رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

"يا ليلة العيد آنستينا"

بوابة الوفد الإلكترونية

زبائن اللحظات الأخيرة يبحثون عن الفرحة فى «الرصيف مول»

 

«يا ليلة العيد آنستينا»

 

أسواق القاهرة تنتعش قبل العيد بساعات.. وملابس الأرصفة ترضى الجميع

 

"خلوصى" يجذب كل الطبقات فى شبرا..

والباعة الجائلون يسرقون الأضواء من محلات وسط البلد

الرصيف حق للجميع ما عدا المشاة، حقيقة لا نجدها إلا فى مصر فقط، فالرصيف المخصص فى كل مكان فى العالم للمشاة بدلاً من السير فى نهر الطريق، أصبح ملكاً للباعة الجائلين الذين حولوه إلى معرض لبضائعهم المختلفة، خاصة مع اقتراب عيد الأضحى االمبارك، حيث افترش الباعة الجائلون الأرصفة بمختلف أنواع البضائع، ولم يخلُ حى فى العاصمة من هذه الظاهرة التى لا تختفى طوال العام ولكنها تزداد فى مواسم الأعياد.

هكذا أصبحت الأرصفة فى مصرنموذجاً مثالياً للانتهاكات والتجاوزات والعشوائيات، وواقعاً مريراً يفرض نفسه وقانوناً غير معلن يحاصر سكان العاصمة ليل نهار، حيث تتعالى أصوات الباعة الجائلين معلنين عن بضائعهم ومسببين ضجيجاً لا يحتمل، أو مستخدمين مكبرات صوت للترويج لبضائعهم الرخيصة التى أصبحت ملاذاً للآلاف هرباً من لهيب الأسعار.

شارع خلوصى

انتشرت أسواق الرصيف فى شوارع القاهرة، حتى أصبحت ظاهرة فى العديد من أحياء القاهرة، نتيجة غلاء أسعار البضائع فى المحلات، وبعد أن كانت هذه الظاهرة مقصورة على شوارع وسط القاهرة، انتشرت فى أحياء أخرى، بعد أن ازداد إقبال معظم أبناء الشعب المصرى عليها هرباً من ارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه داخل المحلات.

 ففى منطقة شبرا وتحديداً شارع خلوصى، أكد «راضى» أحد سكان المنطقة أنه يعانى من انتشار الباعة الجائلين بطول شارع شبرا وشارع خلوصى ما يتسبب فى الزحام فى الشارعين الرئيسيين بالمنطقة، وأكد أن الباعة اتفقوا- دون إعلان رسمى- على اقتسام الرصيف بينهم «كل حسب شطارته».

واتفق معه صاحب أحد المحلات، مشيراً إلى أن الباعة الجائلين يحتلون شارع روض الفرج بدوران شبرا، دون وجه حق وعلى مرأى ومسمع من الجميع، دون اتخاذ أى إجراء ضدهم ما يتسبب فى خسائر فى المبيعات لنا نحن أصحاب المحلات بسبب ارتفاع أسعار السلع داخل المحلات بسبب التكاليف المباشرة وغير المباشرة مثل الإيجار والكهرباء والعمالة والضرائب.

وعلقت إيمان السيد، زوجة مقيمة فى شارع محطة المرور بمنطقة سوق العرب بشبرا الخيمة التابعة لمحافظة القليوبية، بأن هناك الكثير من الباعة يفرشون بضائعهم فى الشوارع، ويتركون مخلفات وقاذورات، على الرغم من وجود مراكز تجارية مخصصة لذلك، ولكن مع زيادة البطالة تحول الرصيف لمكان لبيع بضائع مختلفة الأصناف والأنواع، ولها زبائنها من جميع الطبقات، لا يهمهم مدى صلاحية هذه الأشياء للاستخدام، ولكن الأهم بالنسبة لهم هو رخص أسعار هذه السلع عن الثمن الحقيقى لها فى المحلات.

أما عن رأى أحد الباعة الجائلين، وهو شاب ثلاثينى رفض ذكر اسمه، كان واقفاً فى شارع شبرا، فقال: إنه جاء من أسيوط، ويفترش الأرض بملابس ليجنى من ورائها يوميا نحو 100 جنيه، مشيراً إلى أنه لا يستطيع شراء محل فى أى مكان حيث يتراوح أقل سعر لمتر الأرض لأى محل فى القاهرة من عشرين إلى ثلاثين ألف جنيه، فمن أين لى ولغيرى بواحد فى المائة من هذا المبلغ، مؤكداً أنه يعانى يومياً من مطاردات الشرطة والمحافظة باعتباره يشغل حيزاً من الرصيف.

إحدى زبائن سوق شبرا، اعتادت شراء ملابسها منذ نحو ثلاث سنوات حينما أرادت شراء قماش لتفصيله، ثم قررت بعدها شراء ملابس بسعر رخيص قائلة: «أعرف ناس معينة هنا بتعامل معاهم، وبجيلهم مخصوص، لأنى عارفه حاجتهم نضيفة وسعرها كويس وبشترى منهم طول السنة».

وسط البلد... البقاء للأرخص

وسط القاهرة، أو وسط البلد، كما يعرفها أهلها، هى القلب التجارى والحضارى للعاصمة المصرية العريقة، التى دخلت الإضاءة إلى شوارعها قبل أن تدخل شوارع باريس، وظلت من يومها مزاراً سياحياً ومنطقة يفخر بها المصريون أمام العالم، لكنها تحولت إلى مصدر إزعاج لكل من يقطنها، وكل من يجد نفسه مجبراً للذهاب إليها لقضاء مصلحة أو شراء أى من مستلزماته، بسبب الباعة الجائلين الذين احتلوا أرصفتها وشوارعها وافترشوا مداخل عماراتها التاريخية، وتسببوا فى زحام شديد، بسبب إغلاق الشوارع الرئيسية ببضائعهم مجهولة المصدر، وشوهوا مظهرها الحضارى بمخلفات تجارتهم.

فى الوقت نفسه سعت المحلات التجارية الفاخرة ذات الأسعار العالية هى الأخرى للحصول على نصيبها من الرصيف، حيث لجأ بعض أصحاب المحلات إلى استخدام بعض الصبية لبيع منتجاتهم من الملابس التى لم تجد لها سوقاً رائجاً بأسعار أقل على الأرصفة عن طريق مكبرات الصوت للإعلان عن بضاعتهم التى تتنوع وتختلف باختلاف زبائنهم فيملأ الضجيج المكان، فهم يستخدمون أجهزة تسجيل تعرض أسعار منتجاتهم بشكل متكرر، ويتداولون فيما بينهم إشارات يستخدمونها فى حال قدوم دوريات الشرطة، لينطلقوا إلى أحد الأزقة المجاورة حفاظاً على بضاعتهم إلى أن يزول «الخطر».

ففى منطقة الإسعاف وبولاق أبوالعلا والوكالة يندر أن تجد مكاناً خالياً من الباعة الجائلين، وأصبحت معارك الحكومة البسيطة مع الباعة الجائلين حرباً لا تنتهى، فبينما تسعى الدولة ممثلة فى أجهزتها التنفيذية لفرض سيطرتها بإقصاء الباعة عن الشوارع الرئيسية فى القاهرة الكبرى، يسعى الباعة الجائلون لافتراش الأرصفة للبحث عن قوت يومهم سواء كان فى الممرات، أو أمام سلالم المترو أو بوابات محطة القطار وسيارات الأجرة، التى تنشط من الظهيرة حتى بعد منتصف الليل معتمدة على الوافدين إلى أشهر ميادين القاهرة من المحافظات المختلفة.

وفى تلك المناطق تنتشر ملابس «البالة» وهى ملابس مستعملة مستوردة من بعض الدول الأوروبية، مثل بلجيكا وسويسرا وإنجلترا، لذلك فتجارة الملابس بمختلف مقاساتها وأنواعها هى الصفة الغالبة فى منطقة الوكالة، حيث يتمركز العشرات من الباعة الجائلين يفترشون الأرض أمام المحال التجارية، وأمام محطات المترو، عارضين جميع أنواع الملابس والأحذية، والشنط، ويقبل المواطنون من كل الفئات على شرائها، حيث يعتبر سوق الوكالة من أشهر أسواق الملابس فى مصر، ولا تعتبر ملاذاً للفقراء فقط ولكن يقبل الأغنياء أيضاً على الشراء منها.

وأكد سمير عبدالله، موظف، أنه عادة ما ينزل هذه الأماكن لشراء ملابس العيد سواء كان عيد فطر أو عيد أضحى، لأن الأسعار هنا منخفضة كما أنها تبيع ملابس بماركات عالمية بعضها يكون به بعض العيوب الصغيرة، وبعضها بدون عيوب أصلاً، ويؤكد أن أسعار الملابس النسائية على الأرصفة تبدأ من 65 لـ80 جنيهاً للبلوزة سواء بأكمام كاملة أو نصف كم، وأسعار الجواكت من 100 إلى 150، والبنطلون الجينز من 100 لـ165، أما متوسط البنطلون

القماش الواسع 50 جنيهاً، و80 جنيهاً للجلباب المنزلى الشتوى، و60 للصيفى، و100 لعباءة الخروج.

وتتقارب أسعار ملابس النساء مع الرجالى نسبياً، إذ يتراوح سعر الجاكيت الفايبر والجلد والصوف بين 150 و250، وتتباين أسعار القمصان، فالصيفى ما بين 45 لـ65، والخريفى ما 75 لـ95.

وتناول أطراف الحديث، جمال عجمى، صاحب فرشة ملابس بشارع 26 يوليو، مؤكداً أن هذه الأيام تعتبر مواسم لنا حيث تزداد أعداد الـ«استاندات» لعرض بضاعتنا، فنحن نتاجر بملابس رخيصة لإرضاء الزبون، بينما المحال تتاجر فى الملابس الغالية، فنحت نوفر للمواطنين الملابس بأسعار منخفضة مقابل الحصول على لقمة العيش، مؤكداً أن نشاطه ينتعش فى المواسم والأعياد وهو ما يعيشون عليه طوال السنة، لافتاً إلى أن بضائع سوق الوكالة لا تقتصر على «المستعمل»، إنما تضم ملابس مستوردة جديدة لذلك تباع بأسعار مرتفعة مقارنة بتلك المستعملة، ومع ذلك، فهذه الأسعار تعتبر منخفضة جداً إذا قورنت بنظيرتها فى العلامة التجارية التى تباع فى المحلات الكبرى، وأكد أن هذه الأسعار لا تزيد على الثلث: مشيراً إلى أن اللبس الجديد المستورد يسمى «ستوك»، والتجار يجمعونه من تصفيات الماركات العالمية فى الخارج، ويضعونه فى كراتين ويتم شحنها لمصر، وتباع بثلث الثمن تقريباً، مقارنة بالسعر الأصلى فى المحلات.

وتشير إحدى الطالبات إلى أن رصيف المشاة فيما مضى كان ملكاً خالصاً وحقاً مكتسباً للسائرين على أقدامهم، أما الآن، فأصبح حكراً على أصحاب المقاهى، وحقاً مكتسباً لتجار «الشنطة» والباعة الجائلين، فالتجار يريدون استغلاله وتملكه بوضع اليد، بينما الباعة الجائلون يرون فيه متنفساً لعرض بضائعهم فى أماكن لا يستطيعون شراء محل قد يتجاوز ثمنه عدة ملايين من الجنيهات فيها، فيكون البديل احتلال الرصيف وإجبار المشاة على السير فى نهر الطريق.

الدقى رصيف أصحاب الشهادات

بعيداً عن وسط البلد، وتحديداً فى منطقة الدقى، نجد بائع كتب رفض ذكر اسمه، الشاب العشرينى، يفترش قطعة خشبية بالعديد من الكتب، أمام مترو الدقى بشارع التحرير، ينظف التراب عن الكتب والجرائد التى فرشها على الرصيف، مشيراً إلى أنه يعمل فى بيع الكتب منذ 5 سنوات، دون أى أوراق قانونية، لكنه يحلم بتقنين وضعه وتوفير مكان مناسب له يحفظ له كرامته، مؤكداً أن غالبية الباعة الذين يفترشون تلك المنطقة من الشباب من مختلف محافظات مصر، قدموا إلى القاهرة بعد أن ضاق بهم الحال بحثاً عن فرصة عمل، فوجد ضالته فى أن يفترش «متراً» من الأرض ويقوم ببيع أى شىء يكسب منه القليل من المال الذى يساعده على تحمل أعباء الحياة حتى يستطيع إتمام زواجه.

ويتناول أطراف الحديث، جبر مصيلحى، بائع ملابس، قائلاً: « أنا حاصل على دبلوم، وروحت أبحث عن عمل، لكننى لم أجد فرصة للعمل، وقررت العمل فى التجارة، لذلك لجأت لتأجير «فرشة» فى منطقة الدقى، وتواصلت مع أحد التجار لتسليم البضاعة وسداد قيمتها نهاية كل يوم، مثل كل الباعة الموجودين فى الشارع، ووجدت أن مكسبى يصل إلى 150 جنيهاً، وغالبا كل الباعة الموجودين بالمنطقة ظروفهم مثلى، مؤكداً أنه بالرغم من أن عيد الأضحى هو موسم اللحمة، إلا أنه يعتبر موسماً بالنسبة لنا، فهنا نعرض ملابس تقليد عالى الجودة لماركات عالمية، كما أن أسعارها تناسب الجميع، ولا يوجد فصال على البضائع المعروضة، فالزبون يسأل عن سعر «التى شيرت» أو «الحذاء» وعندما يعلم السعر لا يحاول الفصال لأنه يعلم أنه أقل من سعره فى المحلات، فيقوم باختيار اللون أو الشكل الذى يريده من بين مئات القطع الموجودة.

وتابع: فى فصل الصيف تكون حركة البيع أفضل كثيراً من الشتاء، ويكون الشارع مزدحماً، وذلك لكثرة الأعياد والمناسبات.

وشاركت فى الحديث ميرفت إبراهيم، ربة منزل، مشيرة إلى أن أطفالها لا يقتنعون بأن هذا العيد هو عيد اللحمة، لذلك يشترون الملابس ويريدون الخروج للتنزه، لافتة إلى أن الرصيف أصبح «سوق الغلابة» والملاذ للهروب من شبح غلاء الأسعار الذى يطارد أرباب الأسر فى كل وقت، مشيرة إلى أن مستوى زبائن الأرصفة اختلف كثيراً عما سبق، حيث كان يقتصر على المواطنين محدودى الدخل، أما فى الوقت الحالى فجاء زبائن من شرائح اجتماعية عالية ومن مناطق سكنية مختلفة مثل مدينة نصر ومصر الجديدة ومدينة السادس من أكتوبر.