رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الدجل والشعوذة.. بيزنس الجهلاء

بوابة الوفد الإلكترونية

الدجالون والعطارون يربحون المليارات سنوياً.. و300 ألف مصرى يدعون علمهم بالغيب وقراءة الطالع!

 

دراسة لمركز البحوث الجنائية: 275 خرافة تسيطر على عقول المصريين.. و11% من المثقفين والرياضيين والفنانين والسياسيين يلجأون للسحرة

 

تجلس «بثنية» داخل غرفة مغلقة، وأمامها إناء معدنى ممتلء بفحم مشتعل، تلقى عليها بعض الأعشاب المختلفة لتتصاعد أدخنة تملأ أرجاء المكان، محاولة إحضار الجن، لسحر بعض المواطنين، أو لفك الأعمال وجلب الحبيب، وغيرها..

«بثينة» واحدة من السيدات اللواتى احترفن تحضير الجن فى منازلهن ببعض أعشاب العطارة، مستعينة بفيديوهات على «يوتيوب» لتكوين مركبات عطارية خاصة بالسحر.

وبحسب آخر التقارير الصادرة عن المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، فإن المصريين ينفقون ما بين 10 و25 مليار جنيه سنوياً على الدجل ومحافظات الوجه القبلى الأكثر إنفاقاً.

ومؤخراً استخرجت مبادرة «بأيدينا نطهر مقابرنا» العديد من الأعمال فى المنيا وأسيوط ما يؤكد استمرار ممارسات الأهالى غير القانونية، وأكدت دراسات المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية أن 63% من المصريين يؤمنون بالخرافات، وينفقون عشرة مليارات جنيه سنوياً على أعمال الدجل والشعوذة.

وفى دراسة أجراها محمد عبدالعظيم، الباحث بالمركز القومى للبحوث، فإن هناك 275 خرافة تسيطر على عقول أغلب المصريين، كما يؤمن 70% من المصريين بأن هناك أناساً يمتلكون قدرات خارقة فى معرفة ما يخبئه لهم القدر من أحداث، فضلاً عن قدرات أخرى، منها: علاج المرضى بالأرواح، كما يلجأ 11% من المثقفين والرياضيين والفنانين والسياسيين للسحرة والدجالين، وأكثر من مليون و200 ألف مواطن فى مصر يعتقدون بتصنيف الجن إلى أزرق وأحمر، وبقدرة الزئبق الأحمر على تصريف الجن أو تسخيره.

وكشفت الدراسة أن قرابة الـ300 ألف شخص فى مصر يدعون علمهم بعلم الغيب وقراءة الطالع، وجاءت محافظة القاهرة فى موقع الصدارة من حيث عدد الدجالين، إذ يصل عددهم إلى نحو 100 ألف، كما أكدت الدراسة أن 62% من الفتيات يؤمن بضرورة عدم التحديق فى المرآة ليلاً، حتى لا يفوتهن قطار الزواج، كما يستحدم 80% من أهل الريف و40% من أهل الحضر ما يعرف بالأحجبة التى يصنعها الدجالون لفك ما يعتقدون أنها أعمال، أو لإبطال تأثير العفاريت.

وتعد سوهاج من المحافظات الأكثر لجوء لأعمال السحر، فمؤخراً عثر أعضاء مبادرة شبابية لمواجهة السحر والشعوذة داخل المحافظة على 400 عمل من أعمال السحر.

 

 

ولأن دكاكين العطارة عامل مشترك فى جميع أعمال السحر والشعوذة، أجرت «الوفد» جولة ميدانية لتكشف تفاصيل أكثر عن عالم عطارة الشعوذة، وكانت البداية من داخل شارع الأزهر بالعتبة والمشهور بتجارة الأعشاب الطبيعية، وسألنا أحد البائعين عن البخور والأعشاب الخاصة بتحضير الجن، ففى بداية الأمر تخوف من الحديث، فوجهنا له سؤالاً آخر هل تستخدم هذه الأعشاب فى الطهو أو لأى غرض آخر؟، فرد قائلاً بالتأكيد وهناك استخدامات عديدة للأعشاب.. وقال إن هناك بعض الأعشاب تستخدم فى الطهو بشكل عام ولكن لها أغراضاً أخرى، مثل بخور الشذاب، وعشب السدر، والحلتيت والمسك، والبابونج، وبخور القسط الهندى، وزيت اللوز المر وكف مريم.

وقال بائع آخر يدعى  فوزى.م، إن بخور الشذاب يستخدمه البعض فى التخلص من الجن، وسعر الكيلو منها بـ420 جنيهاً.

بينما يعد سعر كيلو عشب السدر بـ60 جنيهاً، يستخدم أيضاً فى التخلص من الحسد، ومنه نوعان الأول يحبه الجن والثانى يهرب منه الجن.

وعن نوعية الزبائن الذين يقبلون على شراء عطارة الجن قال: هناك العديد من الموظفين وطلاب الجامعات والسيدات الموظفات وأساتذة الجامعات فليس الأمر مقتصراً على الأميين فقط.

من جانبه قال العطار مصطفى.ع إن الأعشاب التى تستخدم فى طرد الجن، تبدأ أسعارها من 3 جنيهات وبعضها يصل لـ600 جنيه، وأغلاه بـ6 آلاف جنيه

وأضاف أن المسك من الأعشاب المستخدمة فى طرد الجن، ويبدأ سعر العلبة منه بـ20 جنيهاً، وأيضاً عشب البابونج، الذى يستخدمه البعض فى إبطال عمل السحر والتخلص من الحسد، وطرد الجن من الجسم وتبلغ قيمة الكيلو منه 80 جنيهاً، بينما بخور القسط الهندى، الذى تصل قيمته لـ160 جنيهاً للكيلو، يستخدم فى طرد الجن.

وقال العطار «على.س»، إن من الأعشاب المستخدمة فى أعمال السحر زيت اللوز المر، سعر الكيلو منه 120 جنيهاً، مشيراً إلى نوع مهم من الأعشاب يدخل فى جميع التركيبات الخاصة بالجن والسحر وهو كف مريم، فعلى الرغم من رخص ثمنه وهو بـ5 جنيهات إلا أنه يستخدم فى جميع التركبيات العطارية الخاصة بالجن والسحر.

 

من الكبائر

قال الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن والشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، إن السحر من الكبائر فى الإسلام كما يعد من أبواب الردة، ومحرم بكل أشكاله وأنواعه، مستنداً إلى قول الله تعالى «ما جئتم به السحر إن الله سيبطله إن الله لا يصلح عمل المفسدين»، كما استند إلى حديث الرسول عليه السلام، قال إن من ذهب إلى كاهن لا تقبل له صلاة أربعين يوماً.

وأضاف «كريمة» أن السحر يمكن مواجهته من خلال التوعية الدينية، والاسعانة بالصبر والصلاة والدعاء، وتابع: السحرة والساحرات لا يملكون لأنفسهم نفعاً ولا ضراً ولا يملكون موتاً ولا حياة ولا نشوراً.

قالت شاهندا شاور، خبيرة علاقات أسرية، فى الفترة الأخيرة لاحظنا كثرة اللجوء لأعمال السحر فى المنازل، وهنا يأتى السؤال: ماذا يحدث للأسر المصرية من تأثير هذا السحر عليها؟، فبالتأكيد السحر يؤدى إلى «خراب البيوت»، خاصة إذا كان من السحر الأسود، وهو من الموبقات ويعتبر من يمارسه كافراً شرعاً وذلك لما فيه من الأذى للناس..

 وعن طرق الوقابة من السحر تقول خبيرة العلاقات الأسرة إن العلاج يكمن فى الحفاظ على الصلوات على وقتها قدر الإمكان، وقراءة القرآن والحفاظ على أذكار الصباح والمساء والأذكار المفردة الأخرى مثل ذكر الخروج من البيت وذكر ما قبل الجماع وذكر الأكل والشرب وغيرها من الأذكار الصحيحة الواردة فى كتاب الله وسنة رسوله، ومجالسة الصالحين والبعد عن رفقاء السوء.

 

جريمة بلا عقاب

قال عصام محمود، الخبير القانونى، إنه لا يوجد فى القانون عقوبة واضحة لجريمة السحر والشعوذة،

ولكن هذه الممارسات تندرج تحت جريمة النصب طبقاً لنص المادة ٣٣٦ من قانون العقوبات المصرى، ويكون العقاب فيها الحبس لمدة ٣ سنوات مع الشغل والنفاذ، مؤكداً أن ذلك الأمر مختلف تماماً عما يفعله الشيوخ من الرقية الشرعية لمن يمسه الجن.

وأشار الخبير القانونى إلى أن ممارسة الشيوخ معالجة السيدات اللاتى يمسهن الجن، ترجع إلى أمرين إذا نجح الشيخ فى الرقية ولم تحرر السيدة المتعاملة مع الشيخ محضراً فلا توجد جريمة، ولكن إذا كان الشيخ يستغل مظهره وينصب على الناس لتحقيق الربح فهنا يتم تحرير محضر نصب من المجنى عليه ضد الشيخ، ويتم عقابه طبقاً لنص المادة ٣٣٦ من قانون العقوبات التى يصل فيها الحبس إلى ثلاث سنوات مع الشغل والنفاذ.

وأشار عصام محمود إلى أن الإشكالية الكبرى تكمن فى عدم أحقية الضحية أن يحرر محضر ضد الساحر أو المشعوذ لكونه يعد فاقد الأهلية حال تعرضه للسحر، وهنا يكون الحق الوحيد للشخص المتعامل مع الساحر بصفته أنه تم النصب عليه من الساحر أو المشعوذ، وأنه تحصل منه على أموال نظير أعمال قد أوهمه بها ولم تتحقق.

وأشار إلى أن هناك قصوراً فى القانون الجنائى المصرى الذى لم يتطرق لجرائم تدمر البيت والأسرة، بعكس القانون السورى والقانون المغربى وبعض قوانين الدول العربية التى تجرم على أعمال السحر والشعوذة وتعاقب عليها.

 

 

خبراء حذروا من دور الإعلام فى وقوع الضحايا

 

النساء والفتيات «صيد ثمين» فى سوق النصب والخرافات

 

 

عبر شاشات التليفزيون وصفحات التواصل الاجتماعى، حتى الملصقات الإعلانية على الحوائط بالشوارع والميادين، عبر كل هذه القنوات يرسل الدجالون والمشعوذون رسائلهم «الساحرة» إلى أهدافهم.. الذين يجدون فى نفوسهم حاجة لمن يهدى إليهم الحل الخارق لكل مشكلاتهم، فهذا «فارس الأحلام» لمن طال انتظارها قطار الزواج.

وعلى شاشات التلفاز عشرات الإعلانات عن السحر وفك الأعمال، وغيرها من جلب الحبيب، والأمر يزداد خطورة حينما نجد استضافة هؤلاء المشعوذين، ما يثير تساؤلاً مهماً هو ما خطورة الممارسات الإعلامية الخاطئة على الأسر؟ وتأثيرها خاصة على النساء والفتيات أكثر زبائن سوق الدجل.

قال الدكتور محمود علم الدين، أستاذ الصحافة والإعلام بجامعة القاهرة، إن المرأة هى المتسببة فى انتشار مثل هذه الهواجس المختلفة وخاصة أن فاعلية هذه البرامج ونجاحها من عدمه متوقفان على المتلقى نفسه، وكل فرد له ظروفه الخاصة مثل: امرأة تأخرت فى الزواج أو شخص لم يوفق فى عمله، يكون لديهما شغف لحل هذه المشاكل بأية طريقة حتى لو كان باستخدام الأعمال والدجل.

وأكد أستاذ الإعلام أن المرأة وحدها هى المتحكمة فى نجاح هذه البرامج أو فشلها من خلال مدى وعيها وثقافتها ومنهجها فى مواجهة المشكلات اليومية، فالبعض منهن يتبعن أسلوباً عملياً فى حل مشاكلهن، وغيرهن تستسلمن للمشعوذين.

وأشار «علم الدين» إلى أن على وسائل الإعلام دوراً مهماً فى محاربة مثل هذه الممارسات الخاطئة سواء من قبل المواطنين خاصة السيدات، أو لتوجه ضربة قوية للإعلام المعادى الذى يبث سمومه للمواطنين من خلال البرامج التثقيفية، مشيراً إلى أن هناك مؤسسات مسئولة مسئولية كاملة عن هذه الإعلانات مثل مؤسسة «أوفكوم» فى بريطانيا أو «اف ار سى يو» فى فرنسا، والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام فى مصر.

قالت هبة عيسوى، أستاذة الطب النفسى فى جامعة عين شمس، إن إيمان بعض السيدات بوجود السحر فى القرآن هو السبب فى انسياقهن وراء هذه الخرافات، واعتقادهن أن المشعوذين لديهم الحل الأمثل عن الطبيب النفسى الذى يعد فى حكم بعض المواطنين «عيباً وعاراً».  

وأضافت أن التفكير الخرافى بالجن والسحر ليس فى مصر فقط بل فى العالم العربى، وتعد السيدات هن الأكثر إقبالاً على المشعوذين، مشيرة إلى أن حال عزوف المواطنين سواء الرجال أو السيدات عن الذهاب للطبيب النفسى عليهم الاستعانة بالشيوخ المعترف بهم التابعين للأزهر الشريف ويقدمون الخير دون مقابل، ومن خلال الرقية الشرعية يتمكنون من صرف الجن إن وجد فى جسد الضحية.