رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

" الصيانة ".. الفريضة الغائبة فى عقارات مصر

بوابة الوفد الإلكترونية

 

 

 

انهيارات متكررة.. حادثًا وراء الآخر.. ورائحة الموت متشابهة.. والفاعل " إهمال".. فحادثة انهيار طابقين فى " عقار شبرا "، بمنطقة الخليفة التابعة لحى شبرا بالقاهرة، مؤخراً، وأسفرت عن مصرع قتيلين و15 مصاباً، تنضم إلى مسلسل كوارث الانهيارات المستمرة التى لا يكاد يمر أسبوع حتى تنزف دماء جديدة تحت الأنقاض، تزهق فيها أرواح بريئة بخلاف المصابين. بسبب غياب الرقابة وانعدام المتابعة من الأحياء والمحليات، وغياب وسائل الأمان والصيانة، ولكن من غير المعقول أن تهمل المبانى السكنية دون صيانة، وما نراه حالياً من حال عقارات مصر هو إهمال واستهتار جسيم بحياة قاطنيها، ويتكرر السيناريو نفسه، وتذهب دماء الضحايا هدراً، دون أن تضع الحكومة أيديها على الأسباب الحقيقية للكوارث التى حلت بمصر خلال الفترة الماضية.

فلم يكن حادث شبرا الذى راح ضحيته قتيلان و15مصابًا الأول من نوعه ولن يكون الأخير، بل سبقه العديد من كوارث انهيارات العقارات، أشهرها كارثة انهيار " عقار منشأة ناصر "، ونتج عنه إصابة 12 شخصاً، ويكفى أن نذكر أن نائب محافظ المنطقة الغربية اللواء محمد أيمن عبد التواب، صرح بأن عقار منشأة ناصر قديم وليس له بيانات فى الحى، وأنه تم بناءه عام  1970، ولم يخطر الحى بأى مشكلات إنشائية من السكان، وهذا هو حال عدد غير قليل من المبانى فى مصر التى يتم إنشاؤها دون أى قواعد تنظيمية أو إشراف هندسى، وكذلك حادث انهيار " عقار الموسكى " بشارع الأزهر التابع لحى الموسكى، وأيضاً واقعة سقوط 5 طوابق بـ"عقار حدائق القبة "، دون حدوث إصابات بشرية، إضافة إلى حادثة سقوط عقار سكنى بقنا، وضحاياها 4 أفراد.

 

أستاذ عمارة: 4 أسباب وراء انهيار العقارات.. وتفعيل اتحاد الشاغلين أهم الحلول

ويقول الدكتور محمد سامح كمال الدين، أستاذ ورئيس قسم الهندسة المعمارية الأسبق بجامعة القاهرة، إن هناك 4 أسباب تؤدى إلى انهيار العقارات وتتضمن: قصور الأجهزة الرقابية، وإهمال صيانة شبكات البنية التحية وانتهاء العمر الافتراضى لها، فضلًا عن أن معظم المرافق لا تتحمل الكثافة الزائدة عن القدرة الاستيعابية للموافقة، ناهيك عن البناء المخالف، كما أن بنود قانون اتحاد الشاغلين لم تطبق بفاعلية على أرض الواقع، ومن ثم لن يحدث أى تغيير من وقت وجوده.

ويشير إلى ضرورة إنشاء نظام إدارى متكامل لصيانة جميع العقارات السليمة بمختلف الإحياء - استرشادًا بالدول المتقدمة - لحماية الثروة العقارية، وتفعيل دور اتحاد الشاغلين للحفاظ على العقارات وسلامتها، وزيادة دوريات المتابعة والتفتيش للتأكد من تطبيق اشتراطات البناء المحددة، وإزالة العقارات غير الخاضعة للمواصفات القياسية، ومنع التجاوزات، وتغليظ العقوبات على المخالفين.

مضيفاً إلى أن تحويل الوحدات السكنية للاستغلال التجارى دون الحصول على ترخيص بذلك، مخالفًا للقانون، خاصة أن ترخيص البناء يصدر على أساس عدة بيانات من بينها تحديد الغرض من استخدام المبنى ما إذا كان إداريًا أو تجاريًا أو سكنيًا أو أن وحداته ستستخدم فى تلك الأغراض كلها، وترتيبًا على ذلك تطلب القانون التزام صاحب العقار بتركيب العدد اللازم من المصاعد، بما يتناسب مع الغرض من استعمال المبنى، وكذلك التزامه عند الشروع فى البناء أو التعلية أو الاستكمال أن يضع فى مكان ظاهر من موقع البناء لافتة يبين فيها عدة بيانات من ضمنها نوع المبنى، كما تطلبت اللائحة التنفيذية التزام طالب الترخيص بتقديم طلب لإدخال تعديل أو تغيير جوهرى فى الرسومات المعتمدة والذى يمس الناحية المعمارية أو يغير من أوجه الاستعمال موقعًا عليه من صاحب العقار – المعول فى تحديد طبيعة المكان - حسب ما هو مثبت فى ترخيص البناء.

 

حسين منصور: مطلوب هيئة متخصصة لصيانة المبانى القديمة

ويقول المهندس الاستشارى حسين منصور: عضو الهيئة العليا للوفد وعضو المجلس الأعلى لنقابة المهندسين أنه لا بد من إعادة النظر بشكل شامل فى منظومة مؤسسات الدولة، خاصة قطاع الإسكان والإدارات المحلية والتشريعات المنظمة للبناء والبنية التحتية للمناطق السكنية، وبناء عليه يعاد تشكيل هذه القطاعات، ويتم اختيار الشخص الأكفأ صاحب الخبرة والتعليم والتميز فى مجال عمله الهندسى، وزيادة الأجور والرواتب، ومن ثم تحسين الخدمات الإسكانية.

ويقترح - المهندس المدنى - تشكيل هيئة مختصة فى صيانة المبانى القديمة، تبدأ بالمعاينات الدورية لكل أجزاء العقار، وفقا لبرنامج علمى هندسى - بواسطة المتخصصين - ووضع نقاط معينة لتقويم المبنى السكنى من النواحى المعمارية والتاريخية والاجتماعية، وتصنيفها على ثلاث فئات‏ (أ‏، ب‏، ج‏) ‏ كل فئة لها أسلوب للتعامل مع المبنى، كما يجب ضرورة عودة دور اتحاد الشاغلين الذى كان مفعلًا بشكل هائل قبل ثورة يناير فى متابعة أحوال المنشآت السكنية من تجديدات وترميمات وتصليحات أساسية عاجلة فى العقارات القديمة، باعتباره الحل الأمثل للحد من كوارث انهيار العقارات، كما يمكن دمج مجموعة من اتحادات العقارات من شارع أو منطقة بأكملها لتكوين اتحاد عام، على أن تعين الجهة الإدارية للحى أو مالكى العقار رئيسًا للاتحاد.

وشدد "منصور" على أهمية توحيد جهود إنقاذ وإحياء التراث العمرانى - خاصة بمناطق وسط البلد " القاهرة الخديوية " وإسكندرية وبور فؤاد، التى تستحق الحماية والحفاظ عليها، وكذلك تحديد قيمة التعويض المناسب الذى يجب أن يقدم لملاك هذه المبانى، حتى يمكن للدولة التصرف فى ملكيتها، التى لا تقدر بثمن، وقد أصدر لهم جهاز التنسيق الحضارى حدود واشتراطات للحماية طبقا للقانون 144 لسنة 2006 بشأن المبانى ذات الطابع العمرانى المتميز، وكذلك قانون 119 للتنسيق الحضارى بشأن المناطق المتميزة عمرانياً.

 

 

 

فتح الله فوزى: الاهتمام بالبنية التحتية " ضرورة " لتحقيق التنمية العمرانية

القطاع العقارى، يعتبران أهم القطاعات الحيوية التى شهدت طفرة تنموية كبيرة فى الآونة الأخيرة، حيث يحظى هذا القطاع بطلب هائل ومتنامٍ، ومواقع عقارية فى المدن الجديدة تزدهر، وبالنظر إلى أسعار الوحدات السكنية نجدها ارتفعت، لسببين، الأول ارتفاع أسعار الأرض بنسبة تتراوح بين 40% و50%  من سعر الوحدة شامل المرافق، والأخرى ارتفاع السوق الحرة لمواد البناء ومدخلات الإنتاج، والآن المطلوب نحو 600 ألف وحدة سنوياً، بسبب الكثافة السكانية المتزايدة، ومنها 85% يرتكز فى شرائح محدودى ومتوسطى الدخل.

كما يفتح مجالاً لشركات القطاع الخاص فى مجال التطوير والاستثمار العقارى لجذب مستثمرين جدد.. كما يؤكد المهندس فتح الله فوزى، نائب رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين.

 

* كيفية الحفاظ على الثروة العقارية والتنمية المعمارية؟

 مصر تحتاج لإعادة النظر فى منظومة الإسكان، والتشريعات المنظمة للبناء والبنية التحتية للمناطق السكنية، وبناء عليه يعاد تشكيل هذه القطاعات، وكذلك العمل على استغلال الفرص الاستثمارية وتعظيم العوائد، وتفعيل دور مكاتب الاستشارات وخبراء التطوير العقارى، فى ظل اهتمام العديد من الشركات بتوسعة حجم استثماراتها بالسوق والتنقيب عن الفرص المتاحة، حتى يمكن إحداث التكامل بين القطاعين الحكومى والخاص، وتحقيق التنمية العمرانية المطلوبة، مع أهمية إنماء الوعى المعرفى بأهمية الصيانة وتأثيرها ومؤثراتها السلبية على حياة السكان فى حال إهمالها، ومن ثم تفعيل دور إتحاد الشاغلين للحفاظ على العقارات وسلامتها، للحد من كوارث انهيار العقارات القديمة.

* ما وضع مصر العقارى الآن؟

 مصر تشهد نهضة عمرانية كبرى، والدليل على ذلك ما نراه فى مشروعات المجتمعات العمرانية بـ 6 أكتوبر و15 مايو والقاهرة الجديدة.. فالسوق المصرية يتسم بطلب هائل ومتنام فى ظل الزيادة السكانية المرتفعة التى يصل تعدادها إلى 104 ملايين

نسمة، والطلب المتوقع على الوحدات السكنية لا يقل عن 600 ألف وحدة سنوياً.

* أراضى المدن الجديدة كيف يمكن تحقيق أقصى استفادة منها؟

 استقطاب المواطنين للإقامة داخل المدن الجديدة يتطلب توافر عناصر جذب قوية وكافية لتشجيعهم على العمران، وهناك شريحتان مستهدفتان من القطاع الخاص هما الإسكان فوق المتوسط والفاخر بنسبة 15% من الطلب السنوى أى حوالى 100 ألف وحدة سنوياً، بينما الشريحتان الأكبر هما الاجتماعى والمتوسط 85% من الطلب المتزايد.

* كيف نبنى مساكن رخيصة للشباب؟

 فئة الاحتياج الفعلى للسكن يواجهون مشكلة ارتفاع أسعار الوحدات السكنية وصعوبة تملكها والسبب يرجع لانخفاض دخولهم، ولكن تتولى الدولة مهمة تنفيذ الوحدات السكنية بأسعار مناسبة تلائم شرائح محدودى ومتوسطى الدخل، مع تحسن ملحوظ فى جودة تلك المشروعات من ناحية التشطيبات والخدمات.

* ولماذا أسعار الأرض فى مصر مرتفعة؟

 سعر الوحدات ارتفع بالفعل، ولكن بنسب مقبولة، وهناك عدة عوامل ساهمت فى رفع أسعار العقار بصورة كبيرة، وهو يعود لسببين الأول ارتفاع سعر الأرض بنسبة 40 أو 50%  من سعر الوحدة، شامل تكلفة المرافق من مياه وصرف صحى وكهرباء إلى المبانى الحديثة، والآخر ارتفاع تكلفة المتر السكنى، نتيجة تغير أسعار الخرسانة أو مواد البناء ومدخلات الإنتاج وارتفاعها بصورة مستمرة.

 

دراسة:مشاكل التخطيط وانعدام الصيانة سببت تدهور القطاع.. و5  خطوات لسلامة العقارات

دراسة حديثة أعدتها الدكتورة منار حسنى عبدالصبور، رئيس قسم الهندسة المدنية بالمعهد العالى للهندسة بأكاديمية طيبة، تحمل عنوان " عيوب المبانى السكنية "، أكدت أن الصيانة هى العنصر المحافظ على المبنى السكنى من الزمن والضامن لبقائه سليمًا متماسكًا طوال فترة عمره الافتراضى.

وأوضحت الدراسة أنه يجب البدء فى صيانة المبانى - وفقًا لبرنامج علمى هندسى - يبدأ بالمعاينات الدورية لكل عناصر المنشأ، والتى يجب أن تتم بواسطة خبراء متخصصين فى هذا المجال، فهم الأقدر على تحديد مدى خطورة العقارات السكنية، إلى جانب المتابعة والتفتيش لمراجعة تراخيص المصاعد بالعقارات، وهذا الأمر بالغ الأهمية والخطورة، خاصة أن 95% من المصاعد معطل ومتوقف، وتحتاج إلى صيانة دورية ووقائية فى مواعيد منتظمة شهريًا على الأقل، من خلال شركة متخصصة فى صيانة المصاعد، وأن تشمل الصيانة جميع أجزاء المصعد، ولا يجوز تشغيل أى مصعد إلا بعد اجتيازه لاختيارات الفحص، مع تبديل أو تغيير أى قطع معرضة للتلف، مع وضع ملصق على الباب أو فى غرفة الماكينات يوضح التاريخ الذى تم فيه الفحص، فضلًا عن عدم إستخدام المصاعد نهائيا عند سماع أى أصوات غريبة أو غير طبيعية كاحتكاك الصاعدة مثلًا أثناء الصعود والهبوط أو ارتجاجها، وعليه يجب فصل التيار الكهربائى عنه وإبلاغ الشركة القائمة بالصيانة، كما يقع على عاتق حارس العقار السكنى وأفراد الأمن مسئولية تقديم المساعدات فى حالات توقف المصاعد فجائياً، ولذلك يجب تدريب الحراس على كيفية تحريك جهاز رفع المصاعد يدوياً لأقرب دور عند توقفها لأى سبب، بالإضافة إلى التدريب على كيفية فتح باب الطوارئ بمفتاح الطوارئ.

وتذكر الدراسة أن للصيانة أنواعًا عديدة أهمها الصيانة الوقائية التى تلزم المرور الدورى على فترات زمنية مناسبة على كافة عناصر المبنى بهدف الاكتشاف المبكر لأى خلل ومعالجته قبل أن يستفحل خطره، أما الصيانة العلاجية فهى تعنى القيام بإصلاحات الخلل والعيوب التى تظهر فى عناصر المبنى وأجزاءه.

وأوصت الدراسة بأهمية دراسة الجوانب التشريعية والإدارية والاجتماعية والتمويلية حماية للأرواح وحفاظًا على الثروة العقارية، وصولًا لإنشاء صندوق للإقراض فى أغراض الترميم والصيانة، وأولوية للطوارئ من تدهور مفاجئ وحالات عاجلة للصيانة، إلى جانب إنشاء جهاز قومى لصيانة الصرف الصحى، وكذلك أهمية ربط الصرف الصحى بحقوق الإنسان، مع وجود قانون مستقل ينظم الصرف الصحى، وتوضيح مسئوليات كل وزارة أو هيئة أو مواطن، وأيضًا توافر قاعدة البيانات الكافية لحصر المناطق المحرومة من الصرف الصحى، والتى تحتاج إلى صيانة، والعمل على تجديد وتحديث شبكات البنية التحتية بصفة عامة، وإنشاء شبكات صرف صحى جديدة على أن تخصص الدولة ميزانيات للصرف الصحى وصيانته واستدامته، وعدم التمييز فى مستوى خدمات الصرف الصحى بين منطقة وأخرى، بالإضافة إلى إشتراك المجتمع المدنى والمواطنين مع الدولة فى حل مشاكل الصرف الصحى بكل منطقة وحى ومحافظة، والاهتمام بجميع العاملين فى مجال الصرف الصحى (تدريب – مرتبات – الحفاظ على صحتهم وكرامتهم المهنية)، وتفعيل دور مديريات الإسكان والمرافق فى مجال الصرف الصحى، وتحديد الخطط والبرامج الزمنية الكافية لعمل مشاريع وصيانة الصرف الصحى وحظر الصرف الصحى فى النيل والبحار، وأيضًا حظر رى الأرض الزراعية بمياه الصرف الصحى، وتوافر خط ساخن لحوادث الصرف الصحى، وخرائط حديثة لشبكات الصرف الصحى بالوضع الراهن بكل منطقة وحى ومحافظة، مع تفعيل دور الإعلام فى الحفاظ والتوعية بأهمية الصرف الصحى وصيانته وعرض مشاكله، بخلاف حل مشاكل مستحقات شركات الصرف الصحى، وإعادة اختيار قيادات تتمتع بالنزاهة والشفافية.