عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

هل اخترق الجهاديون الجيش؟

بوابة الوفد الإلكترونية

يبقي الجيش المؤسسة الصلبة الوحيدة المتماسكة التي لا تتغير ولا تشكل نفسها طبقا للسلطة الحاكمة فهو لا ينظر إلي المصالح الخاصة بقدر اهتمامه بالوطن ويطهر نفسة ويزيل عنه العناصر الفاسدة بشكل مستمر

فالمؤسسة بالكامل تخضع الي رقابة أجهزة خاصة تراقب سلوك ونشاط أفراد الجيش وعناصره بشكل مستمر ومن ينحرف عن المسار المرسوم له يجد نفسه خارج المنظومة إما بإجباره علي تقديم الاستقالة أو المحاكمة.
وجاءت أحداث مدينة نصر الأخيرة لتدق ناقوس الخطر، خاصة بعد اكتشاف ضابطين من الجيش تم فصلهما ينتميان إلي جماعات إسلامية في الخلية الإرهابية التي تم القبض علي عدد كبير من أعضائها قبل القيام بعمليات إرهابية في البلاد.. وهو ما يطرح التساؤل: المهم هل نجحت العناصر الجهادية في اختراق الجيش والشرطة أو استمالة بعض العسكر للتعاون معها، خاصة وسط محاولات التيار الإسلامي السيطرة علي مفاصل الدولة بعد ثورة 25 يناير؟
الإجابة ببساطة أن مؤسسة الجيش مثل باقي مؤسسات المجتمع قد يتأثر بعض أفراده بالمناخ العام والظروف الخارجية أو يستجيبون لضغوط الجهاديين الذين يسعون دائماً منذ أيام عبدالناصر إلي ضم عناصر من الجيش وشهد التاريخ علي واقعتين لهم، وهما اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات وحادثة الفنية العسكرية.
وبعيداً عن الواقعتين فشل الجهاديون حتي الآن في تكوين خلايا داخل الجيش المصري ومازال محصناً وعصياً علي الاقتراب منه، اللهم إلا بعض المحاولات الفردية التي لا تعبر عن ظاهرة بعينها ولكن الجهاديين يكثفون نشاطهم لاختراق الجيش، وقد اعترف الدكتور سعد الدين إبراهيم رئيس مركز ابن خلدون بذلك عندما كشف عن أن بعض الجهاديين ممن كانوا بجواره في السجن أبلغوه بأنهم سيخترقون الجيش وينفذون عمليات إرهابية، وقام بدوره بإبلاغ الجهات السيادية بالمعلومة منذ أكثر من شهر تقريباً وإن كان لا يعلم شيئاً عن مدي تحركهم ولا ردود أفعالهم.
وعودة إلي التاريخ كان أول اختراق للجهاديين في واقعة الفنية العسكرية، وبالتحديد يوم 18 أبريل 1974 عندما اقتحم 100 من أعضاء منظمة التحرير الإسلامي مستودع الكلية الفنية العسكرية في القاهرة واستولوا علي أسلحة وعربات بقيادة صالح سرية بهدف قتل الرئيس السادات والاستيلاء علي مبني الإذاعة والتليفزيون وإعلان مصر ولاية إسلامية، وحدث اشتباك عنيف وقتل آنذاك 11 من أعضاء التنظيم وجرح 27 واعتقل 90 من أعضاء المنظمة.
الواقعة الثانية كانت مقتل الرئيس السادات علي يد الضباط خالد الإسلامبولي وعبود الزمر وحسين عباس وعطا طايل وعبدالحميد عبدالسلام.
واقعة ثالثة يرويها اللواء فؤاد علام - مدير مباحث أمن الدولة السابق - في كتابه «أنا والإخوان» بقوله: كانت هناك مؤامرة لاغتيال السادات عام 1972 وقادها وكيل نيابة في الثلاثينيات من سوهاج يدعي يحيي هاشم، نجح في إقناع مجموعة من المدنيين وأحد المجندين بالقوات المسلحة بفكر التكفير ووضع خطة للقيام بتفجيرات في القاهرة وقتل السادات الذي كان يتجول في محافظات مصر لتهيئة الأجواء لمعركة 1973.
وبعد حصوله علي الأسلحة حاولت الداخلية إجهاض المحاولة حتي لا تتسع وحاصرته هو وأتباعه في منطقة جبلية بين محافظتي قنا وسوهاج أثناء إجراء تدريبات بدنية وعسكرية وإطلاق نيران وإعداد متفجرات، وطلبنا منه تسليم نفسه فبادل القوات إطلاق النيران وتمكن من الهرب والاختفاء بإحدي المغارات وقتل علي باب المغارة.
تاريخ «الإسلاميين» مع الجيش شاهد أيضاً علي محاولات اختراق عديدة قامت بها جماعة الإخوان المسلمين وكانت المحاولات الأولي في أربعينيات القرن الماضي وقبل قيام ثورة 1952 حيث سعي الإخوان الي التقرب الي عزيز المصري الملقب بـ «أبوالجيش المصري» ومارس حسن البنا الذي ساعد علي ترتيب عدة لقاءات مع ضباط ينتمون إلي الجماعة مع عزيز باشا المصري الذي كان يلتف حوله الجميع، كما ألقي حسن البنا عام 1940 محاضرة علي الضباط وكان يسعي من خلال المحاضرة إلي استمالة الضباط ناحية الجماعة.
وفي عام 1942 نجح الإخوان في تجنيد عبدالمنعم عبدالرؤوف، الذي يعمل ضابط اتصال بالجيش، الذي انتمي إلي جماعة الإخوان وآمن بأفكارها وأسهم بشكل كبير في الدعوة إلي أفكارها داخل الجيش تحت رئاسة الصاغ محمود لبيب وكيل الجماعة، وكان يدعو الضباط إلي الانضمام الي الجماعة واستقطب الصاغ معروف الخضيري والصاغ مجدي حسين، واستطاع ضم عدد كبير من الضباط، وكان منهم الرئيس جمال عبدالناصر وبعض أعضاء الضباط الأحرار مثل كمال الدين حسين وعبداللطيف البغدادي وحسن إبراهيم وسعد توفيق، إلا أن حادثة اغتيال النقراشي باشا علي يد الجماعة كانت لها أثر سلبي في الدعوة داخل الجيش وتراجع عدد كبير من الضباط عن الانضمام إلي الجماعة ومكنت عبدالناصر من الانفراد بالضباط بعد طرد عبدالمنعم عبدالرؤوف من تنظيم الضباط الذي سيطر عليه عبدالناصر.
وبعد ثورة يوليو مرت العلاقة بين عبدالناصر والإخوان بشكل جيد مكنت الجماعة من اختراق الجيش مرة أخري وشكلت وحدات من الجيش والشرطة تحت إشراف حسن الهضيبي مرشد الإخوان في ذلك الوقت ولكن وقع صدام عنيف بين المرشد وعبدالناصر، بعد أن طلب عدم إصدار قرارات إلا بعد الحصول علي موافقة مكتب الإرشاد في الجماعة فغضب عبدالناصر بشدة، وبعد أن علم بنبأ الوحدات العسكرية سعي إلي حل الجماعة التي ضعف دورها داخل الجيش مرة أخري خاصة بعد حادث المنشية الذي اتهمت فيه الجماعة بإطلاق النار علي عبدالناصر.
وبعد وصول السادات إلي السلطة لم تتمكن الجماعة من اختراق الجيش، إلا أن جماعة الجهاد نجحت في اختراق الجيش عن طريق الملازم أول خالد شوقي الإسلامبولي الضابط باللواء 333 مدفعية ومعه عبدالحميد طايل وعطا طايل والرقيب المتطوع حسن عباس.
وفي الثمانينيات من القرن الماضي نجح الجهاد في تكوين تنظيم أطلق عليه «الجيش» أسسه محمد سالم رحال وضم الرائد عصام الدين محمد الضابط بسلاح المدرعات وكمال السعيد وأحمد راشد وأحمد رجب سلامة ونبيل نعيم عبدالفتاح، وقاموا بجمع أسلحة وذخائر ومفرقعات وتخزينها، ولكن المخابرات الحربية نجحت في القبض عليهم في إمبابة وقاموا بترحيل محمد سالم رحال قائد التنظيم وتولي كمال السعيد حبيب قيادة التنظيم وضم عدداً من الضباط واتصل طارق الزمر بكمال حبيب وتم توحيد التنظيمين الذي أدي في النهاية إلي اغتيال الرئيس السادات.
وبعد ثورة 25 يناير حدث نوع من الوفاق بين جماعة الإخوان وبعض وقيادات المجلس العسكري الذي ساهم وبشكل غير مباشر في منح الدفعة للجماعة علي حساب باقي القوي السياسية، وتغاضي «العسكري» عن أخطاء الجماعة ومكنها من الحصول علي أغلبية برلمانية، وبعد أن حصل الدكتور مرسي علي كرسي الرئاسة في انتخابات تنافس فيها عدد من المرشحين أصبح لدي الجماعة خطة وطمع في اختراق العسكر من جديد متناسين أن الجيش المصري سيظل مثل الجسم الصلب المتماسك الذي لم يتغير ولم يغير من مهامه ووظائفه.
وحتي عندما قام الرئيس مرسي بإقالة المشير طنطاوي وجنرالات المجلس العسكري لم يتدخل الجيش الذي رحب بالقرار لتفرغه لمهامه الأساسية.. ولكن يري المراقبون أن العسكر الآن يقاومون بشدة محاولات الأخونة أو ما يعرف بـ «الأسلمة» حتي إنه عندما فجر عدد من قيادات الجماعة قنبلة محاكمة طنطاوي وعنان، التي استمرت توابعها علي مدار عدة أسابيع حدثت حالة من الغضب داخل الجيش وحينما وصلت الرسالة الي الرئيس دافع عن المجلس العسكري السابق وأدان الحديث عن محاكمتهما.
الدكتور سعد الدين إبراهيم – رئيس مركز ابن خلدون للدراسات الانمائية – قال: إنه بالفعل يسعي الجهاديون الآن إلي اختراق الجيش المصري وبعض القيادات اتصلوا بي ينبهونني إلي هذا الأمر وأرسلت هذا التحذير منذ أكثر من شهر إلي الأجهزة الأمنية، ولكني لا أعلم مدي اهتمامهم برسالتي أو تجاهلهم لها.
وأضاف إن أحداث رفح وغزة ومدينة نصر تقوم بها التنظيمات الجهادية التي تريد أن تخلق حالة من الفوضي حتي تتمكن من القفز علي السلطة.
وأشار إلي أن الأجواء الحالية التي

نعيشها تساعد الجهاديين علي خلق هذه الحالة، فالسياسات الحالية تجعلهم يشعرون أنهم من الممكن أن يفلتوا من العقاب، والدليل أنه لم يتم التحقيق في أي حادثة إرهابية أو إحالة الي المحكمة وهناك اجواء تجعل الجهاديين يشعرون بالارتياح الي ارتكاب مثل هذه الجرائم الإرهابية.
وأكد سعد الدين إبراهيم أن محاولة الإسلاميين وبشكل عام اختراق الجيش ليس بالأمر الجديد وكونهم وصلوا أيام السادات إلي الجيش ويمكن أن يصلوا إلي الجيش في أي فترة أيضاً، وأحداث مدينة نصر رهان علي ذلك وهذا يستدعي أن تكون المخابرات الحربية والشرطة العسكرية أكثر استعداداً لمواجهة المخاطر المحتملة.
ويري رئيس مركز ابن خلدون أن الإخوان يسعون إلي اختراق الجيش والشرطة وكانت المحاولات طفيفة بعد حصولهم علي الأغلبية في البرلمان المنحل، ولكنهم بعد وصول الدكتور محمد مرسي إلي الحكم أصبحوا اكثر جرأه علي أسلمة الجيش، وهذا الأمر يحتاج إلي رأي عام مضاد لذلك.
وقال اللواء حسام سويلم، الخبير الاستراتيجي: إن الضابطين المتهمين في خلية مدينة نصر الارهابية احدهما مفصول منذ 10 سنوات لانتمائه إلي جماعات إسلامية والآخر أجبر علي تقديم استقالته منذ شهر تقريباً لنفس السبب، وتلك الواقعة لا تعبر عن اختراق الجهاديين للجيش المصري فما يحدث حالات فردية حتي الآن، خاصة أن ضابط الجيش هو مواطن عادي وله أقارب ويتأثر بالظروف المحيطة به وقد يخضع إلي سيطرة تيار من التيارات المتطرفة ولكن المسح الأمني الذي يتم باستمرار ضروري لمنع اختراق التنظيمات للجيش، مؤكداً أهمية تطبيقه أيضاً علي الضباط المتقاعدين.
ويضيف: والدكتور يوسف القرضاوي أكد علي سعي الإخوان لأسلمة الجيش، حينما كتب إن جماعة الإخوان أخطأت لأنها لم تخترق الجيش من البداية ولكن الجماعة الآن تسير في طريق الأسلمة بعد أن نجحوا في استقطاب بعض الضباط وهذا يؤثر علي فكر الضباط في المستقبل، خاصة أن الجماعة تنادي بالانتماء إليها، بينما الجيش ينادي بالانتماء إلي الوطن.
وقال اللواء محمد علي بلال، الخبير الاستراتيجي: إن ما قيل عن استقالة الضابط المتهم في خلية مدينة نصر غير حقيقي فهو أجبر علي تقديم الاستقالة بعد التحقيق معه.
وأشار إلي أن الربيع العربي في تونس وليبيا ومصر هناك مؤيد له وآخر معارض، وهناك من يقول إن أمريكا هي السبب في الثورات وقد ينجح الجهاديون في اللعب علي هذا الوتر وتجنيد ضباط متقاعدين من الرتب الصغيرة الرافضين للربيع العربي للانضمام إلي تنظيماتهم الجهادية ولكن لا يمكن أن نعتبر ذلك اختراقاً لأنه لا سلطان علي المتقاعدين.
وأكد «بلال» أنه قبل الثورة كانت القوات المسلحة منضبطة وبعدها أيضاً ومن يخالف القواعد ويثبت انتمائه للإسلاميين يحال إلي التقاعد أو يحاكم، ولكنه لم ينكر أنه بعد الثورة تغير الوضع بعض الشيء مع الحفاظ علي المظاهر الشكلية، خاصة ان مصر ظلت 60 عاماً بدون حراك سياسي.
ويري الخبير الاستراتيجي أن حادث مدينة نصر عارض وفي أي مجتمع يمكن أن يحدث أخطاء فردية، والجيش مثل المجتمع من السهل التأثير علي بعض ضباطه ولكن حتي الآن منذ 60 عاماً ما تعرض له الجيش يمثل حوادث فردية لا تشكل ظاهرة مقلقة.
وأشار اللواء محمد شفيق النجومي - الخبير الاستراتيجي - إلي أن هناك عدداً كبيراً من الضباط يؤدون الصلاة ويمارسون الشعائر الدينية، والفريق عبدالفتاح السيسي من تلك النوعية التي تشجع السلوك القويم وتنمي الوازع الديني، ولكن عندما يتعدي السلوك إلي المظهر الشكلي تكون الفكرة متملكة وتلك الفكرة التي تتملك أي ضابط من الممكن أن تغير في سلوكه ولو ثبت علي أي ضابط ذلك يكون جزاؤه ترك الخدمة وفي أحيان كثيرة يضطر الضباط إلي فعل ذلك لترك الخدمة داخل الجيش.
ويؤكد «النجومي» أن الجيش المصري لا يمكن اختراقه وما يحدث ليس له علاقة بالمناخ الإسلامي الذي نعيشه، ولكنه سلوك حدث أيام مبارك والسادات والدليل تنظيم الفنية العسكرية واغتيال السادات.. ويضيف: ولا ننسي أن «السيسي» كان مسئولاً عن المخابرات الحربية، بالإضافة إلي الأمن الحربي برفع تقارير مباشرة عن أي حالة.
ويري حافظ أبوسعدة - رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان - أنه لا يمكن أن نقول: إن هناك اختراقاً من الجهاديين للجيش، مشيراً إلي أن الانتماء إلي التنظيمات قديم جداً وليس له علاقة بالمناخ الحالي، واغتيال السادات وتنظيم الفنية العسكرية الدليل.
وأضاف: إن تجنيد عناصر من الجيش للاشتراك مع الجماعات الجهادية أمر غير مستبعد ووارد، ولكن هناك أجهزة داخل الجيش ترصد الاختراقات الآن والفارق أن هذا النشاط زاد الآن لأن البعض يري أنه يتفق مع السلطة الحاكمة، فلم نكن نسمع عن ضباط ملتحين قبل الثورة، كما أن الإسلاميين طالبوا بحصة مباشرة في كليات الجيش والشرطة وذلك جاء بعد الثورة لحرص الإسلاميين علي اختراق تلك الأجهزة الأمنية.. ودعا «أبوسعدة» إلي ضرورة تحييد الأجهزة الأمنية لمصلحة كل القوي السياسية وأن تكون بعيدة عن اي محاولات للتجنيد من أجل استقرار الوطن.
وأضاف: وفي حالة نجاح الإسلاميين في اختراق الجيش سينقسمون إلي فرق وقوات تنتمي إلي قوي سياسية مختلفة وسنجد مجموعات ربما تسعي إلي اغتيال الرئيس مرسي نفسه، وربما يدفع هذا الاختراق البلاد إلي حرب أهلية.