رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

عمر سليمان رئيس محتمل حرقه مبارك

بوابة الوفد الإلكترونية

كان اختيار الرئيس السابق حسني مبارك اللواء عمر سليمان رئيس جهاز المخابرات لتولي منصب نائب رئيس الجمهورية بمثابة بداية النهاية للرجل الذي لقبته وسائل الإعلام الدولية بـ«الجنرال».

فقد تم اختياره للمنصب في 29 يناير 2011 أي بعد اندلاع مظاهرات الثورة بخمسة أيام نتيجة تطور الوضع السياسي وقتها وارتفاع سقف المطالب لتشمل إسقاط النظام وليس إقالة وزير الداخلية اللواء حبيب العادلي وقتها أو اتخاذ خطوات إصلاحية قد ترضي الطرف الثائر.
ولعل ملامح اللواء عمر سليمان وهو يتولي المنصب وقتها كانت تؤكد غضبه من توليه المنصب دون أن تبدو عليه أي ملامح للسعادة أو الشعور بأنه حصل علي المنصب الذي يريده ربما لسوء التوقيت من ناحية أو لشعوره بأنه البديل لحسني مبارك في حالة رحيله وليس المكمل له في وجوده بالسلطة.
وحينما بدأ سيناريو توريث الحكم لجمال مبارك المعد من قبل سوزان مبارك والمهندس أحمد عز والحرس الجديد بالحزب الوطني المنحل تزامن ذلك مع بزوغ اسم عمر سليمان داخل وخارج مصر علي أنه الرجل الثاني في مصر الذي من الممكن أن يتولي زمام الأمور في حالة فشل سيناريو التوريث لجمال.
ونشرت الصحف الأجنبية عشرات التقارير عن عمر سليمان وإمكانية توليه رئاسة الجمهورية، بل زادت هذه النغمة مع اقتراب نهاية ولاية حسني مبارك التي لم يكملها بفعل الثورة ووصفوه بالرجل الحديدي مرة والجنرال مرة ثانية والرجل الصامت مرة ثالثة والرجل الصلب مرة رابعة إلي جانب العديد من الأوصاف.
ولم يكن الأمر قبل الثورة خافيا علي الكثير من النخب السياسية أو المحللين السياسيين الذين رأوا أنه في حالة فشل سيناريو التوريث سيكون عمر سليمان هو الرئيس القادم لأكثر من سبب أولها أن الإدارة الأمريكية المساندة لمبارك ونظامه كانت تري أن سليمان الأجدر بالمنصب لكونه ملماً بالكثير من المعلومات والأسرار عن مصر وكافة الدول ويتفهم السياسة التي تدار بها البلاد وقتها.
كما أن الإدارة الأمريكية كانت تري أنه في حالة فشل التوريث سيكون البديل هو عمر سليمان عن طريق الانتخابات أو تزويرها وفقاً لرؤيتهم حتي ولو كان ذلك لفترة رئاسية واحدة أو لفترة محددة علي أن يتخلي سليمان عن المنصب ويترشح بعدها جمال مبارك للرئاسة وبذلك يتقبل الشعب حكم جمال لكونه لم يأت بالتوريث لكنه جاء بالانتخاب ومن هنا يبدأ سيناريو استمرار السياسة المصرية وفقاً للرؤية الأمريكية.
وتزامنا مع سيناريو التوريث تخوف الحرس الجديد وجمال مبارك ووالدته بل والرئيس مبارك نفسه من انتشار شعبية عمر سليمان الذي كان اسمه يتردد في الشارع بعد خاصة بعد أن تدخل في قضية الجندي الإسرائيلي جلعاط شاليط المأسور وقتها لدي حماس قبل إطلاق حراسه.
من هنا زاد تخوف الأسرة المباركية من نفوذ عمر سليمان، بل كان الاتصال المباشر بين سليمان وقادة الدول الكبري بما فيها أمريكا وإسرائيل دون علم الرئيس مبارك بمثابة الخطر الداهم الذي يؤكد علي أن قادة الدول أصبحت تتعامل معه علي أنه الرئيس الفعلي خاصة في الجانب المخابراتي أو علي أنه الرجل الثاني في الدولة.
وجاءت ثورة 25 يناير المجيدة لتقضي علي أحلام الاثنين معاً وتبطل كل السيناريوهات المتوقعة لأن إرادة الشعب كانت فوق الجميع، ولتفجر المفاجأة الكبري للأمريكان قبل غيرهم.
وحينما وجد مبارك نفسه أمام طوفان الغضب، وضع ابنه جمال تحت قدميه حينما أعلن عن عدم ترشحه من ناحية وتخلصه من الحرس الذي يسعي لاستكمال سيناريو التوريث من ناحية ثانية وليقينه بأن هذا الشعب الذي يملأ الميادين لن يقبل بجمال رئيساً حتي لو كلفه ذلك التضحية بالدم.
والتحليل المنطقي لاختيار حسني مبارك للواء عمر سليمان نائباً له يسير في اتجاهين لا ثالث لهما.
الأول: أن مبارك أراد أن يأتي بشخص أكثر حزماً من وجهة نظرة سواء في التعامل الأمني أو السياسي لأن لدي سليمان الكثير من المعلومات التي ربما يستخدمها لتهدئة الأجواء وإيهام المصريين بالخطر القادم نتيجة الفوضي من وجهة نظرهم كذلك إمكانية تهديده لبعض الرموز السياسية التي يحتفظ ببعض أسرارها وأخطائها في حالة الصدام والمناقشات معها وتخوف الأجهزة الأمنية من رجل بهذا الحجم.
الثاني: أن مبارك كان لديه اعتقاد راسخ بأن سيناريو توريث جمال قد انتهي بالفعل فأراد أن يأتي بعمر سليمان نائباً له ليتم إحراقه وسط هذه الموجة الغاضبة وليوهم

المصريين بأن سليمان لا يصلح أن يكون الرجل الأول في الدولة خاصة في ظل وجود مبارك نفسه ليبدأ سيناريو الخلاص من عمر سليمان.
وقد تولي سليمان المنصب من 29 يناير حتي 11 فبراير وهو يوم تنحي مبارك عن الحكم ليسقط مبارك ويسقط معه عمر سليمان أيضاً ليكون المشهد هو نهاية رئيس فعلي ونهاية رئيس محتمل كان مرشحاً بقوة لكن سقط الأول بعد 30 عاماً من الحكم وسقط الثاني بعد 12 يوماً جني خلالهما الغضب العارم علي كل من يمت للنظام بأي صلة.
وخرج عمر سليمان ليعلن بيان تنحي مبارك عن الرئاسة وملامح وجهه غاضبة ربما ليس لرحيل الرئيس أكثر من غضبه علي نفسه وحرقه في منصب نائب الرئيس خلال 12 يوماً فقط فشلت فيها كل محاولات التخلص من حالة الغضب ليست نتيجة فشل سليمان نفسه وإنما نتيجة النظام الذي فشل في كل سياساته علي مدار 30 سنة، ثم توهم أنه قادر علي النجاح في خلال ساعات أو أيام.
ونستطيع القول بأن تنحي مبارك حمل في طياته انتهاء عمر سليمان سياسياً وربما هذا ما تفهمه سليمان منذ الوهلة الأولي حينما رفض الترشح لرئاسة الجمهورية قبل تراجعه عن قراره لكونه رجل مخابرات تيقن أنه أصبح يواجه ثورة شعب أطاحت برأس النظام ولا يمكن أن تقبل أو تنتخب ذيول هذا النظام أو أياً من مخلفاته.
ولا يعرف أحد التحول الذي طرأ علي سليمان حينما تراجع فجأة عن قراره بعدم الترشح وهو ما فسره البعض بأنه رجل المجلس الأعلي للقوات المسلحة الذي يتولي زمام الأمور في مصر وقتها ولكن جاء استبعاده المفاجئ للغاية ليسدل الستار عن آخر فصل من فصول إمكانية صعود سليمان للعمل السياسي مرة أخري.
كان اختيار مبارك لسليمان هو بداية نهايته.. اختاره الرئيس ليحرقه...اختاره مبارك حتي لا يكون هناك أي شخص قد يفكر فيه المصريون كبديل له... اعتقد مبارك أن عدم اختيار سليمان أو عدم مجيئه لمنصب سياسي ربما يفتح باب التخيل للمصريين عن إمكانية تولي سليمان للمنصب أو أنه الرجل البديل، فأراد مبارك أن يرشحه بقوة لخلافته شخصياً حتي لا يكون هناك تفكير في أي شخص آخر من الممكن أن يتولي المنصب في حالة رحيله.. تخيل مبارك أن مصر قد فرغت من القيادات السياسية إلا بحسني مبارك أو نجله.
ويبدو كما يري الكثيرون أن عمر سليمان دفع ضريبة اختيار مبارك له كنائب للرئيس... سقطت كل الدراسات واستطلاعات الرأي ومانشيتات الصحف التي نادت بأنه الرجل البديل منذ أن حلف اليمين أمام مبارك، وسقط رئيس جهاز المخابرات للنظام البائد قبل أن يسقط النظام نفسه...إنها حكاية رئيس حرقه مبارك حتي لا يكون أمام المصريين أي بديل آخر...أراد مبارك أن يحرق سليمان في بوتقته حتي لا يكون البديل الجاهز لمرحلة ما بعد مبارك.