عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

أبى كان زاهدًا فى المناصب

بوابة الوفد الإلكترونية

إخلاصه للقرآن ساعده على إصدار تفسير عصرى أقرب لفهم البسطاء

أسس مسجد «حراء» بالمقطم.. وعلاقته لم تنقطع بأهل قريته

الإعلام أتاح له توصيل رسالته للمسلمين فى بقاع الأرض

كان هادئًا ومتسامحًا ويكره العنف.. ويعرف أن كل بنى آدم خطاء

أثناء دراستى فى كلية دار العلوم بجامعة القاهرة فى أوائل التسعينيات حلَّ علينا الداعية الإسلامى الكبير الراحل الدكتور عبدالله شحاتة أستاذ الشريعة الإسلامية بالكلية عائدًا من إعارة بالخارج امتدت لسنوات طوال ووقتها كنت ضمن فريق الصحافة بالجامعة، وعلى الفور التقينا الداعية الراحل فى حوار لمجلة «شباب الجامعة» آنذاك، ومن ثم بدأت العلاقة تتوطد بين التلميذ وأستاذه، أقصد كاتب هذه السطور والداعية الإسلامى الكبير، ذهبت إليه للمرة الأولى فى منزله بالمقطم وفى مسجد حراء الذى أسسه فى هذه المنطقة الأرحب بمدينة القاهرة، وتواصلت اللقاءات بعد ذلك، فالدكتور عبدالله شحاتة- رحمه الله- كان علمًا من أعلام الثقافة الدينية الإسلامية، وقد حظى بقبول واسع لإخلاصه فى الدعوة، وكان- رحمه الله- سمح الوجه طلق اللسان بشوشًا، تمتع بسعة أفق وثقافة خصبة وقدرة على الحوار والإقناع. منحه الله القبول بين الناس والقدرة على التأثير على مستمعيه على اختلاف أطيافهم الثقافية، خاطب العقول والوجدان والقلوب، ومن خلال برامجه وكتاباته ومؤلفاته التى أبرزها «الإمام محمد عبده ومنهجه فى التفسير» «والأشباه والنظائر فى القرآن» و«الدين والمجتمع» و«فى رحاب السنة المطهرة» و«التفسير بين الماضى والحاضر» و«تاريخ القرآن والتفسير» و«آيات الله فى الكون.. تفسير الآيات الكونية» و«أهداف كل سورة ومقاصدها» و«هذا هو الإسلام» و«المرأة فى الإسلام بين الماضى والحاضر» و«فتاوى وآراء» و«حقوق الزوجية» و«فتاوى وآراء».

 انطلق الداعية الإسلامى الراحل إلى بقاع الأرض فى مشارقها ومغاربها، فكانت البرامج التى كان ضيفًا دائمًا بها، خاصة البرنامج الأشهر «حديث الروح» وبرنامج «دنيا ودين» وبرنامج «رب اشرح لى صدري» ومن قبلها برنامج «ندوة للرأى» رحم الله صاحب الوجه البشوش.

«الوفد» التقت نجله أيمن عبدالله شحاتة الباحث فى مجال الاقتصاد الإسلامى، وهذا نص الحوار.

فى البداية يقول أيمن عبدالله محمود شحاتة نجل الداعية الإسلامى الكبير تخرجت فى كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، وأعمل باحثًا فى الاقتصاد الإسلامى، وقد انتقلت من الاقتصاد الكلى المعنى بالمحركات الأساسية للإصلاح فى مجال التنمية الاقتصادية، فبحثى كان من المجال الأوسع إلى المجال الأقرب للاقتصاد المجتمعى والمجال الأضيق مجال التمكين الإنسانى، ولم يكن لوالدى- رحمه الله- أى دخل فى توجيه دراستى العلوم الشرعية، فقد كان يرى أن كل فرد فى هذه الأمة هو جندى فى بنائها، فالكل يعمل على إصلاح أحوال الأمة، قيمة الإنسان بمقدار ما يضيفه وبإخلاصه.

وعن بدايات الراحل الكبير الدكتور عبدالله شحاتة يقول نجله: ولد أبى فى 23 مايو 1930 ونشأ وسط أسرة ريفية متدينة وسط «ملح الأرض» كما يقولون وهم عوام الناس فى قرية «نادر» بمركز الشهداء بالمنوفية، وأتم حفظ القرآن الكريم فى كتاب القرية على يد الشيخ محمد العتابى، ولم يتجاوز عمره وقتها 11 عامًا، وكان يقول عن نفسه: «خرجت من الكتاب والقرآن كالماء الجارى فى صدرى أتبارى مع أقرانى فى معرفة متشابهاته وأتحداهم أن أخطئ فى كلمة واحدة منه».

التحق- رحمه الله- بالتعليم الأزهرى، واستطاع أن ينهل من بحور العلم المتدفقة آنذاك بين أروقة الأزهر وأساتذته القدامى ليكمل مسيرته التعليمية بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة وتتلمذ على أيدى علماء أجلاء أثروا الحركة الدينية أمثال الدكتور محمد عبدالله دراز والشيخ محمد المدنى والشيخ على الخفيف وكان- رحمه الله- عالمًا موسوعيًا، وهو من مدرسة الإمام محمد عبده التى عنيت بالروح والهدف وحاولت بعث العزيمة واليقظة الفكرية فى الدراسات الإسلامية، وقد كان للقرية أثر على والدى، حيث امتاز بالصدق والبساطة فى الطلب والعطاء والتى هى من خواص القرية المصرية وعمل فى بداية حياته إمامًا وخطيبًا لمسجد الإمام الشافعى واستكمل دراسته العليا وهو يعمل خارج الجامعة، فحصل على ماجستير الشريعة حول منهج الشيخ محمد عبده فى تفسير القرآن الكريم فى ضوء مناهج المفسرين السابقين عام 1965 ثم حصل على الدكتوراه من خلال تحقيقه لأول تفسير كامل للقرآن الكريم يصل إلينا منذ عهد النبوة وهو تفسير مقاتل بن سليمان البلخى عام 1968.

حياته الأسرية

وعن حياته الأسرية يقول ابنه أيمن: تزوج والدى من أقاربه، وقد ساندته والدتى كثيرًا وكان يشير طوال الوقت إلى أنها صاحبة الفضل على سير هذه المركب الأسرية فى السراء والضراء، لأنه كان منكبًا على طلب العلم وتعليمه جلّ وقته، وقد نشأنا مع أم تكرس حياتها لإنجاح بيتها وأبنائها، وقد كان هناك ود وبر بين الطرفين، وكان والدى يعظنا بالقدوة أكثر من الكلمة، وكان قليل التعنيف ويغض الطرف عن الأخطاء، فقد كان يجل الإنسان ويعلم أن بنى آدم خطاء، فقد اتبع أسلوب التربية الإيجابية، ومن أكثر الأحاديث التى حفظتها عنه عن أبى هريرة رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «تعس عبد الدينار وعبد الدرهم وعبدالخميصة: أن أعطى رضى وإن لم يعط سخط، تعس وانتكس، وإذا شيك فلا انتقش، طوبى لعبد آخذ بعنان فرسه فى سبيل الله أشعث رأسه، مغبرة قدماه، إن كان فى الحراسة كان فى الحراسة، وإن كان فى الساقة كان فى الساقة، إن أستاذن لم يؤذن له، وإن شفع لم يشفع»، فقيمة الإنسان ليست بشهرته، وهذا ما فهمناه سلوكًا من والدى بالتطبيق العملى، فلم تكن لدينا شهوة المنصب أو المال أو الجاه، ولم نشعر بالحرمان قط فى طفولتنا، لأن والدى كان كريمًا، أما الأبناء فقد رزق والدى بثلاثة أبناء ذكور هم «عصام» الأكبر ويعمل فى بنك فيصل الإسلامى و«عماد» يعمل فى شركة مطاحن و«أيمن» باحث اقتصاد إسلامى.

دار العلوم

وبسؤال نجل الدكتور عبدالله شحاتة عن رحلة والده فى كلية دار العلوم أستاذًا ومعلمًا قال: والدى كان أزهريًا ودرس الثانوية الأزهرية ودرس فى كلية أصول الدين بالأزهر الشريف بالتوازى مع كلية دار العلوم، ذات العمق اللغوى والأدبى، وقد منحته البساطة وسهولة اللغة، فلم تكن فصحى متحذلقة ولا عامية مفرطة، وهذا كله جعله يمتلك أدوات التفسير المعنية باللغة، فبعد حصوله على درجة الدكتوراه عين مدرسًا بقسم الشريعة الإسلامية بكلية دار العلوم وتدرج أستاذًا مساعدًا، ثم أستاذًا بقسم الشريعة الإسلامية ثم رئيسًا للقسم.

تفسير القرآن

وعن أهم مؤلفاته وتفسير القرآن ورحلته مع كتاب الله ومنهجه الذى اعتمد عليه يقول الباحث الإسلامى عبدالله شحاتة: كان همّ الدكتور عبدالله شحاتة الشاغل هو كيف يغوص فى أعماق كتاب الله ثم يخرج للناس ما تعلمه فى صورة تناسب الناس فى هذا العصر وتلبى احتياجاتهم وتخاطبهم على قدر عقولهم، وقد قال- رحمه الله- عن ذلك: «وجدت نفسى كرجل متخصص وعاشق للغة العربية التى نزل بها القرآن الكريم يجب أن أحاول تقديم تفسير يغطى حاجة النسبة الكبرى من سواد الأمة الإسلامية للمعرفة والعلم بأمور القرآن، كما يجد المثقف والمتعلم أيضاً ما يحتاجه، وقد أخرج لنا ثمرة علمه وعمله من خلال تفسير اجتماعى كامل وعصرى للقرآن الكريم فى 15 مجلدًا أقرب إلى أذواق الناس ومهنهم وعصرهم، وقد انشغل الراحل بإتمام هذا التفسير لأكثر من عقد من الزمان وفرَّغ له جلّ وقته فى سنى عمره الأخيرة، ولأن همه الدائم كان هو كيف يقدم هذا الدين ميسرًا ومركزًا لعموم المسلمين، فقد قرر المضى قدمًا فى تقديم مختصر لتفسير القرآن الكريم، وبالفعل شرع فى هذا العمل فى العام السابق لوفاته وأنجز منه الكثير لكن المنية وافته قبل أن يتمه، أم السنة فقد وجد- رحمه الله- فى نبينا الكريم القدوة والأسوة وفى كلامه الهدى والموعظة والطريق الوحيد لبلوغ مراد الله تعالى من خلقه فعمد إلى السنة النبوية وتناولها فى عدة كتب، وعرض من خلال المنابر الإعلامية المختلفة طائفة من أحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم وهديه ومنهاجه وسنته.

طقوس يومية

وعن طقوس الداعية الراحل اليومية يضيف نجله قائلًا: لابد أن تعرف أن النوم هو مفتاح الاستيقاظ والنشاط، فكان النوم له قدسية عنده، ووقت النوم كان لابد أن يكون فى هدوء تام، لأن النوم بالنسبة له إكسير النشاط وراحة الذهن، ليستكمل رحلته فى الدعوة وقت العمل بذهن صافٍ، وكان- رحمه الله- حريصًا على النوم مبكرًا ويستيقظ فى جوف الليل ليبدأ العمل والكتابة والتعبد وصلاة الفجر ويستكمل عمله، وكان من الممكن أن يستريح قليلًا قبل الإفطار وبعد ذلك ينزل إلى المسجد للعمل حتى موعد الغداء ثم القيلولة ثم الاستيقاظ للعمل، فمعظم وقته فى الصباح للعمل والكتابة والانشغال بهموم الدعوة ويطالع البرامج والصحف آخر النهار، وكان أكثر ما يلومنا عليه هو إضاعة الوقت دون الاستفادة به لإنجاز عمل مفيد، وكان اجتماعيًا هاشًا باشًا ومحبًا للناس، إلا أن وقته فى الاجتماعيات كان محدودًا جدًا خاصة مع تقدم العمر، وحريصًا جدًا على الوقت لأهميته لإنجاز عمله الدعوى، بالرغم من أنه كبير العائلة، وكان يتواصل مع جموع الناس لمعرفة قضاياهم ومشكلاتهم وهمومهم، وكان يأتى إلى بيتنا ضيوف كثر للسلام عليه وعرض مشكلاتهم وظل بيتنا مفتوحًا للجميع، لكنه كان حريصًا على عدم إضاعة الوقت ولم يكن حادًا فى قراراته أو شخصية تسلطية بالمرة، وكان لينًا سمحًا فى كل معاملاته واتسم خطابه الإعلامى بالسلاسة واليسر والانسياب واستطاع أن يجمع حوله القلوب الشاردة وتسكن لرؤيته النفوس القلقة، فقد حباه الله ببهاء فى الطلعة وعذوبة فى الحديث استطاع بهما أن يعمق الإيمان لدى مشاهديه وأن يتطرق إلى جميع نواحى حياتهم، فكان كالطبيب الماهر الذى استطاع أن يكشف عن الداء

ويصف له ما يناسبه من دواء.

ارتباطه بقريته

ويضيف «أيمن» نجل الداعية الكبيرالراحل: والدى كان يزور القرية بصورة دورية فى الأعياد والمناسبات، خاصة عيدالأضحى وكنا نقوم بذبح الأضحية ويخطب العيد، ويمر على أهل القرية جميعًا لزيارتهم بعد الصلاة وكنا نقضى معظم أوقات الصيف فى القرية، وكان لنا بيت فى المنيل بالقاهرة نسكن فيه قبل انتقالنا إلى المقطم والمنزل كان قريبًا من معهد الأورام، وبالتالى أى مريض وأسرته يفدون إلى القاهرة يأتون إلينا وكنا نرحب بالجميع، أما والدى فكان له أخت واحدة والعديد من الإخوة الذكورة ومنهم أحمد أفندى وكان يعمل مدرسًا و«فتحى» الذى ظل بالقرية يتابع شئون العائلة هناك.

 

حديث الروح

وعن ارتباطه ببرنامج «حديث الروح» قال «أيمن»: كان والدى- رحمه الله- من أشهر المتحدثين فى البرامج الدينية فى التليفزيون خاصة البرنامج الأشهر «حديث الروح» كما قدم برامج أخرى عديدة، وكان صاحب أداء مميز هادئ النبرة، حريصًا على الإقناع، يعبر عن وجهة النظر الإسلامية السمحة دون افتعال أو تشدد أو تفريط ليؤكد معنى وسطية الإسلام، واستطاع خلال برنامج «حديث الروح» أن يستعرض مقاصد وأهداف كل سورة فى القرآن، وأن يصف كل سورة من سور القرآن المائة وأربع عشرة من خلال الروح العامة التى تسرى فيها والبناء الشامل الذى تظهر به والأحكام والأنباء التى تحتوى عليها دون الدخول فى تفسير آية تلو الآية والانصراف بذلك عن المعنى العام، مستلهمًا بذلك عمل شيخه الجليل محمد المدنى الذى قدم بهذا الشكل فى التناول فى كتابه عن سورة النساء من خلال تصور متكامل وليس من خلال نظرة جزئية إلى الآيات واهتم بنقل هذه الرؤية الكلية للقرآن من خلال عدة برامج إذاعية وتليفزيونية أبرزها حديث الروح وخطبه المنبرية فى أواخر السبعينيات فى تقديم تفسير كامل للقرآن الكريم على أشرطة التليفزيون العربية ومازال يذاع فى تلك المحطات حتى يومنا هذا، ومن قبل «حديث الروح» كان هناك برنامج «ندوة للرأى» وبرامج الفتوى، وبرنامج «دنيا ودين» وبرنامج «رب اشرح لى صدرى» التى أتاحت له الانتشار الواسع ومكنته من الوصول إلى شريحة أوسع من الوطن العربى، فالإعلام ساعد بشدة أن تصل رسالته المبسطة إلى عموم المسلمين فى بقاع الأرض.

رحلاته ومسجد «حراء»

وعن عمله بالجامعات الخارجية وقصة تأسيس مسجد «حراء» بالمقطم قال نجل الداعية الراحل: «كانت له رحلات إبان عمله بالأوقاف خطيبًا بمسجد الإمام الشافعى بالقاهرة من(1954- 1970) قبل التحاقه بالسلك الأكاديمى بالتدريس، فقد كانت له بعثات مع الأوقاف إلى دول آسيا، الفلبين، وماليزيا، وتواجد دعوى فى هذه البلاد، لكن الجهود الأكبر كانت فى دول العالم العربى مثل العراق والسعودية والإمارات والسودان وسلطنة عمان، كما تعددت إسهاماته فى الجامعات العربية لمدد طويلة، فقد عمل أستاذًا زائرًا بجامعة أم درمان الإسلامية (1977) وأستاذًا زائرًا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض (فرع القصيم)، كما أعير إلى جامعة الإمارات العربية المتحدة بالعين لمدة أربع سنوات (1978-1982) وأعير إلى جامعة السلطان قابوس بسلطنة عمان (86-1992) وطاب له المقام هناك فاستقال من كلية دار العلوم بجامعة القاهرة فى نهاية 1992 حتى يواصل عمله فى جامعة قابوس بعد أن استنفد مدد الإعارة للخارج، واستمر- رحمه الله- أستاذًا ورئيسًا لقسم العلوم الإسلامية بكلية التربية والعلوم الإسلامية فى جامعة السلطان قابوس حتى استقال منها وتفرغ لتفسير القرآن الكريم ليتمه فى 10 يونية 2001 قبل رحيله بعام واحد فقط، أما عن تأسيسه لمسجد حراء، فقد انتقلنا من منطقة المنيل إلى المقطم، واقترح عليه صديقه الحاج عبدالله مؤسس شركة «إيديال للثلاجات» ثم «أوليمبيك جروب» وقتها شراء أرض للبناء عليها، وهو الذى دفعه للمجىء للمقطم والسكن فى هذا الحى، حتى بنى المنزل لنعيش فيه جميعًا، خاصة أننا كنا 3 أبناء على مقربة من الزواج ونحتاج إلى منزل أرحب يضمنا جميعًا، وقد خصص مكانًا للمسجد، وقام الحاج عبدالله سلام بفرشه وتأسيسه ثم واصل ابنه الحاج نيازى عبدالله سلام جهوده بشراء ملحق للمسجد حتى يسع المصلين، وكان المسجد نواة جديدة فى مراحل الدعوة فى حياة الراحل الكبير وكان يتجول فى محافظات مصر من الإسكندرية إلى أسوان فى مهام دعوية كبيرة.

حسن الخاتمة

ويختم نجل الداعية حديثه لـ«الوفد» عن آخر أيام الداعية الراحل الكبير قائلًا: كان- رحمه الله- قد تجاوز السبعين من عمره ولم يكن يعانى أمراضًا، وكان رياضيًا جدًا يصحو مبكرًا، ويمارس الرياضة منذ صغره، رياضة العدو والتنس والسباحة، وظل يمارس السباحة إلى أواخر أيامه، وفى الكبر كان حريصًا على الممشى وممارسة التمارين الرياضية، وفى آخر يوم له كان يستعد للخروج لفتيا الناس لبرنامج «رب اشرح لى صدرى» إلا أنه أصيب فجأة بجلطة فى المخ «السكتة الدماغية» التى تنتشر بين العائلة إلى حدٍ ما، وتم نقله على إثرها إلى مستشفى أحمد ماهر التعليمى، وأمر وزير الصحة- آنذاك- بتكوين فريق طبى على أعلى مستوى لمتابعة حالته المرضية وبيان ما إذا كان يمكن نقله للخارج من عدمه، لكن الأطباء قرروا أن حالته متأخرة، وقالوا إن جذع المخ قد توقف عن العمل وأنه مات إكلينيكيًا، وحذروا من سفره للخارج لخطورة ذلك عليه، وفشلت جهود الأطباء فى إنقاذه ليرحل بعد أربعة أيام وعندما قمنا بغسله وجدنا كل سنن الفطرة متحققة فيه،(قص الأظافر، وحلق العانة والإبط، وحلق الشارب) كما العريس، فكل أيامه كان مستعدًا للرحيل ولقاء ربه، فمن شب على شىء شاب عليه وقد تمت الصلاة عليه فى المستشفى ثم فى المسجد بحضور شيخ الأزهر الإمام الراحل الدكتور محمد سيد طنطاوى وكبار رجال الدعوة ليؤم المصلين عليه الشيخ محمد الراوى-رحمه الله-، وكان من يمن الطالع على الداعية الراحل الدكتور عبدالله شحاتة إتمامه لتفسير القرآن الكريم كاملًا على مدار أكثر من عقدين من الزمن وانتهاؤه منه فى العام السابق لوفاته مباشرة، فقد توفى فى 20 يونيه عام 2002 عن عمر يناهز 72 عامًا بعد حياة حافلة بالعطاء فى مجال الدعوة وخدمة الإسلام والمسلمين. وكان حريصًا أن يتفرغ تمامًا لذلك، لأنه كان يستشعر دنو الأجل، ومن يمن الطالع أيضاً أن تكون آخر خطبة جمعة له قبل وفاته بأيام معدودة عن الصلاة وأركانها وآدابها والخشوع فيها والاهتمام بها والتوصية بالحرص عليها- رحم الله- الداعية الكبير الدكتور عبدالله شحاتة صاحب الوجه البشوش والنفس الصافية.