عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

عاطف الغمرى يكتب: شبكة الأربعة التى أدارت المؤامرة

20 مليون مصرى خرجوا إلى الميدان بدوافع وطنية.. والمجندون لصالح أمريكا أرادوا شيئاً آخر

 

المخططون للمؤامرة جعلوها على مرحلتين لتسليم الأوضاع للإخوان

 

«واشنطون» سعت إلى الإتيان بـ«مرسى» عميلاً بنظام الوكالة

 

إدارة «أوباما» وظفت الإخوان ليكونوا «عدو الدولة المصرية من الداخل»

 

وائل غنيم تلقى لطمة على وجهه بإزاحته من منصة الجماعة بميدان التحرير

 

مرت عشر سنوات على ما جرى فى ميدان التحرير يوم 25 يناير 2011، ولم يتوقف الجدل بين من يرون أنها ثورة حقيقية، والذين يقطعون بأنها مؤامرة خارجية، وفى تقديرى أنها جمعت بين المعنيين، فالمعنى الأول ينطبق عليها خلال الثمانية عشر يوما الأولى، التى احتشدت فيها الجموع، فى توافق وطنى يتسم بوحدة الهدف ورقىّ السلوك، إلى أن اقتحمت الميدان جماعات بيتت نوايا لشىء آخر، غير الذى أراده وارتضاه المجتمعون فى الميدان.

ولأنى لم أحصر رؤيتى فى دائرة التقدير الشخصى للوضع فى مصر حينذاك، فإننى استندت إلى وثائق رسمية أمريكية، من خلال قراءتى لأكثر من أربعين مرجعا أجنبيا.

بداية فإن الحدث الكبير فى 25 يناير قد تشاركت فى صنعه خمس حلقات، أربع منها تكاتف معاً للقيام بأدوار لصناعة المشهد على نحو يخصها، بترتيبات صناعة المؤامرة، أما الحلقة الخامسة فهى التى أكسبت المشهد صفة الثورة، وضمت شبابا نزلوا إلى ميدان التحرير بدوافع وطنية، ولم يكن لديهم علم بالآخرين المجندين لصالح أمريكا.

والذين خططوا للمؤامرة جعلوها على مرحلتين، إذا فشلت الأولى فإن المرحلة الثانية تتكفل بتسليم الوضع للإخوان، وهو ما نصت عليه مذكرة سرية للبيت الأبيض، تسربت تفاصيلها بعد ذلك بشهرين.

 

شبكة المتآمرين

الحلقة الأولى شهدت بزوغ نجم وائل غنيم الذى تولى الدعوة للخروج والتظاهر من موقعه المسمى «كلنا خالد سعيد» لعل من المهم أن نقرأ الآن وبعد مرور عشر سنوات على دعوته التظاهرية دوره الحقيقى فقد رأيناه فى عام 2019، فى فيديو مذاع تليفزيونيا متجردا من ردائه الإخوانى وهو يعلن للجميع أنه كان عضوا فى تنظيم الإخوان، والمعروف أنه جاء إلى مصر فى تلك الأيام حيث كان يعمل فى مؤسسة أمريكية خارج مصر. فهو ضالع فى العلاقة مع جانبى المؤامرة أمريكا والإخوان ولا تغيب عن الذاكرة حالته فى ذلك الحين، والنشوة تخلب لبه بعد تصدر اسمه كأول الداعين للخروج فى 25 يناير وبعد أن نشرت مجلة «تايم» صورته مشيدة بدوره المرموق باعتباره أيقونة الثورة فى مصر.

ولم يطل إحساسه بذاته طويلا إلى أن تلقى لطمة على وجهه عندما كان يتحرك للصعود إلى المنصة الرئيسية فى ميدان التحرير والتى أعدها الإخوان وفوجئ بهم يزيحونه بأيديهم، ويبعدونه عنها بغلظة، ليصعد إليها يوسف القرضاوى وكانت تلك رسالة الإخوان إليه، بأن دوره قد انتهى.

الحلقة الثانية ضمت أحمد عبدالعاطى الذى عرفناه فيما بعد معاوناً لمحمد مرسى فى قصر الرئاسة والدور الذى لعبه «عبدالعاطى» حين كان مقيما بمقره الدائم فى أنقرة، مكلفا بالتنسيق مع أردوغان، والاثنان كانا على اتصال بالمخابرات المركزية، لاعبة الدور الرئيسى فى دعم وصول الإخوان إلى الحكم، بعد نجاح الدعوة للخروج والتظاهر.

ومن موقعه فى أنقرة كان «عبدالعاطى» حلقة الاتصال بين المخابرات المركزية وبين قيادات الإخوان فى القاهرة وهو يحيطهم أولا بأول علما بما يجرى الترتيب له.

 

مذكرة «أوباما» السرية عام 2010

فى هذا التوقيت من عام 2010، أصدر الرئيس الأمريكى أوباما ما سمى بتوجيه رئاسى، لمساعديه بمجلس الأمن القومى، لإعداد مذكرة سرية حول احتمالات وقوع حالات عدم استقرار فى مصر، وبقية العالم العربى، وانتهت المذكرة إلى أن المنطقة مهيأة لثورات شعبية إذا لم تسرع الأنظمة الحاكمة بإجراء تغييرات سياسية كبيرة وشاملة.

نص هذه المذكرة نشرته مجلة «نيويوركر» - واسعة الاطلاع - فى فبراير 2011، وقالت إن المذكرة مكونة من 18 صفحة، وقدمت نصائح حول الطريقة التى سيتعامل بها البيت الأبيض مع مصر ودول عربية أخرى.

بعد ذلك تناولت مصادر ودراسات أمريكية متعددة هذه المذكرة بالتحليل، ومنها ما كتبه «مارك لاندلر» فى صحيفة «نيويورك تايمز» فى فبراير 2011، وقال إن مسار الأحداث يثبت أن خطة تمكين الإخوان من حكم مصر كانت استراتيجية واعية ومتعمدة من إدارة «أوباما» وأنها وضعت من قبل أحداث الربيع العربى.

الحلقة الثالثة لعبت فيها الدور الأساسى «مرجريت سكوبى» السفيرة الأمريكية بالقاهرة فخلال عامى 2008 و2009 كان على اتصال بها بصورة مستمرة مجموعة من الشباب اتضح أنهم من حركة «6 أبريل» وهم الذين مكنتهم من السفر إلى نيويورك لحضور المؤتمر الذى عقد تجحت عنوان «قمة الشباب للتغيير السلمى»، وجرى تدريبهم فى نيويورك وواشنطون ثم فى الدوحة بعد ذلك على الكيفية التى يكونون بها فى صدارة المشهد، عند نزول المصريين فى 25 يناير إلى الشوارع، تلبية لدعوة «كلنا خالد سعيد»، وحتى يسيطرون على أجندة المظاهرات لمنع أى توجهات ضد المصالح الأمريكية.

فى تلك الفترة استخدم الإخوان أشخاصا من خلاياهم النائمة، غير المعروفين لأحد بأنهم إخوان وهناك واقعة تشهد عليها كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، عندما كان الدكتور سيف عبدالفتاح معارا للعمل فـى قطر وعلى صلة بتدريب الشباب الذين شاركوا فى مؤتمر قمة الشباب للتغيير السلمى، وفوجئ زملاؤه بكلية الاقتصاد بأنه قطع إجازته وعاد فى 25 يناير إلى ميدان التحرير الذى صار فيما بعد مساعدا لـ«مرسى» إلى أن فر من مصر مع الهاربين إلى تركيا وحيث يقيم بها الآن.

ومنهم أيضاً السفير السابق الذى أعد لنفسه خيمة صغيرة فى الميدان ينام فيها لإحاطة قيادة الجماعة علما بالوضع هناك قبل أن تقرر الجماعة أن الظروف متاحة لها ولا خوف عليها من إصدار أوامرها لأعضائها للنزول إلى ميدان التحرير وهو الذى شغل منصبا مرموقا فى القصر الرئاسى لـ«مرسى».

الحلقة الرابعة نفذت بسفر أمريكيين من واشنطن إلى القاهرة، ونزولهم إلى ميدان التحرير بعد مرور الأيام الثلاثة الأولى التى امتنع الإخوان فيها عن المشاركة فى الثورة، ويكشف مركز الأبحاث الدولية فى مونتريال فى دراسة من 24 صفحة، أن هؤلاء الأشخاص ينتمون إلى منظمات منها بيت الحرية Freedom House، والصندوق القومى للديمقراطية، اللتان قدمتا تمويلا للإخوان المتواجدين بالميدان، ومن المعروف أن بيت

الحرية له ارتباطات إدارية وتمويلية وتنظيمية بالقوى اليهودية الأمريكية ووصفهم مركز الأبحاث بأنهم لعبوا دور حصان طروادة بعد تغلغلهم وسط حركة التظاهر الجماهيرية.

وبناء على تحريك واشنطن للحلقات الأربع وضعت إدارة «أوباما» ما عرف بالخطة A، بتوقعات منها بأن عدد الذين سيلبون الدعوة للتظاهر سيتراوح بين 100 ألف و200 ألف شخص، لكن ما حدث أن الذين خرجوا كانوا أكثر من عشرين مليوناً فى ثورة جماهيرية لها تصور يخصها.

هنا كانت الصدمة التى لطمت خطة «أوباما» التى قلبت الحسابات الأمريكية رأسا على عقب، وأصابت إدارة «أوباما» بالارتباك والانقسام فى صفوفها، وبنهج تآمرى بدأت الإدارة الأمريكية التفكير فى وسائل أخرى للاستحواذ على المشهد الصادم لها، فانتقلت بعدها إلى الخطة B لاختطاف المشهد فى مصر كاملاً.

خلال الثمانية عشر يوما من 25 يناير حتى 11 فبراير عقد «أوباما» 38 اجتماعا مع مساعديه لمناقشة ما يجرى فى مصر أولا بأول، وهو ما أحصته مراكز بحوث أمريكية التى وصفت الخطة B بأنها خطة اختطاف الثورة. Hi jacking the Egyptian Revolution ثم تعددت المسميات فى أكثر من عشرين مرجعا أمريكيا وأوروبيا مع تنوع الكلمات منها: اختطاف الربيع العربى - واختطاف التظاهرات فى مصر - واختطاف انتفاضة المصريين.

وكتب الكاتب الأمريكى دانييل جرينفيلد عضو مؤسسة الحرية بنويورك Freedom Center يقول إن جلسة مغلقة عقدت تحت عنوان اللقاء السنوى الثامن والعشرين للمجلس الاستشارى الأمنى لما وراء البحار، فى قاعة دين أتشيسون بوزارة الخارجية، وحضرها جون كيرى وزير الخارجية الذى خلف هيلارى كلينتون بعد استقالتها. وقال «كيرى» فى الجلسة إن الثورة المصرية سرقت Stolen بيد الإخوان.

أيضاً فإن البروفيسور «مايكل سودوفسكى» مدير مركز الأبحاث الدولية فى كندا، الذى تنشر أبحاثه فى العالم بأكثر من عشرين لغة، قال إن أجندة واشنطن وصلت إلى الإتيان برئيس جديد لمصر، يكون عميلا ومنصاعا لها، ثم جاءوا بحكم محمد مرسى، نظاما بالوكالة عن أمريكا فى مصر.

الكاتب الأمريكى ستيفن بروك قال فى دراسة بعنوان «السياسة الأمريكية والإخوان المسلمين»، اعتمد فيها على 109 مراجع، وصف فيها الإخوان بأنهم كانوا مخلب قط فى المؤامرة على مصر.

 

خطوات أوباما لتمكين الإخوان

اتخذت الخطة الأمريكية لتمكين الإخوان خطوات متتابعة، بدأت بالضغوط من أجل التبكير بالاستفتاء على نظام الحكم، قبل وضع الدستور، لأنهم يعرفون أن الإخوان هم التنظيم السياسى الوحيد المنظم فى هذا الوقت، وبالتالى ستكون نتيجة الاستفتاء كما يريدونها.

والخطوة الثانية، الإلحاح المتكرر من إدارة أوباما من أجل تسليم السلطة للمدنيين، والمقصود بهم الإخوان، بينما كان المجلس الأعلى للقوات المسلحة هو المسئول عن المرحلة الانتقالية. وفى يونية 2011 حضرت هيلارى كلينتون وزيرة الخارجية المؤتمر السنوى للحزب الديمقراطى، وألقت خطابا، رددت فيه بإصرار ضرورة تسليم السلطة للمدنيين.

والخطوة الثالثة كانت التحريض على المظاهرات التى تهتف بعبارات مقصودة وهى يسقط حكم العسكر.

أما الخطوة الرابعة فكانت اتصالات أمريكية فى خلفية المشهد مع قيادات الإخوان، لنقل رسالة غير مباشرة إلى المجلس العسكرى بأن أمريكا تدعم الإخوان.

 

العدو فى الداخل

على ضوء كل ذلك، فإن الدور الذى لعبه الإخوان لحساب المخابرات المركزية، لم يكن وليد اللحظة، فهم يلعبونه منذ أربعينيات القرن العشرين، من خلال علاقة استخدمتهم فيها أمريكا لضرب حركة القومية العربية، وخدمة أهدافهم فى الصراع مع الاتحاد السوڤيتى، وتطورت العلاقة منذ تقنينها رسميا من جانب إدارة «أيزنهاور» عام 1953، وتكليف الإخوان بمهام أبرزها المؤامرة ضد حياة «عبدالناصر»، وغيرها من المهام فى مناطق أخرى خارج مصر.

وطوال السنين تسارعت خطى العلاقة إلى أن وصلت إلى الصورة التى برزت بقوة فى 25 يناير 2011، وكان الإخوان تاريخيا فى حسابات أمريكا، هم الطرف الذى طبقوا معه مصطلح العدو فى الداخل.. أى عدو الدولة المصرية من داخلها، وذلك تطبيقا لسياسة انتقال خط المواجهة عقب نهاية الحرب الباردة إلى داخل الدول نفسها.

وكان انطباق هذا المصطلح عليهم متوافقا مع كونهم لا يؤمنون بمعنى الوطن، وكل ذلك باعترافهم وهو ما جاء على لسان مرشدهم السابق مهدى عاكف، وفى إصداراتهم المكتوبة.