رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أبوالفتوح يكتب: الفقراء قالوا كلمتهم فى انتخابات الرئاسة

بوابة الوفد الإلكترونية

رسمت القنوات الفضائية خريطة مثيرة أثناء متابعة نتائج فرز الأصوات - على الهواء مباشرة - للجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية , تمثلت فى المحافظات التى انحازت لكلا المرشحين المتنافسين ، الفريق أحمد شفيق والدكتور محمد مرسى .

ويبدو أن القراءة المتأنية لهذه الخريطة قد تزيل بعض الغموض عن المزاج التصويتى للناخبين فى هذه الجولة شديدة التعقيد ، وقد تفسر بعض النتائج التى لم يتوقعها أكثر المحللين حنكة ، وذلك بغض النظر عن النتيجة الرسمية التى ستعلنها اللجنة المشرفة على الانتخابات .
فقد راهن كثيرون على أدوار مؤثرة لكتل تصويتية معينة ، ترتبط بأسباب طائفية أو قبلية أو عائلية أو أيديولوجية ، وظنوا أنها قد تحسم النتيجة لصالح الفريق شفيق ، وبفارق كبير، أضف إلى ذلك كتلة الكارهين لجماعة الاخوان ، ويبدو أن هذه الكتلة قد تضخمت مؤخرا بشكل فعلى ، وقد لعبت الأخطاء الإخوانية دورا كبيرا فى ذلك ، إضافة إلى حملة إعلامية قوية ضدهم ،بدأت منذ انتهاء شهر العسل بين الاخوان والمجلس العسكرى ، وتصاعد الخلافات بينهما خاصة بعد حل البرلمان .
وأدى هذا الصخب الى تزايد التوقعات بفوز ساحق لشفيق وبرنامجه المبنى على  استعادة الامن والاستقرار الذى يراود احلام المصريين الذين أنهكتهم الفوضى ،خاصة انه يحظى بتأييد غير معلن من الجهات السيادية ، ودعم إعلامى كبير من أغلب الفضائيات والصحف الخاصة والقومية والحزبية ،إضافة الى دعم لامحدود من مليارديرات وقيادات الحزب الوطنى المنحل ، كما مالت الى جانبه قطاعات عديدة مثل السياحة والغرف التجارية وأجهزة الدولة وهيئاتها ومصانع القطاعين العام والخاص ، حتى بدا المزاج العام للمصريين وكأنه حسم أمره لصالح شفيق ، لدرجة أن الإعلامى توفيق عكاشة أصبح نجما شعبيا جراء سخريته المتواصلة من الاخوان ومرشحهم لصالح شفيق .... فماذا حدث؟
للإجابة على هذا السؤال علينا أن نعود للخريطة التى تعلقت أعيننا بها ليلة الفرز، ولنعد بالذاكرة إلى اللونين الأحمر والأزرق على هذه الخريطة ،حيث كان اللون الأزرق يرمز للمحافظات التى رجحت كفة شفيق ، واللون الأحمر يرمز للمحافظات التى مالت باتجاه مرسى .
لقد زودتنا هذه الخريطة بمعطيات جديدة وأبعادا أخرى لايمكن تجاهلها ، فالمحافظات الأشد فقرا انحازت بوضوح الى الدكتور مرسى ، وعلى سبيل المثال محافظات الصعيد التى كانت معدلات  تصويتها لمرسى تتناسب طرديا مع معدلات الفقر والبطالة فيها حتى أن شفيق لم يستمل الى جانبه سوى محافظة الأقصر قبلة السياحة العالمية . ولم يفلح كبار العائلات والقبائل اصحاب الانتماء للحزب الوطنى المنحل فى فرض كلمتهم على الفقراء الذين ضاقت بهم سبل العيش بسبب انعدام التنمية فى محافظات الجنوب الطاردة للعمالة .
ويمكن بسهولة حصر المحافظات التى انحاز التصويت فيها لصالح شفيق ، ونبدأبالقاهرة العاصمة ومركز المال والأعمال الجاذب للعمالة وقلعة الطبقة المتوسطة والاثرياء

والصفوة وصناع القرار،إضافة الى الحزام الشمالى لها والذى يضم  محافظات القليوبية والغربية والمنوفية والشرقية والدقهلية وكلها تتميز بثروات زراعية وقلاع صناعية ومعدلات تنمية تفوق محافظات الصعيد بكثير.
إضافة إلى ذلك رجحت كفة شفيق أيضا فى بورسعيد أغنى محافظات القناة واكثرها ازدهارا ومحافظتى البحر الأحمر وجنوب سيناء حيث تتراكم الاستثمارات والانشطة السياحية .
فى المقابل انحازت المحافظات الأكثر بؤسا والتى تعانى من التجاهل إلى مرسى مثل كفرالشيخ و  البحيرة ، حيث تتراكم مشاكل الفلاحين والصيادين ، ومرسى مطروح التى تئن من ندرة المياه وقلة فرص العمل ،وشمال سيناء التى تعانى من خلافات مستمرة مع النظام السابق للمطالبة بالتنمية وتحسين الأوضاع المعيشية ، والفيوم المنسية ،والوادى الجديد .
كما ابتسمت الجيزة ايضا لمرسى بسبب عمقها الريفى الذى يحتضر والذى يمتد الى الواحات ويضم العديد من القرى التى تعانى الفقر والاهمال مثل اطفيح والصف والعياط وابو النمرس والمنوات وغيرها .
الخلاصة ان خريطة الانتخابات الرئاسية قد تفصح عن حقيقة بدت خافية بعض الشئ ، وهى أن الفقراء قالوا كلمتهم ورجحوا كفة "ميزان" مرسى ، بينما فضل الميسورون الصعود على "سلم" شفيق .
  ولانستطيع أيضا أن نتجاهل ان أكثر محافظات الوجه البحرى انحيازا لشفيق هى الأكثر نكبة بآفة التعدى بالبناء على الأراضى الزراعية وبشكل يهدد مصر بمجاعة قادمة حسب تقارير وزارة الزراعة وقد يتساءل البعض عن الرابط  فأقول إن مثل هذه النوعيات تحن الى إنتاج النظام السابق حيث كان يلعب المال والرشاوى دورا هاما فى تمرير اى نوع من المخالفات .
ويبدو أن فقراء مصر اعتقدوا أن الامل يكمن فى الخلاص من شقائهم بعدم إنتاج النظام السابق مرة أخرى ،وكل المخاوف ان يفقدوا الثقة فى الصندوق الانتخابى اذا تبدد هذا الأمل ...وعندها ستكون وسيلتهم للتغيير وانتزاع  حقهم في حياة كريمة ، غير محسوبة وغير متوقعة على الإطلاق .