عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مسجد السلطان المملوكي.. الفقير الذي نذر مكانًا للتعبد

جامع السلطان الأشرف
جامع السلطان الأشرف برسباي

الأشرف برسباي تعلم الحدادة.. وباعه زوج أمه لتاجر يهودي

 

حارس الجامع: غرف ممرات طويلة أسفله تصل لشارع المعز

 

جامع «التعبد» والصفاء الروحي أنشأه السلطان برسباي بعد أن نزر وتحقق ما تمناه من الله، فأصبح مأوى لعابري السبيل وجامعًا للصلاة ومكانًا لـ 100 متصوف، هو جامع «السلطان الأشرف برسباي»، يحتوي على العديد من الغرائب والأساطير التي رواها العديد من مُحبي الجامع ومريديه، البعض يقول إن أسفله غُرفًا وممرات تصل إلى جامع الحسين وشارع المُعز، وآخرون يقولون إذا نزر أحد فيه نزراً إلى الله تحقق ما يريده، قصص مختلفة ولكن الجميع اتفق على أمر واحد وهو الراحة النفسية التي يشعرون بها لمجرد الصلاة والجلوس فيه، فهو بمثابة عالم آخر ينتقل إليه المُصلي حيث العزلة والطمأنينة مُخلفاً وراءه مشاكل الدنيا والحزن والكراهية، سابحاً في عالم واسع من التأمل والتقرب إلى الله.

 

 

حارس الجامع وقصة الممرات  

عبد الحميد حارس الجامع، قال لـ «الوفد» إن الجامع يحتوي على عدد من الفتحات في أرضيته، إحدى هذه الفتحات في غرفة المكتبة، وباقي الفتحات في صحن الجامع، لافتا إلى أن هذه الفتحات أسفلها غُرف وممرات طويلة تصل إلى شارع المُعز، ضيقة ومُظلمة لا يستطيع أحد التواجد فيها لوقت طويل نظراً لعدم وجود أكسجين داخلها.

وأضاف الحارس، أن التواجد داخل الجامع يعطي شعورًا بالهدوء النفسي والراحة، لذلك جميع المُصلين والمتعبون من مشاكل الحياة يأتون بشكل دائم للصلاة والجلوس والاسترخاء، موضحاً أن هناك شخصًا لم يرزقه الله بأطفال فاعتاد الصلاة والدعاء في المسجد وبعد فترة ليست كبيرة رزقه الله ما تمنى وكان نذر لله نذراً ونفذه بعد أن رزقه الله بطفل وغيرها من قصص تتعلق ببركة الصلاة في هذا الجامع والدعاء إلى الله.

 

 

سورة النور على مدخل الجامع

يقع جامع السلطان الأشرف برسباي بمدينة الخانكة محافظة القليوبية، يقع على يمين المدخل الرئيسي للجامع السبيل وعلى يساره المئذنة، أعلى المدخل توجد كتابات بالقرآن الكريم آية 36 من سورة النور «في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه»، ثم بجوار الآية تاريخ إنشاء الجامع وهو عام 841 من الهجرة النبوية وهذا التاريخ ميلاديًّا يكون بين عامي 1427 – 1437 ،  وهو تاريخ آخر عام لحكم السلطان الأشرف برسباي.

على جانبي المدخل الأمامي أسفل الآية القرآنية يوجد شعار السلطان الأشرف وكأنه ختم، مكتوب داخله «عز لمولانا السلطان الأشرف أبو النصر برسباي عز نصره»، يمثل باب المسجد تحفة فنية فهو مُصفح عليه اسم السلطان برسباي وبعض النقوش الإسلامية وعدد من الألقاب الخاصة بالملك، ثم على اليسار ممر طويل على الجانب الأيمن للممر يوجد «مزيرة» خاصة بالمصلين، وهي مختلفة عن السبيل الموجود على يمين الجامع فهو مُصمم لعابري السبيل فقط، ثم صحن الجامع.

 

 

بداية السلطان الفقير

السلطان الأشرف برسباي هو السلطان رقم 33 في دولة المماليك، تاريخ ميلاده غير معلوم ولكنه كان من أسرة فقيرة، أرسله والده ليتعلم الحدادة في ورشة، وبعد وفاة والده تزوجت والدته من رجل آخر قام ببيعه إلى تاجر يهودي، وهذا التاجر قام ببيعه إلى تاجر في حلب يسمى دقماق المحمدي، ثم قام المحمدي بإهدائه مع مجموعة مماليك إلى السلطان الظاهر برقوق وهو سلطان مصر والشام وهو مؤسس دولة المماليك الشراكسة، وهذا السلطان أحب برقوق برسباي بسبب ذكائه ووسامته فقام بعتقه، ومن هنا بدأت حياة برسباي في التغير.

برسباي يصبح سلطانًا

بدأ برسباي الصعود في مناصب كبيرة بالدولة، في البداية عمل مع السلطان برقوق ثم مع ابنه فرج ابن

السلطان برقوق، ثم ترقى وحصل على منصب «الدودار» وهو كاتب الرسائل السلطانية، وهذا المنصب أشبه بوزير الخارجية حاليًا، وهذا المنصب حصل عليه قبل أن يصبح سلطانًا على مصر والشام لمدة 16 عامًا والنصف، ولأن برسباي كان مُحبًّا للتشييد والعمارة، أنشأ المدرسة الأشرفية وهي موجودة في شارع المُعز، كما أنشأ مسجد الخنقاء والقبة الموجودة في قرافة الماليك والتي دُفن أسفلها هو وابنه العزيز يوسف بن برسباي، ومسجد السلطان برسباي في الخانقة.

بداية إنشاء مدينة الخانقاه

في عام 725 ه كان النصر محمد بن قلاوون، مُحبًا للخروج للصيد في منطقة الخانقاه، وكانت تسمى في ذلك الوقت صحراء سرياقوس، وفي أحد الأيام أصاب السلطان مرض لا يحتمل كاد أن يفتك به، ونذر إلى الله إذا تم شفاؤه سيبني في المكان الذي كان سببًا في مرضه مكانًا للتعبد، مكانًا مخصصًا «للخنقاء»، وهو المكان المُخصص للمتصوفين المنقطعين للعبادة فقط، وبالفعل شُفي بن قلاوون، وقام ببناء الخنقاء وهي «الخانكة» حالياً، وأنشأ 100 خلوة لـ 100 صوفي للتعبد، وبعد ذلك بنى السكان متاجر ومنازل صارت الخنقاء بلدة كاملة، وكلمة الخنقاء فارسية تعني دار التعبد.

نشأة مسجد السلطان برسباي

عندما توجه السلطان برسباي لفتح قبرص أقام في الخانقاه، ونزر إلى الله إذا استطاع فتح قبرص سيبني جامعًا وسبيلًا وكتابًا للتعبد، وبالفعل نصره الله وفتح قبرص، وأنشأ جامعًا مساحته كبيرة بني على الطراز التقليدي وهو الصحن وحوله أربعة أروقة أكبرها رواق القبلة، وأمامها «دكة المُبلغ»، وهو المؤذن الذي يردد خلف الإمام لأنه لم يكن هناك ميكروفونات في ذلك الوقت، المحراب كما هو بألوانه الرائعة لم يتم تجديده، بينما المنبر تم تجديده وعليه نص حفظ التجديد من لجنة حفظ الآثار العربية، أعلى الجدران توجد نوافذ مُصممة بشكل فريد يبرز من خلفها النور على زجاج مُلون.

أعمدة الجامع

يحتوي الجامع على عدد كبير من الأعمدة في صحنه، والغريب أن كل عمود مُختلف عن الآخر، هناك أعمدة من الجرانيت وأخرى من الرخام، مطرزة بشكل مختلف من الأسفل إلى التيجان، وبعض الأعمدة منقوش أعلاها رمز الصليب.

ساقية المسجد

خارج المسجد داخل الحديقة الخاصة به توجد «ساقية»، وممرات ترسل المياه من الساقية إلى مواسير لمنطقة مربعة الشكل مُخصصة للحمامات «قضاء الحاجة»، وهو تصميم مُختلف تماما عن أي جامع أو مسجد أثري آخر في مصر.