عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الداعية ياسمين الحصرى : المتشددون طالبوا بقتلى ورجمى

الداعية ياسمين الحصرى
الداعية ياسمين الحصرى

اعتزلت الفن لاستكمال مسيرة والدى الخيرية.. وما أحب إلى الله بشىء أولى من جبر الخواطر

الشيخ محمد الغزالى قال «الغناء كالكلام حسنُه حسن وفحشه فحش»

الغناء المُباح هو الذى لا يثير فتنة ولا يُحرك شهوة ولا يصد عن واجب

درست الفلسفة وكنت أكره الحساب بسبب ضرب المعلمة لى

محمد عبدالوهاب شجعنى وتعهد بالتلحين لى ودفعت لعالم الفن دفعًا

عملى فى البرلمان كان السبب فى طريقى للغناء.. وهذه قصتى مع السيدة جيهان السادات

شعرت بالانكسار عند وفاة والدى وشقيقى الدكتور محمد.. وأبكى فى خلوتى كثيرًا

 

تعيش بالحب، تعيش من أجل العطاء، ومساعدة المحتاجين هى من أهل القرآن، ولدت فى بيت الشيخ محمود خليل الحصرى، هى نجلته الكبرى ياسمين خليل الحصرى، التى تركت عالم الفن بعد أن قدمت عددا من الأعمال الدينية والوطنية الخالدة، وكانت خلال فترة من الفترات محل كبير للانتقاد والشائعات، حتى بلغ الأمر بإصدار بعض المتشددين فتاوى تُجيز قتلها ورجمها.

كانت نشأتها فى بيت أشهر قارئى القرآن فى مصر والوطن العربى، فرصة لها لتتلقى التربية الدينية الإسلامية الصحيحة، وكان أيضاً هو أحد أهم الأسباب التى جعلتها محل انتقاد، عندما امتهنت الغناء، وقدمت بصوتها العذب مجموعة من أهم وأشهر الأغانى الدينية والوطنية، حيث كان دخولها لعالم الفن قدريًا.

دعمتها السيدة جيهان السادات، وعندما سمع صوتها محمد عبدالوهاب تعهد بالتلحين لها، واعتزلت الفن، وسارت على نهج والدها فى أعمال الخير، فأسست وأصدقاء الشيخ وتلاميذه، جمعية الحصرى الخيرية، حتى تُفيد وطنها ومجتمعها، وتُحيى ذكرى والدها الخالدة، ومن النشأة والبداية كان لنا الحوار التالى.

< فى="" البداية،="" حدثينا="" عن="" نشأتك="" فى="" منزل="" الشيخ="" محمود="" خليل="">

- أنا ولدت فى قرية شبرا النملة، والتى تبعد قرابة خمسة كيلو من طنطا، محافظة الغربية، كان لى الشرف أن أُنسب للوالد وللأم الفاضلة التى ربتنا كما يجب أن يكون، فى الحقيقة حظيت بأسرة ربانية.

أسرة كانت تحفها العائلة الطيبة والأنفاس الطاهرة، وتربت على موائد القرآن، وكان جدى لأبى وجدى لأمى من حملة القرآن، وحرصا على أن يكون أبناؤهما من حفظة القرآن، من أهل الله وخاصته.

كان جدى السيد خليل قلبه معلق بالمساجد، وكان حريصا على فرش الزوايا والمساجد بالحصير، ولذلك سُمى الحصرى، وقد رأى رؤيا أن سلسلة ظهره عبارة عن عنقود جميل، وتأتى له الناس من كل الدنيا تقطف من هذا العنقود ولا ينقص منه حبة، وعندما عاودته هذه الرؤى، ذهب إلى أحد مؤولى الرؤى، فقال له: هل لديك ولد؟، فأجابه: نعم، لدى ولد وحيد، عُمره سنتان، فقال له: سيقال له الله على قراءته لكلام الله، فحفظه القرآن وأوهبه لعلوم القراءات، وبالفعل ألحقه جدى بالمسجد لتعلم وحفظ القرآن، وكان يذهب لطنطا سيرًا على الأقدام، لتوفير النفقات، خاصةً بعد انتقال والده رحمة الله عليه.

فكان يشعر بالرغم من طفولته أنه المسئول عن هذا البيت، فكان يوفر المصروف، ويترجل من قرية شبرا النملة، لطنطا للمعهد الأزهرى، حتى يتمكن من الدخول على والدته بشيء يُشعرها بالسرور، وكانت تفرح لذلك وتدعو له من القلب كونه ابنها الوحيد.

ثم أنعم الله عليه وتزوج من السيدة الصالحة، وانتقل إلى طنطا، كنت أنا وأخى على الذى يكبرنى فى السن من مواليد شبرا النملة، وبعد ذلك جاء إخوتي: الدكتور محمد رحمة الله عليه، والسيد، وانتقلنا إلى القاهرة، عندما عُين الوالد قارئا لمسجد الحسين.

قبل ذلك فى عام 1944 كان قد تقدم للإذاعة، وحظى بالترتيب الأول، وذهب إلى الحج فى ذلك العام، وحجج والدته، وعندما ولدت أسمانى «إفراج»، وعندما فتحت عينى على الدنيا وجدت نفسى أعيش وسط عائلة، حيث أن والدى كان حريصا على أن نعيش جميعا فى منزل واحد، وفى بيت مفتوح فيه السخاء والكرم والرحمة.

وفى القاهرة كان أبى حريصا أيضاً على العيش فى منزل مستقل، لاستقبال الضيوف على مدار الأربع والعشرين ساعة، وكانت المضيَفة مجهزة بالسراير، وكان أبى يسعى لقضاء حوائج الناس، ويتعامل مع الجميع بطيب الكلام وحسن الظن، وفى هذا الوقت لم يكن فيه تصنيف، وكان البيت مليئاً بالعديد من الأشخاص ذوى الفئات المختلفة.

وكان أبى يُهدى كل من زار بيتنا مصحفًا، ويقول: لعله يفتحه فيقع عينه على آية فيعمل بما فيها، وقد حرص على تحفيظنا القرآن، وبالرغم من عدم تفرغه كان يجتمع بنا ليراجع لنا الحفظ، وكنا نتلقى منه ترتيل القرآن شفاهة، وبعد انتقالنا للقاهرة، أتممت دراسة الثانوية العامة، وكنت أرغب فى الالتحاق بالجامعة، فحدثت بعض المشكلات.

< نُريد="" منك="" إلقاء="" الضوء="" على="" بعض="" التفاصيل،="" خاصةً="" أن="" السوشيال="" ميديا="" أحياناً="" تكذب،="" وتنقل="" أخبارا="" كاذبة="" عن="" بعض="">

- كان الوالد يُحثنا على العلم، وكنا نحرص على التفوق فى الدراسة، ولم يكن هناك دروس خصوصية، وكان يعتبر أمرا معيبا، وبعد إتمامى الثانوية العامة، وكان من وجهة نظر المشايخ فى هذا الوقت الاكتفاء من التعليم والزواج.

ولكن أنا كان لى طموح آخر، ودعمتنى والدتى فى ذلك، وكانت تحرص على استكمال البنت لتعليمها، أما والدى كان يألف فكرة الزواج ورعاية البيت، ولجأت إلى المستشار أحمد موافى لإقناع الوالد لاستكمال تعليمى، وكان شرط الوالد الالتحاق بكلية كلها بنات.

ولم يكن الأزهر حينها قد افتتح كليات للبنات، وكانت الكلية الموجودة، هى كلية البنات فى مصر الجديدة، وكنا نُقيم حينها فى المهندسين بالعجوزة، وكان هذا يُعد سفرا، وكان عبئًا على السائق، الذهاب بى وانتظارى حتى تلقى المحاضرات، وشرفت هذه الفترة بالتعرف على الدكتورة عائشة عبدالرحمن بنت الشاطئ، أستاذتى التى كانت نموذجا يُحتذى به.

وكانت السيدة عائشة مليئة بالوقار وشموخ واعتزاز بالنفس، وكانت مصرة على بناء الذهن بجهد طيب وبعلم، كما التقيت الدكتورة آمنة نصير، والدكتورة عبلة الكحلاوى، وفى الترم الثانى لم تكن السيارة متوافرة معى طوال الوقت، لذا حاولت إقناع الوالد بجامعة القاهرة، وقلت له إنها تبعد خطوات عنا، وفى الحقيقة وافق، على تحويلى لجامعة القاهرة، والتحقت بقسم الفلسفة وعلم النفس، وقد أصررت على هذا التخصص، وذلك لأنه كان لى نموذجان أترحم عليهما طبعًا، وأنا فى الابتدائى عقدتنى أبلة عزيزة من الحساب، وكانت أول حصة لى، وأنا ماكانش لى فى الأرقام، وكنت أخاف من حصة أبلة عزيزة، وعندما كانت تسمع لى جدول الضرب، تكتب على ضهرى «أنا بليدة» وتضربنى طبعا، لذا وحتى هذه اللحظة أنا أكره الحساب، حتى أثناء تسوقى لا أقوم بحساب ما أشتريه، وما أقربش من الأرقام أبدًا.

وجاء على النقيض عندما كنت فى المرحلة الثانوية، وكانت تُدرس لى الفلسفة أبلة سعاد، أنا حبتها كونها سيدة جميلة وبسيطة وعلى اسم أمى، وكانت تشربنا المادة بسهولة ويسر، وهى مادة تُساعد على الفهم والمنهج العقلى، وكنت أقرأ فى هذه الفترة «قصة سارة»، وكنت أتعجب من قدرات هذا الرجل العملاق، والثراء الفكرى الذى كان يمتلكه، وأكملت تعليمى، وقدرًا كان يزور وفد برلمانى والدى، وقال لى إن رئيس مجلس الأمة بيسأل عليكى، وكانت السيدة هدى عبدالناصر تدرس الاقتصاد والعلوم السياسية، وتم تعيينى فى مجلس الأمة، فسبحان الله حياتى كلها قدرية، وتقلدت المناصب حتى وكيل أول وزارة فى مجلس الشعب، وخلال عملى فى المجلس جاءت قصة انتقالى للفن.

< ما="" قصة="" انتقالك="" وعملك="">

- كانت السيدة جيهان السادات تبذل جهداً عظيماً لتُخرج نموذجاً للمرأة المصرية، وكانت تستضيف الزيارات الرسمية، وجاءت زوجة شاه إيران لزيارة مصر، واقترحت عليها افتتاح الحفلة بالقرآن، فى البهو الفرعونى بمجلس النواب وكان شيئاً مميزا، وعقب هذه الزيارة جاءت الوفود البرلمانية لزيارة مجلس الشعب، وكنت أعمل فى إدارة المراسم، فجاء من نصيبى مرافقة السيدة أم عدنان زوجة رئيس البرلمان الأردنى بهجت التلهونى، وطلبت لقاء السيدة جيهان السادات، ورافقت هذه السيدة، إلى القناطر لزيارة السيدة جيهان السادات، ونحن فى الطريق دندنت أم عدنان مع الأغنية، وتلقائيًا قمت بالدندنة، فتوقفت وقالت لي: «صوتك حلو»، وعند لقائنا بالسيدة جيهان، تبادل السيدتان الحوار، قالت لها أتعلمين أن فلانة صوتها حلو فى القرآن، فقالت لها أم عدنان: ونحن فى طريقنا كانت تدندن معى وصوتها جميل فى الغناء.

«فاتخضيت» بصراحة، فالسيدة جيهان قالت لى ممكن تسمعينا حاجة، وقمت بالغناء، وبعد انتهاء اليوم، وأثناء عودتنا، طلبت منى أم عدنان مرافقتها للسيدة نهلة زوجة الموسيقار محمد عبدالوهاب، لزيارتها والاطمئنان على صحتها، وبالفعل ذهبنا، وعندما التقينا بها، قالت لها: اسكتى، حصل كذا وكذا، وسمع صوتنا الأستاذ محمد عبدالوهاب، ففوجئنا به يدخل علينا الغرفة، ورحب بنا، وأعادت أم عدنان عليه الرواية، فصمم الأستاذ عبدالوهاب على سماع صوتى.

فقال لى «صوتك جميل وفيه ذبذبات جميلة، ولازم ألحن لك» وظننت أنها جلسة من جلسات المجاملات، وبعد سفر أم عدنان، اتصل بى الأستاذ سيد سرحان، وقال لي: سيادة الرئيس أنور السادات عايزك، وكنت متخوفة، وقلت للوالد الرئيس عايزنى، وذهب معى، ووجدنا استقبالا حافلا، ودخلنا المنزل، واستضافتنا السيدة جيهان، ودار النقاش بيننا، وتحدثت عن السيدة أم كلثوم، وكيف يتم استقبالها على الصعيدين المحلى والدولى بكل حفاوة.

أيقنت حينها أن الأمر متعلق بما حدث بالأمس، ونظرًا لمشغوليات الرئيس لم نلتق به، واستأذنت ووالدى، وانصرفنا، وقصصت على زوجى الأمر، فقال لي: وماله ما السيدة فايدة كامل بتغنى أغانى وطنية محترمة، قدرًا جاء لزيارتنا فى المنزل الشيخ صلاح أبو إسماعيل، عليه رحمة الله، وكان صديقا للعائلة، وكان يُدرس لى اللغة العربية، فأخبره زوجى الأمر، فقال له: فيها إيه؟ فالرسول استقبله بنات النجار بطلع البدر علينا، وهناك المرأة التى قسمت بالغناء عند عودة الرسول صلى الله عليه وسلم منتصرًا، فأذن لها بالغناء، وإن الغناء حلال مباح طالما لا يثير فتنة، ولا يُحرك شهوة، ولا يصد عن واجب.

فأنا أسمع الكلام وأقول سبحان الله، يعنى الأمر مش معيب ولا حرام، وكأنها رسائل ربانية، وقد سبب الله الأسباب، وذهب بى الوالد عند صديقه الحميم الدكتور عبدالحليم محمود، شيخ الأزهر، والوالد عرض عليه الأمر، فنظر لى وهو يسبح وبجوارى السيدة كريمان حمزة، فقال له: بص يا شيخ محمود كتفها واضربها علقة، علشان لما تغنى متاخدش فلوس، وسبحان الله كل الأغانى التى نجحت لم أتلق عليها فلوس.

لم يكن فى ذهنى أى استعداد أو ترتيب لهذا الأمر، فسبحان الله كنت مدفوعة لهذا الطريق، بالرغم أن دراستى وعملى كانا بعيدين عن الغناء، وأقول سبحان الله على أن هذا الطريق جعل لى اسما، وجعل لى رصيدا عن الناس، وشهرة واسعة، غير دخولى بيت الرئيس، وأتذكر كلمة قال لي: بصى يا بنتى إن شاء الله كل الناس سيُباهى بيكى، فكانت كلماته كأنها جرعة تشجيعية، وقال نفسى أن تكون هناك فنانة فى كل بيت.

وكان الرئيس أنور السادات يُريد أن تكون هناك مواهب حقيقية فى البلاد، وكم استفدت من الأستاذ محمد عبدالوهاب، والأستاذ رياض السنباطى، وكان تواجدى فى فترة عودة الدكتور جمال سلامة من روسيا، وتوالت الأعمال الدينية، فسبحان الله مُدبر الأمر، ودخلت المجال مُحاطة بأناس حافظوا علىّ وعلى سمعة الوالد، وكان هناك بعض الأصوات خاصة فى الدول العربية تقول: «اقتلولها وارجموها»، منهم بعض الأشخاص الذين يحرمون حتى الهواء، وهناك أشخاص مُستنيرة مثل الدكتور عبدالحليم محمود، والشيخ محمد الغزالى، وقفوا وقالوا: فيها إيه الغناء كالكلام حسنه حسن، وقبيحه قبيح؟، كان هناك وجهتا نظر، لكنى حبيت الأمر، وربنا يسر لى هذا المجال.

< كانت="" هناك="" العديد="" من="" الشائعات="" حول="" العلاقة="" بالوالد،="" خاصةً="" قبل="">

- لم ألتفت يومًا أنا ووالدى إلى تلك الشائعات، ولك أن تعلم أننى متزوجة ومقيمة فى بيت الوالد، فالحمد لله أنى

كنت أشتغل فى المباحات، ولا أقول كلمة نابية، ولا كلمة ندمت عليها، أنا موهبة قدر الله أن تُقدم عددا من الأعمال الدينية، وفترة الصمت هذه تُحسب للوالد، وصبره الجميل، فأنا كنت موجودة فى بيته ولم أغادره إطلاقًا، وكان أخى الدكتور محمد سندى وعزوتى فى هذه الدنيا، رغم أنه أصغر منى، إلا أننى كنت ألمس فيه الصداقة والأخوة، ولم أشعر بالكسرة والقهر بعد رحيل الوالد، إلا عند وفاة أخى الدكتور محمد.

< حدثينا="" عن="" وفاة="" الوالد="" الشيخ="" الحصرى="" رحمه="" الله="">

- فى البداية، يجب أن أحمد الله أنه قد اصطفاه فى أمور كثيرة، يعنى بفضل الله إذا كان الصحابة وثقوا القرآن كتابة، الوالد كان أول من وثقه صوتيًا، المصحف المرتل، فاليهود حرفوا كلمة لعنوا وحولها إلى آمنوا، لذلك سعى لجمعه صوتيًا بالقراءات المتعددة، وافتتح محطة القرآن الكريم، وكانت تسمى إذاعة الحصرى، لأنه استمرت 10 سنوات لا تقدم شيخا غيره، وكان أول من قرأ القرآن الكريم فى مكبرات الصوت فى السعودية، وأول من أذن فى الكونجرس الأمريكى، وأول من أذن فى المملكة المتحدة، وكانت له مكانة كبيرة فى شرق آسيا، فكان يصحبه الرئيس جمال عبدالناصر معه فى جولاته هناك، وآخر قراءة كانت له فى الحرم المكى، وكان يُصلى العشاء وانتقل إلى رحمة الله، عام 1980م.

< يُقال="" إن="" البنت="" دائمًا="" الأقرب="" إلى="" قلب="">

- حقًا بحكم الفطرة البنت دائمًا أقرب إلى والدها، وكان يختصنى ببعض الأمور على أساس أننى الابنة الكبرى، التى تحاول المناكفة فى العلم والقراءة والمجادلة، وكان دائمًا يقول لى عودى لسانك على احترام الآخرين، وكان يحرص على إرضاء الجميع، وفى العديد من المرات كان يخلع جلبابه وعباءته للطالبين.

وكان أيضاً يُهدى جميع الزائرين مصاحف، وكانوا سبحان الله كل أطياف المجتمع فى هذه الفترة، وإن كان هناك رجل رقيق الحال، يجلس وسط الجمع، ولا يشعر به أحد، يضع له الشيخ الصدقة أو الزكاة داخل المصحف، وكان يُعلمنا أدب الصدقة.

وبعد وفاته، كنت عائدة من فرنسا وسبحان الله قدرًا، وجدت بجوار مقعدى سيادة الوزير أحمد كمال أبوالمجد، أول ما شافنى قال لى: إنه منذ أن أهدانى والدك هذا المصحف وهو لا يفارق يدى، وهذا ما يُعطيك مؤشرا على صدق النوايا مع الله.

< عام="" 1990م،="" كان="" نقلة="" أخرى="" لك،="" لم="" تعتزلى="" الفن="" فقط="" بل="" بدأتِ="" تشجيع="" الأخريات="" على="" اعتزاله،="" كما="" بدأت="" فى="" تخليد="" ذكرى="">

- أنا فتحت عينى على عائلة ملتزمة بالزى الإسلامى، وهو عرف دائم عندنا، فكل من حولنا مُحجب، ولم يكن يشغل الناس مثل الآن، وكان يشغل الناس الخُلق، فالمجتمع كانت فطرته سليمة، والله سبحانه وتعالى يهدى من يشاء، فنحن فى مجتمع بطبيعته متدين، وهناك أمران يجب الالتزام بهما الصبر الجميل والدعاء، وقد عهدت أبى دائمًا صابرًا، بشوش الوجه، وترك لى ميراثا طيبا، سواء السمعة أو الدعاء، فكان يدعو لى الله سبحانه وتعالى أن يستخدمنى استخدام المحبين وكما يحب ويرضى، مع اللطف والعافية.

وفى الحقيقة صبر أبى الجميل، كان بمثابة حصاد العمر بالنسبة لى، فالصبر دائمًا ما يأتى بثماره، فبعد وفاة الوالد، كانت هناك وقفة مع النفس، وتساءلت أنا عايزة إيه؟، ففى حياة الوالد بنى مسجدين وبنى معهدا أزهريا فى قريته شبرا النملة، وكان يستحى أن يمر على هذا المكان راكبًا، فكان ينزل من سياراته احترامًا وتقديرًا لهذا المكان الذى حفظ فيه القرآن، وفى الحقيقة أن أهل القرآن هم أشرف هذه الأمة، وهم منارتها، ويجب أن نرعاهم، وقد سمعت أن معاشهم تقريبًا 40 جنيها، وهذا أمر لا يتناسب مع حملة القرآن، وأهل القرآن.

وعودة للنقطة الأساسية، بعد التوقف عن الفن، عزمت على استكمال مسيرة الوالد فى أعمال الخير، فكان فى حياته يكفل الأيتام، ويساعد الضعفاء، ويعطف على الفقراء، ويُعطى المحتاجين، وكان سخيًا فى العطاء، وكان أصدقاؤه وتلامذته من اختاروا اسم الجمعية، وكان فى البداية فى العجوزة، بمحل إقامته، ولما ضاق بنا المكان، توجهنا لأكتوبر لتأسيس مسجد الحصرى تأسيا بالرسول صلى الله عليه وسلم، وبدأنا بالجامع، ودار الأيتام، ودار المغتربات، ومركز طب الأسرة، ودار مناسبات، ومدرسة قرآن، ودروس التقوية، وبدأنا أيضاً فى مركز الكلى، والأطفال المبتسرين، والحضانات، والمعهد الأزهرى باللغات، ونعتز به كونه يجمع بين الحسنيين معهد أزهرى ولغات، وعندنا أيضاً الحديقة العامة، بالإضافة إلى دار الضيافة، ليست للمسنين فقط، بل لكل من يريد مكاناً للإقامة، رغبةً منا فى تقديم خدمات على جميع المستويات، ونأمل فى تعمير هذا المكان بالنفحات الطيبة والأعمال الجميلة.

* هل تعرضت الحاجة ياسمين للظلم؟

- لا، وأحب أن أضيف أن فى سورة الفرقان: «وَعِبَادُ الرَّحْمَٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وإذا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا»، فأنا لا أنتبه لأى شائعة مغرضة، ولا أى كلام كده أو كده إطلاقًا، ولكن أفوض أمرى إلى الله، وأنا أعمل لله، وكل همى رضاء الله، ولدى تراث من السمعة الطيبة.

< هل="" تحدثينا="" عن="" حلاوة="" القرب="" من="" الله="" سبحانه="">

- فى الصوفية من ذاق عرف ومن عرف اغترف، وهذا المذاق عن تجربة والله على ما أقول شهيد، فيكفى أن أنظر إلى السماء وأخاطب الله عز وجل، وأقول حبيبى يا رب، يا رب أدم علىّ تلك النعمة، أتمنى من الله أن يُديم علينا العمل الصالح ويمتعنا بلذة النظر لوجهه الكريم.

< ماذا="" تقولين="" فى="" حب="" الخير="" والمتاجرة="" مع="" الله="" وجبر="">

- أبى كان دائما يقول ما عبد الله بشيء أولى من جبر الخواطر، ولكم فى رسول الله أسوة حسنة، وقد أقسم المصطفى صلى الله عليه وسلم بقوله: لن تؤمنوا حتى تحابوا، فالإنسان طالما يحمل الخير لا يخشى شيئًا أبدًا.

< متى="" تبكى="" الحاجة="">

- أنا أبكى كثيراً، خاصة عندما أكون فى خلوة مع الله، لأن كل بنى آدم خطاء وخير الخطائين التوابون، وأحب أبكى بينى وبين نفسى، ما أحبش حد يشوفنى.

< كيف="" تنظرين="" إلى="">

- مطية فنحن ضيوف الرحمن على الأرض، وأى حد ينتقل إلى رحمة الله، أقول قد وصل بالسلامة، المهم أن يفرح بنا قلب النبى عليه أفضل الصلاة والسلام، وعندما ندرس مرور الأنبياء على هذه الأرض، وتجلى الله عز وجل عليها، فنحن أمة لها تراث طيب.

ومصر أرضنا مليئة بالخيرات، فتراب سيناء هذا يستشفى به، ووصيتى للمصريين العمل والصبر، وإتقان العمل، وتميز أبى وما علمه لنا هو أنه كان أستاذ تجويد وإتقان، علشان كده أوصانا بإتقان أى شيء نعمله، فهذا مقام الإحسان، فإن لم تكن تراه فهو يراك، الناس تستحى من الكاميرات، والأولى أن نستحى من الله، فهناك كاميرتان ملازمتان لنا، لا يتعطلان أبدًا، حتى يمن الله علينا بالبركة، فى الصحة، والعمر، والرزق.

< وأنتِ="" فى="" خلوتك="" ماذا="">

- أنا بأحوال مع الله، حسب الحاجة، والحاجات كُثر، وأتمنى من الله حسن الخلق، وحسن الخاتمة، وحسن الوقوف بين يديه، وحسن جوار النبى، وأدعو الله أن يتوفنى ساجدةً فى روضة حبيبك ونبيك محمد صلى الله عليه وسلم، على الإيمان الكامل التام فى رمضان، وأنت راض عنا غير غضبان، يا أرحم الراحمين، وارزقنا جوار النبى فى الفردوس الأعلى، دون سابقة عتاب أو حساب أو عذاب، ومتعنى بلذة النظر لوجهك الكريم أنا وأبى وأمى وأبنائى وأحبابى والمسلمين جميعًا والمؤمنين وكل من شهد بـ«لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله».

< من="" وجهة="" نظرك،="" لماذا="" يعشق="" كثير="" من="" المصريين="" ياسمين="">

- والله تسألهم إذا عشقوا، لكن أنا دائمًا أدعو رب العالمين بأن يجعلنى حبًا منك، وحبًا لك، وحبًا لحبيبك محمد عليه أفضل الصلاة والسلام، وحبًا لأمتك، وحبًا لوطنى.