رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

"السيدة الأولى" سؤال الناخبين المسكوت عنه

سوزان مبارك وجيهان
سوزان مبارك وجيهان السادات وتحية عبد الناصر

قبل اسبوع واحد من انتخابات الرئاسة تبدو مسألة "السيدة الأولى" ضمن المسكوت عنه فى الحملات الانتخابية فيما قد يحق للناخب اثارة تساؤلات مثل:"ماذا عن السيدة الأولى فى الجمهورية الجديدة؟ وهل سيبقى مصطلح السيدة الأولى ام انه سيتغير او يختفى ويدخل فى ذمة التاريخ"؟!.

فالمصطلح ذاته يثير تساؤلات حول مدى اصالته بقدر مايثير انطباعات شتى بعضها سلبى فى السياق الثقافى-المجتمعى المصرى..فى ضوء الحقيقة المتمثلة فى ان تعبير "السيدة الأولى" وليد واقع ثقافى-مجتمعى غربى وامريكى على وجه الخصوص.
واذا كان هذا المصطلح قد اثار التباسات واشكاليات فى الواقع المصرى او العربى على وجه العموم فالفارق كبير وواضح بين الاهتمام الواجب بالمشاركة السياسية للمرأة وبين اى تدخل لقرينة الرئيس او احد افراد عائلته فى العملية السياسية وصنع واتخاذ القرارات على نحو غير دستورى وغير قانونى وبما يستوجب المساءلة السياسية ناهيك عن حساب القانون.
ولاريب ان "السيدة الأولى" فى دولة كالولايات المتحدة تبقى موضع اهتمام ومتابعة بل ودراسات تاريخية كما هو حال جاكلين كنيدى زوجة الرئيس الأمريكى الراحل جون كنيدى او بات نيكسون التى صدر عنها مؤخرا كتاب جديد بعنوان :"السيدة نيكسون" للمؤلفة آن بيتى وهو بمثابة سيرة ذاتية عن تلك السيدة التى عانت فى نشأتها من ضيق ذات اليد وكانت تهوى التمثيل فى شبابها قبل ان تقترن بريتشارد نيكسون.
وتكاد الصحافة ووسائل الاعلام الحرة تحصى كل حركة للسيدة الأولى فى الولايات المتحدة بينما تأتى الكتب ذات المستوى الرفيع لتتناول بالعمق مسيرة زوجة الرئيس وتضع تحت مجهر التاريخ مجمل سيرتها حتى بعد الخروج من البيت الأبيض وبما يخدم الباحثين عن الحقيقة فى نهاية المطاف.
واللافت فى سياق الحملات الانتخابية الرئاسية الحالية فى الولايات المتحدة ان تقول آن رومنى زوجة رجل الأعمال والمرشح الجمهورى ميت رومنى "انها لم ولن تعمل فى وظيفة خارج البيت..فهى ربة بيت وفخورة بذلك ومقتنعة بما تفعل وتعتبر انها حققت مالم تحققه نساء كثيرات".
ولعل النظرة المتأملة من منظور ثقافة-قيمى لمصطلح "السيدة الأولى" تكشف عن انه دخل الحياة السياسية-الاجتماعية المصرية بطريقة تبدو اقرب للتسلل والمحاكاة المتعسفة لواقع مغاير فى الغرب دون ادراك كاف لحقيقة اختلاف السياقات الثقافية والحضارية بين المجتمعات وهو اختلاف طبيعى ومحكوم بعوامل متعددة.
وتحولت المسألة لاشكالية حقيقية وملنوسة بشدة مع عدم الاكتفاء بالنقل المتعسف من سياق ثقافى-مجتمعى غربى للسياق الثقافى-المجتمعى المصرى حيث بدت الصلاحيات والأدوار التى تقوم بها من حملت هذا المسمى فى مصر اكبر بكثير من الواقع الغربى الذى لاتسمح مؤسساته الديمقراطية بأى وضع غير دستورى او مجاف لروح الدستور والقانون لأى شخص مهما كانت درجة قرابته او علاقته بالرئيس.

من هنا لم يكن شغل جورج بوش الابن لمنصب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية مثيرا لأى جدل يتعلق بأن والده شغل من قبل منصب الرئيس كما ان دخول هيلارى كلينتون معترك السياسة سواء فى الكونجرس او خوضها معركة الانتخابات الرئاسية وشغلها لمنصب وزيرة الخارجية لم يكن ليثير ادنى جدل من

منظور انها زوجة الرئيس الأمريكى السابق بيل كلينتون طالما ان الأمر كله محكوم بالقانون والديمقراطية والشفافية والنزاهة
الكاملة بعيدا عن اى شبهة لاستغلال النفوذ.

وهكذا فمن الصحيح والمقبول والمتعارف عليه والمسموح به فى اعرق الديمقراطيات ان تدخل السيدة الأولى او اى شخص من عائلة الرئيس لمعترك السياسة كأى مواطن اخر فى ظل قواعد مؤسسية صارمة لاتسمح بأى شبهة استغلال للنفوذ وبحيث تكون صناديق الانتخابات هى وحدها الحكم قولا وفعلا.


ويبدو ان الرئيس الجديد لمصر مدعو للاجابة العملية على اسئلة متعددة من قبيل:"كيف نبنى الديمقراطية" وكيف نحقق الشعارات النبيلة لثورة يناير
ووفاء للدماء الزكية والأرواح الطاهرة لشهداء هذه الثورة؟.

ان ملامح الرئيس القادم لمصر لابد وان تعبر عن هوية و ثقافة واعراف وتقاليد وقيم المجتمع المصرى وتتفاعل بحساسية عالية مع مخزونه الحضارى وخصوصياته الثقافية بقدر ما تعزز ثقة المصريين فى غد لاصوت فيه يعلو على صوت الدستور والقانون خاصة وان منصب الرئيس يبقى منصبا محوريا فى العملية السياسية ناهيك عن اهميته الرمزية فى ذهن رجل الشارع وهو ذاته الذى يتعين ان يتصدر جدول اعمال اول رئيس لمصر بعد
ثورتها المجيدة.

ساعة الاختيار الديمقراطى الحر للرئيس الجديد لمصر تقترب وعليه ان يتذكر فور دخوله مكتبه الرئاسى ان "مصطلح السيدة الأولى" اثار لغطا فى الثقافة السياسية المصرية والشارع والأخطر ان بعض التصرفات والممارسات التى اقترنت بهذه الصفة اعتبرت مجافية لروح الدستور والقانون ومستفزة للشعور العام وكانت احد اسباب حالة الغليان التى انفجرت فى ثورة اطاحت بنظام لتتشكل ملامح نظام ديمقراطى جديد يستحقه شعب مصر تماما كما يستحق رئيسا بقامة مصر وتاريخها وثقلها وثقافتها وشموخها وعبقريتها ونهرها العظيم.

نعم سقط نص الاستبداد سواء كان ذكوريا او انثويا..سقط لأنه كان لابد وان يسقط..وهاهو شعب مصر يكتب نص الحرية ويختار رئيسه بارادته الحرة لأول مرة فى التاريخ ليبدأ المعركة الفاصلة من اجل تحقيق حلمه الكبير فى النهضة والتقدم والنمو او المشروع النقيض لمركب الفساد والاستبداد وهدر الامكانية.