عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

قصور الحكومة.. رحلة البحث عن مصير!

بوابة الوفد الإلكترونية

قصور فارهة أنشئت لتكون سكناً لأمراء وأميرات العصر الخديوي، تعتبر ثروة قومية لما تحتويه من نقوش وزخارف وعناصر معمارية نادرة، تحولت بمرور الزمن إلى مكاتب ومصالح حكومية يتردد عليها مئات المواطنين يومياً، ومع حلول العام القادم سيتم إخلاء كل هذه القصور والتحف المعمارية لتنتقل الحكومة إلى مقراتها الجديدة بالعاصمة الإدارية، فى حين سيخلو قلب القاهرة لأول مرة من تلك المصالح والوزارات التى ظلت تشغله لما يقرب من 100 عام.

هذه القصور والمبانى ذات القيمة التاريخية ليست مجرد حوائط وأعمدة كانت تضم مكاتب الموظفين، لكنها تمثل تاريخ وطن، حيث أنشئت فى حقبة تاريخية اتسمت بالثراء العمرانى والسياسى، وكل ركن من أركانها يعتبر شاهداً على الأحداث، ومن ثم لابد أن يتم استغلالها بعد إخلائها بما يضمن عودة الروح للقاهرة الخديوية، وبما يضمن زيادة الدخل القومى لمصر، فهذه القصور والمبانى التاريخية لو حسن استغلالها لأصبحت مورد دخل عظيمًا بدلاً من تركها خاوية، ومن هنا تعمل هيئة التخطيط العمرانى والهيئة القومية للتنسيق الحضارى ولجنة إحياء القاهرة التراثية لوضع خطة الاستغلال الأمثل لهذه المبانى والقصور التاريخية والأثرية، ومن المفترض أن تنتهى هذه الخطة قبل موعد الانتقال للعاصمة الإدارية الجديدة، ليتحدد بناء عليها مصير هذه التحف المعمارية.

 

سكنته حفيدة محمد على وأصبح مقراً للحكومات المتعاقبة

قصر «شويكار هانم».. تحفة مجلس الوزراء!

 

فى واحد من أجمل قصور القاهرة يقع مقر مجلس الوزراء، ورغم الأسوار المحيطة به إلا أنها لم تستطع إخفاء معالم القصر الجميل الذى ما زال يحمل اسم الأميرة شويكار حفيدة إبراهيم باشا ابن محمد على، هذا القصر مثل غيره من القصور التاريخية بوسط القاهرة سيصبح خالياً بحلول عام 2020 ليتحدد مصيره بعد أن تتركه الحكومة إلى مقرها الجديد بالعاصمة الإدارية.

والأميرة شويكار هى ابنة الأمير إبراهيم فهمى باشا ووالدتها هى الأميرة نجوان حفيدة أحمد رفعت باشا الابن الأكبر لإبراهيم باشا بن محمد على.

كانت الأميرة شويكار سيدة مجتمع من الطراز الأول، وكان لها العديد من الأعمال الخيرية منها إنشاء أول جريدة نسائية فى مصر سنة 1945 باسم المرأة الجديدة وكانت مجلة ثقافية وأدبية، وكان قصرها يستقبل العديد من الشخصيات المهمة حيث كانت تعقد به يوم الأحد من كل أسبوع ما كان يعرف باسم الصالون وكان يضم العديد من رجال الدولة وبعضاً من أفراد أسرة محمد على، بالإضافة إلى حفلين سنوياً، الأول فى رأس السنة الميلادية، والثانى يوم عيد ميلاد الملك فاروق فى 11 فبراير.

ورغم أن تاريخ بناء القصر ليس معروفًا بالتحديد، إلا أن المراجع التاريخية أكدت أنه أنشيء أوائل القرن العشرين فى الفترة من سنة 1900م إلى سنة 1907م، وأنشأه على باشا جلال زوج السيدة عفت إحدى أفراد الأسرة العلوية، وسكنته الأميرة شويكار وأجرت به تعديلات على الزخارف والرخام وأقامت حديقة كبرى به، حتى اشترته منها الحكومة المصرية فى عصر الملك فاروق بمبلغ كبير من المال لتجعله مقراً لرئاسة مجلس الوزراء وليكون بجوار البرلمان المصرى، وانتقلت الأميرة شويكار للسكن فى القصر الذى بناه ابنها الأمير محمد وحيد الدين بالمطرية حتى وفاتها سنة 1947م.

يذكر أن هذا القصر تم إنشاؤه على الطراز الفرنسى الإيطالى، وهو الطراز الذى ساد بناء قصور مصر فى أوائل القرن التاسع عشر وحتى القرن العشرين الميلادى، وبناه المهندس المعمارى «لاشياك بك» وقام بأعمال الزخارف به المهندس الإيطالى «نيانكى»، أما الواجهة فقد استلهمت زخارفها من الطراز التركى، المتمثل فى وجود فسيفساء من القيشانى أعلى الواجهة الرئيسية، واستخدام الزخارف النباتية العثمانية الملونة والمذهبة فى زخرفة هذه الفيسفاء، ويعتبر هذا طرازًا نادرًا فى زخرفة القصور الملكية بمصر، وقد تم إلحاق حمامات كبيرة ببعض حجرات القصر تم تجليد حوائطها بالرخام المزخرف بزخارف نباتية وهندسية وتابلوهات فنية تمثل أشكالًا آدمية وحيوانية.

أما أرضية القصر فكلها مغطاة بالخشب الباركيه المزخرف بزخارف هندسية، ولا يزال القصر يحتفظ ببعض الدفايات الرخامية وبعض الكونسولات المصنوعة من الخشب والرخام المزخرف بزخارف الباروك والركوكو.

ومنذ شراء الحكومة للقصر وحتى يومنا هذا ما زال هذا المبنى هو المقر الرسمى للحكومة المصرية على مر العصور، وهو المكان الذى تدار منه البلاد، ولم تنتقل اجتماعاتها منه إلا إبان أحداث مجلس الوزراء التى أعقبت ثورة 25 يناير، لتعود إليه مرة أخرى، إلا أن الخطة الجديدة تتضمن انتقال مجلس الوزراء إلى مقره الجديد بالعاصمة الإدارية، ليصبح هذا المقر خالياً لأول مرة منذ أربعينيات القرن الماضى، وهو ما يتطلب ضرورة إيجاد خطة لاستغلال هذا الكنز المعمارى العظيم.

 

يضم قصور بنات الخديو إسماعيل

«مربع الوزارات».. فرصة ذهبية للاستثمار

 

فى مربع تبلغ مساحته 500 * 900 متر تقع عدة وزارات جميعها تشغل قصوراً فارهة أنشأها الخديو إسماعيل لبناته الثلاث، بالإضافة إلى قصور أخيه بالرضاعة إسماعيل المفتش، هذه القصور منها ما يعتبر آثاراً وجميعها تتمتع بقيمة تاريخية ومعمارية كبيرة، ومن المقرر أيضاً إخلاؤها مع بداية العام الجديد لتصبح فرصاً رائعة للاستثمار.

وكان الخديو إسماعيل قد قام بإنشاء 3 قصور لبناته، كل واحد منها يقع على مساحة 9 أفدنة، الأول لابنته بالتبنى «فائقة»، والتى تزوجت من مصطفى باشا ابن إسماعيل صديق المعروف بالمفتش وتشغله وزارة التربية والتعليم، والثانى لابنته «الأميرة جميلة»، زوجة محرم باشا بن كينج شاهين، ناظر الجهادية عام 1879، وتشغله الآن 3 وزارات هى الإسكان فى مبنى القصر نفسه، ووزارتا البحث العلمى والتموين على أرض حديقته، أما القصر الثالث فكان لـ «الأميرة توحيدة»، زوجة منصور باشا، وتشغله وزارة الانتاج الحربى، ولكن بعد نهاية فترة حكمه، صادرت الدولة هذه القصور، وأصبحت مقراً للوزارات.

ويعود تاريخ قصر الأميرة فائقة، إلى عام 1874 عندما أمر الخديو إسماعيل بإنشائه لابنته المتبناة للزوجة الثالثة للخديو إسماعيل «جشم آفت هانم»، لتقيم فيه عند زواجها، وبعد وفاة الخديو إسماعيل تمت مصادرة القصر الذى تحول عام 1931 لمقر نظارة المعارف ليستمر حتى اليوم مقراً لوزارة التربية والتعليم.

ويتكون القصر من طابقين يربط بينهما سلم رخامى كبير ذو فرعين ويضم العديد من القاعات منها قاعة بالطابق الأرضى يطلق عليها القاعة العربية، لأن الزخارف متأثرة بالطراز الأندلسى، والجدران تحتوى على زخارف نباتية وهندسية منفذة على الخشب، أما السقف فهو عبارة عن براطيم خشبية تتخللها أيضاً زخارف نباتية وهندسية ملونة ويحيط بالسقف إزار يشتمل على زخارف كتابية تتخللها آيات قرآنية.

ويوجد بالطابق الأول فوق الأرضى قاعة فخمة بالجهة الشمالية لها ثلاثة أبواب خشبية وعلى جانبيها بابان خشبيان صغيران ويوجد بسقف القاعة زخارف نباتية وهندسية مذهبة وقد تم ترميم هذه القاعة على نفقة وزارة التربية والتعليم وتحت إشراف وزارة الآثار بعد أن تم تسجيل القصر كأثر منذ عدة سنوات.

وما زال القصر يحتفظ بكل عناصره المعمارية والجمالية، إلا أن حديقته الشاسعة تحولت بمرور الأعوام إلى مبانٍ ملحقة بديوان عام الوزارة، ولا أحد فى الوزارة استطاع أن يجزم هل ستشمل خطة الإخلاء وزارة التربية والتعليم أم لا، وأكد موظفو الوزارة أنهم فى انتظار تحديد المصير خلال الأشهر القليلة القادمة.

أما قصر الأميرة توحيدة ابنة الخديو إسماعيل وزوجها منصور باشا يكن المعروف بقصر الإنشاء فقد أصبح أول مقر لنظارة الحربية، التى تحولت بعد ذلك إلى وزارة الحربية، ثم أصبح فى عام 1964 مقراً لوزارة الإنتاج الحربى، أما قصر الأميرة جميلة إسماعيل الواقع إلى الغرب من قصر الأميرة فايقة فانتهى مصيره إلى مقر لوزارة الإسكان، وتتضمن هذه القصور عناصر معمارية وزخرفية رائعة ولو حسن استغلالها لأصبحت مصدرًا مهمًا للدخل القومى.

كما تضم هذه المنطقة ثلاثة قصور لإسماعيل المفتش وزير الخزانة فى عهد الخديو إسماعيل وأخوه بالرضاعة، والذى أثرى ثراء فاحشاً فى هذه الفترة، وكان له عدد من القصور، الأول كانت تشغله وزارة الداخلية حتى تم إخلاؤه عام 2016 وانتقالها لمقرها الجديد بأكاديمية الشرطة بالقاهرة الجديدة، والثانى وهو قصر الحرملك الخاص بالمفتش وتشغله وزارة العدل وجزء منه مخصص للمالية، أما الثالث فهو القصر الكبير الذى تشغله وزارة المالية بميدان لاظوغلى، وتبلغ مساحة هذه القصور 23 فداناً، وهى جميعاً تمثل ثروة عقارية وتاريخية مهمة يجب أن يتم توفير فرص لاستغلالها ولا تترك مرتعاً للبوم والغربان.

يذكر أن القاهرة التاريخية بها ما يقرب من 750 مبنى مسجلًا كقيمة تاريخية ومعمارية وهذه كلها تحتاج إلى خطة مدروسة لاستغلالها على أكمل وجه.

 

أهدته نعمة الله توفيق للخارجية عام 1930

مبنى الأميرة الزاهدة.. متحف الدبلوماسية المصرية

 

فى ميدان التحرير بوسط القاهرة يقع واحد من أجمل القصور الخديوية وهو قصر الأميرة نعمة الله توفيق ابنة الخديو توفيق الذى كانت تشغله وزارة الخارجية قديماً حتى إنشاء مقرها الجديد على كورنيش النيل، ليتحول القصر الجميل إلى مقر لاستقبال وفود وزارة الخارجية.

وقام بتصميم هذا القصر والإشراف على بنائه المهندس المعمارى الإيطالى الشهير أنطونيو لاشياك الذى قام بتصميم العديد من المبانى الشهيرة بالقاهرة والإسكندرية وعلى رأسها قصر الطاهرة.

وقد تزوجت الأميرة نعمة الله توفيق بهذا القصر من زوجها الأول الدبلوماسى وابن عمها الأمير محمد جميل طوسون، وبعد طلاقها منه تزوجت من ابن عمها الأمير كمال الدين حسين وعاشا فى نفس القصر الذى حمل اسمه بعد ذلك، ونتيجة لحياة الزهد التى كانت تعيشها الأميرة التى كانت تنتمى للصوفية قررت إهداء القصر لوزارة الخارجية عام 1930 لتنتقل من مقرها القديم بشارع البستان إلى المقر الجديد الذى شهد العديد من الأحداث المهمة فى تاريخ مصر، منها مفاوضات الجلاء عام 1954، وظل هذا المقر شاهداً على تطور الدبلوماسية المصرية حتى انتقلت الخارجية إلى مقرها الحالى على كورنيش النيل عام 1994.

وبعد انتقال وزارة الخارجية إلى هذا المقر أصدر عمرو موسى وزير الخارجية وقتها أمراً بترميم المقر القديم للوزارة لاستخدامه كمقر لاستضافة وإقامة وفود وزارة الخارجية، واستمرت عمليات الترميم خلال فترة تولى كل من السفير أحمد ماهر والسفير أحمد أبوالغيط وزارة الخارجية، وتم اختيار الأثاث والمفروشات والتحف بما يتناسب وفخامة القصر والدور الذى سيقوم به.

ويتضمن القصر 52 غرفة وقد تم استخدام الحوائط الحاملة فى بنائه، أما واجهات المبنى فتم تزيينها بعقود نصف دائرية وكرانيش وتيجان ويضم الطابق الأول للقصر صالونًا به صور للأسرة العلوية وحالياً يوجد به صور رؤساء الجمهورية ووزراء الخارجية قبل الثورة وبعدها، وقاعة بها صور شهداء وزارة الخارجية، وأعضاء الوزارة، وأهم الوثائق الرسمية للوزارة، ونماذج من أقدم أجهزة الرمز،  ولوحة تضم الأعلام والرايات على مر العصور منذ العصر المملوكى والأختام فى جميع العهود، وصالونات استقبال، كما توجد بالقصر صالات عرض لأطقم المائدة التى كانت تستخدم بالسفارات أثناء العهد الملكى، وجوازات سفر الوزراء وأعضاء الوزارة، بالإضافة لصالونات استقبال وحجرات لحوالى 48 فرداً، ومكاتب خصصت بعد تحويل القصر ليكون مقراً لوزارة الخارجية للوزير ومساعديه وحجرة اجتماعات صغيرة يمكن استخدامها كسفرة وقت اللزوم، ويحتوى الطابق الأرضى على مكتب آخر للوزير وقاعة الاجتماعات الكبرى وأخرى للمؤتمرات الصحفية بها نظام ترجمة فورية وكذلك يوجد عدة صالونات لاستقبال الزوار وحجرة طعام كبرى لعدد 24 فردًا، أما المدخل الخلفى فيحتوى على بعض الصور للمراحل المختلفة لتشييد القصر، إلا انه فى الخمسينيات من القرن الماضى تم بناء دور علوى استخدمت فيه الخرسانة المسلحة.

ويعد القصر أحد التحف المعمارية التى تزين مدخل ميدان التحرير من ناحية كوبرى قصر النيل، ولكن التساؤل يظل قائماً بعد انتقال الحكومة للعاصمة الإدارية ماذا سيكون مصير هذه التحفة المعمارية الخالدة؟

 

سيتم إخلاؤها مع بداية العام القادم

80 مبنى فى وسط القاهرة.. فى انتظار عودة الروح

 

شهور قليلة وتنتقل المؤسسات الحكومية إلى العاصمة الإدارية الجديدة، لتصبح مقراتها التى تشغل قصوراً تاريخية فارهة ومبانى ذات قيمة تاريخية ومعمارية فارغة، وأصبح من الضرورى أن يكون هناك خطة لإعادة استخدام هذه القصور والمبانى بدلاً من أن تواجه نفس مصير مجمع التحرير الذى تم إخلاء معظمه، بينما لا توجد خطة واضحة لإعادة استغلاله حتى الآن.

ورغم أنه لا يوجد حصر رسمى معلن من جانب الحكومة بعدد المبانى التى تشغلها الهيئات والمؤسسات الحكومية فى منطقة القاهرة الخديوية، خصوصاً أنها موزعة بين مبانٍ كاملة مثل التى تشغلها الوزارات، أو مساحات كبيرة فى بعض العقارات على طابق أو اثنين، وصولاً لشقق فى عدة عمارات، إلا أن هناك تقديرات بأن عدد المبانى التى تشغلها هيئات حكومية بالكامل تصل إلى ما يقرب من 80 مبنى فى محيط القاهرة الخديوية، من بينها 11 مبنى تابع لوزارة الآثار، و27 مبنى تراثيًا خاضعًا لقانون التنسيق الحضارى، بخلاف المساحات الأخرى التى تشغلها هيئات حكومية مختلفة داخل عقارات متنوعة.

ووفقاً لتوصيات اللجنة القومية لتطوير القاهرة التراثية التى يرأسها المهندس شريف إسماعيل مساعد رئيس الجمهورية للمشروعات القومية والاستراتيجية، فمن المقرر إخلاء الوزارات والمكاتب الحكومية المتواجدة بوسط القاهرة إلى العاصمة الإدارية الجديدة، مع إخلاء جميع الشقق المشغولة بالمكاتب الحكومية ونقلها خارج المناطق التراثية بوسط المدينة.

كما أصدر رئيس الجمهورية قانوناً بإنشاء صندوق سيادى لإدارة أصول الدولة، وقام الدكتور مصطفى مدبولى رئيس الوزراء بتكليف عدد من وزرائه ومستشاريه بإعداد مقترح بتشكيل لجنة تحت اسم «لجنة الانتقال إلى العاصمة الإدارية الجديدة»، ستكون مهمتها تحديد أولويات إخلاء الأراضى والعقارات المشغولة حالياً بدواوين الوزارات فى وسط القاهرة، ودراسة بدائل استغلالها والتصرف فيها.

كما قامت اللجنة القومية لتطوير وحماية القاهرة التراثية بمناقشة خطة تطوير القاهرة التراثية من أجل التنسيق مع مبادرة الدولة فى تأسيس الصندوق السيادى، وأقرت تأسيس كيان معنى بتملك أصول القاهرة التراثية، خاصة فى منطقتى القاهرة التاريخية القديمة والقاهرة الخديوية، والتنسيق مع كافة الجهات المعنية لتملك المبانى التاريخية، تحديداً المشغولة حالياً بوزارات ومصالح حكومية، والتى سيتم نقلها إلى العاصمة الإدارية الجديدة، فضلاً عن التنسيق مع الشركات المالكة لعدد كبير من العقارات التراثية بالقاهرة، ووضع المخطط الذى يحقق للقاهرة الوصول إلى المكانة المطلوبة التى تليق بها، ووضع الخريطة الزمنية لهذا المخطط.

واستعرضت اللجنة الفنية التابعة للجنة تطوير القاهرة التراثية، والتى تشكلت من خبراء فى التخطيط وأساتذة فى العمران، تقريرها عن المنطقة وطبيعتها العمرانية، وعلاقاتها بالمناطق المجاورة، وحركة مرور السيارات والمشاة فيها، ومدى توافر المساحات الخضراء وأماكن ركن السيارات.

وقسمت اللجنة المبانى فى هذا القطاع إلى ثلاثة أنواع: مبانٍ مسجلة كآثار، وأخرى كطراز معمارى مميز، وثالثة كمبانٍ حكومية غير مسجلة، واستعرضت مقترحات مختلفة لاستغلال كل نوع من هذه المبانى، كما تم تقسيم المنطقة إلى عدة نطاقات من أجل استغلالها وفقاً لمواقعها الجغرافية، فاقترحت تخصيص المربع المجاور لمبانى الجامعة الأمريكية لشركات ريادة الأعمال، خاصة تلك التى تعمل فى مجال التكنولوجيا والصناعات الإبداعية، حيث يمثل الموقع فرصة جذابة للمستثمرين

فى هذا المجال، إلا أنه حتى الآن لم يتم التوصل لمخطط نهائى يحدد كيفية الاستغلال الأمثل لهذه المبانى التى تحتوى على قصور ومبانٍ ذات طرز معمارية فريدة لو أحسن استغلالها لأصبحت مورد دخل كبير ينعش الخزانة الخاوية.

 

يؤرخ للحياة النيابية فى مصر

البرلمان.. صرح معمارى يشهد على 100 سنة سياسة

 

يعد مبنى البرلمان بوسط القاهرة واحدًا من أهم المبانى التراثية التى من المفترض أن يتم إخلاؤها مع بداية العام الجديد، لتخلو القاهرة من واحد من أشهر مبانيها العتيقة التى لا يمكن اعتبارها مجرد مبنى بل هو تجسيد لتاريخ الحياة النيابية فى مصر، وتزداد أهمية هذا المبنى حينما نعلم أنه سيكمل عامه المائة بعد ثلاثة أعوام فقط أى عام 2022 أى أنه سيندرج تحت بند المبانى الأثرية، بينما مجلس الشورى المجاور له يعتبر أثراً فعلياً، لذا فلابد من وجود خطة لإعادة استغلال هذه التحف الأثرية بما يتناسب مع طبيعتها وجمالها وطرزها المعمارية النادرة.

ارتبط شارع قصر العينى بالقاهرة بواحد من أشهر المبانى الخالدة تاريخياً وسياسياً، وهو مبنى البرلمان الذى يقبع شاهداً على تطور الحياة البرلمانية فى مصر، حيث يعود إنشاؤه إلى عصر الخديو إسماعيل، الذى قرر تشكيل أول مجلس نيابى منتخب فى مصر عام 1866، واختار ديوان نظارة الأشغال العامة ليكون مقراً له، وفى عام 1881 أجريت تعديلات كبيرة بالطابق الأرضى لإعداد قاعة نظارة الأشغال لاجتماعات مجلس شورى النواب، وهى القاعة التى لا تزال قائمة وكانت تعقد بها اجتماعات وجلسات مجلس الشورى سابقاً، فى حين شغلت وزارة الأشغال والموارد المائية الطابقين الأول والثانى من هذا المبنى، وقد ارتبطت به الحياة النيابية فى مصر بعد أن عقد مجلس النواب المصرى أول اجتماع له داخله يوم 26 ديسمبر عام 1881، ثم شهد اجتماعات مجلس شورى القوانين والجمعية التشريعية، وهو نفس المبنى الذى شهد إعداد دستور 1923 وعرفت إحدى قاعاته بقاعة الدستور نسبة لهذا الحدث، كما شهدت قاعاته أيضاً محاكمة أحمد عرابى بعد فشل الثورة العرابية عام 1882.

وبعد إعلان 28 فبراير باستقلال مصر عن بريطانيا اتجهت نية الملك فؤاد والحكومة إلى أن يكون البرلمان ذا مجلسين: أحدهما يسمى مجلس النواب، والآخر يسمى مجلس الشيوخ، ولذا اتجهت النية إلى بناء مبنى مستقل لمجلس النواب وهو مبنى مجلس الشعب، ولهذا تم فتح اعتماد بمبلغ 50 ألف جنيه لإعداد دار البرلمان، وبدأ حفر أساس المبنى الجديد فى حديقة وزارة الأشغال بحضور عبدالحميد باشا سليمان وكيل وزارة الأشغال.

وعقدت بداخل هذا المبنى الجلسة الأولى لمجلسى الشيوخ والنواب فى يوم السبت 15 مارس عام  1924.

ومنذ هذا التاريخ شهد المبنى أحداثاً مهمة فى حياة مصر السياسية، وأصبح رمزاً لكل المفاهيم الدستورية والديمقراطية، كما أنه شاهد حى على وقائع ما يقرب من 100 عام من الحياة السياسية والنيابية فى مصر.

كما يعتبر المبنى قيمة فنية ومعمارية ويعتبر طرازاً فنياً جمع بين الأساليب المعمارية الأوروبية فى أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، وبين التأثيرات الإسلامية فى العمارة والفنون، لذلك فمن الضرورى الحفاظ عليه وعلى معالمه وطابعه الفنى، وتوظيفه بما يتناسب مع قيمته المعمارية والأثرية والتاريخية، خاصة أنه بعد 3 أعوام فقط، أى فى عام 2022 سيمر على إنشائه 100 عام وبالتالى سيصبح أثراً يجب الحفاظ عليه.

ويتكون المبنى من قاعة رئيسية مستديرة يبلغ قطرها 22 متراً وارتفاعها 30 متراً تعلوها قبة يتوسطها جزء مستدير مغطى بالزجاج، وهذا الجزء تعلوه شخشيخة عليها قبة صغيرة منخفضة، والشخشيخة بها أربعة شبابيك وعلى القبة من الخارج أشرطة بارزة تمثل وحدات زخرفية بارزة متكررة. أما مركز الدائرة من الداخل فتحيط به زخارف نباتية تمثل الطراز الذى ساد فى العشرينيات وقت البناء.

وتتكون القاعة من طابقين بكل منهما شرفة، أما صدر القاعة فنجد فى وسطها شعار الجمهورية ثم منصة الرئاسة، ويلحق بالقاعة عدة أجنحة منها البهو الفرعونى واستراحة رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء. وقد دخل ضمن مبنى البرلمان فى السنوات الأخيرة مبنى تاريخى آخر كانت تشغله وزارة الرى والأشغال العامة وهو مبنى يحمل نفس الطراز المعمارى لمبنى البرلمان. وتجرى أعمال الصيانة والترميم بشكل دائم للحفاظ على هذه المبانى ذات القيمة المعمارية.

كما ألحق بالبرلمان متحف مجلس الشعب الذى يضم توثيقاً كاملاً لكافة الممارسات البرلمانية والسياسية، ويأتى هذا المتحف فى الصدارة بين متاحف برلمانات العالم، حيث يضم مستنسخات أثرية لأقدم نظم الحكم والتشريعات والقوانين والمعاهدات فى تاريخ الإنسانية.

وفى عام 2008  شب حريق ضخم فى مبنى مجلس الشورى، وامتدت ألسنته إلى مجلس الشعب المجاور، بسبب ماس كهربى، وتم ترميمه.

كما يشمل المبنى مكتبة كبرى، تضم مكتبتى مجلس الشيوخ ومجلس النواب، وقد أنشئتا عام 1924 وضمتا المجموعات الخاصة بالمجالس السابقة كالمضابط وهدايا بعض الأعضاء، ثم انضمت المكتبتان لتصبحا مكتبة مجلس الأمة عام 1957، وتغير اسمها لتصبح مكتبة مجلس الشعب عام 1971، ومنذ عام 1989 أضيفت للمكتبة إدارة أخرى وأنشئ قطاع المعلومات، وتعد هذه المكتبة الآن من أكبر المكتبات البرلمانية فى العالم العربى.

 

رئيس جهاز التنسيق الحضارى:العقارات التراثية.. كنز يجب استثماره

 

حلم الخديو إسماعيل فى أن تصبح القاهرة باريس الشرق يمكن أن يعود، فخلال أشهر قليلة ستخلو القاهرة من الوزارات التى تحتل عددًا كبيرًا من أجمل مبانى القاهرة الخديوية، وبالتالى سيقل الزحام الناتج عن المركزية التى جعلت معظم وزارات مصر فى قلب القاهرة التراثية، وستخلو المبانى الأثرية والتاريخية من قاطنيها ليعاد توظيفها من جديد، فإما أن تصبح فنادق أو متاحف أو مقرات لشركات عالمية أو مزارات سياحية أو معارض، ولكن كل هذا يتحدد بناء على خطط واشتراطات، حدثنا عنها المهندس محمد أبوسعدة رئيس الجهاز القومى للتنسيق الحضارى بوزارة الثقافة.

وأوضح «أبوسعدة» أن اللجنة القومية لإحياء القاهرة التراثية تقوم الآن بوضع خطة لإعادة استغلال هذه القصور فى إطار خطة إحياء القاهرة التراثية، وتقوم بإعدادها الهيئة القومية للتخطيط العمرانى بالتعاون مع جهاز التنسيق الحضارى ومحافظة القاهرة.

وأشار «أبوسعدة» إلى أن طبيعة المكان الذى سيتم إخلاؤه هى ما سيحدد كيفية استغلاله، موضحاً أن هناك قصوراً مسجلة كآثار، وبالتالى فهى تخضع لقانون الآثار، وهذه يجب حمايتها والمحافظة عليها كما هى، وهناك مبانٍ ذات طابع معمارى مميز، ولها تصنيفات حددها جهاز التنسيق الحضارى، فالمبانى ذات الطابع المميز من الفئة (أ) يتم إعادة توظيفها بعد أن يتم ترميمها دون إجراء أى تعديلات عليها، أما الفئة (ب) فيسمح بإجراء تعديلات داخلية فقط، والفئة (ج) يسمح فيها بأعمال الامتداد الأفقى أو الرأسى مع إجراء تعديلات داخلية أو خارجية حسب احتياج المبنى والوظيفة التى سيشغلها بعد ذلك.

وأوضح أن هناك مبانى أخرى ليست مسجلة كأثر وليست ذات طابع معمارى وهذه يمكن توظيفها بأى شكل أو التصرف فيها بالبيع، مشيراً إلى أن هيئة التخطيط العمرانى تقوم الآن بدراسة إعادة استغلال هذه الأماكن وفقاً للشروط والاعتبارات التى وضعها جهاز التنسيق الحضارى، ووفقاً لدراسة شاملة مرورياً واقتصادياً مع الوضع فى الاعتبار الخدمات التى تحتاجها المنطقة والمرافق الموجودة بها، فعلى سبيل المثال: تحويل أى قصر منها إلى متحف أو فندق يتوقف على مدى احتياج المنطقة لهذه الخدمة، ومدى تحمل مرافق المنطقة لهذا التوظيف، والخدمات المحيطة به كالكثافة المرورية وأماكن ركن السيارات وما إلى ذلك.

وأشار إلى أن انتقال الوزارات للعاصمة الإدارية يعتبر فرصة ذهبية للارتقاء بالقاهرة الخديوية، حيث إنه سيساهم أولاً فى تفريغ القاهرة من الإشغالات والكثافة المرورية وليس من المبانى الحكومية فقط، وبالتالى سيقل حجم الاستخدامات عليها، وبذلك يمكن إعادة الروح للقاهرة الخديوية التى نسعى جميعاً للمحافظة عليها وإعادتها إلى جمالها ورونقها، خاصة أن وسط القاهرة يعتبر كنزًا لابد من الحفاظ عليه، بما لا يمثل عبئاً على الموازنة العامة للدولة، بل إنه يمكن أن يكون مصدر دخل قومى.

وأكد أن المنطقة ستشهد نقلة نوعية لإعادة توظيف المبانى وإيجاد أسلوب جديد لإدارتها بما يسمح أن يكون لها مردود اقتصادى، مشيراً إلى وجود شركات خاصة تقوم بالاستثمار فى هذه المبانى التراثية، ضارباً مثلاً بإحدى الشركات الخاصة التى تقوم بإدارة عمارة فينواز بوسط القاهرة والتى قامت بتطوير المبنى وإعادة تأهيله وتحويل جزء منه لفندق وتم تأجير بعض الشقق كمكاتب لشركات عالمية، وبذلك أمكن تطوير العقار واستغلاله بما يدر دخلاً، وهو ما يجب أن يتبع فى باقى العقارات المملوكة للحكومة، فتطوير العقارات يجب ألا يمثل عبئاً على الموازنة العامة للدولة، إنما يجب أن يتم بما يعود بالدخل عليها.

وأوضح المهندس أبوسعدة أن تحديد الوظيفة التى سيكون عليها العقار بعد إخلائه يعتمد بصفة أساسية على الدراسة المرورية التى تقوم بها محافظة القاهرة لحل مشكلة المرور العابر التى تعتبر أهم مشكلات العاصمة، أما كيفية الاستخدام فتحدده هيئة التخطيط العمرانى التى تقوم بإعادة تخطيط وسط القاهرة بناء على الاشتراطات التى وضعها الجهاز للحفاظ على المبانى ذات القيمة التاريخية، مؤكداً أنه لابد من وجود منظومة متكاملة لإدارة واستثمار هذه العقارات التى تعتبر ثروة قومية، بحيث يصبح التراث مصدراً للدخل وليس عبئاً على الميزانية.

وأشار إلى أنه يمكن أن يكون هناك شراكة بين الحكومة والقطاع الخاص، فعلى الدولة تسهيل المناخ للاستثمار فى هذه المبانى التراثية التى يقدر عددها بـ 7 آلاف عقار مسجل كطراز معمارى متميز، على أن يكون دورها هو سن القوانين والتشريعات التى تهيئ المناخ للمحافظة على التراث، ووضع مخططات وأساليب الإدارة التى يمكن أن يقوم القطاع الخاص بتنفيذها.

وأكد أن اللجنة القومية لإحياء القاهرة التراثية بدأت بالفعل فى حصر وتوثيق المبانى التى سيتم إخلاؤها وإجراء الدراسات المرورية لوضع خطة استغلال هذه المبانى، وخلال أشهر قليلة ستنتهى الدراسات ليبدأ التنفيذ فور انتقال الحكومة إلى مقراتها الجديدة.