عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

سد النهضة لن يؤثر على حصتنا فى مياه النيل

بوابة الوفد الإلكترونية

إثيوبيا عطلت عمل الخبراء الدوليين وقدمت معلومات مغلوطة

100 خبير أمريكى يؤكدون على انهيار السد لبنائه على منطقة صخور ضعيفة

جميع المنشآت المائية فى إثيوبيا حدثت بها مشاكل أثناء إنشائها أو بعد افتتاحها

 

بداية وقبل أن أدخل فى الأسباب الجغرافية والفنية التى تدفعنا إلى الحكم بأن سد النهضة الذى تبنيه إثيويبا على منابع نهر النيل، سينهار قريبا، فإن هناك بعدًا إيمانياً ينبغى أن نعتقد فيه ونتمسك به ويترسخ فى وجداننا ونحن ندير هذه الأزمة، وهو المتمثل فى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم - الذى لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحى يوحى، والقائل فيه «مصر كنانة الله فى أرضه من أرادها بسوء قصمه الله»، وهو ما يطمئننا بأن الله هو الحافظ لمصر من كل خطر أو تهديد يستهدفها، وأنه سبحانه وتعالى الكفيل بأن يقصم ظهر كل من يريد الإيذاء أو الإساءة لمصر، بل وبمجرد بروز هذه الإرادة واضحة جليلة أمام الجميع، وقبل أن تنفذ فى الوجود الحادث. لذلك لم يقل الحديث الشريف «من أصابها بسوء» ولكن «من أرادها بسوء». وما ذلك إلا لأن مصر - كما أرادها الله تعالى - «كنانته فى الأرض».. أى جعبة سهام الحق تعالى الموجهة ضد أعداء الله ودينه فى الأرض، وهو ما أثبتته أحداث التاريخ.. عندما تصدى المصريون لأخطر ثلاث هجمات تعرض لها الإسلام فى التاريخ.. وهى الهجمة الصليبية التى استمرت قرنين من الزمان «الثانى عشر والثالث عشر»، عندما هزم الجيش المصرى الصليبيين فى معركتى «حطين 1187» والمنصورة «1260» ثم هزيمة التتار فى عين جالوت عام 1261، إلى جانب ما يخوضه الجيش المصرى من معارك ضد إسرائيل منذ عام 1948، 1956، 1967، وأخيرا وليس وبآخر حرب أكتوبر 1973، التى نصرنا الله فيها بتحرير كامل تراب سيناء، رغم كل الحسابات الدولية التى تقول بعكس ذلك.

لذلك يجب أن تطمئن قلوبنا تماما إلى وقوف المولى عز وجل ورسوله لجانب مصر وهى تخوض معركتها السياسية فى مواجهة إثيوبيا التى تستهدف حرمانها من مياه النيل، وتعطيش وتجويع شعبها، فلن يسمح المولى عز وجل ورسوله لكائن من كان فى الوجود، حتى لو اجتمعت قوى الشر فى الوجود قاطبة - على أن تحرم مصر من نقطة مياه واحدة من نهر النيل، فسينجى الله تعالى مصر من شرورهم ومؤامراتهم، وستتدفق مياه النيل، كما كانت تتدفق عبر القرون إلى مصر، بل وستزداد إن شاء الله، وسترتد سهام أعداء مصر إلى نحورهم، مهما كبر كيدهم وحقدهم وتآمرهم عليها.

 

العوامل الجغرافية والفنية الفنية التى تنبئ بانهيار السد:

وصف أحد الخبراء الألمان التصميم الإنشائى لسد النهضة، بأنه «لا يرقى لأن يكون تصميما لبناء عمارة وأنه سينهار ويدمر مصر والسودان»!! وترجع الاحتمالات القوية لانهيار هذا السد إلى ضعف «معامل الأمان الإنشائى الذى لا يزيد على «1٫5 درجة» مقابل «8 درجات للسد العالى» فى مصر، وكان ضعف معامل الأمان ما أدى إلى امتناع معظم دول العالم عن تمويله.

فمن حيث موقع السد فهو مقام فى نهاية النيل الأزرق داخل إثيوبيا وعلى مسافة 20كم من حدودها مع السودان فى منطقة «بنى شنقول جرموز» عند خط عرض 19 درجة وخط طول 35 درجة، بين جبلى «ليبياتا» و«نيكور»، ويصل متوسط الأمطار فى منطقة السد إلى نحو 800مم سنة على الهضبة الإثيوبية التى تتكون من صخور مملوءة بالتشققات والفواصل، وفوق الأخدود الإثيوبى الذى يقسم إثيوبيا إلى قسمين، وهو أكبر فالق على وجه الأرض، وغالبا يصحب هذه الفوالق انزلاقات للتربة، مما يسبب زلازل تهدد بانهيارات فى السدود، وقد ذكر د. القبيصى خبير الزلازل العالمى «إن منطقة سد النهضة قد تعرضت لعشرة آلاف زلزال خلال الـ43 عاما الماضية، وأن البحيرة الملحقة بالسد فى أثناء وبعد ملئه سوف تتسبب فى حدوث زلازل كبيرة تصل قوتها إلى 6٫5 درجة بمقياس ريختر، بما يهدد سلامة السودان واندفاع المياه لتغرق ما أمامها فى السودان ومصر». وأوضح أن إثيوبيا لم تتعظ مما سبق من انهيار معظم الأربعين سدًا التى أقامتها على أنهارها فى العقد الأول من القرن 21، بسبب فوالق لا تقارن بالفالق العنيف أسفل سد النهضة. هذا فضلا عن أن 75٪ من الصخور الإثيوبية مغطاة بالصخور البركانية البازلتية السوداء، وهى صخور تكونت بفعل الحمم البركانية، وتعد أضعف أنواع الصخور النارية، حيث تتفتت بسرعة عندما تسقط الأمطار وتتحولى إلى طمى، لذلك فإن الصخور النارية هى مصدر التربة الزراعية فى مصر، ويصل حجم ما سيحتجزه سد النهضة من طمى النيل إلى 420 مليارم3 سنويا. لذلك يؤكد الخبراء أن هذا الإطماء الشديد سيترتب عليه، ليس فقط مشاكل كبيرة لتوربينات توليد الكهرباء، ولكن سيترتب عليه تقليص عمر السد الافتراضى ما بين 25 و50 عاما، وتناقص فى كفاءة السد تدريجيا، ومن ثم تزداد فرص تعرضه للانهيار بسبب العوامل الجيولوجية، وسرعة اندفاع المياه التى تصل فى شهر سبتمبر إلى نصف مليارم3 يوميا، هذا إلى جانب إغراق نحو نصف مليون فدان من الأراضى الزراعية فى حوض النيل الأرزق فى بحيرة السد، وكذا إغراق بعض مناطق التعدين.. مثل الذهب والبلاتين والحديد والنحاس وبعض مناطق المحاجر، فضلا عن تهجير نحو 30 ألف مواطن من منطقة البحيرة.

لذلك.. فعندما تقام على هذه الصخور سدود عملاقة من أعلى فإنها تتعرض لضغط هائل وهبوط نتيجة وزن جسم السد والمياه معا. كما تتمثل خطورة صخور البازلت التى تشكل معظم الأراضى الإثيوبية، فى أنها ليست كتلة صماء واحدة، ولكنها تتكون من طبقات رقيقة تتصف فى تكوينها بوجود فراغات فيما بينها، وفى حالة تعرضها لأوزان هائلة - كما فى حالة سد النهضة - فقد تتشقق الصخور وتمتلئ بالمياه بما يؤدى إلى حدوث زلازل تؤدى إلى انهيار السد.

فإذا وضعنا أيضا فى الاعتبار الانحدرات الجبلية، وما تشكله من فارق بين قمم الجبال البركانية التى تهطل عليها الأمطار وبين موقع السد، فإن هذا الفاصل يصل إلى 4000 متر، إلا أن ارتفاع بعض القمم يبلغ 4600م فى حين أن منطقة السد تقع على ارتفاع 500م فإذا افترضنا أن ارتفاع السد 145م، فإن ارتفاع البحيرة يبلغ 645م فوق سطح البحر، وهذا الفارق يجعل اندفاع مياه الأمطار قويا للغاية بامتداد نحو 500كم تتسم فيها الأرض بانحدرات شديدة جدا. فإذا أضفنا إلى ذلك أن كمية الأمطار الشديدة التى تهطل قياسا بالفترة الزمنية التى تسقط فيها، وهى قصيرة جدا لا تزيد عن شهرين، فإن تدفق هذه المياه يكون قويا للغاية، ويزداد قوة مع انحدار الأرض.

هذا فضلا عن مساحة البحيرة التى تصل إلى 1680كم2، ومع ارتفاع السد يصل إلى 140م وبطول 1800م، وقدرة محطات كهربائية 520 ميجاوات، فإن هذا السد يمثل خطرا حقيقيا على دولتى المصب السودان ومصر، لذلك حذر الخبراء من كوارث يمكن أن تقع بسبب انهياره المحتمل، واندفاع المياه المحملة بالرواسب ومخلفات الانهيار الأرضى والصخور والأشجار المقتلعة والحيوانات النافقة، لتلتهم الأخضر واليابس، وتقضى على الإنسان والحيوان والممتلكات ويهلك الحرث والنسل، هذا فضلا عن أن أى خطأ بسيط فى التصميم أو التنفيذ قد يؤدى إلى عيوب تتسبب عند البدء فى تخزين المياه إلى انهيار السد، مما يشكل كارثة مدمرة على دولتى المصب، خاصة وأن الأراضى السودانية والمصرية، والسدود المقامة على أراضيها - بما فيها السد العالى - تقل مناسيب أراضيها بمئات الأمتار عن منسوب تخزين المياه فى سد النهضة.

 

تقارير دولية تحذر من انهيار سد

 النهضة:

وقد جدت مؤخرًا فى نهاية شهر مارس الماضى، معلومات سودانية عن عيوب فى التصميمات الهندسية لسد النهضة، الأمر الذى قد يسبب أضراراً واسعة على البلدين - السودان ومصر - وأن المشاكل الفنية معروفة منذ فترة، لذلك سعت إثيوبيا طوال الوقت إلى تعطيل عمل لجان الخبراء الدوليين، ورفضت استكمال أى دراسات محايدة بشأنه، وتقدم فقط «معلومات مغلوطة».

وعن تعطيل إثيوبيا عمل اللجان الفنية المحايدة، كشف الخبير السودانى «المهندس دياب حسين دياب» عضو لجنة الخبراء الدوليين لتقييم سد النهضة، والتى تشكلت عام 2011 من الدول الثلاث أن دراسات السد غير مكتملة حتى الآن، وأن إثيوبيا اكتفت بدراسة موقع السد فقط، وتصاميم على مراحل التشييد دون أى تأمين. وأضاف المهندس «دياب» «قمنا بزيارة الموقع لمراجعة العمل أكثر من ثلاث مرات - وكان التقرير الختامى فى عام 2014 - وأن التقرير الناتج عن هذه الزيارات أوضح التصحيحات المطلوب من إثيويبا إدخالها على تصاميم السد، كما تم تكليف لجنة جانبية لمراجعة الأساسات والحفر وعمل تقرير الملاحظات للجنة الخبراء، كما تم تحديد الإجراءات المطلوب اتخاذها من جانب إثيوبيا.. وأهمها ترسيب الصخور والنظافة والحشو فى السد الرئيسى، أما السد السروجى.. فوجد أن الأساسات غير ثابتة والصخور هشة والتى يجب إزالتها تصل إلى أعماق أكثر من 45م، ولم توجد صخور ثابتة». وأضاف المهندس «دياب» «وأنه فى المنتصف توجد كهوف أخطر من التربة لا يعرف مداها كما اختلف الخبراء حول وجود فوالق أم لا».

وقد نفت إثيوبيا فى ردها على التقرير وجود فوالق أو كهوف فى الموقع، مع عدم استبعاد وجود فوالق داخل البحيرة على بعد مائة كيلومتر، كما كشف الخبير السودانى أن إثيوبيا لم تقم بعمل دراسة مسح مائى مفصل بشبكات، لمعرفة أى مشاكل قد تؤدى لحدوث شقوق وفوالق، منوها إلى أن وجود فوالق أو شقوق داخل بحيرة محملة بطمى وأخشاب وممارسة الشعب فى البحيرة، مع ضغط المياه والطمى تؤدى إلى حركة قوية مثل تسونامى، ممكن تصل إلى السد وبما يؤدى إلى حدوث موج عال يطفو فوق السد السروجى وبما يؤدى إلى انهياره، ونوه إلى أنه فى مثل هذه السدود الكبيرة يوصى خبراء البنك الدولى، بتكوين لجنة دولية دائمة لزيارة الموقع على الأقل كل 3 شهور، لمراجعة التصاميم والعمل الإنشائى، وعمل ملاحظات للمقاول والمستشار، لكن إثيوبيا لم تفعل هذا، واكتفت فقط بخبراء محليين.

ولمعرفة الأضرار إذا حصل انهيار، بحسب الخبير السودانى، يفترض عمل نموذج حسابى تحليلى لتوضيح كميات المياه المنسابة والسرعة والأبعاد والإنشاءات المتأثرة، ولكن إثيوبيا رغم أنها وعدت بأنها ستقوم بذلك، إلا أنها حتى هذه اللحظة «مارس 2020» لم تلتزم بهذا العمل، وهذا إن دل على شىء فإنما يدل على خطورة هذا السد.

وتعليقا على هذه التقارير أفاد السفير مجدى عامر - مساعد وزير الخارجية المصرى الأسبق لدول حوض النيل - «إن تلك المعلومات وهى موثقة فى تقرير لجنة الخبراء الدوليين، تثبت نواقص كثيرة ومخاطر فى هذا المشروع». كما شدد عامر على أن كل الدراسات الإثيوبية غير كافية، وقد وضعت إثيوبيا العراقيل أمام المكاتب الاستشارية الفرنسية لعدم إجراء أى دراسات، علما بأن تقرير لجنة الخبراء الدوليين أوصى بتغيير تصميم السد، وأكد ن أمان السد لا يعتمد عليه، والدراسات البيئية غير موجودة. وقد أيد د. هانى رسلان - رئيس وحدة حوض النيل بمركز دراسات الأهرام - أن كلا إثيوبيا والسودان اعترضا على التقرير الاستهلالى الذى وضعه المكتب الفرنسى، والذى يحدد المنهجية التى سيتبعها فى إجراء الدراسات، ورغم العديد من المحاولات لتجاوز هذه العقبة، فإن إثيوبيا استمرت فى المراوغة، وانتهى الأمر إلى طريق مسدود بعد استهلاك كثير من الوقت.

وقد أيد وأكد تقرير لمعهد «مارساتشويتش» الأمريكى، أنه فور انتهاء أديس أبابا من بناء سد النهضة وتخزين المياه به، سينهار السد لأنه تم بناؤه على منطقة من الصخور الضعيفة التى لا تتحمل تخزين هذه الكميات من المياه، وقد شارك فى
إعداد هذا التقرير نحو 100 خبير أمريكى، فيما كشفت تقارير أخرى أعدتها مكاتب استشارية نرويجية أن سد النهضة لن يتحمل استيعاب 74 مليارم3 من المياه وبالتالى سينهار السد الإثيوبى، هذا ما أكدته دراسة لمجموعة صرف مياه النيل، فإن انهيار سد النهضة يعنى انهيار سدود الروصيرص، وسنار ومروى فى السودان، وغرق الخرطوم، ما قد يهدد السد العالى وخزان أسوان فى مصر، وبما يؤدى إلى خسائر بشرية ومادية جسيمة فى البلدين، قد تماثل كارثة «تسونامى» من إغراق للأراضى والمدن والسدود وكل شىء، ناهيك عن احتمالات الزلازل.

إلا أنه نظرا لطول المسافة التى تقطعها مياه النيل من منبعها فى إثيوبيا إلى أن تصل إلى حدود مصر «تحتاج 18 يوما» مع وجود تعرجات فى مجرى النيل، ستكون مصر بفضل الله قادرة على إنقاذ نفسها باتخاذ تدابير سريعة لتصريف المياه فى مفيض توشكى لأنه جاهز ومفتوح باستمرار، ومفيضات أخرى قد يتقرر إنشاؤها وإن كانت بعض الخسائر قد تلحق بالسد العالى، وبعض الأضرار التى يمكن بالتحسب المسبق تلافيها.

 

سوابق انهيار سدود أخرى فى إثيوبيا

تؤكد أحداث السنوات القليلة الماضية أن جميع المنشآت المائية فى إثيوبيا حدثت بها مشاكل إما أثناء إنشائها أو حتى بعد افتتاحها، وأبرزها سد «تاكيزى» الذى أنشأته الصين ويعد من أكبر المشروعات التى تأخر افتتاحه عامين كاملين من 2007 إلى نوفمبر 2009 بسبب انهيار بعض أجزائه أثناء العمل، حيث تنفق إثيوبيا حوالى 40 مليون دولار سنويا من أجل شحنه وترميمه بالخرسانة تجنبا لانهياره، وهو ما حدث أيضا فى خزان «جيبا-2» على نهر «اومو» الذى يتجه إلى كينيا وهو مشروع مكمل لسد «جيبا-1» عبارة عن سد صغير لاختزان مليار متر مكعب، وخلال عمل نفق «جيبا-2» ليربط بحيرة السد بنهر «اومو» حدث انهياران فى المشروع فى عام 2006 و2007 فتأخر افتتاحه مرة أخرى فى ديسمبر 2010، وكان سبب الانهيارات فى المشروعين أن الصخور البازلتية للمشروعين بها تشققات، ونظرا لهذه الطبيعة الجيولوجية الإثيوبية فإن شركة «سالينى» الإيطالية التى نفذت مشروع «جيبا-2» اشترطت على الحكومة الإثيوبية عدم مسئوليتها عما يحدث بعد تسليمها المشروع، وهذه الشركة ذاتها هى التى تعمل لتنفيذ سد النهضة، ومن البديهى أن الطبيعة الجيولوجية للأرض فى إثيوبيا كلها واحدة بل إن 75٪ من صخور حوض النيل هى خصور نارية بازلتية.

ولقد أكد د. عباس شرقى الخبير فى الشئون الجيولوجية ومدير إدارة الموارد لطبيعية أن 70٪ من مشروعات السدود على الهضبة الإثيوبية تفشل وتنهار بسبب الأخطاء الفنية والهندسية، مؤكدا أن الهضبة الإثيوبية لا تصلح لإقامة السدود على النيل الأزرق، خاصة أن إثيوبيا تعتبر من أكبر المناطق فى أفريقيا عرضة للانهيارات الأرضية والزلازل، وأن 75٪ من الإثيوبيين لن يستفيدوا من المشروعات المائية لسد النهضة، وأضاف أن الطبيعة الصخرية للهضبة الإثيوبية تحول بينها وبين أى مشروعات كبيرة كالسدود، وقد أكد ذلك الانهيار الجزئى الذى وقع فى جزء من «جيوبى» الذى تم افتتاحه عام 2009، حيث انهار جزء من بعد عام واحد من إنشائه وهدم أنفاق فى عام 2006.

أما فيما يتعلق بسد النهضة تخصيصا فيقول الخبير الجيولوجى حمدى عنتر، إن الصخور البازلتية من مساحة السطح والصخور الرسوبية تشكل نحو 27٪ حيث يكثر الحجر الجيرى، وهى أقل تحملا للأثقال مثل أجسام السدود والتعرية وبما يؤدى إلى تآكل التربة وتؤثر نسبة 82٪ من أراضى إثيوبيا حيث يصل فاقد التربة من المرتفعات إلى 200-300 طن للهكتار الواحد سنويا، كما أن الأنهار الإثيوبية تحمل نسبة عالية من الطمى، وتقدر كمية الرواسب التى نقلت من حوض النيل خلال الثلاثين

عاما الماضية بحوالى 200 مليار م3، كما أن الزلازل والانهيارات تشكل أكبر التحديات التى تواجه إثيوبيا وغالبيتها تزيد على مقياس 6 ريختر مما يزيد من عدد وعمق الفوالق والتشققات فى الصخور، وبالتالى الانهيارات الصخرية لذلك فإن الأسباب الجيولوجية واختلاف التضاريس وشدة الانحدارات والصخور والبراكين البازلتية الضعيفة والصخور الجيرية المتشققة، وغير ذلك الكثير يقف راء فشل الكثير من مشروعاتها المائية لأن طبيعة أراضيها لا تصلح لإقامة سدود كبيرة لتخزين هذه المياه.

وفى المقابل يرى د. عباس شراقى أن الحل الأمثل يتمثل فى التوسع فى إقامة سدود صغيرة متعددة أغراض الكهرباء ومياه الشرب والزراعة لكى تخدم عددا من المدن والقرى التى يستحيل نقل المياه إليها من أماكن أخرى، ويمكن توزيع الـ8 مليارات دولار تكلفة سد النهضة على بناء 1000 صد صغير بما يفيد الإثيوبيين الذين يعيشون فوق قمم الجبال ومن المناسب أن تتم الزراعة على النمط المطرى للاستفادة من مياه الأمطار، وذلك فى إطار تعاون فعال بين دول حوض النيل من أجل تقدم هذه الزراعة، ويؤكد د. علاء الظواهرى أنه من الصعب جدا على أن تقبل بالسعة المعلنة حاليا للسد والتى تقدر بحوالى 74 مليار م3 لما يسببه ذلك من أضرار عديدة لمصر، ولكن من الممكن القبول بسد سعته التخزينية 14 مليار م3، فقط خاصة أن الاحتياجات لمصر تزيد على 75 مليار م3 سنويا بما يفوق كثيرا الـ55 مليار م3 المقررة حاليا، وحيث تتم تغطية العجز عن طريق إعادة الاستخدام لاسيما مع توقع زيادة سكانية ليصل عدد سكان مصر إلى 150 مليون نسمة فى عام 2050.

 

المهام العاجلة أمام مصر لمواجهة آثار سد النهضة

 

وإزاء مواجهة احتمال انهيار سد النهضة والتداعيات الناتجة عن ذلك، فإنه ينبغى أن نتحرك من الآن والشروع فورا فى إعداد الدراسات الطبوغرافية والجيولوجية وغيرها للبدء فى إنشاء بحيرة مصرية كبيرة جدا قريبة من بحيرة ناصر، بحيث تكون جاهزة لاستقبال أكثر من 70 مليار م3 من المياه حال انهيار السد وذلك عبر مفيضات تعد وتجهز شرق وغرب السد العالى لهذا الغرض تجنيبا للبلاد من الغرق، مع الاهتمام بتطهير وتجهيز مفيض توشكى، بحيث تنقل المياه الفائضة من البحيرة إلى الوادى الجديد بالصحراء الغربية لزراعات الأراضى المستصلحة والمخطط استصلاحها بالاستفادة بهذه المياه.

هذا إلى جاب الكشف الدورى على السد العالى وترميمه وكذا ترميم القناطر والسدود المصرية على الخط الرئيسى لنهر النيل وإجراءات دراسات عليها لمعرفة مدى تحملها لضغط المياه، وما قد تحتاجه من دعامات وترميمات وإعادة هيكلة أو إنشاءات جزئية أو كلية، ومن بينها خزان أسوان (وهو يختلف عن السد العالى والذى بنى خلال الفترة من 1899 - 1906 ليقوم بحجز المياه أثناء الفيضانات حيث يتم تصريف المياه بالكميات اللازمة للرى خلال فترة التحاريق)، وقناطر أسيوط التى إنشائها بين عامى 1898 و1904، وقناطر إسنا ونجع حمادى وأيضا قناطر الدلتا، وقناطر زفتى على فرع دمياط وقناطر إدفينا على فرع رشيد، هذا إلى جانب تنقية المجرى المائى للنيل وتهذيبه بصورة دورية وحماية المياه من التسرب بتكسية الأجزاء التى تتطلب ذلك بالأحجار وغيرها وإزالة الحشائش بصورة دورية حتى نضمن سريان الماء وجريانه بصورة طبيعية ودون عوائق. كذا من المهم إنشاء مفيضات قبيل القناطر والسدود وفى أماكن مناسة لتصريف المياه الزائدة - فى حال انهيار السد - إلى الصحراء الغربية ويمكن الاستفادة منها فى ملء الخزانات الجوفية. هذا مع البدء الفورى فى إجراء الدراسات والبحوث - بالتعاون مع منظمة اليونسكو - للحفاظ على الآثار المصرية الموجودة فى أسوان والأقصر وغيرها وعمل سيناريوهات لحماية الآثار من الغرق والدمار حال انهيار السد.

 

تحليل المواقف الدولية والإقليمية من الأزمة

أولا: ما هو تفسير التعنت الإثيوبى؟

لقد بات واضحا أن إثيوبيا فى تعاملها مع قضية سد النهضة إنما تراهن على أن الإضرار بالمصالح المائية لمصر، من شأنه أن يتسبب فى مشكلات وأزمات ليس فى مقدور أى حكومة مصرية أن تتحمل تبعاتها، وأنها حتما سوف تضطر إما للجوء إلى المواجهة العسكرية، وعندها يتحقق هدف توريط مصر فى حرب استنزاف وابتزاز لا طائل من ورائها غير إهدار الموارد والطاقات وتأزيم العلاقات الخارجية وإما أن تستسلم للابتزاز وتخضع للضغط، وقد برز هذا الرهان الإثيوبى على إيذاء مصر منذ مايو 2010، عندما قادت إثيوبيا تحركا لدول منبع النيل «أوغندا وتنزانيا ورواندا وبوروندى» ضد مصر والذى أدى إلى فرض ما عرف بـ«اتفاقية عنتيبى» وكان هدفها المحورى إنهاء التزامات هذه الدول باتفاقيتى عام 1929، و1959، اللتان تنظمان الحصص المصرية والسودانية السنوية من مياه النيل باعتبارها «إرثا استعماريا» والعمل على إعادة تقسيم مياه النيل بين دول الحوض الثمانية ثم جاءت الخطوة الثانية لإثيوبيا بالإعلان فى أبريل 2011، عن مشروع إنشاء سد النهضة.

ولا يمكن تفسير الموقف الإثيوبى الأخير، عندما تخلف وفدها عن الحضور إلى واشنطن لتوقيع الاتفاق الذى سبق الموافقة عليه حول سد النهضة بعد أربع جولات من المفاوضات المضنية استمرت سنوات بين الأطراف الثلاثة، إثيوبيا والسودان ومصر إلا أنه اصطفاف ضمن الصف المعادى لمصر، ويضم دولا فى الدائرتين الدولية والإقليمية وربما ليست إسرائيل وقطر وحدهما المصطفتين بل يضم دولا أخرى كبرى وصغى كشف السودان أخيرا أنها تضمه. كما لا يمكن تفسير الموقف الأمريكى المائع من هذه القضية فى ضوء هذه الحقيقة وهو ما ستكشف عنه واشنطن لاحقا.

كما لا يمكن أيضا تجاهل تأثير البعد الداخلى فى إثيوبيا على قراراتها وسلوكياتها فى هذه الأزمة حيث تكشف عن المزايدة بين الأطراف الداخلية المتنافسة فى الانتخابات البرلمانية القادمة فى اغسطس القادم التى حولت قضية سد النهضة إلى مزاد سياسى انتخابى، وكأنها تخوض حربا تحشد لها الجماهير، وهو ما نجده فى تصريحات وزير الخارجية الإثيوبى «جيتدا حشو تدارجو» البعيدة تماما عن الأعراف الدبلوماسية والقانون الدولى، وكأنه يشارك فى مظاهرة سياسية داخلية، حينما قال: «الأرض أرضنا والمياه مياهنا والسد سدنا»، وهو كلام ليس سوى دعاية سياسية رخيصة ينبغى ألا تصدر عن مسئول إثيوبى يتولى وزارة الخارجية، ومن البديهى أنه يعرف القانون الدولى، ويدرك معطيات التاريخ والجغرافيا وأهمية مياه النيل لمصر، باعتبارها شريان الحياة لشعبها، حيث تقدم إثيوبيا نفسها فى هذه القضية، وعلى لسان وزيرها باعتبارها شريان الحياة لشعبها، حيث تقدم إثيوبيا نفسها فى هذه القضية، وعلى لسان وزيرها باعتبارها «سيدة النيل» كما تظهر إثيوبيا للسد باعتباره موحدا لمواطنيها، الذين يعانون من صراعات عرقية وسياسية وهو ما انعكس فى تصريح الرئيسة «ساحلورك زودى»، التى اعتبرت سد النهضة نموذج لوحدتنا. وأنه أكثر من مجرد مشروع تنموى فهو سلاحنا للتغلب على الفقر، والأمل فى التنمية المستقبلية، كما دعت زودى مواطنيها لجمع التبرعات لدعم السد واستكماله قبل الموعد المحدد له، أما وزير الرى الإثيوبى، فقد أعلن عن بدء تخزين بحيرة السد بـ4٫9 مليار م3 فى يوليو القادم يليه اختبار توليد الطاقة فى مارس 2021 على أن يكتمل المشروع عام 2023، فمن المعروف أن تكاليف السد تصل إلى 4 مليارات دولار وتم بالفعل بناء 70٪ من منشآته.

وبعدما ثبت من فشل معركة المفاوضات بانسحاب إثيوبيا من مفاوضات واشنطن، فقد خاب أسلوب القاهرة فى الرهان على الصبر الطويل، ونجحت إثيوبيا فى الفوز بما تحتاجه من زمن حتى تحقق ما تريده، بل وتُصعد من موقفها باستدعاء سفرائها فى مصر والسودان وهو أسلوب تعودت عليه مصر عند التعامل مع إسرائيل، حيث تفكر أديس أبابا فيما لو لجأت القاهرة إلى الأمم المتحدة وملس الأمن، وأيضا إلى التحكيم الدولى، فهى ترى فى هذ المسلك المصرى «المتوقع» فرصة من وقت حتى تبدأ تعبئة السد، فتكسب مزيدا من الوقت تستكمل فيه تعبئة السد، فتضع مصر بذلك، بل والدول المتعاطفة مع الموقف المصرى، أمام الأمر الواقع لأن التحكيم الدولى يحتاج مزيدا من الوقت وهو ما تحتاجه إثيوبيا، وبذلك تصبح القضية منتهية.. إذ ما بعد اكتمال السد - رغم الاعتراضات المصرية؟ ثم ماذا بعد ملء السد؟! هى إذن سياسة فرض الأمر الواقع فى وقت تقف فيه أفريقيا - للأسف - داعمة لإثيوبيا، حتى لو كان ذلك ضد القوانين الدولية.

ومما يؤكد رهان إثيوبيا على عامل الوقت فى تثبيت الأمر الواقع بشأن السد أنه على النقيض من بيان وزير الخزانة الأمريكية، الذى أدان موقف إثيوبيا فى الامتناع عن حضور اجتماع التوقيع على الاتفاق الذى تم التوافق عليه مسبقا نجد بيان الحكومة الإثيوبية يعتبر عن خيبة الأمل من البيان الأمريكى هذا ثم يؤكد على أن إثيوبيا بصفتها مالكة للسد فإنها ستبدأ فى الملء الأول للسد بالتوازى مع بنائه، وهو نوع من التحدى السافر والمكشوف ليس فقط ضد مصر، ولكن أيضا ضد الولايات المتحدة الأمريكية، ويكشف الستار عن الرغبة المبنية فى فرض الأمر الواقع.

ومن اللافت للنظر أن التلويح بالخيار العسكرى، لم تثره مصر منذ تولى الرئيس السيسى للسلطة فى مصر فى منتصف عام 2013، لا بشكل مباشر ولا غير مباشر، إلا أن رئيس وزراء إثيوبيا «أبى أحمد» بدأ المجاهرة به أمام برلمان بلاده فى أكتوبر الماضى عندما قال: «إن بلاده قادرة على جمع مليون إثيوبى لخوض الحرب إن كتب عليهم القتال»، ثم تجددها هذا التهديد مؤخرا على لسان رئيس أركان الجيش الإثيوبى «الجنرال آدم محمد»، الذى زار موقع السد مصحوبا بعدد كبير من جنرالاته فى 14 مارس الماضى، وهناك هددنا بجيش بلاده بأنه «مستعد للتصدى لأى هجوم عسكرى يستهدف سد النهضة وسيتم الرد عليه بالمثل»، وتماشيا مع هذا التصعيد غير المبرر صرح قائد القوات الجوية الإثيوبية «العميد يالما موديسا» قائلا: إن طائرات إثيوبيا مستعدة لإحباط أى هجمات جوية لضرب سد النهضة ومنشآته، أما الترجمة العملية لهذا الشعار ولتلميحات القادة العسكرين الإثيوبيين فقد عبرت عنها بصراحة شديدة صحيفة «كابيتال» الأسبوعية بقولها «إن كانت إثيوبيا تبدو من الوزن الخفيف عسكريا بالمقارنة مع التفوق العسكرى المصرى، المدعوم من دول خارجية إلا أن مصر تملك سد أسوان العملاق وتعيش فى بيت من زجاج»!!

وللحديث بقية