عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

فلذات أكبادنا للبيع

بوابة الوفد الإلكترونية

مواقع على الإنترنت تعرض بيع الأطفال.. و«الداخلية» تحقق

سماسرة يروجون لبضائعهم.. والقانون يمنع.. والتجارة فى ازدهار

 

تستيقظ فجراً للتقرب إلى الله عز وجل، وتظل تدعو بأن يرزقها بطفل يكون سندها فى الحياة، ملايين الجنيهات تتكبدها فى سبيل الشعور بالأمومة، تلك هى حال آلاف من السيدات اللاتى يبحثن عن الإنجاب.

وفى المقابل تحصل غيرهن من الأمهات على آلاف الجنيهات لبيع فلذات أكبادهن بدم بارد بعدما تجردن من مشاعر الأمومة من أجل التحرر إلى الحرام والكسب المادى، ومع مرور السنوات وأصبح بيع الأطفال الرضع سوقاً وله سماسرة تجسد بطولتها الممرضات بالاتفاق مع «الداية» أو الأم مباشرة فى أقسام النساء والتوليد داخل المستشفيات.

وكغيرها من السلع تتطور بتطور الزمن، تحول بيع الأطفال الرضع من الممرضات و«الداية» إلى السوشيال ميديا، فعلى صفحات الإنترنت، وبضغطه واحدة يمكنك أن تفتح أبواب «تجارة الحرام»، الأمر ليس صعباً كل ما عليك هو أن تبحث على صفحة تحت مسمى «سوق العرب»، وهى خاصة لترويج العقارات والمحلات وغيرها من المنتجات، المفاجأة حين التجول داخل الصفحة وجدنا قسم سوق مصر، والخاص بإعلان بيع الأطفال.

أطفال حديثو الولادة لم تفتح أعينهم على الدنيا لكنهم أصبحوا سلعة تباع وتشترى ومن خلال التواصل عبر البريد الإلكترونى [email protected] com، وفقاً لرسالة الاستقبال فور الدخول على سوق مصر، لتفتح لك سوق سمسرة الأطفال تحت بند «التبنى».

حالة من الاستياء والضيق انتابت رواد الإنترنت فور رؤيتهم لتلك المنشورات، وعلق أحدهم على بيع الأطفال قائلاً: «الله ينتقم منكم دنيا وآخرة.. حسبى الله ونعم الوكيل»، ليرد عليه آخر بتوافر طفل رضيع مقابل مبلغ من المال وللتواصل الجاد عن طريق الاتصال الهاتفى.

ورغم ان هذه القضية ليست وليدة اليوم، فإن الجريمة ما زالت مستمرة والصفحات تواصل نشاطها فى ترويج الأرواح، الأمر الذى يدق ناقوس الخطر، فالقوانين تضرب بها عرض الحائط والانسانية الى زوال.

ويختلف سعر الطفل على حسب سنه ولون شعره وبشرته، فطبقاً للأسعار المعروضة يبدأ سعر الطفل بـ3 آلاف جنيه، حتى أن يصل إلى200000 جنيه، ومؤخراً كشفت الأقدار عدة وقائع لمحاولة بيع الأطفال وآخرها سيدة حاولت شراء طفل حديث الولادة من مستشفى سيد جلال.

«أنا عملت كده علشان أرجع طليقى ليا وآخد حقى منه».. تلك هى كلمات المتهمة بمحاولة شراء الطفل أمام النيابة، مشيرة إلى أن طليقها نصب عليها واستولى على مبالغ مالية منها ورفض إعادة المبلغ المالى لها.

وحاولت السيدة الضغط على طليقها من أجل استعاده حقوقها، وقالت إن شرط استرجاع أموالها تأكده من إنجابها طفل منه، الأمر الذ دفع السيدة اللجوء إلى حيلة شيطانية من خلال ابهامه بأنها حامل، وعلى إثر ذلك قام طليقها باقتراض مبلغ مالى قدره 300.000 جنيه من أحد البنوك لتقديمه لها عقب ولادتها.

وحضرت المطلقة إلى مستشفى سيد جلال وتواصلت مع إحدى الممرضات لمحاولة شراء طفل حديث الولادة مقابل 2600 جنيه، ووصل الخبر لأمن المستشفى وتم إخطار رجال المباحث الذين قاموا بالقبض على السيدة.

وفى الإسكندرية قاد مسجل خطر مقيم فى المنشية مافيا لبيع الأطفال حديثى الولادة، وذلك عن طريق مواقع التواصل الاجتماعى، وعرض الطفل بمقابل 60 ألف جنيه، ولم تكن هذه الجرائم هى الأولى من نوعها بل كشفت التحريات وقوع أحد أفراد المافيا فى علاقة غير شرعية بإحدى الفتيات، التى حملت منه سفاحاً وبعد الولادة، قامت ببيع الطفلة مقابل مبلغ قدره 50 ألف جنيه.

تلك الوقائع تطرح إلى الأذهان سؤالاً هاماً، هل الأطفال الذين نراهم مع المتسولات فى الشوارع تم بيعهم بنفس الطريقة؟

«الوفد» تابعت القضية حتى توصلت لمفاجأة من العيار الثقيل عن طريق تتبع إحدى المتسولات فى المترو، بداية من محطة السادات وحتى وصلنا لمترو المطرية، خرجت والتقت ببعض السيدات على مقهى «بيومى» المجاور لمحطة مترو المطرية ومن حولهم بعض المتسولين الآخرين.

قضى محرر «الوفد» عدة ساعات على المقهى ليرصد طبيعة حركة السيدات، فاكتشفنا ان هذا المكان خاص بالتقاء المتسولين فى المترو.

بحذر شديد حاول محرر «الوفد» الدخول وسط المتسولين بحيلة صحفية، من خلال الادعاء لحاجته إلى شقة إيجار جديد، والسؤال عن السماسرة فى المنطقة عن طريق ساعى المقهى، وما إن جلس المحرر ليحتسى كوب الشاى، ليقع تحت حصار نظرات المتسولين الموجودين.

وأشار عدد من الجالسين على المقهى إلى أن محمد عكشة، والمتخصص فى بيع الأطفال بمدينة السادس من أكتوبر يعرض طفلاً جديداً للتسول مقابل 100 جنيه فى اليوم، الأمر الذى أثار استياء عدد من المتسولات لرفع سعر إيجار الطفل اليومى من 100 جنيه إلى 200 جنيه على مدار 3 سنوات.

قالت إنجى محمد، الخبيرة القانونية، إن بيع الأطفال بالطرق التى تم تداولها على الإنترنت أو بطريقة الشراء من المستشفيات انتهاك لنص المادة 89 من الدستور التى تنص على حظر كل أشكال العبودية وتجارة الجنس وغيرها من الجرائم، وقانون الاتجار بالبشر رقم 64 لسنة 2010 الذى ينص على تجريم بيع الأشخاص عموماً والأطفال بصفة خاصة.

وأكدت الخبيرة القانونية أن بيع الأطفال جريمة لا تقل عن جرائم التجسس وتصل عقوبتها الإعدام.

وحول مخاطر تكرار تلك الحوادث داخل المجتمع قالت «إنجى»، إنها كارثة تعيد مجتمعنا إلى العصور الجاهلية، وكان المتعارف فيها على نظام العبودية واستغلال للبشر، مؤكدة أن تلك الجرائم تشوه صورة مصر أمام العالم، مشيرة إلى أن الفقرة 2 من القانون 94 لسنة 2014 تؤكد أن مثل هذه الجرائم تعد ضمن الكيانات الإرهابية لانتهاكها نصوص الدستور المصرى.

وحول كيفية التصدى، أشارت الخبيرة إلى أنها تكمن فى توحيد هدف كل مؤسسات الدولة وتطبيق القانون على كل من تسول له نفسه العبث بأمن واستقرار البلاد

أو تهديد حياة الأفراد.

أما إذا كان مرتكب الجريمة من الأسرة ذاتها أو من له الولاية أو مسئولاً عن تربيته يعاقب بالسجن المؤبد والغرامة التى لا تقل عن 100 ألف جنيه، ولا تتجاوز 500 ألف جنيه، مؤكدة أن هذه العقوبة كافية للقضاء على قضية بيع الأطفال بكل أشكالها فى المجتمع المصرى.

قالت نهلة عبدالسلام، خبيرة التنمية البشرية، إن تكرار واقعة بيع الأطفال يثير الرعب داخل نفوس المواطنين، ما يؤدى إلى تفكك الترابط المجتمعى ويهدد أمنه واستقراره، مشيرة إلى أن الأسباب الجوهرية وراء تلك الظاهرة تعود للظروف الاقتصادية الصعبة لدى كثير من أولياء الأمور، فالبعض منهم يلجأ لبيع طفله للتخلص من مسؤولياته، فى حين آخرون محرومون من الإنجاب يبحثون عن تلك الحلول غير الشرعية لتربية الأطفال.

وأضافت «عبدالسلام» أنه للتخلص من تلك المشكلة التى تتزايد يوماً بعد يوم لابد من تفعيل دور مؤسسات الدولة و استخدام القوة الغاشمة لمواجهة هذه الظاهرة الكارثية التى جعلت الرعب يسيطر على المواطنين.

وأشارت إلى أن من يقوم ببيع الطفل سواء الأب أو الأم فهم مغيبون ويعيشون حالة من الانفصام فى الشخصية.

 وأعرب الشيخ عبدالله عزب، إمام وخطيب مسجد السيدة زينب، عن حزنه لانتشار مثل هذه الجرائم فى مجتمعنا مشيراً الى أن جريمة بيع الأطفال الرضع وكثرة انتشارها خلال الفترة الماضية أمر فى غاية الخطورة، مشيرا إلى أن هناك تحقيقات تجرى من قبل الأجهزة الرقابية خاصة الرقابة الإدارية فى ثلاث قضايا هامة منها بيع الأطفال الرضع والهجرة غير الشرعية وبيع الأعضاء.

وحول أسباب تفشى تلك الجرائم، أشار الإمام إلى أن تلك الجرائم هى جريمة اجتماعية دينية وسببها ابتعاد المواطنين عن الصلاة والعبادة، فقلة الوازع الدينى تؤدى إلى كثير من المهالك الدنيوية، ومن يعلم أمور دينه يخشى الخوض فى تلك الجرائم.

كما نوه الإمام إلى قلة ارتباط المواطنين بالمساجد والاستماع إلى دروس الفقه، قائلاً: «الناس دلوقتى بتصلى الفرض وتجرى على أمور الدنيا»، مشيراً إلى انه من عوامل انتشار الجرائم أيضا الفقر، حيث استعاذ الرسول عليه السلام من الفقر والجوع.

رغبة المواطنين فى تحقيق مكاسب مالية سريعة سبب آخر.. يستكمل الشيخ عزب، حديثه قائلاً إن تعاطى المخدرات والبطالة جعل الكثير من المواطنين يبحثون عن مصادر كسب سريعة ولو وصل الأمر بأن بيع نفسه كما يحدث من بعض المواطنين الذين يعرضون أجزاء من أجسادهم للبيع.

وحول كيفية قيام الأم ببيع طفلها وتجردها من مشاعر الأمومة، رد قائلاً إن الرسول عليه السلام بشر بها فى أحاديث آخر الزمان قائلاً: «لا يشعر الوالد بولده ولا المولود بوالده».

وأوضح الشيخ عزب أن كثيراً من الأطفال الذين يتم الاستعانة بهم فى التسول بالشوارع هم نتيجة لعلاقات آثمة، وتحول هؤلاء الأطفال إلى سوق لهم سماسرة، مؤكدا أن الأزهر لا وحده يتحمل مسؤولية تلك الجرائم، فدوره يتوقف عند حد التنويه والإرشاد والتوجيه لكن لابد من تكاتف منظمات المجتمع المدنى مع السلطات التنفيذية للحد من تلك الجرائم.

 

البحث والتحرى

فى وقت سابق، أصدر مكتب النائب العام قراراً بتكليف الإدارة العامة للمعلومات والوثائق – إدارة مكافحة جرائم الحاسبات وشبكة المعلومات بوزارة الداخلية، بفحص وتعقب الموقع الإلكترونى محل البلاغ المسمى «سوق العرب» وفحص البيانات المسجلة به، وتحديد عنوانه على شبكة المعلومات (الإنترنت) ورقمه التعريفى وتاريخ إنشاء الموقع ومكان الدولة التى يبث منها الموقع تحديداً.

وطبقاً لبيان صادر عن المجلس القومى للطفولة والأمومة، فإن من ضمن تعليمات مكتب النائب العام معرفة ما إذا كان يمكن للمستخدمين إنشاء حسابات شخصية بالموقع، حتى يمكن الوصول إلى هوية وبيانات القائمين على إنشائه وإدارته ومستخدمى شبكة المعلومات القائمين بالاتجار بالأطفال على الموقع المشار إليه، وكذا البيانات والمعلومات ذات الصلة بالواقعة محل التحقيق.