رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الابتزاز الإلكترونى... جريمة ضد الإنسانية

الابتزاز الإلكترونى
الابتزاز الإلكترونى

مساعد وزير الداخلية: انتحار «بسنت» رسالة تحذير للمجتمع

خبراء: التوعية التكنولوجية والقانونية والتواصل الأسرى أبرز وسائل المواجهة

برلمانى: قصور تشريعى فى قانون العقوبات وتعديله ضرورة

 

جريمة جديدة فى الفضاء الإلكترونى، بطلها «الفوتوشوب» وشاب فاقد العقل والدين، والضحية فتاة دفعت حياتها لهذا الجرم، فى حين ما زالت معاناة غيرها مستمرة،

فقد انتشرت جرائم «الابتزاز عبر الإنترنت» بكثرة فى مجتمع السوشيال ميديا، خاصة بعد انتشار التكنولوجيا فى كل مكان ووصولها للقرى والنجوع، وإساءة استخدامها من قبل البعض إرضاءً لنزواته الجنسية، أو بهدف الحصول على مكاسب مادية، وذلك عبر تركيب صور وفيديوهات فاضحة، وغالباً ما تقع تلك الكوارث بين من ربطت بينهما سابقاً علاقة عاطفية أو خطبة وأحياناً زواج، أو من أعجبته صورتها المنشورة على صفحتها الشخصية، مثلما حدث فى واقعة فتاة الغربية التى فارقت الحياة للهروب من نظرة المجتمع لها بعد نشر صور فاضحة لها.

 يذكر أنه لا توجد إحصاءات رسمية عن معدل جرائم الابتزاز الإلكترونى، لكن دراسة أعدتها لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بمجلس النواب، كشفت عن أن شهرى سبتمبر وأكتوبر عام 2018 شهد تقديم 1038 بلاغاً بجرائم إلكترونية، خاصة الابتزاز، ونجحت وزارة الداخلية فى ضبط أغلب المتهمين فيها، وقد صدرت تلك الدراسة بمناسبة إصدار قانون مكافحة جرائم المعلومات فى العام نفسه

التوعية التكنولوجية هى الحل

واقعه الابتزاز الإلكترونى لفتاة الغربية المنتحرة تدق ناقوس الخطر وتتضمن الكثير من الرسائل التحذيرية.. بتلك الكلمات أكد اللواء محمود الرشيدى، المساعد السابق لوزير الداخلية لأمن المعلومات، أن مثل هذه الجرائم المستحدثة من المتوقع تصاعد وتيرتها وأضرارها على الدولة والمجتمع، خاصة فى ضوء توجه الدولة نحو التحول الرقمى والاعتمادية المطلقة على شبكة الإنترنت ومواقع التواصل فى كل مناحى حياتنا المعاصرة، لذا يجب سرعة التحرك لحماية الدولة والمجتمع من المخاطر والتهديدات المصاحبة للاستخدام غير المشروع وغير الآمن والمتزايد لشبكة الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعى، والمتمثل فى ارتكاب الكثير من الجرائم والمخالفات كالسب والقذف والتشهير والابتزاز الجنسى والمادى والمعنوى والقرصنة المعلوماتية والاختراق والتنصت والاحتيال الإلكترونى، بالإضافة إلى سرقة بيانات الكروت الائتمانية لعملاء البنوك والشركات وغيرها من الجرائم الإلكترونية.

وأشار «الرشيدى»، إلى أن هذه الواقعة المأساوية، تبعث بالكثير من الرسائل التحذيرية، منها ضرورة انتباه الأسرة لاستعادة أدوارها التربوية والرقابية والتوعوية لابنائها، وضرورة إيجاد فرصة للحوار بين جميع أفراد الأسرة، وذلك لخلق حالة من الاطمئنان المتبادل والدفء العائلى والمصارحة بينهم فى كل أمورهم، لحل جميع المشاكل والأزمات التى تواجه أفراد الأسرة قبل استفحالها، بالإضافة إلى تفعيل طرق التوعية التكنولوجية لجميع مستخدمى شبكة الإنترنت ومواقع التواصل، مع ضرورة تطبيق القانون بكل قوة على كل من تسول له نفسه ارتكاب مثل هذه النوعية من الجرائم ليعلم الآخرون جيداً بوجود قوانين تجرم أى استخدام غير مشروع وغير آمن لشبكة الإنترنت، ووجود أجهزة أمنية على درجة عالية من الكفاءة التكنولوجية والأمنية تتلقى بلاغات المواطنين ممن يتعرضون لهذه النوعية من الجرائم وتقوم بالرصد والتتبع الإلكترونى للجناة وضبطهم وتقديمهم للمحاكمة.

تشديد العقوبة

وطالب النائب إيهاب رمزى، عضو مجلس النواب وأستاذ القانون الجنائى، بسرعة تقديم مرتكبى جريمة انتحار الطالبة بسنت خالد بمحافظة الغربية إلى المحاكمة العاجلة، مشيراً إلى وجود قصور تشريعى فى هذا الملف ولا بد من تدخل سريع لمواجهة التهديد والابتزاز الذى يؤدى إلى الانتحار.

وقال «رمزى» إن حادثة انتحار الطالبة بسنت خالد، يتطلب وقفة حاسمة من مختلف المؤسسات بالدولة، مؤكداً ضرورة التصدى بكل حسم وقوة ضد من يرتكبون مثل هذه الجرائم لابتزاز ضحاياهم، مؤكداً أن قانون العقوبات يجرم الابتزاز والتهديد وانتهاك حرمة الحياة الخاصة، وقانون تقنية المعلومات يجرم كل الجرائم على الوسائل المعلوماتية.

وأوضح أن أقصى عقوبة لجريمة الابتزاز والتهديد بإفشاء الأسرار تصل إلى السجن 5 سنوات، لافتاً إلى وجود مشكلة تشريعية بسبب ثبات العقاب فى هذا الصدد، وأن أسباب الانتحار حتى لو تسبب فيها آخرون لا يعاقب عليها القانون، موضحاً أن القانون يعاقب على الإيذاء البدنى الذى يؤدى إلى الوفاة وليس الإيذاء النفسى، مشيراً إلى وجود قصور تشريعى فى هذا الأمر حيث إن القوانين المنوطة بهذا الأمر قديمة وأهمها قانون العقوبات الذى يعود لسنة 1949 مؤكداً أن الجرائم المستحدثة تحتاج لتشريع جديد يعالج هذا الأمر.

وأشار إلى أن الإيذاء النفسى قد يترتب عليه الانتحار أو الوفاة، موضحاً أن الصدمة العصبية لدى البعض قد تؤدى بالشخص للموت، موضحاً أن الشخص الأقل من 18 عاماً فى نظر القانون يعتبر طفلاً، ولذلك فالشابان اللذان تسببا فى انتحار بسنت سيتم معاقبتهما أمام الأحداث، ولذلك لابد من تدخل البرلمان بتشريع جديد بتعديل سن الأحداث بالإضافة إلى العقاب على الإيذاء النفسى.

وتابع أنه فى مثل هذه الجرائم كان يجب على الأهل الاستماع لابنتهم ومحاولة تهدئتها وأن حقها سيعود بالقانون، ولكن للأسف الأهل ضغطوا عليها وهى ضحية ما أثر فى نفسيتها حتى أقدمت على الانتحار للتخلص من الضغوط والقهر، موضحاً أن بسنت ضحية كل من قام بتداول الصور والفيديوهات المفبركة دون تفكير فى حرمة هذا الفعل المشين.

وطالب رمزى وسائل الإعلام بضرورة نشر التوعية بالخطوات اللازمة لعمل محضر بمباحث الإنترنت فى حالة التعرض لأى ابتزاز إلكترونى.

النداهة

وفى هذا السياق، قال محمد أبوخطوة، الخبير القانونى، إن عالم السوشيال ميديا أشبه بـ«النداهة» التى تجذب كل مغيب عن الوعى الدينى والعلمى، فبداخلها يصطاد شياطين الإنس فرائسهم ممن يعانون العزلة داخل الأسرة.

وأشار «أبوخطوة»، إلى أن حالة الطالبة المنتحرة بسنت خير دليل

على ذلك فمع بعدها عن أسرتها وغياب جرأتها فى مواجهة الواقع حدث ما حدث، ولذلك يطالب أبوخطوة الأسر بضرورة الاقتراب من الأبناء مهما كانت مشاغل الحياة ومتاعبها لحمايتهم من تكرار مثل هذه الحوادث المؤسفة، كما حدث من قبل مع انسياق الشباب وراء الألعاب الإلكترونية القاتلة مثل الحوت الأزرق وغيرها.

وحول سبل حماية الفتاة لنفسها من الوقوع فى فخ الابتزاز الإلكترونى رد الخبير القانونى قائلاً: «ضرورة الابتعاد بشكل تام عن أى جروبات فتيات غير معلوم القائمين عليها أو معرفتهم بشكل شخصى، وعدم التعامل مع أى خبير مجهول الهوية تحت مسمى خبير نفسى أو تربوى أو عالم روحانى وخلافه»، مضيفاً أنه «فى حال تعرض الفتاة لأى عملية ابتزاز مهما كانت طبيعتها عليها مواجهة الأمر مع الأسرة والرد على هذه الرسائل بالطرق القانونية».

وأشار الخبير القانونى إلى أن هناك قانوناً موجوداً بالفعل لمعاقبة المتهمين فى مثل هذه النوعية من الجرائم وهو قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات وخاصة المادة 25 التى تنص على أن يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر، وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من اعتدى على أى من المبادئ أو القيم الأسرية فى المجتمع المصرى، أو انتهك حرمة الحياة الخاصة أو أرسل بكثافة العديد من الرسائل الإلكترونية لشخص معين دون موافقته، أو منح بيانات شخصية إلى نظام أو موقع إلكترونى لترويج السلع أو الخدمات دون موافقته، مطالباً بضرورة تغليظ العقوبة حتى لا تتكرر مثل هذه الحوادث.

جريمة شائعة

وفى نفس السياق، أكد عبدالصادق البنا، محامٍ بالاستئناف العالى ومجلس الدوله، أن الابتزاز الإلكترونى هو الأمر الأكثر شيوعاً اليوم عبر مواقع التواصل الاجتماعي, بسبب انغماس الناس فى عالم الشبكة العنكبوتية وقضاء غالبية الوقت فى عملية التنقل بين المواقع الإلكترونية والمنصات الاجتماعية، وعملية الابتزاز تأتى من جهل الضحية بالقوانين التى تجرم مثل هذه الأفعال وعدم الاستخدام الصحيح لمواقع التواصل الاجتماعى، وغياب التركيز على الشروط الأساسية التى تحمى مستخدم الإنترنت من أن يصبح فريسة سهلة لمجرمى القرصنة والاختراق الإلكترونى.

وأضاف «البنا»، أن الابتزاز يسبب اضطرابات نفسية وإرهاقاً وأرقاً، وذلك حيث يستخدم المبتز الصور والمحتوى الذى يملكه ضد الضحية، وتبدأ عملية التواصل معها عن طريق حسابات وهمية يتم من خلالها إرسال الصور للضحية، ما يخلق لديها بالتدريج حالة اضطراب نفسى، وخوف دائم من نشر تلك الصور فى الدائرة الاجتماعية، فتصبح أكثر خوفاً من التعامل مع الآخرين، ويزيد رعب وأرق الضحية يوماً بعد الآخر ما يزيد قوة موقف المبتز، فضلاً عن حدوث اضطرابات عضوية فى جسم الضحية، حيث تؤدى الضغوط النفسية المتتالية إلى اضطرابات عضوية مثل اضطراب الغذاء والتفكير وانعدام القدرة على اتخاذ القرارات، وقد يصل الأمر إلى الانتحار، الذى يعتبر من أخطر آثار الابتزاز الجنسى الإلكترونى، وهذا قد يحدث مع بعض الضحايا اللائى يستجبن بالفعل لهذا الابتزاز وقد يدخلن فى علاقة فعلية مع المبتز وهو ما يمكنه من تصوير مقاطع فيديو جنسية لهن، وعندما تطالبه الضحية بالكف عن استغلالها يقوم بإرسال مقاطع الفيديو للمحيطين بها لتخضع له أكثر وأكثر، وهنا تزيد الضغوط النفسية على الضحية التى تلجأ للانتحار للتخلص من الابتزاز

وأكد الخبير القانونى أن هناك عدة أسباب وراء الابتزاز الإلكترونى، منها الهدف المادى، والهدف الجنسى، حيث يعتبر هذا النوع من أخطر أسباب الابتزاز الإلكترونى وتتعرض له الكثير من الفتيات، وهناك أيضاً هدف انتفاعى وهو الذى يستخدم ضد مسئولين وشخصيات معروفة فى المجتمع، وذلك لتحقيق مصلحة تخص مكانة الضحية أو مركزه العملى.