رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

فرحة بعودة موائد الرحمن

بوابة الوفد الإلكترونية

استمرار ظاهرة وجبات الخير التى فرضتها كورونا

أهل الكرم يوزعون وجبات جاهزة على بيوت الغلابة والمفطرين فى الشوارع

 

حالة من الارتياح سادت بين المواطنين عقب إعلان الحكومة عن السماح بإقامة موائد رمضان خلال الشهر الكريم، فموائد الرحمن عادة رمضانية من عبق التاريخ، يتسابق عليها أهل الخير مقدمين وجبات للصائمين بالمجان، وهو تقليد عتيق ممتد منذ أكثر من 11 قرنًا، حيث بدأ فى عهد الدولة الطولونية، لتقديم الطعام لكل محتاج أو عابر سبيل على مائدة واحدة، تحوى شتى أنواع الطعام والحلويات، والمشروبات، ويعمل القائمون عليها مثل خلية النحل، منذ مطلع النهار وعادة لا يفطرون إلا بعد مغادرة آخر صائم، وبعد الاطمئنان على رضا الجميع.

 

بدايتها

وكان أحمد بن طولون أوّل من أقام موائد الرحمن فى مصر خلال فترة حكمه بالقرن التاسع الميلادى، حيث كان يجمع كبار التجار والأعيان أوّل يوم من شهر رمضان على الإفطار، ثم يلقى خطبة ينوّه فيها إلى أن الغرض من المائدة تذكيرهم بالإحسان للفقراء والمساكين، ثم أمر بن طولون أن تظل هذه المائدة موجودة طوال شهر رمضان، كما طلب من التجار وكبار الأعيان أن يفتحوا منازلهم، ويمدوا موائدهم للمحتاجين، وفى عهد الفاطميين أطلق على موائد الرحمن «سماط الخليفة»، حيث كان العاملون فى قصر الخليفة يقومون بتوفير مخزون كبير من الطعام، ليكون كافيًا لأكبر عدد ممكن من المصريين.

أما عن مصطلح «مائدة الرحمن»، فقد انتشر فى عهد الدولة الأموية، بفضل شيخ الإسلام الليث بن سعد بن عبدالرحمن، الذى كان محبًا لعمل الخير، وكان يساعد الفقراء والمساكين، ودائم إقامة موائد طعام خارج منزله للفقراء وعابرى السبيل، وهنا جاءت تسمية تلك الموائد على اسم جده «عبدالرحمن»، وقد استمر فيها حتى وفاته عام 791 ميلادى.

وطيلة عهد دولة أسرة محمد على باشا، كان لموائد الرحمن دور مهم فى قصرالحاكم، حتى أنه فى عهد الملك فاروق، كان يُسمح بإقامة موائد الرحمن داخل قصر عابدين، ليستقبل العمال والفلاحين وعموم الشعب المصرى، بعد ذلك خصص الملك عدد من المطاعم المنتشرة فى القاهرة لتكون مائدة طعام للفقراء والمحتاجين، لتتولى إدارة الملكية دفع قيمة مأكولات الإفطار والسحور، وبعد ثورة 23 يوليو 1952، وتحديدًا عام 1967 ميلادية، أُنشئ بنك ناصر الاجتماعى، ليُشرف على تمويل موائد الرحمن من أموال الزكاة.

 

رمضان فى زمن الكورونا

وكانت اللجنة العليا لإدارة أزمة الأوبئة قد قررت فى اجتماعها بالموافقة على إقامة موائد الرحمن خلال شهر رمضان، وكان الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار رئيس الجمهورية لشئون الصحة والوقاية، قد أكد مرارًا ضرورة مراعاة الإجراءات الاحترازية، حيث يجب استمرار النمط الاحترازى والوقائى خلال شهر رمضان وما بعد رمضان.

وفى أوائل الشهر الحالى، قال الدكتور حسام حسنى، رئيس اللجنة العلمية لمكافحة فيروس كورونا بوزارة الصحة، فى مداخلة تليفزيونية: عودة صلاة التراويح فى شهر رمضان الكريم بشرط تحقيق التباعد الاجتماعى خلال الصلاة، وكذلك عودة موائد الرحمن بشرط تلقى اللقاح الكامل لدخول مائدة الرحمن مع الالتزام بالإجراءات الاحترازية، مشيرًا إلى أن وزارة الصحة بدأت حملة «طرق الأبواب» لتلقيح المواطنين فى المنازل بلقاح فيروس كورونا، مؤكدًا ضرورة الحفاظ على هذه الإجراءات للحفاظ على سلامة المواطنين، لافتًا إلى أنه إذا استمر الوضع الوبائى بالانخفاض ستكون الإجراءات الاحترازية أقل وسيتمكن المواطن من أداء كل الأنشطة الاجتماعية.

وكانت الحالات الطارئة التى فرضها ظهور المرض القاتل «كورونا»، قد حرمت العالم من ممارسة حياته بشكل طبيعى، ومنع المصريين من ممارسة عاداتهم فى شهر رمضان خلال السنوات الماضية، ولكن تسارعت الأفكار إلى أذهانهم، حيث تحولت إلى وجبات تتفاوت وتتنوع، من المأكولات العادية فى كل بيت إلى أخرى يصنعها طهاة من فنادق الخمسة نجوم، لملايين المواطنين الذين تضطرهم ظروف عملهم إلى الإفطار فى الشارع.

وقالت هالة العمدة، بفريق جبر الخواطر بالمنصورة: إنها تتفنن فى عمل الخير منذ ما يقرب من 7 سنوات، حيث زارت فى إحدى المرات مركز الأورام، ومن وقتها أصبح شغلها الشاغل هو فعل الخير، لذلك وجدت فى توفير الطعام للمحتاجين ضالتها، ولا تفعل هذا

فى شهر رمضان فقط، بل طوال العام، وأصبحت تفضل توزيع الطعام فى علب، لافتة إلى أن الفكرة وسّعت من دائرة المستفيدين من خدمات المائدة، خصوصًا مما يخجلون من الأكل أمام التجمعات، وكبار السن، وسهّلت كثيرًا عليهم خدمة أكبر عدد ممكن»، مشيرة إلى أنها تعمل على تحضير ما بين 30 و50 وجبة إفطار يوميًا، لتوزيعها على الموجودين أمام المستشفيات بانتظار أقاربهم، والمسافرين بمحطات القطار ومواقف سيارات الأجرة، وبعض الفقراء قبل الإفطار بنحو الساعة، وبرغم من ارتفاع الأسعار إلا أننا نحاول دوما تلبية الطلبات، وتقوم الفكرة على تجهيز وجبات مغلفة، وتوصيلها لبيوت الصائمين من الفقراء والمحتاجين، وفى الشوارع على طرق السفر للمسافرين، بهدف استمرار دعم المحتاجين، خلال فترة الجائحة التى فرضت نفسها، لذلك جاءت الفكرة حتى لا يتأذى أى شخص كان يعتمد اعتمادًا كاملًا على الموائد خلال شهر رمضان.

وأكدت «العمدة» أنها كانت تقيم موائد رمضان منذ سنوات، كما أنها تعد موائد للفقراء طوال العام وليس فى شهر رمضان فقط، من خلال العديد من مشاريع التطوع، فأصبحت لا تقتصر فقط على تحضير الوجبات، بل تطرق الأمر إلى توزيع كراتين طعام على مدار العام للفقراء وهى عبوة تحتوى على المواد الغذائية الأساسية للشهر، مثل الأرز والزيت والسكر وغيرها، وإنشاء ساق للمياه وحفر بئر فى المحافظات التى لا تحتوى على مياه، وفتح مشاريع للأسر الفقيرة، وبناء منازل لهم.

 

إطعام الطعام فى السر أفضل من العلانية

أكد محمد عرفة، باحث فى الشئون الدينية، أن إطعام الطعام، هو إعطاء الطعام أو ما هو فى حكمه كالمال الذى يُفضى إلى الطعام، وهو إمّا أن يكون بأخذ المال، وإمّا أن يكون بتقديم طعام جاهز.. وقال: إنّ إطعام الطعام خيرٌ فى كلّ وقت، ومن أفضل أوقاته شهر رمضان، شريطة أن يكون إطعام الطعام هذا الطعام لوجه الله تعالى وفى سبيله لا رياءً ومفاخرة، ولا فرق فى الثواب، بين إطعامهم على موائد الرحمن أو توصيلها إلى بيوت ذوى الحاجات كما كان يفعل سيدنا على حفيد النبى محمد (صلى الله عليه وسلم) ، فكان يحمل الخبز فى الظلام ويتصدق به على فقراء المدينة.

ولفت «عرفة» إلى أن «صدقة السر أفضل من صدقة العلن»، مستشهدًا بحديث شريف، قال النبى محمد (صلى الله عليه وسلم) «ورجلٌ تصدَّق بصدقةٍ فأخفاها، حتى لا تعلم شمالُه ما تُنفق يمينه»، هذا تأكيد على أن الصدقات تفضل أن تقام خفية دون علم أحد، مشيرًا إلى أن مبادرات توزيع الطعام سواء المجهز أو الجاف على منازل البسطاء، أفضل بكثير من إقامة الموائد، وفضلها أعظم لأنها خافية، ويستحسن أن تكون هذه المبادرة دائمة وبديلة لهذه الموائد.