رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

الرياضة الإلكترونية.. أرباح خيالية وأمراض نفسية

فريق أبطال الألعاب
فريق أبطال الألعاب الإلكترونية والفائز محمد سليمان

خبير صحة نفسية يحذر من مخاطرها.. تؤدى للعزلة والانطواء

 

مكاسب كبيرة يحققها اللاعبون ومخاوف من انتشارها بشكل أوسع

 

رئيس الاتحاد: تنشط خلايا المخ، وتحمى من إصابات الملاعب

 

انتشرت فى الفترة الأخيرة رياضة من نوع حديث، لا تحتاج لأندية ولا أدوات لممارستها، إنما تمارس من خلال أجهزة الكمبيوتر والتليفونات الذكية، وهى الرياضات الإلكترونية، التى انتشرت كالنار فى الهشيم بين أوساط الشباب، وأصبح لها اتحادات تشرف عليها، وبطولات محلية ودولية تنفق عليها الملايين، ويجنى أصحابها من ورائها أرباحًا طائلة، ولكن الخبراء حذروا من انتشارها نظرًا لمخاطرها النفسية والجسدية على الشباب.

ولكن التطور التكنولوجى وتحسن جودة الجرافيك، وعوامل الإبهار الحسى والبصرى التى تتميز بها هذه الألعاب، زاد من انتشارها وجعلها تتخطى مرحلة الهواية لتصل إلى الاحتراف.

والألعاب الإلكترونية هى أحد الابتكارات التكنولوجية الحديثة، التى ظهرت فى عام 1983 عبر ألعاب الفيديو جيم، وتطورت بعد ذلك نتيجة انتشار الكمبيوتر والأجهزة الذكية، وأصبح لها ألعاب خاصة غير متداولة للعامة، يعلمها جيدًا محترفو هذه الألعاب، التى يقبل على ممارستها الملايين من مختلف الأعمار حول العالم.

الأكثر من ذلك أنها أصبحت رياضة رسمية تعترف بها معظم الدول، وهناك منظمات ترعاها وتنظم فعالياتها، وغالبًا ما تتبع تلك المنظمات اللجنة الأوليمبية أو الاتحاد الرياضى، ومن الممكن أن تكون تحت إشراف وزارة الشباب أو الثقافة، ويطلق عليها فى بعض الدول اسم الرياضة الذهنية، كما هو الحال فى جنوب أفريقيا، وعربيًا يوجد ممثل رسمى يتبع للجنة الأولمبية فى دول الإمارات وسوريا والسعودية، كما توجد منظمات غير ربحية تابعة للاتحاد الرياضى مباشرة فى مصر وتونس ولبنان، كذلك فهناك منظمات إقليمية مثل «أى سبورتس ميدل ايست» أو (بطولات الشرق الأوسط لألعاب الفيديو).

وفى هذا السياق قال محمد سليمان 20 عامًا، طالب جامعى ولاعب محترف للرياضة الإلكترونية، إن انضمامى للرياضة الإلكترونية كان من سبع سنوات بنظام احترافى، وكان مرتبى فى آخر 4 سنوات 500 دولار شهريًا، والجوائز التى حصلت عليها فى مصر تتراوح قيمتها بين 20 ألفًا إلى 30 ألف جنيه للبطولة الواحدة، بخلاف بطولة على مستوى الشرق الأوسط بلغت جائزتها 10 آلاف دولار للفائز، والآن ينافس محمد على بطولة جائزتها 60 ألف دولار للفائز الأول.

وأضاف أنه بعد النجاح والتفوق فى البطولات بدأ فى تنظيم دورات تدريبية للمبتدئين فى مجال الرياضة الإلكترونية، ويبلغ سعر الحصة التدريبة ساعة واحدة 20 دولارًا، ونصح سليمان الشباب المقبلين على الرياضة الإلكترونية بممارسة الرياضة البدنية أيضاً، حتى لا يهملوا أجسادهم، مضيفًا أن ممارسة الرياضة الإلكترونية يمكن أن تعتبر مصدر رزق لأى شاب بشرط التميز فيها.

ووافقه الرأى أحمد محمد 24 عامًا، خريج جامعى ولاعب محترف للرياضة الإلكترونية، وأكد أن سبب انضمامه للرياضة الإلكترونية هو ترشيح أحد الأصدقاء له للفكرة عام 2010، وأضاف: بدأت أمارس الرياضة وقت فراغى بمفردى وفى عام 2015 شاركت فى بطولة الدورى الأجنبى، وكنت ضمن أول فريق على مستوى مصر يلتحق ببطولة الرياضة الإلكترونية، وبعد التأهل للبطولة والفوز كانت الجوائز تقدر بـ50 ألف دولار أمريكي.

وأوضح أنه شارك فى بطولة مصر للرياضة الإلكترونية فى عام 2016، وهى أول بطولة مصرية للرياضة الإلكترونية، وكانت الجائزة للفائز الأول تقدر بـ25 ألف جنيه، وبلغت أرباحى فى الخمس سنوات الماضية أكثر من 100 ألف جنيه، وكانت معظم البطولات التى حصلت عليها فى لعبة «كروس فاير».

وأوضح أحمد، أن والديه رفضا ممارسة هذه الرياضة فى البداية، خوفًا من إضاعة الوقت، ولكن وبعد الفوز والحصول على المركز الأول فى أول بطولة لعام 2016، واستضافتى فى أحد البرامج الإعلامية على القنوات الفضائية، تغيرت الفكرة فى المنزل، وتحولت إلى تشجيع مستمر حتى الآن.

وأكد أحمد أنه يشعر بالتميز، وأن لديه موهبة فى الرياضة الإلكترونية، مضيفًا «بعد التشجيع لم أعد مجرد أمارس اللعبة من أجل المكسب المادى، ولكن هدفى هو الفوز بالمركز الأول دائمًا»، وأشار إلى أنه اختار الرياضة الإلكترونية لأنه يرى نفسه فيها، ولا يوجد فرق بين الرياضة الإلكترونية والرياضة البدنية إلا فى المجهود البدنى فقط.

وأوضح أحمد أن الجهد العقلى مثل الجهد البدنى يسبب إرهاقًا للجسد، مشيرًا إلى أنه يفضل الرياضة الإلكترونية لأنها أكثر تميز فى ذلك العصر التكنولوجى، طالب الاتحاد الاهتمام بجميع الرياضة الإلكترونية وألا يقتصر الاهتمام على الفيفا فقط».

والتقط محمد عبدالحميد 23 عامًا أطراف الحديث مشيرًا إلى أنه بدأ ممارسة الرياضة الإلكترونية منذ 6 سنوات، وتميز فى لعبة «League of Legends» وهى تتكون من خمسة لاعبين، ويتم الاتفاق على خطة مميزة للحصول على المكسب من الفريق الآخر، والفوز يأتى بروح جميع اللاعبين المتواجدين فى الفريق.

وأضاف أن هناك قواعد أساسية تحكم الجميع ولا يستطيع أحد الخروج عنها، مشيرًا إلى أنه وفريقه فازوا بالمركز الثانى فى بطولة «انسومنيا»، وترتب على هذا الفوز مكاسب مالية ضخمة، بجانب الراتب الشهرى الذى يتقاضاه هو وفريقه من الراعى الرسمى للفريق، الذى يتراوح بين 5 آلاف إلى 6 آلاف جنيه شهريًا، مقدرًا أرباح الـ6 سنوات الماضية بـحوالى 200 ألف جنيه بسبب ممارسة الرياضة الإلكترونية، بجانب وظيفته التى يعمل بها.

وأكد أن الرياضة الإلكترونية أصبحت مصدر رزق مميز له، وباقى الأعمال الأخرى تعتبر مصدرًا فرعيًا بالنسبة له.

وأضاف عبدالحميد، أنه منذ الصغر وهو يتميز فى مجالات الكمبيوتر المختلفة، وعند علمه بالرياضة الإلكترونية بدأ فى ممارستها، وأضاف أنه أصبح من أبطال العالم فى الرياضة الإلكترونية، وأضاف: «أتمنى أن تحصل الرياضة الإلكترونية على دعم أكبر داخل مصر، كما هو فى الخارج».

 

رياضة شبابية

وأوضح المهندس شريف عبدالباقى رئيس الاتحاد المصرى للألعاب الإلكترونية، أن الرياضة الإلكترونية تعد من أفضل الرياضات المحبوبة للشباب، ويقبل على ممارستها الملايين من مختلف الأعمار فى العالم، وهى رياضة تعتمد على تنشيط الخلاية العقلية بشكل كبير، وتساعد على ممارسة الرياضة العضلية بشكل مستمر دون إصابات مثل إصابات الملاعب.

وأضاف أن وزارة الشباب والرياضة شجعت الرياضات الإلكترونية فى مصر بدعمها، بالتعاون مع هيئة الاتحاد المصرى للألعاب الإلكترونية، لتقدم بطولات مختلفة، وأشار إلى أن الرياضة الإلكترونية لا تقل أهمية عن البطولات البدنية، موضحًا أن الانضمام للبطولات يتم بالاشترك، والبطولات يشرف عليها رعاة، والآن هناك بطولات تقام من خلال الاتحاد التابع لوزارة الشباب والرياضة، تشجيعًا لبعض الرياضة الإلكترونية المطلوبة لدى ملايين الشباب مثل ألعاب البلاى ستيشن.

وتابع «عبدالباقى»، أن هناك شبابًا يعملون على تنظيم بطولات بمفردهم، مثل الدورات الرمضانية، والجوائز التى تقدم للفائزين التى تقوم الشركات بتقديمها، وتتحمل الشركات أعباء الدعاية للبطولة، وحققت المهرجانات الصيفية رؤية وزارة الشباب والرياضة فى تحقيق مزيد من التعاون بين اتحاد الألعاب الإلكترونية والأندية المصرية، وذلك لتشجيعها على تكوين لجان وفرق للرياضات الرقمية التى حازت على اهتمام الشباب فى العالم، فضلًا عن التعريف بالبطولات والأنشطة التى ينظمها ويشرف عليها الاتحاد، وكان من ضمن البطولات أكثر الألعاب المحبوبة للشباب مثل «فيفا فورت نايت».

وأضاف رئيس الاتحاد المصرى للألعاب الإلكترونية، أن الرياضة الإلكترونية أخذت شكلًا أكثر احترافية وتنظيمًا، وأصبح الاهتمام بها من قبل الجهات الرسمية واضحًا وملموسًا، فالإقبال على هذه الألعاب

من فئة الشباب يشاهد طفرة كبيرة وجعل الدول الأخرى تنشئ اتحادات خاصة لها، كما أن بعض الشركات بدأت مؤخرًا فى الاستثمار فى هذا المجال، وهناك شركات تخصصت فى إصدار الألعاب الإلكترونية مثل «الفيفا والبيس فورمولا1»، وشركات أخرى تخصصت فى مجال النقل الإعلامى لهذه المسابقات المتميزة بشكل مباشر للعديد من دول العالم

وأشار إلى أن هناك شركات تخصصت فى تنظيم مسابقات وأحداث خاصة بالألعاب الإلكترونية، وهذا الحراك جذب عددًا من الشركات لرعاية هذه الأحداث والفرق المتنافسة.

 

رياضات بديلة

وقال الدكتور جمال فرويز استشارى الطب النفسى، إن الشباب دائمًا يبحثون عن الأفكار البديلة، لذلك تعتبر الرياضة الإلكترونية هى البديل عن الرياضة البدنية لإشباع رغبة الشباب فى ممارسة الرياضية، فى ظل التكاليف المالية التى تنفق فى ممارسة الرياضة البدنية، لذلك يجب أن يمتلك الوالدان القدرة على استيعاب متطلبات الشباب، ويهتمان بمعرفة الهواية المفضلة لدى أبنائهما، بحيث لا يتركان مجالًا للألعاب الإلكترونية التى تأتى بالعديد من الكوارث، والتى لا يشعر الوالدان بمخاطرها.

وأشار الدكتور «فرويز» إلى أن الكثير من الأهالى يدفعون أبناءهم لممارسة هذه الألعاب طلبًا للراحة حتى يتمكنوا من القيام بواجباتهم اليومية، فيصبح الوالدان السبب الرئيسى فى إدمان الأبناء للرياضة الإلكترونية، دون إدراك لمخاطرها الجسيمة، فهى تتسبب بالكثير من المخاطر النفسية والعصبية والجسدية، وتؤدى إلى الانطوائية والانعزال، وتؤثر فى فكر الطفل وجسده، وعن مخاطرها بالنسبة للكبار قد تؤدى للانطواء والعزلة عن المجتمع، وحتى عن عائلته قائلًا:«أنا ضد فكرة الرياضة الإلكترونية والاتحاد الخاص بها».

 

تأثيرات سلبية

وأوضح استشارى الطب النفسى، أن الرياضة الإلكترونية يستطيع الشاب ممارستها من أى مكان حتى وهو ملازم للفراش، وهى تتميز بجاذبية خاصة تجبر أى إنسان على ممارستها لساعات طويلة بسبب التفاعل التكنولوجى الحديث الذى يؤثر على اللاعب ويوحى بأنه يمارس الرياضة فى الحقيقة، وبالتالى فجميع المراهقين يلجأون إليها، ولكن هذه الألعاب تؤثر على الشباب والأطفال تأثيرات خطيرة، وهى قلة الحركة والسمنة وانحناء فى العمود الفقرى وإجهاد العينين، كما أنها تسبب الإدمان وتترك أثرًا سلوكيًا عدوانيًا، وتحرض على العنف، وتسبب الأرق ومشكلات فى النوم، ومشكلات فى الانتباه وعدم التركيز والتوتر والتهور الدائم، كما أنها تؤثر على المخ والعين، وتؤدى إلى الإصابة بالصداع النصفى، وإضعاف العصب البصرى، وتؤثر على التركيز الدراسى.

ومع كل هذه السلبيات أكد الدكتور «فرويز» أن الشباب لا يهتمون رغم المضاعفات التى تظهر عليهم أثناء ممارسة الرياضة الإلكترونية، بسبب المتعة المكتسبة فأصبحت الحياة افتراضية بما فيها الرياضة أيضاً.

 

ترويح عن النفس

قال محمود الصاوى أستاذ الثقافة الإسلامية وكيل كلية الإعلام بجامعة الأزهر السابق، إن ممارسة الرياضة الإلكترونية لبعض الأوقات ترَوح عن النفس، وتخفف من ضغوط الحياة ومشاقها، ولكن يجب ألا تكون الرياضة الإلكترونية سببًا فى ضياع الوقت عن أداء الواجبات اليومية المفروضة على الإنسان مثل الصلاة والاهتمام بالتقدم العلمى، وصلة الرحم، حيث إن كل شىء يحول دون القيام بذلك فهو محرم.

وأضاف أنه بالنسبة للأموال المكتسبة من الرياضة الإلكترونية والألعاب فهى لا تشتمل على محرمات أو تحريض على العنف أو على الكراهية وازدراء الأديان، لذلك لا مانع من كسب نقاط أو جوائز فهو حلال، ولكن تعتبر الأموال المكتسبة من الرياضة الإلكترونية محرمة إذا اتت بطرق غير شرعية، أو مخالفة للعقيدة، كلعبة بابجى الشهيرة التى تلزم اللاعب فيها أن ينحنى لصنم أو يركع له كى يواصل لعبه ويسمح له بالتقدم فى اللعبة.

وأضاف «الصاوي»، أن الأفكار السحرية المحرمة انتشرت فى بعض الألعاب الإلكترونية، التى توحى بالتحكم فى خلق الإنسان والحيوان والسجود للجماد حتى يتمكن من الحصول على القوة الخارقة لاستكمال البطولة، موضحًا أن نبينا محمد صل الله عليه وسلم علمنا تجنب الحقد والكره، والتعامل مع الأديان الأخرى بالمحبة والود والاحترام، وظهر فى الأونة الأخيرة تلك الألعاب القائمة على المحرمات مثل الألعاب التى تعتمد على قصف الكعبة للحصول على ١٠٠٠ نقطة، والقتل وتنشيط الفكر الإرهابى، وإثارة الغرائز وكشف العورات، والتشجيع على التحرش الجنسى، والتربية على العنف والإجرام وتسهيل القتل وإزهاق الأرواح، وإفساد الطفل وتربيته على الخيالات المستحيلة، كالعودة إلى الدنيا بعد الموت، والقوة الخارقة التى لا جود لها فى الواقع، وذلك لقوله تعالى: «وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ أن اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ».

 

أرقام * معلومة

-500 دولار شهريًا هى الحد الأدنى لأرباح اللاعب المحترف للرياضة الإلكترونية طبقًا للاتحاد الدولى للرياضة الإلكترونية

- مليار دولار هو إجمالى إيرادات الرياضة الإلكترونية عالميًا لسنة 2020 طبقًا لمنظمة نيوزو للأبحاث التقنية

-385 مليون دولار إيرادات الصين من الرياضة الإلكترونية لعام 2020 طبقًا لمنظمة نيوزو للأبحاث التقنية

-1983 هو تاريخ ظهور لعبة الرياضة الإلكترونية عبر ألعاب الفيديو جيم