رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

سيناريوهات إسرائيل للتعامل مع الثورة المصرية

بعد اندلاع ثورة 25 يناير 2011 التى أطاحت بالرئيس السابق مبارك حليف إسرائيل القوى وكنزها الاستراتيجى ،

بدا أن معاهدة السلام المصرية – الإسرائيلية تدخل فصلا جديدا يختلف تماما عن الفترة السابقة لها والتى تميزت بالاستقرار وامتدت أكثر من ثلاثين عاما، وقد حاولت إسرائيل جاهدة الابقاء على مبارك أو على الأقل وصول النائب عمر سليمان للحكم لضمان استمرار اتفاقية السلام بين البلدين ، ورغم التزام المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية بالاتفاقيات السابقة ومنها معاهدة السلام ، الا ان صانع القرار الإسرائيلى بدا يدرك جيدا ان فاصلا جديدا فى العلاقات المصرية – الاسرائيلية قد بدا يتشكل ، تتجلى خطوطه العريضة فى الانفتاح على سوريا وحزب الله وتطبيع العلاقات مع ايران ودعم حماس، وهو مادفع بعض الرموز الإسرائيلية الى الإعلان عن مخاوفها من عدم استمرار السلام على النسق الذى كان سائدا أيام مبارك ، فى حين حذر البعض الآخر من وجود سيناريوهات عسكرية للتعامل مع مصر فى حال إلغاء اتفاقية السلام .

كيف تنظر تل أبيب إلى اتفاقية السلام مع مصر ؟

ماهى المخاوف الحالية لدى إسرائيل من الثورة المصرية تجاه الاتفاقية ؟

هل هناك بدائل لدى إسرائيل لاحتمال تعديل أو إلغاء اتفاقية كامب ديفيد ؟

عاموس جلعاد رئيس الطاقم السياسي والأمني بوزارة الدفاع قال خلال مشاركته مؤخرا في مؤتمر أكاديمة اريئيل الإسرائيلية تحت عنوان: "شرق أوسط جديد" إن السلام مع مصر "لن يدوم"، وفقا ما أورد موقع "نيوز وان" الإخباري الإسرائيلي.

ووصف جلعاد، السلام مع مصر بأنه "معقد وإذا ما أصبح لنظام الحكم هناك طابع متشدد ومتطرف فإنني لا أعتقد أن السلام سيستمر ويدوم"، بعكس الوضع مع الأردن الذي اعتبر أن بيده "المفتاح للهدوء والسكينة في منطقتنا"، لأن "جيشه لا ينشغل أو يهتم بإسرائيل، بل منشغل بأمن المملكلة، وكذلك الأمر بالنسبة لسوريا على الرغم من عدائها لإسرائيل إلا أنها لا يخطر على بالها شن هجوم علينا".

ومما يعكس المخاوف الصهيونية حيال مستقبل اتفاقية السلام بين البلدين ما قاله إيلي شاكيد، السفير الصهيوني الأسبق لدى القاهرة بأن الأوضاع الحالية في مصر لا تبدو جيدة بالنسبة لـ "إسرائيل"، معتبراً أنه من الآن فصاعداً التطورات لن تكون مطمئنة بالنسبة للسلام مع مصر وبالنسبة للاستقرار في المنطقة، مشيراً إلى أن السلام مع مصر على وشك دخول نفق الخطر وسوف يكون ثمن تدهور العلاقات بين البلدين. وشدد على أن المصريين الملتزمين بمعاهدة السلام كانوا فقط من فريق الرئيس المخلوع مبارك، لذا ينبغي أن يكون الرئيس المقبل لمصر من هذا الفريق وإلا علينا أن نتوقع المزيد من المشاكل. واعتبر السفير الصهيوني أنه حتى في حال فوز المعارض محمد البرادعي بالرئاسة، حينها لن تكون مصر هي نفسها، ولن يكون السلام هو نفسه في ظل عصر مبارك.

بخلاف مخاوف جلعاد وشاكيد ...أكد الكاتب الامريكى باتريك سيل أن إسرائيل

أصيبت " بحالة من التوتر العالي بسبب الثورة المصرية" , لأنها تخشى على بقاء معاهدة السلام للعام 1979 - وهي معاهدة عملت من خلال تحييد مصر على ضمان هيمنة الجيش الإسرائيلي على المنطقة طوال العقود الثلاثة التي تلت عن طريق إخراج مصر من الصف العربي ـ وهي الأقوى والأكثر سكاناً من الدولة العربية-، وذكر ان المعاهدة أقصت إمكانية قيام تحالف عربي، والذي ربما كان سيحتوي "إسرائيل" أو يقيد حريتها في التصرف على الأقل. وكما لاحظ وزير الخارجية الإسرائيلي موشيه دايان في ذلك الوقت: "إذا تمت إزالة عجلة، فإن العربة لن تسير مرة أخرى".

ويصف المعلقون الغربيون بشكل روتيني تلك المعاهدة على أنها "عمود مهم للاستقرار الإقليمي"، و"حجر زاوية للدبلوماسية في الشرق الأوسط"، و"جزء مركزي من دبلوماسية الولايات المتحدة" في العالمين العربي والمسلم. وتلك هي الكيفية التي نظرت بها إسرائيل وأصدقاؤها الأمريكيون إلى المعاهدة.

 

أما بالنسبة لمعظم العرب، فقد كانت كارثة. وعلى النقيض من إنتاج الاستقرار، عملت المعاهدة على جعلهم مكشوفين أمام القوة الإسرائيلية. وبعيداً عن جلب السلام، ضمنت المعاهدة غياباً كاملاً للسلام، وقد رأت "إسرائيل" المهيمنة أنه ليس ثمة حاجة للتآلف ولا للتسوية مع سورية والفلسطينيين.

إنهاء الحرب :

تؤكد دراسة لمركز بيجن للسلام أن اتفاق السلام الموقع بين مصر وإسرائيل مستقر من الناحية الاستراتيجية وارجعت الدراسة هذا الاستقرار الي عملية نزع السلاح من سيناء والتي نصت عليها بنود اتفاقية السلام الموقعة بين البلدين .

وأرجعت الدراسة أسباب إقامة السلام بين البلدين لرغبة مصر في التمسك باتفاق سلام مع إسرائيل لكن دون الدخول في علاقات اقتصادية وثقافية وسياحية ,الأمر الذي جعل هذا السلام باردا , ومع ذلك فإن ثمة عوامل تخص الجانب المصري قد تؤدي الي تقويض الاتفاق منها الاحساس بهيمنة اسرائيل علي المنطقة والخوف من قوة اسرائيل الإقليمية - احتكار اسرائيل للقوة النووية - الدعم الأمريكي لإسرائيل وتوليها مسئولية أمنها القومي - وقوة الاقتصاد الاسرائيلي الي جانب حرص مصر علي تقوية علاقاتها مع الولايات المتحدة .

كما تطرقت الدراسة الي العناصر الخارجية والتي من الممكن أن تؤثر علي استمرار عملية السلام بين مصر وإسرائيل وتمثلت هذه التحديات فيما يلي :

ا- التحدي الإيراني

ب - الفلسطينيون في غزة كعنصر داعم للتصادم بين مصر وإسرائيل

ج - مسألة نزع الأسلحة من سيناء

د- مشاركة مصر في الحرب بين سوريا وإسرائيل

 

وتكشف الدراسة أن هناك مخاوف قائمة ترتبط بإلغاء اتفاق السلام بين مصر وإسرائيل، بل واحتمال اندلاع مواجهات عسكرية بينهما نتيجة لأسباب وعناصر متعلقة بالداخل المصري، ولأسباب أخري متعلقة بالجانب الإقليمي.

 

واهم المخاطر التي تهدد اتفاق السلام بين مصر وإسرائيل كما ورد في الدراسة علي النحو التالي:

 

1- أخطار متعلقة بالجانب الداخلى : بعد مبارك .. قد تشهد مصر حالة من عدم الاستقرار والصراعات الداخلية بين عناصر مختلفة من خلال إظهار العداء المتزايد لإسرائيل، كوسيلة للحصول علي أعلي معدل للشعبية. وهناك احتمالات بأن يكون الرئيس المصري الجديد أكثر عداء لإسرائيل، مما سيزيد من فرص اندلاع أزمات متكررة وحادة، قد تؤدي إلي إلغاء اتفاق السلام، ومن ثم اندلاع حرب بين الجانبين.

 

2- احتمال نجاح جماعة الإخوان المسلمين في مصر في فرض سيطرتها وإحكام قبضتها علي البلاد، بواسطة انتخابات ديمقراطية، أو بواسطة حرب أهلية، أو من خلال ثورة. وأمر كهذا لن يزعزع فقط العلاقات بين القاهرة وتل أبيب، بل سيهدمها تماما.

 

3- أخطار علي المستوي الإقليمي: لو امتلكت إيران سلاحا نوويا مع صعودها الراهن بالمنطقة، فذلك يدفع مصر إلي امتلاك السلاح النووي، الأمر الذي قد يزعزع علاقاتها مع إسرائيل. وحتي إذا لم يحدث ذلك، فإن القضية النووية قد تضر بالعلاقات بين البلدين، خاصة علي ضوء الحماس الزائد في مصر بضرورة تحييد القوة النووية الإسرائيلية.

 

4- تكرار التصادم بين الفلسطينيين والإسرائيليين قد يؤدي إلي حدوث تشابكات بين مصر وإسرائيل. لكن التوتر بين الطرفين بسبب الفلسطينيين بوجه عام، وبسبب ما يحدث في قطاع غزة بوجه خاص، لن يكون سببا كافيا لحدوث مواجهات عسكرية بينهما. كما أن هناك شكوكا بأن تسمح مصر لنفسها بالانجرار إلي مغامرة عسكرية خطيرة، إذا ما بادرت سوريا بشن الحرب علي إسرائيل.

 

5- المخاوف من القوة العسكرية المصرية: رغم مخاوف إسرائيل من تعاظم القدرات العسكرية للجيش المصري، لكن خيار شن حرب علي إسرائيل هو آخر خيار قد تفكر فيه مصر. وعلي ضوء ذلك يتعين علي إسرائيل أن تركز علي تجنب العناصر التي قد تتسبب في الحرب مع مصر.

 

6- خليفة الرئيس المصري: إذا ما كان خليفة الرئيس "مبارك" علي هوي إسرائيل، فيتعين عليها الامتناع عن تأييده علنية وبشكل مباشر. ومع ذلك يمكن لإسرائيل أن تقدم له المساعدات بشكل غير مباشر، وأيضا بدون التنسيق معه، إذ يمكنها تشجيع أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية علي مساعدة مصر علي المستوي الاقتصادي؛ مما قد يسهم في ترسيخ نظام الحاكم الجديد.

 

7- يتعين علي إسرائيل كذلك أن توضح بل وتحذر مصر من مغبة محاولة خرق اتفاق إخلاء سيناء من الأسلحة، وأنه في حالة انتهاكه ستضطر إسرائيل إلي إعادة النظر في التعامل مع سيناء، ومن ثم التعامل مع مصر.

 

الحرب بديل السلام

جابي إشكنازي رئيس هيئة أركان جيش الاحتلال المنتهية ولايته اكد وجود سيناريوهات وخطط جاهزة للتعامل عسكرياً مع مصر في حال إلغاء اتفاق السلام، وهذا يعكس مدى المخاوف الصهيونية من مستقبل الأوضاع في مصر التي قد تؤدي لاندلاع حرب جديدة بينهما. ويعكس ذلك أيضاً التقارير التي نشرتها وسائل الإعلام العبرية عن قدرات الجيش المصري وإمكانياته التي يتمتع بها سواء العسكرية والاقتصادية، وقدرته على حماية مصر خارجياً وداخلياً، وتأكيدها على سيطرة الجيش المصري على نحو 15% من القطاع الاقتصادي في مصر وتلاحمه الشديد مع المدنيين.

وأكثر ماتخشاه "إسرائيل" بعد سقوط مبارك، هو تخلي مصر عن مكافحتها لعناصر تنظيم القاعدة والعناصر التابعة لحركة حماس العاملة في سيناء، وتهريب الأسلحة إلى قطاع غزة بعد تعاون أمني وثيق بين تل أبيب ونظام الرئيس المخلوع. فربما الهاجس الأمني لدى "إسرائيل" بما يحدث في سيناء هو الأخطر حالياً لدى تل أبيب،

لأنه تعتبره تهديداً فورياً، على عكس باقي التهديدات التي تأتيها من مصر عقب انتهاء نظام مبارك. لذا تُطرح حالياً دعوات داخل "إسرائيل" تطالب بضرورة إعادة انتشار الجيش "الإسرائيلي" على الحدود المصرية، بل وإعادة احتلال محور فيلادلفيا الفاصل بين قطاع غزة وسيناء، لضمان عدم تهريب أسلحة متقدمة لقطاع غزة.

ورغم المحاولات الصهيونية للتقليل من اعتماد سوق الطاقة الصهيوني على الغاز المصري، لكنه وبحسب تأكيدات خبراء الطاقة "الإسرائيليون" فإن وقف تصدير الغاز المصري سيؤثر على هذا القطاع سلبًا خصوصًا وأن 40 إلى 50% من إنتاج الكهرباء في "إسرائيل" يعتمد على الغاز، إضافة إلى أن الكثير من المصانع الصناعية في طريقها للعمل بواسطة الغاز الطبيعي المستورد من مصر.

تعديل المعاهدة

الكاتب الفلسطينى ناجى شراب توقع استمرارية هذه المعاهدات ، مع إمكانية تحسين شروطها إلى حد كبير. ولا شك أن لهذه الثورة تداعياتها على استعادة دور مصر ومكانتها الإقليمية والدولية ، وإعادة تقييم ومراجعة لدوائر السياسة المصرية ، وبلا شك سيكون التوجه العربى والأفريقى له أولوية في المرحلة القادمة . كل هذه التوقعات والتداعيات لا بد وأن تحدد نمط التفكير والسيناريوهات والخيارات التي ستحكم قرار إسرائيل في المرحلة القادمة ، والسؤال كيف ترى إسرائيل هذه التحولات السياسية التي تشهدها مصر وغيرها من الدول العربية المحتملة ؟ وكيف ستتعامل إسرائيل مع خيارات الحرب والسلام المتاحة ؟ .

وبعبارة أخرى كيف ستتعامل إسرائيل مع التغير والتحول في موازين القوى ؟ وموازين القوى ليس بالضرورة أن تكون تحولا بالمعنى العسكري كما في زيادة قدرة إيران النووية ، ولكن من منظور التحول في دور القوى السياسية الأخرى مثل الحركات الأسلامية كحركة الإخوان في مصر ، وحزب الله في لبنان ، وحماس في غزة . ,أيضا في إمكانية قيام شكل من أشكال اعادة البناء أو التقارب بين القوى السنية والشيعية . هذه التحولات تقلق إسرائيل وتحدد نمط تفكيرها في المرحلة القادمة . ولعل هذا النمط من التفكير سيقف وراءه أكثر من خيار من الخيارات التي قد تكون عليها التطورات السياسية في مصر الشهور القادمة ، وأول هذه الخيارات خيار تشكيل حكومة مدعومة بقوة حركة الإخوان المسلمين ، والقوى السياسية المناهضة لإسرائيل كقوى اليسار مثل التجمع العربى وحركة الناصرية والحركات ذات التوجهات القومية .

وهذا السيناريو يشكل قلقا كبيرا لإسرائيل لأن من شأنه أن يدفع في اتجاه مراجعة كاملة لكل الاتفاقات الموقعة مع إسرائيل ، وقد يدفع في اتجاه دعم خيار المقاومة في غزة . وهذا الخيار هو الخيار الأسوأ لإسرائيل. أما الخيار الثاني وهو خيار تشكيل حكومة علمانية وليس لحركة الإخوان دور مباشر فيها ، وأن يقف وراء هذا الخيار الدور المساند للجيش ، هذا الخيار قد يكون الأفضل لإسرائيل لأنه يضمن لها الاستمرارية في المعاهدات المعقودة وخاصة معاهدة السلام التي تبعد خيار الحرب تماما ، وأما الخيار الثالث فهو الخيار العسكري ، او خيارنظام الحارس الأمين ، وهو الذي يعطى دورا مباشرا للجيش في تحديد أبعاد السياسة المصرية ، ولا شك أن هذا الخيار هو الخيار الأكثر احتمالا ، وبحكم العلاقة المميزة التي تربط المؤسسة العسكرية بالولايات المتحدة ، وحجم المساعدات العسكرية ، قد يبعث على الاطمئنان من ناحية عدم اللجوء لخيار الحرب وخصوصا أن الاراضي المصرية كلها محررة . ولم يعد وجود عسكري لها ، وإن كانت هناك قيود على حجم التواجد العسكري المصرى في سيناء وهذا أمر يمكن معالجته في المستقبل.

ويرى باتريك سيل ان المعاهدة الإسرائيلية ـ المصرية أسهمت بشكل هائل في خلق عدم الاستقرار الخطير والتوتر العصبي الذي وسم الشرق الأوسط حتى هذا اليوم، إلى جانب زيادة حدة المعاناة الشعبية، والانفجارات الحتمية التي أعقبت ذلك.

و من غير المرجح إلى حد كبير أن تستمر مصر في انتهاج سياسات حسني مبارك ـ المحرجة بعمق للرأي العام المصري ـ والقائمة على التواطؤ مع "إسرائيل" في حصار غزة. كما لا يرجح أن تبقى مصر الجديدة مقيمة على عداء مبارك تجاه جمهورية إيران الإسلامية وحركتي المقاومة؛ حماس وحزب الله. وسواء دامت المعاهدة أم لا، فإن تحالف مصر مع "إسرائيل" لن يكون على شكل العلاقة الحميمية التي كان عليها.

وبشكل عام، تشكل الثورة المصرية مجرد التجلي الأخير فقط للتغير في بيئة "إسرائيل" الاستراتيجية. فقد "خسرت" "إسرائيل" إيران عندما تمت الإطاحة بالشاه. وتبع ذلك ظهور محور طهران ـ دمشق ـ حزب الله الذي سعى إلى تحدي هيمنة "إسرائيل" الإقليمية.

وخلال السنتين الأخيرتين، "خسرت" "إسرائيل" تركيا أيضاً، وهي حليف سابق ذو وزن حقيقي. وهي تواجه الآن خطر "خسران" مصر. ويحوم عليها خطر الخضوع لحالة من العزلة الإقليمية.

وبالإضافة إلى ذلك، يعمل استيلاء "إسرائيل" المستمر على أراضي الضفة الغربية، ورفضها الانخراط في أي مفاوضات جدية مع الفلسطينيين وسورية على أساس مبدأ "الأرض مقابل السلام" إلى خسرانها العديد من داعميها السابقين في أوروبا والولايات المتحدة. وهي تدرك جيداً أنها تواجه خطر نزع الشرعية عنها.

فكيف ستستجيب "إسرائيل" للثورة المصرية؟ هل ستقوم بتحريك القوات إلى حدودها مع مصر، وتقوي دفاعاتها، وتسعى يائسة إلى البحث عن حلفاء في عصبة مصر العسكرية التي تتولى المسئولية الآن، وتلتمس المزيد من المساعدة الأمريكية؟ أما أنها ستسعى أخيراً إلى بذل مساع جدية نحو حل صراعاتها على الأراضي مع سورية ولبنان، وتسمح بقيام دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية؟

"إسرائيل" في حاجة ملحة إلى إعادة مراجعة عقيدتها الأمنية. وهذا هو الدرس الواضح من الأحداث الدراماتيكية في مصر.و الهيمنة على المنطقة بقوة السلاح ـ وهي عقيدة "إسرائيل" منذ قيام الدولة ـ تصبح خياراً أقل صلاحية باطراد. وهي لا تخدم سوى إثارة مقاومة شرسة ومتنامية، والتي يتحتم أن تنفجر في النهاية في شكل عنف.

ويبدو أن "إسرائيل" في حاجة إلى إحداث ثورة في تفكيرها الأمني، لكنها لم تصدر أي إشارات إلى الشروع في ذلك بعد. السلام وحده، وليس الأسلحة، يمكن أن يضمن أمن "إسرائيل" على المدى الطويل.