عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

المتعافون من الإدمان ميلاد جديد

مرضى الإدمان
مرضى الإدمان

«حسام» أصبح بطلًا فى الكيك بوكس.. و«على» يدير مشروعه الخاص بنجاح

6 آلاف شاب تم تأهيلهم فى المراكز التابعة لصندوق مكافحة الإدمان

بين خيوط الظلام تمكن من الوصول إلى طريق النور، بطولة من نوع خاص خاضها بمفرده، رفض الرضوخ كغيره للهلاك والموت، حتى أصبح نموذجًا يحتذى به، ومن ناحية أخرى تسعى الحكومة لبنائه إنسانيًا أولاً ثم ماديًا.. هذا هو حال المتعافى من الإدمان.

جهود كبيرة تبذلها الدكتورة نيفين القباج، وزيرة التضامن الاجتماعى، ورئيس مجلس إدارة صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطى، تجاه المتعافين من الإدمان لبنائهم نفسيًا وماديًا، حيث يحرص الصندوق على رعاية كافة المراكز العلاجية التابعة له لتقديم التأهيل البدنى والرياضى لمرضى الإدمان وتقديم برنامج رياضى متكامل للنزلاء لترسيخ ممارسة الرياضة وإرساء قيمها بين النزلاء.

وبحسب آخر نتائج المسح القومى الذى تم إجراؤه فى شهر فبراير الماضى، أكد أن نسبة التعاطى وصلت إلى 10%، والإدمان 3.3%، وبعدها تم إجراء المسح الحديث الذى أعلنت نتائجه بانخفاض النسب حيث وصلت إلى 5.6%، والإدمان لـ2.4%.

كما نوه عمرو عثمان، مساعد وزيرة التضامن الاجتماعى، إلى أرقام أخرى بشأن الإدمان وقال إنه وفقًا لآخر بحث بين طلاب المدارس الثانوية، فإن نسبة التدخين تصل إلى 12.8%، بينما وصلت نسبة تعاطى المخدرات بينهم إلى نحو 7%.

وكان البطل حسام حسين المتعافى من الإدمان خير نموذج على القوة والإصرار خاصة بعدما تغلب على الإدمان واتخذ من الرياضة وسيلة للحرب على هذه الآفة التى دمرت حياته، حتى أصبح بطل الجمهورية فى رياضة الكيك بوكس من الدرجة الثانية.

حال حسام لا يختلف كثيرًا عن 6 آلاف شاب متعافٍ من الإدمان تم تدريبهم فى إطار برنامج تدريب مهنى متكامل، ووفرت لهم الدولة دعما للمشروعات الصغيرة بقيمة 5 ملايين و200 ألف جنيه بدعم من بنك ناصر الاجتماعى.

من ناحية أخرى تحاول الحكومة جاهدة توفير بيئة مناخية تساهم فى علاج الشباب الذين اتخذوا قرارًا الإقلاع عن الإدمان، بل وأصبح الكثير منهم نموذجًا يحتذى به وكان منهم نصر محمد، والذى عانى مع الإدمان سنوات طوالًا فكان فى حياة بعيدة عن البشر على حد وصفه لنا.

واستهل صاحب الأربعين عامًا حديثه قائلاً، إنه ظل يتعاطى المواد المخدرة لمدة 20 عامًا فقد خلالهم الحياة وطعمها وقيمتها كما فقد هويته.

20 عامًا من العذاب ظل خلالها «نصر» يحاول الابتعاد عن الإدمان دون جدوى، حتى توصل إليه فريق علاجى خاص من مستشفى العباسية وبدأت رحلة التعافى على مدار عام كامل.

وتابع: «تجربتى مع فريق العلاج كانت ايجابية شعرت فيها بالراحة النفسية كثيرًا وشعرت بأن الدنيا لسه بخير» وما نراه من انجازات الحكومة فى مجال علاج الإدمان ليس مجرد شعارات أو تصريحات على حقيقة نلمسها على أرض الواقع».

يصمت صاحب الأربعين عامًا قليلاً ثم يدخل فى نوبة بكاء قائلا بصوت حزين: «العمر جرى منى وأنا مدمن ولم أكن أشعر بالأيام إلى أن أفقت على الحقيقة المرة بأنى لم أستطع حتى تكوين أسرة.. وخايف أتعب لا أحد يساندنى.. لا أسرة ولا أبناء».

ويستكمل «نصر» حديثه قائلا: إنه كان منبوذًا من الجميع وكان يرى ذلك فى تصرفاتهم معه وفى أعينهم، حيث كان الجميع يهرب منه، فضلاً عن شقاء عائلته معه طيلة سنوات الإدمان.

«على» أيضًا له قصة فيها من الألم ما يجعله عبرة لكل شاب يراوده الشيطان كى يقبل على ما يغير عقله برشامة.. بودرة.. إلى مخدر، فقد وقع ضحية شيطان الإدمان لمدة تزيد على 15 عامًا كان يعيش خلالها فى عالم مغلق فالجميع كانوا يتهربون منه. ويتجنبون التعامل معه، فهو خطر.. ليس على نفسه فقط وإنما يجعله المخدر تهديدًا لكل من حوله، على أحيانًا يمثل تهديدًا لأقرب الناس إليه.

وأشار على إلى أنه بدأ رحلة العلاج تحت إشراف طاقم طبى على أعلى مستوى فى مستشفى العباسية، وكانت وزارة التضامن تتواصل مع المؤسسة يومًا بيوم لتلقى تقرير حول أحوال الشباب الذين يتم علاجهم من الإدمان.

وبعد تعافى على، شارك فى مباردة أطلقتها وزارة التضامن تحت مسمى «بداية جديدة»، وقال إنها لعبت دورًا كبيرًا فى تغيير سلوكه ونظرة المجتمع له، فمن خلال هذه المبادرة تمكن من الانخراط داخل المجتمع من جديد دون الشعور بأى نقص خاصة مع توفير مشروع صغير تمكن من خلاله من سد احتياحاته المادية.

وتابع: «الحكومة مش ساكته واللى بيعملوه للمتعافين من الإدمان يتكتب فى التاريخ، فبعد مبادرة بداية جديدة سمعت عن مبادرة تانية شارك فيها غيرى من المتعافين الجدد تحت مسمى «بأيدينا» وتستهدف تأهيلهم للعمل فى مجال الموبيليا والنجارة».  قصة بطولية أخرى خاضها سمير على، شاب فى العقد الثالث من عمره، وقال إنه تعاطى المواد المخدرة عن طريق أصدقاء السوء فى المرحلة الجامعية، ويومًا بعد يوم فقد الشاب حياته وأًصبح منعزلاً عن العالم بداية من أسرته فكان يختلى كثيرًا داخل غرفته الخاصة لساعات طويلة، وفى ساعات المساء يذهب مع أصدقاء السوء لتعاطى المواد المخدرة.

سنوات طوال ظل خلالها الشاب يعانى من نظرات المجتمع له حتى من أقرب الأناس له، إلا أن والدته أصرت على الوقوف بجانبه، وقال: «والدى متوفى من 20 سنة وأمى هى اللى قدرت تخرجنى من الغيبوبة اللى كنت فيها بمساعدة بعض الأطباء النفسيين اللى اتعالجت على أيديهم».

«والدتى كانت بتفرجنى على ناس مدمنين اتعالجوا وأصبحوا نماذج مشرفة».. يتابع الشاب حديثه مشيرا إلى أن بداية الانطلاق للحياة من جديد كانت عن طريق أحد الشباب الذى توفى أمام عينيه فى أحد الأماكن لتلقى المواد المخدرة وبعدها ظل لأيام طويلة حتى تعفن جسده فى الشارع والجميع يتهرب منه.

خط أحمر

قالت إيمان عبدالله، استشارى علم النفس، إن المتعافى من الإدمان خط أحمر، فبعد وصوله لمرحلة التعافى يكون أمامه طريقان: الأول هو الوصول إلى مرحلة السلامة أو العودة مرة أخرى للانتكاسة.

وأضافت «عبدالله» أنه خلال فترة العلاج تكون العلاقة بين المدمن وبين المعالج كعلاقة التلميذ بالمعلم، حيث يتلقى العديد من المحاضرات المختلفة بهدف عدم العودة مرة أخرى للإدمان، كما يكون تحت ملاحظة مستمرة ويسير طبقا لخطة علاجية

تحت إشراف الأطباء النفسيين.

مهارات عديدة يكتسبها المتعافى من الإدمان خلال الكورسات التى يتلقاها من الأطباء النفسيين، تستكمل «عبدالله» حديثها قائلة: إن من أهم هذه المهارات اكتساب القدرة على اتخاذ القرار والثقة بالنفس وتأكيد الذات، وتابعت: «بنخلى حياة المتعافى لون آخر بخلاف ما كان متعود عليه، بحيث ينظر لحياته بشكل عملى ويقوم بتنظيم أهدافه ويخطط لكيفية تحقيقها، وفى هذه المرحلة يجب أن يتم إبعاده عن كل الضغوط النفسية مع ضرورة الابتعاد عن أشخاص كان لهم علاقة بالتعاطى وكذلك الأماكن التى كان يتردد عليها لتعاطى المواد المخدرة.

وأشارت إلى أنه من ضمن المهارات التى يكتسبها المتعافى من الإدمان خلال جلسات علم النفس، معرفة السبيل الصحيح للتفكير، خاصة وأن هناك ثلاث بؤر لابد من حذرهم وهى البؤرة النفسية والمادية والجسدية، فمن خلال التغلب على الأفكار الوسواسية يتغلب المتعافى على الأفكار الهدامة وذلك من خلال ممارسة تمارين الاسترخاء أثناء العلاج النفسى.

وتابعت: «دائما نقول لأى متعافٍ من الإدمان عندما تشعر بقلق من مكان انت موجود فيه غيره على الفور، واذهب لأى مكان روحانى تحبه، ودائما فكر فى الخسائر المادية التى تعرضت لها أثناء الإدمان وفكر لو أقبلت على الإدمان مرة أخرى ستخسر أكثر وأكثر».

وأشارت استشارى علم النفس إلى أن المتعافى من الإدمان دوما ما يراوده التكفير فى الخسائر التى تعرض لها، وأحيانا يفكر فى العودة من جديد إلى الإدمان ولهذا نحاول أن نمحو هذه الأفكار من عقله، وتابعت: «لكل متعافى من الإدمان لازم تؤهل نفسك دائما لا للاستسلام.. لازم تكون قائد لحياتك».

كما نوهت «عبدالله» إلى ضرورة تواصل متعافى الإدمان مع الأشخاص الذين يمنحونه طاقة إيجابية، ولهذا فخلال تدريبه النفسى فى الكورسات نحاول أن نصع له خطة يومية يتعايش معها حتى يتمكن من العودة لطبيعته، وتابعت: «دائما نقول لمتعافى الادمان حتى لو انتهيت من برنامج منع الانتكاسة لابد أن يكون لديك أهداف مستقبيلة تسعى من أجل تحقيقها.. وهذا ما نحاول تقديمه لهم من خلال محاضرة اتزان أسلوب الحياة وكيفية اتخاذ القرار بشكل منطقى».

وأضافت الدكتورة إيمان عبدالله قائلة إن هناك نوعًا من المتعافين من الإدمان وهو الشخص متقلب المزاج، ومثل هذا النموذج يدق ناقوس الخطر لسرعة عودته للإدمان، ولهذا يجب مراقبته نفسيا بشكل دائم ومركز خلال جلسات العلاج، وفى هذه الحالة نوصى بالعلاج الجماعى له من خلال الجلوس وسط الأسرة التى نحرص على منحها أيضا دروسًا فى كيفية التعامل مع المتعافى، حتى يستمد منهم الطاقة الإيجابية، بالإضافة إلى الأصدقاء من المتعافين الذين حققوا نجاحات فى حياتهم، أو من خلال مشاهدة بعض البرامج الخاصة للتعافى من الإدمان وكيف حقق المتعافون نجاحات اجتماعية ومادية، هذا بالإضافة إلى دور وسائل الإعلام فى تنوير الرأى من خلال البرامج الثقافية والحوارية.

بيت الداء

فى الوقت الذى تسعى فيه الحكومة لعلاج المدمنين من خلال المراكز التابعة لصندوق مكافحة وعلاج الإدمان، نجد العديد من المراكز الخاصة لعلاج الإدمان تنتشر فى معظم المحافظات، إلا أن بعض هذه المراكز أصبحت هى بيت الداء، فبعضها قد تحول إلى مراكز لعودة المدمنين إلى الإدمان، حيث يتم توفير المواد المخدرة لهم داخلها، ولذلك قامت الحكومة بشن العديد من الحملات خلال الفترة الماضية على مراكز علاج الإدمان غير المرخصة، والتى أصبحت مجرد «سبوبة» لأصحابها دون النظر لرسالتها السامية فى معالجة المدمنين. ففى المنيا تمكنت قوات الأمن من ضبط 13 مركزًا طبيًا مخالفًا لعلاج الإدمان، وجاء ذلك ضمن حملة تهدف لمواجهة متعاطى المخدرات، وفى أسوان نظمت إدارة العلاج الحر بمديرية الشئون الصحية حملة مفاجئة للتفتيش على المنشآت الطبية بمركز كوم أمبو، وأسفرت عن تنفيذ 4 قرارات إغلاق لمنشآت طبية غير مرخصة، وفى محافظة الجيزة وبالتحديد دائرة أول وثان 6 أكتوبر تم إغلاق 11 مركزًا لعلاج الإدمان.

الأمر لا يختلف كثيرًا فى الشرقية حيث تم غلق مركزين لعلاج الإدمان بمنطقة أبوتلات، وغيرها من المحافظات التى اكتظت بهذه المراكز التى أصبحت أوكارا لتجارة المخدرات وليس لعلاج المدمنين.