رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

أشواك.. فى أحضان الحبايب

بوابة الوفد الإلكترونية

جريمة الراقصة والمطرب.. حلقة جديدة من مسلسل «أبناؤنا فى الشارع»

دراسة للمجلس القومى للطفولة: الأهل الأكثر استخدامًا للعنف ضد الأطفال.. والمعلمون فى المرتبة الثالثة

 

شىء ما تغير فى المجتمع، فحطم أجمل ما فينا، ومن بين ما حطمه علاقة الآباء والأبناء ببعضهم البعض، فبعد أن كان الآباء يرون أبناءهم فلذات أكبادهم تمشى على الأرض، ولا يحتملون عليهم «الهوا الطاير»، تغيرت الأحوال وتحول بعض الآباء والأمهات إلى جلادين لأبنائهم، يُعذِّبون حرقًا وضربًا وسحلًا، وبعضهم تجاوز ذلك فقتل الأبناء، أو ألقاهم فى الشارع، وذهب إلى سكنه لينام قرير العين! وهذا ما فعله قبل أيام مطرب شعبى مغمور وزوجته الراقصة المغمورة!

فقبل ساعات من عيد الطفولة الذى يتزامن مع يوم 20 نوفمبر من كل عام، استيقظ المصريون على حادثة مروعة، الجانى فيها الأب والأم، والمجنى عليه طفلان صغيران عثر عليهما الأهالى فى الشارع يبكيان.. وبعد إبلاغ الشرطة تبين أن الطفلين لأب يعمل مطربًا شعبيًا شادى الأمير، وأم تدعى «سها»، راقصة مغمورة وأن هناك خلافات بينهما بعد انفصالهما، والزواج من أخرى، وتهرب الزوج والزوجة عقب الانفصال من مسئولية الطفلين «شادى» و«يازن» وتبادلا تركهما أمام منزلهما والهروب، حتى عثرت عليهما جارتهما، وأبلغت عنهما، وتحرر محضر بالواقعة تحت رقم 12255 إدارى أول طنطا وأخطرت النيابة للتحقيق.

تزايد العنف ضد الأطفال ناقوس خطر، يكشف أن المجتمع يعانى أزمات مركبة.. فقبل عقود، كان المجتمع المصرى، لا يعرف سوف الحب الأطفال.. ولكن السنوات الأخيرة، تزايدت حالات العنف ضد الأطفال، بشكل قاسٍ ما بين حرق وقتل واغتصاب، لأطفال لم يتعدوا بضع سنوات، وكان آخرها إلقاء مطرب شعبى وراقصة مغورة لابنيهما فى الشارع، ومن قبلها كانت وفاة الطفلة «جنة»، التى لم يتجاوز عمرها 5 سنوات، التى راحت ضحية التعذيب على يد جدتها، بعد اغتصاب خالها لها!

وزادت شكاوى العنف ضد الأطفال بصورة مروعة، واستقبل خط نجدة الطفل، فى الفترة من يناير 2018 إلى يوليو 2019، 363 ألف استغاثة، منها 26 ألفًا و932 من حالات الأطفال المعرضين للخطر والناجين من العنف الذين قدمت لهم خدمات إحالة للجهات المختصة وكذلك دعمًا نفسيًا.

واستقبل خط نجدة الطفل منذ يناير الماضى 4240 بلاغًا واستغاثة من ممارسة العنف الأسرى بأشكاله ضد الأطفال، كان نصيب الأطفال الذين لم يتجاوز عمرهم 10 سنوات من هذا العنف 2793 بلاغًا، بنسبة 65% من البلاغات التى تلقاها خط النجدة.

وتقول الدكتورة عزة العشماوى، الأمين العام للمجلس القومى للطفولة والأمومة، أن هناك خطوات ملموسة يتم اتخاذها نحو إنهاء العنف ضد الأطفال، فى مقدمتها بتشكيل الفريق الوطنى للقضاء على العنف ضد الأطفال، يشارك فيه جميع الوزارات والجهات المعنية الحكومية والأهلية، والخبراء من الأخصائيين النفسيين وأطباء الأطفال، وذلك بدعم من يونيسف مصر والذى كان من أهم مخرجاته الإطار الاستراتيجى الذى تضمن كل الإجراءات لمواجهة جميع أشكال العنف المختلفة ضد الأطفال مع التركيز على حماية الأطفال من العنف داخل الأسرة، والبيئة المدرسية، ووسائل التواصل الاجتماعى والإنترنت، وذلك فى ظل تفاقم الانتهاكات والخطر الذى يتعرض له الطفل، بالمخالفة لكل الأعراف والأديان السماوية والمواثيق الدولية والوطنية والبنية التشريعية الخاصة بحماية الأطفال.

كما يقوم المجلس بعدة حملات للتوعية واستكمالًا للحملة القومية لحماية الأطفال من العنف «أولادنا» التى تم إطلاق المرحلة الأولى منها عام 2016، وكانت المرحلة الثانية منها عام 2018 والتى كانت تحت شعار «أنا ضد التنمر»، وقد تم إطلاق المرحلة الثالثة منها تحت شعار «بالهداوة مش بالقساوة» وذلك فى 29 سبتمبر الماضى بالتعاون مع يونيسف مصر وبتمويل من الاتحاد الأوروبى.

كما تم إطلاق موجز سياسات تحت عنوان «تمكين البنات» والذى يقدم الأدلة لتعزيز السياسات التى تهدف إلى تمكين الفتيات وحمايتهن من العنف وتحقيق المساواة بين الجنسين.

وأوضحت «عشماوى» أن خط نجدة الطفل 16000 التابع للمجلس القومى للطفولة والأمومة، يتكون من عدة إدارات وهى « وحدة الدعم القانوني» والتى تقوم بالرد على كل الاستشارات القانونية الواردة على الخط، بالإضافة إلى اتخاذ كل الإجراءات القانونية فى الحضور أمام أقسام ومراكز الشرطة، والنيابة العامة، والمحاكم المختصة بكل أنواعها ودرجاتها، تعمل على تقديم الدعم النفسى للأطفال وأسرهم سواء كان تليفونيًا أو من خلال المقابلات الشخصية مع الأسر والأطفال.

بالإضافة إلى وحدة التواصل الاجتماعى والتى تقوم على متابعة كل وسائل التواصل الاجتماعى لرصد أى انتهاكات يتعرض لها الطفل، فضلًا عن بعض الوحدات الأخرى كوحدة التقارير والإحصاء والتقييم والمتابعة ووحدة إدارة الجمعيات الأهلية الشريكة لخط نجدة الطفل، ووحدة المعلومات والدعم التقنى ولجنة تقصى الحقائق والتى تعمل على التدخل السريع فى حالات الخطر المحدق والتعامل مع الأزمات والكوارث.

وذلك بالإضافة إلى لجان حماية الطفل العامة والفرعية على المستوى القومى فى المحافظات وفى الأحياء والمراكز، كما أن هناك شبكة من الجمعيات الأهلية الشريكة فى المحافظات لضمان سرعة الوصول للحالات وإعداد دراسة الحالة.

وحست دراسة أجراها المجلس القومى للطفولة والأمومة فى عام 2015، فإن الأهل هم الأكثر استخداماً للعنف، يليهم الأقران ثم المعلمون، والواقع أن نصف الأطفال الذين شملهم المسح «الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و17 سنة» تعرضوا للضرب فى السنة السابقة للبحث، فى حين عانى نحو 70٪ منهم من أحد أشكال الإساءة العاطفية.

وكانت أبرز الشكاوى التى ورد للمجلس القومى للطفولة والأمومة هو استقبال بلاغ يفيد بوجود طفل بمستشفى الشاطبى بالإسكندرية يبلغ من العمر 5 سنوات به آثار تعذيب وجروح وعلى الفور توجهت لجنة من خط نجدة الطفل لتقديم الدعم للطفل والوقوف على ملابسات الحادث ولكن وافته المنية متأثرًا بإصاباته إثر تعدى زوج والدته بالضرب المبرح عليه.

وقد قام المجلس القومى للطفولة والأمومة بتقديم بلاغ إلى النائب العام يتهم فيه زوج والدته بقتل الطفل، بالإضافة إلى توجيه بلاغ آخر ضد الأم بالإهمال وتعريض الطفل للخطر، كما تم تكليف فريق من خط نجدة الطفل بحضور التحقيقات فى هذه الواقعة، لمتابعة مجريات التحقيق للاطمئنان على توقيع أقصى عقوبة على المتهمين فى قتل الطفل.

ومن بين أقسى حالات العنف ضد الأطفال، كانت حكاية طفلة تبلغ من العمر 12 عامًا، تعرضت لتعذيب رهيب من والدتها وزوج والدتها، وتركاها فى أحد شوارع الجيزة ووجدتها سيدة وهى فى حالة إعياء كبير فاتصلت بخط نجدة الطفل، وعلى الفور تم تحرير البلاغ وإبلاغ النيابة العامة لاتخاذ اللازم ومباشرة أعمالها وفقاً لما تتضمنه الواقعة من إساءة لكرامة وحقوق الطفلة وتعريضها للخطر.

كما تم تكليف إدارة خط نجدة بتشكيل فريق من وحدة الدعم القانونى وغرفة المشورة النفسية الصديقة للطفل لتقديم الدعم اللازم لطفلة.

وأكدت عزة العشماوى الأمين العام للمجلس القومى للأمومة والطفولة أن المجلس يتخذ كل الإجراءات اللازمة، لحماية الإناث القاصرات من

الزواج المبكر، وملاحقة المتورطين فى تلك الوقائع، كما أن للجان حماية الطفولة بالمحافظات دورًا بالغًا لمنع إتمام الزيجات لحين بلوغ الفتيات 18 سنة، والمتابعة الدورية مع الأهالى للتأكد من عدم تعرض الأطفال لخطر الزواج المبكر.

كما تم إنشاء اللجنة الوطنية للقضاء على ختان الإناث برئاسة مشتركة بين المجلس القومى للطفولة والأمومة والمجلس القومى للمرأة وقد تم إطلاق حملة «احميها من الختان» وقد حققت نجاحًا كبيرًا فى مدة قصيرة وصلت لأكثر من 4 ملايين مستفيد وذلك بجهود وتعاون مشترك بين المجلسين وترجع أهمية تشكيل هذه اللجنة لتسريع وتيرة الجهود وتحقيقًا لأهداف التنمية المستدامة والإطار والاستراتيجى للطفولة والأمومة (2018-2030) والإطار الاستراتيجى لإنهاء العنف ضد الأطفال.

وقد استقبل خط نجدة الطفل 16000 العديد من الاستشارات والاستفسارات حول ختان الإناث والتى وصلت 1527 منذ بدء حملة «احميها من الختان» فى 13 يونيو 2019 وحتى الآن وقد تلقى الخط الساخن مكالمات للمشورة من الفتيات أنفسهن.

وأكدت أن خط نجدة الطفل، يستقبل العديد من البلاغات من الأطفال أنفسهم ولكن نسبتها ضعيفة لا تتعدى 2%، وذلك نظرًا لصغر سن الطفل ووعيه ودرايته بوسائل التواصل إلى خط النجدة، أو خوف الطفل من الإبلاغ عن أحد والديه أو من يتولى رعايته، والنسبة الأكبر تأتى من أولياء الأمور والجيران.

 

تكاتف المجتمع

قالت الدكتورة هالة منصور، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، إن الحملات التى يقوم بها المجلس القومى للطفولة والأمومة، والمجلس القومى للمرأة، فى راعية الأطفال، مجهود جميل، ولكن لا يجب أن نصفق بيد واحدة، بمعنى أنه يجب على كل أجهزة الدولة أن تتكاتف لحماية الأسرة المصرية، لافتة إلى أن الأسرة المصرية فى خطر، وأن هناك مؤشرات كثيرة تدل على ذلك ولكن لم ينتبه أحد، كان أبرزها ارتفاع معدلات العنف وارتفاع معدلات الطلاق، وتدنى مستوى الأخلاقيات، وارتفاع معدلات التوتر عند الأطفال والأسرة المصرية، وأضافت هناك مشكلات مجتمعية منذ عدة سنوات ولكن لم ننتبه إليها بالقدر الكافى، مؤكدة أن الحملات التى يتم عملها لمواجهة العنف ضد الأطفال، يجب أن تتم ترجمتها فى مناهج التعليم والإعلام والدراما لضبط سلوكيات الشباب، كما يجب توفير بعض الضوابط للشارع المصرى، ومنها غلق المحلات فى مواعيد محددة، لكى تعود الأسرة المصرية للتجمع مع بعضها لبعض، والحماية من التواجد فى الشارع لفترات طويلة، كما يجب ضبط الحياة الاقتصادية لأن الجميع أصبح يلهث وراء لقمة العيش من بداية اليوم لآخره، كما يجب ضبط دور المؤسسات، بحيث تقوم المدرسة بدروها الحقيقى، بدلًا من تحول البيوت إلى قاعات للدروس الخصوصية.

 

زواج القاصرات

«لما قالولى ده ولد انشد ضهرى واتسند، ولما قالولى بنية الحيطان مالت عليا»، «اكسر للبنت ضلع يطلع لها اثنين» مثل خاطئ لا يمت للتربية فى شيء، ويدعو إلى العنف ضد الأطفال من الإناث، ومازالت بعض القرى فى مصر لا ترغب فى تعليم الإناث أو تعليمهم لمرحلة الابتدائية أو الإعدادية، والأكثر تحضرًا فيهم يقوم بتعليمهم حتى المرحلة الثانوية العامة أو ما يعادلها، وذلك بهدف تزويجهن مبكرًا، أما عن الذكور فكل شىء متاح لهم مهما كانت إمكانيات وظروف الأب، عادات كثيرة يجب هدمها، بعدما أثبتت الإناث التفوق الدائم فى كل المجالات.

ويقول الدكتور جمال فرويز، استشارى الطب النفسى بالأكاديمية الطبية، إن المفاهيم التى تحض على كراهية البنات وكونهن عارًا، ما هى لا مورثات قديمة، أطلقتها بعض القبائل قديمًا، وحينها كانت القبائل تغير على بعضها البعض وخلال هجماتها المتبادلة كانت يتم أخذ أسرى، فإذا كانوا رجالًا يتم تعذيبهم أو تسخيرهم فى أعمال شاقة، وإذا كانو نساء يتم اغتصابهن، فكانت النساء دائمًا نقطة ضعف أى قبيلة، وانطلاقًا من هذا الأمر كان العرب يتخوفون من فكرة إنجاب الإناث خوفًا من الفضائح فيما بعد. ولكن اليوم الجميع يعلم أن كل تلك المفاهيم التى تحض على كراهية البنات وأنهن غير قادرات على تحمل المسئولية، ما هو إلا وهم وخرفات مضى عليها الزمن، ولكن هناك البعض مازال يستدعى بعض المفاهيم والمورثات القديمة، لكبح جماح بعض البنات للضغط عليها فى أمر ما.

وأوضح أن زواج البنات فى سن صغيرة، ما هو إلا هروب الآباء من المسئولية، فالكثير يفضل زواج ابنته القاصر، ليس من أجل الستر كما يدعى، ولكن من أجل الهروب من مسئوليتها، وتحمل مسئوليتها لشخص آخر، مؤكدًا أن كل الوقائع تؤكد أن زواج البنات قاصرات يخلف الكثير من المشكلات فيما بعد.