال، مع السعى إلى إحداث قدر كبير من التوازن بين طرفى العمل، فضلا عن التأكيد على حقوق المرأة العاملة وزيادتها خاصة فى إجازات الوضع ورعاية الطفل. 
يأتى ذلك فى ظل مشكلات يعانى منها المجتمع العمالى، تتمثل أبرزها فى عدم تطبيق قرار الحد الأدنى للأجور فى 60% من شركات القطاع الخاص، ومعاناة خفض المرتبات والفصل التعسفى فى بعض المنشآت، فى ظل ارتفاع الأسعار خلال السنوات الماضية. 
«الوفد» ترصد فى هذا الملف أبرز ملامح مشروع قانون العمل الجديد بعد موافقة مجلس الشيوخ، والمشكلات والتحديات التى تواجه العمال، فضلا عن مكتسبات المرأة العاملة، والتحديات التى تواجه عمال الحرف والصناعات اليدوية. 

 

ضوابط «استمارة 6» وصندوق العمالة.. أبرز مكتسبات القانون

 

يعتبر قانون العمل فى أى دولة من أهم عوامل الاستقرار داخل المجتمع، لأنه يرتبط ارتباطا مباشرا بملايين المواطنين والأسر، ويساهم فى تحقيق التنمية الاقتصادية وخلق مناخ جاذب للاستثمار.

وفى فبراير الماضى، وافق مجلس الشيوخ نهائيا على مشروع قانون مقدم من الحكومة ومحال من مجلس النواب بإصدار قانون العمل، بعد ظهور العديد من المطالبات بضرورة إصدار قانون للعمل خلال السنوات الماضية.

جاء ذلك بعدما ظهرت الحاجة إلى قانون عمل جديد، يلبى تطلعات الشعب فى تحقيق العدالة والتوازن بين مصالح العمال وأصحاب العمل، ويكـون دافعاً ومشجعاً للاستثمار، ويقوم على فلسفة جديدة مفادها بناء علاقات عمل متوازنة بين طرفى العملية الإنتاجية، تضمن استمرارية العمل وخلق مجتمع عمل متوازن ومناخ عمل مستقر، ينعكس على زيادة الإنتاج وتحفيز الشباب على العمل بالقطاع الخاص دون تخوف أو قلق، ويحقق الأمان الوظيفى فى هذا القطاع من خلال حظر الفصل التعسفى، ووضع ضمانات لإنهاء علاقة العمل.

من هذا المنطلق جاء مشروع القانون معالجا القصور الوارد بقانون العمل الحالى الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003، وتطبيق مفهوم النصوص الدستورية، ومتماشيا مع المبادئ الدستورية التى قررتها المحكمة الدستورية العليا، ومستندا إلى ما استقر عليه الفقه والقضاء وما نصت عليه اتفاقیات منظمة العمل الدولية.

كما بات واضحا تعثر التسوية الودية بين طرفى علاقة العمل، وبطء عمليات التقاضى، وعدم جدوى الجزاءات الجنائية، مما أدى إلى وجود العديد من المنازعات العمالية معلقة لم يتم البت فيها سواء بالتراضى أو أمام القضاء، فضلاً عن عدم التنسيق بين قانون العمل وقوانين التأمينات الاجتماعية والمعاشات، والطفل، فى العديد من المفاهيم الواردة بها، ما أدى إلى شيوع حالة من اللبس والغموض لدى المخاطبين بأحكام هذا القانون.

ولذلك قدمت الحكومة مشروع القانون وتمت الموافقة عليه فى مجلس الشيوخ بعد مناقشات عديدة، أسفرت عن خروج قانون يستجيب لرؤية العمال وأصحاب الأعمال دون الإخلال بمبدأ التوازن بين الطرفين.

تضمن مشروع القانون فى مواده الـ267 عددا من الحقوق والواجبات الخاصة بالعامل، ويستفيد من مكاسبه ومزاياه الجديدة الملايين.

وجاءت أبرز ملامح مشروع قانون العمل الجديد، فى تحديد علاوة 3% للعاملين بالقطاع الخاص وإنشاء صندوق حماية للعمالة غير المنتظمة.

ونص القانون على عدم جواز إنهاء عقد العمل غير محدد المدة إلا بمبرر مشروع وكاف، وفقا للمادة 133 التى تنص على «إذا كان عقد العمل غير محدد المدة، جاز لأى من طرفيه إنهاؤه، بشرط أن يخطر الطرف الآخر كتابة قبل الإنهاء بثلاثة أشهر»، وأعقبتها المادة 134 التى نصت على أنه «لا يجوز لأصحاب الأعمال، والعمال، إنهاء عقد العمل غير محدد المدة، إلا بمبرر مشروع وكاف، ويراعى فى جميع الأحوال، أن يتم الإنهاء فى وقت مناسب لظروف العمل».

كما حدد مشروع القانون عددا من الحالات التى ينتهى فيها عقد العمل، منها انتهاء العقد بمجرد انتهاء مدته، أو إذا أبرم عقد العمل لإنجاز عمل معين ويجوز تجديده باتفاق صريح بين طرفيه، فيما يعتبر العامل مستقيلا إذا تغيب دون مبرر مشروع أكثر من عشرين يومًا متقطعة خلال السنة الواحدة، أو أكثر من عشرة أيام متتالية على أن يسبق ذلك إخطاره بخطاب موصى عليه بعلم الوصول من صاحب العمل أو من يمثله.

ونص القانون فى المادة 142 على ضرورة التعويض حال إنهاء العقد غير محدد المدة لسبب غير مشروع، بمقدار أجر شهرين عن كل سنة من سنوات الخدمة، ولا يخل ذلك بحق العامل فى المطالبة بباقى حقوقه المقررة قانونًا.

وخصص مشروع القانون مواد لتنظيم تشغيل العمالة فى الداخل والخارج، وأجاز ذلك من خلال وكالات التشغيل الخاصة، وأبقى على نسبة 2% التى تتحصل عليها الشركات نظير إلحاق العمالة فى الخارج، وحدد رأس مال شركات التشغيل بخمسين ألف جنيه لشركات التشغيل فى الداخل، و250 ألف جنيه لشركات التشغيل التى تزاول النشاط فى الداخل والخارج معًا.

أما فيما يخص تنظيم تشغيل النساء لضمان المساواة، فقد خصص مشروع القانون فصلا لتنظيم تشغيل النساء، لحمايتهن من التمييز، وضمان المساواة بين جميع العاملين متى تماثلت أوضاع عملهم، ونص على تفويض الوزير المختص فى إصدار قرار بتحديد الأحوال والمناسبات والأوقات والأعمال التى لا يجوز تشغيل النساء فيها، وحظر فصل العاملة أو إنهاء خدمتها خلال إجازة الوضع.

وأكد استحقاق إجازة رعاية الطفل ثلاث مرات والإبقاء على تخفيض ساعات العمل للمرأة الحامل ساعة اعتبارًا من الشهر السادس للحمل وحظر تشغيلها ساعات عمل إضافية.

وتشمل مكتسبات مشروع القانون الجديد، حظر تشغيل الأطفال قبل بلوغ الخامسة عشر عامًا، مع الإشارة لجواز تدريبهم متى بلغوا أربعة عشر عامًا، وألزم صاحب العمل الذى يستخدم طفلًا دون السادسة عشرة بمنحه بطاقة تفيد بعمله لديه، وأبقى المشروع على حظر تشغيل الطفل أكثر من ست ساعات يوميًا، مع تخلل هذه الفترة راحة وتناول طعام مع حظر تشغيله فى الفترة بين السابعة مساًء والسابعة صباحًا.

كما خصص مشروع القانون بابا لتنظيم عملية التدريب، ونص على إنشاء مجلس أعلى لتنمية الموارد والمهارات البشرية، يتولى وضع السياسات العامة لتنمية الموارد والمهارات البشرية وسياسات التدريب والتأهيل وسياسات تدريب وتأهيل ذوى الإعاقة والأقزام والفئات الأولى بالرعاية، كما يتولى وضع الخطط اللازمة لربط التعليم والتدريب باحتياجات سوق العمل.

كما يتم إنشاء صندوق للعمالة غير المنتظمة تكون له الشخصية الاعتبارية العامة ويتبع الوزير المختص ويصدر قرار من رئيس مجلس الوزراء بتشكيل مجلس إدارة الصندوق برئاسة الوزير المختص، ويحدد اختصاصاته ونظام العمل به.

فى هذا السياق، قال مجدى البدوى، نائب رئيس اتحاد عمال مصر، إن مشروع القانون الجديد يحتوى على عدد من المميزات الخاصة بالعمال مقارنة بالقانون الحالى، لكننا نتحفظ على 3 مواد فيه يجب تعديلها.

وأضاف «البدوى» أن أبرز المميزات تتمثل فى ضوابط استمارة 6، بحيث أصبح لا يعترف إلا بالاستمارة التى يوقعها العامل يوم انتهاء الخدمة، ما يساهم فى القضاء على ظاهرة الفصل التعسفى، إضافة إلى صرف أجر العامل كاملا فى حالة إصدار صاحب العمل قرار بإيقافه لمدة شهرين، وفى حالة رغبة صاحب العمل فى إيقافه مشددا عليه أن يعود للمحكمة.

وأوضح نائب رئيس اتحاد عمال مصر أن المرأة والعمالة غير المنتظمة من أهم الفئات المستفيدة من القانون، حيث أصبح للعمالة غير المنتظمة صندوق لرعايتهم وتمويله بنسبة 1 إلى 4% من قيمة أجور العمال.

ورغم هذه المميزات إلا أن مشروع القانون عليه بعض التحفظات، فبعد أن كانت العلاوة 7% من الأجر الأساسى، أصبحت 3% من الأجر التأمينى، وهذا ينقص من حق العامل، خاصة أن الكثير من الشركات تؤمن على العامل بمبلغ أقل من راتبه الفعلى، ولذلك طالب البدوى، باستمرار تلك المادة وفقا للقانون الحالى الذى يحسبها بـ7% دون تعديل.

وأشار إلى أن المادة 133 تعد بابا خلفيا للفصل التعسفى، لأنها تسمح لصاحب العمل بفصل العمال أصحاب العقود غير المحددة بعد 3 أشهر، وكذلك المادة الخاصة بحق صاحب العمل فى تشغيل العامل بعقد لمدة 4 سنوات ثم يقرر تعيينه بعدها، رغم وجود فترة اختبار 3 أشهر، لأن العامل فى هذه الحالة استقر اجتماعيا ولا يصح أن يتم فصله بعد 4 سنوات من العمل.

 

الفصل التعسفى والحد الأدنى للأجور.. أبرز التحديات

 

شهد المجتمع المصرى خلال السنوات الأخيرة، تغيرا فى تكوين المجتمع العمالى، فبعد أن كان الجميع يسعى إلى الحصول على وظيفة حكومية دائمة فى القطاع العام تحقق له الاستقرار الوظيفى والاجتماعى، أصبح الجزء الأكبر من العمال يعملون فى شركات القطاع الخاص بعيدا عن الحكومة.

وتتباين أوضاع العاملين فى القطاعين سلبا وإيجابا، فمن ناحية يتمتع العاملون فى القطاع العام بجزء كبير من الاستقرار الاجتماعى والوظيفى والحصول على الحقوق، بينما يعانى نسبة كبير من العاملين فى القطاع الخاص من تحديات ومشكلات أبرزها الفصل التعسفى وعدم تطبيق الحد الأدنى للأجور، فضلا عن تخفيض للمرتبات فى ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التى تمر بها مصر والعالم بسبب جائحة كورونا وبعدها الحرب الروسية الأوكرانية.

ووفقا للجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، فقد ارتفع تقدير حجم قوة العمل خلال 2021 إلى 29٫358 مليون فرد مقابل 28٫458 مليون فرد خلال 2020 بنسبة ارتفاع مقدارها 3٫2%.

وأوضحت نتائج بحث القوى العاملة لعام 2021، أن قوة العمل فى الحضر تقدر بنحو 13٫109 مليون فرد، بينما بلغت فى الريف 16٫249 مليون فرد.

من جانبه قال شعبان خليفة، رئيس النقابة العامة للعاملين بالقطاع الخاص، إن هناك 5 ملايين و250 ألف عامل يعملون بالجهاز الإدارى للدولة وشركات قطاع الأعمال العام، ينعمون بشىء من الاستقرار والأمان الوظيفى، وما يقارب من 25 مليون عامل بالقطاع الخاص يواجهون العديد من التحديات.

وأوضح رئيس النقابة العامة للعاملين بالقطاع الخاص، أن عمال القطاع هم الأكثر تضررا وقد تعرضوا لظروف صعبة بسبب الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الناتجة عن ارتفاع الأسعار، سواء فى المواد الغذائية الضرورية أو فواتير الخدمات (مياه، كهرباء، غاز)، مع تعرض الكثير من العمال إما لخفض المرتبات أو الفصل التعسفى رغم أن الدستور المصرى الصادر فى ٢٠١٤ نص فى المادة ١٣ على إلزام الدولة بالعمل على حماية العمال والحفاظ على حقوقهم وحظر فصلهم تعسفيا.

وأضاف: رغم إصدار المجلس القومى للأجور القرار رقم ٥٧ لسنة ٢٠٢١ فى سبتمبر الماضى، بإقرار تطبيق الحد الأدنى للأجور ٢٤٠٠ جنيه بالقطاع الخاص، إلا أن أصحاب الأعمال لم يلتزموا بتطبيقه وتقدمت ٣٠٩٠ منشأة بطلب إعفاء، كما تقدم اتحاد الغرف التجارية بطلبات إعفاء لـ٢٢ قطاعا من القطاعات كثيفة العمالة بالمخالفة للقانون، ولذلك لم يطبق الحد الأدنى للأجور فى القطاع الخاص إلا فى ٤٠% من منشآته فقط.

وأوضح أن أبرز الإيجابيات فى ملف العمال خلال الفترة الماضية، تمثلت فى توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى بالاهتمام بملف الأجور فى مصر، وإقرار الحد الأدنى بقيمة 2400 جنيه فى يوليو 2021، ثم زيادته إلى 2700 جنيه فى أبريل الجارى، على المخاطبين وغير المخاطبين بقانون الخدمة المدنية وعددهم نحو 5 ملايين، فى الجهاز الإدارى للدولة وشركات قطاع الأعمال العام.

وتشمل الإيجابيات أيضاً قرار المجلس القومى للأجور بوضع حد أدنى للأجور 2400 جنيه للقطاع الخاص رغم عدم تطبيقه فعليا فى 60% من منشآت القطاع الخاص، بسبب ضغوط ممثلى أصحاب الأعمال فى المجلس، إلا أن إقرار الحد الأدنى يعتبر تطورا كبيرا فى ملف الأجور.

أما أهم التحديات والمشكلات التى تواجه العمال، فقال «خليفة» إنها تتمثل فى الفهم الخاطئ لثقافة العمل بالنسبة لأصحاب الأعمال، واعتبارهم أن العامل هو رقم يضاف فى الميزانية فقط، وعدم الاعتراف بأنه شريك أساسى فى العملية الإنتاجية وعليه واجبات وله حقوق، إضافة إلى تسريح العمالة بطريقة الفصل التعسفى وعدم الالتفات إلى ظروف العامل وأسرته الاقتصادية والاجتماعية، وعدم التزام أصحاب الأعمال بقرارات الدولة الخاصة بتطبيق الحد الأدنى للأجور وصرف العلاوات المقررة.

ولفت إلى أن من ضمن المشكلات أيضاً، عدم احترام أصحاب الأعمال لأحكام القانون فى الفصل التعسفى واستغلال طول فترة التقاضى فى المحاكم العمالية، وأن العامل لن يصمد أمامهم فى القضاء، فضلا عن الدور الضعيف لمكاتب العمل بسبب نقص المفتشين وهم حوالى ٣٩٠ مفتشا تقريبا على مستوى الجمهورية، يفتشون على ٣ ملايين و٧٤٢ ألف منشأة قطاع خاص.

وتضمن التحديات ضعف الغرامات فى باب العقوبات فى قانون العمل ١٢ لسنة ٢٠٠٣ التى تطبق على المنشآت التى تنتهك حقوق العمال التى أقرها قانون العمل، والضعف والشيخوخة التى دبت فى جسد التنظيم النقابى المصرى بسبب الخلافات بين قيادته على المناصب والبدلات والانشغال عن دورهم الأساسى وهو الدفاع عن حقوق العمال، والحرص على التوازن بين طرفى علاقة العمل ليعلم كل طرف ما له من حقوق وما عليه من واجبات.

وعن أبرز الحلول لمواجهة هذه التحديات والمشكلات، طالب خليفة، بضرورة بناء تنظيم نقابى قوى قادر على المواجهة والندية لممثلى أصحاب الأعمال، لإحداث التوازن بين طرفى علاقة العمل، والتدريب المستمر لتثقيف وتوعية العمال فى مواقع الإنتاج، وتثقيف وتدريب القيادات العمالية داخل مواقع الإنتاج على أهمية دور العمل والإنتاج فى الاقتصاد الوطنى، وتعريف العمال بواجباتهم وحقوقهم وأهمية المفاوضات الجماعية للوصول لحقوق العمال، لتكون بطريقة متحضرة بديلة عن الإضربات والاعتصامات.

وأشار إلى أنه بات من الضرورى إصدار قانون عمل متوازن بين طرفى العملية الإنتاجية عادل ومنصف لكلا الطرفين، وبه نصوص عقوبات رادعة لمن لا يرغب فى الالتزام بالحقوق والواجبات من طرفى علاقة العمل، ووجود إشراف حقيقى وجاد من الجهة الإدارية المختصة من الحكومة على العملية الإنتاجية فلا أفضلية لطرف على حساب الطرف الآخر من أطراف علاقة العمل.

وطالب كذلك بإقرار أجر عادل ولائق يتناسب مع قيمة العمل والجهد المبذول من قبل العمال ومتطلبات المعيشة لهم ولأسرهم، مع علاوة سنوية مناسبة تعمل على التوازن بين الأجر وزيادة الأسعار، والتدريب المستمر لعمالة المهن الجديدة والعمل على تأهيل عمالة ماهرة يتطلبها سوق العمل جراء المستجدات الجديدة التى طرأت عليه فى العالم كله.

وأكد «خليفة» ضرورة وجود قضاء عمالى ناجز لا يتأخر فى تداول القضايا العمالية أكثر من ٦ شهور، وإنفاذ فورى للأحكام القضائية، ووجود مظلة حماية اجتماعية للعاملين بالقطاع الخاص من تأمين اجتماعى وتأمين صحى.

 

قاضيات مجلس الدولة وزيادة إجازة الوضع.. أحدث مكاسب المرأة العاملة

 

المرأة العاملة فى مصر تحمل على عاتقها مسئولية الأسرة فى كثير من الأحيان لأسباب مختلفة، وتتحمل العديد من الصعاب فى سبيل ذلك.

وتولت المرأة المصرية فى السنوات الأخيرة وظائف كانت

حكرا على الرجال وحدهم، رغم عدم حظر القانون تولى هذه الوظائف من جانب المرأة، مثل العمل بالقضاء العادى ومجلس الدولة وفى وظائف العمد والمشايخ والمأذون وغيرها.

وشهدت مصر حدثا تاريخيا فى أكتوبر الماضى، حيث أنه لأول مرة يتم تعيين 98 قاضية بمجلس الدولة، بعد 72 عاما على إنشاء المجلس، تفعيلا وتنفيذا لأحكام دستور 2014، الذى نص صراحة على تمكين المرأة من التعيين فى الجهات والهيئات القضائية دون تمييز.

وتضمنت قرارات الرئيس عبدالفتاح السيسى التى أصدرها فى احتفالية المرأة المصرية هذا العام، التوسع فى مراكز خدمات المرأة العاملة على مستوى الجمهورية من خلال وزارتى التضامن والقوى العاملة، وتحديد إطار داعم لتمكين المرأة فى سوق العمل وتحفيز التميز الحكومى والمؤسسى فى هذا المجال، فضلا عن دعم المرأة من أجل التحاقها بوظائف المستقبل.

ووفقا للجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء، فإن حجم قوة العمل فى مصر خلال 2021 وصل إلى 29.3 مليون فرد، منهم نحو 5,062 مليون امرأة.

كما أن هناك 3.3 مليون أسرة مصرية تعولها امرأة، من بين 24.7 مليون أسرة فى مصر، وهو ما يعنى أن هناك 13.4% من الأسر المصرية تعولها الأم.

وطبقا لدراسة أعدها المرصد المصرى التابع للمركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، فإن 70.3% من هؤلاء السيدات يتولين إعالة أسرهن بعد موت الزوج، و16٫6% من المتزوجات، و7٫1% من المطلقات.

ولضمان حقوق المرأة العاملة، تضمن مشروع قانون العمل الجديد عددا من المكتسبات لها، حيث تبنى سياسة تشريعية لحماية النساء من التمييز ضدهن وضمان المساواة بين جميع العاملين متى تماثلت أوضاع عملهم، وتفويض الوزير المختص فى إصدار قرار بتحديد الأحوال والمناسبات والأوقات، وحدد الأعمال التى لا يجوز تشغيل النساء فيها وحظر فصل العاملة أو إنهاء خدمتها أثناء إجازة الوضع.

ونص فى المادة 49 على أن تسرى على النساء العاملات جميع الأحكام المنظمة لتشغيل العمال، دون تمييز بينهم متى تماثلت أوضاع عملهم، كما أكد فى المادة 53 على أنه للمرأة العاملة الحق فى الحصول على إجازة وضع لمدة أربعة أشهر تشمل المدة التى تسبق الوضع والتى تليه، على ألا تقل مدة هذه الإجازة بعد الوضع عن خمسة وأربعين يوما، بشرط أن تقدم شهادة طبية مبينا بها التاريخ الذى يرجح حصول الوضع فيه، وتكون هذه الإجازة مدفوعة الأجر، وفى جميع الأحوال لا تستحق العاملة هذه الإجازة لأكثر من ثلاث مرات طوال مدة خدمتها.

وواجه القانون مخالفة ذلك، بالنص على غرامة لا تقل عن 200 جنيه ولا تزيد على 1000 جنيه، وتتعدد الغرامة بتعدد العمال الذين وقعت فى شأنهم الجريمة، وتضاعف فى حالة العودة.

كما نص مشروع القانون على خفض ساعات العمل اليومية للمرأة الحامل ساعة على الأقل اعتبارا من الشهر السادس، ولا يجوز تشغيل المرأة ساعات عمل إضافية طوال مدة الحمل وحتى نهاية ستة أشهر من تاريخ الوضع.

وتضمن كذلك فى المادة 54 حق المرأة فى إنهاء عقد العمل بسبب زواجها أو حملها أو إنجابها، ويجب إخطار صاحب العمل خلال ثلاثة أشهر من تاريخ إبرام عقد الزواج، أو ثبوت الحمل، أو من تاريخ الوضع بحسب الأحوال، كما أجاز لها الحصول على إجازة بدون أجر لمدة لا تتجاوز سنتين لرعاية طفلها، ولا تستحق هذه الإجازة أكثر من ثلاث مرات.

فى هذا السياق، قالت النائبة نهى زكى، عضو مجلس الشيوخ، إن قانون العمل يشمل الرجل والمرأة ويسعى إلى إحداث التوازن بين طرفى العمل ويضمن حق كل طرف فى العملية الإنتاجية أو العمل بشكل عام.

وأضافت «زكى» أن القانون الجديد تضمن العديد من المميزات والمكتسبات للمرأة العاملة، منها الحصول على إجازات الوضع ورعاية الطفل، مشيرة إلى أن هناك فارقا بين الإجازتين، لأن إجازة الوضع تعتبر إجازة وجوبية، وكان مقترحا من الحكومة ثلاثة أشهر، لكن المجلس رفعها إلى أربعة أشهر اتساقا مع الاتفاقيات الدولية التى تنص على أنها تكون 14 أسبوعا بحد أدنى.

وقالت عضو مجلس الشيوخ: «أما إجازة رعاية الطفل فإنها بدون أجر ولمدة سنتين، بشرط أن يكون مر على وجود المرأة فى العمل سنة على الأقل ولا تستحقها أكثر من ثلاث مرات، وأن يكون هناك فترة زمنية فاصلة بين إجازة الرعاية الأولى والثانية سنتين للتشجيع على فكرة تنظيم النسل»، لافتة إلى أن هذه الضوابط لم تكن موجودة فى القانون الحالى، والمجلس وضعها للتشجيع على تنظيم النسل من ناحية، والتوازن بين صاحب العمل والعاملة لحفظ حق صاحب العمل فى أن تكون هذه المرأة خدمت المنشأة.

 

قطاع الحرف اليدوية.. يواجه شبح الفناء

 

تعتبر مصر إحدى أشهر الدول عالميا فى صناعات الحرف اليدوية منذ مئات السنين، وخاصة صناعات السجاد اليدوى والنحاس والصدف وغيرها، وكانت منتجات هذا القطاع تجوب العالم.

خلال العقود الثلاثة الماضية شهدت هذه الحرف إهمالا أصابها بالعديد من المشكلات أبرزها الجمود وعدم التطور فضلا عن تسريح العمالة المهرة وانخفاض أعدادها مقارنة بالماضى.

تعتمد الصناعات اليدوية على المهارات والقدرات الذاتية للأفراد، وتحافظ على الصناعات ذات الطابع التراثى من الاندثار، ولذلك بدأت الدولة خلال السنوات القليلة الماضية إعادة الاهتمام بدعم تلك الصناعات وتطويرها لضمان استمراريتها واستدامتها، لأن مصر تتمتع بفنانين مهرة فى هذا القطاع الحيوى.

يسهم الاهتمام بالحرف اليدوية فى إعادة تصدير تلك المنتجات لتوفير العملة الصعبة، حيث وفرت الدولة خلال الفترة السابقة حوافز فنية وتسويقية ومعارض لمنتجات الصناعات اليدوية لترويجها، إضافة إلى إنشاء قنوات اتصال مباشرة بين المصنعين والعملاء، الذين يستهدفون تلك المنتجات اليدوية، وبالتالى الاستفادة المتكاملة من التطوير وخلق فرص تشغيلية تسهم فى تحقيق التنمية الاقتصادية.

وشهدت صادرات الصناعات اليدوية المصرية فى العام الماضى ارتفاعا ملموسا لتبلغ نحو 245 مليون دولار، مقابل 208 ملايين دولار فى 2020.

وتمثلت أبرز جهود الحكومة لدعم قطاع الحرف اليدوية، فى إدراج القطاع ضمن خطة دعم الصادرات اعتبارا من العام المالى 2021/2022، وتتمثل آليات المساندة فى دعم المصنعين فى المعارض الخارجية والداخلية، فضلا عن دور صندوق «تحيا مصر» فى إحياء صناعة السجاد والمفروشات من خلال توفير الأنوال للمصنعين بهدف تعظيم فرص العمل فى الريف المصرى وتسويق المنتجات عالميا.

وتنوعت المبادرات التى تم إطلاقها لدعم هذا القطاع فى السنوات الماضية، منها مبادرة «تتلف فى حرير»، التى جاءت بتوجيهات من الرئيس عبدالفتاح السيسى للنهوض بصناعة النول المصرى، لتقديم الدعم والمساندة لصغار العاملين بهذه الصناعة مع جذب منتجين جدد من الشباب والفتيات والسيدات وكذلك دعم القطاع الخاص للمساهمة فى تطوير صناعات الحرف اليدوية.

وتستهدف المرحلة الأولى من المبادرة توزيع ٥٠٠ نول على الأسر المصرية من العمالة غير المنتظمة بعدد ٢٠٠٠ مستفيد فى 6 محافظات من إجمالى 14 محافظة تستهدفها المبادرة وهى الفيوم، القاهرة، الجيزة، كفر الشيخ، المنوفية، والوادى الجديد.

وتضمن المبادرات أيضاً مبادرة «صنايعية مصر»، تحت إشراف وزارة الثقافة من خلال تدريب المشاركين وفق أحدث النظم الدراسية فى مجالات الخزف والنحاس، التطعيم بالصدف والخيامية وقشرة الخشب وفنون الحلى.

يشرف على التدريب نخبة متخصصة من الأساتذة والمتخصصين بكليات الفنون المختلفة، إضافة إلى الحرفيين ذوى الكفاءة العالية العاملين بمركز الحرف بالفسطاط.

وتهدف المبادرة إلى إقامة مشروعات صغيرة ومتناهية الصغر تعمل على تحسين دخل الفرد ورفع الدخل القومى وخلق أسواق جديدة جاذبة للسياحة.

كما يتم تنظيم عدة معارض للترويج للمنتجات اليدوية أبرزها معرض ديارنا ومعرض تراثنا، حيث يعد معرض ديارنا أقدم وأعرق المعارض فى دعم مجال الحرف اليدوية والحفاظ على الفنون التراثية من الاندثار، والذى يسهم فى الترويج للحرف اليدوية الأصيلة، وخلق فرص بيع مباشرة وفتح أسواق جديدة، كما يشهد معرض تراثنا إقبالا كبيرا أيضاً من الزوار وتحقيق مبيعات جيدة.

وقال مسعد عمران، رئيس غرفة الحرف اليدوية باتحاد الصناعات السابق، إن مصر لديها نحو 3 ملايين حرفى، لكن للأسف ثروة مهملة، ويعانون بشكل كبير منذ سنوات، سواء بسبب ثورات 2011 و2013 ثم تعويم الجنيه فى 2016 وارتفاع الأسعار ثم جائحة كورونا.

وأضاف «عمران» أن الدولة تحاول قدر المستطاع مساعدة عمال الحرف اليدوية سواء من خلال مبادرات الرئيس السيسى أو جهاز تنمية المشروعات ومركز تحديث الصناعة وغيرها من الجهات.

وأوضح رئيس غرفة الحرف اليدوية باتحاد الصناعات السابق، أن معظم الصناعات اليدوية تعانى من تسرب العمال إلى صناعات ومهن أخرى بسبب ضعف العائد المادى وحركة السوق خلال السنوات السابقة، واضطرار العامل إلى البحث عن عمل آخر لتغطية تكاليف المعيشة والأسرة الملزم بها.

وأشار إلى أن الورش تضطر إلى تسريح العمالة، لأن حركة البيع والشراء ضعيفة، كما أن الاهتمام بالحرف اليدوية كان غائبا خلال السنوات السابقة التى قد تمتد إلى 30 سنة، ولولا تدخل واهتمام الرئيس السيسى بهذه الحرف خلال الأعوام القليلة الماضية لكانت اختفت.

وأكد «عمران» أن الحل للحفاظ على هذه الحرف هو ضرورة إنشاء الحكومة نظاما يندرج تحته عمال الحرف اليدوية، وتحديث التصميمات الخاصة بكل حرفة، وتطوير الجودة، وعمل دراسات للأسواق الخارجية على أرض الواقع وليس من خلال مكاتب التمثيل التجارى أو الإنترنت، حتى نعلم احتياجات الأسواق الخارجية وأذواقها لزيادة الصادرات المصرية إليها.

وأضاف: «السجاد اليدوى والمشغولات النحاسية كالنجف والديكورات ثم الصدف والأرابيسك، تعد أهم الصناعات التى من الممكن أن نعول عليها فى زيادة الصادرات، لأننا نتميز فيها والدول المنافسة لنا تتعرض لمشكلات سياسية واقتصادية حاليا مثل سوريا، ولذلك نحن نستطيع استغلال هذه الفرصة لزيادة حصتنا فى الأسواق الخارجية، لكن للأسف لا يوجد نية لدى المسئولين لاستغلال مثل هذه الفرص، لأننا نعانى من مشكلات فى التصدير وتنظيم المعارض الخارجية».

وطالب «عمران» الدولة بسرعة الاجتماع مع المتخصصين فى الحرف اليدوية للتعرف على مشكلاتهم ووضع حلول فورية لها، لأنه خلال عامين أو ثلاثة على الأكثر لن نجد فى مصر عمال للحرف اليدوية، وسينتقلون إلى حرف ومهن أخرى أو يشتروا «توك توك» يحصلون منه على ربح سريع بدلا من الوضع الصعب الآن، مضيفا، «الرئيس السيسى يعمل فى وادى والمسئولين فى وادى آخر، هو يسير بسرعة الصاروخ وهم يعملون ببطء».