رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

"الإخوان" تريد إصلاح مكتب الإرشاد


تخطيء قيادات جماعة الإخوان حينما تصور لنفسها أو لقواعدها أن الأمور على أكمل وجه ، وأنه ليس في الإمكان أبدع مما كان، وتخدير الصف بلغة "الجماعة تسير بمعية الله" ، و"أن إخوانكم قد أوتوا الحكمة" ، مع فرض الوصاية بشتى صورها تحت بندي "الثقة" ، و"الطاعة".

ويبدو أن رياح الثورة لم تصل بعد إلى قيادات مكتب الإرشاد، أو بشكل أدق ربما تواجه معوقات تحاول الالتفاف حول مطالب جدية بإصلاح لوائح الجماعة، وحسم ملف المصالحات الداخلية، وشكل الحزب المطروح على الساحة، وتركيبة مكتب الإرشاد، وتغييب مجلس شورى الجماعة، وتصنيع آلة إعلامية للجماعة تستطيع مواكبة تحديات المرحلة.

الملفات حساسة، والآمال المعقودة على نائب المرشد المهندس خيرت الشاطر، ليست كافية، وربما لن تصبو إلى ما تريد، في ظل معوقات أظن - وليس كل الظن إثم- أنها ستواجه الشاطر، وربما يحول البعض دون إنجاح عملية الإصلاح التي يتبناها، والتي تحظى بزخم إخواني بعدما أسند إليه رسميا ملف تطوير الجماعة.

أزمة عمرية

تركيبة عمرية بمكتب الإرشاد تجاوزت الستين والسبعين، - ومنهم من هو على أعتاب الثمانين- ، فيما لا يتجاوز الحديث عن دور الشباب التصريحات الإعلامية، والعبارات الفضفاضة، وهو وضع لن يمكن أصحابه من مواكبة التحديات المطروحة، ومطالب الشباب التي بدأت تكشف عن هوة بين جيل له طريقته في التفكير وكيفية إنجاز الأمور، وآخر يرتدي "بعضه" ثوب الحكمة، في مواجهة ما يصفه بـ"طيش وحماسة الشباب".

في هذا الشأن، يبدو أن هناك إشكالية إخوانية تتعلق بتعريف مرحلة الشباب وتحديد الفترة العمرية الخاصة بها، إذ إن مرئيات بعض قيادات الجماعة توحي أن من هم فوق الخمسين والستين هم جيل الشباب في الجماعة، وهو ما يعني أن من هم في سن الأربعينات والثلاثينات ليسوا من الشباب بل هم في عداد فترة المراهقة أو الطفولة!!.

ملف المصالحة

الكثير من اللغط والجدل يخيم على أوساط الجماعة فيما يتعلق بأزمة الاستقالات، ومدى حقيقة موقف القيادي البارز الدكتور عبدالمنعم أبو الفتوح، والدكتور إبراهيم الزعفراني، وآخرين، ومن قبلهم الدكتور محمد حبيب النائب الأول للمرشد السابق.

وتتعامل الجماعة مع الصخب الدائر تارة ببيانات التكذيب أو التجاهل، وتارة بالتحذير من مؤامرات ضد الجماعة، مع الأخذ في الاعتبار أن لغة التخوين والعمالة جاهزة لمن ينقب في هذا الملف، دون محاولة جادة لإماطة اللثام عن الحقيقة، أو مصارحة الشارع الإخواني والمصري بتطورات الموقف.

الملفت أن رسائل الغمز واللمز والطعن في النوايا تنال من المشار إليهم، ويتم تصديرها للصف حينما تتعرض قيادات الجماعة لتساؤلات محرجة حول موقف حبيب وأبوالفتوح، مع التهوين المخجل من تأثيرهما، وأن الجماعة لا تعتمد على أحد، وهي لغة تفتقر الوعي السياسي، و"الحكمة" عند التعامل مع ملف تخسر الجماعة كثيرا إذا ظل مفتوحا على مصراعيه أمام مزيد من الاستقالات وربما انشقاقات أخرى، في حين ستربح الكثير إذا أوصدت أبوابه بمصالحة جدية.

مؤتمر شبابي

مؤتمر شباب الإخوان الذي رفضت الجماعة التعاطي معه مؤخرا، واعتبرته خروجا عليها، ووصل الأمر إلى تخوين الحضور، حمل رؤى وأطروحات جديرة بالبحث والدراسة، وليس من المستساغ أن يحاط البعض من قيادات الجماعة بهالة من القدسية يصعب معها توجيه النقد إليهم، أو الاختلاف معهم.

أستعيد ما قاله عضو مكتب الإرشاد الدكتور عصام العريان على هامش الأزمة الشهيرة التي تعلقت بتصعيده لعضوية مكتب الإرشاد :"الأيام الماضية كشفت عن عوار في بعض اللوائح وفي بعض النفوس"، وهو توصيف رغم صراحته ودقته، فإن الأدراج كانت مصيره، ويبدو أن صاحبه يتعرض لضغوط ، أو إذا جاز الوصف تحت السيطرة (Under Control) ، فالعريان بعد عضوية مكتب الإرشاد - بحسب منتمين من الإخوان- ليس هو قبل تصعيده لعضوية المكتب.

ربما القول بأن تقليم أظافر الإصلاحيين داخل الجماعة يجد له مصداقية كبيرة في ظل تغييب شخصيات لها ثقلها في مستويات قيادية داخل الجماعة، حتى وصل الداء إلى شعب الإخوان، وصار الحرمان من التصعيد عقابا لمن يدلي برأيه أو ينتقد وضع ما، وتبرر الجماعة ذلك بأنه إخلال بمبدأ "الثقة" الذي بات ستارا ترتكب خلفه العديد من الأخطاء في حق الجماعة دون رقيب أو حسيب.

مراكز قوى

ثمة تركيز لملفات حيوية وحساسة في يد قيادات بعينها داخل مكتب الإرشاد بشكل مركزي، يصفهم البعض بـ"مراكز قوى"، ومحاولة استنساخ مكتب الإرشاد مرة أخرى في صورة "حزب الحرية والعدالة"، هذا بالإضافة إلى تباطؤ ملفت لدى صانع القرار داخل الجماعة، فيما يتعلق بتعديل لوائح الجماعة من خلال لجنة تقتصر مهمتها على تغيير اللائحة الحالية، وهو القرار الذي اتخذ عقب انتخابات مكتب الإرشاد في ديسمبر 2009، ولم تخرج نتائجه للنور حتى الآن!!.

العديد من المسئوليات وإدارة اللجان توكل لشخص واحد، وشغل حزمة من المواقع الإدارية في جعبة آخرين، وإسناد عدد من المهام النوعية والمؤثرة لغير المختصين، منها إسناد ملف إعلامي حساس لأستاذ في علم الميكانيكا، فضلا عن بقاء قيادات في مواقعها لسنوات طوال، دون رغبة جادة في تجديد الدماء، أو تداول المواقع والمهام بحثا عن الأكفأ والأقدر، وكأن الجماعة عقمت أن تنجب غيرهم، وهو داء غيب أجيال وطاقات بشرية كبيرة، دون النظر لاعتبارات السن وأمراض الشيخوخة، فضلا عن تقديم أهل الثقة على الكفاءة، وتصدير ثقافة السمع والطاعة بشكل ينفي الآخر في حال أبدى رأيا مخالفا، وغير ذلك من أطروحات يتداولها شباب الإخوان، وتثير استياء الكثير منهم في الآونة الأخيرة.

بشيء من الدقة في التوصيف يمكن القول: إن أزمة مكتب الإرشاد، أنه يطالب صفوف الجماعة بالثقة المطلقة فيه، وفي قراراته ومواقفه، دون أن تبادل القيادة، الأفراد، الثقة في إخلاصهم وفي آرائهم، والأخذ بها في حال منطقيتها، دون تخوين من أحد، أو ارتداء ثوب الحكمة، في عبارات تُصدر للصف من عينة " إخوانك شايفين كدة..إخوانك قالوا كذا.. إنت قلت رأيك وإخوانك أدرى".

مطالب مشروعة

تظل مطالب الشباب المطروحة داخل أوساط الجماعة تكتسب المزيد من المشروعية في ظل نضجها وحيويتها ومنطقيتها، بداية من تطوير آليات التصعيد داخل الجماعة، وإعداد لائحة داخلية جديدة، وتغيير المناهج التربوية والدعوية داخل الجماعة، وتشكيل لجنة قضائية مستقلة للفصل في الخلافات الداخلية للجماعة، وكذلك فصل سلطات مرشد الجماعة عن مجلس الشورى العام لها، واستعادة مجلس الشورى العام لسلطاته.

كذلك بات من الملح في ظل التطورات السياسية الكبيرة التي تشهدها الساحة المصرية أن تحدد عضوية مكتب الإرشاد بمدتين، مع تحديد "اشتراطات عمرية وصحية وفكرية" تواكب التحديات القائمة، والقفز فوق الخلافات بشكل سريع واستعادة الطيور المهاجرة وحسم ملف المصالحات داخليا، وتوظيف الطاقات والكفاءات، واختيار الرجل المناسب في المكان المناسب، وإعادة الاعتبار لشباب كان لفكره وحيويته ورؤيته المخالفة لـ"الحكماء" دور بارز في إنجاح الثورة.

"الشاطر" الذي له من اسمه نصيب أمام تركة مثقلة من المشاكل والأزمات، ويبدو أنه قادر - في حال دعمه - على إنجاز الملفات الحساسة منها، شريطة تحييد مراكز القوى، والاستماع لصوت الشباب، ومبادلتهم "الثقة" دون تهميش أو تخوين.