رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

"التطبيل هو الحل" في عهد "مرسي"

 النائب العام عبد
النائب العام عبد المجيد محمود

نسمع كثيراً لفظ «كدابين الزفة» في العديد من المواقف.. وهؤلاء وفقاً لتعريفهم هم الذين يظهرون في الأفراح خاصة في وقت الطعام أو توزيع المشروبات ويذهبون ليأخذوا قطع اللحم وأطباق الأرز والخضار مقابل التواجد بالزفة والتهليل والتطبيل للعريس أو العروسة

ومدحهم بصفات لم تكن فيهم ويرقصون ويتمايلون بقدر ما ملأوا بطونهم من الطعام.
وسلطة الحكم لاتختلف كثيراً...وتستطيع أن تحذف العريس وتضع مكانه الرئيس وتستبدل اللحمة والأرز والخضار بالمناصب والمكاسب السياسية أو الرضا والحماية والظهور أمام الناس بالشكل الذي تريده والسمع والطاعة والتطبيل لكل القرارات مقابل ذلك.
وإذا كانت هناك مقولة  تقول «وراء كل عظيم امرأة عظيمة»...قد نختلف حولها نظراً لأن هناك من العظماء والعلماء وكبار المفكرين ما لم يتزوج من الأساس بل وولد يتيماً للأم  ومن ثم اختفاء دور المرأة في حياتهم وكانت الحياة بآمالها وآلامها أكبر مدرسة تعلموا فيها.
إلا أن الوضع الحالي في مصر يجعلنا نتذكر هذه المقولة ونستبدل بعض كلماتها بكلمات أخري بما يتوافق مع الواقع الذي نعيشه خاصة علي الساحة السياسية لنقول «وراء كل رئيس... كدابين زفة»... و«كدابين الزفة» مصطلح يطلقه الصفوة والمفكرون قبل العامة علي الذين يبررون أخطاء من يعتلونهم في المناصب أو تأييد الحكام في كل قراراتهم سواء كانت بالسلب أو الإيجاب للحصول علي بعض المكاسب أو تولي المناصب ليكونوا جزءاً من نظام الحكم أحياناً أو مستفيدين من وجوده أحياناً أخري.
وشهد عصر الرئيس جمال عبد الناصر مثل هؤلاء لكونهم استفادوا من قراراته أو جاءت الثورة لتضعهم في مناصب لم يكونوا يحلمون بها في يوم من الأيام أو حصلوا علي أراض بعد قانون الإصلاح الزراعي فوجدوا في فترة حكمه العيش الرغد وبالتالي انضموا إلي الاتحاد الاشتراكي وما شابه ذلك من تنظيمات سياسية للقرب من الرئيس.
ومع أن كل عصر له  سلبياته وإيجابيات إلا أن هؤلاء لا يذكروا أي خطأ لعبد الناصر ولم يذكروا أي شيء قد ينال من الرجل،ولم يختلف الأمر في عهد الرئيس الراحل أنور السادات بعد أن أحيط بالعديد من الذين تربحوا في عهده وهللوا له خاصة بعض رجال الأعمال لدرجة تجعل البعض يقول «من لم يغتن في عهد السادات لن يغتني» وانضم الكثير من كدابين الزفة إلي الحزب الوطني.
ونفس الأمر بالنسبة لعصر مبارك بقي الحزب كما هو وبقي معه كدابين الزفة وأوهموا المصريين بأن الرئيس مبارك هو المنقذ ووصل الفساد في عهده إلي أقصي درجاته كذلك انتشار الوساطة والرشوة والمحسوبية وسرقة أموال مصر وإفساد الحياة السياسية وتزوير الانتخابات جهاراً نهاراً إلا أنه كان ولا يزال هناك من يدافع عنه مقابل كرسي كسيح في مجلس محلي قرية أو مركز أو ما شابه ذلك.
ومن المفترض أن تأتي ثورة 25 يناير لتنهي كل ذلك وتبدأ عصراً جديدا نحو بناء الجمهورية الثانية خاصة أن الثورة أزاحت نظاما كاملا عن الحكم وتستطيع أن تزيل كل هذه الشوائب وتزيح كدابين الزفة من حول الرئيس إلا أن ما نشاهده الآن غير ذلك.
وكدابين زفة الرئيس مرسي خرجوا منذ اليوم الأول لتأييده ليقنعوا المواطنين بأنه قادر علي إنجاز برنامجه خلال الـ100 الأولي لحكمه في القضايا التي حددها اشترط علي نفسه أيضاً مدة إنجازها وعندما فشل في ذلك من وجهة نظر الكثيرين خرج «كدابين الزفة» من الأنصار والمؤيدين ليقولوا بأن المدة غير كافية خاصة أن بينها أياما كانت تحت حكم المجلس الأعلي للقوات المسلحة وما شابه ذلك ليبرروا فشله.
وخرجت المظاهرات التي ملأت الميادين بناء علي إصدار التعليمات ومن ثم حتمية تنفيذها لتؤيد قرار الرئيس بعودة مجلس الشعب وألفوا من الحجج ما يستطيعون به إقناع الناس بالباطل متناسين سيادة القانون وعدم احترام أحكام المحكمة الدستورية العليا وكانت المفاجأة في إلغاء قراره ليخرجوا مرة أخري مدعين أن الرئيس احترم حكم المحكمة متناسين للمرة الثانية أن قرار الحل الأول كان حكماً قضائياً أيضاً ولا يختلف عن الحكم الثاني إلا أن المبررات تبني سياسة التطبيل والتهليل لكل قرارات الرئيس أصبحت منهجا وطريقا يسيرون عليه.
وواصل «كدابين الزفة» جهودهم خلال أزمة قرار الرئيس بإقالة النائب العام وتعيينه سفيراً لمصر بالفاتيكان ليؤكدوا أن الرئيس يسير علي طريق التطهير متهمين النائب العام بما لا يليق برجل علي رأس السلطة القضائية وضاربين بالقانون عرض الحائط إلا جاءت مبرراتهم بأن الرئيس

لم يكن قد أصدر قرارا بإقالته وإنما تعيينه سفيراً وكأن الشعب قد عم به الجهل لدرجة تجعله لايستطيع أن يفرق بأن تولي المنصب الجديد يعني تركه منصبه.
وكما يرى المراقبون والمتابعون فإن كدابين زفة الرئيس مرسي تبنوا عدة شعارات منها «التطبيل هو الحل»لكل ما يقوم به الرئيس سلباً وإيجاباً و«التكفير هو الحل» لكل من ينتقد سياسة الرئيس واتهامه بالوقوف ضد الإسلام نفسه وليس شخص الرئيس أو سياسته و«اصمتوا يرحمكم الله» لمن يسألهم عن الجديد في عهد مرسي وما يجعله يختلف عن نظام مبارك.
عرضنا حالة كدابين الزفة الذين يطبلون ويرقصون للسلطة علي خبراء ومتخصصين في علم النفس والاجتماع لتحليل شخصياتهم.
فوصف الدكتور طلعت السروجي عضو مجلس نقابة الاجتماعيين «كدابين الزفة» بالمنافقين الذين يلجأون لهذه الحيل نتيجة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي يمر بها المجتمع المصري علي مدار سنوات حيث كان للمنافقين مكانة سياسية كبيرة نتيجة ذلك النفاق وكأن النفاق السلم الوحيد للصعود إلي أهدافهم والتميز عن غيرهم وتبوؤ مناصب عالية.
ويضيف السروجي أن بعض الناس يلجأ للتأييد المطلق سواء كان بالسلب أو الإيجاب اعتقادا منهم بأن ذلك يكسبهم حماية نفسية وذاتية وإشباع حاجاته ورغباته لأن للنفاق عائداً مميزاً عن الآخرين الذين لم يسلكوا نفس الطريق في التطبيل والتهليل.
وأكد السروجي أن هؤلاء يعتبرون مرضي نفسيين نتيجة شعورهم بالنقص الذاتي في بعض الصفات أو الأشياء  كذلك عدم اكتمال شخصياتهم المستقلة وهو ما نسميه بـ «انفصام الشخصية» نتيجة غياب الفكر أو الوعي المستقل لهم وانصهار شخصياتهم فيمن يحيطون بهم ويصبحون تابعين لغيرهم وهو ما يهدد ثقافة المجتمع وفكره ويؤثر عليه سلباً ويحرمه من العقول الناضجة.
وتؤكد الدكتورة سوسن فايد أستاذ علم النفس السياسي بالمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية أن كدابين الزفة جزء من مشكلة النفاق السياسي التى تفاقمت في المجتمع المصري خلال العقود الأخيرة خاصة في عهد النظام البائد وحكم الرئيس المخلوع حسني مبارك نتيجة سعي البعض للحصول علي مكاسب وأغراض شخصية نتيجة هذا النفاق.
وتعتبر أستاذة علم النفس السياسي أن هذا الفكر ترسخ في وجدان المصريين لاعتقادهم بأن ذلك الطريق ربما يكون الأقرب لتحقيق أهدافهم مستبعدة التخلص من ذلك التفكير والمنهج إلا في حالة عمل إصلاح إداري وإقامة مؤسسات الدولة وفقاً لقواعد دون الاستثناءات والمجاملات التي تحدث نتيجة العلاقات الشخصية أو الوساطة والمحسوبية.
وترجع فايد ظاهرة «التطبيل» والتبعية للقيادات إلي الثقافة المكتسبة حاليا نتيجة ضعف الشخصية وعدم القدرة علي المواجهة كذلك التربية والتنشئة الاجتماعية والسياسية الخاطئة للشباب.
وترى فايد أن التخلص من ظاهرة «كدابين الزفة» يتطلب خلق مناخ ديمقراطي حر يستطيع فيه المواطن الحصول علي حقوقه كاملة دون نفاق أو رياء أحد دون الحاجة إلي التأييد الإجباري الذي نراه قائلة «ما كان يحدث خلال عهد مبارك نراه الآن في كثير من المواقف فلا جديد وربما يحتاج التغيير بعض الوقت».