عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لعب العسكر والحرامية!

عادل صبري
عادل صبري

ليست مفاجأة أن يصبح شعار الثائرين في ميدان التحرير" يسقط .. يسقط حكم العسكر، بعد أن هتفوا من اللحظات الأولي لدخول الميدان في 28 يناير 2011" الجيش والشعب أيد واحدة". فعلينا أن نعترف أن الجيش الذي نزل للدفاع عن الشرعية وحماية الشعب، قاده مجلس ارتكب من الأخطاء التاريخية

التي جعلت الناس لا تنظر إليه نظر الحارس للثورة، بل  تعامله معاملة القادة الذين يمارسون ألاعيب السياسة كغيرهم من القوى السياسية التي ساهمت في خلق مقدمات الثورة ذاتها. فقد كان الشعب ينتظر من المجلس العسكري أن يحفظ أمن البلاد، فإذا به ينحدر في مستنقع العمل السياسي، ويترك الشارع في يد قوات شرطة في حالة اضراب صامت عن العمل، وسيطرة عصابات الإجرام والبلطجة على مقدرات البلاد.
جاءت جولة الإعادة للانتخابات الرئاسية لتكشف سوءات الصفقات التي أجراها المجلس العسكري، مع القوى السياسية التي أراد اللعب معها على انفراد وتحت الطاولة، وأصبح أمامه خياران؛ إما أن يعترف بشرعية الثورة ويقبل ما تأتي به صناديق الانتخابات أو يخلق وضعا جديدا يضمن بقاءه في السلطة إلى الأبد. في كل الأحوال اعتمد المجلس العسكري، على تنفيذ إرادته عبر قنوات سفلية، رغبة في عدم الدخول في مواجهة مباشرة مع الشعب أو القوى السياسية المؤثرة. طريقة المجلس العسكري أوقعته في شرك،نربأ به أن يقع فيه بهذه البساطة. فقد استخدم المجلس نفس أدوات النظام السابق في التعامل مع الشارع المصري، وهي القرارات الصادمة، بحجة حماية الدولة والأمن القومي وغيره من المسميات التي شبعنا دفع قيمتها من لحمنا ودمنا وأموالنا فإذا بها تصب في نهاية الأمر في مصلحة الطغاة و جيوب الفاسدين.
أعلن المجلس العسكري في أكثر من مرة أنه يقف على مسافة واحدة من المرشحين للرئاسة، فإذا بنا نرى أجهزة الدولة تستخدم بكل قوة من أجل دعم الفريق أحمد شفيق. أكد المجلس مرارا أنه يواصل مهمته لحماية الثورة، فإذا به يشاهد عودة لحرامية النظام السابق للاصطفاف حول المرشح الرئاسي، المحسوب سياسيا على حكم العسكر،ولم يتدخل،  لدرجة أن أحد رموز الحزب البائد المعروف بالغول، يخرج من جحره ويعلن على الملأ أنه إذا كان تأييده لأحمد شفيق سيصب في فوزه بالرئاسة كممثل للفلول،" فأني أفتحر بأني فلول بن فلول". وظف المجلس العسكري نفس الأفواه الكريهة التي كانت تلعب مع النظام البائد، وتحركهم أصابع الأمن ، بل أصبح من هم على شاكلة الجمل والبقري، متحدثين باسمه، كاشفين لخططه غير المعلنة وقراراته التي يختزنها في الصناديق.
جاءت لحظة الحقيقة حينما أصدرت المحكمة الدستورية العليا للانتخابات حكما عجيبا بحل البرلمان، وما تلاه من قرارات صدرت بليل حول الإعلان الدستوري المكمل، الذي يمنح ممثلو المجلس العسكري سلطات أعلى من سلطات رئيس الجمهورية، ويؤكد أن قادة العسكر لا يريدون مغادرة الموقع الذي فوضهم عليها الشعب لمدة محددة، مرتبطة بتشكيل البرلمان وانتخاب رئيس الجمهورية. ولا نرى المماطلة التي تديرها لجنة رئاسية مختارة من قبل المجلس العسكري في اعلان الرئيس المنتخب شعبيا إلا أحد أدوات الضغط السياسي، على الفصيل الذي يكره وجوده داخل القصر الرئاسي. بل إن الكتابات الموجهة من قبل أجهزة الأمن، أظهرت أن المجلس العسكري خائف من الرئيس المنتخب أن يقوم بتسريب معلومات المخابرات العامة والعسكرية إلى خارج البلاد باعتباره ينتمي إلى جماعة الأخوان المسلمين عالمية التنظيم واسلامية الهوى، تريد جعل مصر جزءا من دولتها!!.
هكذا أصبح وضع الرئيس المنتخب من الشعب إذا كان على هوى العسكري فإنه منهم، وبالتالي سيصبح مأمون الجانب حافظا لأمن البلاد، إما إذا كانت كلمة الشعب لها توجه آخر، فهو عميل مقدما، و المجلس العسكري يرى أن الشعب مازال قاصرا عن فهم أبعاد الأمن القومي ومدي المخاطر التي تحيط به، وأن دور المجلس العسكري سيستمر للحفاظ على الشرعية وأمن البلاد. نسى قادة المجلس أن الشعب الذي سلمهم السلطة طواعية، كان الحارس لأمن البلاد وقت أن هربت

قوات الشرطة من الشارع، وساهمت في احداث الفوضى العارمة وتهريب المسجلين خطر والجواسيس من السجون. وفات على المجلس العسكري أن البلاد التي انتشر في شوارعها البلطجية الذين صنعهم النظام السابق، لخدمته في مواسم الانتخابات  وترويع الأقباط وقتل المصلين الآمنين، لا يتصدى لهم الآن سوى المواطنين البسطاء. وتاه عن فكر العسكر أن الشعب هو المعلم والقادر على حسم أمر نفسه، ولن يجتمع على ما يضره، فإذا ما انحرف إلى طريق يضلله فهو القادر على تصحيح مساره بنفسه، طالما أوجدنا له النظام السليم الذي يشعره بقوته وقدرته على التغيير في أي وقت يشاء.
قد لا يعرف المجلس العسكري أن الملايين التي خرجت لاختيار المرشح الرئاسي كانت مدفوعة بعدة خيارات، أولها رغبة في الأمن والاستقرار، وكانت تتجه الأصوات طواعية في هذا الأمر إلى الفريق شفيق، بعد أن ساهمت أبواق النظام السابق في توجيه الناس إلى أن الاستقرار لن يتحقق إلا بركوب شفيق على كرسي الحكم، بما يضمن عمل قيادات الشرطة والجيش معه بكفاءة. وكانت هذه الأصوات تعتمد على دعم مباشر من الطبقات الاجتماعية العليا، صاحبة المصالح المتعطلة، والدنيا التي تتحرك بأوامر السلطة، والوسطى الباحثة عن أمن مفقود و فرصة عمل تحميها من السقوط في الهاوية. جاء تدخل المجلس العسكري، من وراء ستار في أمر البرلمان والإعلان الدستوري المكمل، مثل طبق الكشري الكمالة، لتسكب النار على الزيت. فقد وجه المجلس دون أن يدري قرار ملايين الناخبين إلى مرشح يخشونه لمجرد احساسهم أن هناك رغبة جامحة من القادة العسكريين في البقاء بالسلطة ليس حماية للوطن،بل للحفاظ على الأوضاع القديمة بكل مساوئها، واخراج الرئيس السابق من محبسه وما يتبعه من اجراءات تحمي كافة رموزه المحبوسين ورجاله الفاريين. هذا التدخل السلبي وجه ملايين الأصوات إلى المرشح الذي جعله رجال المجلس العسكري في الإعلام خصما لهم وللنظام البائد. تجاهل المجلس احساس الشعب الذكي، ولم يدافعوا عن منطقهم، بل تركوا الأفواه الكريهة، تنقل أخبارهم للناس، دون أن يدركوا أن الشعب هو من أراد لفظهم من الحياة السياسية والإعلامية، بشتى الطرق، فإذا بهم يقفزون أمامه ليل نهار كالقردة في وسائل الإعلام وحول البرلمان والوزارات والمجلس العسكري. غاب عن المجلس العسكري أن بعض الحرامية يريدون العمل تحت ستار العسكر، حتى يرهبوا الناس بقوتهم، وعلاقتهم القوية بالسلطة، لأنها نفس اللعبة التي مارسوها في السابق، فكانوا خدما لأجهزة تعفنت من الداخل، ونظام مات بالسكتة القلبية ويسعون إلى افاقته بشتى الطرق، ولكن هيهات ..هيهات أن يعود الزمن للوراء، فعندما يتكلم الشعب بحق لا ترد أبدا كلمته.
[email protected]