رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

النقل النهرى... كنز مفقود

بوابة الوفد الإلكترونية

«57 ميناء» و3126 كيلومتر شريان مائى داخل مصر.. ومليون طن حجم النقل سنورياً

النقل النهرى أحد أهم وسائل النقل فى العالم، إلا أنه لا يزال محدود الاستخدام فى مصر رغم بداية الاهتمام به مجددا خلال السنوات الأخيرة بإطلاق الخطة الشاملة لتطوير منظومة النقل النهرى العام الماضى، ورغم ذلك فإن حركة النقل النهرى فى مصر لم تتعد نسبة الـ1%، بينما تصل ذات النسبة فى عدد كبير من الدول إلى «47٪».

وتاريخيا ظل نهر النيل وفروعه على مدى قرون عديدة المحور الأساسى للنقل بين مختلف أنحاء البلاد، وكان النقل الشراعى هو الوسيلة المثلى للانتقال من الجنوب إلى الشمال والعكس، وفى العصر الحديث بدأ ظهور بعض الوحدات النهرية الكبيرة وكانت الملاحة مرتبطة بتوافر المياه وكانت المنشآت التى تقام على هذا المجرى من النوع المتحرك حتى لا تمثل عائقا أمام المراكب الشراعية.

وعقب ثورة يوليو 1952، حدثت طفرة هائلة فى وسائل النقل النهرى، مع إنشاء هيئة النقل النهرى وربط النيل بميناء الإسكندرية عبر مجرى ملاحى جديد هو ترعة النوبارية المتفرعة من الرياح البحيرى، وظل النقل النهرى فى وضع متميز حتى نهاية الستينات، وكان الأسطول النهرى فى حالة جيدة وتحملت الدولة التكاليف الرأسمالية له، وكان منسوب المياه مناسباً طوال العام لتيسير المركبات النهرية، فيما عدا حالات السدة الشتوية (يناير - فبراير) من كل عام.

وبعد بناء السد العالى فى أواخر الستينات، بدأ نهر النيل يأخذ شكلا مختلفا وبدأت مظاهر النحر والترسيب وظهور جزر جديدة تمثل عائقا أمام انسياب الملاحة، ومنذ الثمانينات ظهرت مشكلات قلة المياه وانخفاض منسوبها وتقلصت الاستثمارات المتاحة لتجديد وتطوير الأسطول وصاحب ذلك الوضع تقلص فى أحجام البضائع المنقولة بالنقل النهرى بشكل كبير.

ومع تفاقم ارتفاع الكثافات المرورية على الطرق وما يصاحبها من تأثيرات سلبية على التنمية الشاملة للدولة، وارتفاع أسعار الوقود المختلفة زادت تكلفة النقل البرى، كان لابد من العودة مرة أخرى إلى إحياء وتنشيط قطاع النقل النهرى وتفعيل دوره فى نقل البضائع التى تتناسب معه من خلال تطوير البنية الأساسية بواسطة الدولة مع طرح تطوير مشروعات البنية التشغيلية للقطاع الخاص كإنشاء الشركات النهرية وإدارة وتشغيل الموانئ وإقامة محطات للحاويات وغيرها.

وتمتلك مصر موانئ على نهر النيل بلغ عددها 47 ميناء، تحقق إيرادات لهيئة النقل النهرى بنحو 11 مليون جنيه سنويا من أعمال نقل البضائع ومنح التراخيص، وفقا للدكتور محمد عبدالعظيم، رئيس هيئة النقل النهرى السابق.

وتتمتع مصر بأكبر شريان مائى فى أفريقيا بطول 3126 كيلو مترًا داخل حدودها، حيث تنقسم خطوط النيل الملاحية إلى ثلاث فئات، الأولى طرق ملاحية من الدرجة الأولى وطولها 2192 كيلومترًا، ولها أربعة محاور وتمتد من أسوان إلى القاهرة والرياح البحيرى عبر قناة النوبارية إلى الإسكندرية، الدرجة الثانية وطولها 121 كيلومترًا، وأخيرا طرق ملاحية من الدرجة الثالثة وطولها 813 كيلومترًا.

ووفقا للإحصاءات فإن حجم حركة النقل فى مصر يقدر بنحو 600 مليون طن سنويا، نصيب النقل النهرى منها لا يتعدى 1%، حيث يصل عدد وحدات أسطول النقل النهرى إلى 960 وحدة منها 440 وحدة تابعة لشركة النيل العامة للنقل النهرى و520 وحدة تابعة لقطاع الأعمال والقطاع الخاص.

وتصل حمولة الوحدة النهرية 900 طن يسيرها محركان قوتهما 460 حصانا كحد أقصى، وهذه الحمولة تحتاج إلى قطار مكون من 23 عربة حمولة كل منها 40 طنا تسيرها قاطرة 1600 حصان، أما نقلها بسيارات النقل الثقيل فإنها تحتاج إلى 30 سيارة حمولة كل منها 30 طناً.

وفيما يتعلق باستهلاك الوقود، فالنقل البرى يستهلك 7 أضعاف النقل النهرى، حيث أن 20 مليون طن بضائع يتم نقلها بالنقل النهرى توفر مليونا ونصف المليون طن سولار، بما يساوى تقريبا 3.5 مليار جنيه، وهو ما يوفر للدولة 44% من قيمة الوقود المستهلك.

وحسب إحصائيات غير رسمية صادرة فى عام 2016، فإن النقل النهرى يوفر لمصر 1.5 مليار دولار من السولار و6 مليارات جنيه صيانة طرق وسيارات عن الحمولات الزائدة.

وعالمياً، تتفاوت نسب الاعتماد على النقل النهرى، حيث يصل حجم النقل النهرى فى هولندا 47%، وفى ألمانيا من 18 إلى 20%، وقد زاد استخدام القنوات المائية بنسبة أكثر من 50% فى بلجيكا وأكثر من 35% فى فرنسا فى الفترة من 1997 إلى 2004.

تطوير المنظومة

ومن أجل تحقيق أكبر استفادة من الإمكانيات الكبيرة التى تمتلكها مصر فى مجال النقل النهرى، وضعت الدولة ممثلة فى وزارة النقل مخطط شامل لتطوير منظومة النقل النهرى، لتحقيق عدد من الأهداف الهامة والحيوية للمساهمة فى التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالبلاد.

من أبرز أهداف هذا المخطط، تطوير المجارى النهرية بنهر النيل وفروعه الملاحية، ورفع مساهمته فى نقل البضائع والركاب نهريا، لتخفيف الأعباء على الطرق، وبما يتماشى مع مشروعات التنمية الاقتصادية والاجتماعية وبما يحقق الاستخدام الأمثل لنهر النيل وفروعه وربطه بحركة التجارة الخارجية.

إضافة إلى زيادة نصيب نقل البضائع عبر نهر النيل ليصل تدريجيا إلى 5% من حجم المنقولات عام 2020 لتخفيف الضغط على شبكة الطرق وخفض نسبة الحوادث وتقليل خسائرها الاقتصادية، ومن المخطط الطرح على المستثمرين والقطاع الخاص إنشاء عدد 5 موانئ نهرية حديثة فى قنا وسوهاج وأسيوط وميت غمر ودهشور بإجمالى طاقة تداول 40 مليون طن/ سنة.

ومن أجل تنفيذ هذا المخطط، وقعت الوزارة بروتوكول تعاون مع هيئة قناة السويس فى يونيو من العام الماضى لمدة 3 سنوات، حيث تساهم الهيئة فى تطوير وتكريك المجارى الملاحية بنهر النيل وفروعه باستخدام الكراكات والمعدات المساعدة الحديثة، وتصنيع وإلقاء المساعدات الملاحية (الشمندورات) المضيئة وغير المضيئة والأبراج الملاحية الثابتة لتحديد المسارات الملاحية النهرية لتأمين وتسيير حركة الملاحة النهرية، وتصنيع وحدات نهرية جديدة ولنشات لاستخدامها فى الرقابة والتفتيش على الوحدات النهرية العاملة بنهر النيل وفروعه بما يتناسب مع المواصفات الفنية القياسية لنهر النيل، وكذلك الاستعانة بالخبرات فى رفع كفاءة الوحدات النهرية التابعة للهيئة وتصنيع معديات وكبارى جديدة.

ويشمل البروتوكول تبادل الخبرات والتدريب، حيث ستقوم هيئة قناة السويس من خلال التنسيق مع المعهد الإقليمى للنقل النهرى فى وضع وتطوير البرامج والدورات بالمعهد الإقليمى وتأهيل الكوادر الفنية والاستفادة من الإمكانيات المتاحة من بنية تحتية (أجهزة ومعدات وأماكن متخصصة للتدريب) وفنية وإدارية، وكذلك الاستعانة بالخبرات للمشاركة فى أعمال التفتيش والفحص ومراقبة الوحدات النهرية بالمجارى الملاحية.

ونص البرتوكول على تشكيل لجنة فنية وهندسية متخصصة من المهندسين والفنيين والإداريين ذوى الصلة بالأعمال التى يتطلبها تنفيذ أحكام هذا البروتوكول، ويكون للجنة متابعة الأعمال واتخاذ كافة الإجراءات اللازمة التى تضمن السير المنتظم والفعال لتلك الأعمال وتذليل أية عقبات تعترض تنفيذها والعرض على السلطة المختصة لاتخاذ اللازم.

الدكتور أحمد الشامى، أستاذ الاقتصاد والنقل البحرى والنهرى، قال إن هناك هدفين من النقل النهرى فى مصر الأول والرئيسى هو زيادة النقل الداخلى وحركة التجارة الداخلية بين المحافظات، والثانى هو نقل الركاب.

وأضاف الشامى، النقل الداخلى تسير فيه الدولة منذ سنوات بشكل جيد، وهناك خطط مدروسة لزيادته وخاصة فى محافظات الوجه البحرى ومدن الشمال، بينما الجزء الجنوبى ومحافظات الصعيد فإنها تحتاج إلى بذل المزيد من الجهد خلال الفترة المقبلة، وهو ما تعمل عليه الحكومة فى الوقت الحالي.

وأوضح أستاذ الاقتصاد والنقل، أن هناك خطة بدأ تنفيذها بالفعل لإحداث طفرة فى نقل البضائع عبر نهر النيل، عن طريق الشراكة بين القطاع العام من خلال جهاز الخدمة الوطنية وشركات القطاع الخاص، بحيث تصل نسبة حركة النقل النهرى للتجارة الداخلية إلى 5% من حركة النقل فى مصر، مقارنة بـ1 إلى 2% فى الوقت الحالى، مشيرا إلى أننا نريد أن

نصل بهذه النسبة لأكبر من ذلك ولكن الوصول إليها فى السنوات القليلة المقبلة مرضى إلى حد ما.

وحول نقل الركاب، لفت الشامى، إلى أن النقل النهرى غير مؤثر بشكل قوى فى هذا الغرض، ولا يجب أن نعول عليه ونعقد عليه الآمال، لأنه مرتفع التكلفة، ومعظم الشركات التى تعمل به حاليا تعتمد على اشتراكات الشركات الواقعة على نهر النيل فقط، وقال «رغم أن النقل النهرى للركاب حاجة كويسة إلا أننا لسه قدامنا أكتر من 5 سنين علشان نلاقى 1000 وحدة شغالة تنقل ركاب.. كمان الأتوبيس النهرى التابع للحكومة بيخسر كتير سنوياً».

 

 رفع سعر التذكرة إلى 4 جنيهات

الأوتوبيس النهرى.. للفسحة فقط

مطالبات بتحديث الأسطول.. ومد العمل حتى العاشرة مساء

الأوتوبيس النهرى يعد الوسيلة الأشهر لنقل الركاب عبر النيل، «الوفد» استقلت الأوتوبيس النهرى، المنطلق من التحرير حتى جامعة القاهرة.

البداية كانت بحديث مع السائق الذى قال إن مواعيد العمل تبدأ من السابعة صباحا وتنتهى فى الخامسة مساء، ومواعيد الانتظار بين كل رحلة وأخرى تتراوح بين 30 و45 دقيقة.

ثم انتقلنا إلى الحديث مع الركاب والذين تبين لنا أن معظمهم يفضلون ركوب الاوتوبيس النهرى كنوع من الفسحة والترويح عن النفس وسط مياه النيل، ولا يعتمدون عليه بشكل رئيسى فى انتقالاتهم، مطالبين بضرورة تحديث الاسطول لأن معظم المركبات متهالكة وقديمة، إضافة إلى مد ساعات العمل حتى العاشرة مساء.

إبراهيم أحمد سليمان، وهو رجل أربعينى، قال أنه لا يستقل الأوتوبيس النهرى إلا عندما يكون لديه وقت فراغ ويحتاج الوصول إلى الجيزة، فيستمتع برحلة نيلية قصيرة عبر الأوتوبيس، معبرا عن غضبه من ارتفاع سعر التذكرة إلى 4 جنيهات بدلا من جنيهين فقط.

وأضاف إبراهيم «فوجئت عندما زادت التذكرة 2 جنيه مرة واحدة ومفيش حاجة تطورت فيه.. يعنى كان بـ2 جنيه وفجأة بقى بـ4 جنيه رغم أنه حكومى والمفروض الحكومة ما ترفعش السعر للضعف كده مرة واحدة.. ده الميكروباصات والاوتوبيسات الخاصة رفعت السعر 50 قرش وجنيه واحد بس يبقى الحكومة ترفعه 2 جنيه مرة واحدة.. ده كتير».

وتابع «أنا مش بركب الاوتوبيس النهرى دائما ولكن على فترات لما بلاقى نفسى فاضى وعندى مشوار لغاية الجيزة وأنا موجود فى التحرير فبيكون وسيلة مواصلات أحلى من الزحمة بتاعت الاوتوبيسات والميكروباصات.. زمان كان الاوتوبيس النهرى أحلى من دلوقتى.. يعنى الأول الكراسى كانت نظيفة ومرصوصة بشكل جميل وكان الواحد يقعد على الكرسى مش عاوز يقوم من عليه.. إنما دلوقتى الكراسى بقت كنبة حديد يقعد عليها 3 أفراد ونوعها مش حلو».

واستطرد «كمان انتظار الاوتوبيس الطويل فى المرسى عقبال ما يحمل مشكلة كبيرة لازم نحلها علشان نجذب الناس لركوب الاوتوبيس.. يعنى النهارده إحنا نظل ساعة منتظرين الاوتوبيس يحمل ويمشى وده مينفعش مع اللى عاوز يروح مشوار ومستعجل».

وقال محمد إسماعيل، شاب ثلاثينى، أن الاوتوبيس النهرى بالنسبة له مثله كمثل باقى وسائل المواصلات، ولكنه يعانى من بعض المشكلات أبرزها عدم تحديث الأسطول منذ سنوات طويلة.

وأضاف محمد «الاوتوبيس النهرى زى الاوتوبيس العادى وأى مواصلة لكن فيه كذا مشكلة أبرزها عدم تحديث أسطول الاوتوبيسات والمعدات لأن ممكن ندهن الاتوبيس من بره لكن الآلات والمعدات نفسها مش حديثة».

وتابع «كمان ياريت مواعيد عمل الأوتوبيس تمتد حتى العاشرة مساء بدلا من الخامسة ومش مهم يزود سعر التذكرة بس المهم يكون موجود لغاية بالليل لأن أغلب الناس بتركبه نوع من الفسحة فى النيل، والموضوع كله مش هيحتاج أكتر من كشاف لإضاءة الطريق ليلا وهيكون زى المراكب واللانشات اللى بتمشى طول الليل فى النيل.. ويجب الاهتمام بوسائل الحماية المدنية والإطفاء لأنه من الواضح أنه فى حالة حدوث حريق لا قدر الله مش هنلاقى حاجة نطفى النار بيها، لأن حالة الاوتوبيسات سيئة جدا».

فيما قال عم عبدالمنعم، وهو رجل خمسينى يستقل الأوتوبيس مع زوجته، أنه اعتاد ركوب الأوتوبيس منذ التحاقه بالجامعة، مشيرا إلى أن حالة الأسطول تقريبا لم تتغير وإن كانت أفضل فى الماضي.

وأضاف عبدالمنعم، «أنا بركب الاوتوبيس النهرى ده من أيام ما كنت فى الجامعة وساعتها كانت التذكرة بقرش صاغ وكان حالته أحسن من دلوقتى وكان بيوصل للجيزة والمنيل إنما دلوقتى آخره حديقة الحيوان.. لكن دلوقتى بنركبه أنا وزوجتى لما بنكون عاوزين نتفسح فسحة جميلة ورخيصة فى النيل».

وتابع، «إحنا المفروض نستغل نهر النيل أكتر من كده فى النقل وخاصة نقل الركاب لكن للأسف معظم اللى موجود فيه دلوقتى المراكب والبواخر السياحية اللى مش بيركبها الناس العادية».

بينما قالت زوجة عم عبدالمنعم، «إحنا ساكنين فى 15 مايو فصعب جدا نستخدم الاوتوبيس النهرى علشان نوصل البيت لكن لما بننزل وسط البلد فى المناسبات والأعياد بنركبه كنوع من الفسحة للأولاد والخدمة فيه مش وحشة والسواق محترم بس المفروض يتطور علشان يبقى أحسن ويزيد الركاب فيه».

وعن سعر التذكرة الذى وصل إلى 4 جنيهات بدلا من جنيهين، قالت أن هذا السعر مناسب لمن يركب الأوتوبيس النهرى كنوع من الترفيه والفسحة لكن من يستخدمه كنوع من المواصلات اليومية فإنه غالى جداً».