رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الحكومة تعلن الحرب على محتكرى السلع

طوابير المواطنين
طوابير المواطنين لشراء السلع

«مواطنون ضد الغلاء»: قائمة سوداء لمصاصى دماء المصريين

المقاطعة هى الحل

 

وسط أجواء باردة وطقس متقلب تواصل موجة الغلاء نشاطها، ضاربة بعرض الحائط كل القوانين التى تحكم الأسواق، متجاهلة شكاوى المواطنين من ارتفاع الأسعار وعجز الكثيرين عن تلبية أبسط احتياجاتهم والسبب جشع بعض التجار الذين أرادوا تحقيق الأرباح على حساب الغلابة.

ومن جهته وجه الرئيس عبدالفتاح السيسى، المواطنين لمقاطعة المنتجات التى ترتفع أسعارها، متابعًا: «اللى بيراقب الأسعار الدولة وأجهزتها، لكن ده أمر مش سهل فى دولة فيها 105 ملايين على امتدادها بالكامل وهى بتبص على إجراءات أخرى لمحاربة الإرهاب وتحقيق أمن واستقرار الدولة.. اللى هيظبط الأمر الحاجة اللى غليت شكرًا مش عايزين».

جاء ذلك خلال احتفالية تكريم المرأة المصرية والأمهات المثاليات فى مارس 2019، وخلال الأيام القليلة الماضية شهدت الأسواق انفلاتاً فى الأسعار، خاصة اللحوم والأسماك والدواجن، مما أدى إلى حدوث حالة من الاستياء بين المواطنين وسط مخاوف وقلق من انفلات الأسعار، خاصة مع قرب حلول شهر رمضان المعظم، الذى يتزايد فيه معدل استهلاك المواطنين للسلع، مما يؤدى لارتفاع الأسعار مرة أخرى.

من ناحية أخرى أصبحت قضية ارتفاع الأسعار هى الشغل الشاغل للحكومة، حيث أرجع الدكتور مصطفى مدبولى رئيس الوزراء أن موجة الغلاء وارتفاع الأسعار جاءت نتيجة ارتفاع معدل التضخم فى العالم والأزمة الروسية الأوكرانية، مشيرًا إلى أن الاقتصاد العالمى يعانى من أزمة تضخم مع اقتراب انتهاء كورونا، بالإضافة إلى ارتفاع تكلفة الشحن وتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، مشيراً إلى أن الخسائر فى 14 يوماً تجاوزت 400 مليار دولار على مستوى العالم، لافتاً إلى أن العالم شهد قفزات سعرية حادة فى كل السلع الاستراتيجية بسبب هذه الأزمة، موضحاً أن 35% من التضخم فى مصر سببه خارجى.

وعن شكوى المواطنين من غلاء الأسعار، أكد أن الحكومة تقدره وتعيه تماماً، مشيراً إلى أن سعر البترول زاد بنسبة 100% فى آخر أسبوعين، ومصر ستتأثر بالأزمة الروسية الأوكرانية كبقية دول العالم، مشيرًا إلى أن الدولة تعمل على مدار الساعة لامتصاص التأثير السلبى لموجة التضخم العالمية، كما أن الزيادة التى حدثت فى أسعار الزيت فى مصر تصل إلى 10% فى حين أنها فى الخارج تصل إلى 32%، قائلاً: «إحنا بنحاول فى ضوء الإمكانيات والقدرات نستوعب جزءا كبيرا من التضخم وفيه جزء على المواطن»، موضحًا أن أسعار القمح شهدت زيادة 17% بعد الأزمة الروسية الأوكرانية مضيفاً: «الأسعار هتزيد هتزيد».

وعن أسعار الدواجن، قال الدكتور مصطفى مدبولى رئيس الوزراء: «الحقيقة أسعار الدواجن زادت أكبر من زيادات السوق العالمى، وكان هناك نقاش مع وزير الزراعة لكى نستوعب هذا الارتفاع».

وعن دور الحكومة فى وقف الغلاء، قالت المشرفة على منافذ السلع الغذائية بوزارة الزراعة منال إبراهيم: إنه سيتم طرح منتجات بأسعار مخفضة وجودة عالية للتخفيف على المواطنين.

وأضافت «منال» خلال تصريح تليفزيونى، أن معرض زهور الربيع هو المعرض السنوى الأكبر والأقدم فى المنطقة العربية، الذى تقيمه وزارة الزراعة فى حديقة الأورمان النباتية بالجيزة، حيث يتم عرض جميع السلع الغذائية مثل اللحوم والسكر والزيت وعسل النحل بأسعار مخفضة، مشيرة إلى أن الوزارة تقدم العديد من السلع بجودة عالية داخل المعرض لـ«مواجهة جشع التجار».

 

قائمة سوداء لمصاصى الدماء

فيما أعدت جمعية مواطنون ضد الغلاء قائمة سوداء لمصاصى دماء المستهلكين، حيث أعربت عن قلقها من الارتفاعات الجنونية غير المبررة لأسعار السلع الغذائية على خلفية الحرب الروسية الأوكرانية، وإيهام الرأى العام بأن الزيادات جاءت تأثرًا بالحرب على الرغم من وجود مخزون كبير من السلع الغذائية استعدادًا لشهر رمضان المبارك.

وقال محمود العسقلانى، رئيس جمعية مواطنون ضد الغلاء: إن الزيادات جاءت بمبررات وهمية مكذوبة بل ومفضوحة وفيها من التبجح والحماقة ما يستدعى موقفا موحدا من الدولة والبرلمان والمستهلكين لوقف هذا الجنون، مشيرًا إلى أن هناك واقعة كاشفة تؤكد صحة ما نقول به وما صرح به رئيس شعبة المخابز فى الغرفة التجارية بالقاهرة من أن الزيادة على أسعار الدقيق خلال ثلاثة أيام بلغت ألفى جنيه، حيث كان السعر 9 آلاف جنيه وارتفع إلى 11 ألف جنيه، وهو ما يؤكد بأن محتكرى القمح والدقيق استخراج 72% يرتكبون جريمة الاتفاق الاحتكارى بالمخالفة لقانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، كما أن هناك مثالًا آخر وهو أسعار الأرز وهى سلعة لا يتم استيرادها لا من أوكرانيا أو روسيا أو أى بلد آخر وهى إنتاج مصرى خالص، ولا مبرر للزيادة سوى النهم وجنى الأرباح ومص دماء المواطنين، لافتًا إلى أنه يجرى الآن إعداد قائمة سوداء للجشعين المحتكرين مصاصى دماء الشعوب وأثرياء الحرب عديمى الضمير والأخلاق والوطنية.

 

المواطنون يصرخون

صرخات المصريين من ارتفاع الأسعار تتعالى كل يوم فلا حديث لهم سوى هذه الارتفاعات المتتالية وغير المبررة، حيث أكد عصام فاروق، موظف، أن الرواتب ثابتة والسلع فى زيادة مستمرة مما يجعلنى عاجزًا على تلبية احتياجات أسرتى.

أما رحمة حسين، أم لثلاثة أطفال، فتحدثت معنا بحالة من الحزن والاستياء قائلة: بعد ارتفاع أسعار اللحوم أصبحنا نشترى نصف كيلو فقط، فعمل زوجها كسائق أجرة لا يساعد على شراء أكثر من ذلك، والحل هو مقاطعة الشراء من التجار، والشراء من شوادر بيع اللحوم التى تبيع بأسعار مخفضة من قبل وزارة الزراعة والجيش مما سيجبر الجزارين على خفض أسعار اللحوم.

أما الحاج ياسر محمود فأكد أن الأوضاع لا تسمح للفقراء ومحدودى الدخل بالحياة، لذلك تلجأ زوجتى إلى تربية الطيور فى المنزل وذبحها بالإضافة إلى بيعها فى بعض الأحيان لتساعدنى على نفقات الحياة خاصة، مطالباً بتشديد الرقابة على الأسواق، لافتاً إلى أنه قرر مقاطعة اللحوم نهائياً، بل واستبدالها بالدواجن والأسماك لأنها أقل سعراً، موضحاً أن المقاطعة حق من حقوق المستهلك خاصة فى ظل الارتفاع الجنونى للأسعار، مطالبًا بضرورة الرقابة على الأسواق حتى لا يترك المواطن فريسة لجشع التجار، ويتساءل أين الحكومة من ارتفاع الأسعار الجنونى؟.. وأين دور الرقابة فى ضبط الأسواق؟

 

التجار يدافعون

على الجانب الآخر دافع عدد من التجار عن أنفسهم، مؤكدين أن ارتفاع الأسعار خارج عن إرادتهم، حيث قال صاحب محل لحوم: إن مربى المواشى والأغنام هم السبب وليس نحن، فالأسعار تأتى مرتفعة من المورد نتيجة ارتفاع أسعار الأعلاف، مطالبًا بزيادة تنمية الثروة الحيوانية، وتسهيل إجراءات إنشاء المزارع، ودعم المربين، وتوفير السلالات المناسبة للتربية، وحل مشكلة تمويل تلك المشروعات فى البنوك بفوائد ملائمة وتوفير الرعاية البيطرية لمواجهة الأمراض الفتاكة كالحمى القلاعية التى يجد المربى نفسه وحيداً لمواجهتها والتعامل معها.

كذلك أكد أصحاب محلات السلع الغذائية أن السبب ليس عندهم بل بسبب المصانع التى تورد لهم البضائع والتى قامت برفع الأسعار بصورة جنونية، وعلى هذا الأساس قمنا برفع السعر مع خفض هامش الربح، وطالبوا بفرض رقابة على الموردين وليس على التجار.

 

ترشيد الاستهلاك

ويرى محمد راشد الخبير الاقتصادى، أن الارتفاع المبالغ فيه فى أسعار السلع سببه الرئيسى جشع التجار ورغبتهم فى تحقيق أرباح طائلة على أنغام الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا، فبالرغم من أن تأثير تلك الحرب على إرتفاع أسعار السلع الغذائية لم يصل صداها بعد إلى مصر، ولكنه فقط الاستغلال والجشع الذى اجتمع لديهم لالتهام دم المواطن المسكين، وهو الأمر الذى يتطلب تفعيل الرقابة الحكومية على الأسواق

بكل حزم وصرامة وكسر دائرة الاحتكار الموجودة فى كثير من السلع فى أيدى هؤلاء التجار، بل والضرب بيد من حديد على هذه الممارسات الاحتكارية لحماية المواطنين - ولا سيما البسطاء منهم - من براثن هؤلاء التجار الذين لا يتورعون عن تحقيق أطماعهم على حساب الأغلبية الكادحة، فالدولة قادرة على تفعيل ما لديها من آليات لضبط الأسواق، للتخفيف عن المواطن وطأة الموجة التضخمية العالمية وذلك من خلال زيادة منافذ وزارتى التموين والزراعة لتوفير السلع بأسعار مخفضة علاوة على منافذ القوات المسلحة والتى تسهم بدور مهم فى هذا الشأن.

أما من ناحية المواطن، فيتطلب الأمر الاقتصاد فى الاستهلاك وترشيده بشكل أساسى، علاوة على أهمية عدم التكالب على تخزين السلع، حيث إنه لا حاجة تمامًا لهذا الأمر، فالدولة لديها رصيد استراتيجى آمن من السلع الأساسية، وفى الوقت ذاته التكالب على شراء السلع يعطى فرصة ذهبية للتجار لزيادة الأسعار.

 

حلول تقضى على الغلاء

فيما يؤكد ياسر نصار الخبير القانونى، أنه ليست الحرب فقط سبب الغلاء، ولكن هناك أسباب أخرى حقيقية، منها موجة ارتفاع الأسعار والتضخم العالمية الحالية التى تأثرت بها كل دول العالم من بعد وباء كورونا، وأدت إلى ارتفاع الأسعار فى كل دول العالم، مع قيام الحكومة متأثرة بموجة التضخم العالمية برفع بعض أسعار السلع التموينية والبنزين وأخيراً السجائر، وذلك ينعكس سلباً على الأسعار، فضلًا عن غياب الرقابة الفعالة على الأسواق، واكتفاء الجهات الرقابية مثل التموين وحماية المستهلك بتحرير محاضر بعدم إعلان أسعار أو سلع مجهولة المصدر دون رقابة حقيقية على الأسعار وضبط السوق، بالإضافة إلى عدم وجود أى دور فعال للجهات الرقابية مثل التموين وحماية المستهلك فى التحكم بسعر المنتج والرقابة على التجار فى الأرباح التى يحصدونها، كما يوجد احتكار من كبار التجار والمستوردين لبعض السلع، بل والتحكم فى توقيت طرحها فى الأسواق بالأسعار التى تحقق لهم أكبر نسبة أرباح وثراء سريع.

ووضع «نصار» بعض الحلول منها تفعيل قانون التسعير الجبرى وتحديد الأرباح رقم 163 لسنة 1950 لفترة مؤقتة، لأننا فى حالة ضرورة تبيح للدولة اتخاذ التدابير التى تكفل لها الحفاظ على اقتصادها من الانهيار، مع تفهمنا التام لأضرار هذا القرار، لأنه سيؤثر على الاستثمار وسيؤدى إلى هروب رأس المال الأجنبى، بالإضافة إلى إعطاء الجهات الرقابية سلطة التفتيش والرقابة على هامش الربح للتجار، مع وضع نسبة هامش ربح متدرج ومحدد سلفاً من خلال البرلمان، وتكون آلية هذه الجهات فى الرقابة هى مقارنة سعر البيع مع سعر الشراء من خلال فاتورة الشراء، مع ضرورة إبعاد أيدى الغرف التجارية والصناعية بشعبها المختلفة عن أى دور فى تحديد الأسعار، خاصة أنه يرأسها كبار التجار والصناع وهم المستفيدون من زيادة الأسعار، فضلًا عن إنشاء مجلس أعلى لضبط الأسواق يشكل من وزراء التموين والاقتصاد والتجارة ووكلائهم، وعدد محدد من المواطنين العاديين يتم اختيارهم بطريقة عشوائية للتصويت على قراراته فى كل جلسة على حدة ويراعى التمثيل الجغرافى عند اختيار المواطنين.

 

التسعيرة الجبرية ضرورة

على جانب آخر تقدم النائب حسن طارق عمار، عضو لجنة الشئون الاقتصادية بمجلس النواب، بطلب إحاطة عاجل لرئيس مجلس الوزراء ووزير التموين والتنمية المحلية ورئيس جهاز حماية المستهلك، وذلك بشأن زيادة الأسعار خاصة مع قدوم شهر رمضان، مؤكدًا أن الزيادة غير منطقية فى أسعار السلع الأساسية وغير الأساسية، وجاءت فى وقت قصير، بما يحمل المواطن البسيط أعباء مالية كبيرة لا يستطيع تحملها، خاصة الأسر الأولى بالرعاية، مشيرًا إلى أن الزيادة لا تتناسب مع الحرب القائمة بين روسيا وأوكرانيا وزيادة أسعار البترول، مؤكدًا أن من بين التجار من استغل الظروف الراهنة لتحقيق أرباح غير مشروعة على حساب المواطن الكادح.

وحمل حسن عمار الجهات الرقابية مسئولية التلاعب بالمواطن فى الأسعار، مؤكدًا غياب الرقابة على الأسعار وقلة منافذ البيع الحكومية والتى تقدم أسعارًا تنافسية بكافة المحافظات تسببت فى جشع التجار ورفع الأسعار، مطالبًا الجهات الرقابية بتكثيف الحملات ومتابعة أسعار السوق والوقوف أمام كل من تسول له نفسه احتكار المنتجات وزيادة الأسعار، وكذلك التوسع فى المنافذ الحكومية وتقديم منتجات بأسعار مخفضة للمواطنين، واتخاذ ما يلزم من إجراءات تضمن الحماية الاجتماعية للمصريين.

كما أوضح «عمار» أن الحكومة لابد أن يكون لها دور لحماية المواطنين من غلاء الأسعار، فضلاً عن توفير السلع والمنتجات الغذائية للمواطنين بأسعار مخفضة، وإطلاق المبادرات المختلفة لاستقبال شهر رمضان الكريم، لافتًا إلى أن معارض «أهلًا رمضان» من المبادرات الحكومية التى يتم من خلالها طرح السلع والمنتجات الغذائية بتخفيضات تصل لأكثر من 30%، وخاصة السلع التى يقبل على شرائها المواطنين خلال شهر رمضان.

وقال «عمار»: إنه لم يعد لدى محدودى الدخل من الفقراء والبسطاء أى قدرة على تحمل أى أعباء إضافية جديدة.