عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

شهامة شباب مصر

محمود البنا ضحية
محمود البنا ضحية الشهامة والشجاعة

أولاد البلد.. شخصيات نبتت فى ضمير وجدان المصريين على مر العصور، استمدت أصالتها من الأرض الطيبة التى تعطى ولا تأخذ، تعمر ولا تخرب، تتصدى للبشر وتنشر الخير، وعرف عن المصرى جدعنته فى كل زمان وكل مكان وتخطت سمعته الطيبة حدود الوطن سواء فى القرى أو المدن.. الأحياء الشعبية أو الراقية، ودعمت الدراما فى السابق هذه الصورة الذهنية للرجل «الشهم» الشجاع.. المدافع عن الحق حتى لو كلفه الأمر حياته.. وسال على جوانبه الدم.

ابن البلد.. هو من يدافع عن الأرض والعرض وكلاهما شرف يحميه.. وأولاد البلد هم من تصدوا للفرنسيين فى مطلع القرن الثامن عشر وواجهوا المدافع والبارود بالنبابيت والحجارة وعرف من وقتها «جدعان بولاق».. وقبلهم فى المنصورة تصدوا لجيش لويس التاسع وأسروه فى دار «ابن لقمان»، وهم «الفدائيون» أو «الفداوية».. الذين حولوا حياة شراذم الاحتلال الإنجليزى فى مدن القناة إلى جحيم حتى لاذوا بالفرار.

«جدعان مصر» هم العساكر والضباط الذين حرروا الأرض وانتزعوها من يد المغتصب الصهيونى ورفعوا عليها علم مصر فى 1973، فحطموا خط بارليف وأذابوا الساتر الترابى فذهبت أسطورة الجيش الذى لا يقهر إلى الأبد.. وهم الذين يتصدون الآن للإرهاب الغاشم ويقدمون أرواحهم الطاهرة لينعم الشعب بالأمان.

فـ«الجدعنة» بئر يتغذى منها رجال مصر وشبابها وتجرى فى عروقهم مجرى الدم فى الوريد، ربما لذلك دفع شاب فى السابعة عشرة من عمره حياته دفاعا عن عِرض فتاة تعرضت للتحرش فى إحدى قرى المنوفية، وبعدها بساعات فارق شاب آخر الحياة مقابل الدفاع عن صديقه بعد تعدى آخر عليه، هذه الحالات تقع يوميا على أرض هذا الوطن، شرفاء يتساقطون دفاعا عن «القيم» الأصلية التى تربوا عليها.

رغم الغزو المدمر الذى يتعرض له المجتمع من دعاة الهدم والبلطجة وشياطين الإنس الذين ينفثون سمومهم فى عقول الشباب وينشرون القيم السلبية والأخلاقيات السيئة فى صورة إنتاج فنى هابط وأفكار متطرفة ومهرجانات فوضى وهبوط وسقوط، مازال الخير فى مصر وشبابها يقاوم دعاوى التخريب والانحطاط ويطلب الدعم من كل المسئولين عن التربية والتعليم والإعلام لحراسة المجتمع وحمايته من هجمات الفوضى الأخلاقية الشرسة، التى تقاتل لهدم «شخصية مصر».

 

البطل الشعبى.. ضحية الدراما المشوهة

 

«ابن البلد الشهم» مواطن صالح يستمد مبادئه وأخلاقه من نبع دينى وكانت الأعمال الدرامية فى الخمسينات والستينات تدعم هذه الظاهرة وتنتصر لها وتدعمها، ولكن الأمور تغيرت كثيرا فى الدراما وصار البطل فى الأعمال الفنية أبعد ما يكون عن روح ابن البلد الشهم الجدع.

وقالت الناقدة الفنية خيرية البشلاوى، إن الفنان الراحل فريد شوقى كان يجسد فى أعماله الفنية البطل الشعبى المرتبط بالبيئة الاجتماعية والسياسية، وأضافت أن البطل الشعبى فى الخمسينات يختلف عن البطل الشعبى فى الستينات ويختلف عنه حالياً فى الألفية الثالثة، وهناك ملامح يختص بها بمفرده أبرزها قدرته على رد حقوق الضعفاء.

وواصلت: مع مرور الوقت نسى المصريون الجبة والقفطان وكل ما يميز ابن البلد فى الماضى، واليوم لو ارتدى أى مصرى هذه الملابس الكلاسيكية التى كان يرتديها المصريون فى الأربعينات والخمسينات والستينات سيسخر منه الناس، ومع ذلك تظل السمة الرئيسية لابن البلد هى حبه لمجتمعه ووطنه.

وبرأت «البشلاوى»، الدراما فى واقعة مقتل الشاب «محمود البنا» ضحية الدفاع عن إحدى جاراته، وقالت: البيئة العامة هى المسئول الأول عن الجريمة التى نشأ داخلها الجناة وافتقدوا معنى القيم والأخلاق، مطالبة القضاء المصرى بالإعدام لقاتلى الشاب محمود البنا الذى دفع حياته ثمنا لشهامته وتوفى على يد شباب مستهتر ومتحرش.

ووجهت الناقدة الفنية نصيحة إلى الفنان محمد رمضان بأن يبتعد عن لعب أدوار لها جوانب سلبية مثل «عبده موتة» الذى قدم خلالها نموذج شاب لا يهتم سوى بعضلاته والعنف والدم، وقالت: هذا لا يصح عرضه على الشاشات لأنها تزرع العدوانية فى نفوس الأجيال الصاعدة ويساعد على خلق نوع من الفوضى.

وأضافت: البطل الشعبى له ملامح فى كل مرحلة لكن الشواهد والأدلة تقول إن المظهر والصفات القديمة تغيرت مع الوقت، ففى نهاية الستينات عرض للممثل فريد شوقى فيلم بعنوان «ابن الحتة» ويجسد فيه دور «عجلاتى» يسعى للزواج بجارته الجميلة رغم الفقر والحاجة، وهناك أفلام جدعان بولاق وجدعان باب الشعرية ولكن الآن تغيرت الأحوال كثيرا ولم يعد لابن البلد الشعبى -مثلما كان الحال فى أفلام فريد شوقى- وجود على أرض الواقع.

 

قيم دينية

قال الدكتور مبروك عطية أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، إن الدين الإسلامى حريص على نشر الأخلاق والقيم السامية، وأضاف: أوجب الإسلام حفظ الحقوق العامة والخاصة وحث على التمسك بالآداب الرفيعة ومنها حق الطريق وآدابه والكرم والشجاعة والود وحسن الضيافة وهذه هى صفات شخصية «ابن البلد».

 وواصل «عطية»: جاء فى حديث أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «إياكم والجلوس فى الطرقات» فقالوا يا رسول الله ما لنا من مجالسنا بد نتحدث فيها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «فإذا أبيتم إلا المجالس فأعطوا الطريق حقه» قالوا وما حق الطريق يا رسول الله قال: «غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام، والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر».

وأضاف «عطية» أن النبى صلى الله عليه وسلم نهى عن الجلوس فى الطرقات لما فى ذلك من المفاسد والمخاطر التى تعود على الجالسين وعلى المارين، وهذا التوجيه الإسلامى يعيدنا إلى الأخلاق التى يمليها علينا ديننا الحنيف وأن يكون الخطاب الدينى موجها وفق أصول إسلامية صحيحة تبعث فى النفوس فعل الخير دائما وتبعث فى نفوسنا روح المواطن السليم.

 

أستاذ طب نفسى: علامة جودة مصرية «أتلفها الهوى»

 

أكد خالد أبوالليل، أستاذ الأدب الشعبى بجامعة القاهرة، أن مواصفات وشخصية ابن البلد كانت محل دراسة وإعجاب من المثقفين وكبار الكتاب، وقال: كل الدراسات رصدت أهم صفات أبناء البلد وأبرزها سعيه لحل المشكلات بين أهله ومعارفه، فلو رأى مشاجرة بين اثنين يفصل بينهما، وإذا شاهد الكبير احترمه وإذا رأى الصغير عطف عليه، هذه من الصفات الحميدة التى جعلت الناس تحبه، له «كاريزما» تميزه وكلامه يخضع له الجميع ويسمعه ويتم تنفيذه ويكون هو حامى المنطقة أو الحارة ويرأس أحياناً الجلسات العرفية للتحكيم من أجل إنهاء النزاعات ويعرف جميع من فى المنطقة أو الحارة.

وأضاف «أبوالليل» أن ابن البلد فى وقتنا المعاصر قد يملك صنعة يتميز بها وقد يكون مهنياً طبيبا أو مهندسا أو محاسباً وقد يكون جنديا فى صفوف العسكرية المصرية بل قد تكون سيدة أو فتاة أو أستاذة تحيا وتعيش بأخلاقيات ولاد البلد الحقيقيين فلا يقتصر تواجد ابن البلد على فئة أو جنس، فالفيصل الأخلاقيات التى تورث للأبناء والأحفاد عبر الزمن.

وواصل: مع مرور السنين تغير شكل وسلوك ابن البلد، وهو ما يرجع فى الأساس إلى تأثر المصريين بالثقافات الغربية عنهم دون الحفاظ على الهوية الأصيلة للشعب، لهذا كان من الطبيعى أن يتغير الرداء المصرى على مر الأعوام.

وتابع: ابن البلد له صفات تتوارثها الأجيال ومنذ القدم يتميز بالاهتمام بنفسه من شكل الطربوش الذى يرتديه ووزنه ولونه وحتى نوع النسيج ولون الحزام وشكل الجبة والقفطان ونوع جلد الحذاء، وشكل خاتم اليد ونوع الحجر الكريم الذى يزينه، كما لم ينس وصف اعتنائه بنظافته الشخصية من حلق الذقن وقص الأظافر ومحبة العطور.

وأوضح أستاذ الأدب الشعبى، أن ابن البلد دائماً ما يميل إلى السكن والإقامة فى الأحياء الشعبية مثل الحسين والجمالية والعطوف والسيدة زينب والقلعة والتى صورها نجيب محفوظ فى الثلاثية ويتكلم بلهجة معينة، لهجة ابن البلد وملابسه كانت فى الغالب الجلباب والكوفية، وبيده العصا، وهو فتوة الحى الذى قد يدخل فى معارك دفاعا عن الحى.

وأشار «أبوالليل» أنه من أبرز الشخصيات الشهيرة التى تجسده يأتى الممثل «أحمد مكى» الذى جسد شخصية ابن البلد فى أحدث صورها، فهو الشاب مفتول العضلات الذى يدافع عن فتيات منطقته والصداقة، لكن ملابسه تغيرت تمامًا لتصبح ملائمة للعصر الذى يعيش فيه وهو ما صوره فى كلمات أغنية «وقفة ناصية زمان»، وهناك شخص ابن بلد لا ينسى أهله ودائماً ما يكون بجانبهم رغم تحقيقه نجاحات عالمية ومثال ذلك شخصية النجم «محمد صلاح» ابن قرية نجريج بالغربية، مؤكداً أن آثار «ابن البلد» لا تزال باقية، والأخلاق الحسنة حية بين الناس، والمواطن فى النهاية صارت حياته أصعب فى السعى وراء لقمة عيشه، لكن يظل معدن شخصية «ابن البلد» موجودًا حين الحاجة إليه.

كاريزما

وقال جمال فرويز أستاذ الطب النفسى، إن تحليل شخصية «ابن البلد» من الناحية النفسية لها الكثير من الرجولة والشهامة وعدم البخل حتى إن لم يستطع توفير المطلوب.

وأضاف «فرويز»: أولاد البلد الحقيقيون لا يقتصر تواجدهم على فئة أو مهنة أو حرفة أو جنس وإنما هى أخلاقيات ورثت للأبناء والأحفاد عبر العديد من السنوات السابقة.

وأوضح أستاذ الطب النفسى، أن ابن البلد يحمل علامة الجودة المصرية الذى تتمثل فى المروءة والنخوة والجدعنة والشهامة والتعاون والأمانة والوقوف بجوار البسطاء والمظلومين وعدم التعرض لـ«بنت الحتة» وإذا تعرضت لمعاكسات ذهب ابن البلد لنجدتها، كما أن ابن البلد دائما يرحب بضيوفه ويستقبلهم ببشاشة وكرم أخلاق حتى يكاد أن يعطى كل ما فى بيته ولو كان لا يملك إلا قوت يومه.

وكشف «فرويز» أن الأيام الحالية حولت المحبة بين الناس إلى عداء والعتاب أصبح بالقتل وسفك الدماء، وأن ابن البلد الذى كان لا يرضيه «الحال المايل» لم يعد موجوداً الآن وصار رابع المستحيلات مع الغول والعنقاء والخل الوفى.

 

3 تحديات تواجه الشخصية المصرية

 

القيم المصرية الأصيلة تبحث عن طريقها إلى العودة.. هكذا أكد خبراء الاجتماع، وقالت هالة منصور أستاذ علم الاجتماع بجامعة بنها، إن تراجع القيم الأصيلة للشعب المصرى مثل «الأخلاق والمروءة والشهامة والتسامح»، وتزايد العنف الأسرى واختفاء شخصية «ابن البلد» جاء لعدة عوامل، أبرزها الدراما المصرية التى تعكس واقعا مشوهاً مليئا بالقيم الغريبة عن مجتمعنا، وتراجع دور الثقافة العامة التى لم تواجه بالوعى، واهتزاز القيم وتصدع المعايير الأخلاقية وتفضيل المصلحة الخاصة عن المصالح العامة.

وأضافت «منصور» أن المدرسة فقدت قيمتها وهيبتها بعدما كانت وعاء اجتماعياً يزرع المبادئ والقيم فى عقول التلاميذ قبل المقررات، وتغير الهدف وطغت المادية على الجميع وأصبحت الأسرة المصرية تنفق معظم دخلها على الدروس الخصوصية وبات الأب مطالبا بالعمل الإضافى للإنفاق على الأسرة ومع غياب المتابعة خرج الأبناء إلى الشوارع يستقطبهم أصحاب الفكر المنحرف وانصاع بعضهم لمن يمنحه المال مقابل الأفعال مهما كانت تلك الأفعال.

وأوضحت أستاذ علم الاجتماع، أن مبدأ الغاية تبرر الوسيلة هو العرف السائد لدى الكثيرين، وهذا ما أدى إلى تراجع القيم المصرية الأصيلة لذلك إذا كنا نحب وطننا لابد من العودة إلى المبادئ الأخلاقية من خلال لم شمل الأسرة وغرس حب الوطن فى نفوس أطفالنا فهو فى حاجة إلى تعاطف وتعاون أفراد المجتمع، وقالت: «ابن البلد» فى التراث المصرى الاجتماعى هو ذلك الشخص الذى يبادر إلى مساعدة الجميع والوقوف بجانبه وبجانب جيرانه ومعارفه بصفة عامة وهو من يحمى عرض المرأة ويدافع عنها ويأتى بحق الضعيف أو المنكسر أو قليل الحيلة وهذا من الناحية الاجتماعية لشخصيته.

 وأكدت «منصور» أن التنشئة الاجتماعية ضرورية لإرساء القيم النبيلة بالنسبة للأطفال من أجل الاندماج والانسجام المجتمعى للأفراد والحقائق، وطالبت خبيرة علم الاجتماع ببذل المزيد من الجهود من وزارة الثقافة والأزهر الشريف والتربية والتعليم والأوقاف، لإطلاق حملة على مستوى الجمهورية فى المدن والقرى والنجوع، لإعادة بناء الإنسان المصرى من جديد، وتنقيح منظومة القيم الحالية وإحياء القيم الأصيلة لدى المواطنين، فضلا عن عدم إغفال سلاح الدراما لإحداث أكبر قدر من التأثير، عبر إنتاج أفلام تحث على حب الوطن والتسامح وتحيى القيم الأصيلة للشعب مثل فيلم

«الممر» مع وجوب عمل مراكز ثقافية لتقوم بالتوعية المجتمعية.

وقال سعيد صادق أستاذ علم الاجتماع السياسى بالجامعة الأمريكية، إن الأخلاق المصرية دائماً ما كانت فى مقدمة الشخصية المصرية، ولكنها تعرضت للكثير من العوامل التى أثرت سلبا على طبيعتها منذ فترة نهاية الستينات.

وأضاف: الشخصية المصرية، رغم أنها معروفة بالطيبة والأخلاق والمبادئ لكن تقاليد غريبة تسللت إلى عقول الشعب المصرى، فأثرت سلبا على شخصية ابن البلد، وواصل: كانت السينما هى أكثر ما تبرز البطل الشعبى ودوره الإيجابى، بل كان البطل الشعبى يقاوم الإنجليز فى أفلام تبرز الروح الوطنية مثل فيلم «بورسعيد» بطولة فريد شوقى وكان يساعد السياسيين المصريين والوطنيين فى مقاومة الاحتلال الأجنبى وهذا ما يوضح تأثير شخصية «ابن البلد» على الناحية المجتمعية وكانت له هيبة ووقار يميزه عن جميع الشخصيات.

وأضاف «صادق» أن بعض المصطلحات الشبابية تحول إلى لغة دارجة لا تليق بالثقافة المصرية التى انحدرت لأدنى مستوياتها بفضل سينما المقاولات، التى صدرت للعالم صورة مصر على أنها عشوائية وتعانى خللا اجتماعياً تاماً رغم أن هذا لا يحدث على أرض الواقع بشكل كبير ومبالغ فيه بدرجة كبيرة.

وأكد «صادق» أن أكبر مشكلة تحول دون التصدى للفوضى والبلطجة هى أن العقاب لا يكون رادعاً خاصة لصغار السن والأحداث نظراً لتخفيف عقوبتهم بسبب سنهم، وهذا ما يترك أثراً سلبياً على المجتمع بكل فئاته ويتخذ المتهورون هذه الحجة القانونية ليقوموا بإثارة الشغب ومضايقة الأبرياء ولذلك لابد من تشديد العقوبة على المشاغبين والخارجين على القانون.

وأوضح أستاذ الاجتماع السياسى، أن الأخلاق هى مجموعة من القيم والعادات والتقاليد التى تجعل الفرد فى حالة توافق مجتمعى وإسعاد نفسى، وإذا تحلينا بها يصبح معظم الناس فى حالة رضا نفسى، هناك بعض الآراء تقول إن الرضا النفسى هو المرادف لجودة الحياة وهو المرادف للسعادة والمرادف للإنجاز والإنتاج، لكن العالم اتفق على أن هناك ثلاثة مكونات للأخلاق، التى نطلق عليها الأخلاق العلمية، أولاً مصداقية الذات، فالإنسان الذى يتحمل المسئولية تجد عنده عدة أمور منها الانضباط والإتقان ومراعاة الضمير فى العمل.

وطالب «صادق» بعودة الثقافة الجماهيرية، وقطاع الإنتاج السينمائى وعودة السينما الجيدة، فضلاً عن إعداد خطة إعلامية تثقيفية على يد خبراء إعلام محترفين وتدريس الأخلاق فى المدارس حتى تستعيد الشخصية المصرية هويتها الحقيقية من جديد وتمحو الصدأ الذى غير لونها.

واختتم حديثه قائلا: هناك ضرورة لنشر القيم الأخلاقية فى وسائل الإعلام والدراما، كى تعيد نشر القيم الإيجابية، وعواقب السلوكيات الخاطئة، فلا يجب أن ينتهى مصير مجرم بأن يكون بطلاً، بل يجب أن يحصل على عقابه الرادع، حتى وإن كان ذلك فى مسلسل تليفزيونى أو فيلم.

 

المخدرات.. سبب تراجع ظاهرة «أولاد البلد»

 

على مر التاريخ اشتهر المصريون بالشهامة والكرم والشجاعة، وبمرور الزمن اصطلح الناس على تسمية الشخص الكريم الذى يتمتع بالشجاعة والجدعنة بـ«ابن البلد».

ورغم ما تتعرض له الشخصية المصرية من محاولات تشويه تبثها سموم أعداء الوطن، ولكن يوما بعد آخر تكشف الأحداث أن الجدعنة متأصلة فى الشخصية المصرية وأن المصريين هم ملوك الجدعنة.

آخر حوادث الجدعنة فى مصر قصة حزينة سطر بطولتها شاب لم يتجاوز السابعة عشرة من عمره، تمسك بالمبادئ والقيم دفع حياته ثمنا للحفاظ على كرامة فتاة تحرش بها شاب وتصدى له ونهره فكانت العقوبة هى القتل بدم بارد.

هكذا دفع محمود محمد البنا، 17 سنة، طالب بمدرسة السادات الثانوية بمدينة تلا، حياته بعد تعدى أربعة أشخاص عليه.

وفى منطقة الساحل بشبرا مزق شقيقان جسد الشاب أحمد سليمان بسبب دفاعه عن صديقه، وكانت بداية المشاجرة أن الشقيقين تعديا على صديق الضحية بالألفاظ الخارجة ومن هنا اشتد الحوار ليتدخل الضحية مما أدى إلى غضب القاتل ليخرج سلاحه الأبيض ويطعنه ويفر هاربًا، وهكذا دفع الضحية حياته ثمناً لشهامته ووقوفه بجانب صديقه.

المؤرخ الراحل يونان لبيب رزق، كان قد رصد فى كتابه «ديوان الحياة المعاصرة» صفات تتميز بها شخصية «ابن البلد» فقال إنها تمتاز بالشهامة والنجدة للغير وسرعة الانفعال.

وقال: ابن البلد هو توظيف ورثناه بالأساس من القرن الثامن عشر حيث كانت مصر تعج بالغرباء من أتراك وشراكسة ومغاربة ومماليك وشوام، وللتمييز بين المصريين وغيرهم كان يطلق عليهم «أولاد البلد» وليس بالضرورة أن كل ابن بلد فتوة.

ومع تطور دور ابن البلد حتى ظهر من بينهم كبداية شخصية «الفتوة» وهم عادة من أبناء الحارات وهم مصريون وكان من الطبيعى أن يكون لكل حارة فتوة يحميها ويتلقى فى المقابل شكلا من أشكال المقابل المادى وظل الناس الذين يعيشون فى الأحياء القديمة محتفظين بقيمهم وتقاليدهم وطريقتهم فى الحياة الجلابية البلدى وللمرأة الملاية اللف يطلق عليهم توصيف أولاد البلد.

ويواصل: بعد انتهاء نظام الحارات بدأ ظهور نوع من الفتوات يأخذ مقابلاً عن عدم اعتدائه على الآخرين وهذه الشخصية لها تعريف آخر وهو «البلطجى» الذى يأخذ حقوقاً دون أن يؤدى واجبات مع انتشار مصطلح أبناء الحارة فى القرن التاسع عشر الميلادى وكان يقوم على أساس وحدة اقتصادية واجتماعية تجمع فئة من الناس من جنس معين تربطهم وظائف معينة وهى فئة منغلقة على نفسها لكن داخل الحارة الأبواب مفتوحة على بعض.

 

ملوك الجدعنة

على مدى أكثر من قرن من الزمان، اشتهرت مناطق معينة بأنها مراكز للشهامة وموطن لأبناء البلد وكان فى مقدمتها «شبرا وبولاق والحسينية».

«الوفد» التقت بشباب من تلك المناطق لتسألهم عن سر اختفاء «ابن البلد» وجاءت إجاباتهم لتقول إن المخدرات هى المسئول الأول عن ذلك، وقال محمد إبراهيم، من منطقة شبرا الخيمة، 27 عاماً، إن الرجولة التى يتميز بها ابن البلد ليست كلمة تدل على الذكورة بل تعنى الشهامة والأخلاق والمواقف البطولية والإنسانية والرجل الشجاع هو من يتحمل نتائج عمله، مضيفاً أن الشجاعة من أهم الصفات الإنسانية لأنها تضمن جميع الصفات الإنسانية والأخلاقية ومن لا يمتلك الشجاعة الكافية للمخاطرة لن يحقق شيئاً فى حياته العملية والشخصية.

وواصل: شباب شبرا مشهورون بأنهم «ولاد بلد» لأنهم دائما ما يجتمعون فى الأفراح والأحزان ويشاطرون بعضهم بعضا فى كل الأزمات، ولا يسمحون لأحد من خارج المنطقة أن يعتدى على أى فرد بالمنطقة لكن هناك ضعاف النفوس ومن يسيطر عليه هواه فيصبح عبئاً على المنطقة ويسىء للجميع وغالباً وراء تلك الانحرافات المواد المخدرة التى تفترس كل شىء أمامها.

وأوضح فرج عبدالحميد من شباب «أرض الجمعية» بمنطقة إمبابة 24 عاماً، أن الشباب الذى يتعمد المعاكسات والتحرش يجب عقابهم بأقصى عقوبة فى ظل الظروف الحالية، وطالب من شيوخ المناطق الشعبية الوقوف ضد ظاهرة البلطجة، وعمل ندوات تثقيفية للشباب لإرشادهم للطريق السليم.

وأكد محسن صلاح من شباب منطقة بولاق «أبو العلا»، 26 عاماً، أن البيئة الذى ينشأ فيها الأطفال متحكمة فى أفعالهم على مدار العمر، وقال: لهذا يجب على الأسرة زراعة الأفكار الإنسانية الرحيمة فى نفوس أطفالهم منذ الصغر.

وأضاف أن شباب المنطقة يقيمون إفطارا جماعياً فى رمضان وينظمون دورة رمضانية للكرة للتعاون ونشر روح المحبة، ولكن هناك نماذج سيئة تسيء للمنطقة وهؤلاء يتم تجنبهم وتحذيرهم ومحاولة احتوائهم إلا أن بعضهم يستجيب والآخر لا يستجيب ويتمادى فى الخطأ مما يثير سخط أهالى المنطقة عليه وجميعاً نعرفهم ويصل الأمر إلى إبلاغ أهالى المنطقة عن بعضهم للشرطة لردعهم ومن هذه النماذج مدمنو المخدرات والمتحرشون والبلطجية.

 وأضاف سعيد محمد، من سكان بولاق، 34 عاماً، أن المصريين جدعان بطبعهم ولهذا يتبادلون التهانى فى المناسبات والأعياد ويؤمنون بأن الشجاعة ليست فى افتعال المشاجرات بل هى القدرة على التغلب فى إنهاء المشاجرات والحفاظ على أرواح المواطنين.

وطالب «سعيد» الشباب المتهور بأن يسارعوا بالاعتذار بنية صادقة إذا أخطأوا وقال «كلنا نخطئ ولكن حينما نخطئ ونعرف خطأنا يجب علينا المسارعة بالاعتذار فذلك دليل الشجاعة والمحبة والثقة بالنفس وقوة الشخصية».