عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

‮«‬سد‭ ‬النهضة‮»‬‭.. ‬فى‭ ‬مفترق‭ ‬طرق

السفير‭ ‬نبيل‭ ‬فهمى‭
السفير‭ ‬نبيل‭ ‬فهمى‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الأسبق‭

الإخوان فشلوا فى اختراق الدبلوماسية المصرية

 

الموقف المصرى فى ليبيا صائب.. وتكلفة استمرار المواجهة الأمنية عالية

 

أؤيد استقرار العلاقات العربية التركية الإيرانية والإسرائيلية

 

 

السفير نبيل فهمى وزير الخارجية الأسبق قامة سياسية كبرى، له رؤية ثاقبة فى الكثير من الملفات المهمة التى تشغل الرأى العام، دبلوماسى مصرى محنك، وخبير بالقضايا السياسية المطروحة على الساحة الدولية.

 

ولد عام 1951 فى نيويورك وهو ابن إسماعيل فهمى وزير الخارجية المصرى الأسبق الذى استقال أثناء مفاوضات كامب ديفيد عام 1979، عمل السفير نبيل فهمى فى البعثة المصرية بمقر الأمم المتحدة بجينيف، وفى أواخر الثمانينيات عمل مستشارًا فى البعثة المصرية للأمم المتحدة بنيويورك فى عهد السفير نبيل العربى. كما عمل سفيرًا فى اليابان من عام (1979 - 1999)، وفى 16 يوليو 2013، تولى وزارة الخارجية فى حكومة الدكتور حازم الببلاوى رئيس الوزراء الأسبق، وفى 26 فبراير 2014، أعلن رئيس الوزراء إبراهيم محلب عن التشكيل الوزارى الجديد بعد استقالة حكومة «الببلاوى» فى 23 فبراير 2014، واحتفظ السفير نبيل فهمى بمنصبه كوزير للخارجية.

 

«الوفد» التقت وزير الخارجية الأسبق نبيل فهمى وهذا نص الحوار:

 

بداية.. فى ظل الأخطار التى تحيق بمصر ماذا عن رؤيتك لخريطة التحالفات فى المنطقة ورصدك لملف السياسة الخارجية؟

 

منطقة الشرق الأوسط تمر بمرحلة تحول جذرى، هناك محاولات من دول غير عربية فى الشرق الأوسط أن يكون لها الدور الريادى فى توجيه المنطقة، ويدخل فى ذلك حسابات بعض الدول الكبرى أيضًا، وفى اعتقادى أن هذا المسعى لن ينجح كاملة، فهناك عوامل وخصوصيات لتحديد هوية المنطقة، أسس وعوامل مرتبطة بالتواجد الطبيعى والمشروع على الأرض، ومرتبطة بالثقافة والحضارة.. إلخ، إنما مطلوب أيضًا من الجانب العربى أن ينشط فى التصدى لمحاولات النيل من مصالحه، لأن هناك بالفعل مسعى لتحجيم نفوذه السياسى، ويتحمل العالم العربى مسئولية جسيمة فى تحديد المستقبل إزاء سلبيته السياسية غير المبررة.

 

من السابق لأوانه الحديث عن محاور محددة، لأننا فى مرحلة اضطراب والمتغيرات مستمرة على المستويين الإقليمى والدولى، فهناك تقارب تركى– روسى، كذلك هناك تفاوت وتباين فى المواقف الروسية التركية بالتحديد فى شرق البحر المتوسط، كما نشهد تقاربًا بين روسيا وإيران، ووجدنا أيضًا اختلافات حقيقية فى مواقفهم، فيما يتعلق فى المسار السورى بالتحديد والمشرق، والوضع فى ليبيا يشهد نفس الشىء، الجانب التركى انتشر بشكل غير مشروع، وكان يقف مقابله فى ذلك آخرون، من ضمنهم الجانب الروسى الصديق الجديد، وإذا نظرنا إلى ليبيا من الساحة العربية فى هذا السياق، من الطبيعى أن دولًا مثل مصر لن تسمح أن يكون هناك مساس بأمنها القومى، ولذلك أخذت موقفًا قويًا فى الساحة الليبية منذ الصيف الماضى بتوجيه إنذار صريح سليم من حيث المضمون والتوقيت، صاحبه مباشرة نشاط دبلوماسى وسياسى فى الساحة الليبية، وهذا ما جعلنا نستقبل العديد من السياسيين الليبيين فى الأسابيع الأخيرة.

 

وهناك تحولات أيضًا مع الاضطراب فى الساحة العراقية بالتحديد، يدخل فيها أطراف متناقضة فى بعض الأحيان، منها إيران والولايات المتحدة وإيران وروسيا، فيها طرف من العالم العربى يتمسك باستقلاله ويريد فرض موقفه مرة أخرى وهو العراق، ولفترة طويلة شهدنا عجرفة من الجانب التركى يتحدث عن حقوق له فى ليبيا وفى سوريا وفى العراق التى له قوات فيها حتى يومنا هذا، هناك توترات بين تركيا وبعض الأطراف العربية فى المشرق، وهناك توترات أيضًا بين أطراف عربية والجانب الإيرانى، الذى ينافسه فى طموحات الهيمنة، ومع هذه الطموحات تريد إيران أيضًا التوصل إلى اتفاق جديد مع الخمسة + 1 «الاتفاق النووى»، لاستثماره إقليميًا ودوليًا.

 

وهناك بعض المؤشرات فى الأشهر الأخيرة أن العرب أيقنوا ضرورة اتخاذ مواقف قوية وصريحة، ترتب عليها مراجعة إلى حد ما من جانب الدول المهيمنة، فشهدنا بوادر إعادة النظر من الجانب التركى، على الأقل فى خطابه السياسى، الذى نأمل أن يترجم كذلك إلى الأفعال، ووجدنا أيضًا بعض الحوارات الإيرانية السعودية بين مفكرين قريبين من المواقف الرسمية.

 

لكل هذه الأسباب وفى ضوء التغيرات والبوادر التى نشهدها أتمسك بأنه من السابق لأوانه الحديث عن محاور، لأن المحاور يجب أن تعكس قدرًا من الثبات والرؤية الأيديولوجية المشتركة وهى غير متوافرة حاليًا.

 

وما هى رؤيتك للملف «المزمن» الخاص بقضية الاحتلال الإسرائيلى؟

 

 يجب عدم إغفال أطول القضايا بالمنطقة وهى استمرار احتلال إسرائيل لأراض عربية، فالجانب الإسرائيلى استغل الفضاء العربى وانشغاله بأموره الآنية فى التعنت فى القضية الفلسطينية، وإنما من الخطأ أن يفسر ذلك على أن القضية فقدت الدعم العربى، ويهمنى التنويه بأن الموقف الأمريكى فى الإدارة السابقة لم يكن مؤيدًا لحل الدولتين بالمعنى الحقيقى، كان يتحدث عن ذلك فى خطابه السياسى كأحد الحلول، إنما فى اعتقادى أن مبادرة «ترامب» فى الأساس كانت تتعارض تمامًا مع حل الدولتين، لأنها تستند إلى الواقعية السياسية التى ترجح موقف القوى على الضعيف حتى إذا كان صاحب حق، بدلًا من أن تكون مرجعيتها القانون الدولى والعدل والحقوق حفاظًا على النظام والاستقرار، تتحدث الإدارة الأمريكية الحالية عن القضية الفلسطينية وإنهاء الاحتلال بشكل أفضل، واتخذت بعض الإجراءات للدعم الإنسانى للجانب الفلسطينى، إنما لم نر منها حتى الآن موقفًا واضحًا وصريحًا وملموسًا داعمًا للحق العربى واحترام مبدأ عدم جواز الاستيلاء على الأراضى بالقوة، بمعنى أنه يجب توفير الأمن لإسرائيل مع إنهاء الاحتلال وصيانة الحق الوطنى الفلسطينى، وأسفت أن الإدارة ترددت فى أول الأمر وتجنبت الإشارة صراحة فى تقريرها عن حقوق الإنسان إلى أن الأراضى الفلسطينية فى الضفة الغربية فى قطاع غزة هى أراض محتلة، واستخدمت نفس صياغات إدارة ترامب قبل أن تصف تلك الأراضى فى تصريح لاحق بأنها أراض احتلتها إسرائيل، فإذن هناك نوع من التردد وبعض التحسن فى الموقف الأمريكى.

 

والقول الأخير إن هناك اضطرابًا دوليًا وإقليميًا وهناك فضاء عربى، كلما تحرك العرب صانوا مصالحهم، فعلينا اتخاذ مواقف حكيمة تعكس منظورًا استراتيجيًا طويل الأجل للمصلحة، مع التصدى بحسم لأى محاولات لفرض الأمر الواقع أو المساس بالمبادئ القانونية التى تحافظ على حقوقنا ومصالحنا.

 

 

فى أعقاب ثورة 30 يونية كانت العلاقات بين مصر وواشنطن متوترة بحجة أن ما حدث فى مصر انقلاب؟

 

كان هناك اضطراب بين مصر والولايات المتحدة بالفعل، وأعلنت ذلك فى مؤتمر صحفى هنا فى القاهرة بحضور وزير الخارجية الأمريكى، رغم أن الولايات المتحدة لم تصف ثورة 30 يونيه رسميًا بأنها انقلاب، لأن ذلك يعنى الدخول فى تصادم صريح مع الشعب المصرى، أعتقد أننا تجاوزنا هذا سريعًا لأسباب عديدة، أولها وهو سبب جوهرى أن السياسة الخارجية الأمريكية تحكمها نفس مبادئ وأسس وأهداف السياسة الاقتصادية الأمريكية، وهى العمل على زيادة العائد والمصلحة والحد من الخسائر والمخاطر، «المكسب والخسارة» هو الميزان الأمريكى على الدوام.

 

قد تختلف فى السياسات الأمريكية بين إدارة وأخرى إلى حد ما فى جزئيات معينة، والنقاش الأيديولوجى قد يختلف بين إدارة وأخرى أيضًا، لكن فى النهاية عندما تصل أمريكا إلى مرحلة اتخاذ القرار، فلا يعنيها سوى الطرف الفاعل والمؤثر، لا يعنيها الطرف الطيب فى نظرها إذا كان غير فاعل أو مؤثر، ولا يعنيها الطرف المهاتر بتعبيرات رنانة ومزايدة لا تترجم إلى «مكسب أو خسارة».

 

بمعنى أن السياسات الأمريكية قد تختلف جزئيًا بين إدارة وأخرى مع اختلاف توجهات الرئيس المنتخب أو تركيبة الكونجرس أو الأوضاع الدولية، وإنما الفيصل هو المصلحة واهتمامها دائمًا ينصب على من يؤثر فى تلك المصلحة، وعليه أن مفتاح العلاقة الأمريكية–العربية أو المصرية فى المرحلة القادمة لدى العرب ومصر وليس لدى أمريكا، فإذا فعلنا دورنا كعرب وكنا الأكثر تأثيرًا فى الشرق الأوسط مقارنة بالأطراف غير العربية سيزداد الاهتمام الأمريكى بالجانب العربى، أما إذا لم نشرع فى ذلك واكتفينا بردود الفعل أو المتابعة درءًا للمخاطر فسندفع الثمن غاليًا.

 

 كيف حاولت جماعة الإخوان المسلمين اختراق مؤسسة الدبلوماسية المصرية خلال حكمها ولماذا كانت هذه المؤسسة تحديدًا عصية عليها؟

 

الانضمام إلى السلك الدبلوماسى المصرى الخارجية المصرية بالتحديد يحكمه كادر وقانون خاص، ويتم الدخول بامتحان حول موضوعات معينة ثم امتحان آخر حول الهيئة وشخصية الممتحنين، لأن الدبلوماسى يتعرض لظروف كثيرة وعديدة مختلفة عبر خدمته خلال تمثيل مصر، ويجب أن يكون مؤهلًا لتحمل المسئولية، وكلاهما مهم للغاية لأنه يعمل فى سياق وزارة سيادية قراراتها تؤثر بشكل مباشر على سيادة الدولة المصرية، ومن ثم الاختيار يتم بغاية الدقة، ومراجعة عمل العضو مستمرة، وهذا مهم للغاية لأن الدبلوماسى يجب أن يكون دائمًا شغوفًا بحماية مصالح وطنه، ومحافظًا على الأمانة التى أوكلت إليه فى تمثيلها، وهذا ما يتم غرسه فى العضو الدبلوماسى منذ بداية عمله متابعته لاحقًا.

 

وبالإضافة إلى ذلك سبل الانضمام إلى وزارة للخارجية كدبلوماسى محددة بدقة، أصفها دائمًا بأن هناك «باب وشباك»، الباب هو الامتحان والشباك هو قرار جمهورى، فليس هناك ما يسمى بملتحق بالخارجية إلا بامتحان أو بقرار جمهورى يصدره رئيس الدولة، بل حتى رئيس الجمهورية لا يستطيع تعيين شخص دبلوماسيًا إلا بإصدار قرار جمهورى، ولا يمكن تجاوز القرارات الجمهورية أو الامتحان حتى إذا رغب رئيس الوزراء ذلك، بل لا يستطيع وزير الخارجية نفسه قبول أى شخص إلا بامتحان أو بقرار جمهورى، وقد وضعت كل هذه الضوابط منذ زمن طويل تقديرًا لحجم المسئولية التى تتحملها الوزارة وحفاظًا عليها من الضغوط ولاختيار دبلوماسييها آمنين على بلادهم، وتتم كل هذه الخطوات بشفافية ومع مراجعة عدد من أجهزة الدولة.

 

إذن ليس سهلًا على أى تيار سياسى التأثير جوهريًا فى تركيبة وزارة الخارجية، وانطبق ذلك على الإخوان المسلمين فى 2012.

 

ما رأيك فى الاتفاقيات العربية الأخيرة مع إسرائيل.. وهل بالفعل سيتم توظيفها لصالح القضية الفلسطينية.. أم أنها تطبيع كما يرى البعض؟

 

من المنطقى أن تكون العلاقات الطبيعية بما فيها ما بين العرب وإسرائيل فى ظل ظرف طبيعى، أنا لست ضد التطبيع، فالمسألة ليست مع أو ضد، وإنما المسألة توقيت التطبيع، والكثيرون لا يعلمون أن أول من طرح فكرة التطبيع فى عام 1977 كان الجانب المصرى، وذلك أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، وأعربنا عن أملنا أن ينتقل السائح والسلع والبضائع من دولة إلى أخرى مع إنهاء الاحتلال الإسرائيلى للأراضى العربية وإقامة الدولة الفلسطينية، وهو ما يتسق مع قرار 242 الصادر من مجلس الأمن الذى اعتبر بعد ذلك أساس الحل المصرى الإسرائيلى، وكذلك الأردنى الإسرائيلى، وحتى اتفاق أوسلو، ووضع القرار أساس الحل، ألا وهو أنه لا يجوز الاستيلاء على الأراضى بالقوة، وأنه مع إنهاء الاحتلال من تلك الأراضى من حق كافة دول المنطقة، بما فيها إسرائيل أن تحظى بالأمن والأمان، إذن التطبيع فى ظروف طبيعية أمر منطقى، المسألة ليست مع أو ضد التطبيع، لكن متى.

 

خلال مفاوضات السلام المصرية الإسرائيلية تبنى الجانب الإسرائيلى فكرة التطبيع، ووافقنا على أن تكون العلاقات الرسمية بين البلدين طبيعية بعد الاتفاق، إنما نبهنا الجانب الإسرائيلى أنه لا يمكن أن يكون التطبيع كاملًا وشاملًا عربيًا إلا مع الحل الشامل، وفى 2002 فى قمة بيروت أخذ العرب خطوة أخرى، وأوضحوا أنه فى حالة إنهاء الاحتلال من كل الأراضى العربية الفلسطينية والسورية واللبنانية، ستكون هناك علاقات طبيعية بين إسرائيل وكل الدول العربية، ليس فقط دول المواجهة، إذن العرب أجمعوا حينذاك أنه مع إنهاء الاحتلال، لا مانع من التطبيع، والخلاف لأن إسرائيل تريد تطبيعًا دون حتى الالتزام بإنهاء الاحتلال للأراضى العربية، وأغلب العرب يريدونه بعد إنهاء الاحتلال.

 

وموقفى يتفق مع موقف القمة العربية وهو أن يكون التطبيع مع إقرار السلام وإقامة الدولة الفلسطينية، إلا أن بعض الدول العربية أخذت قرارًا بدرجات مختلفة من التطبيع مع إسرائيل من الآن، فى الوقت نفسه الذى أعلنت فيه أنها تؤيد القضية الفلسطينية، ورغم أن رأيى الشخصى هو أن يكون التطبيع مع إنهاء الاحتلال وفقًا لقرارات القمة العربية، فهذا لا ينفى أن لكل دولة الحق فى اتخاذ قراراتها السيادية المستقلة، لذا فمع تفهمى للقلق الفلسطينى عليه التركيز على مواجهة الدولة المحتلة، ويتجنب الدخول فى مهاترات مع أطراف عربية هى فى النهاية تؤيد حقه فى إقامة دولته، حتى إن قررت تطبيع بعض علاقاتها، من حق الفلسطينى أن يقلق وأن يسجل تحفظه على هذا الإجراء، إنما من الخطأ إضاعة الوقت فى مهاترات وانتقادات عربية عربية والتركيز على استثمار أى فرصة للضغط على الجانب الإسرائيلى من أجل إقامة دولة فلسطينية.

 

 وهل تؤيد المصالحة العربية مع قطر؟

 

 هناك فرق بين تأييدى من حيث المبدأ وما أطمئن له، كممارس فى العمل الدبلوماسى لفترة طويلة، وكمتابع للعمل العام أجد أن الشرق الأوسط فى النهاية هو الدول العربية وإسرائيل وإيران، وله علاقة خاصة جدًا بتركيا ولن يتغير ذلك، أنا شخصيًا مؤيد لإيجاد السبل لاستقرار العلاقات العربية التركية، والعربية الإيرانية، والعربية الإسرائيلية، وكل حالة من الحالات الثلاث لها وضعية مختلفة وشروط خاصة.

 

إذن من الطبيعى أن أؤيد أيضًا أى تصالح عربى–عربى، والسؤال ليس فى أن تؤيد أو لا تؤيد، ولكن ما المطلوب لتحقيق ذلك، تركيًّا وإيرانيًّا مطلوب منهما عدم التدخل فى شئون الدول العربية المجاورة، وإسرائيليًّا مطلوب إنهاء الاحتلال، فى حالة قطر كان الخلاف أساسًا حول التدخل فى الشئون الداخلية، فبيان قمة العلا بيان إيجابى، عالج قضية ظلت عالقة لعدد من السنوات، رحبت بالبيان، وأتطلع أن نشهد أفعالًا ملموسة فى الأشهر القادمة، لكى نطمئن أن هناك جدية حقيقية لمصالحة كاملة، لأن الفرقة العربية العربية ليست فى مصلحة أى طرف عربى.

 

كيف قرأت تحركات مصر تجاه الأزمة الليبية.. وهل يمكن القول إن ليبيا قربت من التسوية السياسية؟

 

- أولًا تعاملنا مع القضية الليبية فى بدايتها تعاملًا أمنيًا، من منطلق أن هناك حدودًا طويلة بيننا ولابد من تأمينها، إذن الأولوية كانت لتأمين الحدود، مع مرور الوقت بات واضحًا أن التعامل الأمنى يجب أن يصحبه تعامل استراتيجى دبلوماسى وسياسى، حتى نسهم فى استقرار الأمور بليبيا على المدى الطويل، واتخذت مصر فى الصيف الماضى موقفًا صائبًا تمامًا، حددنا فيه خطًا أحمر ومن ناحية أخرى نشطنا دبلوماسيًا، بحيث أصبحنا نتحدث مع جميع الأطراف فى الساحة الليبية، وأرى أن الموقف المصرى فى الساحة الليبية حدث فيه تحول فى الطريق السليم، لكن هل الأمور استقرت.. لا، فهناك أطراف فى الساحة الليبية أرهقت، وعلمت جيدًا أن الاعتماد على الأطراف الأجنبية لن يحقق المصلحة، الإرهاق أدى إلى وعى وتغيير فى المنهجية، وهناك الآن مسعى مشترك لبدء التحول السياسى داخل ليبيا ينتهى إلى توافق، لأنه لا يوجد طرف أجنبى «أمريكى أو روسى أو تركى» أو طرف من الأطراف الشرق أوسطية أو الليبية قادر على حسم الأمور، لا يوجد أى طرف منهم عنده وحده قرار الفصل، والكل أيقن أن تكلفة استمرار المواجهة الأمنية عالية جدا، سواء التكلفة العسكرية أو الاقتصادية أو فى مجال الطاقة، فتوجهت الأطراف المختلفة نحو سبل للحل، التى كانت فى إطار الأمم المتحدة وجهود المبعوث الأممى، والوفود الليبية جاءت إلى القاهرة وسافرت إلى الدول الأخرى المؤثرة على الساحة، والخطوة القادمة– فى رأيى– تحتاج أمرين، أولًا: تقدير ليبى– ليبى أن عليهم أن يصلوا إلى حلول وسط تسمح بإقامة دولة ليبية تجمعهم جميعًا، دون أن يكون لأحد منهم حق الفصل على حساب مصلحة الطرف الآخر، والنقطة الثانية وهى مرتبط بها انسحاب القوات الأجنبية من الساحة الليبية، لأن استغلال ما يسمى بالمرتزقة أو غير ذلك يؤدى إلى عدم الاستقرار فى المنطقة، ليبيا على الطريق السليم إنما من السابق لأوانه الإعلان أننا وصلنا للاستقرار.

 

وهل من الممكن أن تهتم واشنطن بالملف الليبى فى عهد بايدن؟

 

الأطراف الأوروبية أثبتت عدم نجاحها فى حسم الأمر، والأطراف الشرق أوسطية أيضًا لم تحسم الأمر، الجانب الأمريكى لم يكن أصلًا مهتمًا بالساحة الليبية، فهو ليس فى حاجة للطاقة له، والاهتمام الأمريكى بليبيا الآن– مرتبط أساسًا بتجنب تنامى النفوذ الروسى فى الساحة الليبية، وهو اهتمام استراتيجى أكثر منه اهتمامًا يحظى بأولوية كبيرة، ولا أعتقد أنها ستخاطر فى مواردها أو فى مواطنيها فى الساحة الليبية، إنما بدون شك هى حاليًا أكثر اهتمامًا بليبيا عما مضى، بعين متابعة للحراك الروسى، لذا تتابع مواقف وتحركات دول الجوار الليبى باهتمام وعلى رأسها مصر.

 

هناك تكهنات بعودة التأييد الأمريكى لتنظيم الإخوان المسلمين للظهور على المسرح السياسى فى المنطقة العربية من جديد؟

 

تيار الإخوان موجود فى المجتمعات الغربية بصفة عامة، ولديه ساحة يتحدث فيها وتترك له مجالًا للحديث دون صدام، لكن نفوذهم أقل بكثير جدًا هناك عما مضى، والاهتمام بالإخوان الآن أقل كثيرًا عما سبق، والمحللون فى مختلف أنحاء العالم يقدرون من تجربة الشرق أوسط فى العشر سنوات الماضية أن الخطاب الإخوانى لا يعكس الممارسة الإخوانية على الأرض، ورأيى أنه يجب أن نكون واعين أنه سيكون هناك مسعى دائمًا من بعض التيارات فى الخارج للمساس بمصالحنا، كان هذا فى الماضى حتى قبل الإخوان واستمر وأثناء الإخوان وسيستمر وما بعد الإخوان، وعلينا تسليط أعيننا على هذه المخاطر دون أن تجذبنا بعيدًا عن إعادة البناء الوطنى، أقصد بذلك البناء الداخلى، الحوار الداخلى، البناء الوطنى ودورنا الإقليمى وتأثيرنا على الساحة الإقليمية، والحقيقة التحدى ليس فى ولاية فرجينيا الأمريكية أو فى حى فى إنجلترا، التركيز الإخوانى أساسًا على الساحة العربية والشرق أوسطية، وكلما وجد البديل المستقر الذى يوفر المستقبل الخير، فالمجتمعات العربية نفسها سترفض الإخوان.

 

 10 سنوات من التفاوض المضنى دون الوصول لحل فى ملف سد النهضة مما ينذر بمخاطر على دول حوض النيل ومنطقة القرن الأفريقى فى ظل التعنت الإثيوبى إزاء التوصل لاتفاق قانونى ملزم وتلويح إثيوبيا بالملء الثانى الصيف المقبل دون اتفاق.. فما رأيك؟

 

هذه القضية وصلت إلى مفترق طرق، قد نشهد مفاجأة بإظهار الإرادة السياسية فى اللحظات الأخيرة فى المفاوضات قبل الملء القادم، وإن كنت أستبعد ذلك، وتراجع مواقف بعض الأطراف، مفاجأة تفتح الباب للمفاوضات، وإنما إذا لم تشهد ذلك فسنواجه قريبًا بموقف يتطلب قرارات صعبة، فالرئيس ذكر صراحة «نحن لا نهدد أحدًا»، وإنما يجب عدم الاستهانة بالقدرة المصرية وعزيمتها على حماية مصالحها، وأعتقد أن الذى جعله يعلن ذلك بهذا الشكل وفى هذا التوقيت أن مصر تعتمد على مياه النيل لأكثر من 90٪ من احتياجاتها المائية، وقراءتى أن هذا التصريح لم يكن تهديدًا إنما تحذير أننا وصلنا إلى مرحلة حاسمة، واقتربنا من مفترق طرق، خاصة أن بدء الملء الثانى دون اتفاق ثلاثى ملزم هو محاولة لتثبيت أن لإثيوبيا وحدها حرية اتخاذ القرارات الخاصة بإدارة السد والمياه فى مختلف الظروف المناخية سواء كانت أمطارًا غزيرة وفيضانات أو جفافًا وندرة مياه وهو مبدأ جد خطير.

 

 إذن هل من الممكن أن يحدث تدخل عسكرى لإنهاء هذه الأزمة؟

 

لن أدخل فى التفاصيل، فإذا ترتب على هذا الإنذار أو التحذير تغير فى الموقف التفاوضى وظهرت مفاجأة سأكون أول من يرحب به وإذا لم تظهر مفاجأة نحن نقترب من الصيف واحتمال الملء الثانى وسيكون أمامنا قرارات صعبة، لأن هذه القضية وجودية بالنسبة لمصر لاعتمادنا على مياه النيل، مرة أخرى الموقف حاليًا يتطلب حكمة وحسمًا.

 

كيف قرأت الوساطة الأمريكية فى هذه القضية؟

 

كنت أقل تحمسًا عن البعض، فالإدارة الأمريكية السابقة، وعلى رأسها الرئيس ترامب والبيت الأبيض وكان معه وزير المالية الأمريكى اتخذوا مواقف إلى حد ما إيجابية، لكن وزير الخارجية الأمريكى زار إثيوبيا بعدها بأيام بسيطة جدًا، وذكر أن الموضوع سيطول، وأنه ليس هناك حل على المدى القريب، فكان هناك تضارب فى موقف الإدارة الأمريكية، ترامب يريد الإنجاز السريع، والمؤسسات الأمريكية لا تريد صدامًا مع إثيوبيا.

 

الآن أعتقد أن بايدن غير متحمس للدخول فى هذه القضية لتحريك الملف، وموقف المؤسسات الأمريكية لم يختلف، بمعنى لا تريد صدامًا مع إثيوبيا، وهذا هو الموقف الأمريكى الآن، أما إذا تغير الظرف الإقليمى فى شرق أفريفيا، وبات واضحًا تداعيات ومخاطر القرارات الصعبة فقد نشهد نشاطًا أمريكيًا ودوليًا متزايدًا، وإنما المسألة لن تحسم حسب مزاج الجانب الأمريكى حتى إذا اهتم واجتهد بموقف إيجابى، بقدر ما هو مرتبط بالموقف الإثيوبى، وفى اعتقادى أن رسالة الرئيس المصرى كانت موجهة لأفريقيا والمجتمع الدولى ككل، بما فيه الجانب الأمريكى.

 

باعتبار أن الكونغو ترأس الاتحاد الأفريقى هل من الممكن أن تلعب دورًا فى مسار المفاوضات حول سد النهضة خاصة أنها رفضت من قبل التوقيع على اتفاقية عنتيبى دعمًا لمصر والسودان؟

 

من الطبيعى أن دور الاتحاد الأفريقى ودور رئيسه هذه الدورة له أهمية خاصة لكن فى النهاية القرار قرار إثيوبى، المسألة ليست فى جدية الجانب «الكونغولى» ورغبته، وأثق أن الجانب الكونغولى يتمنى أن يصل لاتفاق فى عهده وإنما هل سيتجاوب الجانب الإثيوبى مع ذلك أم لا.

 

العلاقات بين مصر والسودان تشهد فى الوقت الراهن زخمًا سياسيًا بوتيرة سريعة ويتجلى ذلك فى زيارة الرئيس السيسى للسودان وزيارة رئيس الوزراء السودانى لمصر.. كيف سيؤثر ذلك على مستقبل العلاقات إيجابيًا لاسيما أن هناك أيادى تسعى لتخريب العلاقات بين البلدين؟

 

طول عمرى أؤمن بأن أهم علاقات لمصر هى مع دول الجوار، ليبيا والجانب الفلسطينى والسودان، والوضع مع السودان له أهمية خاصة لأنه مرتبط بمياه النيل، وكما تعلم أن أول زيارة لى كوزير خارجية فى ظل معارك عديدة كانت أمامنا بعد ثورة 30 يونية كانت إلى الخرطوم، كرسالة من المصريين للسودانيين أن العلاقة بيننا مهمة، وكان ذلك رغم أن الجانب السودانى لم يكن يميل إلى مواقفنا الداخلية ومع هذا قدر ذلك الزيارة والمبادرة كثيرًا، والعلاقة المصرية السودانية بالغة الأهمية ويجب إدارتها إدارة حسنة ومتميزة، وحتى إذا اختلفنا فى بعض النقاط يجب صيانة العلاقة، فأنا مؤمن تمامًا بأهمية العلاقة إنما لا أحمل السودان مشاكلى ولا أتحمل مشاكله.

 

 فى رأيك أى الدول على الساحة العالمية تعد المنافس الأقوى لأمريكا مستقبلًا؟

 

الصين على المدى الطويل، فالصين اقتصاديًا وتكنولوجيًا تنمو نموًا سريعًا جدًا، ووزير الخارجية الأمريكى أعلن منذ أسابيع عن أن المنافس الاستراتيجى لأمريكا هو الصين، لم يعلن روسيا ولكنه ذكر الصين، واللقاء الذى تم فى «ألاسكا» كان لقاء عاصفًا بين دولتين، دولة وصلت إلى قمة الريادة وهناك شك فى مدى استعدادها للاستمرار، ودولة تنمو بسرعة للغاية، وهناك تساؤل: ما هو الدور الذى تريد أن تلعبه على المدى الطويل، إذن لا شك لدى أن الصين هى المنافس الأساسى، إنما هناك أمران أن الصين لا يزال منافسًا اقتصاديًا أساسًا وسياسيًا جزئيًا، لا تمارس الصين السياسة والدبلوماسية بنفس العنف الذى نشهده من الجانب الأمريكى، ولا تعطى ضمانات أمنية، واسعة على نفس النمط من الجانب الأمريكى، ومن ثم المنافسة العسكرية والسياسية ستتأخر عن المنافسة الاقتصادية والتكنولوجية، كلاهما مرتبط بالآخر، إنما لن تكون الممارسة بنفس المعدل فى المستقبل القريب، فالدور الأمريكى فى المجتمع الدولى سيظل قويًا لسنين طويلة، لكن الأهم من كل ذلك فى اعتقادى أنه ستكون هناك دولة أقوى من دول أخرى فى الساحة الدولية، إنما لن نظل نعيش فى سياق قطبين أو ثلاثة أقطاب، بل سنجد أن تعدد الأقطاب الدولية هو النموذج القادم، والقضايا ستنتقل من قضايا عالمية مثل الصراع السوفيتى– الأمريكى بين حلف وارسو والحلف الأطلنطى للسيطرة على العالم إلى معادلة جديدة مع عصر العولمة، أصبحت هناك الصين من ناحية ودور قوى للهند يقال إنه اقتصاديًا دور مهم لإندونيسيا والاتحاد الأوروبى تغير فى الاتحاد أوروبى إلى اتحاد أوروبى بدون بريطانيا إذن هناك تغير فى الوضع الدولى.

 

إيران ترتكب العديد من الجرائم وتسعى لنشر المذهب الشيعى بالمنطقة، وتركيا تسعى للخلافة.. كيف يمكن للشرق الأوسط الخروج من هذا المأزق؟

 

- سؤال مهم وإجابة صريحة، كل ما تسمعه عن نظريات مرتبطة أساسًا بطموح جيوبوليتيكى، إيران لا شك دولة توجهها الأيديولوجى شيعى، إنما طموحها كان حتى من وقت الشاه إيران قبل الثورة الإيرانية جيوبوليتيكى، وتسعى لاستغلال ما يسمى بحماية الطوائف الشيعية لأغراض «جيوبوليتيكية».

 

ونفس الشىء تركيا، وشعبها أغلبه سنى، وحاليًا تميل للجانب الدينى خاصة أردوغان وحزبه، وإنما تركيا تريد نفوذًا جيوبوليتيكى فى ليبيا لاعتبارات اقتصادية وأخرى خاصة بشرق البحر المتوسط وتقسيم المياه والغاز، ونفس الشىء بالنسبة لموقفها فى سوريا.

 

وأضف إلى ذلك أن حتى الإدارة الأمريكية الحالية عندما تتحدث عن السياسة الخارجية المبنية على المبادئ، تستعمل حجة المبادئ لتحقيق إنجاز جيوبوليتيكى، إذن المصلحة الوطنية دائمًا هى الدافع، أما الجانب الدينى النظرى والأخلاقى فهو أدوات لتحقيق ذلك.

 

ولذلك أرى أن إيران وتركيا لهما توجهات «جيوبوليتيكية» وطموحات على حساب المصالح العربية، يجب التصدى لها بقوة وإنما ليس فقط بالعداء ولكن بالبناء الوطنى والبناء الإقليمى، فالفراغ العربى نتج عنه خلل فى ميزان قدرات الأمن الوطنى بيننا وبين أطراف غير عربية فى المنطقة، الجانب التركى رغم اختلافاته مع أمريكا حاليًا واقترابه من روسيا لا يزال عضوًا فى «الناتو» وبنى منظومة اقتصادية وعسكرية ذاتيًا، والجانب الإيرانى ظل عشر سنوات تحت عقوبات إنما استطاع أن يبنى نفسه داخليًا، ولا أقصد بذلك عتادًا عسكريًا فقط، لكن النفوذ السياسى، فصد هذه التيارات بالبناء الداخلى والإمكانيات الوطنية وضمان عدم الاعتماد المبالغ فيه على أى طرف، حتى نستطيع رد أى سياسات غير سوية دون الاعتماد على طرف آخر قد لا يكون له نفس الأولويات، وأوباما دشن الاتفاق النووى مع إيران دون التشاور مع العرب، فهل معنى ذلك أن أمريكا تخلت عن العرب، لا، لكن أولوياتها لم تكن نفس أولويات الطرف العربى، إذن الفجوة فى القضايا الإقليمية لابد أن أكون قادرًا على تحملها بنفسى.

 

فى رأيك لماذا يلاحق ملف حقوق الإنسان الكثير من الجدل فى مصر خاصة مع وجود بعض المنظمات المشبوهة والدول ضد مصر؟

 

أنا مؤمن أن كل دول العالم لها مخالفات فى قضايا حقوق الإنسان دون استثناء، فى أكبر الديمقراطيات وأصغرها هناك مخالفات، إذن فى قضايا حقوق الإنسان أول خطوة دائمًا يجب أن تكون أن تسعى كل دولة إلى ضمان أفضل ممارسة فى احترام حقوق الإنسان لمواطنيها داخليًا، أول خطوة دائمة أن على الكل أن يحسن نفسه، كبيرًا أم صغيرًا، ديمقراطيًا أم غير ديمقراطى، الشىء الآخر أن استخدام قضايا حقوق الإنسان استخدامًا سياسيًا، يحد من مصداقية الدعوة لتحسينها، ولكى نحمى أنفسنا من هذه الضغوط التى قد تكون مغرضة، علينا تحسين ممارساتنا بإرادة وطنية من جانب، وعلينا التواصل مع العالم والمبادرة لشرح حقيقة أوضاعنا وجهودنا فى هذا المجال لقطع الطريق أمام المغرضين، علينا شرح موقفنا مسبقًا ليس كرد فعل للاتهامات فقط، كلما تعاملنا مع قضايا حقوق الإنسان وأخذنا المبادرة فى شرح القضايا دوليًا سنجد أن التأييد العام لأى اتهامات باطلة سيضعف كثيرًا، الخلاصة علينا الاستمرار نحن وغيرنا فى تحسين أوضاع حقوق الإنسان، وعلينا شرح الموقف ونشر الحقيقة بشكل أفضل فى الساحة الدولية.

 

ما تقييمك لآلية العمل بالجامعة العربية لإدارة الأزمات خاصة أن البعض يتهمها بالفشل فى الدور المنوط بها؟

 

هناك فضاء سياسى عربى، يشمل المؤسسة العربية الإقليمية، البعض يقول إن الجامعة لا تستطيع أن تفعل شيئًا، لأن الوضع العربى سيئ، والبعض الآخر يقول إن الوضع العربى سيئ نتيجة أن الجامعة لا تفعل شيئًا، وفى رأيى أن هناك جهدًا يجب أن يبذل على كلا المسارين، المسار العربى الإقليمى العام وأيضًا مسار المؤسسات العربية، بحيث تعكس أو تنجز بقدر الإمكان كلما كانت هناك فرصة وتعكس الواقع بمصداقية أكثر فيما يتعلق بالمستقبل، وأنا لا أدعو إلى تطابق مواقف عربية فى كل لحظة، هذا كلام عبثى لا معنى أو مصداقية له ولا يوجد فى اى منطقة بالعالم حتى بين الحلفاء، هناك قضايا قومية ولدينا مواقف ثابتة فيها، والاختلاف يكون فى مدى الدعم والحركة فى كل قضية، إنما إذا أهملنا المفهوم السياسى العربى سنضع الهوية العربية السياسية على المحك، عندما بدأت عملى كدبلوماسى شاب، كان التعريف العام فى الأمم المتحدة للشرق الأوسط هو أنها الدول العربية وإيران وإسرائيل، الآن عندما تتحدث عن الشرق الأوسط فى الساحات الدولية، الحديث كله عن تركيا وإيران وإسرائيل وبين الحين والآخر العرب.

 

مصداقية وفاعلية الهوية السياسية العربية فى خطر، وهذا خطر للغاية، إذا شهدت مزيدًا من الضعف فكل الدول العربية ستضار، ومن يتصور أن الاقتراب من طرف أجنبى أفضل له من التعامل عربيًا غير واعٍ للوضع الدولى جيدًا، مرة أخرى المطلوب من العرب الجدية والمصداقية والشفافية، فما أسهل عند العرب من الإعلان عن اتفاق، بقرارات مرسلة تعكس أن هناك إجماعا فى حين يكون الواقع غير ذلك، فحتى عندما تكون هناك مواقف قريبة من بعضها البعض يمكن أن يكون هناك اختلاف فى الأولويات.

 

أتمنى أن نشهد اليوم الذى يصدر قرار عربى إيجابى تجاه قضية وقرار عربى آخر يعكس صراحة أن هناك تباينًا فى مواقف عربية، فمطلوب منا تحسين آليات الاختلاف، حتى تكون لقراراتنا المتفق عليها مصداقية، إدارة الاختلاف العربى إدارة تباين للهويات العربية هو المحك فى مصداقية العالم العربى مستقبلًا كهوية سياسية أو كمؤسسات دولية.

 

ويجب ألا ننسى أن الجامعة أولى المؤسسات الإقليمية فى العالم أنشئت قبل أى مؤسسة أخرى سنة 1945، كانت هناك أطراف عربية تفهم أن التعاون فيما بينها مصلحة للجميع، ولم تكن مواقفها متطابقة،ولكن كان هناك تفاهم لاهمية للتعاون فيما بينهم امام مرحلة تحول وفى ظل اضطراب دولى، ونحن فى مرحلة حساسة أخرى، فعلينا الإفاقة لأن الهوية السياسية العربية فى خطر وهذا يؤثر على مؤسساتها، إنما أدعو إلى تنشيط العمل العربى السياسى عامة، وأدعو إلى تنشيط عمل الجامعة فى الوقت نفسه.

 

عملت سفيرًا لمصر فى واشنطن لمدة 9 سنوات ودائمًا يتردد أن تنظيم داعش صنيعة أمريكية.. هل من الممكن أن تكون هناك استراتيجية موحدة عربية لمكافحة الإرهاب؟

 

- ما يرتبط بالإرهاب الشرق أوسطى وأدواته ومفاهيم ليس مستوردًا من الصين أو من أمريكا أو من أوروبا حتى إذا تم تمويلها من أطراف أجنبية، وهذا وارد أو حتى تم تشجيعها من أطراف عربية وكان هذا واردًا أيضًا، ساحة عملها الأساسى عربية شرق أوسطية وآلياتها المنظمات والأفراد أغلبهم من العالم العربى، إذن من الضرورى أن تكون هناك استراتيجية عربية موحدة، ولا توجد دولة عربية لم تتعرض للإرهاب والتطرف، إذا بدأنا من المغرب العربى مرورًا بشمال أفريقيا بالكامل، كل هذه الدول بما فيها مصر تعرضت للإرهاب، سنجد دولة مثل تونس، دولة صغيرة وشقيقة، والطبقة الوسطى فى تونس نسبة عالية جدًا بالمقارنة بالطبقة الوسطى فى الدول الأخرى، مع هذا نسبيًا ليس عدديًا فإن عدد المتطرفين المنضمين إلى داعش وخلافه من تونس رقم لافت، وإذا ذهبنا للمشرق والخليج، فالكل تعرض للإرهاب إذن هناك خطر يهدد الساحة كلها، ولذلك أدعو ليس برنامج استراتيجى فحسب لكن إلى آليات محددة للتعاون الأمنى المعلوماتى فى تسليم المتهمين، يجب أن ننشط مخابراتيًا وأمنيًا مع قضايا الإرهاب.

 

كيف تقرأ مبادرة الرئيس وإطلاقه المشروع القومى الجديد «الدلتا الجديدة» وكيف رأيت افتتاح متحف الحضارة ونقل المومياوات وهل سينعكس ذلك على صورة مصر خارجيًا؟

 

- عندما أنظر للقضايا الخارجية، هناك شقان كفاءة الأداء السياسى الدبلوماسى والوضع الداخلى واستقرار الوطن، لا يمكن أن تنجح قضايا السياسية الخارجية إلا بالأداء الرفيع والبناء على أرضية صلبة، 65٪ من الشعب المصرى أقل من 30 سنة، وبناء المستقبل رسالة وأمانة، وأنا مؤيد تمامًا لكل المحاولات لبناء مصر من الداخل، لصالح المواطنين وأيضا حتى نستطيع أن نستثمر ذلك سياسة إقليمية ودولية، بما يسرع من استعادة دورنا الإقليمى والدولىة، وأؤيد تمامًا بناء الكيان الوطنى ماديًا وسياسيًا وفكريا. أما موكب المومياوات فبدون شك العرض التاريخى كان مبهرًا وأعطى رسالة قوية عن ثراء الحالة المصرية التاريخية، هذا إنجاز يشهد له كل من أسهم فيه، ويجب استغلال هذا الظرف مع الخطوة القادمة فى المتحف الكبير، وأن يكون حافزًا لنا جميعا لبناء مصر حضاريًا وفكريًا حتى يفخر المصريون فى المستقبل بحاصرنا كما شعرنا جميعًا فى الأيام الأخيرة بالفخر والاعتزاز بإنجازات قدمائنا.

.