رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

إمبراطورية المواقف العشوائية.. خارج القانون

ميكروباصات بدون لوحات
ميكروباصات بدون لوحات معدنية فى الشوارع

 

الاستيلاء على شوارع عمومية.. والعائد آلاف الجنيهات

الاشتراك ٢٠٠٠ جنيه.. و٧ للدخول و٦ رسم عبور طريق

ألف جنيه اشتراكاً فى مواقف التوكتوك مقابل الانتظار والحماية

أحد العاملين: إنشاء موقف لا يحتاج إلا بلطجية وكلاباً شرسة وحجارة أسمنتية

مصر.. جمهورية منذ سقوط الملكية فى 18 يونيو 1953، ولكن حاليا ظهرت ممالك خاصة فى بعض الشوارع.. ممالك ملوكها بلطجية، وأراضيها أجزاء من الشوارع العمومية، واسمها الحركى «المواقف العشوائية».. ولكل موقف ملك -أو كبير- يسيطر عليه ويؤجرة لمن يشاء، ويجنى من ورائه آلاف الجنيهات يومياً.

«الوفد» اخترقت مملكة المواقف العشوائية والتقت كبيرها، وكشفت أسرار هذا العالم العجيب.

،،

نقطة البداية فى تلك المواقف هى الميكروباصات، وعلى امتداد سنوات طويلة كان الميكروباص متهماً رئيسياً فى مأساة «بهدلة» المصريين على الأسفلت، والآن أضيف بند جديد فى سجلات كوارث الميكروباص، وهو المواقف العشوائية.

فمع دقات السادسة من صباح كل يوم تبدأ معاناة المصريين مع المواصلات، ومنذ ذلك الحين يصبح الفوز بمقعد فى أى ميكروباص حلم ملايين الموظفين والطلاب، وكل من يسعى على رزقه من المصريين

وفى كل شارع يكون للمعاناة مع الميكروباص شكل ولون وطعم مختلف، ولكن يجمعها جميعا الخطر والألم.. حمادة أحمد «33 عاماً» من سكان الخصوص، يرى أن أساس الأزمة هم السائقون أنفسهم.. ويقول: «سائقو الميكروباص يشكلون خطورة مستمرة على حياة المواطنين بسبب تعاطى عدد غير قليل منهم للمخدرات أثناء قيادة السيارة، وتحت تأثير المخدر يقود البعض سيارته بسرعات جنونية، ولا يتوقف عن التشاجر مع سائقى السيارات التى يمر بجوارها، ويتشاجر أيضاً مع الركاب على أتفه الأسباب، كما يحلو له تبادل السباب والكلمات النابية مع زملائه من السائقين الذين يتصادف مرورهم فى نفس الطريق الذى يسير فيه أو حتى فى الاتجاه العكسى له».

نفس الحال يصفه سيد عامر «46 عاماً» من سكان عبود، فيقول إن سائقى الميكروباص يتعاطون المخدرات أثناء القيادة ولا يستطيع أحد من الركاب التصدى لهم أو منعهم من تناوله «سجائر الحشيش»!

إذا كان هذا هو حال مدمنى المخدرات من السائقين، فإن حال غير المدمنين ليس أفضل كثيرا، فأغلبهم يقضون يوم عملهم فى الصراع والمعارك مع زملائهم السائقين، وهو ما يؤكده سامى حسن (42 عاماً) من سكان المرج ويقول: فى كل المواقف يتصارع سائقو الميكروباص مع بعضهم البعض على أسبقية «تحميل الركاب» وفى الطريق يتسابقون فيما بينهم، كما لو كانوا يخوضون سباق «رالى» الذى يتم على الطرق المفتوحة، كما يتعمدون تشغيل الأغانى الشعبية بصوت مرتفع، لزوم الفرفشة، ويرفضون خفض صوتها مهما توسل لهم الركاب.

ويضيف: «كل سائق ميكروباص يبحث عن راكب بمواصفات خاصة للكرسى الأمامى المجاور له حتى يستطيع التحدث معه عن موضوعات خاصة، ويفضلون دائما أن تجلس الفتيات والنساء فى هذا الكرسى».

ما ألمح إليه «سامى» أعلنته صراحة أميرة أحمد، 23 عاماً، من سكان العباسية، فقالت «أخلاق السائقين تختلف من سائق لآخر فمنهم من يتحرش بالفتيات بالتلميح، أو التصريح والكلام وهناك آخرون يتحرشون بأفعال»! وأضافت «كل السائقين يتعمدون ركوب عدد من الزبائن فوق المسموح به حتى يستطيع الحصول على أضعاف الأجرة، وعندما يعترض أحد الركاب على ذلك يكون جزاؤه التعدى عليه بالألفاظ أمام الجميع».

وتابعت: «سائقو الميكروباص يجب أن يتوفر لديهم معايير وضوابط أخلاقية، فلا يحصل السائق على رخص القيادة، إلا بعد التأكد من حصوله على دورات تؤهله للتعامل بذوق ولياقة مع المواطنين فى الشارع وأيضاً يلتزم بالتعليمات المرورية للحفاظ على حياة المواطنين.

ولم تتوقف كوارث الميكروباص عند هذا الحد فآخر كوارثه «المواقف العشوائية» التى صارت ممالك خاصة يسيطر على كل واحد منها ملك يكون هو الحاكم بأمره فيها!

ويبرر على محمود، سائق ميكروباص بموقف عبود، انتشار المواقف العشوائية قائلا: سائق الميكروباص ليس هو المستفيد الوحيد من المواقف العشوائية المنتشرة بشكل كبير فى مناطق الزاوية الحمراء والحدائق وشارع بورسعيد فى القاهرة وإمبابة والوراق فى الجيزة، فالسايس تحديداً هو المتسبب الأول فى إنشاء المواقف العشوائية للسيارات الملاكى والدرجات النارية والتكاتك والميكروباص، خاصة فى ظل ازدحام الشوارع فى الأحياة الشعبية.

ويضيف: إنشاء موقف عشوائى يبدأ دائما بـ«سايس» يوفر «كمبريسور سيارة» يستأجره أحد البلطجية لغسيل السيارات، بعدها يضع إلى جواره «فاترينة» اكسسوارات الدراجات والسيارات، وتستكمل الحكاية بجواره ببائع شاى وعربة سندوتشات، وعلى الفور يتحول المكان إلى مأوى لنشالين الهواتف المحمولة والمتسولين، وبعدها يصبح المكان موقفا عشوائيا يحكمه أحد البلطجية.

لكشف خفايا مملكة المواقف العشوائية كان لابد من اختراقها والحوار مع أحد صناعها وكبرائها، وهو ما فعله «محرر الوفد» الذى التقى مع «الأسطى غريب» الذى يطلقون عليه «كبير المواقف العشوائية» وهو أيضاً صاحب موقف الخصوص بشارع بورسعيد، وهو أحد أكبر المواقف العشوائية.. وسأله محرر «الوفد» عن أعداد الميكروباصات المتوقفة فى الشارع العمومى وكيف يضع أحجارا فى الشارع لمنع سير السيارات أو دخول أحد الموقف إلا بإذنه فقط؟ فقال: «إن السيارة التى تدخل الموقف لأول مرة يجب أن تدفع 2000 جنيه لصاحب الموقف الذى تنطلق منه ويبدأ منه خط سيرها ومثلها لصاحب الموقف الذى تنتهى عنده خط سيرها، بخلاف 7 جنيهات رسوم دخول السيارة للموقف حتى لو لم تكن ستحمل الركاب، بخلاف 6 جنيهات كارتة عبور الطريق»!

واعترف الأسطى «غريب» بأن عدد الميكروباصات المتواجدة داخل الموقف تتخطى فى الوردية الواحدة 35 سيارة متحركة على الطريق.. وقال: «أضع حجارة فى الشارع لتحديد مساحات الموقف حتى لا يحدث تزاحم داخله بين السيارات التى تنتظر دور تحميل الركاب للانصراف من الموقف»!

وأثناء حوارى مع «كبير المواقف العشوائية» حضر إليه شخص قال له إنه يعمل سائقا، ويريد أن يقود «ميكروباص» ويعمل على خط الخصوص والمرج والزاوية الحمراء دون تدخل مالك الميكروباص أو توفير رخص السيارة مقابل إعطائه 400 جنيه فى الوردية الواحدة، على أن تكون جميع الصيانات الخاصة بالسيارة على حساب مالك الميكروباص!

تركت الأسطى «غريب» أو كبير المواقف العشوائية، لألتقى بالأسطى محمد الأبيض «43 عاماً» صاحب موقف التكاتك فى شارع بورسعيد، يقول إن التوكتوك الجديد يدفع ألف جنيه لصاحب الموقف حتى يسمح كبير الموقف له بالعمل والسير بالتوكتوك فى المنطقة دون تعرض البلطجية

للسائق، وإذا طلب سائق التوكتوك الانتظار فى الموقف لأخذ الدور يدفع 5 جنيهات يومياً للموقف فى الوردية الواحدة.

وتابع: «الأطفال الذين يقودون التوكتوك ويرغبون فى الانضمام للموقف أساعدهم على تقسيط ألف جنيه على دفعتين ولكن نحن غير مسئولين عن الحوادث التى تحدث من السائق أو أفعال التشاجر فعندما يخرج من الموقف فأنا غير مسئول عنه إطلاقاً».

وداخل موقف شارع بورسعيد العشوائى يقول سائق ميكروباص «35 عاماً» من سكان المرج، إنه ينتظر المواطنين الباحثين عن ميكروباص لقضاء مشاوير خاصة للحفلات أو حالات الوفاة والعزاءات، مؤكدا أنه لا ينتظر دورا للتحميل أثناء تواجده فى الموقف حيث لا يجرؤ سائق على الاعتراض عليه أو منعه من تحميل الركاب فى أى وقت.

وقال: «سبق أن اعترض سائق على تحميلى الركاب دون انتظار لدورى فكان ردى إصابته بجرح قطعى بمطواة، احتاج 35 غرزة لسد الجرح، ومن يومها لم يعد أحد يجرؤ على معارضتى».

وعلى رصيف الموقف العشوائى بالزاوية الحمراء كان يجلس بائع الشاى الذى أكد أن أمنية حياته أن يكون صاحب موقف عشوائى.. وقال: «أتمنى أن يكون لى موقف ميكروباص أديره، لأنه سيحقق لى دخلا يبلغ آلاف الجنيهات يوميا، سواء من السائقين، أو من المشاركة فى المشاجرات داخل الموقف».

ويضيف: «المحليات لا تهتم بالشوارع، وكل شارع واسع يمكن إقامة موقف عشوائى فيه طالما هناك مكان يصلح لذلك، وكل ما أحتاجه هو مجموعة من البلطجية يكونون رجالتى، وكتل أسمنتية من بلدورات الرصيف وعدد من الكراسى وتثبيت صبيان على اركان المساحة وإحضار كلاب شرسة وربطها بالسلاسل الحديدية فى جميع الأماكن حتى لا يعترض أهالى المنطقة على تلك الأفعال وبعدها يتم تأجير المكان للسيارات بالحجز، ويبدأ نمو موقف ميكروباص عشوائى».

من جانبه، يؤكد اللواء هشام عبدالحميد رئيس حى الزاوية الحمراء، خطورة المواقف العشوائية المنتشرة فى الشوارع وقال إن جميع مواقف الميكروباص والتكاتك المتواجدة داخل حى الزاوية الحمراء هى مواقف عشوائية، وطلبت كثيراً من إدارة المرور بمنع المواقف واستجابت ولكن بعد انصراف إدارة المرور تعود المواقف العشوائية من جديد!

وأوضح أن حى الزاوية منع وقوف الميكروباصات المتجهة من الزاوية إلى حدائق القبة على الطريق العمومى وتصدى لإنشاء موقف عشوائى ولكن نحتاج إلى تعاون أكثر من الجهات المختصة لمواجهة المواقف العشوائية.

وتابع: حى الزاوية انشأ موقفًا للمكروباصات فى مدينة النور وجارٍ تجهيزه للقضاء على العشوائية بمربع مدينة النور.

وفى صرخة موحدة طالب عدد كبير من سكان منطقتى الزاوية الحمراء وحدائق القبة منع سير التكاتك التى يستغلها البعض فى تنفيذ عمليات إجرامية ونشل الهواتف المحمولة من المواطنين على الطرق.

وطالب الأهالى من رؤساء الاحياء التصدى لتلك الظاهرة الخطيرة التى تحتل الشوارع، وتسبب أزمات مرورية ومعارك يومية لا تنتهى بين سائقى الميكروباصات والأهالى.

وأوضحت إنجى محمد - مستشارة قانونية - أن قانون المرور وضع جزاء عقابيًا لقائدى السيارات تحت تأثير المخدر، ففى حالة ثبوت تعاطى السائق للمواد المخدرة المدونة بجدول المخدرات أثناء القيادة يعاقب على تهمتين هما حيازة مواد مخدرة وتعاطى مخدرات، وتتراوح العقوبة القانونية لهذه الجريمة بين 3 سنوات إلى 5 سنوات، أما إذا وقع ضحايا بسبب قيادته تحت تأثير المخدرات تتحول إلى جناية وتنظر فيها المحكمة حسب ملابسات القضية وتكون عقوبتها من خلال قانون العقوبات الجنائى.

وأضافت: «المادة 76 من قانون المرور رقم 121 لعام 2008 تنص على أنه فى حال إثبات تعاطى المواد المخدرة لسائقى المركبات أعلى الطرق، يتم سحب الرخصة، ثم تحويله للنيابة المختصة حسب دائرة القسم أو المركز الخاص به، ثم تأمر النيابة بحبسه 4 أيام وممكن أن يجدد له ثم يتم تحويلة للمحاكمة».

وتابعت المستشارة القانونية: إذا نتج عن الحادث إصابة أى شخص، يتم الحبس مدة لا تقل عن سنتين حتى 5 سنوات، وإذا نتج عنها عجز كلى أو وقوع وفيات حدد القانون العقوبة بالحبس لمدة تتراوح بين 3 سنوات إلى 7 سنوات، وتوقيع غرامة 20 ألف جنيه، وإلغاء رخصة القيادة ولا يجوز إعادة منح رخصة قيادة جديدة إلا بعد رد اعتباره بحكم قضائى.