عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تبدأ بمصانع "بير السلم".. مافيا تجارة الموت السريع!

محل كاوتش سيارات
محل كاوتش سيارات على الطريق السريع

"تيل الفرامل" المضروبة.. كارثة تحصد الأرواح

انخفاض أسعارها يغرى أصحاب السيارات بالشراء

المواد المستخدمة فيها تؤدى للإصابة بالسرطان

 

«الفرامل» صمام الأمان فى أى سيارة، فهى أهم وسائل إنقاذ حياة الركاب، وبدونها تتحول السيارات إلى نعوش طائرة، ولذلك تهتم كل شركات التصنيع بتيل الفرامل، وترفض مراكز الصيانة تركيب أى تيل فرامل إلا إذا كان أصليًا حتى لا تتعرض السيارة وركابها للخطر.

ولكن فى مصر هناك كارثة أخلاقية قبل أن تكون غشًا تجاريًا، وهى تصنيع تيل الفرامل فى مصانع «بير السلم» وبيعه على أنه قطعة أصلية، وهو ما يؤدى لزيادة أعداد حوادث الطرق فى مصر، التى يروح ضحيتها الآلاف سنويا، حيث تؤكد الإحصاءات الرسمية أن عدد ضحايا حوادث الطرق فى مصر وصل إلى ٧ آلاف حالة وفاة فى العام الماضى.

«الوفد» ترصد فى هذا التحقيق طرق الغش والتلاعب فى فرامل السيارات، خاصة أن عدد السيارات فى مصر يصل إلى 11 مليونًا طبقًا للجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء لعام 2018، وانتشار هذه الظاهرة يؤدى إلى تهديد حياة ملايين المصريين

تجارة الموت عبارة عن سلسلة مكتملة الحلقات تبدأ من مصانع بئر السلم التى تنتج هذه الأنواع «المضروبة» من التيل فرامل، وتنتهى بميكانيكية يستغلون تعطل بعض السيارات على الطرق، وتكتمل بالوسطاء الذين يقومون بترويج هذه البضائع القاتلة.

أولى حلقات هذه الدائرة هم المنتجون، حيث تنتشر مصانع إنتاج التيل المغشوش فى المناطق العشوائية، وقد التقينا بأحد العمال السابقين– رفض ذكر اسمه- داخل أحد المصانع المجهولة لتصنيع تيل فرامل السيارات المغشوشة على طريق إسكندرية الصحراوى، ويعمل الآن فى هذه التجارة بشكل منفرد، وفى بداية حديثه قال إن تيل الفرامل الأصلى يتكون من عجين يسمى «اسباستوس»، بالإضافة لوجود شعيرات نحاس تساعد على حفظ جودة طنابير السيارات، ولا يؤثر عليها فى القيادة، كما أنه يجعل مدة استهلاك التيل أطول، وقوة تماسك السيارة على الأرض أثناء التوقف أسرع، كما أن تيل الفرامل الأصلى كفاءته كبيرة فى درجات الحرارة العالية، ويستطيع أن يوقف السيارة فى وقت محدد وسريع، ويقلل من فرص وقوع حوادث بسبب قوة تماسك السيارة على الأرض أثناء استخدام الفرامل.

وتابع حديثه: أما التيل المغشوش فيتكون من عجينة حديد تؤدى إلى تأكل الطنابير وتلفها، كما أن استجابته للفرامل تكون بعد فترة مما يقلل من الأمان فى السيارة، ولا يوجد عمر افتراضى لاستهلاك التيل، فقد يتلف بعد أيام معدودة، ويختلف من سيارة إلى أخرى، ومن السيارات الأوتوماتيك للسيارات العادية، حيث إن السيارات الأوتوماتيك تستهلك تيل فرامل بشكل أسرع كما أن عمر التيل يعتمد على الأماكن التى تسير فيها السيارة.

وكشف عامل تصنيع تيل الفرامل، أن فكرة تصنيع تيل الفرامل المغشوش جاءت بسبب ارتفاع أسعار قطع غيار السيارات وأغلب الملاك يبحثون عن السعر المنخفض ولا يهتمون بالجودة والأمان خاصة أصحاب السيارات القديمة، فقررنا فتح ورشة صغيرة فى غرفة شقة بالدور الأرضى، وأحضرنا مكونات عجينة تيل الفرامل وتخصص أحد العمال فى تجميع شاسيهات تيل الفرامل المتهالك من ورش الميكانيكا، حتى يتم تفرغها وصبها من جديد بالعجينة المصنعة على أيدينا.

وتضم المواد المستخدمة فى بطانة الكبح: ألياف صخرية ومواد عضوية ومواد شبه معدنية مثل برادة الألومنيوم، ولكن واجهتنا مشكلة وهى أن هذه المواد لها عيوب خطيرة أثناء تركيبها فى السيارات واستخدامها بشكل مستمر وأخطرها عوادمها التى تؤثرعلى البيئة، بالإضافة لارتفاع صوت الاحتكاك، بسبب احتواء تيل الفرامل المغشوش على نسبة كبيرة من المعدن، لذلك تصبح قاسية بما يكفى على السيارة أكثر من المواد الأخرى، كما أن الطنابير يظهر عليها «الرماد الناتج عن الاحتكاك» بالتيل المغشوش.

وأثناء جولتنا على طريق مصر إسكندرية الصحراوى وجدنا أرقام هواتف محمولة لأكثر من ورشة ميكانيكى على الحوائط والأرصفة، تستهدف ملاك السيارات التى يحدث بها عطل مفاجئ، ولا يجد ملجأ إلا تلك الأرقام المكتوبة، وعند التواصل مع أحدهم قال: «أوردر تصليح السيارة العطلانة تدوير 200 جنيه، والأعطال الفنية تبدأ من 500 جنيه، وسيارة الانتقال إلى السيارة العطلانة على الصحراوى وتنتظر حتى عودتى تكلفتها 350 جنيهًا»، وعند الموافقة على تسعيرة إصلاح الفنيات المقدمة طلبت منه إحضار تيل للفرامل جديد قال: «ولا تيل ولا حاجة أنا همشيلك العربية بالزيت، ما تخليش حد يستغلك فى شراء تيل أو تغير خراطيم الزيت، لأن جميع الميكانيكية على الطريق بتسحب السيارة إلى الورشة، وتقوم بإعادة استبدال قطع غيار فى السيارات لتحصل على مبالغ مالية دون معرفتك، وتعمل على اقناعك بذلك»،

وفى جولة أخرى على طريق بنها الزراعى التقينا بـ«الأسطى جعفر الميكانيكي»، الذى أكد حضور شاب كل أسبوع بدراجة نارية، ومعه العديد من قطع غيار السيارات وأبرزها تيل الفرامل مغلف، ويعرض عليه شراء التيل بأسعار أقل من أسعار السوق، وبخبرة السنوات العديدة التى مارسها «جعفر» فى صيانة السيارات أكد أنه يستطيع كشف فساد تيل الفرامل.

وأضاف أنه عند مواجهة ذلك الشاب أكد أن قطع الغيار مصنعة فى مصنع بمنطقة منشية ناصر، ولا أحد يعلم مكان المصنع بسبب عمليات الضبط التى حدثت فى السنوات الأخيرة لعدد من المصانع بالمنطقة.

وأكد الأسطى «جعفر» أنه يرفض شراء مثل هذه القطع وقال: التيل مصنع بمادة لاصقة، وتضاف عليه بودرة

وخامات مجهولة المصدر شديدة الخطورة تصيب الإنسان بأمراض سرطانية عند ملامسة الأيدى، مشيرًا إلى أن مثل هذه المنتجات لا تحصل على تصريح من وزارة الصناعة، كما أن تلك الخلطة المستخدمة فى تصنيع تيل الفرامل تتسبب فى العديد من حوادث الطرق مؤكدًا، «أرواح الناس أمانة لا يجوز التهاون فيها».

وعن الفرق بين تيل الفرامل الأصلى والمغشوش، قال شاكر أحمد، بائع قطع غيار سيارات بمنطقة وسط البلد، إن الفرق بينهما كبير، فتيل الفرامل الأصلى مصنع من مواد شبه عضوية مثل الزجاج، والمطاط، بخليط من الألياف وبينهم لاصق قوى، وهناك تيل معدنى يتميز عن باقى الأنواع بأنه أقلهم إنتاجًا للصوت، وأعلاهم حفاظًا على الطنابير، لكن يعيبه أنه أقل أنواع التيل عمرًا، وأكثرهم إنتاجًا لغبار الفرامل، مضيفًا أن تيل الفرامل المعدنى هو مشبع معدنى ويكون ضمن مواد الاحتكاك الخاصة بالتيل نحو 30 إلى 50 % برادة حديد أو برادة نحاس، مع خليط المكونات الموجودة فى التيل الأورجانك، ويعتبر الأكثر إنتاجًا واستخدامًا فى الوقت الراهن لأنه يمتاز بسعره المناسب وكفاءته المرتفعة، وعمره الطويل، ولكنه أكثر أنوع تيل الفرامل إصدارا للصوت.

وأضاف بائع قطع غيار السيارات، أن أسعار تيل الفرامل الأصلية تبدأ من 350 جنيهًا للمستورد، وتختلف حسب ماركة السيارة، فمثلًا الألمانى أغلى أنواع الفرامل ويبدأ من 600 جنيه للطقم الأصلى، واليابانى يبدأ من 400 جنيه للطقم، والكورى من 350 جنيهًا، أما المنتجات الصينية المغشوشة فسعر الطقم منها لا يتخطى المائة جنيه، وغالبًا تكون مهربة بشكل غير مشروع من الخارج.

من جانبه أكد سامى مختار خبير السلامة المرورية، أن تصنيع الفرامل حاليًا يتم من خلال ألياف صخرية ومواد عضوية ومواد شبه معدنية، وكل من هذه المواد لها مميزاتها وعيوبها المتعلقة بالحفاظ على البيئة، وهذه هى المواصفات القياسية فى عملية تصنيع الفرامل، حتى يصبح لديها أكبر قدر على كبح السيارة رغم أنها تنتج صوتًا مرتفعًا وتكون نسبة تلفها كبيرة جدًا فى حالة تم استخدامها بعنف لتوقيف السيارة مما يضطر صاحبها لشراء غيرها ويلجأ البعض للأنواع الرخيصة والمغشوشة وهو مايعرض حياتهم للخطر الدائم.

وأوضح خبير السلامة المرورية، أن هناك أنواعًا أخرى منتشرة داخل سوق قطع الغيار تتكون من مواد لا تصلح لتصنيع تيل الفرامل مثل الخزف والنحاس وتستعمل كبديل للعديد من المواد المعدنية التى تتحمل درجات حرارة أعلى مع أقل قدرة لتوصيل الحرارة لقرص الفرامل وأقل إنتاجا للغبار.

وأكد عثمان يوسف المحامى بالنقض، أن العقوبات فى مجال الغش التجارى جسيمة، حيث إن الغش التجارى تتخطى خطورته تجارة المخدرات والسلاح، والمشرع المصرى نظم القواعد الخاصة بجريمة الغش التجارى والعقوبات المترتبة على ذلك بالقانون رقم 48 لسنة 1941 والمعدل بالقانون رقم 281 لسنة 1994، والمسمى بقانون «قمع الغش والتدليس» حيث نصت المادة الأولى منه على أن يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن 5 آلاف جنيه، ولا تتجاوز 20 ألف جنيه أو ما يعادل قيمة السلعة موضوع الجريمة أيهما أكبر، أو بإحدى هاتين العقوبتين، مؤكدًا أن الغش التجارى يتخذ أكثر من صورة، منها ظاهرة العيوب الخفية للمنتجات الصناعية، أو استخدام مكونات غير صالحة كمواد وسيطة فى الصناعات المختلفة وهو ما يعد أخطر أنواع الغش التجارى.

 

انفوجراف

-٧ آلاف حالة وفاة عام 2020 بسبب حوادث الطرق طبقًا لوزارة الصحة والسكان

-11 مليون سيارة تسير فى شوارع مصر طبقًا للجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء لعام 2018

 

ميكانيكى يقوم بتركيب فرامل مضروب على طريق بنهاتيل فرامل السيارة يسبب كوارث مروريةمخزن لبيع الفرامل المضروبة بطريق بنها السريع