رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

فرصة للشباب.. شقق الحكومة بالإيجار

أعباء الزواج
أعباء الزواج

خبراء: المشروع يضرب عصفورين بحجر واحد

وثيقة التأمين.. ضرورة لامتلاك الشقة فى المستقبل

مطلوب وضع شروط وضوابط واضحة لاستلام الوحدة

تعد مشكلة تأخر الزواج لدى الشباب إحدى الظواهر الاجتماعية السلبية التى ظهرت فى مصر خلال السنوات الأخيرة، نتيجة العديد من الأسباب وأبرزها ارتفاع تكاليف الزواج والأسعار الباهظة للوحدات السكنية.

أسباب هذه الظاهرة لا تتوقف عند هذا الحد، بل تصل إلى مغالاة الأسر فى المهور، وغلاء المعيشة وصعوبة توفير سكن، فضلًا عن ارتفاع معدلات البطالة، وضعف الأجور التى يتقاضاها الشباب.

هذه المشكلة كانت تدفع الدولة دائمًا لتنفيذ مشروعات الإسكان الاجتماعى لمحدودى ومتوسطى الدخل، إلا أن هذه المشروعات رغم نفاذ وحداتها وقيام المواطنين بشرائها، لم تحل مشكلة العنوسة وتأخر الزواج، ولذلك قال الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال جولته التفقدية مؤخرًا بأكبر قافلة إنسانية لرعاية مليون أسرة على مستوى الجمهورية، ومبادرات الحماية الاجتماعية التى تشملها مبادرة «سكن كريم»، أنه يفكر فى بناء وحدات سكنية مجهزة ومفروشة بشكل لائق للشباب، بحيث يتم طرحها للإيجار دون أى مقدم أو أقساط كبيرة.

ووجه الرئيس حديثه للدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، قائلًا: «أنا بفكر إننا نعمل شقق ونفرشها فرش كويس، علشان مش عاوزين الأسر تناقش موضوع المهر، لو يتكلموا فى الشبكة ماشى، إنما المهر لأ، ونقول له تعالى فيه شقق مفروشة بإيجار، وجاهزة ويأجروها بس، وما يدفعش مقدم كبير وأقساط كبيرة وبندرس الموضوع ده بقالنا شهور».

وأضاف الرئيس: «فكرة إنى أعمل إسكان مفروش والناس تدفع إيجار فيه ده موضوع مش فى ثقافتنا، بس هيخلى الأسر ما تتكلمش لا فى مهر ولا فرش، ولا يتخانقوا على حاجة، هيدفعوا إيجار وخلاص، وهنبقى شغلنا أهالينا فى دمياط.. عايزين نعمل 100 ألف شقة كده».

هذا الإجراء قد يساهد فى حل مشكلة عدد كبير من الشباب من كلا الجنسين نتيجة لظاهرة الإحجام عن الزواج التى أكدت الأرقام تزايدها من عام لآخر، فوفقًا للنشرة السنوية لإحصاءات الزواج والطلاق لعام 2018 التى أعلنها الجهاز المركزى للتعبية العامة والإحصاء فى عام 2019 فقد بلغ معدل الزواج على مستوى الجمهورية 9.1 فى الألف عام 2018 مقابل 9.6 فى الألف عام 2017.

ومعدل الزواج هو عدد عقود الزواج التى تمت خلال العام، وأوضح الجهاز أن عدد عقود الزواج بلغت 887 ألف عقد عام 2018 مقابل 912 ألف عقد عام 2017 بنسبة انخفاض قدرها 2.8%.

وطبقًا للحضر والريف بلغ عدد عقود الزواج فى الحضر 364849 عقدًا عام 2018 تمثل 41.1% من جملة العقود مقابل 356634 عقدًا عام 2017 بنسبة زيادة قدرها 2.3%، وبلغ عدد عقود الزواج فى الريف 522466 عقدًا عام 2018 تمثل 58.9% من جملة العقود مقابل 555972 عقدًا عام 2017 بنسبة انخفاض قدرها 6%.

وبلغ عدد الإناث اللاتى لم يتزوجن فى الفئة العمرية 35 عامًا فأكثر، نحو 472 ألف أنثى بنسبة 3.3%، من إجمالى عدد الإناث فى تلك الفئة العمرية، خلال عام 2017، مقابل 687 ألف حالة ذكور بنسبة 4.5% من إجمالى أعداد الذكور فى الفئة العمرية المشار إليها.

ووصلت نسبة العنوسة بين الذكور فى الحضر إلى 6.8% مقابل 2.4% بالريف خلال 2017، بينما بلغت نسبة العنوسة للإناث 4.2% فى الحضر مقابل 2.6% بالريف.

وطبقاً للحالة التعليمية، سجلت الإناث الحاصلات على مؤهل جامعى فأكثر ولم يتزوجن من قبل، أعلى نسبة للعنوسة فوق 35 عامًا، حيث بلغت النسبة بينهن 5.8%، تلاها من تعرف القراءة والكتابة بنسبة 4.1%، ثم الحاصلات على شهادة متوسطة وفوق المتوسط بنسبة 3.2%، وفى المقابل جاءت النسبة الأقل بين الحاصلات على شهادة أقل من المتوسطة بنسبة 2.4%، وذلك للإناث فوق 35 عامًا.

أما عام 2019، فقد بلغ عدد عقود الزواج 927 ألف عقد بنسبة زيادة قدرها 4.6٪، بينما بلغت عدد إشهادات الطلاق 225 ألف إشهاد بنسبة زيادة قدرها 6.8٪، وخلال 2020، بلغ عدد حالات الزواج 902 ألف حالة، بانخفاض وصل إلى 2.7%، أما حالات الطلاق فقد وصلت إلى 218 ألف حالة، بتراجع بلغ نحو 7 آلاف حالة، حيث تسجل مصر 24 حالة طلاق يوميًا مقابل كل 100 حالة زواج.

ووفقًا لتقرير آخر صادر عن التعبئة والإحصاء، فإن أسباب ظاهرة العنوسة تعود إلى غلاء المهور، وارتفاع تكاليف الزواج الأخرى الناتجة عن العادات والتقاليد المتبعة، بالإضافة إلى غلاء المعيشة وصعوبة توفير سكن، وارتفاع معدلات البطالة، ارتفاع معدل التعليم بالنسبة للإناث والانشغال بالعمل أو الوظيفة من قبل الفتاة وعدم الرضا بمن يتقدم إليهن وضعف الأجور التى يتقاضاها الشباب.

 

دراسة

من جهته، قال اللواء ممدوح شعبان مدير «جمعية الأورمان»، الذى كان حاضرًا مع الرئيس خلال هذه الجولة: إن الرئيس السيسى طرح فكرة رائعة وهى فرش الشقق بالأثاث وتأجيرها حتى يتم التخلص من أزمات يواجهها المجتمع مثل ارتفاع المهر وغيرها.

وأضاف «شعبان» أن العمل الخيرى متكامل وتطوير الأداء مطلب مهم، ففكرة تأثيث الشقق بالكامل للعرسان الجدد سيتم بحثها بكل التفاصيل من جانب منظمات المجتمع المدنى، لأنها تسهم فى حل أزمة الغارمات والأم لن تكون مضطرة لشراء أثاث وأجهزة كهربائية بالتقسيط.

وأوضح أن منظمات المجتمع المدنى سوف تجتمع مع وزراء الإسكان والتضامن الاجتماعى لبحث ودراسة اقتراح الرئيس وإمكانية تنفيذه قريبا، ومن الممكن أن تتحمل وزارة التضامن 70% من تكلفة فرش وتأثيث وحدات الإسكان الاجتماعى للمقبلين على الزواج، وتتحمل منظمات المجتمع المدنى 30% من التكلفة، كما أن هناك اقتراحات بتحمل صندوق تحيا مصر تكاليف 1000 شقة، إضافة إلى مقترحات أخرى ستتم دراستها والاتفاق عليها، مع إمكانية مشاركة البنوك ورجال الأعمال فى تنفيذ هذه الاقتراحات.

 

حل إبداعى

وقال الدكتور عبدالمجيد جادو، الخبير العقارى: إن تأجير الدولة وحدات سكنية مفروشة للشباب المقبل على الزواج يعد اتجاها جيدا، وحل إبداعى لمشكلات الشباب المصرى الاجتماعية خلال السنوات الماضية.

وأضاف «جادو» أن تنفيذ هذا الاقتراح سوف يخلق مجتمعًا مستقرًا، لأن مصر تتميز بأنها مجتمع شاب والنسبة الأكبر من السكان فى سن الشباب، وهذه نقطة تحسدنا عليها دول عديدة، وبالتالى فإن توفير شقق جاهزة بالإيجار سيسهم فى اتجاه الشباب لتكوين أسرة واستقرار مجتمعى، لأن الحياة ستكون ميسرة وسيقى على العديد من الأمراض الاجتماعية.

وتابع: «الشباب الآن يجد صعوبة فى الإقبال على الزواج بسبب أسعار الوحدات السكنية المرتفعة وارتفاع تكلفة الأثاث المنزلي.. الشاب دلوقتى علشان يفكر فى الجواز محتاج يشترى شقة وعفش وغيره وكلها أمور فوق طاقته».

وطالب الخبير العقارى، بأن يتحول الأمر فيما بعد إلى التأجير التمويلى عندما يرتفع دخل هؤلاء

الشباب، بحيث يتم اعتبار الإيجار الشهرى الذى دفعه الشاب ضمن أقساط تملك الوحدة السكنية مستقبلًا، مشيرًا إلى أن هدف الحكومة من هذا الأمر ليس الربح وبالتالى من السهل تطبيق نظام التأجير التمويلي.

وأكد «جادو» ضرورة وضع ضوابط للاستفادة من هذا المشروع ولا يترك للجميع، بحيث لا يستفيد منه سوى الطبقات الاجتماعية الأقل دخلا وتعانى فى سبيل شراء وحدة سكنية والزواج فيها، موضحًا أن ترك الأمر بلا ضوابط سوف يؤثر سلبًا على القطاع العقارى فى مصر، لأن الكل سيتجه إلى الإيجار من الحكومة ويبعد عن السوق العقارى، وبالتالى يضيع الهدف الأساسى من الفكرة.

وتابع: «لو الموضوع مفتوح للكل يبقى القطاع العقارى المصرى هيتأثر بشكل كبير، لأن السوق العقارى يعتمد على العرض والطلب، والإسكان الاجتماعى هدفه سد الفجوة بين العرض والطلب، ولذلك لابد من وضع ضوابط لهذا المقترح».

 

معاناة الشباب

وقال الدكتور حسن الخولى، أستاذ الاجتماع بجامعة عين شمس: إن الدولة تقوم بكل جهد لحل مشكلات الزواج لأنها أصبحت مشكلة كبيرة جداً بسبب الصعوبة التى تواجه الشباب حالياً، مضيفًا، «الزواج مكلف جدًا بسبب الشقة والتجهيزات».

وأضاف «الخولى» أن قيام الحكومة بتأجير الوحدات السكنية للمقبلين على الزواج، يسهم فى تخفيف المعاناة عن كاهل الشباب، لأن دفع إيجار شهرى فقط بدلًا من شراء الشقة والأثاث المنزلى، يجعل الأمر فى متناول اليد بالنسبة للشاب، قائلًا، «إيجار فى متناول اليد أرحم بكتير من التجهيزات وثمن الشقة الكبير».

وتابع أستاذ الاجتماع بجامعة عين شمس «من الممكن أن يكون ذلك بداية لتملك الشقة فى النهاية، أو أن يبدأ الزوجان حياتهما فيها وبعد ذلك عندما يزيد الدخل الخاص بهم يستطيعون شراء وحدات سكنية تمليك فى مكان آخر إذا أرادوا ذلك».

وأوضح «الخولى» أن تنفيذ هذا الاقتراح يعد أحد الحلول العاجلة لحل أزمة الشباب، لأن تحقيق الزواج للشباب فى سن مناسب مطلب حيوى، حتى لا ييأس الشباب من الزواج وتزيد نسبة العنوسة فى المجتمع، كما سيكون له أثر إيجابى فى حل مشكلات طول فترة الخطوبة التى تكون فى أحيان كثيرة سببا فى فسخ الخطوبة بسبب عدم وجود شقة، فضلًا عن حل مشكلة الزواج مع العائلة فى نفس المكان، والذى قد يؤدى إلى الطلاق فى النهاية، مضيفًا «ونحن نرى مثل هذه الحوادث كثيرًا فى مجتمعنا».

 

تأجير تمويلى

أما الخبير الاقتصادى، وائل النحاس، فقال: إن نموذج الشقق الصغيرة التى نفذتها الدولة خلال السنوات القليلة الماضية ذات المساحة 67 مترً لا يناسب الأسرة المصرية المكونة من 5 أفراد فأعلى، ولذلك فهى تتناسب مع الشباب المقبل على الزواج وفى بداية حياته أكثر، لكنه غير قادر على تحمل التكلفة الباهظة لتجهيز الشقق والإيجار المرتفع.

وأضاف «النحاس» أن الدولة تستهدف أيضاً القضاء على نسبة العنوسة المرتفعة، لأن مؤشرات سن الشباب لدينا أصبحت فوق الثلاثينيات مقارنة بدول العالم الأخرى، قائلاً: «أحياناً نصف شخصاً بأنه شاب رغم أن عمره 33 أو 35 سنة».

وأوضح الخبير الاقتصادى، أن الإصلاح الاقتصادى الذى نفذته الدولة خلال الخمس سنوات الماضية أثر بشكل سلبى على طبقة الشباب، وجعله غير قادر على تحمل تكاليف المعيشة والزواج، لأن دخله الشهرى أصبح بالكاد يكفى احتياجاته الشخصية، متابعاً: «الأول كنت ممكن تجهز الشقة والجوازة فى حدود 35 ألف جنيه إنما دلوقتى محتاج 250 ألف جنيه ودى تكلفة عالية على الأسرة المصرية».

وأشار «النحاس» إلى أن الدولة أصبحت واعية لهذا الأمر وستطرح للشباب شقة جاهزة بنظام الإيجار المفروش الذى يعد خطوة جيدة وبمساحات تناسب الشباب وتنظم الأسرة وتمتص صدمات الزواج الأولى وتحل نسبة الطلاق العالية حاليًا بسبب الأحوال الاقتصادية الصعبة، مضيفًا، «إحنا كده بنضرب أكتر من عصفور بحجر واحد».

ولفت إلى أن الحكومة اكتشفت أن الوحدات السكنية ذات المساحات الصغيرة لا يوجد طلب قوى عليها، وبالتالى اقترح الرئيس السيسى تنفيذ هذا الأمر، وفى نفس الوقت ترفع عبء مصاريف الزواج عن الأسر».

إضافة إلى ذلك، قال النحاس: إننا نحتاج إلى وجود وثيقة تأمينية تشترط أنه فى حالة الإلتزام بسداد الإيجار الشهرى لفترة معينة ولتكن 15 أو 20 سنة مثلًا دون تأخير، يتحول النظام إلى تأجير تمويلى ويتملك الشاب الشقة فيما بعد، ونعتبر الإيجار ضمن أقساط الشقة، متابعًا، «بكده قدرت أحافظ على مستقبل الشباب ده وعملت نوع من الاستقرار الأسرى والمجتمعي».

فرصة للشباب.. شقق الحكومة بالإيجار