رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

د. محمد داود : نواجه حرباً فكرية تستهدف هدم العقل والإنسان

«حد الحرابة».. عقوبة «العبث بالأوطان»

التشدد فى الطرح الدينى.. سبب رئيسى للإلحاد

يجب على الأزهر ووزارة الأوقاف تقديم رؤية وطنية إيمانية

الأمة الإسلامية تحتاج إلى تفكير علمى بعيد عن الأوهام

 

الدكتور محمد داود الداعية الإسلامى الشهير هو أستاذ علم اللغة بكلية الآداب جامعة قناة السويس والخبير السابق بمجمع اللغة العربية والمشرف العام على موقع «بيان الإسلام» للرد على الافتراءات والشبهات.

التحق بجامعة UCR لدراسة علم اللغة الحديث ومناهج التفكير فى العلوم الإنسانية وأسس «معهد معلمى القرآن» واشتغل بالدعوة فى المراكز الإسلامية بأمريكا «ولاية كاليفورنيا» وأنشأ جمعية المعرفة لتأليف الموسوعات وتحقيق التراث والتبادل الثقافى مع المراكز العالمية، كما يشارك فى العديد من البرامج التليفزيونية والإذاعية؛ له كتابات متعددة فى العديد من الصحف المحلية والعربية والدولية؛ ومن أبرز مؤلفاته «القرآن الكريم وتفاعل المعانى» و«العربية وعلم الحديث» و«حرب الكلمات فى الغزو الأمريكى للعراق» و«اللغة والسياسة فى عالم ما بعد 11 سبتمبر» و«كمال اللغة القرآنية بين حقائق الإعجاز وأوهام الخصوم» و«المعجم الموسوعى للتعبير الاصطلاحى فى اللغة العربية».

انشغل داود مؤخرا بقضية الإلحاد وقام بتدشين صفحة على الانترنت لمجابهة هذه الظاهرة لدى الشباب كما ألف العديد من الكتب التى تناقش هذه القضية الخطيرة بأسلوب علمى رصين للرد على كل الشبهات «الوفد» حاورت الداعية الإسلامى الكبير وهذا نص الحوار:

< بداية="" قضية="" الإلحاد="" قضية="" قديمة="" متجددة="" فى="" آن="" واحد="" تناولها="" القرآن="" الكريم="" فى="" العديد="" من="" آياته="" فما="">

- نحن أمام قضية خطيرة قديمة حديثة؛ قديما لأنها ظهرت فى القدم وذكرها القرآن؛ واشتهر القرآن الكريم بحديثه عن الدهريين الذين قالوا (وما يهلكنا إلا الدهر) «الجاثية:24» وما من شك أن الإلحاد هو إنكار وجود الخالق؛ هذا فى خلاصة المعنى؛ لكن هناك مستويات من الإلحاد؛ فهناك «الربوبى» الذى يؤمن بربٍ ولكنه لا يؤمن بدينٍ ولا نبى ولا رسول؛ وهناك من لا يؤمن لا برب ولا بدين ولا نبى ولا رسول؛ وهناك المتشكك أى «اللأدرى» الذى لم يحسم إيمانه بعد؛ فالقضية لا تهمه؛ وجود رب أو لا؛ يوجد دين أو لا يوجد؛ وهذه كلها مستويات متعددة وفى تاريخ الإيمان البشرى هذه المسألة تنشط فى حال ضعف قوى الإيمان وفى حال اشتداد القوى المادية وتمكنها وتسلطها ويكون الأمور بيدها؛ فما من شك أنها تثير الأسئلة المادية وتخفى الأجوبة الإيمانية؛ وطبيعة الحال هذه مسألة يكون لها مردود؛ والمنطقة العربية والإسلامية فى العالم كله الآن؛ تقع تحت تأثير حرب فكرية؛ هذه الحرب ما من شك هدفها إنما هو هدم العقل وهدم الإنسان؛ فيعملون على الهجوم على العقل من خلال التشكيك والشبهات ونحو ذلك؛ ويعملون بالهجوم على القلب بالشهوات؛ القصد من ذلك هو تدمير الإنسان وهذه الحروب هى الأخطر؛ من الحروب الصلبة؛ فالإنسان هو صانع الحضارة؛ وحين يهدمونه فهذه هى الخطورة؛ وهذه مسألة من أخطر ما يكون علينا وهى الحروب الفكرية التى نواجه بها الآن؛ أعانهم على هذه الحروب التقنية الحديثة وأن وسائل التواصل الاجتماعى متاحة للشباب؛ فهم يصلون له فى أخص الخصائص؛ وعندهم الجاهزية فى ملء هذا الفضاء الالكترونى بمساحة التشكيك والهجوم ونحو ذلك؛ وأنشأوا علم الجهل؛ وما يسمى بالذباب الالكترونى؛ أنشأوا الجاهزية التى بلمسة مفتاح يمكن أن يصدر تشكيك لا حد له فى منطقة ما؛ فيثير مظاهرات هنا وتشكيكا وقلاقل هنا إلى آخره؛ وأصبحت صناعة الزيف فناً من الفنون؛ أصبحت احترافا ونحن ليست عندنا الجاهزية فى المقابل؛ لذلك يتساقط الشباب؛ وبعض الكبار من بين أيدينا؛ وبخاصة إذا كان الإعلام موالياً لهم؛ حتى أنه ليس هناك توازن بين الرأى والرأى الآخر؛ فتتم إتاحة مساحة قوية مؤثرة كبيرة لاتجاه معين؛ أو تيار بذاته؛ فى مقابل أن الرأى أو التيار الآخر لا يأخذ نفس الفرصة والمساحة ولا قوة التأثير؛ وفى هذا غبن وظلم.

< وهل="" الحرب="" الفكرية="" ستزداد="" ضراوتها="" لتصب="" فى="" مصلحة="" الإلحاد="" ؟="" وما="" الطريق="">

- ما من شك أن الحرب ستزداد ضراوتها والمشهد خطير جدا؛ ومن هنا ينبغى على المثقفين؛ وعلى الأزهر ووزارة الأوقاف والتربية والتعليم أن تتكاتف جهودها وأن تكون لدينا رؤية وطنية إيمانية متفق عليها لمواجهة هذا الخطر الداهم الذى يحيط بعقولنا؛ بشبابنا؛ بقيمنا الإيمانية؛ ولذلك أقول كل صراع؛ وكل صدام بين التيارات الإسلامية يصب فى مصلحة الإلحاد؛ وكل صدام بين شيخ وشيخ يصب فى مصلحة الإلحاد؛ كل صدام بين أى تنوع إسلامى وفكرى وتيار وتيار آخر يصب فى مصلحة الخصوم والأعداء وعلى قمته الإلحاد. ولذلك ينبغى أن ننتبه إلى قضية ضعف الخطاب الدينى؛ وهذه مسألة خطيرة؛ فالخطاب فى السابق كان يجيب عن السؤال ماذا أفعل وكيف أصل؛ أما الخطاب اليوم فتحول مع الثقافات الوافدة؛ ومع الهجوم الثقافى المضاد إلى الإجابة عن السؤال لماذا أفعل؛ وينبغى أن تتحول الخطابات الثقافية والدينية والعلمية للإجابة عن السؤال لماذا؛ لكن الذى حدث مازلنا فى منطقة الإجابة عن السؤال ماذا أفعل والشباب يدورفى منطقة لماذا الإيمان؛ لماذا الخالق؛ لماذا؛ ومن هنا ينبغى ما لم نتحول بالمشهد الدعوى والثقافى إلى الإجابة عن السؤال لماذا أفعل ستتفاقم المشكلة؛ ونحن أمام خطورة حقيقية ينبغى أن نعترف بها حتى نتعاون جميعاً على الخروج منها بسلام ونستطيع مواجهة المخاطر.

< الحروب="" الفكرية="" الممنهجة="" هى="" آلية="" تدمير="" الإنسان="" معنوياً="" وصناعة="" الهزائم="" النفسية="" فما="" أهم="" السلبيات="" فى="" واقعنا="" الداخلى="" التى="" ساعدت="" على="" ظهور="" الإلحاد="" من="" وجهة="">

- أولا: الطرح المشوه للدين بين الإفراط والغلو والتشدد؛ والتفريط والتساهل؛ وتحول المرجعية فى الدين إلى الشهرة بدلا من التخصص والكفاءة؛ وقد أسهم الإعلام فى ذلك من خلال تقديمه من لا يحق له أن يتصدر العلم والفتوى، وبحثت فى بعض القنوات الخاصة عن الاعتبار التجارى الذى يهدف إلى الربح على حساب الرسالة الإعلامية؛ وظهر اتجاه قوى فى هذه القنوات؛ ادفع وتكلم «ادفع وقووول» وحدث خلط بين القيمة والشهرة.

ثانيا: الانفصام فى المجتمع بين الشعارات الدينية البراقة.. والواقع المؤلم الذى نعيشه جميعا ألما ومعاناة؛ فالمجتمعات العربية على قمة قوائم الفساد فى العالم؛ وأصبح الفساد قانونيا؛يعنى يتم بإساءة استخدام القانون لصالح الفساد؛ حتى صار فى كثير من مؤسسات المجتمع؛ شعاره: «ادفع وخالف». ومع أننا مجتمعات ورثت حضارة عظيمة لكننا نعانى من الوريث الفاسد والوريث الجاهل؛ والوريث الفاسد تنهار به أى حضارة «وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا» فهذه مشكلة الوريث الفاسد؛ الله لا يحب المفسدين؛ والناس لا تحب أن تأخذ الوريث الفاسد أسوة ولا قدوة؛ وبالتالى يزهد الشباب فينا؛ فى علمنا وكل شىء؛ الأمر الثانى الوريث الجاهل وما من شك أن الجهل هو عنوان الانهيار الكبير فى حياة الأمم.

ثالثا: افتقاد الأسوة الحسنة والقدوة الطيبة فى كثير من الكبار بالمعنى الاجتماعى والوجهاء والمسئولين والعلماء وطغت النرجسية والأنانية والطمع؛ ونسى هؤلاء رسالتهم ومسئوليتهم بعيدا عن جلال الإيمان وربانية المؤمن.

رابعا: السقوط العلمى للمجتمعات الإسلامية والعربية أمام الحضارة الغربية؛ فليس للمسلمين حضور على الخريطة العلمية العالمية ولا إسهام فى صنع الحضارة؛ وإنما هم فى موقع الاستهلاك الحضارى؛ ومن هنا شاعت أكذوبة «أن الإسلام ضد العلم» و«أن الإسلام سبب التأخر»..إلخ؛ وترتب على ذلك سحب الصراع الذى كان بين الكنيسة والعلم فى القرن السابع عشر فى أوروبا على الإسلام.

< هل="" الإلحاد="" أصبح="" ظاهرة="" تختلف="" عن="">

- ظاهرة وتغذى مع منطق الاحترافية فى صناعة الزيف؛ هناك خطاب ذاتى يقدم الإلحاد فى مقابل أن الخطاب الذى يواجه الإلحاد عندنا خطاب متوتر متشنج؛ عاطفى؛ متصارع بينه وبين بعضه البعض؛ وبالتالى هناك فرصة للخطاب الإلحادى أن ينتشر ويسود.

< ماذا="" عن="" جهودكم="" فى="" معالجة="" هذه="" الظاهرة="" عند="" الشباب="" وماذا="" عن="" صفحتك="" على="" مواقع="" التواصل="" الاجتماعى="" «الملحدون="" يعترفون»="" هل="" تجد="" لها="" صدى="" لدى="">

- الشباب متفاعل معنا؛ بل ويأتى هنا ليسأل ويبحث عن الإجابات المقنعة وما من شك أن الجهد الموجود عندنا هو يمثل جهدا فرديا؛ فمهما تعاظم وكان أثره هو جهد فردى وتبقى الجهود المؤسسية التى ينبغى أن ترقى إلى مستواها ومستوى الخطر الذى يواجهنا؛ وبالتالى هناك بدايات لجهود مؤسسية فى الأزهر الشريف؛ ولكن مازلنا نحتاج إلى جهود أكثر وتفاعلاً ووعياً وشمولية.

< ما="" تقييمك="" لجهود="" المؤسسات="" الرسمية="" فى="" مواجهة="" ظاهرة="">

- جهود المؤسسات المسئولة ضعيفة؛ فى أنها لم تستطع أن تقدم الدين بالدليل العقلى والعلمى أو تقدم طرحاً مقنعاً؛ لكل الأسئلة التى توجه من الملحدين والمشككين أو الشبهات التى تثار؛ مازلنا نحتاج إلى خطاب أكثر وعيا؛ وعلمية؛ وما من شك أن النية الطيبة والعاطفة الطبية موجودة؛ لكن نحتاج عملا له رؤية وتخطيط وآلية وتتوفر له القرارات الثلاثة لنجاح أى عمل مؤسسى؛ القرار السياسى الذى يسمح بوجود ذلك؛ القرار العلمى الذى يملك الرؤية والتخطيط؛ ثم القرار الاقتصادى الذى يمكن من تفعيل هذه الرؤى لأنها تحتاج إلى تكلفة عالية؛ فلابد أن نكون فاعلين بتدريس التفكير العلمى؛ والتفكير البشرى وكشف تاريخ الإلحاد على مجرى البشرية والأبعاد التى ينبغى أن تتكاتف جميعا ويشترك فيها علماء النفس والاجتماع؛ ولا يقتصر أبدا على العالم الذى يتكلم باسم القرآن والسنة فقط من وجهة دينية ومن وجهة النصوص والعلماء من كلية الطب والعلوم ونحو ذلك؛ نريد أن نكون لنا أفرقة تتكاتف وتتعاون؛ إنقاذا للشباب وإنقاذا للوطن.

< نظرية="" «دارون»="" كان="" لها="" دور="" وصدى="" شديد="" لدى="" أذهان="" الملحدين="" فماذا="" تقول="" حول="" هذه="">

- ما من شك أن هذه مسألة من المسائل التى اعتل فيها المسلمون فى الجواب؛ فهناك من ينكر مسألة التطور؛ وهناك فريق من العلماء المعتبرين أيضا يقولون إن هناك تطورا ونؤمن بهذه النظرية؛ لكنه تطور موجه؛ أى منسوب إلى الخالق؛ وفى الحقيقة لو أننا ابتعدنا خطوات إلى الوراء ولا نتدخل فى نظرية؛ مازال البحث جاريا فيها ونقول إن الإسلام مع العلم؛ وبالطبع هم يقصدون التطور بين الأنواع؛ التطور داخل النوع الواحد؛ والتكيف مع ظروف البيئة ونحو ذلك؛ هذا معمول به؛ لكن التطور الذى به مشكلة بين الأنواع؛ أن يتحول فرد إلى إنسان؛ وزرافة إلى نوع آخر؛ وأن طائرا يتحول إلى جنس آخر؛ هذا هو بيت القصيد وفيه المشكلة؛ فقسم قال بالتطور لكنه تطور موجه من الخالق أى أن الخالق هو الذى أراد ذلك؛ وأناس قالوا ليس هناك تطور وإنما خلق الإنسان مرة واحدة والقرآن يؤكد ذلك؛ والآخرون لهم تفسيرات؛ وأقول إن الإسلام «القرآن» مع العلم؛ وهذه النظرية ينبغى ألا نقحم أنفسنا فيها؛ لأن هذه نظرية حين تصل إلى الحقيقة العلمية نأخذ بمفاد وإنتاج العلم ونقول إن الخالق هو الذى خلق سواء كان هذا تطورا موجها أو خلق دون تطور؛ ومن الضرورى أن تتسع عقولنا لنفهم ولا نجعلها بلبلة ومشكلة يستفيد منها الإلحاد.

< لك="" مؤلف="" عن="" «القرآن="" وصحوة="" العقل»="" ما="" الرسالة="" التى="" حملها="" هذا="">

- بدون الفكر والعقل والفهم لن يحدث تقدم علمى؛ ولن يحدث وعى بحجم المخاطر؛ ولن نستطيع أن نتقدم خطوة؛ فالبداية هى الوعى؛ الفهم؛ والقرآن إنما من بدايته إلى نهايته أسئلة تثير العقل للفهم؛ لأن العقل حين ينشط ويفهم ويكون منه التفكير الراقى الذى يقوم على أسئلة علمية بعيدا عن العشوائية والأوهام ونحو ذلك ما من شك أن هذه هى البداية الحقيقية للتقدم العلمى؛

للتنمية؛ للوعى بحقائق الدين حتى ننفى ما دخل من زيف؛ أن نختار من التراث ما يأخذ بأيدينا؛ إلى آخره وأن نتحول من موقف صدامى ومن رد فعل إلى موقف إيجابى فاعل وأن يكون لنا إنتاج.

< كيف="" تفسر="" تحدى="" القرآن="" للعرب="" وهم="" أصحاب="" البلاغة="" والفصاحة="" والبيان="" وهل="" معجزة="" القرآن="" فى="" ظل="" عصر="" التقدم="" والتكنولوجيا="" تعتبرا="" تحديا="" جديدا="">

- القرآن فى إعجازه متجدد للعرب ولغير العرب؛ للعرب فى اللغة العربية ولا يزال القرآن يحمل من العظمة فى هذا البيان بآفاق عظيمة جدا لها كتبها وتخصصاتها المختلفة فى الجوانب اللغوية المختلفة؛ وهذا الجانب لا ينكر على القرآن الكريم فى بلاغته وعظمته فى إعجازه اللغوى؛ السؤال بصيغة أخرى؛ إن كان الإعجاز اللغوى يخص العرب فما الذى بقى من إعجاز القرآن لغير العرب؛ الذين يفهمون اللغة العربية؛ ادخر الله سبحانه وتعالى فى القرآن من حقائق العلم ما يخاطب أهل كل زمن وأودع فى كتابه من حقائق العلم ما يخاطب أهل كل تخصص وأهل كل علم فى الزمان بعد الزمان؛ حتى إذا ما اكتشف العلماء حقيقة من الحقائق وعلموا أن القرآن أخبر عنها قديما علموا يقينا أن هذا التطابق بين الحقيقة العلمية وإخبار القرآن عنها من قديم الزمان أن الذى خلق هذا الكون هو الذى أنزل هذا الكتاب؛ فهذه شواهد حق وبراهين إيمان وهذا هو الإعجاز المتجدد الذى يحمله القرآن الكريم؛ ولذلك لا غرابة أن تجد علماء أجلاء دخلوا الإسلام عن طريق هذا العلم هذا هو الإعجاز المتجدد الذى بقى فى القرآن مثل «جيفرى لان» وعلماء كثيرون غيره أقاموا دراسات علمية حول ما يخص الآيات التى تتحدث عن الكون مثل « موريس بوكاى» وكتابه العظيم جداً « التوراة والإنجيل والقرآن والعلم الحديث»؛ ما من شك وغيره كثير مثل «كيث مور» عالم الأجنة الذى أسلم بسبب ذلك؛ وغير هؤلاء كثيرون؛ كان الإعجاز العلمى أو الحقائق العلمية – قل ماشئت- هو الباب العظيم الذى دخل منه هؤلاء؛ فالقرآن ادخر من الإشارة إلى حقائق علمية فى القرآن الكريم ما يكون بمثابة شواهد الحق؛ براهين الإيمان لهؤلاء؛ لأن العلم محايد لا يجامل أحدا وهو الشاهد الثقة المقبول لدى كل العقول فى الزمان بعد الزمان على الكوكب الأرضى كله.

< شباب="" الأمة="" يتعرضون="" لمؤامرات="" وحيل="" خبيثة="" لمحاولة="" زعزعة="" انتمائه="" وولائه="" لبلده="" كيف="" نحميهم="" من="" هذه="" الحيل="">

- هذه قضية خطيرة؛ والخطير فيها أن تصنع باسم الدين؛ فأخطر ما فيها أن يصنع ذلك باسم الدين؛ وما من شك أن القرآن الكريم بين أن أمن الأوطان مقدم على الرزق؛ وهذا فى آية كريمة محكمة؛ والقرآن الكريم بيّن أن أمن الأوطان إنما هو مقدم أيضا على أى شىء مهم فى حياة الناس؛ وهو العبادة؛ القرآن يقدم الأمن على الرزق وعلى العبادة؛ وأقصى عقوبة فرضها القرآن على الذين يفسدون فى أمن الأوطان؛ وهى حد الحرابة «إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون فى الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزى فى الدنيا ولهم فى الآخرة عذاب عظيم» (المائدة:33) وانظر إلى التشديد فى «يقتَّلوا» أو «تقطَّع»..إلخ؛ للحسم فى هذه العقوبة؛ ولذلك القرآن واجه هذه المسائل مواجهة فكرية ببيان ذلك أنت أمن الأوطان إنما يشترك فيه كل الناس والأمن مقدم على الرزق والعبادة؛ لأنه لولا الأمن لن يكون هناك اقتصاد ولا رزق؛ ولولا الأمن لفرضت على العابد أجندات وعقائد أخرى باطلة؛ وأيضا شدد العقوبة على العبث بالأوطان وأمنها فى حد الحرابة؛ وهذا يبين لنا أن الانتماء للوطن إنما تعلمناه من رسول الله الذى قال حين خرج من مكة: «والله إنك لأحب بلاد الله إلى ولولا أن أهلك أخرجونى منك ما خرجت» فالنبى يعلمنا حبب الأوطان؛ والقرآن يشير إلى قضية خطيرة جدا؛ وهى أن التشبث بالوطن فطرة خلقنا الله عليها؛ فالله عز وجل حين يقول: «والله أنبتكم من الأرض نباتاً» لماذا شبهنا فى شدة التعلق بالوطن وتربته التى نشأنا عليها بالنبات ليبين لنا أن ذلك فطرة وأن خروج الإنسان على وطنه خروج على الفطرة؛ فلا بديل للوطن. وينبغى أن تكون هناك صناعة وتنقية للوعى فى أذهان الشباب من الأحاديث التى تنال من الانتماء للوطن؛ وأن يتعلم الشباب أن حب الوطن لا يتعارض مع الإخلاص للدين؛ بل كلما ازداد دينك وتدينك كنت أكثر محافظة على وطنك.

< إذن="" هل="" يمكن="" اعتبار="" أمن="" الوطن="" من="" مقاصد="">

- طبعا.. بل أن أمن الأوطان من أعظم مقاصد الشريعة.

< وكيف="" تقرأ="" الوضع="" الحالى="" فى="" المجتمع="">

- ما من شك أن الوضع خطير جدا ومتأزم للغاية؛ لسنا يدا واحدة؛ تقتلنا الفردية والتفرق الذى حذرنا الله منه «ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم»؛ وتقتلنا الشائعات والمصالح الشخصية؛ تمكن منا التخلف العلمى؛ الوريث الفاسد؛ الوريث الجاهل؛؛ وكل هذه سوءات موجودة لكن الأمل فى الأجيال القادمة أن تأخذ بأسباب التقدم العلمى وأن تعود إلى الأخلاق الكريمة؛ أخلاق القرآن الكريم والسنة النبوية؛ وأن تقلع عن الفساد وأن تقلع عن الجهل لأن ما أضر بنا إلا الوريث الفاسد والوريث الجاهل؛ يوم أن نقلع عن ذلك ما من شك كأننا سنعود إن شاء الله.

< باعتباركم="" خبيراً="" فى="" اللغة="" العربية..ما="" أهمية="" لغة="" الضاد="" فى="" وضعنا="" الحالى="" ؟وكيف="" نرتقى="">

- اللغة هى الهوية؛ هى الأنا والأصالة هى التى تحمل لك كل تراثك الماضى والحاضر؛ هى التى تجمع الفكر؛ لأن اللغة وعاء للفكر؛ تجمعنا يدا واحدة ويوم أن يتنازل الإنسان عن لغته؛ فهو يتنازل عن أصالته؛ يتنازل عن حياته؛ ومن هنا لغة القرآن محفوظة بالقرآن الكريم؛ ويوم أن يعود لها العرب؛ ما من شك أنه سيكون لهم شأن؛ لكن اللغة فى واقعها ترتبط قوة وضعفا بقوة أهلها؛ لأن العرب أهل ضعف فلغتهم ضعيفة؛ لأن العرب فى موقف الهوان فلا يلتفت إلى اللغة العربية؛ لأن العرب ليسوا أهل علم؛ فاللغة الإنجليزية الآن أكثر من 80% من الإنتاج العلمى يكتب باللغة الإنجليزية وحدها؛ ولذلك لها الهيمنة والسيادة؛ فمن لا يتحدث الإنجليزية فهو معزول علميا وسياسيا وعن أى شئ؛ قوة اللغة من قوة أهلها.

< أخيراً..="" رسالة="" يوجهها="" المفكر="" الإسلامى="" د.="" محمد="" داود="" فماذا="">

- إلى نفسى أولا وإلى سادتنا العلماء والدعاة لأن المشهد يحتاج إلى رؤية صادقة تأخذ على الاعتبار ما آل إليه حالنا؛ وأن نأخذ بالعلم والفكر ونعلم أن القرآن رسالة تنويرية وما لنا لم نحدث هذه الرسالة ونفعل الرسالة التنويرية القرآنية سنظل فى ضعف وهوان وعزلة عن العالم والصراع بين الخير والشر؛ بين الحق والباطل؛ بين المصالح على المستوى السياسى قائم فى كل زمان ومكان بين الدول وبين الأفراد وبين الثقافات والفائز من يدرك دوره؛ والقوة فى هذا الزمن قبل الحق؛ القوة تنشئ الحق وتحميه والضعف دعوة إلى العدوان؛ وأمرنا القرآن  «وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم» حتى بناء القدرة العلمية؛ الاقتصادية؛ العسكرية فى كل المجالات؛ المال المسلم عليه أن يأخذ دوره وأن يتحول من المصالح الشخصية إلى مصلحة الأمة؛ فأنا أجد أن المال اليهودى على مستوى العالم والمؤسسات الاقتصادية وأمريكا له رسالة ولا أجد أن المال المسلم له رسالة تخلف عن رسالته؛ فكل له دوره؛ أهل الاقتصاد لهم دور والعلماء لهم دور؛ أهل السياسة لهم دور والفائز من يدرك دوره.