رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

اختفاء الأسمدة.. أزمة الشتاء والصيف

الأسمدة
الأسمدة

هوس التصدير يسيطر على الشركات لجنى مكاسب هائلة على حساب الفلاحين

خبراء: احتكار الشركات وفساد الجمعيات وارتفاع أسعار الغاز أبرز أسباب الأزمة

وقف التصدير ووضع نظام جيد للتوزيع أبرز الحلول

 

30% من تكاليف الزراعة تستهلكها الأسمدة وتنعكس على أسعار المحاصيل مستقبلاً

21 مليون طن حجم الإنتاج.. والاستهلاك 9.5 مليون طن سنوياً

«الأسمدة» أزمة تحمل العديد من الألغاز.. فإنتاجها المحلى يفوق ضعف حجم الاستهلاك، ومع ذلك هناك نقص شديد فيها، تسبب فى رفع سعرالشيكارة الواحدة من 164 جنيهاً إلى 700 جنيه !

لغز ثان يتعلق بالتوسع الكبير فى تصدير الأسمدة رغم أزمتها محليا، فكلما زاد نقص الاسمدة فى السوق المحلى تزامن معه زيادة فى صادرات الأسمدة المصرية!..

لغز ثالث يتعلق باستمرار الأزمة لعقود وسنوات دون حلها بشكل حاسم، حتى صارت أزمة مزمنة ممتدة ومتواصلة على مدى سنوات طويلة، وربما كان هذا الأمر هو ما دفع مؤخراً لجنة الزراعة والرى بمجلس النواب برئاسة النائب هشام الحصرى، إلى اعلان انعقادها بشكل دائم لحين وضع حد لأزمة الأسمدة، وعلى الفور تم تشكيل لجنة برلمانية مصغرة برئاسة النائب مجدى ملك وتضم أعضاء لجنة الزراعة لمتابعة ملف نقص الأسمدة، ومتابعة مدى التزام التنفيذيين بتوريد 55% من إنتاج شركات الأسمدة للوزارة، وكيفية توزيعها على الجمعيات الزراعية.

 وعلى مدى سنوات طويلة شهدت كل محافظات مصر نقصاً حاداً فى الأسمدة، أدى إلى ارتفاع أسعارها فى السوق السوداء بنسبة تزيد على 70%، فى ظل استعداد الفلاحين لبدء زراعات الموسم الشتوى الجديد.

وقد أصبح نقص الأسمدة واختفاؤها من الأسواق أزمة متكررة كل موسم، ولغزاً يحير الفلاحين، رغم وفرة الإنتاج المحلى، الذى يحقق فائضاً تصدره الشركات سنوياً بقيمة تقترب من 1.5 مليار دولار

 وبحسب الخبراء، فإن أسباب عديدة وراء النقص الحاد فى الاسمدة بالأسواق حالياً، منها ارتفاع أسعار الطاقة كالنفط والغاز الطبيعى عالمياً، وانعكاس هذا الارتفاع على الأسعار المحلية، واحتكار عدد قليل من الشركات للسوق، وسوء نظام التوزيع المتبع فى مصر، فضلاً عن ضعف الدعم المقدم من الحكومة للفلاحين.

هذه الأزمة أدت إلى ارتفاع الأسعار بشكل غير مسبوق فى السوق السوداء ولدى التجار فى السوق الحرة، واشتكى من ذلك الكثير من الفلاحين الذين لا يجدون السماد اللازم لزراعة المحاصيل الشتوية وأهمها القمح والبرسيم، مطالبين بسرعة تدخل الحكومة لحل الأزمة المتكررة كل موسم.

وقفز سعر الشيكارة فى السوق الحرة خلال الفترة الماضية من 420 إلى 450 جنيهاً وسعر طن اليوريا من 8500 إلى 10 آلاف جنيه والنترات من 4500 إلى 7000 جنيه فى الفترة المقابلة من العام الماضى، بينما لا يزال سعر الشيكارة المدعمة فى الجمعيات كما هو 164 جنيهاً ولكن لا تلبى احتياجات جميع المزارعين.

وتبلغ حصص الأسمدة التى توزعها الجمعيات بشكل مدعم نحو 4 ملايين طن من بينها 2.2 مليون طن للموسم الصيفى و1.8 مليون طن للشتوى.

وتبدأ وزارة الزراعة ممثلة فى الجمعيات الزراعية الثلاث (إصلاح- استصلاح- ائتمان) فى صرف مقررات الأسمدة للموسم الشتوى 2021-2022، مطلع أكتوبر وحتى منتصف مارس، لمحاصيل القمح والبرسيم والخضراوات والبنجر وبساتين الفاكهة.

ووفقاً لغرفة الصناعات الكيماوية، فإن حجم الإنتاج المحلى للأسمدة يبلغ 21 مليون طن سنويا، بينما الاستهلاك نحو 9.5 مليون طن فقط، وتضخ الشركات 55% من الإنتاج لوزارة الزراعة بسعر التكلفة، بينما باقى النسبة 45% من حق الشركات التصرف فيها للسوق الحرة أو التصدير، فى حين يبلغ إنتاج الأسمدة وخاماتها عالميا 315 مليون طن، وتبلغ حصة إنتاج الوطن العربى 140 مليون طن من الإنتاج العالمى.

ويعمل فى قطاع الأسمدة، نحو 13 شركة بينها شركات حكومية، منها مجمع الأسمدة الفوسفاتية بالعين السخنة، وشركة أبوزعبل للأسمدة، وأبوقير للأسمدة، ومصر للأسمدة، موبكو المصرية للأسمدة، حلوان للأسمدة، والإسكندرية للأسمدة والصناعات الكيماوية المصرية كيما، والنصر لصناعة الأسمدة والسويس لتصنيع الأسمدة، والنصر للكيماويات الوسيطة (مصنع كوم أوشيم)، وشركة أسوان الأسمدة، والشركة المالية والصناعية وشركة النصر للكيماويات الوسيطة، المنوفية للأسمدة.

كما سجلت صادرات مصر من الأسمدة فى 2020 نحو 1.43 مليار دولار مقابل 1.36 مليار دولار خلال 2019.

وقفزت صادرات مصر من الأسمدة العضوية بنسبة 358% لتسجل 1.5 مليون دولار، مقابل 0.3 مليون دولار فى 2019، فيما ارتفعت صادرات الأسمدة المركبة بنسبة 246%.

وأكد النائب هشام الحصرى، رئيس لجنة الزراعة والرى بمجلس النواب، أن نقص الأسمدة من الملفات التى ستظل فى بؤرة اهتمام اللجنة، خاصة وأن الأسمدة تمثل من 30 إلى 35% من تكلفة الإنتاج، وفى ظل تراجع الرقابة على توزيع الأسمدة، انتشرت السوق السوداء، التى تبيع الأسمدة بأسعار مبالغ فيها بصورة كبيرة جداً، بما يثقل على كاهل الفلاح.

وتساءل الحصرى عن أسباب اختفاء الأسمدة رغم أن الإنتاج المحلى يزيد على الاحتياج المحلى، مشيراً إلى أن الإنتاج يمثل تقريبا 7.5 مليون طن يوريا فى حين أن الاحتياج 4.5 مليون طن تقريباً، مضيفاً: «لماذا لم يتم تطبيق قرار رئيس مجلس الوزراء بشأن تسليم الأسمدة للجمعيات الزراعية بواقع 55% من إنتاج الشركات، ودعم الفلاح لا سيما أن قطاع الزراعة يحظى باهتمام كبير من قبل القيادة السياسية، وما مصير السياسة التصديرية وتحقيق التوازن بين الإنتاج والتوزيع الداخلى ودور البنك الزراعى ودور الجمعيات الزراعية فى توزيع الأسمدة والجهود المبذولة للقضاء على السوق السوداء، ودور الإرشاد الزراعى لتعظيم الاستفادة من المخلفات الزراعية كبديل حيوى للأسمدة».

فيما قال النائب عبدالسلام الجبلى، رئيس لجنة الزراعة بمجلس الشيوخ، إن الموضوع فى حاجة لاستعراض حلول للأزمة وليس استعراض المشكلة، مضيفاً: «نريد حلولاً على أرض الواقع على أن تكون هذه الحلول قابلة للتطبيق على الأرض».

ولتلافى حدوث الأزمة، كانت وزارة الزراعة، ممثلة فى قطاع الخدمات الزراعية والمتابعة أصدرت 4 تعليمات جديدة لتنظيم توزيع الأسمدة الشتوية للموسم 2021/ 2022 فى المحافظات.

ومن ضمن هذه التعليمات أن يتم صرف 50% من الأسمدة لكل من يملك كارت فلاح، وصرف نصف المقررات لكل من له كارت بفرع البنك الزراعى، ويجب عليه التوجه لاستلامه حتى يتمكن من صرف حصته، كما يتم السماح بصرف 50% من الأسمدة بصفة مؤقتة لمن لم يتم إصدار كارت فلاح له، على أن يقوم المزارع بالتوجه للجمعية التابع لها حيازته لتحرير استمارة تسجيل على المنظومة وتسليم صورة من

البطاقة الشخصية لإتمام إجراءات استخراج الكارت مع مراعاة عدم صرف باقى الحصة إلا بعد الحصول على الكارت.

وبالنسبة للأراضى المنزرعة خارج الزمام يتم السماح لها بالصرف مؤقتاً بنسبة 50% من الكمية المستحقة من الأسمدة حسب الضوابط وشروط الصرف من واقع المعاينات الفعلية على الطبيعة ولحين استخراج كارت الفلاح مع التأكد من عدم وجود مخالفات وذلك من الجهات ذات الولاية لها والمتابعة والتنسيق مع الجهات ذات الصلة.

وقال الدكتور جمال صيام استاذ الاقتصاد الزراعى بجامعة القاهرة، إن أزمة الأسمدة موسمية وتتكرر فى كل عام والفلاحين يعانون منها أشد المعاناة.

وأضاف صيام أن هذه الأزمة لها أسباب متعددة ولكن الموسم الحالى يختلف بسبب ارتفاع أسعار الطاقة عالميا كالنفط والغاز، مشيراً إلى أن الغاز يشكل ٧٠% من تكلفة الأسمدة الآزوتية وأى ارتفاع فى أسعارها ينعكس على أسعار الأسمدة مباشرة.

وأوضح أستاذ الاقتصاد الزراعى بجامعة القاهرة، أن من ضمن أسباب الأزمة انخفاض الدعم الحكومى المقدم للفلاحين من الأسمدة وترك الفلاح فريسة للسوق السوداء بالإضافة إلى احتكار السوق من جانب عدد قليل من الشركات التى تحاول تصدير أكبر كمية ممكنة من الإنتاج للخارج، وترك السوق المصرى بدون أسمدة للاستفادة من ارتفاع الأسعار العالمية حالياً.

وأشار صيام إلى أن كل ذلك يأتى فى ظل فساد وتلاعب الجمعيات الزراعية، أى أن الفلاح أصبح بين شقى الرحى سواء احتكار الشركات أو فساد الجمعيات الزراعية، ولذلك يجب على الحكومة مراقبة تصدير الأسمدة ومنع الشركات من التصدير إلا بعد توزيع حصة السوق المحلى والتدخل لصالح الفلاح وزيادة الدعم الموجه له.

كما طالب صيام الحكومة بوضع نظام جيد لتوزيع الأسمدة وزيادة الدعم والتنسيق مع الجمعيات والبنك الزراعى، لأن 30% من تكاليف الزراعة تقريبا تذهب الى الأسمدة وفى بعض الأحيان تزيد عن ذلك فى المحاصيل الشرهة للسماد كالذرة والبنجر.

وقالت سناء السعيد، عضو لجنة الخطة والموازنة بالنواب، إن الأسمدة مشكلة تؤرق الفلاحين على مدار شهور طويلة خاصة بعدما تضاعفت سعر الشيكارة

وطالبت السعيد فى تصريحات خاصة لـ«الوفد» الحكومة بضرورة بتوفير الأسمدة عن طريق الجمعيات الزراعية.. وقالت: «كتير من الجمعيات تتأخر فى التسليم فيضطر المزارعون للشراء بالأجل من تجار الأسمدة».

وأشارت النائبة إلى أن كثيراً من الجمعيات تقوم بتوزيع الأسمدة فى نهاية الموسم عندما لا تكون هناك حاجة له، فيضطر الفلاح لبيعه بسعر بخس للتجار الذين يخزنون لبداية الموسم القادم، ثم يبيعونه بأعلى سعر ممكن.

ونوهت النائبة إلى أن أسيوط من المحافظات الأكثر تضرراً من اختفاء شيكارة الأسمدة، وهو ما عرض تعرض كثير من المزارعين لخسائر فادحة نتيجة للارتفاع المبالغ فيه فى مستلزمات الإنتاج.

وقدمت «السعيد» بياناً عاجلاً إلى رئيس مجلس النواب المستشار حنفى الجبالى، موجهاً لوزير الزراعة، بشأن نقص الأسمدة الزراعية فى كل محافظات مصر بشكل عام وفى محافظة أسيوط، ومركز ساحل سليم، بشكل خاص، ومعاناة المزارعين سواء فى صرف الاسمدة الزراعية للمحصول الشتوى أو للمحصول الصيفى.

وتابعت: هناك العديد من المزارعين اشتكوا من تأخر استلامهم لحصصهم المقررة من الأسمدة منذ موسم الشتاء، وجاء الآن الموسم الصيفى والمزارع يعانى من نفس المشاكل.

وأكد حسين أبوصدام، نقيب الفلاحين، أن وزارة الزراعة هى المسئول الأول عن الأزمة خاصة أنها توزع الأسمدة فى أوقات غير مناسبة للفلاحين.

وقال أبوصدام إن مصر لديها فائض كبير فى الأسمدة، وسبب الأزمة يعود إلى سوء التوزيع من وزارة الزراعة، مشيرا إلى أن ارتفاع أسعار شكائر الأسمدة يرجع إلى ارتفاع أسعار الأسمدة عالمياً، فضلاً عن ارتفاع أسعار البترول والغاز.

وأشار نقيب الفلاحين إلى أن الأسمدة فى الجمعيات الزراعية مدعمة فسعر الشيكارة لا يتعدى 164 جنيهاً، فى حين سعرها فى السوق السوداء وصل لـ 500 جنيه، موضحا أن حل هذه الأزمة يكمن فى توفير بدائل الأسمدة والاتجاه إلى الزراعة بالرى الحديث لترشيد استهلاك الأسمدة.

وحول حجم الاستهلاك من الأسمدة سنوياً، قال نقيب الفلاحين إن حجم الاستهلاك من الشكائر المدعمة 4 ملايين طن وغير المدعمة 4 ملايين طن بإجمالى 8 ملايين طن سنوياً فى مصر، مؤكداً أن كثيراً من الفلاحين لا يمتلكون حيازة زراعية لكى يستلموا بها الأسمدة من الجمعيات.