رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

عشرات الضحايا يسقطون غرقًا.. والتعويضات تنتظر الناجين

حوادث مفزعة تحصد
حوادث مفزعة تحصد عشرات الأرواح بسبب معديات غير مرخصة

«مركبة منشأة القناطر» ليست الأخيرة.. و97% من المعابر تفتقد متطلبات السلامة النهرية

آن الأوان لاستكمال خطة إقامة 15 كوبرى خرسانى بدلاً من العبارات المتهالكة بتكلفة تقدر بـ 1.5 مليار جنيه

و10 مليارات جنيه لتطوير الأسطول

مطالبات بالتوسع فى الاستثمار بالنقل النهرى و«رقابة من حديد» على أمن ومتانة الوحدات النيلية

د. حمدى عرفة: الكبارى تسهل حركة انتقال المواطنين وتحمى من مخاطر الغرق

د. شريف الدمرداش: تطوير النقل النهرى صمام الأمان

مازالت حوادث غرق المراكب والصنادل والمعديات النيلية تحصد عشرات الأرواح كل يوم، والكوارث متكررة ومفزعة تنقل الركاب إلى الموت رغم أنف تطوير النقل النهرى، فها هي حادثة انقلاب سيارة نقل بأعلى «معدية منشأة القناطر» التى وقعت يوم الثلاثاء الماضى، وراح ضحيتها 10 مواطنين، بينهم أطفال، بسبب الأخطاء البشرية لسائقيها أو عمال المعديات غير المرخصة.

والأكثر خطورة أن «مركبة منشأة القناطر» واحدة من كوارث الغرق التى تثبت أنه آن الأوان للتخلص من معديات الموت، وخاصة غير المرخصة.. وأن هذا الحادث قد لا يكون الأخير، بل سيلحقه المزيد من الكوارث إذا لم يتم الانتهاء من تطوير أسطول النقل النهرى.

فرغم النقلة الكبيرة التى شهدها النقل النهرى العام المنصرم.. بعد 8 أعوام عجاف عاشها القطاع.. مازالت معديات الموت تحصد الأرواح.. رحلات عبور مؤلمة.. كثير من ركابها نفقدهم وتغيب الابتسامة وتحل محلها الأحزان مثلما حدث مع أهالى معدية قطا بمنشاة القناطر، بعد القبض على قائد السيارة وثلاثة من عمال المعبر غير المرخص وجار ضبط مالكه وتم انتشال أربعة عشر أحياء..

جاء قرار الرئيس عبدالفتاح السيسى، باستبدال المعديات بجميع المحافظات بكبارى خرسانية آمنة، بمثابة طوق النجاة، حفاظاً على أرواح الركاب، وتسهيل حركة انتقال البضائع، بأمان وسلامة، عقب حادث غرق «معدية البحيرة» بقرية دمشلى، والذى راح ضحيتها 4 أفراد، وأيضاً حادث غرق «مركب المنوفية» الذى كان يحمل على متنه 13 مواطناً، فى العام ذاته، ومؤخراً حرق مركب كورنيش المعادى، الذى وقع فى أواخر نوفمبر الماضى، دون خسائر بشرية.. لكن من غير المعقول أن تظل حتى ولو القليل من المعديات البدائية والتى تهالكت مع مضى السنين، أو غير المرخصة.

تلك الحوادث لم تكن الوحيدة، وقد سبقتها كوارث أخرى.. فمنذ عام 2007 وحتى أغسطس 2020، وقعت 15 حادثة أدت إلى وفاة 180 مواطناً، حسبما أكد المهندس كامل الوزير، وزير النقل، كما أكدت الدراسات المختلفة أن هناك 9500 معدية نيلية قديمة ومتهالكة بمختلف المحافظات تنقل آلاف السكان من 144 جزيرة تقع على طول نهر النيل إلى المدن.. وأشارت الدراسات إلى أن 45% من المراكب النيلية غير مرخصة ومع ذلك فهى مازالت تعمل.. و70% من قائديها لا يحملون رخصاً للقيادة.. والمراسى النهرية معظمها «عشوائية» ولا يوجد إنارة أو خدمات.

وكما أوضحت فإن أهم أسباب حوادث الغرق النيلية فى مصر تتلخص فى وجود المراكب والقوارب الصغيرة بدائية الصنع والمعديات قديمة ومتهالكة، وقائدوها بلا خبرة أو مسئولية، ويفتقرون إلى قواعد الملاحة النهرية، ويستهترون بحياة الركاب ولا يلتزمون بسرعة أو حمولة محددة، بالإضافة لغياب الأمان التشغيلى، وعدم توافر معدات السلامة والإنقاذ، ومكافحة الحرائق، كذلك هناك مشكلة ضعف الرقابة، وانعدام الصيانة الدورية بتلك الوسائل، كما أنهم يحققون عوائد أكبر من الركاب دون مراعاة عوامل الأمان والسلامة للركاب، والنتيجة حصد مئات الأرواح يومياً.

جهود كبيرة ومشروعات ضخمة قامت بها الدولة لتطوير قطاع النقل النهرى ويأتى على رأسها مشروع إلغاء المعديات النيلية الذى قارب على الانتهاء.. ويعتبر أهم المشاريع الخدمية التى تنفذها وزارة النقل، للحد من حوادث غرق المراكب والصنادل المتكررة، فهى أنسب وأفضل المشاريع الإيجابية، وأكثرها أمانًا للرحلات اليومية وتوفيراً للوقت والنفقات، كما أنها دافع رئيسى لتسريع معدلات التنمية، من ضمنها زيادة نصيب النقل النهرى فى نقل الركاب والبضائع، من خلال رفع كفاءة وتطوير أسطول الوحدات النهرية بإجمالى تكلفة 10 ملايين جنيه، لتواكب التطورات والمواصفات القياسية الحالية «الطول، العرض، الغاطس»، وتكثيف آليات الرقابة النهرية على الوحدات النيلية، وأيضاً إحلال وتجديد أسطول التاكسى النهرى، وكذلك تطوير المراسى النيلية لجذب نقل الركاب إلى وسيلة النقل النهرى وتخفيف الضغط المرورى، وتعزيز الاقتصاد القومى.

يأتى ذلك فى إطار تنفيذ خطة الدولة الهادفة إلى تطوير منظومة النقل النهرى متعدد الوسائط، لتسهيل عملية تنقل الموظفين والعمال، وأيضاً البضائع، وإحداث التعاون المشترك مع كبرى شركات القطاع الخاص، وفق «رؤية مصر 2030»، ودافعاً فى تحقيق مستهدفاتها، بما يحقق الأمان داخل كل المعديات والسلامة للجميع.

وكانت وزارة النقل قطعت شوطاً كبيراً ضمن زيادة الوحدات والمراسى النيلية، خاصة وأن مصر تمتلك 951 وحدة نهرية منها 577 وحدة تابعة للقطاع الحكومى، فيما يتبع القطاع الخاص 374 وحدة فقط..

هذه الخطوات الناجحة تأتى وفق خطة «2020 - 2021»، بإقامة 15 كوبرى علوياً بتكلفة تقدر 1.5 مليار جنيه.. وكل كوبرى عبارة عن حارتين لكل اتجاه، إضافة إلى أرصفة مشاة، والأولوية فى إقامة الكبارى الخرسانية الجديدة، كانت للقرى التى يزيد عدد سكانها على 10 آلاف مواطن، وصاحبة الكثافة السكانية الأعلى، وخضعت لاختيارات المحافظين بالاشتراك مع وزارة النقل، وجارى الانتهاء من إنشاء نحو 60 محوراً، وكوبرى بحلول عام 2024، لخدمة 15 قرية على نهر النيل.

خطة وزارة النقل

أوضح المهندس كامل الوزير، وزير النقل: أن الرئيس عبدالفتاح السيسى وجه بإلغاء المعديات حفاظاً على المواطنين. مضيفاً أن تكلفة إقامة الكبارى الخرسانية البديلة للمعديات 10 مليارات جنيه.

ويؤكد - «وزير النقل» - أن رؤية الوزارة لا تقتصر على نقل الركاب والبضائع فقط، بل تتخطى ذلك إلى المشاركة فى التنمية الشاملة للدولة، الجارى تنفيذها فى مختلف قطاعات النقل، حيث تم تخصيص مبلغ 1.7 تريليون جنيه فى الفترة من يونيو 2014 حتى يونيو 2024 لتنفيذ كافة المشروعات فى كافة قطاعات النقل منها 3 مليارات جنيه لمشروعات النقل النهرى، مما يساهم فى تحقيق التكامل بين شبكات النقل المختلفة لخدمة المشروعات القومية الكبرى وتنشيط حركة التجارة وتسهيل الانتقال وتخفيف العبء عن كاهل المواطنين وتدريب الكوادر الفنية، والاهتمام بعوامل الأمن والسلامة وتنفيذ المشروعات بمواصفات عالمية وربط مصر بمحيطها الإقليمى، وخلق فرص عمل.

قال الدكتور حمدى عرفة، أستاذ الإدارة المحلية بكليه الإدارة  بالجامعة الدولية للعلوم والتكنولوجيا، خبير استشارى شئون البلديات الدولية: إنه آن الأوان لاستكمال إقامة الكبارى الخرسانية بدلاً من المعديات النيلية المتهالكة، وتطوير الأسطول النهرى ككل، لحماية حياة سكان قرى ومراكز كل المحافظات.

وأوضح - «أستاذ الإدارة المحلية» - أننا نحتاج إلى التعاون والتنسيق المشترك بين الأجهزة التنفيذية المختصة بمختلف فروع وزارات الرى والنقل والسياحة، خاصة وأن المسئولية الأكبر تقع على عاتق الـ27 محافظاً ومن يتبعهم من رؤساء المراكز والمدن والأحياء والوحدات المحلية القروية، لفرض رقابة على المجرى النهرى وما يتفرع منه من بحيرات وترع بطول نهر النيل. مطالباً بأهمية زيادة التفتيش والمتابعة والرقابة النهرية على سير كل الوحدات والمعديات والمراكب والصنادل والقطع النهرية التى تستخدم المجرى النهرى فى نقل البضائع أو الركاب، وإزالة كافة التعديات على حرم نهر النيل لتفادى سلبيات ما هو قائم حالياً.

وأشار إلى أن الأخطر هو وجود 45% من المراكب النيلية غير مرخصة، و70% من قائديها لا يحملون رخص قيادة، والمراسى النيلية « عشوائية » تفتقد متطلبات الأمان والسلامة وتقديم الخدمات المطلوبة.

لافتاً إلى أن المادتين «26، 27» من قانون الإدارة المحلية رقم «43» لسنة 1979، تنصان على أن: «المحافظ يعتبر ممثلاً للسلطة التنفيذية بالمحافظة، ويشرف على مرافق الخدمات وهى «المرسى النيلية والمراكب» فى نطاق المحافظة، ويعاونه فى ذلك مدير الأمن الذى يضع الخطط والضوابط العامة الخاصة بالحفاظ على الأمن داخل محافظته، ويلتزم بإخطاره فوراً بالحوادث ذات الأهمية الخاصة لاتخاذ تدابير الأزمة فى هذا الشأن بالاتفاق بينهما، وللمحافظ أن يتخذ جميع الإجراءات الكفيلة بحماية أملاك الدولة العامة والخاصة وإزالة ما يقع عليها من تعديات».

موضحاً أنه وفقاَ للقانون فإن المحافظين هم مسئولون أيضاً عن مراجعة تراخيص المعديات والمراكب وقائديها، والتأكد من توافر وسائل الأمان بها من إنارة وصافرات إنذار، مع الحرص على تحديد خط سير وسرعة محددة وحمولة من الركاب والبضائع معلومتين، لتجنب الأخطاء والمخالفات البشرية التى تعرض حياة وأمن المواطنين للخطر، مع العلم أن متوسط عدد الأفراد 8 ركاب فى المعدية الواحدة، إلى جانب ضرورة الصيانة الدورية لتلك المراكب ووسائل الإنقاذ ومكافحة للحرائق، وهو ما يتطلب التنسيق بين كل محافظ وبين الأجهزة التنفيذية فى كل محافظة، سواء وزارة الرى أو شرطة المسطحات التابعة لكل مديرية أمن، لأن المحافظ فى النهاية هو المشرف على مدير الأمن فى كل محافظة بنص القانون.

فيما أكد مصطفى النويهى، رئيس جمعية نقل البضائع بالغربية، والنائب السابق عن حزب الوفد: أن إقامة الكبارى الخرسانية وإلغاء جميع المعديات المتهالكة هو قرار فى غاية الأهمية فى الوقت الحالى، خاصة مع تزايد حوادث غرق المراكب النيلية والمعديات غير المرخصة.

مضيفاً أن المشروع الجديد يساهم فى توفير خدمة جيدة وآمنة للجميع، وبداية إيجابية لتيسير حركة نقل الركاب والبضائع والرحلات اليومية، والحد من خطورة التنقل بين جانبى النيل، وهو ما دعا الجهات المعنية فى قطاعات النقل والسياحة إلى وضع استراتيجية متكاملة للاستثمار فى نهر النيل، عن طريق إحلال مشروع الكبارى الخرسانية محل المعديات باعتبارها البديل الآمن للمواطنين، كما يسهم فى تطوير منظومة النقل النهرى فى ضوء التجارب الدولية.

وأوضح - «النويهى» - أن مصر تسعى لتطوير قطاع النقل النهرى، وتتخذ خطوات تدعو للتفاؤل، وكل هذه الإنجازات الرئاسية فعلاً تستحق الإشادة، لحرصها على سلامة المواطنين.

مطالباً بضرورة زيادة حملات التفتيش والرقابة على الوحدات والمعديات والمراسى النيلية وتزويدها بكاميرات متطورة لرصد المخالفات، وبما يضمن الالتزام بمعايير السلامة والأمان والسرعة والحمولة المحددة، وأيضاً التأكد من سريان التراخيص الخاصة بقائديها، لأن معظمها مخالف للضوابط والاشتراطات، بالإضافة إلى الالتزام بمواقيت العمل الرسمية، وكذلك توافر وسائل الإنقاذ، للمحافظة على أرواح الأبرياء.

خدمة مميزة

ومن جانبه، أوضح الدكتور شريف الدمرداش، الخبير الاقتصادى: أنه آن الأوان لتقديم خدمة متميزة لجميع ركاب النقل النهرى، الأمر الذى يتطلب ضمان المراقبة والمتابعة المستمرة ومراجعة جميع المعديات النهرية ومدى تطابقها للمواصفات العالمية، والتأكد من سريان تراخيصها وتوافر كافة الاشتراطات الفنية ومقومات الأمان والسلامة بها، والالتزام بتحميل الأعداد المقررة، مما يقضى على أزمة المعديات وخطورتها، والحفاظ على حياة الركاب، فى ضوء خطة الدولة لتطوير قطاع النقل النهرى. لافتاً إلى أهمية منح امتيازات للقطاع الخاص، بما يضمن تحقيق عوائد للشركات السياحية، ويساهم فى إنعاش حركة التجارة والنقل، باعتبارها صمام الأمان لتحقيق النمو الاقتصادى، بالإضافة إلى التقليل من الخسائر البشرية الناجمة عن حوادث غرق المعديات المتهالكة، مما يعزز الأمان والسلامة النهرية.