عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تعويضات النوبة.. نهاية سعيدة

بوابة الوفد الإلكترونية

11.7 ألف مستحق.. و225 ألف جنيه تعويض المنزل و25 ألفاً للفدان الزراعى

>> الأهالى: القرار أسعد الجميع.. ومطلوب مد تقديم طلبات التعويض حتى نهاية أغسطس

>> تعويضات الستينيات هزلية: 10 قروش للنخلة و40 جنيهاً للمنزل!

اسمهم بالفرعونية يعنى بلاد الذهب، وهو الاسم الأكثر تعبيراً عن حال أهلها، فجميعهم «ناس من ذهب».

هكذا حال أهل النوبة الذين عاشوا 107 أعوام فى معاناة وأخيراً عرفوا طعم السعادة.. وانتهت أحزانهم التى توارثوها جيلاً بعد جيل، فأثناء زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى لأسوان إبان انعقاد مؤتمر الشباب فى يناير 2017 وعد بتعويض أهالى النوبة عن ممتلكاتهم من جراء بناء خزان أسوان عام 33 وبناء السد العالى 64 ، وبالفعل تم تشكيل لجنة وطنية بقرار من رئيس الوزراء آنذاك شريف إسماعيل رقم 478 بتاريخ 26 فبراير 2017، وقامت اللجنة بنقل ملفات مستندات الحصر من مكتب المساحة بالدقى الخاص بتهجير النوبة ونقلها بمديرية المساحة لتسهيل الأمر لذوى الشأن، ونشرت اللجنة أسماء جميع من تقدموا من قبل بقسم الإسكان بنصر النوبة التابع لإدارة التضامن الاجتماعى بكشوفات كل قرية للمستحقين للمنازل، وكذلك كشوفات المستحقين الأراضى الزراعية من المراقبة العامة الزراعية بكوم امبو وتم نشرها بقرى النوبة وبموقع أسوان الإلكترونى، ومن هنا سارعت كل الجمعيات الأهلية بالقاهرة بإخطار ذوى الشأن بعمل اللازم وإحضار المستندات اللازمة.

وخلال شهر من الإعلان عن فتح باب التقديم للحصول على التعويضات، تم اتخاذ خطوات تنفيذية بشأن التعويضات وتم نشر أسماء المستحقين على أن يتم التوقيع باستمارة الرغبات للحصول على بدل عينى أو نقدى للأراضى والمنازل.

وبكل المقاييس فإن صرف تعويضات لأهل النوبة يعد نهاية سعيدة لملف حزين، ظل يوجع قلوب أهل النوبة لمدة تزيد على قرن من الزمان.

 

بداية القصة

بداية آلام النوبيين كانت مع مطلع القرن العشرين، ووقتها كانت النوبة تضم 39 قرية تمتد بطول 350 كيلومتراً جنوب أسوان، وبعد بناء خزان أسوان عام 1902، ارتفع منسوب مياه النيل خلف الخزان إلى 106 أمتار لتغرق مساكن وأراضٍ زراعية وسواقٍ ومزروعات ونخيل وأشجار 10 قرى نوبية هى: دابود ودهميت وأمبركاب وكلابشة وأبوهمور ومرواو وقرشة وكشتمنة شرق وغرب وجرف حسين والدكة.

وبعد التعلية الأولى للخزان «1912م»: ارتفع منسوب مياه الخزان إلى 114 متراً فأغرقت المياه 8 قرى نوبية أخرى، هى: قورتة والعلاقى والسيالة والمحرقة والمضيق والسبوع ووادى العرب وشاترومة.

وفقد النوبيون كل ما يملكون بعد التعلية الثانية للخزان عام 1932م، حيث أغرقت المياه عشر قرى نوبية أخرى، هى: المالكى وكروسكو والريقة وأبوحنضل والديوان والدر وتوماس وعافية وقتة وأبريم وجزيرة أبريم، وأضيرت بقية القرى النوبية الإحدى عشرة الأخرى وهى عنيبة ومصمص والجنينة والشباك وتوشكى شرق وغرب.

وإزاء تلك المحنة، انتقل النوبيون إلى سفوح الجبال ليبنوا مساكن لهم على طول نهر النيل، ومنذ ذلك الحين والنوبيون يطالبون بإعادة النظر فى التعويضات التى صرفت للأهالى ومنح أبناء النوبة أراضى صالحة للزراعة شمال أسوان وجنوب قنا بدلاً من الأراضى التى أغرقتها مياه الخزان. ورغم الوعود المتكررة من الحكومة وقتها إلا أنه لم يتم تعويض الأهالى.

وفى بداية عام 1953 بدأت الدولة تجرى دراسات حول مشروع السد العالى من كل جوانبه الهندسية والاجتماعية والاقتصادية، ثم تشكلت بعد ذلك لجان لمواجهة الآثار الجانبية لمشروع السد العالى، وبدأت الدولة تنفيذ المشروع عام 1964، وتم تهجير عدد كبير من أهالى النوبة إلى هضبة كوم أمبو وإسنا، وتم وقتها صرف معاش شهرى يقدر بحوالى ثلاثة جنيهات لكل أسرة مهجرة من قبل الشئون الاجتماعية.

ورغم إعلان الحكومات السابقة عن تقديم التعويضات المناسبة للأهالى إلا أن كل التعويضات السابقة كانت مخيبة لآمال النوبيين، حيث ارتضى النوبيون بالهجرة إلى كوم أمبو وإسنا وفقاً لشروط أبرموها مع الدولة تتلخص فى الحصول على أرض زراعية بالنوبة مقابل أرض زراعية بالمهجر ومسكن فى النوبة مقابل مسكن بالمهجر، وبناء على تلك القاعدة القانونية قرأ النوبيون كافة القرارات والقوانين التى صاحبت عملية التهجير، وعلى الأخص قرار رئيس الجمهورية بمرسوم القانون رقم 67 لسنة 1962 فى شأن نزع ملكية الأراضى التى تغمرها مياه السد العالى، وكذلك القرار الوزارى الذى أصدرته الشئون الاجتماعية برقم 106 بتاريخ 24/9/1962 بشأن قواعد تعويض وتمليك إسكان أهالى النوبة، لكن التنفيذ جاء مخيباً لآمال النوبيين، فقدرت الحكومة قيمة تعويضات للأراضى والمزراع والمساكن التى فقدها النوبيون على أسعار عامى 1902 و1912 دون أى مراعاة وقتها لفروق الأسعار والتضخم مع مرور السنين، حيث قدر وقتها ثمن النخلة بخمسين قرشاً وأحياناً بعشرة قروش، وفدان الأرض بأربعين جنيهاً وأحياناً بعشرين جنيهاً، أما الغرفة المسقوفة فى المسكن فقدرت بخمسة جنيهات فقط.

وبالنسبة للنوبى المصرى المغترب- أى غير المتواجد فى قريته النوبية أثناء الحصر، بسبب بحثه عن الرزق بعد أن أغرقت الحكومة أرضه- فلم تبن لهم مساكن إلى وقتنا هذا.

 

مجهودات الحكومة

تجدد الأمل لدى أبناء النوبة، بعد قرار الحكومة بتشكيل لجان لحصر كافة المتضريين وإعطاهم التعويضات اللازمة، حيث تم إعداد وتجهيز 10 لجان بوحدات التضامن الاجتماعى على مستوى مركز نصر النوبة ومدينة كلابشة للتعويضات السكنية، بجانب 16 لجنة بالجمعيات الزراعية، بالإضافة إلى 4 لجان بأحياء غرب وشرق وجنوب ومقر الوحدة المحلية لمركز ومدينة أسوان، فضلاً عن لجنة بمقر جامعة أسوان، وذلك لتلقى رغبات تقنين الأراضى المقامة عليها مساكن المتضررين من إنشاء السد العالى بنطاق مدينة أسوان.

وقام أعضاء اللجنة بتسليم المستحق نموذج الرغبة فى التعويض مسلسل

ومختوم بشعار الجمهورية لمنع أى تلاعب، مع إرفاق المستندات المطلوبة من إعلان وراثة وتوكيل وبطاقة الرقم القومى وغيرها، ووصل الحصر النهائى للمستحقين إلى 11 ألفاً و716 مستحقًاً منهم 3851 مستحقاً لتعويض المتضررين من بناء وتعلية خزان أسوان والمطلوب تقنين الأراضى المقامة عليها مساكنهم مجانًا فى 14 منطقة بمدينة أسوان، بجانب 4758 مستحقًا للتعويضات الزراعية.

فى حين سيتم تعويض من له رغبة فى التعويض المالى بواقع 25 ألف جنيه للفدان، وعلاوة على ذلك هناك 3107 مستحقين للتعويضات السكنية حسب رغبة المستحق، سواء داخل المحافظة أو بمحافظات أخرى أو بتعويض مالى بواقع 225 ألفاً عن المسكن.

 

رد فعل الأهاليى

شاءت الأقدار أن يعيشوا لأكثر من 60 سنة فى عذاب بعد فقدانهم ما يملكونه من الحياة، لكن كل الآلام والأوجاع انتهت سماعهم الأخبار السارة بخصوص قرار الحكومة بصرف التعويضات، حيث عمت الفرحة على وجه الجميع من أبناء النوبة.

د. سامى الكاشف من قرية الجنينة والشباك... يقول حضرت خصيصاً من القاهرة لأقدم المستندات فور سماعى هذه الأخبار المفرحة بتعويضنا عن ممتلكات العائلة عن الأراضى الزراعية والمبانى التى افتقدناها من جراء التعلية الثانية الخزان أسوان عام 33 وبناء السد العالى 64 فى انتظار شهر سبتمبر لاستلام مبلغ التعويض.

وأشارت إلى أنه فور نشر عدة مواقع إلكترونية والصحف الكبرى ووسائل الإعلام خبر تعويضات النوبة بادرت بعض الجمعيات النوبية الأهلية لتوعية أصحاب الشأن بالاستعداد بكافة المستندات من توكيلات وإعلام الوراثة والمستندات المساحية لتقديمها للجان التى تم تشكيلها بعدة مناطق بمدينة نصر النوبة وكلابشة وأسوان وتوفير استمارات الرغبات ودليل إرشادات ونموذج تم طبعها من اللجنة الوطنية لصرف التعويضات المتضررة النوبة وبها نماذج من الوحدات السكنية بمحافظات الجمهورية وداخل محافظة أسوان وكذلك البدل المقدر وهو 225 ألف جنيه بدل السكن أو 25 ألف جنيه لفدان الأرض الزراعية.

وأكد أن عدداً كبيراً من أبناء النوبة بدأ يتوافدون على مكاتب الإسكان التابعة للتضامن الاجتماعى بنصر النوبة التى تشهد يومياً زحاماً شديداً، وبالأخص مديرية المساحة بأسوان نظراً لاستخراج المستندات المساحية لذوى الشأن.

وبعد تقديم المستندات لإدارة الإسكان بقرى نصر النوبة وكلابشة ووحدات الإسكان التابعة يتوجه ذوى الشأن إلى المراقبة العامة وإبداء رغباتهم فى الحصول على أرض أو بدل نقدي وبالفعل يتوافد الآلاف من أبناء النوبة فور قدومهم إلى مركز كوم امبو.

وأكد «الكاشف» أن القرار يعد خطوة جيدة تؤكد المصداقية وتعزز ثقة أبناء النوبة فى عزم الحكومة على السير فى إجراءات إنهاء ملف الاستحقاقات النوبية.

من جانبه، اعتبر محمد عبيدى من قرية كومبو: أن القرارات التى أصدرها «السيسى» أثلجت صدور أبناء النوبة من أسوان إلى الإسكندرية تعويضاً عن أحلامهم من المنازل والأراضى الزراعية التى كان يمتلكونها فى النوبة القديمة.

وأشار إلى أن النوبيين عانوا لفترات طويلة من أزمة الهجرة، لذا من المهم إعادتهم فى أسوان، أو إلى مكان قريب منها، لافتاً إلى أنه كان يتمنى أن تكون التعويضات داخل محافظة أسوان.

وطالب بمد فترة تلقى طلبات التعويضات حتى نهاية شهر أغسطس مراعاة لظروف النوبيين المقيمين خارج مصر الذين ليس لديهم من ينوب عنهم داخل مصر.

وأشار إلى وجود عدد من أهالى النوبة فقدوا أكثر من منزل بسبب خزان أسوان، ما يعنى وجوب تعويضهم بأكثر من منزل وليس بمنزل واحد فقط.

وأكد أن حالة من الفرح والسرور سادت بين النوبيين المستحقين للتعويضات عند معرفتهم بالمبلغ المالى المقرر لهم، خاصة أن العديد منهم يقيم خارج محافظة أسوان، لذا فإن ذلك المبلغ سيسهم فى استرجاع حقهم بسهولة، فيما ترغب نسبة قليلة منهم فى الحصول على شقة سكنية.