عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الموظف «المزاجنجى».. خارج الخدمة

بوابة الوفد الإلكترونية

117 ألف موظف خضعوا لتحليل المخدرات

23 مركزًا علاجيًا يقدم خدماته بالمجان فى 14 محافظة

 

اضطرابات فى السلوك.. جسد منهك.. غياب متكرر.. هكذا يكون حال الموظف المدمن الذى يخسر فى النهاية وظيفته وصحته وأمواله مقابل وهم متعة مزيفة، يدفع ثمنها الفصل والطرد من العمل والسجن.

دفتر أحوال الجرائم يقول إنه خلف كل جريمة صاحب «كيف»، إما موظفًا أو سائقًا أو عاملاً بالوظائف الحرجة بقطاعات التشغيل بالدولة، فالكيف يدفع بصاحبه إلى ارتكاب العديد فمن الحوادث والجرائم البشعة، من أجل تأمين جرعة المخدر التى يتعاطاها يخلتس من المال العام أو يحتال على الآخرين وقد يقتل ويسرق بالإكراه، فأغلب حوادث الاغتصاب والاختطاف، والجرائم العائلية، كان «الترامادول» و«الحشيش» و«الهيروين» سببًا رئيسيًا فيها، ليظهر الموظف المدمن، مسلوب الإرادة وفاقد الوعى والإدراك، ما يشكل خطرًا يهدد سلامة المجتمع وتماسكه واستقراره.

١١٧ ألف موظف بالجهاز الإدارى للدولة، خضعوا للكشف الطبى والعلاج والمتابعة المجانية، ضمن الحملة الرئاسية للكشف عن المخدرات، والتى بدأت فى مارس ٢٠١٨ وتتواصل حتى الآن، وتستهدف تحقيق فحص طبى لألف موظف يوميًا، وتقديم كافة أشكال الدعم الصحى له، والعلاج والتأهيل والدمج المجتمعى للمتعافين من التعاطى والإدمان.

تستهدف الحملة القومية الكشف الطبى وإجراء تحليل المخدرات لحوالى ٥٠٠ ألف موظف خلال عام والنصف، فى مختلف الوزارات والمديريات والهيئات الخدمية بكافة المحافظات، سائقو حافلات المدارس والقطارات وعمال التحويلة، من سن ٢١ إلى ٦٠ عامًا، ويتم التحليل فى المستشفيات والمراكز المتعاونة فى علاج المتعاطى، وعددها ٢٣ مركزًا علاجيًا موزعا على ١٤ محافظة، بعضها فى أقصى شمال مصر وأخرى فى جنوبها، ويصل تكلفة التحليل الواحد للموظف ٢٣٧,١ جنيه فى المتوسط، ولكنه يتم مجانًا للعاملين فى الدولة ويشارك فى المبادرة الخط الساخن «١٦٠٢٣» لصندوق مكافحة الإدمان، ويوجد ٢٤ متطوعًا يتناوبون على العمل على مدار اليوم، للتواصل السريع مع المرضى المستهدفين من المبادرة، حيث تنوعت المكالمات بين المتابعة والمشورة وطلب العلاج، بدءًا من تسجيل بيانات المتصل « العمر، والنوع، والمحافظة»، واستقبالهم، والإجابة عن كل الإستفسارات الخاصة به، وتوجيهه لأقرب مستشفى، لعلاجه بالمجان وفى سرية تامة.

بالإضافة إلى الصفحة الرسمية لصندوق مكافحة وعلاج المخدرات، وتتضمن أيضًا معلومات عن الحملة والتوعية وكيفية إجراء الكشف، فضلًا عن نشر التوعية والثقافة الصحية ضد آثاره المدمرة وأهمية الكشف الطبى، وإعطاؤه الأدوية وإجراء التحاليل اللازمة له، ولو حالته تستدعى الحجز، يتم توفير خدمة الحجز المجانية، ويستقبل الخط الساخن أيضًا البلاغات عن أماكن بيع المخدرات، والأماكن التى يتم تعاطى المواد المخدرة فيها، بالإضافة إلى تلقى البلاغات عن الأماكن العلاجية غير المرخصة، التى ليس لديها خبرات علاجية، كما يتم توفير قروض للمتعافين من الإدمان لتحقيق الدمج المجتمعى وصلت إلى ٢ مليون و٢٠٠ ألف جنيه.

ومؤخرًا وافقت الحكومة على مشروع قانون لإنهاء خدمة من يثبت ادمانه للمواد المخدرة من العاملين بالجهاز الإدارى، ويخص «شروط شغل الوظائف أو الاستمرار فيها»، والمطروح للنقاش فى البرلمان.

حدد مشروع القانون عدة معايير لشغل الوظائف العامة بالدولة، فاشترط للتعيين أو للتعاقد أو للاستعانة أو للاستمرار أو للترقية إلى الوظائف الأعلى فى الوظائف العامة بوحدات الجهاز الإدارى للدولة، ثبوت عدم تعاطى المخدرات من خلال الكشف الذى تجريه الجهات المختصة، بالاضافة إلى إلزام إجراء التحليل عند الترقية إلى الوظائف الأعلى أو التعاقد أو الاستعانة أو شغل الوظائف القيادية أو الإشرافية أو تجديد التعيين، كما اشترط إجراء تحليل المخدرات بصورة مفاجئة، من خلال الجهات المختصة، طبقًا لخطة سنوية تعدها هذه الجهات، وفى حال اكتشاف عينة إيجابية، يتم تحريرها، وإيقاف العامل بقوة القانون عن العمل، وذلك ضمن خطة الحكومة لضبط أداء الجهاز الإدارى للدولة، ومكافحة تناول الموظفين للمخدرات.

ويطبق القانون على كل وحدات الجهاز الإدارى للدولة من وزارات ووحدات إدارات المحليات ومصالح عامة وأجهزة لها موازنات خاصة وهيئات عامة خدمية واقتصادية، كما يسرى على موظفى شركات القطاع العام وشركات قطاع الأعمال العام والشركات القائمة على إدارة المرافق العامة ودور الرعاية وأماكن الإيواء والملاجئ ودور الإبداع والتأهيل ودور الحضانة والمدارس والمستشفيات.

ويعاقب القانون الموظف بإنهاء خدمته حال ثبوت تعمده الامتناع عن إجراء التحليل أثناء الخدمة، أو تعمده التهرب منه بغير عذر مقبول، كما نص على معاقبة كل من يسمح متعمدًا بتعيين أو التعاقد أو الاستعانة أو استمرار من ثبت تعاطيه المخدرات فى العمل بالجهات المحددة، بالحبس وبغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تجاوز مائتى ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، إلى جانب معاقبة كل من يتعمد الغش فى إجراء التحاليل التى ينظمها هذا القانون، أو يدلى بنتيجة مخالفة للواقع قبل إثباتها فى محرر بعقوبة السجن، وذلك مع عدم الإخلال بأى عقوبة أشد منصوص عليها فى أى قانون آخر.

وتشير الإحصائيات التى أعدها الصندوق القومى لمكافحة الإدمان إلى أن نسبة التعاطى فى مصر تراجعت من ٨٪ إلى ٢٪، وأن أكثر أنواع المخدرات انتشارًا بين المدمنين هى أقراص الترامادول بنسبة ٤٠٪، ويأتى فى المرتبة الثانية الحشيش بنسبة ٢٧٪، ويليه الهيروين أكثر المواد المخدرة فتكًا، وأيضًا «الفودو والاستروكس» لا يتعدى ٧٪ حاليًا، كما انتشرت المخدرات بين فئة السائقين بنسبة ٢٤٪، والحرفيين ١٩٪.

كما تؤكد دراسة حديثة، أن هناك حيلًا يتبعها سائقى المركبات للتخلص من آثار «الحشيش» و«الترمادول»، وأبرزها الإكثار فى تناول الخل واللبن وحبوب الضغط، لإصابة أجهزة الفحص الطبى بـ « التشويش »، ومن ثم لا تكتشف اقترافهم جريمة التعاطى.

قانون رادع

قال النائبة منى منير، عضو مجلس النواب لـ«الوفد»: إن قانون « فصل الموظف المتعاطى»، فى غاية الأهمية، وسيكون رادعا لأى موظف يتعاطى المخدرات، ويأتى ضمن خطة الإصلاح المؤسسى، الذى لن يستقيم دون النهوض بـ «الموظف العام»، باعتباره الركيزة الأساسية لأى مؤسسة، فى ضوء توجيهات الرئيس للكشف عن التعاطى بين الموظفين، حفاظًا على الأمانة التى أسندت إليهم، وهى الحفاظ على الدولة ومواطنيها، ويعد أيضًا تطهيرا للجهاز الإدارى للدولة وتأسيسا لنظام إدارى صحيح ومنضبط لكل أصحاء البنية والعقل وأولى الخطوات لتحقيق ذلك هى استبعاد المدمنين من عملهم.

وأضافت – «عضو مجلس النواب» – أن حملات الكشف عن المخدرات التى يتم تنفيذها لا تفرق بين ذكور وإناث، موضحة أنه يتم تقديم خدمات علاجية وتأهيلية وتعزيز التعافى وإعادة الدمج المجتمعى للمتعاطين بالمجان وفى سرية تامة.

وأوضحت– «عضو مجلس النواب»– أن أضرار الإدمان لم تخص أصحابها فقط وهم المتعاطون، وإنما تخص كافة قطاعات الدولة وتؤثر عليها بالسلب، كما أنه يعطى صورة للموظف المتعاطى تسئ لسمعة الدولة فى الداخل والخارج. وواصلت: «الموظف اللى ميحترمش قدسية العمل لا مكان له فى الجهاز الإدارى للدولة، وكذلك المهن المسئولة عن الأرواح البشرية كسائق المركبات والقطارات، حيث إنه فى حال ثبوت بتعاطى موظف للمخدرات سيتم فصله من وظيفته وإحالته إلى النيابة العامة، لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة، لأنه لا يعنيه سوى هم واحد هو «الحصول على المخدر» بأى طريقة

وبأى ثمن، ويذوب ضائعًا فى دوامة المشاكل، ولا يستطيع تحمل مسئوليته المهنية أو إنجاز المهام الموكلة إليه».

وأكدت– «عضو مجلس النواب»– أن موافقة الدولة على قانون «فصل الموظف المتعاطى»، خطوة البداية لمواجهة الإدمان، لأن الموظف مسئول عن أمانة بين يديه، أما أمانة العمل فى حال كونه موظفًا إداريًا، أو أمانة الروح فى حال كونه سائقا، ويجب أن يدرك الموظف قيمة المسئولية فإن أضاعها أو أساء إليها، فإنه بذلك يلحق الضرر بأسرة كاملة، فضلًا عن كون الموظف المتعاطى قدوة سيئة للشباب وللقطاع الذى يعمل به.

وأشارت–« عضو مجلس النواب »– إلى أنها تعمل منذ عامين على التوعية بمخاطر الإدمان، سواء عن طريق حملات تثقيفية ومجتمعية للوقاية منها، وأيضًا مبادرة « لا للإدمان أنت الأقوى»، بالتعاون مع صندوق مكافحة الإدمان، للتوعية من المخدرات والأسباب التى تؤدى إليها، وطرق العلاج منها، وحققت نجاحات كبيرة.

قرار إيجابى

الدكتور وليد هندى، استشارى الطب النفسى، قال : «فصل الموظف المتعاطى» سيكون قرارًا إيجابيا، لأنه يعمل على تطهير قطاع الدولة من السلبيات والمشاكل التى يسببها فى العادة من يتعاطى المخدرات ويدمنها، منوها بأنه يعد مطلبا جماهيريا وليس فرديا، إذ يترتب عليه حماية الأرواح التى تذهب ضحية لجرعة المخدرات وحماية أمن الدولة واستقرارها.

ويوضح–«استشارى الطب النفسى»–أن الموظف المتعاطى يتسم بالبلادة الحسية نتيجة تأثره بالجرعة المخدرة، ما يجعله يرتكب أى مخالفة دون الشعور بمدى جسامتها كطلب رشوة مالية أو الاختلاس من العهدة، أو التحرش سواء لفظيًا أو جسديًا بإحدى الموظفات أو المواطنات المترددة على المؤسسة لطلب خدمة معينة، لافتًا إلى أن المخدرات يظل تأثيرها لفترات طويلة فى الجسم، حتى ولو توقف الشخص عن التعاطى، مما يؤثر على الحالة الجسدية والسلوكية للشخص، ومدة بقاء المخدر فى الدم تختلف حسب نوع المخدر، لأن لكل مخدر تأثيره المختلف عن الآخر.

ويضيف–«استشارى الطب النفسى»–أن الموظف المتعاطى من السهل أن يقوم بإفشاء أسرار العمل نتيجة احتياجه للمال أو للجرعة المخدرة، إضافة إلى أنه يسهل ضمه إلى جماعات الشر والسوء وذات النمط السلوكى غير المرغوب أو الخارجين على القانون، وهو ما قد يدفعه بسهولة إلى ارتكاب العديد من الجرائم، فى حق نفسه والمواطنين والدولة. مؤكدًا أن الموظف المتعاطى هو أكثر عرضة لارتكاب الأخطاء والمخالفات الجسيمة بنسبة أعلى من أقرانه الذين يرتكبونها نتيجة الخطأ البشرى المعتاد والوارد حدوثه، لأن الجرعة تؤثر على عملية اتخاذ القرار السليم، وهو ما يجعل الموظف المتعاطى بؤرة جريمة خاملة، قد تنشط بعد حين، وهو ما يضر بالوطن وأفراده.

ويؤكد–«استشارى الطب النفسى»–أن تناول الشخص للمخدرات يجعله دائمًا مختل الحواس مضطرب الإدراك مفتقد البصيرة، ما يترتب عليه زيادة حوادث الطرق، إذا كان المتعاطى من فئة السائقين، سواء كان يقود شاحنة تحمل بضاعة أو مركبة أو قطارا يحمل أرواحا، وهذه الحوادث تكلف الدولة خسائر جسيمة، إذ تخسر.. أولًا : مواطنيها ليصبحوا ضحايا لموظف متعاطٍ، وثانيًا : هناك خسارة مادية جسيمة على عاتق الدولة، من حيث تكلفة الإنفاق على إصلاح الآلات التالفة نتيجة الحادث، فضلًا عن أن السائق المتعاطى مرتكب الحادث يكلف الدولة ماديًا، لأنه يلجأ إلى العلاج على نفقة المؤسسة التى يعمل بها، إضافة إلى صرف التعويضات أو التأمينات لكونه موظفا، وفقًا لما ينص عليه قانون العمل، وفى النهاية، نجد أنفسنا أمام استنزاف لموارد الدولة بسبب استمرار عمل الموظف المدمن داخل مؤسسات الدولة.

وشدد «هندى» على ضرورة التوعية السليمة والجلسات النفسية مع الموظفين، لتوعيتهم بأضرار المخدرات، وما يمكن أن تسببه لهم من أضرار، وكيف يؤثر إقلاعهم عن التعاطى بالإيجاب على صحتهم وأمورهم المالية.

حماية المجتمع

الدكتور خالد الشافعى، الخبير الاقتصادى، مدير مركز العاصمة للدراسات والأبحاث الاقتصادية، أوضح أن إدمان المخدرات من أكبر المشاكل والآفات المجتمعية، التى يترتب عليها آثار اجتماعية واقتصادية سيئة، تؤثر على كل من الفرد والأسرة والمجتمع ككل، مما يتسبب فى عرقلة البناء الاجتماعى ومتطلبات التنمية والتقدم الاقتصادى.

منوها إلى ضرورة وجود قدر كبير من الجهد العقلى والعضلى معًا من أبناء الوطن، سعيًا وراء العمل والإنتاج، لدفع التنمية واستمرار التقدم والبناء ليسعد الجميع.

ترحيب

الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسى بالجامعة الأمريكية، قال: تعاطى المخدرات، يجعل المتعاطى يضعف أمام مواجهة واقع الحياة، الأمر الذى يؤدى إلى تناقص كفاءته الإنتاجية، مما يعوقه عن تنمية مهاراته وقدراته، مشيرًا إلى أهمية التفرقة حول اختلاف نوعية المخدرات ومنها الكيميائية، التى تؤدى إلى تدمير الشخص نفسيًا وجسديًا، وتفقده القدرة على تقدير الأمور.

ويؤكد–«أستاذ الاجتماع»–أن المواجهة الحاسمة للفرد المتعاطى تتطلب تضافر كافة الجهود والبرامج الوقائية والتوعوية ضد مخاطر الإدمان.