رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الأمطار "هدية السماء"» رفضتها المحليات!

بوابة الوفد الإلكترونية

شوارع الإسكندرية غرقت فى « شبر مية» والمسئولون «خارج الخدمة»

خبراء: مطلوب إنشاء شبكات وسدود للاستفادة من مياه الأمطار

15 ملليمتراً كمية الأمطار.. وشبكات الصرف تستوعب 5 مللى فقط

شبكات مياه الشرب لم يتم تجديدها منذ 102 عام

الأمطار نعمة من السماء ولكن إهمال المحليات يحولها إلى نقمة بسبب ما تتعرض له المحافظات المختلفة، فقد تعرضت مناطق عديدة من مصر لتساقط الأمطار بكميات كبيرة خلال الأيام القليلة الماضية، وكالعادة غرقت البلاد فى «شبر مية» وتوقفت حركة المرور فى الإسكندرية وفى المحافظات الساحلية بسبب تراكم مياه الأمطار فى الشوارع، وقبل ذلك تعرضت محافظة أسوان لأمطار شديدة أغرقت الشوارع وتسببت فى انهيار عدد من المنازل، وتعريض حياة المواطنين للخطر بسبب ظهور العقارب والزواحف التى جرفتها مياه الأمطار من الجبال المحيطة.

كذلك شهدت شوارع القاهرة وعدد من محافظات الدلتا نفس حالة الارتباك بسبب سقوط الأمطار، وتحول بعضها إلى برك ومستنقعات، وتعطُلت حركة المرور، وتحولت الأنفاق وأسفل الكبارى إلى خزانات للمياه، فى مشهد يتكرر كل عام ومع كل موجة من الأمطار، وهو ما يتطلب ضرورة إيجاد طريقة جديدة للتعامل مع مياه الأمطار والاستفادة منها بدلاً من إهدارها فى الشوارع وشبكات الصرف الصحى، والعمل على تخزينها للاستفادة منها

رغم أن الدكتور خالد قاسم، المتحدث باسم وزارة التنمية المحلية، كشف خلال لقاء تليفزيونى فى الشهر الماضى استعدادات الحكومة لاستقبال الشتاء، لافتًا إلى أن الوزارة استعدت لاستيعاب كميات الأمطار التى ستسقط على مختلف الأنحاء فى كافة المحافظة، موضحًا أن الوزارة تنفذ خطة استعداداية على مستوى محافظات الجمهورية تسمى «العملية صقر»، يتم خلالها اختبار كافة المعدات والأدوات والمشروعات المعنية بمواجهة السيول وسقوط الأمطار، مشيرًا إلى أن موجة الطقس السيئ التى ضربت محافظة أسوان خلال الأيام الماضية، لم تحدث منذ 11 عامًا، وناتجة عن التغيرات المناخية التى يشهدها العالم، وتابع: «هناك كارثة بيئية تشهدها الكرة الأرضية الآن»، موضحًا أن الوزارة تنسق مع وزارات «الرى والإسكان والتضامن»، بالإضافة إلى عدد من الأجهزة المعنية لتنفيذ خطة الاستفادة من مياه الأمطار فى المحافظات، مضيفًا أنه تم تعديل مسار مفيض توشكى قبل الأمطار الغزيرة التى تعرضت لها أسوان بأربعة أشهر، ومع ذلك فعند سقوط الأمطار تبين أن هذه الاستعدادات مجرد كلام «على الهواء».

 وردًا عن تلك الاستعدادات، أكد الخبراء أنها مجرد أفكار، لا تخرج لحيز التنفيذ فى معظم الأحيان، والدليل على ذلك ما حدث عند سقوط الأمطار خلال الأيام الماضية، حيث أكد أمجد عامر، خبير التنمية المحلية، أن مشهد البحيرات والبرك بالشوارع يعبر عن عدم استعداد المحليات للأمطار الغزيرة، وإخفاقها فى أول اختبار فى الموسم الشتوى، رغم الإعلان عن استعدادات المحليات، لكن يبدو أنها تتم بشكل روتينى وبأجهزة وإمكانيات لا تتناسب مع كميات الأمطار التى تسقط على البلاد، مضيفًا أن المناخ أصبح مختلفا وكمية الأمطار تزداد كل عام، فى ظل تهالك البنية التحتية.

 وطالب «عامر» بضرورة تفعيل المشاركة بين الشركة ألقابضة لمياه الشرب والصرف الصحى مع الأجهزة المحلية لتطهير مخرات السيول، ومواسير الصرف الصحى لاستيعاب مياه الأمطار وعدم تراكمها فى الشوارع، وتعجب «عامر» من عدم استعداد 25 شركة تابعة لشركة مياه الشرب بالمحافظات، بالإضافة إلى المحليات، والشركات المنوطة بالصيانة والتشغيل لمشروعات الصرف الصحى وشفط المياه التابعة لوزارة الإسكان، رغم تحذيرات الأرصاد المتكررة من الأمطار.

كما طالب بتطهير مخرات السيول فى المحافظات والاستفادة من مياه الأمطار فى مجال الزراعة بدلاً من إهدارها فى الصرف الصحى.

وطالب خبير التنمية المحلية بعمل حصر شامل لإمكانيات كل محافظة من حيث الأجهزة وعدد وحالة البالوعات، وجاهزية الطرق للأمطار، وعمل خريطة بأماكن تمركزها بكثافة مع ضرورة تخصيص ميزانيات كافية لإحلال شبكة الصرف الصحى وتجديدها، وتوفير مصارف لاستثمار مياه المطر فى الزراعة، والتنسيق مع وزارة الكهرباء لعزل أسلاك الكهرباء، حتى تكون المحافظة مستعدة لمواجهة الطقس السيئ دون عواقب، مؤكدًا أن غرق الشوارع سيتكرر طالما لا يوجد شبكة لتصريف مياه الأمطار مطابقة للمعايير الهندسية تراعى مناسيب الشوارع، والطبيعة الجغرافية للمكان.

وطالب عامر بضرورة إقامة سدود وخزانات لتخزين مياه الأمطار لاستخدامها فى الزراعة، والتوسع فى إنشاء مصائد الأمطار والخنادق والهرابات والبحيرات الصناعية بجنوب ووسط سيناء لاستخدام هذه المياه فى الشرب، ورى الصوبات الزراعية على غرار ما يتم فى رأس غارب، كما طالب بضرورة التوسع فى إقامة السدود الرملية مثل مجموعة سدود الروافع فى سيناء والتى توفر 200 مليون متر مكعب من المياه سنويًا.

المحليات.. المسئول الأول

واتفق معه فى الرأى، صبرى الجندى، مستشار وزير التنمية المحلية السابق، مشيراً إلى أن العديد من المحافظات تغرق كل عام فى مياه الأمطار، محملاً المحليات مسئولية ما يحدث، لتحركها فى اللحظات الأخيرة، مشيراً إلى أنه فى حالة سقوط الأمطار والسيول تظهر الكارثة، رغم أنها أمور متوقعة، وتحذر منها هيئة الأرصاد، لذلك يجب أن تستعد المحليات لمواجهة تلك المخاطر قبل حدوثها، كى تثبت الإدارة المحلية أن هناك تنظيمًا وإدارة جيدة للأزمات.

وأوضح «الجندى» أن المسئولين يقومون بردة فعل حين سقوط الأمطار وغرق الطرقات، وليس لديهم فعل، أى ليس لديهم خطة محكمة لاستقبال تلك الأمطار السنوية بأقل خسائر ممكنة

وأردف قائلًا: إن الإدارة المحلية فى مصر تحتاج هزة ضخمة من القيادة السياسية، لمحاسبة كل مسئول مهمل عن إزهاق أرواح الأبرياء، وتفعيل الثواب والعقاب، بدلًا من تبادل الاتهامات بين المسئولين، خاصة أن منهم من يقول إن هناك نقصًا فى العمالة، وآخر يقول إن هناك نقصاً فى عربات الكسح، وثالثاً يعول على الطبيعة الجغرافيا للأراضى المصرية، موضحاً أن المسئولين لا يتعلمون من السنوات الماضية.

ولمنع تلك الخسائر، وضع الجندى عدة حلول أولها تخطيط وإنشاء الطرق على أسس هندسية سليمة تستوعب كمية الأمطار، بالإضافة إلى إنشاء بالوعات على بعد مسافات متساوية لتصريف مياه الأمطار، فضلًا عن الاهتمام بمشروعات الصرف الصحى وزيادتها

فى القرى والمحافظات النائية لاستيعاب استهلاك السكان تارة، وتارة أخرى لاستيعاب كميات المطر المنهمرة، بدلًا من حدوث طفح فى الشوارع، بالإضافة إلى تفعيل أدوات الرقابة والمتابعة والمحاسبة فى المحليات، واختيار العاملين فى الإدارة المحلية وفقًا لمواصفات محددة ومعروفة ومعلنة.

الاستفادة من مياه الأمطار

وطالب الدكتور حمدى عرفة، أستاذ الإدارة المحلية بكلية العلوم الإدارية بالجامعة الدولية للتكنولوجيا والمعلومات، المحافظين ومن يتبعهم من قيادات الإدارة المحلية فى 27 محافظه، بالتنسيق مع وزارة الرى والزراعة تجاه الاهتمام الكامل بملف السيول، مشيراً إلى أنه لا بد من الاستعداد التام للاستفادة من مياه الأمطار، وذلك لأن عام 2019 تجاوزت كمية الأمطار 670 مليون متر مكعب فى أقل من ساعتين فيما يمثل 25% فقط من مساحة مدينة القاهرة، وهو ما لم يحدث فى تاريخ مصر سابقًا، ما أدى إلى إعاقة حركة المارة والسيارات، مضيفًا: أنه يمكن للمحليات أن تستفيد من مياه السيول والأمطار، من خلال عمل هرّابات ومصايد للأمطار، خصوصًا على الساحل الشمالى بدءًا من الإسكندرية وصولًا إلى مطروح والسلوم، ولا بد من إقامة سدود بالأماكن الصحراوية لتخزين المياه، مثل سد الروافعة الموجود فى سيناء بجانب هرابات ومخرات سيول بمحافظات الصعيد.

كما أنه يمكن الاستفادة من مياه الأمطار من خلال عمل شبكة للأمطار فى الأماكن الأكثر تعرضًا للسيول، والبدء فى تحسين شبكة الصرف الصحى فى شتى المحافظات، لافتًا إلى أن وزارة الرى والموارد المائية، بالتعاون مع المحافظين هى المسئولة عن تجميع مياه الأمطار، وأن مهام الزراعة هى التحكم فى تصريفها واستخدامها، مشيراً إلى وجود لجنة تنسيقية عليا بين الوزارتين للاستفادة من مياه الأمطار، وتُعنى اللجنة ببحث الاحتياجات الخاصة بكل قطاع، ومعالجة مشكلات السيول وانسداد المخرات.

وأكد الخبير أن المحليات حولت الأمطار من نعمة إلى نقمة بسبب الإهمال، وطبقاً لرئيس شركة المياه الشرب والصرف الصحى الأسبق بالقاهره، فإن شبكات مياه الشرب لم يتم تجديدها منذ 102 عام، مع العلم أن كمية الأمطار التى سقطت عام 2019، خلال أحد الأيام قُدرت بـ15 مللمتر، وشبكات الصرف طاقتها لا تستوعب أكثر من 5 ملليمترات، لافتًا إلى ان نسبة الأمطار التى تسقط سنويًا على مصر كبيرة للغاية، كما أن أغلب السيول تسقط فى أماكن صحراوية، وإذا تمت الاستفادة من مياه الأمطار كامله، تستطيع مصر زراعة ما يقرب من 4 ملايين فدان على الأقل، لذا يجب على وزارة الزراعة والرى بالتعاون مع المحافظات الاستفادة منها.

واختتم كلامه قائلًا: «يحب مراجعة جميع المصبات الخاصة بتصريف المياه، ومناشدة جميع النوادى والفنادق المطلة على الكورنيش فى المحافظات عدم إغلاقها، استناداً إلى توقعات هيئة الأرصاد بوقوع الأمطار، مشيرا إلى وجود 896 مخراً رئيسياً يجب الاهتمام بها، للاستفادة منها فى الزراعة ومياه الشرب، كما يجب الإعلان عن الخطة الاستراتيجية القومية للتعامل مع ملف السيول ومنع انتشار البرك فى الشوارع، خاصة وأنه يوجد ١٢٦ محطة أرصاد يمكن الاستفادة منها بالتنسيق مع إدارة الأزمات التابعة لمركز دعم واتخاذ القرار، والمراكز والمدن والأحياء والوحدات المحلية القروية، كما أن كل محافظه تحتاج إلى ٤٠٠ مليون جنيه على الأقل لتطهير وصيانة وإنشاء المخرات السنوية، حيث يوجد ما يقرب من ١١١٢ كفراً ونجعاً وعزبة وقرية مهددة بالسيول خلال فصل الشتاء.

وتابع قائلاً إنه يمكن استغلال الأمطار من خلال تخزينها بالخزان الجوفى، لحل مشكلات نقص المياه وغمر المدن بسبب السيول، بالإضافة إلى إعادة تهيئة الشوارع بحيث تشتمل على قنوات صرف جانبية ذات ميول لتصب فى مجمع مصارف، ثم يتم تجميع المياه فى محطات تنقية ليعاد استخدامها، فضلًا عن إقامة سدود ترابية صغيرة أو سدود تبنى من قطع الأحجار تعترض جريان المياه ليسهل الاستفادة منها لفترة أطول، مع إقامة سدود اعتراضية وهى سدود كبيرة تقام عند نهايات الأودية الكبيرة لتعترض جريان الماء وتمنع خروجه من الوادى.