رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

تجار الوهم .. الرابحون من الام المرضي

مركبات العطارة العشوائية
مركبات العطارة العشوائية خطر يهدد حياة الملايين

محترفو وصفات العلاج السحرية يحتلون أرصفة الفضائيات ومواقع التواصل الاجتماعى

 

خلطات علاج الألم والمفاصل ومستحضرات التجميل والمنشطات الأكثر رواجًا

النساء وكبار السن والباحثون عن الشباب الدائم أكثر الضحايا

 

ليسوا أطباء ولا عطارين ولا حتى آدميين، هم أشخاص نشاهدهم على شاشات الفضائيات وعلى مواقع «السوشيال ميديا» يرقصون على آلام المرضى، يداعبون أحلام الشفاء بأوهام العلاج الذى لا يشفى مرضا، والغريب أن منهم من يدعى علاج كل شيئ بدءا من الصداع وحتى السرطان، تلك الأمراض التى عجز الطب عن إيجاد علاج لها، يزعم هؤلاء المدعون أن علاجاتهم مجهولة الهوية والمصدر تعالج كل هذه الأمراض فى آن واحد، رغم أنه لا يوجد دواء فى العالم لعلاج كل الأمراض، ولأن المريض «كالغريق يتعلق بقشة» نجد العشرات منهم يقبلون على شراء هذه المنتجات ويصبحوا ضحايا لهؤلاء المدعين.

وكانت واقعة القبض على الصیدلى أحمد أبوالنصر، الشهیر بطبیب الكركمین، خیر دلیل على ذلك بعدما زادت الشكاوى ضده بشأن الترویج لمنتجات مجهولة المصدر على شاشات التلیفزیون، فكم من الضحایا تزهق أرواحهم كبش فداء لأمثال هؤلاء، حتى أصبحت قضية ادعاء القدرة على الشفاء من الدخلاء على مهنة الطب، تهدد حياة آلاف المرضى الذين يبحثون عن طوق نجاة من الألم حتى لدى العطارين وتجار الأعشاب على ارصفة القنوات الفضائية ومنصات التواصل الاجتماعى حتى لو كانت مجهولة المصدر، ويتضح من خلال التحقيقات أن صاحب الكركمين ليس طبيباً أصلاً.

والمتهم أحمد أبوالنصر ليس الوحيد فى هذا المجال، ولكن هناك الكثيرين غيره فهناك المئات من أمثال صاحب الكركمين فى مختلف أنحاء الجمهورية يدعون العلم من لا شىء.

وكما يؤكد الخبراء فهناك أسباب عديدة وراء ظهور مثل هؤلاء فى مجتمعنا وانسياق الكثيرين وراءه وذلك بسبب ارتفاع نسبة الأمية وغياب الثقافة الطبية لدى ملايين المواطنين الذين يتواكلون وليس يتوكلون على الله.

والواقع أن هناك العديد من مدعى العلاج يروجون لمنتجات مجهولة المصدر من خلال إعلانات خاصة لعلاج آلام المفاصل والمنشطات وأدوية التخسيس والتى تعد الأكثر رواجًا على الفضائيات، وتكون النساء وكبار السن والباحثون عن الشباب الدائم هم أكثر الضحايا.

ونظرة واحدة على مواقع «السوشيال ميديا» تجد عشرات الصفحات الترويجية لتركيبات وخلطات أعشاب لعلاج العديد من الأمراض منها كورونا ويؤكد القائمون على هذه الصفحات أن هذه التركيبات تعمل على تقوية المناعة.

«أشواجندا.. قسط هندى.. ورق مورينجا.. أخنآسيا.. قرنفل وحبة البركة..وشاى أعشاب مع كركم وزنجنبيل».. بعض من الأعشاب المتداولة لعلاج الكثير من الأمراض منها الخشونة والرماتيزم والتهاب عضلات الفقرات وغيرها من الأمراض، يقبل عليها المرضى ممن ظلوا سنوات يعانون المرض ويترقبون كل ما هو جديد من أجل الشفاء.

 

بلاغات عديدة

قال الدكتورمحمد الشيخ، نقيب صيادلة القاهرة، إن هناك كثيرين يدعون علاج المواطنين بالجهل مستغلين غياب الثقافة الطبية لدى شريحة كبيرة من المواطنين، مؤكدًا أن الفضائيات ومواقع التواصل الاجتماعى هى المسئولة عن انتشار مثل هذه النماذج على الملأ.

وأضاف نقيب صيادلة القاهرة، أنه تلقى خلال الشهور الماضية الكثير من البلاغات الخاصة بوفاة عدد من الحالات الذين استخدموا الكركمين.

وأكد نقيب صيادلة القاهرة أن العقوبة الموجهة لأى صيدلى يمارس أفعال غير أخلاقية تسيىء لمهنته ولزملائه هى عقوبة الغش والتدليس، ولو ثبت حدوث وفيات تصل العقوبة إلى 10 سنوات سجن.

 وطالب نقيب صيادلة القاهرة رجال الإعلام والصحافة بضرورة توعية المواطنين بمخاطر تداول الأدوية مجهولة المصدر عبر «السوشيال ميديا» والقنوات، وأن السبيل الوحيد للشفاء هو المتابعة مع طبيب معروف.

 

مستحضرات التجميل باب خلفى

كعادتها تحرص «لمياء» على جمالها وأنوثتها أمام زوجها، فتذهب كثيرًا إلى الكوافير الذى لا يبعد عن منزلها سوى الأمتار القليلة، تتفنن مع صاحبة الكوافير فى أشكال قصات الشعر بعد فرده بـ«الكرياتين»، وبعد شهور شعرت السيدة بعلامات الإجهاد الشديد والمرض، نصحها زوجها بالذهاب إلى الطبيب.

أخذت الزوجة بنصيحة زوجها وذهبا سويًا لأقرب طبيب، وبعد الكشف سألها الطبيب عما كانت تحرص على فرد الشعر أم لا خاصة، وقالت إنها تحرص على جمالها سواء بالفرد أو استخدام ألوان من أدوات التجميل، ليخبرها الطبيب أن الكرياتين أصابها بالسرطان.

حالة «لمياء» لا تختلف عن آلاف السيدات اللاتى تحرصن على جمالهن سواء عن طريق فرد الشعر أو استخدام منتجات تجميل مجهولة الهوية وغيرها من عمليات التجميل التى أودت بأصحابها إلى التهلكة.

جولة ميدانية أجرتها «الوفد» لبعض الأسواق الخاصة بالسيدات فى منطقة وسط القاهرة، ورصدت إقبال السيدات على الشراء دون الاعتناء بمصدر تلك المنتجات ومدى الخطورة التى تحاصرهن.

وتحدثنا مع بعض السيدات بشكل حذر بعيدًا عن أعين الباعة المتجولين الذين يخشون تلك الأحاديث حتى لا يتعرضون للمساءلة القانونية من قبل الأجهزة الأمنية، وجميعهن أكدن أن الكثير من السيدات يفضلن شراء منتجات التجميل من الأرصفة مقارنة بالتكاليف الباهظة داخل العيادات الخاصة.

 

تحذير

وحذر الدكتور ماجد عبدالعظيم، مدير المركز الحضرى بساحل سليم بمحافظة أسيوط، من استخدام مثل هذه المنتجات مجهولة المصدر على البشرة والشعر لأنها تنفذ من خلال مسام الجسم وتسبب أضرار بالغة، وأوضح أن الأمر لا يقتصر على ذلك بل أن «دكاكين العلاج» انتشرت بشكل كبير خلال الفترة الماضية، فمع كل صباح تطالعنا شاشات التليفزيون بألوان من الأدوية غير معلومة المصدر تعالج الكثير من مرضى السكر والقلب والضغط وآلام الفقرات فى أن واحد.

وأشار د. عبدالعظيم إلى أن جهل الكثير من المواطنين هو السبب وراء شراء مثل هذه المنتجات غير معلومة المصدر عبر شاشات التليفزيون، فمن خلال عرض الأكذوبة على الشاشة يعزف صاحب السلعة على عقول المواطنين فى منازلهن ما يشجعهم على الشراء.

وتابع قائلا: قبل الإقدام على شراء مثل هذه المنتجات لا بد من سؤال أحد الأطباء المتخصصين عن أى دواء يعتقد المواطن أنه مفيد لحالته ويتم الإعلان عنه على «السوشيال» أو على التليفزيون للتأكد من صلاحيته من الناحية الطبية.

وأضاف د. ماجد: نرى على

التليفزيون أنواع من الأدوية تعالج كل شىء، مما يثير الضحك، وأتساءل دائما: ليه هو سحر؟»، مؤكدًا أن كثيراً من المنتجات المعروضة على شاشات التليفزيون تشكل خطورة حقيقية على صحة المواطنين وتسبب مضاعفات قد تسىء لحالة المريض.

 

فخ العروض الخاصة

كلما تجولت على صفحات «السوشيال ميديا» تجد ألواناً من العروض الخاصة لمنتجات أدوية مجهولة المصدر يعزف أصحابها على ظروف المواطنين المادية الصعبة ويستعرضون تخفيضات تصل لـ50%، وغالبا ما تكون هذه الأدوية مجهولة المصدر أو فاسدة وجميعها تعزف على وتر الشفاء من أمراض عجز الطب عن إيجاد علاج لها، ويرى الدكتور مرزوق العادلى أستاذ الصحافة والإعلام بجامعة سوهاج، أن الوسائل الإعلامية سواء مقروءة أو مرئية هى السبب الأساسى وراء ظهور نماذج مدعى الطب والعلاج بالأعشاب الذين ينساق وراءهم الكثير من المواطنين المغيبين دينيًا وعلميًا وثقافيًا.

وأشار إلى أن ما نشاهده على شاشات التليفزيون وصفحات «السوشيال ميديا» من تداول علاجات مجهولة المصدر تعد كارثة، فهؤلاء المدعون هدفهم الأساسى هو الاتجار بآلام الناس ومعاناتهم وحصد الأموال دون أى مراعاة لصحتهم ومشاعر أقربائهم،، موضحاً حاجة الدولة الماسة إلى إنشاء مستشفيات أكثر لكن بجودة وخدمات أفضل للمرضى.

ويؤكد الدكتور مرزوق أن مهنة الطب أصبحت عرضة لمحترفى النصب وراغبى الثراء السريع، وتحولت على أيدى هؤلاء المدعين من واحة مريحة للناس من أمراضهم وآلامهم ومعاناتهم لأماكن ابتزاز وتجارة ونصب على المواطنين.

وأكد الدكتور مرزوق العادلى دور الإعلام فى فضح هؤلاء الأشخاص الذين يتلاعبون بصحة المواطنين، وضرورة التأكد من مدى التزامهم بالمعايير والشروط العلمية لممارسة المهنة، ويجب أن يكون هناك تنسيق بين وسائل الإعلام المختلفة مكتوبة ومسموعة ومرئية وتفاعلية للقيام بحملات إعلامية حول الممارسات الخاطئة لهؤلاء المدعين الذين يهدفون لجمع الأموال فى المقام الأول دون مراعاة لآلام الناس ودون التزام بالمعايير العالمية فى الممارسات الطبية.

وتابع: يجب على برامج «التوك شو» استضافة المتخصصين من الأطباء والجهات التنفيذية بالدولة وخلق حالة من النقاش البناء لتوعية المواطنين بمخاطر هذه الممارسات على «السوشيال ميديا» والقنوات وتكون هذه الحملة التوعوية على جميع القنوات لضمان مشاهدة المواطنين لها.

 

غش مع سبق الإصرار

من جهته أكد محسن أبوضيف، الخبير القانونى، أن جرائم الغش التجارى انتشرت فى الفترة الأخيرة وبصورة ملحوظة، وحدد قانون الغش والتدليس رقم 48 لسنة 1941 والمعدل بالقانون رقم 281 لسنة 1994 القواعد الخاصة بجريمة الغش التجارى والعقوبات المترتبة على ذلك بالقانون.

وأشار «أبوضيف» إلى أن قانون الغش التجارى تصل العقوبة فيه إلى الحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تجاوز عشرين ألف جنيه أو ما يعادل قيمة السلعة موضوع الجريمة أيهما أكبر، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من خدع أو شرع فى أن يخدع المتعاقد معه بأية طريقة من الطرق.

وحول أنواع الغش وفقاً للقانون وقال: أن أولى الحالات ذاتية البضاعة إذا كان ما سلم منها غير ما تم التعاقد عليه، وثانيها حقيقة البضاعة أو طبيعتها أو صفاتها الجوهرية أو ما تحتويه من عناصر نافعة، وبوجه عام العناصر الداخلة فى تركيبها، ونوع البضاعة أو أصلها أو مصدرها فى الأحوال التى يعتبر فيها بموجب الاتفاق أو العرف النوع أو المنشأ أو الأصل أو المصدر المسند غشاً فى البضاعة، كما يتم الحساب على عدد البضاعة أو مقدارها أو مقاسها أو كيلها أو وزنها أو طاقتها أو عيارها.

وتابع: تكون العقوبة فى الحالات التى تم ذكرها الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تجاوز خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تجاوز ثلاثين ألف جنيها أو ما يعادل قيمة السلعة موضوع الجريمة أيهما أكبر أو بإحدى هاتين العقوبتين إذا ارتكبت أو شرع فى ارتكابها باستعمال موازين أو مقاييس أو مكاييل أو دمغات أو آلات فحص أخرى مزيفة أو مختلفة.