عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

تديره شركات ومكاتب وسماسرة: بيزنس رعاية المسنين

بوابة الوفد الإلكترونية

اعتدنا أن نسمع عن معاناة كبار السن فى دور المسنين وإهمال الأبناء لهم، ولكن هناك معاناة من نوع مختلف يعيشها الأبناء البارون بآبائهم، فهم لا يقدرون على ترك آبائهم لهذه الدور، وظروفهم تحول دون البقاء معهم، ومن هنا ظهر بزنس من نوع جديد ألا وهو بزنس رعاية المسنين، حيث تكونت شركات وظهرت مكاتب وإعلانات على الانترنت وفى الشوارع ووسائل المواصلات والمترو لتوفير عمالة متخصصة لرعاية المسنين مقابل أجر.

فى المقابل بدأت وزارة التضامن بالتعاون مع بعض منظمات المجتمع المدنى لتنفيذ برنامج تدريبى للشباب لرعاية المسنين، بهدف التخفيف عن كاهل الأسر التى بلغ أحد الوالدين أو كلاهما فيها مرحلة أرذل العمر.

عرفت المعاجم اللغوية «أرذل العمر» بأنه آخره حيث يصير المسن عبئا على الناس ومشقة على أهله وعلى غيرهم، ولأن مجتمعنا ما زال به بعض الخير، فهناك أبناء بارون بآبائهم يحاولون رد جزء من جميلهم برعايتهم فى أواخر عمرهم، ولكن ظروف هؤلاء الأبناء الذين يكون لمعظمهم بيوت وأسر تحول دون بقائهم مع الآباء خاصة أنهم يرفضون مغادرة منازلهم إلى بيت أحد الأبناء، فتكون المعضلة الكبرى هى توفير من يقوم على رعاية الآباء تحت اشراف الأبناء، ومن هنا ظهر بيزنس رعاية المسنين الذى تنتشر اعلاناته فى كل مكان، فمن يستقل وسائل المواصلات العامة كالأتوبيس أو المترو سيجد هذه الاعلانات ملصقة على أبواب المترو وخلف سائق الاتوبيس، ومن يدخل على الانترنت ستواجهه عشرات الاعلانات من هذا النوع، أما الجديد فهو الشركات الطبية التى تكونت مؤخرا لتوفير هذا النوع من الرعاية مقابل مبالغ تصل إلى 1200 جنيه فى اليوم الواحد.

هناك أسر كثيرة تعيش معاناة وجود أحد الآباء أو كليهما فى مرحلة اواخر العمر، حيث يصاب الأب أو الأم بأمراض كثيرة تقعدهم عن الحركة ويتطلب الأمر توفير رعاية دائمة لهم، وتحكى إلهام. م عن تجربتها قائلة: والدى شيخ تخطى الثمانين من العمر، أصابته امراض الشيخوخة حتى ضعفت عضلاته عن حمله وأصبح قعيد الفراش، وفى البداية كنا نتناوب رعايته أنا وأخواتى، ولما ساءت حالته أصبح لزاما علينا الاستعانة بأحد المتخصصين فى هذا النوع من الرعاية، فلجأنا لأحد المكاتب الذى أرسل لنا شابا فى اوائل الثلاثينات واتفقنا معه على البقاء مع الوالد مقابل راتب قدره 5 آلاف جنيه شهريا، مع توفير الطعام والتسالى والمثلجات إلى آخره.

وتستطرد قائلة: على طريقة أفلام الكوميديا كنا نفاجأ بقيام الشاب باستضافة شقيقه وزوجته وأصدقائه فى منزل والدنا، وطبعا الضيوف لابد أن يأخذوا واجبهم فنشترى كميات مضاعفة من الطعام، ورغم أن والدى لا يأكل شيئا إلا أن مصاريف الطعام فاقت تكلفة الدواء والعلاج الطبيعى.

وتضيف: أننا كنا نلبى كل طلباته التى تشمل اللب والسودانى والحلويات لزوم التسالى، إلا أنه لم يكن يوفر الرعاية المطلوبة لأبى، فلجأنا إلى تركيب كاميرات فى المنزل لمراقبة ما يحدث أثناء غيابنا، فاكتشفنا عدم الالتزام فى تقديم الأدوية فى أوقاتها، وعدم الاهتمام بالرجل المسن الذى رفض الذهاب إلى أى منزل من منازلنا، فكان مصيره فى يد متخصص رعاية المسنين، الذى يرى أن مهنته بيزنس فقط يكسب من ورائه 5 آلاف جنيه وليس عملا انسانيا فى المقام الأول.

هذه المعاناة تعيشها كثير من الأسر، منهم من يستطيع توفير الرعاية بنفسه، ومنهم من لا يستطيع ذلك، فهناك حالات تتطلب توفير رعاية من متخصصين فى هذا المجال، وبالتالى ظهرت شركات تعلن عن نفسها فى كل مكان منها ما يقدم نفسه على أنه فريق طبى متكامل من الأطباء والصيادلة والتمريض وآخرون من مقدمى الرعاية الصحية المنزلية، وأكد الاعلان أن هذا الفريق يحلم أن يقدم فى بلدنا الحبيبة مصر خدمة صحية راقية للمريض المصرى وفقا للمعايير العالمية. ويسعى من أجل هذا الحلم بكل ما أوتى من جهد وعلم، لذلك قررنا أن تصل هذه الخدمة الطبية

المتميزة للمرضى فى منازلهم بأقصى درجة من السلامة والدقة، لإثبات أن الرعاية المثالية من الممكن الحصول عليها فى أى مكان، لذلك نقوم بعمل جميع الخدمات الطبية بالمنزل.

وتؤكد الشركة فى إعلانها أنها شركة مرخصة وتخضع لرقابة الأجهزة الرقابية المالية والصحية، وقدمت حوالى 100,000 ساعة تمريضية حتى الآن، واكثر من 500 زيارة طبية بواسطة استشاريين وإخصائيين فى أكثر من 25 تخصصا.

شركة أخرى أعلنت عن نفسها من خلال شبكة الانترنت، وأكدت انها تقدم الرعاية الصحية للمسنين وبأرخص الأسعار، وحينما اتصلنا بها أكد المسئولون أن السعر يختلف حسب المكان والحالة الصحية للمريض، وهى نفس التجربة التى عايشها أحمد مع والده الذى أصابته سيارة مسرعة، تم نقله على اثرها إلى المستشفى، حيث تبين وجود كسور مضاعفة فى الحوض والقدم مما أقعده عن الحركة، ونظرا لانشغال ابنائه فى منازلهم وعدم قدرة زوجته العجوز على رعايته بمفردها، قام أحمد بالاتصال باحدى الشركات المتخصصة فى هذا المجال، فطلبت الشركة ارسال كافة التقارير الطبية حتى يتسنى لهم معرفة الحالة وتحديد تكلفة المرافق، وأضاف: أن المبلغ الذى طلبته الشركة يفوق كل التوقعات حيث طلبت 1200 جنيه فى اليوم الواحد، وهو مبلغ لن تستطيع أى أسرة توفيره، فاتفقنا مع ممرض يعمل فى المستشفى الذى كان يعالج به على أن يأتى كل يوم لتغيير القسطرة والعلاج وتقديم الرعاية الضرورية مقابل 200 جنيه فى اليوم.

هذا البيزنس الجديد ترعاه شركات تدعى أنها شركات طبية متخصصة، ويدخل فيه شباب وجدوا فى رعاية المسنين فرصة للعمل والحصول على راتب يفوق رواتب الحكومة والقطاع الخاص، ومنهم من يسوقه حظه للوقوع مع مريض ينام فى معظم الأحيان، وبالتالى يصبح عمله غير مرهق على الإطلاق، ومنهم من يعمل مع مريض يئن من آلامه طوال الليل، كما يدخل فيه سماسرة ومكاتب توظيف، وكل يحصل على جزء من تورتة رعاية المسنين، الذين بلغوا من العمر أرذله، وأبناؤهم الذين تحول ظروفهم دون توفير الرعاية الدائمة لهم، لم يجدوا أمامهم سوى الخضوع لهذه المكاتب والشركات التى حولت هذه المهمة الإنسانية إلى فرصة للثراء وتحقيق الأرباح.

يذكر أن العمال المتخصصين فى هذا المجال إما سبق لهم العمل فى مجال التمريض، واكتشفوا أن بيزنس رعاية المسنين أكثر أرباحا، فتركوا التمريض واتجهوا لهذا المجال، أو شباب تطوعوا لفترة فى بعض الجمعيات الخيرية العاملة فى هذا المجال، ثم وجدوا لهم سوقا رائجة فى الخارج فاستفادوا من خبراتهم السابقة لتوفير فرصة عمل، ودخلوا فى مجال البيزنس الجديد الذى أصبح مطلوبا فى مصر وخارجها.