رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

صناعة الورق.. على حافة الانهيار

بوابة الوفد الإلكترونية

تعانى صناعة الورق فى مصر من مشكلات عديدة.. وأكبر المصانع فى مصر توقفت تمامًا عن الإنتاج مؤخرًا بسبب تراكم المخزون الذى لم يتم تصريفه وهما مصنعا قنا وإدفو.

معوقات عديدة تقف أمام الصناعة، أبرزها انخفاض أسعار الورق المستورد عن المحلى وبالتالى زيادة الاستيراد وتراكم مخزون المصانع المحلية، إضافة إلى زيادة أسعار الطاقة وخاصة الغاز الطبيعى والكهرباء مقارنة بالدول الأخرى التى نستورد منها، والضرائب المفروضة على خام الورق المستورد بكل أنواعه، فى حين يتم السماح للمستوردين بخصم ضريبة القيمة المضافة من الإقرار الضريبى ونقل تبعية الضريبة إلى المستهلك النهائى..

كل هذه المشكلات وغيرها دفعت أصحاب الصناعة لمطالبة الحكومة بضرورة التدخل العاجل لإنقاذ صناعة الورق من الانهيار، وإصدار عدد من القرارات السريعة التى تسهم فى حل الأزمة، منها إلزام الجهات الحكومية بالاعتماد على الورق المحلى فى المناقصات التى تطرحها، خاصة أن جودة المحلى لا تقل عن المستورد.

فى هذا الملف ترصد «الوفد» أبرز المشكلات التى تعانى منها صناعة الورق، وأسبابها، والحلول الممكنة، فضلًا عن تأثير التحول الرقمى والتكنولوجى على الصناعة التى يمتد تاريخها لآلاف السنين.

 

8 معوقات.. فى طريق الصناعات الورقية

تعانى صناعة الورق والكرتون فى مصر من عدة مشكلات تهدد استمرار هذه الصناعة المهمة التى يمتد تاريخها إلى آلاف السنين، وهو ما رصدته شعبة الورق باتحاد الصناعات فى تقرير لها، كشفت فيه عن أبرز 8 معوقات تواجه الصناعة ومقترحات حلها.

وتتمثل المعوقات فى أن معظم المصانع لا تعمل بالطاقة الكاملة لعدم قدرتها على منافسة الواردات، ما أدى إلى تكدس كبير بالمخزون من هذه المنتجات الورقية، وأصبحت هذه المصانع فى طريقها للتوقف، ولحل هذه المشكلة اقترحت الشعبة ضرورة دراسة الموقف تمهيدا لإصدار قرار بفرض رسم مؤقت على السلع الواردة لمدة عام للوقاية من ضرر الخسائر لصناعة الورق والكرتون وحماية الاستثمارات فى هذا القطاع الصناعى الهام.

ويقضى الاقتراح بأن يكون رسم الوارد على الورق المقوى متعدد الطبقات «كرتون دوبلكس» بقيمة 3000 آلاف جنيه للطن، ومثلها لورق الـ«كرافت لاينر» و1500 جنيه لورق «تست لاينر» للطن، وألف جنيه «فلوتنج».

كما طالبت بالنظر فى قيام المصانع والمطابع باستيراد خامات ورق كتابة وطباعة وصحف بكميات مفتوحة، وإنما يتم الاستيراد طبقًا لاحتياجاتها طبقًا للطاقات الإنتاجية بالسجل الصناعى للحد من عمليات الاتجار فى جزء من الخامات واستخدام أجزاء من المستورد فى عمليات التصنيع، علمًا بأنها معفاة من ضريبة القيمة المضافة وتحول بعض هذه المصانع إلى الاتجار فى الورق المستورد بكل أنواعه بدلًا من التصنيع، حيث إن ما يتم تداوله بعد الاستيراد يفرض على السوق المحلية من حيث المقاسات والمواصفات.

ويتمثل المعوق الثانى فى استيراد ورق الصحف لغير المؤسسات الصحفية واستعماله فى التغليف، ما أثر على المصانع المنتجة لورق التغليف وعدم قدرتها على الإنتاج المحلى، ولحل هذه المشكلة اقترحت شعبة الورق قصر استيراد ورق الصحف على المؤسسات الصحفية أو وكلائها طبقًا للاحتياجات الفعلية لها، وحظر استيراد ورق الصحف من الرواكد والمقاسات غير الطبيعية التى لا تباع بالخارج.

أما المعوق الثالث فهو أنه يتم حاليًا فرض ضريبة قيمة مضافة على المنتجات الورقية المستوردة من الخارج والسماح للمستوردين بخصم ضريبة القيمة المضافة من الإقرار الضريبى ونقل تبعية الضريبة إلى المستهلك النهائى وأيضاً زيادة المستورد وتطبيق القيمة المضافة وعدم خصمها وكذلك زيادة كمية المستورد بنسبة 35% وانخفاض أسعارها بنسبة 30%، ما أدى إلى منافسة شرسة وغير طبيعية مع المنتج المحلى.

واقترح التقرير الاستمرار فى فرض ضريبة القيمة المضافة على المنتجات الورقية المستوردة من الخارج مع عدم السماح بقابلية خصم هذه الضريبة من الإقرار المقدم من المستورد وذلك لزيادة تكلفة المستورد، وبالتالى ارتفاع سعر المستورد فى السوق المحلية واتجاه الطلب إلى المنتجات المحلية، كما أن المطابع والمصانع يتم قصر استيرادها على احتياجاتها طبقًا لطاقتها الإنتاجية بالسجل الصناعى وليس لغرض الاتجار، فضلًا عن عدم خصم ضريبة القيمة المضافة من المستورد لورق الكتابة والصحف وإضافتها إلى ثمن المستورد لإعطاء الفرصة للإنتاج المحلى.

ويتمثل المعوق الرابع، فى أن خام الورق المستورد (اللب) بكافة أنواعه يتم استيراده بإضافة 14% قيمة مضافة رغم إعفاء المنتج النهائى المستورد من ضريبة القيمة المضافة ما يسبب زيادة السعر المحلى بهذه القيمة، ولمواجهة هذا الأمر طالب التقرير بإعفاء عجائن الورق (اللب) بجميع أنواعها من ضريبة القيمة المضافة.

وتشمل المعوقات، عدم توافر الكميات المطلوبة للصناعة المحلية من دشت الورق لزيادة عدد المصانع وقيام تجار الدشت برفع أسعاره نتيجة لندرته، ولذلك من الممكن تكليف الهيئة الرسمية المنوط بها استيراد مجمع لاحتياجات الدولة أسوة بالأدوية والاستعانة بخبرة اتحاد الصناعات لتحديد المطلوب، ما يؤدى إلى خفض أسعار الخامات المحلية وتوفير الكميات المطلوبة لتشغيل المصانع بالطاقة الكاملة، والأهم رفع جودة الخامات الداخلة فى الإنتاج ما يؤدى إلى رفع جودة المنتج النهائى لأن الخامات المستوردة أجود من الخامات المحلية.

ويعد عدم قيام الهيئة العامة للتنمية الصناعية بوضع محددات واشتراطات واحتياجات الدولة من جميع أنواع الصناعة من ضمن المعوقات أيضاً، لأنه أدى إلى زيادة المنتج فى بعض الأنواع وعجزه فى أنواع أخرى، واقترح التقرير تفعيل دور الهيئة العامة للتنمية الصناعية فى تحديد احتياجات الدولة من كل صناعة وخاصة أنواع الورق المختلفة.

ونظرًا للظروف الحالية لجائحة كورونا فقد توقفت المصانع العاملة فى قطاع صناعة الورق والكرتون توقفًا كليًا أو جزئيًا ما أدى إلى تعثرهم وعدم سداد فواتير الكهرباء، وقامت شركات توزيع الكهرباء بقطع التيار عن بعض هذه المصانع، ولحل هذه المشكلة، تم الاقتراح بإعادة التقسيط للمديونيات على عامين بدون احتساب فؤاد للتأخير، وعدم المطالبة بسداد القسط الثابت الشهرى للمصانع المقطوع عنها الكهرباء.

ويشمل المعوق الأخير الذى رصده التقرير، إلغاء الاستثناءات لبعض المناطق الحرة من رسم الصادر المفروض على الدشت حسب القرار الوزارى رقم 1104 لسنة 2018، ما يؤثر سلبا فى حالة عدم تداركه على حجم الدشت المتاح محليًا والاحتياج للتوسع فى استيراد البديل بالعملة الصعبة، وكان الاقتراح بعدم استثناء بعض المناطق الحرة الخاصة من رسم الصادر على الدشت وهو حوالى 3600 جنيه ما يحرم مصانع الورق المحلية من استعمال هذه الكميات الجيدة كما وكيفا.

من جانبه، قال عمرو خضر، رئيس شعبة الورق والكرتون بالغرفة التجارية بالقاهرة، إن مصانع الورق العالمية أثناء جائحة كورونا قررت تخفيض الأسعار بنسبة تتراوح بين 30 و40%، وأصبحت الأسعار العالمية أقل من المحلية، وبالتالى لجأ التجار المحليين إلى الاستيراد من الخارج بكثرة، وأصبح المخزون من الإنتاج كبيرًا جدًا فى المصانع المحلية، مدللًا على ذلك بمصنع إدفو للورق الذى يكاد يكون توقف عن الإنتاج.

ولذلك طالب رئيس شعبة الورق، الدولة بضرورة التدخل من خلال إصدار الحكومة قرارًا يقضى باعتماد كل الجهات الحكومية والصحفية فى مناقصاتها على الورق المحلى بدلًا من المستورد، خاصة أن المحلى لا يقل جودة عن المستورد، مضيفًا، «الدولة لازم تتدخل لأن المصانع بتخسر وآلاف العمال معرضين للتشريد، علشان الموضوع بقى حياة أو موت بالنسبة للجميع».

وأوضح «خضر»، أن قانون التعاقدات الحكومية رقم ١٨٢ لسنة ٢٠١٨ ينص على أنه إذا كان الفرق فى السعر بين المستورد والمحلى فى حدود ١٥٪، فلابد للهيئات الحكومية أن تشترى المحلى.

 

50 مليار جنيه و55 ألف عامل.. فى مهب الريح

صناعة الورق فى مصر تؤدى دورًا محوريًا فى المجتمع ولا غنى عنها، فضلًا عن أن استثماراتها تقدر بـ50 مليار جنيه، وعدد العاملين بها يزيد على 55 ألف عامل.

ولذلك فالحفاظ على هذه الصناعة مطلب عاجل وضرورى يجب على الدولة النظر فيه والعمل على حل مشكلاتها، خاصة أنها ليست معقدة أو صعبة التنفيذ، فصناعة الورق تكاد تكون محلية الصنع تمامًا لأننا نعتمد على مكونات محلية فيها بنسبة 85%، واستراتيجية الحكومة حاليًا تسعى إلى توطين الصناعات فى مصر.

50 مليار جنيه هى استثمارات صناعة الورق فى مصر، ويعمل بها نحو 55 ألف عامل منهم 20 ألف عمالة مؤقتة، وفقًا لتقرير صادر عن شعبة الورق باتحاد الصناعات، الذى أشار إلى أن قيمة الضريبة المضافة على الورق عام 2018 بلغت 1.8 مليار جنيه، أى أن صناعة الورق أفادت الخزانة العامة للدولة بهذا المبلغ الكبير.

وأشارت الشعبة إلى أن الحفاظ على الصناعة المحلية، يحافظ على الاستثمارات القائمة فعليًا والمقدرة بحوالى 50 مليار جنيه والعمل على زيادتها مستقبلًا، وحماية الصناعة المحلية الأصلية والمغذية لها من الهجمة الشرسة التى تتعرض لها البلاد من مصانع الدول الأجنبية وخصوصًا تركيا، وحفاظًا على الميزان التجارى، خاصة أنها صناعة ذات مكون محلى يصل إلى 85، إضافة إلى الحفاظ على التأثير البيئى الإيجابى كصناعة صديقة للبيئة باستخدام وتدوير المخلفات الورقية والكرتونية والمقدرة بحوالى 2 مليون طن مخلفات متاحة سنويًا قد تكلف الدولة 2 مليار جنيه للتخلص الآمن منها، والمحافظة على إنجازات معدلات النمو الحالية التى وصلت لها الحكومة».

عدد مصانع ورق الكتابة والطباعة فى مصر يبلغ 4 مصانع «الدورة المتكاملة»، وهى التى تبدأ فى تصنيع الورق من مولاس القصب حتى يصبح منتجًا نهائيًا، وهى مصانع «راكتا»، و«الأهلية»، و«إدفو»، و«قنا»، بمتوسط تكلفة مليار جنيه للمصنع الواحد، توفر نحو 60% من احتياجات السوق المحلى إذا تم تشغيلها بكامل طاقتها الإنتاجية، وفقا لبيانات غرفة الصناعات الكيماوية.

فيما يبلغ عدد المصانع المنتجة بما فيها الكرتون المضلع 522 مصنعًا، وفقًا لشعبة الورق.

ويبلغ الإنتاج السنوى لمصانع ورق الكتابة والطباعة ما بين٢٠٠ و٢٣٠ ألف طن، حيث ينتج مصنع قنا للورق 120 ألف طن، ومصر إدفو 60 ألف طن، وحورس 20 ألف طن، وشوتميد 12 ألف طن، والبدر 15 ألف طن، ونفرتيتى 12 ألف طن.

وتستهلك مصر نحو ٥٠٠ ألف طن ورق كتابة وطباعة سنويًا تستورد أكثر من نصفها، تشمل ورق الكتاب المدرسى والكشكول والبلوك نوت.

فى حين، قال أحمد جابر وكيل المجلس التصديرى للطباعة والتغليف والورق والكتب والمصنفات الفنية، إن صادرات القطاع بلغت حتى شهر نوفمبر من 2020 نحو 509 ملايين دولار فى تراجع طفيف بنحو 8% مقارنة بنفس الفترة من العام السابق عليه التى بلغت 549 مليون دولار.

وتركزت حصيلة الصادرات فى أكبر 10 دول تستحوذ على المنتجات المصرية من القطاع ويأتى فى مقدمتها بريطانيا وشمال أيرلندا التى بلغت قيمة الصادرات إليها 54 مليون دولار.

وأضاف «جابر»، أن كينيا احتلت المركز الثانى من قائمة أهم الدول التى نصدر إليها بنحو 42 مليون دولار، والمملكة العربية السعودية احتلت المركز الثالث بقيمة 41 مليون دولار، والسودان 39 مليون دولار، والولايات المتحدة الأمريكية بقيمة 37 مليون دولار، إضافة إلى ليبيا 32 مليون دولار، وإيطاليا 26 مليون دولار، ويأتى فى نهاية القائمة المغرب 22 مليون دولار، ولبنان 29 مليون دولار.

وأوضح وكيل المجلس التصديرى، أن أبرز المنتجات والسلع التى تم تصديرها ورق التغليف، والورق المقوى، والكرتون، وورق التواليت، ودفاتر وكشاكيل، إضافة إلى كتب وأكياس تعبئة وتغليف.

وأشار «جابر»، إلى أن المجلس سيقوم بإرسال بيان بكافة المنتجات والسلع التى ينتجها قطاع الطباعة والتغليف والورق فى مصر إلى مكتب التمثيل التجارى بألمانيا لعرضها على السوق الألمانى والدخول بهذه المنتجات فى المناقصات التى تبرمها الدول الأوروبية لصالح ألمانيا فى هذا القطاع، موضحًا أن البيانات لن تقتصر على عدد الشركات المسجلة بالمجلس التى تقارب الـ70 شركة، ولكن ستشمل استثمارات كل الشركات فى القطاع فى السوق المصرية للاستفادة من نفاذ المنتج المصرى إلى السوق الأوروبى وتحقيق أعلى معدلات من التصدير.

كما خاطب المجلس مكتب التمثيل التجارى المصرى فى السعودية لبحث زيادة الصادرات المصرية إلى السوق السعودى، خاصة بعد عقد بروتوكول تعاون مع الشركة السعودية التى تمنح شهاداة الجودة اللازمة لنفاذ المنتج المصرى إلى هناك.

ولفت إلى أن المجلس سيقوم بأول بعثة تجارية إلى تنزانيا منتصف مارس لبحث زيادة الصادرات والتعرف على أهم الفرص المتاحة للسلع المصرية هناك.

 

تكنولوجيا التحول الرقمى.. ضربة قاتلة للمصانع

 

أكد خبراء وصناع الورق فى مصر، أن خطوات الحكومة للتحول نحو المجتمع الرقمى خلال السنوات القليلة الأخيرة مع تناقص توزيع الصحف الورقية، وزيادة الاعتماد على الوسائل التكنولوجية الحديثة، أدى إلى تأثير سلبى كبير على صناعة الورق وضرب المصانع فى مقتل.

وقال الخبراء، إن عددًا من المصانع الرئيسية للورق توقفت عن الإنتاج مؤخرًا بسبب تراكم المخزون لديها من الإنتاج الذى لم يتم تصريفه، كما تكبدت المصانع الكبيرة خسائر فادحة بسبب هذا التوقف، ما يهدد صناعة كبرى بالانهيار والتوقف تمامًا إذا لم تتدارك الحكومة الموقف وتبحث عن حلول للمشكلات التى تمر بها الصناعة حاليا.

من جانبه، قال المهندس محمد عبدالله، رئيس مجلس إدارة شركة إدفو للورق، إن التحول الرقمى فى المجتمع كان له تأثير كبير على ورق الكتابة والطباعة وورق الصحف.

وأضاف «عبدالله»، أن أبرز دليل على ذلك هو أن استهلاك ورق الكتابة والطباعة انخفض من ٦٥٠ ألف طن عام ٢٠١٤ إلى ٤٥٠ ألف عام ٢٠١٨، كما انخفض استهلاك ورق الصحف من ٩٠ ألف طن عام ٢٠١٤ إلى ٣٩ ألفًا عام ٢٠١٨.

وأوضح رئيس شركة إدفو للورق، أنه لمواجهة هذا الأمر يجرى الآن تطوير شركة راكتا لتعمل بالمخلفات الزراعية (جريد النخيل وتقليم الأشجار)، حيث يتم التطبيق العملى لرسالة دكتوراه سجلت فى كلية الهندسة جامعة المنيا خاصة بهذا الوضع.

وأشار إلى أن إنتاج مصر من الورق لا يتجاوز ٤٥% من الاستهلاك، كما أننا لا ننتج ورق الصحف رغم قدرتنا على ذلك، وتم إجراء تجربة بمصانع إدفو لإنتاج ورق الصحف وهناك تقارير من المؤسسات

الصحفية الأربع الكبرى تفيد بنجاح التجربة.

ولفت رئيس شركة إدفو، إلى أن مصانع الورق متوقفة عن العمل منذ شهر مارس ٢٠١٩ حتى الآن بسبب تراكم المخزون لديها، إلا أننا نعد حاليًا لتشغيل مصنع إدفو لإنتاج ورق «كرافت» الذى يتم استخدامه فى الكرتون والشنط، بمعاونة الشركة القابضة للصناعات الغذائية وشركة السكر، التى ستقدم يد العون فى توفير السيولة اللازمة لتشغيل المصنع قريبًا.

وتابع، «من أسباب انهيار صناعة الورق زيادة تكلفة الورق المحلى بسبب ارتفاع سعر الطاقة، لأن سعر المليون وحدة حرارية من الغاز يساوى 4.5 دولار، بينما السعر خارجيًا لا يتعدى 2.5 دولار، وكذلك انخفاض سعر المادة الخام التى تعتمد على الأشجار فى الخارج، وفتح باب الاستيراد على مصراعيه».

وأوضح «عبدالله»، أن هناك أوقاتًا فى صناعة الورق العالمية يتم فيها انخفاض الأسعار بطريقة جنونية، ومؤخرًا خفضت المصانع الأسعار من ١٩ ألف جنيه لطن ورق الكتابة والطباعة إلى ١٢ ألفًا حاليًا أو أقل، وذلك بغرض القضاء على الصناعة المحلية ثم يقوم المصدرون بعدها برفع الأسعار مرة أخرى.

وللتوسع وزيادة الاستثمارات فى صناعة الورق محليًا، أشار رئيس شركة إدفو إلى أن مصر لديها خامات زراعية تجعلها من ضمن الدول المصدرة للورق، وقد أجريت تجارب على المستوى الصناعى بمصانع إدفو حول إمكانية استخدام بوص الذرة الرفيعة والشامية فى إنتاج الورق.

وتابع، «كذلك هناك أبحاث علمية ومعملية تم التأكيد عليها من المعاهد الخارجية تفيد بأن جريد النخيل ومخلفات تقليم الأشجار التى تسبب مشكلات بيئية فى كيفية التخلص منها، من الممكن استخدامها فى صناعة الورق».

وقال محمد الشارونى، رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة قنا للورق، إن التحول الرقمى والتكنولوجى أثر سلبًا على احتياجات واستهلاك السوق المصرى من الورق.

وأضاف «الشارونى»، أن التأثير الأكبر كان على ورق الطباعة، خاصة وأن المنتج يستخدم فى الغالب لطباعة الكتب المدرسية والجامعية، مشيرًا إلى أنه يكفى القول إن وزارة التربية والتعليم طرحت مناقصة توريد الكتاب المدرسى عام 2020 بكميات أقل من الأعوام السابقة بنسبة تصل إلى 70%، ما أثر على مبيعات وإنتاج الشركات المحلية.

وأوضح رئيس شركة قنا، أن جائحة كورونا أثرت بالسلب على متطلبات العملية التعليمية والاعتماد كليًا على وسائل الاتصال الإلكترونية فيها، كما أثرت الإجراءات الاحترازية على عملية طباعة الكشكول والكراس الخاص بتلك العملية، مشيرًا إلى أن شركة قنا تنتج 30% من حجم إنتاج الكشكول سنويا.

وأكد «الشارونى»، أن استمرار هذا الوضع سيؤدى إلى توقف المصانع تمامًا عن الإنتاج وإهدار استثمارات بمليارات الجنيهات وتشريد آلاف العمال.

ولفت إلى أن شركة قنا أنتجت خلال 2020 نحو 24 ألف طن رغم أن طاقتها الإنتاجية الفعلية تزيد على 95 ألف طن، وذلك نتيجة لتوقف المصنع عن الإنتاج لمدة 9 أشهر، ما كان له أثر سلبي على نتائج أعمال الشركة، حيث حققت خسائر تصل إلى 190 مليون جنيه خلال العام الماضى.

وقال عمرو خضر، رئيس شعبة الورق، إن مصر تستورد ورق الصحف بالكامل من الخارج عن طريق مناقصة تديرها لجنة تسمى «لجنة مشتريات ورق الجرائد والمجلات» ومقرها مبنى الإذاعة والتليفزيون، وتابعة للمجلس الأعلى للإعلام حاليا.

وأضاف «خضر»، أن اللجنة تضم فى عضويتها مندوبين عن دور الصحف القومية (الأهرام والأخبار والجمهورية ودار الهلال والمعارف)، وتعلن عن مناقصة أو مناقصتين فى السنة لوكلاء المصانع الخارجية لشراء ورق الجرائد والمجلات.

وأوضح رئيس شعبة الورق، أن كمية «ورق الجرايد والمجلات» المستورد تقل كل سنة عن الأخرى مع تراجع توزيع الصحف الورقية، مشيرا إلى أن كمياتها كانت منذ ١٠ سنوات تبلغ نحو ١٠٠ ألف طن، وتراجعت حاليًا لتتراوح بين ٢٠ و٢٥ ألف طن.

ولفت إلى أن اتجاه الدولة إلى التعليم الإلكترونى فى السنوات الأخيرة أدى إلى انخفاض الكميات المطبوعة من الكتب المدرسية سنة تلو الأخرى، مشيرًا إلى أن المطابع أصبحت تطلب كميات أقل بنسب تتراوح بين 50 و70% من الورق التى كانت تستخدمها فى الماضى، ما أدى إلى زيادة خسائر ومشكلات المصانع، وبلغ عدد الشركات المستوردة لورق الصحف عام ٢٠١٧ نحو ٤٥ شركة، منها ٦ شركات مستورة فقط تابعة لدور الصحف.

 

تاريخ عريق.. يدخل مرحلة الاحتضار

الورق صناعة مرت بعدة مراحل حتى وصلت إلى شكلها الحالى، فتاريخ الورق يعود إلى عصر القدماء المصريين منذ آلاف السنين، حينما استخدموا ورق البردى فى الكتابة، ثم تطور شكل وصناعة الورق بفضل الصينيين الذين أنتجوا مادة الورق كما نعرفها الآن.

قبل نحو 5 آلاف عام من الآن، عرف المصريون القدماء الورق، حيث يعتبرون أول من استخدم مادة صالحة للكتابة، مع سهولة الحصول على هذه المادة بثمن فى متناول الأيدى وهى ورق البردى، وكان ذلك من أعظم الاختراعات فى تاريخ البشرية.

فقد صنع المصريون القدماء الورق من سيقان نبات البردى، وحل مكان الكتب الحجرية والطينية التى كان يستخدمها السومريون، حيث كان البردى أوفر ثمنًا وأيسر تصنيعًا إذ كان ينمو بكثرة فى مستنقعات الدلتا، وظل البردى مستخدمًا فى الكتابة فى منطقة البحر الأبيض المتوسط حتى القرن الحادى عشر الميلادى.

أما الورق المعروف حاليًا، فيرجع الفضل فى اختراعه إلى الصينيين، ففى عام 105م صنع الصينى «تسى آى لون» ورقًا من لحاء الشجر وشباك الأسماك، وبعدها توصل الصينيون إلى صنع الورق من عجائن لباب الأشجار، فحلت بذلك مكان الحرير غالى الثمن، والغاب ثقيل الوزن اللذين قنع بهما الصينيون زمنًا طويلًا.

وبعد ذلك طور الصينيون هذه الصناعة باستخدام مادة ماسكة من الغراء أو الجيلاتين مخلوطة بعجينة نشوية ليقووا بها الألياف ويجعلوا الورق سريع الامتصاص للحبر.

وقد ظلت صناعة الورق سرًا عظيمًا لا يعرفه سوى الصينين لأكثر من 600 عام، حينما انتصر زياد بن صالح والى سمرقند العربى على «اخشيد فرغانة» الذى كان يناصره ملك الصين، وتم أسر طائفة من المحاربين الصينيين كان من ضمنهم من يجيد صناعة الورق وبذلك تسرب سر عزيز وغال من أسرار الدولة الصينية.

وقد طور المسلمون هذه الصناعة مع مضى الزمن، واستعملوا فى صناعة الورق الكتان والقطن بدلًا من ألياف النباتات ما نتج عن ذلك ورق أبيض ثقيل وجميل.

وحين عرف العرب أسرار صناعة الورق الصينى بعد فتح سمرقند عام 93هـ / 712 م، تأسس أول مصنع للورق فى بغداد عام 178هـ / 794 م، فى عصر هارون الرشيد، ثم انتشرت صناعة الورق بسرعة فائقة فى كل أنحاء العالم الإسلامى، فدخلت سوريا ومصر وشمال أفريقيا وإسبانيا أو ما كانت تسمى بالأندلس.

وتشير بعض المصادر التاريخية إلى أن أقدم مخطوط عربى كتب على ورق وصل إلينا هو كتاب (غريب الحديث) المنسوخ عام 866 م، فى حين أن أولى الوثائق الأوروبية المكتوبة على الورق كانت عبارة عن عقد للملك روجر الصقلى ملك صقلية عام 1102 م، وآخر كتبته زوجته باليونانية والعربية.

ظلت صناعة الورق فى تطور خاصة بعد اختراع الطباعة، وبدأ معها الاهتمام بأنواع الورق المختلفة، وبدأت التكنولوجيا الحديثة تقوم بدورها فى تلك الصناعة، إلى أن أصبح الأمر الآن أكبر بكثير من مجرد أوراق للطباعة وأخرى للتغليف، وإنما أصبحت هناك أشكال وأنواع كل يؤدى دورًا مختلفًا على حسب المصدر الأول لاستخراجه.

فهناك الورق المأخوذ من الأشجار الإبرية، التى توجد عادة فى المناطق الشمالية الباردة من أوروبا، وهناك أوراق تشبع بألياف السليلوز لكى تأخذ ملمس القماش ورونقه، أو لأنها تعطى مواصفات جيدة عند الطبع عليها واستخدام الأحبار المناسبة، ويكون مصدرها الأساسى القطن (ورق قطني) وأشجار الأرز ومصاصة القصب.

لم يقتصر الأمر على طرق وأنواع الورق، وإنما أصبحت هناك مواصفات أخرى أكثر دقة وتعقيدًا، فنجد أجهزة خاصة لقياس لمعان سطح الورق، وجهاز لقياس قوة ومتانة شد الورق الذى يستخدم فى عمليات التغليف وأيضاً نسبة الحموضة والقلوية.

وظلت صناعة الورق تقليدية لفترة طويلة حتى جاء عام 1803 الذى شهد تشغيل أول ماكينة ورق آلية تم تثبيتها فى مطحنة فروجمور، أبسلى، هيرتفوردشاير فى إنجلترا، ثم ماكينة أخرى فى عام 1804، وهذه المواقع حاليًا متاحف.

وحول طريقة ومراحل تصنيع الورق الآن فهى متعددة، إلا أن 90% من الأوراق المصنوعة حاليًا مصنوعة من لب الأخشاب للأشجار الصنوبرية اللينة مثل شجرة التنوب أو الصنوبر.

وتمر عملية صناعة الورق بمرحلتين، الأولى مرحلة معالجة المواد الخام، وتشمل «تحويل رقائق الخشب الطويلة إلى لب الخشب، غسيل وتبيض وتكرير وضرب وتحجيم وتلوين الألياف، تبييض الأوراق باستخدام الأكسجين بدلًا من تبيضها باستخدام الكلور، لأن الكلور يضر البيئة، ثم تحسين جودة اللب عن طريق استخدام آلة تسمى بالمصفاة المخروطية».

أما المرحلة الثانية فهى إدخال اللب إلى آلة صناعة الورق، ويطلق عليها «فوردينير fourdrinier»، وتتم عن طريق إدخال الأوراق إلى آلة فوردينير لتقوم بصناعة الأوراق، ثم استخدام آلة الشفط لتقليل محتوى الأوراق من الرطوبة، والتجفيف باستخدام المجفف الاسطوانى والذى يقوم بجعل الأورق تمر على سلسلة براميل مصنوعة من فولاذ مقاوم للصدأ بدرجة حرارة 93 سيليسيوس لضمان احتواء الورقة على ما يقارب 4-5% من الرطوبة فقط.