عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مُحسن الخبز القاتل.. السم فى "لقمة عيش"

حالة من الرعب سادت بين عدد كبير من المواطنين بعدما حذرت وزارة التموين من استخدام برومات البوتاسيوم داخل المخابر لكونها مادة مسرطنة طبقا للمادة 5 من القانون رقم 281 لسنة 1994.

فما هى مادة البرومات البوتاسيوم؟، وهل بالفعل تستخدم داخل المخابز؟، وما هى الاحتياطات الواجب الأخذ بها قبل شراء أى منتج؟ سواء من مخابز العيش أو الفينو؟

برومات البوتاسيوم هى مركب كيميائى على شكل بلورات بيضاء تحتوى على نسبة عالية من البوتاسيوم إلا أنه بات يعرف كمادة مسرطنة من الدرجة الثانية.

وفى عام 1987 صنفت الوكالة الدولة للبحوث برومات البوتاسيوم بكونها مادة مسرطنة، كما حذرت من استخدامها منظمة الصحة العالمية عام 1993 لكونها مادة ضارة جدًا تصيب مستخدميها بسرطان البروستاتا والجهاز الهضمي.

وكان أول تسجيل براءة لبرومات البوتاسيوم عام 1914، وآنذاك كانت تستخدم كمادة مسحنة للخبز، فعند إضافته للدقيق يقوى العجين ويساعد على انتفاخه بطريقة سريعة.

«الوفد» أجرت جولة ميدانية على بعض مخابز العيش فى فيصل والدقي، ومحال تحضير الحلويات للتأكد من صحة هذه المعلومات من عدمه.

وكانت البداية مع كريم رمضان، أحد العاملين داخل مخبز للفينو والحلويات، والذى قال إنه مع حلول شهر رمضان تزداد نسبة المبيعات للمخبوزات من الفينو والحلويات.

وسألنا كريم: «سمعت عن تحذير وزارة التموين عن مادة برومات البوتاسيوم؟» فأنكر كريم معرفته بهذه المادة من الأساس، ولكن أثناء حديثه قاطعنا أحد العاملين قائلًا: «مش ده اللى بيستوردوه من بره؟».

وهنا انتابت كريم حالة من الارتباك بعد حديث العامل الآخر، ووجه له تحذيرا بطريقة الإشارة بالعين، ما جعل العامل يتوقف عن الحديث وعاد قائلًا: «منعرفش عنه حاجة.. ده غالبًا بيجبوه من بره مستورد لكن منعرفش تمنه كام ولا فايدته إيه؟».

واستكمل «كريم» حديثه قائلا: : «زى ما قال زميلى ده مستورد لكن منعرفش حاجه عنه، غير إنه ضار وسام كمان»، مشيرًا إلى أن أصحاب الأفران يخشون من استخدام المواد الغريبة عليهم مثل برومات البوتاسيوم.

وحول طريقة تحضير الباتية والذى يشوبه بعض علامات الاستفهام بشأن استخدام هذه المادة، قال كريم إن المواد الأساسية التى تستخدم هى البيض واللبن والزبدة والدقيق والخميرة الفورية، ولا نستخدم فيه أى مواد أخرى ضارة

ومن الدقى لمنطقة فيصل حيث استكملنا جولتنا الميدانية داخل المخابز والتقينا بأحد أصحاب المخابز، والذى رفض ذكر اسمه، وقال إن هذه المادة تباع فى الموسكى لدى بعض المحلات ولكن بشكل سرى بالاتفاق هاتفيًا بين صاحب المحل وصاحب المخبز، وغالبًا ما تكون من الأفران الخاصة بتجهيز الباتيه والحلويات وليس العيش البلدي.

كما أشار إلى أن عددا كبيرا من العطارين كانوا يبيعون هذه المادة من باب مساعدة أصحاب المخابز على سرعة انتاج المخبوزات، ولكن عندما علموا بمخاطرها امتنعوا عن بيعها، وأصبحت شبه معدومة داخل محلات العطارة.

وأكد عطية حماد، رئيس شعبة المخابز بالغرف التجارية، عدم استخدام مادة برومات البوتاسيوم فى إنتاج رغيف الخبز فى المخابز الحكومية، مشيرا إلى أن ما يستخدم فى انتاج رغيف الخبر «دقيق ومياه وخميرة وملح».

وأشار إلى أن مثل هذه المادة قد تكون مستخدمة فى المخابز الأفرنجية والتى لا تخضع للرقابة الحكومية، وحول إذا ما كانت هناك آلية للتحكم فى المخابز الأفرنجية التى قد تستخدم هذه المادة رد قائلًا: «ملناش دعوة بيها».

كما أكد أن جميع العاملين داخل مخابز العيش التابعة للحكومة لا يعلمون شيئًا من الأساس عن هذه المادة.

من ناحية أخرى أوضحت الدكتورة أمل محمد كمال الســفطى، أستاذ الطب المهنى والبيئى بكلية الطب بجامعة القاهرة، ومدير مركز السموم بالقصر العينى سابقا، إن بروميد البوتاسيوم عبارة عن مسحوق أبيض ناعم، يستخدم على نطاق واسع كمضاد للتشنج ومهدئ للصرع للكلاب منذ عام 1975 بالولايات المتحدة الأمريكية.

وأضافت: أن برومات البوتاسيوم مادة كيميائيّة سامة ومؤكسدة قوية جدًّا، تتميز بخواصها حيث إنها عديمة الرائحة، سريعة الذوبان فى الماء ولها طعم سكرى، ولم تحصل على موافقة من منظمة الغذاء والدواء الامريكية للاستعمال الآدمى.

وأشارت إلى أن ألمانيا تستخدم برومات البوتاسيوم كدواء مضاد للصرع للبشر أيضا، وخاصة الأطفال والمراهقون، ولكنه غالبا ما يكون مصحوبا ببعض الآثار الجانبية على الجهاز العصبى المركزى مثل النعاس والغثيان وفقدان جزئى فى الحساسية العصبية، وتابعت: قد يستخدم البعض مسحوق البوتاسيوم بروميد كإضافة للعجين فى مرحلة التخمر حتى تزيد من مرونته وانتفاخه وتقلّل من وقت نضجه.

وأكدت مدير مركز السموم أن استخدام هذه المادة السامة مجرم بمصر منذ منتصف شهر فبراير الماضي، وكانت وزارة التموين قد أصدرت قرارًا بحظر استخدام مادة برومات البوتاسيوم فى إنتاج المخبوزات، بسبب آثارها الصحية الضارة، وتضمَّن قرار الوزارة المنشور فى الجريدة الرسمية بتاريخ 13 مارس 2021 أنه يحظر على أصحاب المخابز السياحية والبلدية ومحال الحلوى استخدام مادة برومات البوتاسيوم فى إنتاج المعجنات والمخبوزات، وأن مَن يخالف القرار يُعاقب وفقًا لما نصت عليه المادة 5 من قانون رقم 281 لعام 1994، على أن يتم ضبط المادة وإعدامها.

ولذلك طالبت مدير مركز السموم بضرورة الرقابة على محلات العطارة، التى يمكن أن تروج هذه المادة فى اكياس لتحسين الخبيز، دون وجود اى معلومات واضحة عن مكونات هذه العبوات.

وحول آلية التعرف على الخبز الذى يحتوى هذه المادة السامة، قالت الدكتورة أمل أن هذا صعب للغاية، حيث إن هذه المادة بدون رائحة مميزة، ولكن يمكن للجهات الرقابية تحليل عينات من الدقيق او الخبز باستخدام مقياس الطيف الضوئي، وتابعت: لقد أثبتت الدراسات أن استخدامها يسبب أضرارا للجهاز العصبي، كما ثبت أنها قد تتسبب فى الإصابة بالسرطان، ولأنه من الصعب تطبيق الجرعات الآمنة منها، لذا فمن الأفضل حظرها تماما.

وحذرت رئيسة مركز السموم سابقًا من شراء مُحسنات الخبز من محلات العطارة، لعدم معرفة مكوناته خاصة وأنه لا يباع فى أكياس معبأه، مكتوب عليها أى بيانات، ولذلك فمن المحتمل وبشكل كبير احتواؤه على برومات البوتاسيوم دون علم أصحاب محلات العطارة أو العاملين فيه

هذا الحديث دفعنى إلى إعادة الجولة على محلات العطارة، وبسؤال أحد الباعة قال إن محسنات الخبز يقبل على شرائها السيدات، خاصة مع حلول شهر رمضان لإنتاج الكثير من المخبوزات فى أقل وقت ممكن

وسألت عددا من البائعين: ما هى مكونات هذه المحسنات؟ الغريب أنهم جميعا أكدوا أنهم لا يعلمون ما هى على وجه التحديد، ولكنها تشبه للخميرة الفورية، ولكنهم لا يعلمون شيئا عن مكوناتها الكيميائية.

وحول سعر البيع، أكدوا أنه يبدأ من 5 جنيهات، وعلى حسب الطلب، الأمر الذى يدق ناقوس الخطر لاحتمال دخول هذه السموم إلى المنازل

وطرح محرر «الوفد» فكرة شراء بعض الأجولة من صاحب محل عطارة للتأكد من مكوناتها من خلال الملصق أو البيانات التى يجب أن تكون موجودة عليه من الخارج، ولكننا لم نجد أى شيء مكتوب على الجوال، وهو ما أثار شكوكنا أكثر.

وبسؤال مديرة مركز السموم عن هذه الأجولة وعدم توضيح مكوناتها فى ملصق تجاري، أكدت أن ذلك كارثة صحية تهدد جميع المواطنين لإمكانية وصول هذه المادة السامة إليهم دون علمهم، وطالبت الجهات المختصة بشن حملات على العطارين لإلزامهم بوضع ملصقات بمكونات جميع الأجولة المتواجدة فى مخازن محلات العطارة.

 

حبس سنة للمخالفين ومطالبات بتغليظ العقوبة وتشديد الرقابة

قال محسن أبوضيف، الخبير القانونى والمحامى بالنقض والدستورية العليا، إنه حال ضبط أى صاحب مخبز يضع مادة برومات البوتاسيوم لانتاج الخبز، يدخل ضمن قانون الغش التجارى رقم 48 لسنة 1941 والمعدل بالقانون رقم 281 لسنة 1994، والذى ينص بمعاقبة صاحب المخبز بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تتجاوز عشرين ألف جنيه أو ما يعادل قيمة السلعة موضوع الجريمة أيهما أكبر أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من خدع أو شرع فى أن يخدع المتعاقد معه بأية طريقة من الطرق.

وأضاف الخبير القانونى أن قانون الغش التجارى حدد الحالات المنوط بها وهى ذاتية البضاعة إذا كان ما سلم منها غير ما تم التعاقد عليه، وحقيقة البضاعة أو طبيعتها أو صفاتها الجوهرية أو ما تحتويه من عناصر نافعة، وبوجه عام العناصر الداخلة فى تركيبها، ونوع البضاعة أو منشأها أو أصلها أو مصدرها فى الأحوال التى يعتبر فيها بموجب الاتفاق أو العرف النوع أو المنشأ أو الأصل أو المصدر المسند غشا إلى البضاعة سببا أساسيا فى التعاقد، وعدد البضاعة أو مقدارها أو مقاسها أو كيلها أو وزنها أو طاقتها أو عيارها.

وأكد «أبوضيف» أن هذه العقوبة غير كافية لمرتكب مثل هذه الجرائم لما لها من خطورة كبيرة على صحة المواطنين، مطالبًا الجهات المختصة بتغليظ العقوبة وتشديد الرقابة على المخابز الأفرنجية خاصة وأنها لن تخضع للرقابة الحكومية.

 

التموين تشن حملات على المخابز للتأكد من عدم استخدام المادة السامة

حملات مكثفة تشنها وزارة التموين هذه الأيام على المخابز الحكومية للتأكد من عدم استخدام مادة برومات البوتاسيوم، وتواصلت الوزارة مع أصحاب المخابز لتحذيرهم من اللجوء لهذه المادة الخطرة على صحة المواطنين.

وأكدت الوزارة فى بيانها بعد جولتها الميدانية على عدد من المخابز بأن شائعة استخدام برومات البوتاسيوم داخل المخابز الحكومية شائعة لا تمت بالواقع بشيء.

وأشارت الوزارة إلى أنها فى 11 فبراير الماضى حظرت وفقًا لقرار نُشر فى جريدة الوقائع المصرية استخدام مادة برومات البوتاسيوم فى المخبوزات والمعجنات، سواء الموجودة فى المخابز الأفرنجى أو محال الحلوى، وليس للخبز البلدى المُدعم أى علاقة بهذه المادة.