رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

المفكر الإسلامى د. محمد صالحين: تيارات الإسلام السياسى.. فى مأزق تاريخى

 د. محمد صالحين يتحدث
د. محمد صالحين يتحدث للوفد

الفلسفة سلاح ناعم لمواجهة التعصب الفكرى والعنف المسلح

العولمة غول يبتلع الكون كله فى جوفه

الأزهر حارس وجه الإسلام المشرق ضد موجة الإسلاموفوبيا

الديمقراطية الغربية مجرد قشور تدارى سوءة الاستبداد

 

المفكر الإسلامى الدكتور محمد صالحين من علماء الأزهر الشريف، وهو أستاذ العقيدة والفكر الإسلامى بكلية دار العلوم جامعة المنيا، وأستاذ الدراسات العليا بكلية القرآن الكريم بجامعة الأزهر الشريف ومؤسس مركز التوحيد الإسلامى بمدينة فيسبادن فى ألمانيا ومديره الأسبق بالإضافة إلى أنه عضو مؤسس فى المجلس الفقهى بالراين ماين فى ألمانيا.

«صالحين» صاحب نشاط إعلامى واسع فى مجالات الدعوة والثقافة الإسلامية وهو مراجع خارجى بالهيئة القومية لضمان جودة التعليم والاعتماد ونائب رئيس مجلس إدارة مركز المخطوطات وتحقيق التراث بجامعة المنيا ومديره السابق.

أستاذ العقيدة والفكر الإسلامى أشار إلى أن الفلسفة الإسلامية تعد سلاحا ناعما ضد الخماسى السرطانى فى العالم بأسره وهى العنف المسلح والتعصب الفكرى والتفكير العقدى والعنصرية الطبقية والعدوان على الأرض والعرض.

«صالحين» أكد أن تيارات الإسلام السياسى مثلها مثل بقية التيارات، إلا أن أزمة التيارات الإسلامية أشد حدة من التيارات الليبرالية واليسارية لأنها ربطت ممارستها بالدين.

< بدايةً:="" ماذا="" عَنْ="" دورِ="" الفلسفة="" الإسلامية،="" فى="" تخفيفِ="" حِدَّةِ="" التعصبِ="" الدينيِّ؛="" الذى="" يؤديْ="" بدورهِ="" إلى="">

- اسمحْ لى قبل كل شيء أن أتحفظ على مصطلح (الإرهاب)؛ لأنه - من وجهة نظرى المتواضعة- مصطلحٌ غير منضبطٍ نظريًّا، ولا عادل تطبيقيًّا، ويُمكننا أنْ نُفْرِدَ لمفهومِ مصطلح الإرهاب حوارًا خاصًّا، لكن دعنى أوضحْ أننى سأتعاملُ مع هذا المصطلح الملتبس عندى -فى أسئلتِكَ المهمةِ- على أنه: العنفُ المسلحُ خارج إطار القانون الرسمى.

قلتُ من قبل - ولا أسأمُ من تكرار قولي- إن الفلسفة الإسلامية هى - بحق- السلاحُ الناعمُ الفعَّالُ ضد الخماسية السرطانية فى هذا العالم بأسره، وهى الجمرةُ الخبيثةُ المتمثلةُ فى الأركان الخمسة؛ للفساد، والإفساد فى الكون، وهي:

ـ العنفُ المسلحُ: الذى يُفرزُ جرائمَ القتل؛ خارج إطار القانون!

ـ والتعصبُ الفكريُّ: الذى يُفرزُ ظاهرة الانغلاقِ الثقافيِّ المُميت!

ـ والتكفيرُ العقديُّ: الذى يُصادِرُ على حقِّ اللهِ تعالى - دونَ غيرِهِ سبحانه- فى محاسبةِ البشر.

وفى الوقتِ ذاتِهِ: تَقِفُ الفلسفةُ الإسلاميةُ هاديةً لمنْ يريدُ مِنَ البشرِ؛ سلوكَ سبيلِ النجاةِ؛ من الإغراقِ فى الماديةِ الدنيويةِ الفانيةِ، والانزلاقِ إلى دَرك الإلحادِ؛ الذى ينحدرُ به صاحبُه من الاستعلاءِ بمرتبةِ البشريةِ المُكَرَّمةِ، إلى التسفلِ بمرتبةِ البهيميةِ غيرِ المكلفة!

ـ والعنصريةُ الطبقيةُ: والتى تُصَنِّفُ البشرَ المتساوين - فى أصل الخِلقة- إلى سادةٍ، وعبيدٍ، دونَ الاستنادِ إلى شرطِ الصلاحِ، والإصلاحِ (التقوى).

ـ والعدوانُ على الأرضِ، والعِرْضِ: والذى يسلبُ مِنَ الإنسانِ أمنَه، وكرامتَه، ويُعلى سطوةَ القوةِ على قيوميةِ الحقِّ، وينشرُ الحقدَ؛ الذى يُثمر جمراتِه الخبيثة الأربع الماضية؛ وهي: القتلُ الهمجيُّ  والتكفيرُ العقديُّ والتعصبُ الفكريُّ والطبقيةُ البغيضةُ بينَ الفئاتِ، والجماعاتِ، والدولِ، والأممِ، والتكتلاتِ!

< كيفَ="" تُقَيُّمُ="" وضعَ="" تياراتِ="" الإسلامِ="" السياسيِّ="" فى="" الوطنِ="">

- إِنَّ تياراتِ الإسلام السياسيِّ مثلُها كَمَثَلِ باقى التياراتِ؛ فى أزمةٍ طاحنةٍ، ومأزقٍ تاريخيٍّ، وإِنَّ مصداقيةَ الجميعِ على المحكّ، لكنَّ أزمةَ التياراتِ الليبراليةِ واليساريةِ وغيرِها: أقلُّ حِدةً من أزمة التيارات الإسلامية؛ لكون الأخيرة قد ربطتْ ممارساتِها بالدين، وهو ما يزيدُ العبْءَ عليها؛ أمام قادتِها، وكوادرِها، وحكوماتِ بلادِها، وجموعِ الشعوبِ العربيةِ، وهو ما لا خلاصَ لهم مِنْهُ إلا بالتمييزِ القاطعِ بينَ ما هو دينيُّ شرعيٌّ مقدسٌ، وبينَ ما هو بشريٌّ اجتهاديٌّ محترمٌ، لكنهُ غيرُ مقدَّسٍ، وليسَ أصحابُه بمعصومينَ مِنَ الخطأِ، ولا مُنزهينَ عَنِ المراجعةِ، والتراجعِ.

< فى="" رأيكَ:="" ما="" خطورةُ="" الفكرِ="" التكفيريِّ="" على="" المجتمعاتِ="">

< تتمثلُ="" خطورةُ="" الفكرِ="" التكفيريِّ="" فى="" القناعةِ="" الجازمة="" الحاسمة،="" لدى="" أصحابِهِ؛="" من="" الضالينَ="" أَوِ="" المضلَّلِيْنَ،="" بأنهم="" يمتلكونَ="" الحقيقةَ="" المطلقةَ،="" ومِنْ="" ثَمَّ="" خوَّلوا="" لأنفسهم="" محاكمةَ="" جميعِ="" الخلقِ،="" وتصنيفَهم="" إلى="" مؤمنٍ="" وكافرٍ؛="" بناءً="" على="" معاييرِ="" ذاتيةٍ="" خاصةً="" بِهِمْ،="" ثم="" انبرَوْا="" إلى="" الكفارِ="" الأصليينَ="" أو="" المرتدينَ="" -حسبَ="" زعمِهِمْ-="" فاستحَلُّوْا="" أنفسَهم،="" وأعراضَهم،="" وأموالَهم،="" ثُمَّ="" صعَّدوا="" وتيرةَ="" عدوانِهم؛="" لتشملَ="" الأنظمةَ="" التى="" لا="" توافِقُهم="" على="" ممارساتِهم="" العدوانيةِ؛="" فحكمُوا="" بالكفرِ،="" أو="" الرِّدَةِ،="" على="" الحُكَّامِ،="" والحكوماتِ،="" ومجالسِ="" التشريعِ،="" والسلطاتِ="" القضائيةِ،="" وعليه:="" اسْتَحَلُوْا="" الخروجَ="" المسلحَ="" -الذى="" يصنفونه="" جِهادًا؛="" فى="" زعمِهمِ="" الباطلِ-="" مُحْدِثِيْنَ="" بذلكَ="" أعظمَ="" الفتنِ="" خطورةً؛="" لأنها="" لا="" تقتصرُ="" على="" تدميرِ="" الحياةِ="" والأحياءِ،="" بَلْ="" تعتديْ="" على="" حدودِ="" الدينِ،="" وتُشَوِّهُ="" الملةَ="" الحنيفيةَ="" السمحةَ،="" وتُزريْ="" بسمعةِ="" مليارِ="" ونصف="" المليار؛="" مِنَ="" المسلمينَ="" السلميينَ،="" الذينَ="" يَنشدونَ="" الأمانَ؛="" للبشرِ="" المسالمينَ="" جميعًا،="" ولأنفسِهِمْ="" وأوطانِهم="">

وإِنَ مِنْ أَهَمِّ وظائفِ الفلسفةِ الإسلاميةِ: تجفيفَ منابعِ التكفيرِ؛ بَلْ هى الوظيفةُ الأمُّ للفلسفةِ الإسلاميةِ، لو نجحنا فى تطبيقِ مناهجِها المنضبطةِ، وإعمالِ مقتضياتِها الحاسمةِ: لأمكننا أَنْ نُوْقِفَ نزيفَ الدمِ الناجمِ عَنِ العنفِ المسلحِ، ونتصدَّى لنزيفِ العقلِ الناجمِ عَنِ الإرهابِ الفكريِّ، ونُقللَ مِن نزيفِ التباغضِ والتشاحنِ والتدابرِ الناجمِ عَنِ العنصريةِ الطبقيةِ، ونُنهى نزيفَ الحروبِ الناجمِ عَنِ العدوانِ العسكريِّ الغاشمِ على أراضى شعوبٍ آمنةٍ مسالمةٍ؛ بقصدِ احتلالِها، والسيطرةِ على مقدراتِها، واستذلالِ شعبِها، واستنزافِ ثرواتِها، وتقطيعِ أوصالِها، ونهبِ أموالِها، وتمزيقِ لُحْمَتِها، وتدنيسِ مقدساتِها، وتشويهِ هُويتِها، وهدمِ مستقبلِها!

< كيف="" ترى="" دورَ="" العولمةِ="" ووسائلِ="" التواصلِ="" الاجتماعيِّ="" فى="" تصديرِ="" الإرهابِ="" وتمويلِهِ،="" وما="" خطورةُ="" الإرهابِ="" على="" خُطَطِ="" التنمية="">

< فى="" الشق="" الأول="" من="" السؤال:="" أرى="" أن="" للعولمة="" دورًا="" مؤثرًا="" وخطيرًا؛="" لأن="" العولمة="" غول="" لا="" يشبع،="" ولا="" يقنع،="" يريد="" أصحابُها="" من="" خلال="" هيمنتهم="" العسكرية="" والاقتصادية="" أن="" يبتلعوا="" الكونَ="" كُلَّهُ="" فى="" أجوافِهم؛="" بما="" فى="" ذلك="" العقولُ="" البشريةُ="" المصطفاةُ،="" والثرواتُ="" المملوكةُ="" لأصحابِها="" الشرعيينَ؛="" بأحكامِ="" القانونِ،="" والأعرافِ="" الدوليةِ،="" ومَنْ="" هُنا:="" تأتى="" مصلحةُ="" العولمةِ="" المنحرفةِ="" فى="" إذكاءِ="" نيرانِ="" الفتنةِ،="" والفُرقةِ="" بين="" الأمم،="" والدول،="" والشعوب،="" والطوائف،="" ودق="" أسافين="" العنصرية="" البغيضة="" بين="" الأقلية="" والأغلبية="" فى="" كل="" زاوية،="" والعمل="" على="" تأجيج="" نار="" الحروب="" المسلحة؛="" لأجل="">

ـ الغرض الأول: تخليق رواج لأسواق الأسلحة الفتَّاكة؛ التى تُعَدُّ أضخم التجارات رصيدًا، وأعلاها ربحًا فاحشًا، وما يترتب على الحروب؛ من متطلبات الإعمار التى أحدثتْها أيادى الاستخراب الآثمة؛ فيجنونَ الثمار المحرمة مرتين؛ مرةً باصطناع الحروب الدامية، ومرةً بنهب عمليات الإعمار بعد الحروب.

ـ الغرض الثاني: إضعاف الشعوب والدول؛ بضرب بعضها ببعض؛ تمهيدًا لإفنائها، دون الحاجة إلى احتلال عسكري؛ كما كانت الحال فى القرن الماضى، وهو عمل إجرامى ذو كلفة كبيرة على القوى المهيمنة؛ إنْ فى الأرواح، أو النفقات، ففازوا بأمانهم، وحفظوا أرواحهم؛ على حساب الدول المتناحرة، والشعوب المغلوبة على أمرها.

ومن أيسر وسائل إشعال هذه الفتن: استخدام وسائل التواصل التقنية الحديثة؛ خاصة أننا لم نصلْ بعدُ إلى ثقافة استخدام إيجابى لهذه الوسائل؛ التى هى -بحق- سلاح ذو حدين.

وفى الشق الثانى من السؤال: سيكون من البديهى أن يؤثرَ ذلك كُلُّه على أصولِ التنميةِ فى الدولِ المستهدفةِ، وعلى معدلاتِها بالسلبِ.

< ما="" تقييمك="" لدور="" مؤسسة="" الأزهر="" فى="" مواجهة="" «الإسلاموفوبيا»،="" والتصدى="" للفكر="">

< أرى="" أن="" مؤسسة="" الأزهر="" -="" فى="" العشرية="" الحالية="" من="" الألفية="" الجديدة-="" قد="" ثَبَّتَتْ="" مكانتَها؛="" إنْ="" فى="" قلوب="" المسلمين="" كافة،="" وإنْ="" لدى="" المؤسساتِ="" الدولية="" خاصة،="" وإنْ="" على="" صعيد="" المثقفينَ="" والنُّخَبِ="" الفاعلةِ="" على="" وجه="" الخصوص،="" وسبب="" ذلك="" فى="" رأيى="" المتواضع:="" أن="" على="" رأس="" المؤسسة="" إمامًا="" مفكرًا="" مستنيرًا،="" يفقه="" ما="" يدورُ="" حوله="" بدقة،="" مع="" إحاطةٍ="" بأصولِ="" الحوارِ،="" وركائزِ="" الدعوةِ،="" ويعرفُ="" جيدًا="" دور="" أعرق="" مؤسسة="" إسلامية="" على="" مستوى="" العالم،="" ومكانَتها="" السامقة؛="" فى="" قلوب="" جمهور="" المسلمين،="" وهو="" إلى="" ذلك="" يتميزُ="" بمميزات="" شخصية؛="" أهمها:="" الزهد="" الإيجابي؛="" الذى="" يجعله="" مهاب="" الجناب،="" لا="" يخشى="" فى="">

لومةَ لائم، وعليه: فإنه - مع أركان مؤسسته- يقومُ بدورٍ إيجابيٍّ، على محاورَ عِدةٍ؛ منها:

- المحور الأول: بيان وجه الإسلام المشرق، ورفض موجة الإسلاموفوبيا، وتعرية سوءتها، وكشف المروجين بالباطل لها، وهو يقدم فى هذه المعركة الفكرية براهين واقعية، لا محل للجدل والمزايدة إزاءها، ويدعو الغرب إلى الإنصاف؛ لأننا لو حكمنا على كل دين بالإدانة، من خلال شرذمة ضالة من أتباعه: فلن تسلم ديانةٌ من تهمة العنف، ولا التمييز، ولا الرجعية الفكرية المقيتة.

- المحور الثاني: بيان ضلال العصابات الإجرامية المنحرفة عن نهج الإسلام الحنيف، التى تتستر براية الدين، والدين منها براء، والأزهر يصف هذه العصابات المجرمة بالضلال، والخروج عن صحيح الدين، لكنه يرفض تكفير أتباعها؛ سدًّا لذريعة انتشار بدعة التكفير المدمرة؛ للمجتمعات، والحكومات، والأفراد.

- المحور الثالث: الدفاع عن ثوابت الدين؛ ضد الهجمات العلمانية واليسارية؛ التى تريد أن تنال من حُجية مصدرى التشريع؛ القرآن الكريم، والسنة المطهرة، أو تزعزع ثوابتَ الأحكام الشرعية؛ المستقرة من لدن البعثة المحمدية إلى اليوم، وهى كلمة إجماع بين عموم الأمة، على مختلف الأعصار، والأمصار.

وليس معنى هذا أن الأزهر قد أدى دوره بالتمام والكمال، ولكن معناه: أن مؤسسة الأزهر - التى تعمل فى ظل مُناخات غير مهيأة، وأجواء ليست ملائمة - تبذل قصارى جهدها؛ أداءً لرسالتها التى كلفتها بها شعوبُها المؤمنة، وأناطها بها دستور مصر المسلمة، وهى فى ذلك مأجورة مبرورة، ونرجو لها المزيد من السداد والتوفيق، ولا يكلف اللهُ نفسًا إلا ما آتاها، سيجعل الله من بعد عسر يسرًا.

< كيف="" نقيم="" حوارًا="" حضاريًّا="" مع="" العقلية="" الغربية،="" فى="" ظل="" الإساءات="" التى="" يوجهها="" الغرب="" إلى="" الإسلام="" والمسلمين،="" من="" حين="" إلى="">

< الحوارُ="" يكون="" بين="" الأنداد،="" ولسنا="" أندادًا="" الآن="" للغرب،="" ومن="" ثَمَّ="" لا="" بد="" أن="" نستكمل="" شروط="" الندية،="" ثم="" بعد="" ذلك="" يكون="" الحوار،="" يدعوننا="" مرةً،="" وندعوهم="" مرةً،="" ونتحاور="" برقى="" ونُبل،="" أما="" ما="" نراه="" الآن="" فهو="" تجميلٌ="" لصورةِ="" التبعية،="" وقد="" قالها="" ابن="" خلدون="" منذ="" قرون:="" إن="" المغلوب="" مولعٌ="" بتقليد="">

لكن الحضارة الغربية ليست بخير؛ على الرغم من أنها حضارة عملاقة جبارة، وسبب تقييمى هذا يرجع إلى عاملين مهمين:

العامل الأول: أنها حضارةٌ مادية، طغت فيها مطالب الجسد على مطالب الروح، وسُخِّرَ فيها العلم لخدمة ظاهر الإنسان دون باطنه، وهُمِّشَ فيها الإنسان -الذى هو سيد الكون- بينما أخذت الميكنة الإنتاجية التى اخترعها إنسانٌ دور الإنسان، وحلت محله!؛ لأن المهم هو كمُّ الإنتاج، وتسريعُه، وليس تمكينَ البشر، والاستثمارَ فيهم، وهذا سياسة خرقاء، لا يمكنُ أن تستمر؛ لأنها ضد طبيعة الأشياء، ومعاكسة لأصل الخلقة، ومشاقة لناموس الكون.

العامل الثاني: أنها حضارةٌ بدأتْ عادلةً، شوريةً، فَمُكِّنَ لها فى الأرض، وانتهتْ إلى هاوية الظلم، وطغيان الاستبداد، وما نراه من مظاهر الديمقراطية عندهم إنْ هى إلا قشور يدارون بها عوراتهم، وإن صحتْ فهى خاصة بهم، لكنها مُحَرَّمةٌ على غيرهم من الشعوب، والأمم؛ لذلك: فإن حضارة الغرب إلى أُفُول، والذكيُّ من يَعُدُّ نفسه؛ لتحلَّ حضارتُه محلَ الحضارةِ الغربيةِ؛ بشقيها: الأوروبى العجوز، والأمريكى الطاغى، والله غالب على أمره، ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

< أخيرًا..="" هل="" يُمكن="" أن="" نقول:="" إن="" الغرب="" يُخطط="" لـ="" «هولوكوست»="" جديد="" ضد="">

< لا="" أدْرى،="" لكنَّ="" الغربَ="" ليسَ="" كتلةً="" واحدةً،="" فكما="" أن="" فيه="" السفهاء،="" والمتعصبين،="" وأصحاب="" الضغائن="" والإحن="" الإنسانية="" الحاقدة،="" والجهلاء="" بحقائق="" الإسلام،="" فإن="" فيه="" المنصفين،="" وأهل="" المودة="" الإنسانية="" الصافية،="" والعالِمين="" يقينًا="" بتلك="" الحقيقة؛="" فليسوا="" سواءً؛="" كما="" قال="" الله="" تعالى؛="" هذا="" من="">

من ناحيةٍ ثانيةٍ: فإن هذا الدين الحنيف السمح: أنزله الله تعالى؛ كى يبقى حتى قيام الساعة، يدول أصحابه، ويُدال عليهم، ويقوون ويُستضعفون، ويُمكَّنُ لهم، ويُمكَّنُ منهم؛ لكنهم أبدًا: لن يتم محوهم، ولا هدم دينهم؛ هذا يقينٌ لدى أعداء الإسلام، قبل أوليائه.

من ناحية ثالثة: فلننظرْ ماذا جرى لليهود بعد الهولوكوست؟ استدروا عطف أغلب الكون، ولا يزالون يعزفون على وتر معاداة السامية؛ حتى صارت من المحرّمات الدولية.

ولا يزالون يستنزفون ثروات دول بعينها؛ تكفيرًا عن سيئات لم يرتكبْها الجيل الحالى، وكوَّنوا جماعاتِ ضغطٍ سياسيةً؛ تُخططُ لتحقيقِ مصالحِهم فى كل أرجاء الأرض، وأنشأوا كيانات اقتصاديةً عملاقةً؛ عابرةً للقاراتِ، تهيمنُ على حركة التجارة الدولية.

ولا يزالون يُدَبِّرُوْنَ المكائدَ، ويَحيكونَ الأكاذيبَ؛ حتى استولَوُا على أرضِ فلسطينَ المقدسةَ، وأقامُوْا عليها دولتَهُمْ العنصريةَ، ونظامَهم الدمويَّ، ثم غَزَوْا العربَ والمسلمينَ فكريًّا؛ حتى أمسى التطبيعُ معهم مما يُحْتَمَلُ وجهاتِ نظرٍ، بعدَ أَنْ كانتْ مقاطعةُ الكيانِ الكاملةُ: كلمةَ إجماعٍ... إلى آخر ما ترتَّبَ على الهولوكوست ضدَ اليهودِ، فهلْ قادةُ الفكرِ والرأيِّ الغربيونَ أغبياءُ؛ حتى يُخططوا لهولوكوست ضدَّ المسلمين؟! لا أُرَجِّحُ هذا.

ومن ناحية رابعة: قبل أن نلوم من اتخذوا منا أعداءً، وجعلونا غرضًا لأهدافهم غير النبيلة: علينا أن نلوم أنفسنا؛ بسبب تفرقنا، وتشرذمنا، وتدابرنا، وتشاحننا، بل على تصارعنا الذى وصل إلى حد الاحتراب، والاقتتال.