رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ليلة 3 يوليو .. أنقذت البلاد وغيّرت وجه المنطقة

بوابة الوفد الإلكترونية

المصريون ينجحون فى إنقاذ مصر من الانهيار

 

تحرير الوطن بعد عام كامل من حكم «الجماعة الإرهابية»

 

القوات المسلحة ترفض الضغوط العالمية للتخلى عن الشعب

 

«السيسى» يلقى بيان «خارطة الطريق» فى 8 دقائق

 

 

 

 

ما بين 30 يونيو 2013 و3 يوليو 2013، عاش المصريون أعظم 96 ساعة منذ انتصار أكتوبر المجيد عام 1973.

خلال هذه الساعات حقق المصريون معجزة غيرت وجه التاريخ فى الشرق الأوسط كله، تماما مثلما فعلوا فى انتصار أكتوبر، حينما عبروا من اليأس إلى الأمل ومن عار الهزيمة إلى مجد النصر، فاجتازوا أكبر مانع مائى (قناة السويس) ودكوا أقوى حائط دفاعى فى العصر الحديث (خط بارليف)، وحرروا جزءا من سيناء واستعادوا للعرب كرامتهم وكبرياءهم بعدما قهروا الجيش الإسرائيلى فى رمضان المبارك عام 1973.

 نفس المصريين، وقبل ساعات قليلة من استقبال رمضان 2013، حرروا مصر من قبضة فصيل إرهابى غاشم، وعرقلوا مؤامرة شيطانية كانت تستهدف تدمير العالم العربى.

الفصيل الإرهابى هو الإخوان الذين لا يؤمنون بفكرة الوطن أساسا، ويعتبرونه مجرد «حفنه من التراب العفن» -كما قال مرشدهم محمد بديع- والذين رفعوا فى وجه المصريين شعارا واحدا وهو «إما نحكمكم أو نقتلكم».. ولكن المصريين كان لهم رأى آخر، وأسقطوا حكم الإخوان فى 96 ساعة فقط.

ومع سقوط الإخوان فى مصر، تعرقلت مؤامرة شيطانية ثلاثية الأبعاد، وراءها ثلاثة ضباع فى الشرق الأوسط وهم إسرائيل وتركيا وإيران، وكل منهم كان – ولا يزال- يسعى إلى تفتيت العالم العربى لالتهام ثرواته وابتلاع خيراته، واستعباد شعوبه، ووجدوا فى جماعة الإخوان فرصتهم الذهبية لتحقيق مخططهم.

إسرائيل كانت تراهن على أن جماعة الإخوان ستدفع مصر نحو أتون حرب أهلية تستمر مشتعلة لسنوات وتنتهى بأن تتقسم مصر إلى 3 دويلات، وعندها ستكون الدويلات الثلاث لقمة سائغة لبنى صهيون.

أما تركيا فكان حاكمها «أردوغان» على يقين بأن وجود الإخوان فى سدة حكم مصر يجعل منها ولاية تركية، فالرئيس الإخوان محمد مرسى لا يعصى له أمرا، ويرحب دوما بأن يضع ثروات ومقدرات مصر رهن إشارة سيده «اردوغان».

وكان المخطط الإيرانى يراهن هو الآخر على أن الإخوانى محمد مرسى سيفتح مصر أمام إيران لنشر التشييع فيها، وبالتالى سيكون فى مقدور طهران تكرار سيناريو اليمن فى مصر، من خلال شيعة مصريين تماما كما يفعل الحوثيون فى اليمن، وهذا المخطط بدأت طهران تنفيذه فى مصر فور إعلان فوز محمد مرسى فى انتخابات 2012، ولهذا حرص الرئيس الإيرانى وقتها – أحمدى نجاد- على زيارة مصر ولقاء الرئيس الإخوانى بعد أشهر قليلة من تنصيب مرسى رئيسا لمصر.

كان المخطط مروعا فى التفاصيل وشديد الحبكة، ونفذه الإخوان بكل تفان وغباء، وهو ما أسعد حكومات تل أبيب وأنقرة وطهران.

وتصور الإخوان أن رضا إدارة أوباما حاكم الولايات المتحدة -وقتها- ومساندة رئيس تركيا، ودعم التنظيم الدولى للإخوان، ومغازلة إسرائيل بخطاب رسمى يقول فيه الرئيس الإخوانى لنظيره الإسرائيلى «عزيزى وصديقى العظيم.. لى الشرف بأن أعرب لفخامتكم عما أتمناه لشخصكم من السعادة، ولبلادكم من الرغد» ثم ينهى خطابه بعبارة «صديقكم الوفى محمد مرسى».

تصور الإخوان أن هذه الأمور تكفل لهم حكم مصر لأكثر من 500 عام.. وتوهموا أن دغدغة المشاعر الدينية للمصريين بالادعاء بأن حكم الإخوان هو انتصار للدين الإسلامى ذاته، سيجعل ملايين المصريين يرحبون باستمرار حكمهم حتى لو لم يقدموا شيئا للبلاد والعباد.

 ولكن المصريين اكتشفوا أن الإخوان الذين رفعوا شعار الإسلام هو الحل على مدى 84 عاما، بمجرد أن وصلوا للحكم تنكروا لكل وعودهم وشعاراتهم، ولم يجد المصريون منهم إسلاما ولا حلا لأزماتهم، حتى إسرائيل التى طالما قالوا عنهم أنهم أبناء القردة والخنازير، راحوا يغازلونهم ويتمنون لهم السعادة ورغد الحياة!

ودخل المصريون فى دوامات متلاطمة من الكوارث.. وعانوا أزمات طاحنة فى البنزين والسولار، وأسعار الغذاء والدواء، وفى الأمن والأمان.. ووصلت حالة الضنك لدرجة أن الكهرباء كانت تغيب لأكثر من 10 ساعات يومياً.

صحيح أن تلك الأزمات كانت نتيجة لتراكمات سنين طويلة من الفشل فى عهد حكومات حسنى مبارك ولكن الرئيس الإخوانى لم يكن أبدا يعترف بأن مصر تعانى أية أزمة!

بعد 100 يوم فقط من بداية حكم «مرسى» قال إنه نجح فى حل أزمة الوقود بنسبة 75% وحل أزمة المرور بنسبة 60% وحل أزمة «رغيف العيش» بنسبة 80% واستعاد الأمن فى الشارع المصرى بنسبة 70%، وكانت أقل الملفات التى حقق فيها إنجازا -حسب قوله- هى أزمة النظافة التى تمكن من حل 40% منها فى الـ100 يوم الأولى من حكمه.

هذه الأرقام التى أعلنها «مرسى» بنفسه كانت تعنى أن مصر ستتجاوز كل أزماتها فى غضون 100 يوم أخرى على أقصى تقدير، ولكن الذى حدث هو أنه بعد 365 يوما من جلوس «مرسى» فى القصر الرئاسى ازدادت حدة كل الأزمات!

والغريب أنه كان يبرر تلك الأزمات بأسباب مثيرة للسخرية فقال مثلا عن أزمة انقطاع الكهرباء أن سببها «الواد بتاع سكينة الكهرباء فى المراكز اللى بياخد 20 جنيه علشان يشد سكينة الكهرباء ويقطعها ويروح بيته ينام للصبح، فالكهربا تنقطع عن قرى يوم كامل والناس تطق».. هكذا قال بالحرف الواحد.

 ولم تقف الكارثة عند تفاقم الأزمات الحياتية والاقتصادية وعدم وجود رؤية أو نية لدى الرئيس الإخوانى وحكومته لمواجهتها، ففوق هذا ارتكب «مرسى» قائمة طويلة من الخطايا، التى تقوض فكرة الدولة ذاتها، فى مقدمتها إصداره ما اسماه إعلانا دستوريا مكملا، والذى قرر فيه أن قراراته محصنة وغير قابلة للطعن عليها، بأى شكل من الأشكال، أى أنه ببساطة قرر أن يجعل من نفسه ملكا لا يسأل عما يفعل أو يقول!

وأصر بشكل غريب على عودة مجلس الشعب الذى كان قد تم حله بموجب حكم قضائى نهائى، ثم شجع أتباعه على حصار المحكمة الدستورية لمنع انعقاد جلساتها، وشجع ذات الأتباع على حصار مدينة الإنتاج الإعلامى لمنع بث برامج القوات الفضائية لإسكات كل صوت معرض فى مصر، ولم ينس أن يطلق صبيانه على صحف المعارضة والصحف الخاصة، فاعتدوا على جريدة الوفد فى جنح الظلام وحطموا عددا من سيارات الجريدة وحاولوا إشعال النار فى أحد مبانى الجريدة، وكرروا فعلتهم مع صحيفة مستقلة أيضاً!

وأثناء وضع الدستور اعترض ممثلو الكنائس المصرية على تهميش وجهات نظرهم فى صياغة مواد الدستور، وانسحبوا من اللجنة التأسيسية للدستور، ثم انسحب 15 عضواً من ممثلى القوى المدنية، وثمانية من أصل عشرة من أعضاء اللجنة الاستشارية الفنية للجمعية التأسيسية للدستور، ومع ذلك تمت صياغة الدستور، ومناقشة مواده فى جلسه استمرت حتى مطلع الفجر!.. دون إتاحة وقت كاف لنقاشات الأعضاء!

وكانت الكارثة مع تقديم حكومة الإخوان لمشروع قانون يتيح رهن أصول الدولة ويبيح بيعها للعرب والأجانب، وأطلقت عليه اسم «الصكوك الإسلامية»!.. ثم طرحت مشروع إقليم قناة السويس الذى يهدف إلى تحقيق الاستقلال لإقليم القناة عن الدولة المصرية!

وبلغ الاستهتار بالأمن القومى مداه عندما عقد «مرسى» مؤتمرا مع ممثلى بعض القوى السياسية لمناقشة مشروع سد النهضة الإثيوبى، وتم بث اللقاء الرئيس على الهواء متضمنا اقتراحات من جانب بعض الحاضرين بالتلويح باستخدام القوة، والتدخل فى الشأن الإثيوبى، وانتقادات حادة للموقف السودانى من القضية، الأمر الذى سبب حرجاً كبيرا لمصر ودفع بالرئيس الأسبق بتقديم الاعتذار للجانب الإثيوبى.

ورغم إدانتهم بموجب أحكام فضائية نهائية أطلق «مرسى» سراح الآلاف من الإرهابيين والتكفيريين، على عدة دفعات كان آخرها فى مايو 2013، وسمح لهم بتحويل سيناء إلى معقل للمنظمات والجماعات الإرهابية المسلحة، وسعى بكل ما يملك إلى أخونة مفاصل الدولة بتعيين الآلاف من جماعة الإخوان فى كثير من الوزارات خاصة وزارات البترول والتعليم والكهرباء والمالية.

أما الاقتصاد فكان على شفا الانهيار، حتى أن احتياطى مصر من النقد الأجنبى وصل فى يونيو 2013 إلى حوالى 13 مليار دولار فقط، ووصل معدل النمو الاقتصادى وقتها اقل من 2% فقط، وهو أقل من معدل الزيادة السكانية، مما يعنى أن حجم الاقتصاد المصرى كان يقل وينكمش!

ووصل «الحول السياسى» لجماعة الإخوان لدرجة دعوة قتلة السادات بطل حرب أكتوبر للمشاركة فى الاحتفال بذكرى النصر، وجلسوا فى الصفوف الأولى للاحتفال، الذى لم يحضره أحد من أسرة الرئيس السادات!

الأزهر نفسه لم يسلم من تطاول «مرسى» عليه.. ففى كل مؤتمر رئاسى يتم فيه دعوة شيخ الأزهر كان يتم تخصيص مقعد شيخ الأزهر فى الصف الأخير رغم أن البروتوكول يقول إن شيخ الأزهر فى مرتبة رئيس الوزراء ومكانه فى كل المؤتمرات العامة فى الصف الأول، ووصل الصدام بين الرئاسة والأزهر ذروته بعد رفض مجمع البحوث الإسلامية وهيئة كبار علماء الأزهر مشروع الصكوك الإسلامية، لما فيه من تهديد للأمن القومى، وكذلك رفض شيخ الأزهر حضور مؤتمر نصرة سوريا، الذى عقده مرسى قبل أيام قليلة من انفجار ثورة 30 يونيو، حتى الذين اختارهم مرسى لمعاونته فى الرئاسة وفى الحكومة لم يستطيعوا تحمل العمل معه سوى لشهور قليلة، وقدم عدد غير قليل منهم استقالته.. استقال المستشار محمود مكى من منصب نائب الرئيس.. واستقال المستشار أحمد مكى وزير العدل بسبب أزمات الرئاسة مع النظام القضائى المصرى.. واستقال المستشار محمد فؤاد جاد الله المستشار القانونى لـ«مرسى» فى أبريل 2013 بسبب عدم وجود رؤية واضحة لإدارة الدولة وفشل حكومة هشام قنديل، واحتكار تيار واحد لإدارة الدولة، على حد قول جاد الله ذاته.

كما استقال وزير الخارجية محمد كامل عمر، واستقال أيضاً الفريق سامى عنان مستشار مرسى للشئون العسكرية، كما استقال أكثر من 30 نائبا من مجلس الشورى اعتراضا على سياسات جماعة الإخوان.

وفى أجواء كهذه كان طبيعيا أن يملأ الغضب قلوب كل المصريين ما عدا الإخوان ومسانديهم من جماعات العنف.

 ولم يكن للغضب الشعبى سوى متنفس واحد وهو استمارات تمرد التى يطوف بها عدد من شباب شوارع مصر لجمع توقيعات من المصريين للدعوة إلى انتخابات رئاسية مبكرة.

كان شباب «تمرد» يجمعون توقيعات المصريين، بينما الإخوان وأشياعهم يهاجمون تمرد واستماراتها، والموقعين عليها، ويروجون عبر فضائياتهم وصحفهم وكتائبهم الإلكترونية أن كل من يوقع على استمارة تمرد خائن لوطنه، و«مش عاوز البلد تهدأ».

ووصلت سخرية الإخوان من «تمرد» واستماراتها لدرجة أن أحد إعلاميى الإخوان وقف فى برنامجه الذى كانت تذيعه قناة إخوانية ليعلن تأييده الكامل للتوقيع على استمارة تمرد وقال وهو منتفخ الرقبة «أقول للجهلة الأغبياء بتوع تمرد.. إنتو عارفين تمرد معناها إيه؟.. تمرد يا أغبياء هى الحروف الأولى من جملة «تعيين مرسى رئيساً دائماً».. وعلشان كده أعلن تأييدى جداً لتمرد اللى تعنى تعيين مرسى رئيساً دائماً»!!

وانتظر ملايين المصريين خطاب الإخوانى محمد مرسى المقرر له مساء يوم 25 يونيه 2013، وسيقدم فيه كشف حساب عما قدمه طوال عام كامل من حكم مصر.. فيما يواصل شباب تمرد جمع توقيعات المطالبين بانتخابات رئاسية مبكرة.

فى اليوم المحدد للخطاب وقف «مرسى» وسط مؤيديه، وتحدث لمدة 100 دقيقة كاملة، وقال كلاماً خليطاً من الوهم والخيال، والسباب والغرائب.. قال من بين ما قال إن «تأخر النمو الاقتصادى الذى لا بديل لنا عنه والذى لا يتحقق إلا بالاستقرار السياسى الضرورى تأزم الأحوال المعيشية التى لا نعالج واحدة منها حتى تطل علينا أخرى».. هكذا قال بالحرف الواحد.

ولم ينس «مرسى» أن يهاجم بضراوة الإعلام والمعارضين ورجال الأعمال، والقضاة.. وقال «أنا صبرت كتير.. وعاوز أقول سنة كفاية».

وعندها انفجر أنصاره بهتاف غريب جداً وقالوا «اغضب.. يا مرسى».. وتوقف الرجل عن إلقاء الخطاب لعدة دقائق وكأنه يفسح أقصى وقت ممكن لأنصاره لكى يطالبوه بالغضب.

وكان الرد الشعبى على كل ذلك هو تدفق ملايين المصريين إلى الشوارع والميادين فى أكبر تجمع بشرى فى العصر الحديث، مطالبين بسقوط حكم المرشد.

كان المصريون بفطرتهم يدركون أن محمد مرسى لم يكن هو الذى يحكم مصر وإنما الحاكم الحقيقى هو محمد بديع مرشد الإخوان وخيرت الشاطر نائب المرشد، ولهذا كان هتافهم «يسقط حكم المرشد» ويسقط حكم الإخوان.

 وما أدركه المصريون بفطرتهم كان هو الحقيقة الكاملة، التى اعترفت بها السفيرة الأمريكية فى مصر فى زمن الإخوان «آن باتريسون» التى قالت فى لقاء لها مع الدكتور مصطفى الفقي -المفكر السياسي- أن 6 أفراد كانوا يحكمون مصر وليس مرسى وحده، خرج المصريون إلى الشوارع والميادين فى 30 يونيو ورفضوا العودة لبيوتهم

إلا بعد إسقاط حكم الإخوان.

ولم تكن القوات المسلحة المصرية متداخلة مع المشهد حتى تلك اللحظة، وإن كانت قد أصدرت بيانا طالبت فيه جميع الأطراف بالتوصل إلى حل للخروج من المأزق السياسى الذى تمر به البلاد، ثم عادت وكررت ذات الطلب، عندما وجدت الأمور تتأزم أكثر وأكثر.

 وعندها ألقى محمد مرسى خطابا استمر من مساء الثلاثاء 2 يوليو حتى فجر الأربعاء 3 يوليو، وفى هذا الخطاب كرر 75 مرة أنه يمثل الشرعية وأنه لن يتخلى عن تلك الشرعية!.. وبسبب هذا الخطاب ازدادت الثورة اشتعالاً.

وشهدت الساعات الممتدة منذ تدفق المصريين متظاهرين فى الشوارع والميادين وحتى الساعة التاسعة من مساء يوم 3 يوليو 2013، أحداثا أسرارا كثيرة، دارت فى كواليس الساحة السياسية كلها كانت تستهدف إجهاض ثورة المصريين، بعض تلك الأسرار رصدها الكاتب عبدالقادر شهيب فى كتابه «335 يوما من حكم المستشار» الذى يحمل بين أوراقه جانبا من أسرار فترة ما بعد ثورة الثلاثين من يونيو.

كشف الكتاب أن اجتماع القوى السياسية يوم 3 يوليو (شاركت فيه القوى السياسية بمن فيهم محمد البرادعى وقيادات حزب النور، وشيخ الأزهر الإمام أحمد الطيب وبابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية تواضروس الثانى وقيادات القوات المسلحة) والذى أعقبه بيان عزل مرسى وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة على أن يتولى رئيس المحكمة الدستورية العليا إدارة شئون البلاد، خلال المرحلة الانتقالية ولحين انتخاب رئيس جديد.. وقال شهيب إن جميع الحاضرين فى الاجتماع رفضوا فكرة طرح استفتاء حول بقاء مرسى وأصروا على ضرورة رحيله استجابة لهتافات المصريين فى ميادين مصر.

«شهيب» كشف خلال كتابه عن محاولات عدد كبير من قيادات تنظيم الإخوان المشاركة فى حكومة ثورة 30 يونيو بعد عزل مرسى، مؤكدا أن على رأس هؤلاء القيادات أعضاء من مكتب الإرشاد كعمرو دراج وجمال حشمت والذى كشف عن أنهم تواصلوا مع الدكتور حازم الببلاوى رئيس وزراء مصر بعد 30 يونيو للمشاركة فى الحكومة وطلبوا مشاركة جماعة الإخوان بـ5 وزارات خدمية فى الوقت الذى قام فيه عناصر التنظيم بمحاصرة مقر الحرس الجمهورى بالتزامن مع مفاوضاتهم للمشاركة فى حكومة الببلاوى قبل فشلها مؤكدا أن الإخوان ادعوا وجود الرئيس المعزول محمد مرسى داخل دار الحرس الجمهورى بهدف اقتحامه كاشفا عن أن مفاوضات الإخوان للمشاركة فى حكومة الببلاوى فشلت بسبب خيرت الشاطر نائب المرشد العام للتنظيم ومحمد بديع المرشد العام ومحمود عزت النائب الثانى للمرشد الذين اشترطوا عودة المعزول محمد مرسى إلى الحكم مرة أخرى!

كواليس ما قبل إعلان 3 يوليو شهدت أيضاً ضغوطا رهيبة على القوات المسلحة المصرية للتخلى عن مساندة ثورة المصريين، بعض هذه الضغوط كانت من إدارة أوباما الأمريكية التى هددت بقطع المعونات عن مصر إذا سقط حكم الإخوان، وهو التهديد الذى رفضه جملة وتفصيلا قائد القوات المسلحة ووزير الدفاع – وقتها – الفريق عبدالفتاح السيسى.

وفشلت كل الضغوط فى إخماد ثورة 30 يونيو، والسر فى انتصار الثورة هو إرادة المصريين الذين واصلوا الثورة لـ4 أيام متصلة، حتى استجابت لها قوات الشرطة فأعلن وزير الداخلية أن دور رجال الشرطة هو حماية الشعب وليس أى شىء آخر.

وجاء 3 يوليو 2013 ليجسد المقولة الخالدة للشاعر أبو القاسم الشابى: إذا الشعب يوما أراد الحياة.. فلا بد أن يستجيب القدر.

وفى 30 يونيو2013 كان الشعب يريد الحياة.. يريد أن يسترد هوية مصر التى حاول الإخوان طمسها.. يريد أن يتحرر من حكم جماعة إرهابية تتستر خلف الدين.. يريد أن يشعر من جديد أنه صاحب البلد وليس أحد رعايا جماعة لا تعترف بالوطن أساسا.

واستجابت القوات المسلحة لنداء ثوار 30 يونيو وكان إعلان خارطة الطريق يوم 3 يوليو 2013، بمثابة إعلان انتصار الثورة، ولهذا استقبله كل ثوار مصر بفرحة طاغية، فرحة تفوق فرحة من لاح له فجر جديد بعد أن عانى طويلا من ليل حالك.

ويومها ألقى الفريق عبدالفتاح السيسى -وزير الدفاع آنذاك- بيان القوات المسلحة، على مدى 8 دقائق و20 ثانية، وفى البيان توجهت القوات المسلحة إلى مخاطبة الشعب المصرى فقالت فى مقدمة بيانها «شعب مصر العظيم إن القوات المسلحة لم تكن لتصم آذانها أو تغض بصرها عن حركة ونداء جماهير الشعب المصرى، التى استدعت دورها الوطنى وليس دورها السياسى».

وشدد البيان على أن القوات المسلحة كانت هى بنفسها أول من أعلن أنها ستظل بعيدة عن العمل السياسى، ولكنها استشعرت أن الشعب المصرى الذى يدعوها لنصرته لا يدعوها لسلطة أو حكم، وإنما يدعوها للخدمة العامة، والحماية الضرورية لمطالب ثورته، وتلك هى الرسالة التى تلقتها القوات المسلحة من كل حواضر مصر ومدنها وقراها، وقد استوعبت بدورها هذه الدعوة وفهمت مقصدها وقدرت ضروراتها، واقتربت من المشهد السياسى آملة وراغبة وملتزمة بكل حدود الواجب، والمسئولية والأمانة.

وأشار بيان القوات المسلحة إلى أنها كانت تأمل فى التوصل إلى وفاق وطنى يضع خارطة مستقبل، ويوفر أسباب الثقة والطمأنينة والاستقرار لهذا الشعب بما يحقق طموحه ورجاءه، إلا أن خطاب الرئيس محمد مرسى الذى ألقاه يوم 29 يونيو وقبل انتهاء مهلة الـ48 ساعة جاء بما لا يلبى ويتوافق مع مطالب جموع الشعب.. الأمر الذى استوجب من القوات المسلحة استنادا على مسئوليتها الوطنية والتاريخية التشاور مع بعض رموز القوى الوطنية والسياسية والشباب ودون استبعاد أو إقصاء لأحد.. حيث اتفق المجتمعون على خارطة مستقبل تتضمن خطوات أولية تحقق بناء مجتمع مصرى قوى ومتماسك لا يقصى أحدا من أبنائه وتياراته وينهى حالة الصراع والانقسام.

وبعد بيان القوات المسلحة ألقى الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب بيانا لمدة 116 ثانية قال فيه بوضوح لا لبس فيه إن إعلان خارطة الطريق انطلق من مظلة الشرع الإسلامى.. وقال الإمام الأكبر بالحرف الواحد «وضح جليا أن مصر الآن أمام أمرين أحلاهما مر.. وأشد الأمرين مرارة هو صدام الشعب المصرى وسيلان دمه الزكى على التراب، لذلك وعملا بقانون الشرع الإسلامى القائل بأن ارتكاب أخف الضررين واجب شرعى.. وخروجا من المأزق السياسى الذى وقع فيه شعب مصر بين مؤيد للنظام ومعارض لاستمراره، وكل متمسك برأيه لا يتزحزح عنه ولهذا أيدت الرأى الذى انتهى إليه المجتمعون وهو إجراء انتخابات مبكرة، يحتكم فيها الشعب إلى صندوق انتخابات يضمن نزاهته كل من قضاء مصر العظيم ورجال القوات المسلحة الأبطال ورجال الشرطة البواسل».

ولمدة 134 ثانية ألقى البابا تواضروس بيانه الذى أوضح فيه أن الوطن يمر بلحظة فارقة فى تاريخه، مؤكدا أن خارطة الطريق توافق عليها كل المشاركين فى الاجتماع الذين لا يبغون سوى مصلحة الوطن.. وقال «خارطة الطريق وضعت بإخلاص ومحبة للوطن وبرؤية لمستقبله القريب والبعيد».

وإذا كان البعض من أصحاب الهوى يفرقون ما بين 30 يونيو و3 يوليو، ويقولون إن 30 يونيو ثورة بينما 3 يوليو انقلاب، فإن هذا الكلام يمثل مغالطة كبيرة، حسب تأكيدات المؤرخ الدكتور جمال شقرة أستاذ التاريخ الحديث بجامعة عين شمس.. ويقول «كل ثورة تبدأ بعملية انقلاب على الوضع القائم لتغييره فإذا نجحت فى تغييره تصبح ثورة وهذا ما حدث بالضبط فى 30 يونيو حتى 3 يوليو 2013».

وأضاف: «المصريون خرجوا فى 30 يونيو هاتفين: يسقط حكم المرشد.. وارحل ارحل يا مرسى، وهو ما تحقق بالفعل يوم 3 يوليو وبالتالى فإن ما جرى يوم 3 يوليو بإعلان خارطة الطريق وإسقاط حكم محمد مرسى وجماعة الإخوان الفاشية، هو نتيجة لثورة 30 يونيو، وليس شيئاً آخر، ومن يفرق بين 30 يونيو و3 يوليو هو صاحب هوى يميل للإخوان أو مغالط».

أما الدكتور المعتز بالله عبدالفتاح أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، فيقول إن أفضل ما فى ثورة 30 يونيو التى انتهت بإقرار خارطة الطريق فى 3 يوليو أنها كشفت حقيقة تنظيم الإخوان، وأنقذت العالم العربى كله من مؤامرات التقسيم التى كان ورائها تركيا وإسرائيل وإيران، وثلاثتهم كانوا يريدون تفتيت مصر للانقضاض على العالم العربى، والتهام ثرواته ولكن المصريين بثورتهم فى 30 يونيو وإسقاطهم حكم الإخوان عرقلوا هذه المخططات، وبدأت مصر مرحلة جديدة من التقارب العربى من أجل مواجهة كل المخططات التى تستهدف العالم العربى.