رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

من السيدة لسيدنا الحسين.. انطلاق قطار تطوير أضرحة آل البيت

مسجد السيدة زينب
مسجد السيدة زينب

يشمل ترميم الصالات الداخلية والزخارف المعمارية والطرق والميادين

خبراء آثار: المشروع تأخر كثيراً.. والسياحة الدينية المستفيد الأكبر

مفاجأة.. مساجد السيدة زينب والحسين والسيدة نفيسة غير مدرجة لدى الآثار

رئيس قطاع الآثار الإسلامية: مشروع استراتيجى يتفادى أخطاء 30 سنة من الترميم

 

«مدد يا سيدنا الحسين مدد.. مدد يا أم هاشم».. عبارات يعرفها الجميع ويرددها أحباب ومريدو آل البيت فى مصر، بمجرد دخولهم مساجد آل بيت النبى، صلى الله عليه وسلم، وزيارة الأضرحة الخاصة بهم.

ومن المعروف حب المصريين الشديد لأهل البيت وتبجيلهم لهم، ولذلك يتوافد على مساجدهم الملايين كل عام سواء للصلاة أو الزيارة أو الاحتفال بمولد أحدهم، ومن أجل ذلك تهتم الدولة كثيرا بالحفاظ على القيمة التاريخية لهذه المزارات، والعمل على تطويرها وترميمها باستمرار.

وفى خطوة لاقت إشادة كبيرة وترحيباً داخل أوساط المجتمع المصرى، أصدر الرئيس عبدالفتاح السيسى توجيهاته بضرورة تطوير أضرحة آل البيت بشكل متكامل، بحيث يشمل الصالات الداخلية بالمساجد وما بها من زخارف معمارية راقية وغنية، تماشياً مع الطابع التاريخى والروحانى للأضرحة والمقامات، وذلك جنبا إلى جنب مع تطوير كل الطرق والميادين والمرافق المحيطة والمؤدية لتلك المواقع.

 

جاء ذلك خلال اجتماع الرئيس، مع اللواء أركان حرب إيهاب الفار، رئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، واللواء دكتور أشرف العربى، رئيس المكتب الاستشارى للهيئة الهندسية، والعميد عبدالعزيز الفقى، مساعد رئيس الهيئة الهندسية لتصميمات الطرق، والدكتور طارق الخضيرى، مدير مصنع «إبداع» للرخام والجرانيت، والمهندس أحمد فايز، استشارى مشروع مسجد مصر.

وخلال الاجتماع، تم استعراض سير العمل فى جهود ترميم وتجديد مقامات وأضرحة آل البيت، خاصة أضرحة السيدة نفيسة، والسيدة زينب، وسيدنا الحسين.

تأتى هذه التوجيهات فى ظل بدء محافظة القاهرة فى تنفيذ خطة لعمل مسار للزيارات الخاصة بأضرحة ومساجد آل البيت على أن يتم تشغيل «طفطف» لنقل السياح ومريدى المزارات.

ويتضمن المسار كل مزارات آل البيت بأحياء المنطقة الجنوبية للقاهرة، ويبدأ من مسجد السيدة زينب وينتهى عند مسجد السيدة عائشة، كما سيتم تطوير المزارات عن طريق المشاركة المجتمعية، حيث تنفذ وزارة الأوقاف مشروع تطوير مسجد السيدة عائشة، وتنفذ وزارة الإسكان مشروع متنزه الخليفة.

وفى الوقت نفسه يتم تطوير شارع عبدالمجيد اللبان من خلال حى الخليفة، وتطور وزارة الإسكان مسجد السيدة رقية، وتنفذ شركة الصرف الصحى بالقاهرة مشروع شبكة خفض المنسوب لحماية المزارات، كما ترفع وزارة الآثار كفاءة بعض الأماكن الأثرية بشارع الأشراف، إضافة إلى تشغيل رحلات «طفطف» بهذه المسارات، وتنفيذ مسار للمشاة بجانب مسار السيارات للمترددين على المزارات.

ورغم الأهمية الكبيرة لهذه الأضرحة، فإنه لا توجد إحصائيات دقيقة لعددها فى مصر، لكن وفقاً لما ورد فى الأطلس المتكامل لمدن مصر «الخطط التوفيقية» لصاحبه على باشا مبارك، فإن عدد الأضرحة الموجودة فى القاهرة يصل إلى 294 ضريحاً، أما خارجها فيوجد 84 ضريحاً فى دسوق، و133 فى مركز تلا، و81 فى مركز فوه بالبحيرة، و54 بمركز طلخا، كما يوجد فى أسوان أحد المشاهد - مجموعة من الأضرحة- يسمى مشهد «السبعة وسبعين ولياً».

كما ذكر كتاب «موسوعة الفِرق المنتسبة للإسلام» لمجموعة من الباحثين، أن عدد الأضرحة وفقاً لبعض الدراسات الاجتماعية المتخصصة يبلغ 6 آلاف ضريح، غير أن ما اشتهر من هذه الأضرحة نحو 1000 ضريح فقط، أبرزها الحسين وعلى زين العابدين والسيدة زينب والسيدة نفيسة والسيدة سكينة والسيدة رقية والسيدة عائشة.

وفى مفاجأة قد تكون غريبة وغير معروفة للكثيرين، فإن أشهر مساجد آل البيت غير مدرجة لدى الآثار.. هذا ما أكده خالد صلاح رئيس الإدارة المركزية لشؤون المساجد بوزارة الأوقاف، خلال اجتماع سابق للجنة الثقافة والإعلام بمجلس النواب، عندما قال إن هناك عدداً كبيراً من المساجد الهامة والكبيرة غير مدرجة لدى الآثار وعلى رأسها السيدة زينب، والحسين.

فمسجد السيدة زينب مثلاً، لم تذكر المراجع التاريخية سوى أن والى مصر العثمانى على باشا قام سنة 951 هـ/1547م بتجديده، وفى عام 1940م قررت وزارة الأوقاف هدم المسجد القديم تماما وأقامت المسجد الموجود حاليًا، وبالتالى فالمسجد ليس مسجلا كأثر إسلامى، وفى عام 1969 قامت وزارة الأوقاف بمضاعفة مساحة المسجد.

فى هذا السياق، قال الدكتور أسامة طلعت، رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية بوزارة الآثار، إن ترميم وتجديد أضرحة آل البيت من المشروعات التى يمكن تسميتها بـ«الاستراتيجية».

وأضاف طلعت أننا فى الآثار كنا نتعامل منذ 20 و30 سنة مع الأثر فقط، وهذا كان الفكر السائد وقتها ولا نلوم أحداً عليه، ولكن المنطقة المحيطة به خارج نطاق سيطرتنا، وبالتالى لم تكن تدخل ضمن التطوير، أما الآن فسيكون التطوير أفقياً يشمل الأثر والمنطقة المحيطة به.

وتابع: «مشكلة أخرى كانت تحدث فى الترميم وهى أننا كنا نرمم الأثر ونتركه أو نغلقه وهذه طامة كبرى.. فإما أن يتهدم وينهار ذاتياً أو قد يحدث مثلما حدث فى زلزال 1992 عندما انهارت المنازل وسيطر الأهالى على البيوت الأثرية وسكنوا فيها بدلاً من منازلهم المنهارة».

وأوضح طلعت أن تطوير وترميم أضرحة آل البيت يعد نوعاً من أنواع العناية بالسياحة الدينية، وفى نفس الوقت ترميم الآثار الخاصة بكل مسجد وضريح، مشيراً إلى أن بعضها بالفعل تم ترميمه مثل قبة الإمام الشافعى ومسجد محمد على بالقلعة وغيرها، كما سيتم البدء فى المشروع الجديد بترميم مساجد الحسين والسيدة زينب والسيدة نفيسة، مضيفاً: «وزارة الإسكان ستكون مسئولة عن ترميم المساجد غير المسجلة أثرياً مثل السيدة نفيسة ووزارة الآثار مسئولة عن المساجد الأثرية المسجلة».

ولفت إلى أن مسجد الحسين سيتم تطوير ساحته والمنطقة المحيطة به وترميم المساجد الأثرية فى هذه المنطقة بالكامل ضمن مشروع تطوير القاهرة الإسلامية، كما سيتم تطوير ساحة مسجد السيدة زينب والضريح الخاص بها.

فيما قال الدكتور محمود مسعود،

رئيس قسم الآثار بكلية الآداب جامعة المنيا، إن مشروع ترميم وتجديد أضرحة آل البيت تأخر كثيراً رغم الشروع فى ترميم وصيانة بعض المواقع الأثرية الخاصة بآل البيت فى القاهرة بالفعل منذ فترة.

وأضاف مسعود أن هذا المشروع يعد اهتماماً خاصاً بالسياحة الدينية فى المقام الأول ويسلط الضوء على الأهمية الحضارية والتاريخية لمصر عبر التاريخ الإسلامى، فهو مشروع واع لأن تطوير هذه الأضرحة جنباً إلى جنب مع تطوير مسار العائلة المقدسة يسهم فى تنشيط السياحة الدينية بسبب ملايين المريدين والمحبين لها.  وأوضح الدكتور مسعود أن المشروع يوجه العناية إلى مجموعة من الأماكن الأثرية الشهيرة، مثل المشهد الحسينى والسيدة زينب والسيدة نفيسة والسيدة سكينة والسيدة رقية والسيدة عائشة وغيرها، مشيراً إلى أن مدينة القاهرة هى المركز الرئيسى لمشاهد وأضرحة آل البيت، كما أن مدينة البهنسا فى المنيا تعتبر مدينة إسلامية متكاملة وتضم أضرحة ومراقد دينية لصحابة النبى، أتوا مع الفتح العربى وكان لهم الفضل فى دخول الإسلام مصر.

مشاهد رؤية

أغلب أضرحة آل البيت ترجع إلى العصر الفاطمى وخاصة القرن الخامس الهجرى، وهذه المشاهد والأضرحة تنقسم إلى نوعين من المشاهد وهما المشهد الحقيقى ومشهد الرؤية، بحسب الدكتور محمود مسعود رئيس قسم الآثار الإسلامية بكلية الآداب جامعة المنيا.

وتابع: «هذه المشاهد من ناحية الشكل المعمارى العام تتمثل فى أنه كان يقام بشكل أساسى على جثمان المتوفى تركيبة خشبية ومقصورة من المقصورات المعدنية الشهيرة مثل مقصورات السيدة نفيسة والسيدة سكينة والسيدة عائشة والسيدة زينب، ومعظمها مصنوعة من الفضة والفضة المكفتة بالذهب، ويعلوها قبة معمارية معظمها يعود إلى القرن الخامس والسادس الهجرى، وهى ذات طراز قباب إما ملساء من الخارج ومبنية من الطرب الآجورى أو أنها مغطاة بطبقة من الملاط، أو أنها من القباب ذات الفصوص أو الضلوع، وغالباً ما يتقدمها ساحة لجمع المريدين والزوار من جميع أنحاء البلاد».

أما من ناحية النقوش والكتابات، فيغلب عليها النقوش الكتابية بالخط الكوفى بأنواعه المختلفة وخاصة فى نهايات القرنين الخامس والسادس الهجرى، كما تتميز أيضاً بإبداعات خشبية فى فنون النجارة، والتى خرج منها محاريب عرفت بالمحاريب الخشبية المتنقلة التى نُقل جزء منها إلى متحف الفن الإسلامى بالقاهرة، وكانت النموذج البديع الأول والتجربة الأولى فى إخراج النموذج المرتبط بزخارف العالم الإسلامى والمعروف باسم الطبق النجمى.. هكذا وصف رئيس قسم الآثار زخارف الأضرحة.

ولفت إلى أن ترميم وصيانة هذه الأضرحة بمفرده بعيداً عن البيئة المحيطة يصبح بلا قيمة خاصة مع الآثار الإسلامية، ولذلك فالفكرة المثلى هى تطوير البيئة المحيطة بالمكان فى ظل الزحف العمرانى على مر العصور والذى أخفى معالم هذه المزارات الرائعة التى تنفرد بها مصر دون غيرها فى العالم الإسلامى، ولذلك كان لا بد أن يصاحب ترميم الأضرحة تطوير البيئة المحيطة بها من ناحية الطرق المؤدية إليها ووجود خريطة تربط بين هذه الأماكن وبعضها البعض لسهولة التنقل فيما بينها، والتطوير المعمارى للعقارات والبيوت المحيطة وفقاً للطراز المعمارى الإسلامى، وخاصة الطراز الفاطمى الذى يتجانس مع تاريخ هذه المبانى والأضرحة.

تحف معمارية

أما محمود الشريف، نقيب الأشراف، فقال إن اهتمام الرئيس السيسى بتطوير أضرحة ومساجد آل البيت يؤكد حرصه الدائم على تطوير واجهة مصر الحضارية الإسلامية.

وأشار الشريف إلى أن الأضرحة سيكون لها شأن مختلف عقب تلك التوجيهات، وسنرى تحفاً معمارية قيمة بعد الانتهاء من ترميمها وتطويرها، وهذا ما عهدناه من رجال الهيئة الهندسية للقوات المسلحة الذين أسندت إليهم تلك المشروعات. وأوضح نقيب الأشراف أن تطوير الطرق والميادين والمرافق المحيطة بمساجد آل البيت ستجعلها أكثر جذبًا للزائرين وأسهل فى الوصول إليها، ما يعيد إلى تلك المساجد والأضرحة مريديها من جديد، موجهاً الشكر للرئيس على توجيهاته برعاية وتطوير أضرحة مساجد آل البيت.